أصول الفقه لابن مفلح الاجتهاد
لغة: (1) استفراغ الوسع لتحصيل أمر (2) مشق (3).
واصطلاحاً: استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي.
وسبق (4) تعريف الحكم والفقيه والأصولي.
وفي ورود النبي عليه السلام - على عكسه- نظر.
وقد عرف (5) المجتهِد والمجتهَد فيه خاصة.
مسألة
يتجزأ الاجتهاد عند أصحابنا وغيرهم، وجزم به الآمدي (6)، خلافا
لبعضهم.
وذكر بعض أصحابنا مثله، وقولا "يتجزأ في باب لا مسألة".
لنا: أن من اطلع على أدلةِ مسألةٍ كغيره فيها ظاهرا، واحتمالُ
تعلقِ ما لم يعلمه بها بعيد، كمسائل الطهارة والذكاة بالنسبة
إِلى الفرائض، فلا
__________
(1) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 487، والصحاح/ 460 - 461.
(2) نهاية 157أمن (ظ).
(3) كذا في النسخ. ولعلها: يشق.
(4) في ص 180، 11، 16 من هذا الكتاب.
(5) يعني: عرف من هذا التعريف معنى المجتهد ومعنى المجتهد فيه.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 164.
(4/1469)
يضر، كخفاء بعضها عن مجتهد مطلق، ثم: الفرض
علمه بأدلتها.
وأيضًا: تواتر توقف الصحابة والأئمة، والظاهر أنه ليس كله (1)
لتعارضِ (2) الأدلة وعدم استفراغ الوسع لمانع.
مسألة
يجوز اجتهاده - عليه السلام - في أمر الدنيا، ووقع منه
إِجماعًا.
ويجوز في أمر الشرع عقلاً عند أصحابنا والجمهور.
ويجوز شرعا، ووقع، اختاره من أصحابنا: ابن بطة (3) -وذكر عن
أحمد نحوه- والقاضي (3) -وقال: أومأ إِليه أحمد- وأبو الخطاب
(4) وابن عقيل (5) وابن الجوزي (6) وصاحب الروضة (7)، وقاله
الحنفية وأكثر الشافعية.
ومنعه أكثر المعتزلة (8) والأشعرية (9)، واختاره من أصحابنا
__________
(1) نهاية 231 ب من (ب)، ونهاية 449 من (ح).
(2) في (ب): كتعارض.
(3) انظر: العدة/ 346 ب، والمسودة/ 507، 508.
(4) انظر: التمهيد / 152أ.
(5) انظر: المسودة/ 507.
(6) انظر: زاد المسير 8/ 63.
(7) انظر: روضة الناظر/ 356.
(8) انظر: المعتمد/ 761، وكشف الأسرار 3/ 205.
(9) انظر: كشف الأسرار 3/ 205، والمسودة/ 507.
(4/1470)
أبو حفص (1) العكبري (2) وابن حامد (3)،
وقال: "هو قول أهل الحق"، وذكره القاضي (4) ظاهر كلام أحمد في
رواية عبد الله (وما ينطق عن الهوى) (5).
وذكر الشافعي (6) أول رسالته (7) فيه خلافا، وجوزه فيها من غير
قطع، كأبي المعالي (8) -وغيره من أصحابه- وعبد الجبار (9) وأبي
الحسين.
وجوزه القاضي (10) -أيضًا- في أمر الحرب فقط، كالجبائي (11).
وتوقف بعض أصحابنا وغيرهم.
__________
(1) انظر: العدة / 247أ، والمسودة/ 508.
(2) هو: عمر بن إِبراهيم بن عبد الله، ويعرف بابن المسلم، ذو
معرفة قوية بالمذهب الحنبلي، توفي سنة 387 هـ.
من مؤلفاته: المقنع، وشرح مختصر الخرقي.
انظر: طبقات الحنابلة 2/ 163، والمنهج الأحمد 2/ 73.
(3) انظر: المسودة/ 507.
(4) انظر: العدة / 247أ.
(5) سورة النجم: آية 3.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 165، والمسودة/ 507.
(7) الرسالة للشافعي: هي أول مصنف في أصول الفقه.
(8) انظر: البرهان/ 1356، والمسودة/ 506 - 507.
(9) انظر: المعتمد/ 762.
(10) انظر: المسودة/ 506.
(11) انظر: المعتمد/ 761، والإِحكام للآمدي 4/ 165، والمسودة/
507.
(4/1471)
وجه الأول: لا يلزم منه محال.
والأصل مشاركته لأمته.
وظاهر قوله: (فاعتبروا) (1)] (وشاورهم) (2)، وطريق المشاورة
الاجتهاد.
وفي مسلم (3): أنه استشار في أسرى بدر، فأشار أبو بكر بالفداء،
فأعجبه، وعُمَرُ بالقتل، فجاء عمر من الغد، وهما يبكيان، وقال
- عليه السلام -: (أبكي للذي عرض عليَّ (4) أصحابك من أخذهم
الفداء)، وأنزل الله: (ما كان لنبي) (5).
وأيضًا: (عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم) (6)، قال في الفنون: هو
من أعظم دليلٍ لرسالته؛ إِذ لو كان من عنده سَتَرَ على نفسه أو
صَوَّبه لمصلحة (7) يدعيها، فصار رتبة لهذا المعنى، كَسَلْبِه
الخَطّ (8).
__________
(1) سورة الحشر: آية 2.
(2) سورة آل عمران: آية 159.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه / 1383 - 1385 من حديث عمر. وأ خرجه
أحمد في مسنده 1/ 30 - 31، والطبري في تفسيره 14/ 63 - ط: دار
المعارف- والواحدي في أسباب النزول / 137 - 138، وانظر: تفسير
ابن كثير 2/ 289.
(4) نهاية 157 ب من (ظ).
(5) سورة الأنفال: آية 67.
(6) سورة التوبة: آية 43.
(7) نهاية 232 أمن (ب).
(8) في (ب): الحظ.
(4/1472)
وفي الصحيحين (1): (لو استقبلت [من أمري]
(2) ما استدبرت لما سقتُ الهدي)، وإنما يكون ذلك فيما لم يوحَ.
واستدل: (بما أراك الله) (3)، أي: بما جعله لك رأيًا؛ لأن
الإِراءة ليست الإِعلام، وإلا لَذَكَرَ المفعول الثالث لذكرِ
الثاني.
رد: "ما" مصدرية، فلا ضمير, ويجوز حذف المفعولين.
ولو كانت موصولة حذف الثالث للثاني (4).
واستدل: اجتهاده أثوب للمشقة.
رد: عدمُه لِعلوِّ درجته.
قالوا: (وما ينطق عن الهوى) (5).
أجيب: رد على منكري (6) القرآن.
ثم: تعبده بالاجتهاد بوحي، فنطقه عن وحي.
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 83، ومسلم في صحيحه/ 879 من
حديث عائشة مرفوعًا.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(3) سورة النساء: آية 105.
(4) يعني: لأن الثاني محذوف.
(5) سورة النجم: آية 3.
(6) في (ح): منكر.
(4/1473)
قالوا: لو اجتهد لجاز مخالفته فيه؛ لجواز
(1) مخالفة المجتهد لكنه يكفر إِجماعَا.
رد: لتكذيبه.
قال (2) في التمهيد (3) والواضح وغيرهما: وكالإِجماع عن
اجتهاد.
قالوا: لو جاز لم يتأخر في جواب.
رد: لجواز وحيٍ أو استفراغ وسعه فيه، أو تعذره.
قالوا: قادر على العلم، فلم يجز الظن.
رد: القدرة بعد (4) الوحي، كحكمه (5) بالشهادة.
قالوا: فيه تهمة وتنفير، فَيُخِلّ بمقصود البعثة.
رد: بالنسخ.
ثم: بنفيه بصدقه بالمعجزة القاطعة.
واحتج أبو -حفص (6) بما رواه عنه - عليه السلام -: (لا يسألني
الله عن
__________
(1) في (ح): بجواز.
(2) نهاية 450 من (ح).
(3) انظر: التمهيد/ 152 ب.
(4) يعني: إِنما تكون بعد الوحي.
(5) في (ح): لحكمه.
(6) قال القاضي في العدة / 247أ: وذكر أبو حفص في الجزء السابع
من البيوع في باب التسعير: ... عن أبي فضلة قال: أصاب الناس
على عهد رسول الله سنة، فقالوا:=
(4/1474)
سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها).
واحتج به أبو القاسم بن مندة (1) في ذم من فَعَلَ عبادة بلا
شرع.
رد: سبق جوابه إِن صح.
وللشافعي عن عبيد بن عمير مرسلاً: (إِني والله لا يُمْسك عليّ
الناس بشيء، ألا إِني لا أحل (2) إِلا ما أحل الله في كتابه،
ولا أحرم إِلا ما حرم الله في كتابه) (3).
__________
=يا رسول الله، سعر لنا. فقال: (لا يسألني الله عن سنة أحدثتها
فيكم لم يأمرني الله بها).
وانظر: المسودة/ 508.
(1) هو: عبد الرحمن بن محمَّد بن إِسحاق العبدي الأصبهاني،
حافظ مؤرخ، ولد بأصبهان سنة 383 هـ، وكان شديداً في السنة،
قويًا على أهل البدع، وتوفي سنة 470 هـ. انظر: طبقات الحنابلة
2/ 242، وفوات الوفيات 1/ 260، وتاريخ ابن الوردي 1/ 379،
والنجوم الزاهرة 5/ 105.
(2) نهاية 232 ب من (ب).
(3) انظر: مسند الشافعي (مطبوع آخر الجزء الثامن من الأم 8/
344)، وانظر: الأم 1/ 80. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 251
وقال: هذا مرسل لا يصح، وأخرجه -أيضًا- في الإحكام/ 250 من
طريق ... مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رسول الله قال
... قال ابن حزم: وهذا مرسل، إِلا أن معناه صحيح.
وقد أخرجه الشافعي في المسند (انظر: بدائع المنن 1/ 18)، وفي
جماع العلم/ 113: أخبرنا ابن عيينة بإِسناد أن رسول الله قال
... وأخرجه من طريقه البيهقي في المعرفة 1/ 25: ... أخبرنا
الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة بإِسناد عن طاوس: أن رسول الله=
(4/1475)
مسألة
يجوز الاجتهاد لمن عاصره - عليه السلام - عقلاً، ذكره الآمدي
(1) عن الأكثر.
وخالف قوم واختاره أبو الخطاب (2).
ويجوز شرعا، ووقع ذكره في العدة (3) والواضح وغيرهما وأكثر
الشافعية.
ومنعه قوم مع القدرة، وذكره في مقدمة المجرد (4).
ومنعه قوم لمن بحضرته، وقاله ابن حامد (5)، زاد بعضهم: أو
قريبًا منه.
وتوقف عبد الجبار (6) فيمن حضر، وبعضهم مطلقًا.
__________
=قال ... وفي جماع العلم/ 113: قال الشافعي: هذا منقطع.
وورد من حديث عائشة مرفوعًا. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/
171 - 172، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط" وقال: لم يروه عن
يحيى بن سعيد إِلا علي بن عاصم تفرد به صالح بن الحسن بن
محمَّد الزعفراني، قلت: ولم أر من ترجمهما".
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 175.
(2) انظر: التمهيد/ 153 ب.
(3) انظر: العدة/ 249أ.
(4) و (5) انظر: المسودة/ 511.
(6) انظر: المعتمد/ 765، والإِحكام للآمدي 4/ 175.
(4/1476)
وجوزه في الروضة (1) للغائب، وجوزه للحاضر
بإِذنه، كالحنفية.
وجوزه في التمهيد (2) للغائب، وجوزه بإِذنه أو يسمع حكمه فيقره
لحاضر (3) أو يمكنه (4) سؤاله قبل ضيق وقت الحادثة، وحكاه عن
الحنفية؛ لأن أبا قتادة (5) قال له (6) - عليه السلام -: "إِنه
قتل رجلاً"، فقال رجل: "صَدَقَ، سَلَبه عندي، فَأَرْضِه مِنْ
حقه"، فقال أبو بكر: "لاها الله إِذاً (7) لا يعمد إِلى أسد من
أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه"، فقال: (صدق).
متفق عليه (8).
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 354.
(2) انظر: التمهيد/ 153 أ- ب.
(3) في (ظ): للحاضر.
(4) يعني: أن الحاضر أو من يمكنه سؤاله قبل ضيق وقت الحادثة
يجوز له الاجتهاد في إِحدى الحالتين:
1 - الأذن.
2 - أن يسمع حكمه فيقره.
(5) هو: الصحابي الحارث بن ربعي الأنصاري.
(6) نهاية 158أمن (ظ).
(7) يعني: "لا والله لا يعطي إِذًا"، فيكون قوله: "لا يعمد ...
إِلخ " تأكيدًا للنفي المذكور وموضحًا للسبب فيه. انظر: فتح
الباري 8/ 37 - 39.
(8) هذا الحديث رواه أبو قتادة، أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 92.
وانظر: فتح الباري 8/ 34 وما بعدها. وأخرجه مسلم في صحيحه/
1370 - 1371. وقال الزركشي في المعتبر/ 92 أ- ب: وظاهر القصة
أن الصديق لم يقله بالاجتهاد، بل هو تنفيذ لقول الرسول: (من
قتل قتيلاً فله سلبه).
(4/1477)
والمعروف لغة: "لا هَا الله ذا (1) " أي:
يميني. وقيل: زائدة (2).
ونزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل - عليه السلام -
إِليه، فجاء، فقال: (نزل هؤلاء على حكمك)، قال: "فإِني أحكم
بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم"، فقال: (قضيت بحكم الله) متفق
عليه (3).
وجاءه - عليه السلام - رجلان، فقال لعمرو بن العاص؛ (اقض
بينهما)، قال: "وأنت ها هنا يا رسول الله! "، قال: (نعم) وعن
عقبة (4) مرفوعًا بمثله (5)، رواهما الدارقطني (6) وغيره من
رواية فرج بن فضالة (7)،
__________
(1) يعني: بغير الف قبل الذال. انظر: تيسير التحرير 4/ 194،
وحاشية التفتازاني على شرح العضد 2/ 292.
(2) يعني: "إِذاً".
(3) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 112، ومسلم في صحيحه/ 1388 -
1389 من حديث أبي سعيد وعالًشة.
(4) هو: الصحابي عقبة بن عامر الجهني.
(5) نهاية 451 من (ح).
(6) من حديث عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر. انظر: من
الدارقطني 4/ 203. وأخرج الحاكم في مستدركه 4/ 88 حديث عبد
الله بن عمرو، وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي:
فرج ضعفوه.
(7) هو: أبو فضالة التنوخي الحمصي -وقيل: الدمشقي- روى عن عبد
الله بن عامر اليحصبي وغيره، وعنه علي بن حجر وغيره، توفي سنة
176 هـ.
قال ابن معين: صالح الحديث. وضعفه النسائي والدارقطني. وقال
أحمد: إِذا حدث عن الشاميين فليس به بأس، لكن إِذا حدث عن يحيى
بن سعيد أتى بمناكير.=
(4/1478)
ضعفه الأكثر (1).
ولأحمد (2) الأول.
وله (3): أنه - عليه السلام - أمر معقل بن يسار أن يقضي بين
قوم.
وله (4) ولأبي داود وابن ماجه والترمذي -وحسنه-: أنه بعث عليا
إِلى اليمن قاضيًا (5).
__________
=قال ابن حجر في التقريب: ضعيف.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 343، وتهذيب التهذيب 8/ 260، وتقريب
التهذيب 2/ 108.
(1) نهاية 233 أمن (ب).
(2) أخرجه أحمد في مسنده 4/ 205 من حديث عمرو بن العاص، ثم جاء
بعده مباشرة: ... عن عقبة عن النبي مثله. وأخرجه الطبراني في
الكبير من حديث عمرو -قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه- وفي
الصغير والأوسط من حديث عقبة، قال الهيثمي: وفيه حفص بن سليمان
الأسدي وهو متروك، ورواه أحمد بإِسناد رجاله رجال الصحيح.
انظر: مجمع الزوائد 4/ 195.
(3) أخرجه أحمد في مسنده 5/ 26 من حديث معقل، وأورده الهيثمي
في مجمع الزوائد 4/ 193 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير
والأوسط، وفيه أبو داود الأعمى (نفيع بن الحارث) وهو كذاب.
فانظر: ميزان الاعتدال 4/ 272.
(4) ضرب في (ب) و (ظ): على: وله.
(5) هذا الحديث رواه علي. فانظر: مسند أحمد 2/ 53 - 54، 73،
266، 317 - 318، 341 - ط: دار المعارف - وسنن أبي داود 4/ 11،
وسن ابن ماجه/ 774، وسنن الترمذي 2/ 395. ولفظ الترمذي: عن علي
قال: قال لي رسول الله:=
(4/1479)
وسبق (1) في الإِجماع خبر معاذ.
القائل بالأول: (فاعتبرو) (2).
رد: لا مع وجود اليقين، كنص مع قياس.
واحتج في العدة (3): يجوز ترك اليقين للظن، كمن أخبره (4)
بحضرته: يعمل به ويمكنه سؤاله؛ لفعل الصحابة، صح عن أسماء (5)
وغيرها.
__________
= (إِذا تقاضى إِليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر،
فسوف تدري كيف
تقضي). قال علي: فما زلت قاضيا بعد. هذا حديث حسن.
والحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 286)
والبزار وأبو يعلى في مسنديهما -انظر: نصب الراية 4/ 61 -
والحاكم في مستدركه 3/ 135 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه أيضًا في مستدركه 4/ 93 وقال:
صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وقد ورد هذا الحديث من رواية ابن عباس قال: بعث النبي عليا
إِلى اليمن، فقال: (علمهم الشرائع واقض بينهم ...) أخرجه
الحاكم في مستدركه 4/ 88 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وفي بعض طرق الحديث انقطاع. فراجع: نصب الراية 4/ 60 - 62،
والتلخيص الحبير 4/ 182.
(1) في ص 393.
(2) سورة الحشر: آية 2.
(3) انظر: العدة/ 249 ب.
(4) كذا في النسخ. ولعلها: أُخبر.
(5) هي: الصحابية أسماء بنت أبي بكر الصديق.
(4/1480)
أجاب في التمهيد (1): هو كمسألتنا. وسبق
(2) في [خبر] (3) الواحد.
وقد يفرق بالمشقة، أو بحصول العلم للقرينة.
وأيضاً: كالغائب.
رد: بمنعه، ثم (4): للحاجة بتأخير الحق وفوته.
قالوا: كإِذنه وإقراره.
رد: لا يُقِرُّ على خطأ.
القائل بالثاني: قادر على اليقين، فهو كمن ببرية لا يدري أين
يذهب، لا يجوز اجتهاده مع خبير يسأله، وكالحاضر.
وأيضًا: من باب التعاطي (5) والافتيات عليه، وهو قبيح.
رد ذلك: بمنعه في غائب أو حاضر بإِذنه وإقراره، وبما سبق (6)،
وبأنه كغير المعاصر.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 154أ.
(2) في ص 515.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(4) في).ظ): للحاجة ثم.
(5) التعاطي: تناول ما ليس له بحق. انظر: معجم مقاييس اللغة 4/
354.
(6) من وقوع الاجتهاد.
(4/1481)
مسألة
من جهل وجود الرب، أو عَلِمه -وفَعَلَ أو قال ما أجمعت الأمة
أنه لا يصدر إِلا من كافر- فكافر، وإلا فلا في رواية عن أحمد،
واختاره القاضي في إِبطال التأويل (1) وابن الجوزي في السر
المصون (2) وصاحب (3) المغني في رسالته (4) إِلى صاحب التلخيص،
وذكر أبو المعالي (5) أن عليه معظم (6) كلام الأشعري وأصحابهم،
واختاره ابن عقيل في فنونه، وأنه لا يفسق، وقاله جماعة من
أصحابنا، زاد بعضهم: هو الذي عليه الصحابة وجمهور الأئمة،
كالفروع، والتفرقة بينهما متناقضة، وهو مخطئ غير آثم، يثاب على
اجتهاده، واحتج بالخبر (7) المتفق على صحته: (إِذا اجتهد
الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)، وصح أن
الله عفا عن النسيان والخطأ (8).
__________
(1) انظر: المسودة/ 496.
(2) وهو كتاب في أصول الدين. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 417.
(3) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 154 - 157. والبلبل/ 184.
(4) وهي الرسالة التي بعثها ابن قدامة -ت: 620 هـ- إِلى ابن
تيمية فخر الدين، ت: 622 هـ. وموضوعها: تخليد أهل البدع في
النار. ويوجد بعضها في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 154 - 157.
(5) انظر: المسودة/ 495 - 496.
(6) نهاية 233 ب من (ب).
(7) نهاية 158 ب من (ظ).
(8) انظر: ص 829 - 831، 837 من هذا الكتاب.=
(4/1482)
والأشهر عن أحمد وأصحابه تكفير الداعية،
وإلا فروايتان.
وكفره قول المعتزلة (1).
وفي الكفاءة من الفصول: لا يفسق غيره.
ولا يكفر المقلِّد في الأشهر عن أحمد وأصحابه، زاد القاضي -في
شرح الخرقي-: ولا يفسق.
ولأحمد روايتان في كُفْر من لم يكَفِّر من كَفَّرْناه، زاد
صاحب المحرر: لا يفسق (2). والله أعلم.
...................
والمصيب واحد.
وذكر أبو المعالي (3): أن مذهب أقوام: أن المخطئ معذور مثاب في
الآخرة إِذا لم يعاند، وفي الدنيا كافر نقاتله، قال: وقد
يتمسكون بقوله: (إِن الذين آمنوا والذين هادوا) الآية (4).
__________
=وقد أخرج مسلم في صحيحه/ 115 - 116، وأحمد في مسنده 2/ 412 من
حديث أبي هريرة: أد الله قال -عقب كل دعوة من الدعوات المذكورة
في سورة البقرة: آية 286 - : نعم. وقال -في حديث ابن عباس-: قد
فعلت.
وانظر: تفسير الطبري 3/ 95.
(1) انظر: المسودة/ 496.
(2) نهاية 452 من (ح).
(3) انظر: المسودة/ 495.
(4) سورة البقرة: آية 62.
(4/1483)
وقال (1) الجاحظ وثمامة (2): المعارف
ضرورية، ولم يؤمر بها ولا بالنظر، فمن حصلت له وفاقاً أُمِر
بالطاعة، فإِن أطاع أثيب، وإلا فالنار، وأما (3) من مات جاهلاً
فقيل: يصير تراباً، وقيل: إِلى الجنة.
وعن (4) عبيد الله بن الحسن العنبري (5) الإِمام المشهور -قاله
بعض أصحابنا، وذكر الآمدي (6) أنه معتزلي-: المجتهدون من أهل
القبلة مصيبون مع اختلافهم.
ومراده -والله أعلم-: بما كُلِّفوا، فلا (7) إِثم، أو يثابون
لاجتهادهم، وإِلا فإِن أراد مطابقة الاعتقاد للمعتَقَد مجمعٌ
بين النقيضين، ولا يريده عاقل.
__________
(1) انظر: المسودة/ 495.
(2) هو: أبو معن ثمامة بن الأشرس النميري المعتزلي، من الطبقة
السابعة من طبقات المعتزلة، عالم أديب، حاذق فصيح، يقال: إِنه
الذي أغوى المأمون ودعاه للاعتزال؛ توفي سنة 213 هـ. انظر: فرق
وطبقات المعتزلة/ 70، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ 272،
وتاريخ بغداد 7/ 145، وميزان الاعتدال 1/ 173 وفيه أقوال له في
مسائل الاجتهاد والتقليد.
(3) في (ح): وإلا
(4) انظر: المعتمد/ 988، والمسودة / 495.
(5) البصري، قاض صدوق مقبول، لكن تكلم في معتقده ببدعة، توفي
سنة 168 هـ. ونقل عنه أنه رجع عن قوله: إِن كل مجتهد مصيب.
انظر: حلية الأولياء 9/ 6، وتاريخ بغداد 10/ 306، وميزان
الاعتدال 3/ 5، وتهذيب التهذيب 7/ 7.
(6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 178.
(7) نهاية 234 أمن (ب).
(4/1484)
ورده بعض أصحابنا وغيرهم: بمخالفة القاطع،
فَقَصَّر لتقليد أو عصبية أو إِهمال، فلم يعذَر، كأصل التوحيد
ولا فرق. كذا قالوا.
ولم يقيد بعضهم (1) كلامه بأهل القبلة، ففهم منه ما لا ينبغي،
فتأوله بعض المعتزلة (2) -وكلام الجاحظ- على المسائل الكلامية
كالرؤية والكلام وأعمال العباد؛ لتعارض الأدلة الظنية.
قال الآمدي (3): فإِن صح أنه المراد فلا نزاع.
وحكى هو (4) وجماعة عن الجاحظ: لا يأثم من خالف الملة مجتهدًا.
وهذا وقوله السابق والقول قبله خلاف الكتاب والسنة والإِجماع
قبله.
وليس تكليفهم نقيضَ اجتهادهم محال (5)، بل ممكن، غايته: منافٍ
لِما تعودوه.
مسألة (6)
لا إِثم على مجتهد في حكم شرعي اجتهادي -ويثاب- عند أهل الحق،
منهم: الأئمة الأربعة.
__________
(1) انظر: المرجع السابق.
(2) انظر: المرجع السابق 4/ 180.
(3) انظر: المرجع السابق 4/ 181.
(4) انظر: المرجع السابق 4/ 178.
(5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: محالاً.
(6) من هنا إِلى آخر الكتاب لم يرد لفظ (مسألة) في (ظ).
(4/1485)
ويأثم (1) عند المريسي وابن علية والأصم
والظاهرية.
ولا يفسق عندهم، ذكره الآمدي (2) وغيره، وذكر ابن برهان (3):
يفسق.
لنا: إِجماع الصحابة والتابعين؛ فإِنهم اختلفوا في كثير
[وتكرر] (4) وشاع من غير نكير ولا تأثيم، مع القطع: لو خالف
أحد في نحو (5) أركان الإِسلام الخمس (6) أنكروا، كمانعي
الزكاة والخوارج.
ولا يأثم من بذل وسعه ولو خالف قاطعاً (7)، وإلا أثم لتقصيره.
مسألة
المسألة الظنية: الحق عند الله واحد، وعليه (8) دليل، وعلى
المجتهد طلبه، فمن أصابه فمصيب، وإلا فمخطئ مثاب عند (9) أحمد
وأكثر (10)
__________
(1) انظر: المعتمد/ 949، والإِحكام للآمدي 4/ 182.
(2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 182.
(3) يعني: ذكر عنهم. انظر: المسودة/ 498.
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(5) في (ب) و (ظ): أحد.
(6) كذا في النسخ. ولعلها: الخمسة.
(7) نهاية 159 أمن (ظ).
(8) نهاية 234 ب من (ب).
(9) انظر: اللمع/ 76، والتبصرة/ 498، والفقيه والمتفقه 2/ 58 -
59، وشرح تنقيح الفصول/ 438، والمسودة/ 503.
(10) نهاية 453 من (ح).
(4/1486)
أصحابه، وقاله الأوزاعي ومالك والشافعي
وإسحاق والمحاسبي (1) وابن كلاب، وذكره أبو المعالي (2) عن
معظم الفقهاء، وذكره ابن برهان (2) عن الأشعري.
زاد في التمهيد (3): يطلبه حتى يعلم أنه وصله ظاهرًا -ومراده:
يظن، كما ذكره [أيضًا] (4) هو وغيره- قال: "وثوابه على قصده
واجتهاده لا على الخطأ"، وقاله ابن عقيل وغيره وبعض الشافعية،
وبعضهم: على قصده.
وفي العدة (5) وغيرها: مخطئ عند الله وحكما.
وفي كتاب الروايتين (6) للقاضي: "مخطئ عند الله، وفي الحكم
روايتان، إِحداهما: مصيب" وجزم به ابن عقيل (7) عن حنبلي،
يعني:
__________
(1) هو: أبو عبد الله الحارث بن أسد، إِمام في الفقه والحديث
والكلام، صنف في الرد على المعتزلة والرافضة، توفي سنة 243 هـ.
من مؤلفاته: مائية العقل، والرعاية لحقوق الله.
انظر: صفة الصفوة 2/ 367، ووفيات الأعيان 1/ 348، وطبقات
الشافعية للسبكي 2/ 275، وشذرات الذهب 2/ 103.
(2) انظر: المسودة/ 502.
(3) انظر: التمهيد/ 204 ب، 205 ب.
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(5) انظر: العدة/ 239أ.
(6) انظر: الروايتين/ 246 أ.
(7) انظر: المسودة/ 498.
(4/1487)
نفسه، وأخذها القاضي (1) من قول أحمد: لا
يقول لمخالفه: مخطئ.
وفي التمهيد (2): يعني: لا يقطع بخطئه.
وبعض أصحابنا (3): من لم يحتج بنص فمخطئ، وإلا فلا، قال: وهو
المنصوص.
ثم ذكر القاضي (4) اختلاف أصحابنا في أصحاب الجمل وصفين: هل
كلاهما مصيب حكماً، أم واحد لا بعينه، أم عليّ؟ على أوجه، وأنه
يجب البناء على هذا الأصل، وأن نص أحمد الوقف.
وقال بعض أصحابنا (5): لم يرد أحمد الوقف الحكمي، بل الإِمساك
خوف الفتنة، ولهذا بني قتال البغاة على سيرة عليّ.
وقال القاضي (6) -في أثناء المسألة-: هو مصيب فيما فعله من
الاجتهاد، مخطئ في تركه للزيادة (7) عليه.
__________
(1) انظر: الروايتين/ 246أ.
(2) انظر: التمهيد/ 204 ب.
(3) انظر: المسودة/ 499.
(4) انظر: الروايتين والوجهين/ 246أ- ب.
(5) انظر: المسودة/ 500.
(6) انظر: العدة/ 241 أ.
(7) نهاية 235 أمن (ب).
(4/1488)
قال بعض أصحابنا (1): وبه ينحل الإِشكال.
وعند (2) المريسي والأصم وابن علية: الدليل قطعي، ونقطع بخطأ
مخالفنا.
قال في التمهيد (3): حكاه بعضهم عن الشافعي، واختاره أبو الطيب
(4) وأبو إِسحاق الإِسفراييني (5)، وأومأ إِليه أحمد في حاكم
"حكم في مفلس أن صاحب المتاع أسوة الغرماء": يرد حكمه.
وفي العدة (6): لاعتقاده (7) خلاف النص (8)؛ لا أنه يقطع
بإِصابة وخطأ.
وفي الخلاف: ظاهره: لا يسوغ فيه الاجتهاد.
وقال فيها -في مسألة الظفر (9) -: إِن سوَّغْنا الاجتهاد فيه
لم يأخذه
__________
(1) انظر: المسودة/ 501.
(2) انظر: المعتمد/ 949، والإحكام للآمدي 4/ 183.
(3) انظر: التمهيد/ 204 ب.
(4) و (5) انظر: المسودة/ 497، 498.
(6) انظر: العدة/ 239 أ.
(7) يعني: إِنما قال ذلك.
(8) فقد دل النص على أن صاحب المتاع أحق به من غيره. أخرجه
البخاري في صحيحه 3/ 118، ومسلم في صحيحه/ 1193 من حديث أبي
هريرة مرفوعًا.
(9) مسألة الظفر: أن يكون لشخص على آخر حق مالي لم يُوَفِّه
إِياه، فيظفر هذا الشخص بمال لمن عليه الحق، فيستوفي حقه منه.
وفيها خلاف بين العلماء. انظر:=
(4/1489)
بلا حكم، وإلا أخذه كمغصوب.
وذكر -أيضًا-: أنه لا ينقض بالآحاد؛ لعدم القطع.
وفي أثناء المسألة ذكر نقضه؛ لمخالفة النص.
وجزموا في الفروع] (1) منهم: الرعاية (2) (3) -إِلا ظاهر
الفصول، واحتمالا في الكافي (4) في مسألة المفلس- بنقضه بنص
آحاد، خلاف الأشهر هنا.
وجزم صاحب (5) الرعاية -في أصول (6) الفقه-: "لا ينقض إِلا
__________
= فتح الباري 5/ 108. والمحلى 8/ 643.
(1) في (ظ): الفروع بنقضه منهم ... إِلخ.
(2) هناك الرعايتان -الكبرى والصغرى- في الفقه الحنبلي، وهما
لابن حمدان، المتوفى سنة 695 هـ. وتوجد من الكبرى نسخة في دار
الكتب الظاهرية في دمشق، رقم 2755.
(3) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 222 أ.
(4) انظر: الكافي 2/ 174 - 175.
(5) هو: أبو عبد الله نجم الدين أحمد بن حمدان بن شبيب الحراني
الحنبلي، فقيه أصولي، ولد بحران سنة 603 هـ، وتوفي بالقاهرة
سنة 695 هـ.
من مؤلفاته: الوافي في أصول الفقه، والرعاية الكبرى والرعاية
الصغرى -وهما في الفقه- وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 331، وشذرات الذهب 5/ 428.
(6) ذكرت قريبًا أن له كتابا في أصول الفقه، اسمه: الوافي.
(4/1490)
بقاطع"، مع أنه ذكر نقضه بتقليد غيره (1).
وقال بعض أصحابنا (2): يقطع في بعض المسائل (3) بحسب الأدلة،
وعلى هذا ينبني نقض (4) الحكم وحلفُ أحمد في مسائل وتوقفه (5)
في أخرى، وكذا قاله ابن حامد: لا خلاف عن أبي عبد الله أن
الأخذ بالرأي مع الخبر مقطوع بخطئه ويرد عليه.
وما قاله صحيح، قاله أحمد في قتل مؤمن بكافر.
وقال: "إِنما لا يرد حكم الحاكم إِذا اعتدلت (6) الرواية"،
وذكر قوله - عليه السلام -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو
رد (7))، (8) فمن عمل خلاف السنة رد عليه.
وإنما قال أبو الطيب (9): أمنعه من الحكم باجتهاده ولا أنقضه.
__________
(1) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 222أ.
(2) انظر: المسودة/ 504.
(3) نهاية 454 من (ح).
(4) نهاية 159 ب من (ظ).
(5) في (ب): وتوقف.
(6) كذا في النسخ. ولعلها: إِذا اغتلت.
(7) في (ب) و (ظ): مردود.
(8) نهاية 235 ب من (ب).
(9) انظر: العدة/ 239 ب، والمسودة/ 497 - 498.
(4/1491)
وذكر الآمدي (1) عن الإِسفراييني وابن
فورك: أنه ظني.
وقال قوم: لا دليل عليه، كدفين يُصاب (2). (3)
وعند أبي حنيفة (4) وأصحابه والمزني (5): كل مجتهد مصيب، والحق
واحد عند الله، وهو الأشبه الذي لو نَصَّ الله على الحكم لنص
عليه، وعليه دليل، ولم يكلف المجتهد إِصابته، بل الاجتهاد.
قال بعض أصحابه: فهو مصيب ابتداء -أي: في الطلب- مخطئ انتهاء،
أي: في المطلوب، وحكاه بعضهم عن الشافعي (6).
وقال المعتزلة (7): كل مجتهد مصيب.
فقيل: كالحنفية.
وقيل: حكم الله تابع لظن المجتهد؛ لا دليل عليه، ولم يكلف غير
اجتهاده، وحكي عن أبي حنيفة (8)، وقاله ابن الباقلاني (8)،
وحكى عن
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 183.
(2) في (ب): يضاف.
(3) يعني: فمن أصابه فهو المصيب، ومن أخطأه فهو المخطئ.
(4) انظر: كشف الأسرار 4/ 18، وتيسير التحرير 4/ 201، وفواتح
الرحموت 2/ 380.
(5) انظر: المسودة/ 502.
(6) انظر: المسودة/ 502.
(7) انظر: المعتمد/ 949، 956.
(8) انظر: العدة/ 240أ، والمسودة/ 502.
(4/1492)
الأشعري قولين أحدهما كقوله، وذكره (1) أبو
المعالي (2) عن معظم المتكلمين وابن عقيل عن أكثر الأشعرية.
وبنى ابن الباقلاني (3) على هذا قوله: ليس في الأقيسة المظنونة
تقديم ولا تأخير، وإنما الظنون بحسب الاتفاقات.
قال أبو المعالي (3): وهي هفوة عظيمة هائلة.
وعن الجبائي (4): "لا يجتهد، ويتخير من الأقوال"، واستنبطه ابن
الباقلاني (4) من كلام الشافعي.
قال أبو المعالي (4): وهو خرق للإِجماع، وعن بعضهم: لصالح
الأمة الإِفتاء بالتشهِّي، وعن قوم: إِن أفتى مجتهد أو غيره
وبذل وسعه يريد التقرب إِلى الله فمصيب. قال (4): وطرده قوم في
مسالك العقول، وحكاه بعضهم عن داود والظاهرية.
وذكر الآمدي (5): أنه نقل التصويب والتخطئة (6) عن الشافعي
وأبي حنيفة وأحمد والأشعري.
__________
(1) في (ح): وذكر.
(2) انظر: المسودة/ 502.
(3) انظر: البرهان/ 889.
(4) انظر: المسودة/ 502، 503.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 184.
(6) نهاية 236 أمن (ب).
(4/1493)
وخرجه (1) ابن عقيل (2) من دلالته (3) على
استفتاء غيره بلا حاجة، بخلاف حكم أحمد بصحة الصلاة خلفهم
[فإِنه مأخذ بعيد] (4) للحاجة (5)، كصحة صلاة عامي (6) خلف
مجتهد في القبلة، ولا يجوز أن يدله إِلى من يدله إِلى غيرها.
وأخذه بعض أصحابنا (7) من قول أحمد -لمن سمى: كتاب الاختلاف-:
سَمِّه كتاب السعة، [وهو مأخذ بعيد] (8).
لنا: (ففهمناها سليمان) (9)، فتخصيصه دليل اتحاد الحق وإصابته،
ولا نص؛ وإلا لَمَا اختلفا، أو ذُكِر فَنُقِل، ولأنه (10) ورث
النبوة بعده، وإنما
__________
(1) يعني: أن كل مجتهد مصيب.
(2) انظر: المسودة/ 450.
(3) يعني: أحمد.
(4) ما بين المعقوفتين من (ح) و (ظ).
(5) نهاية 455 من (ح).
(6) في (ب): عامل.
(7) انظر: المسودة/ 450.
(8) ما بين المعقوفتين من (ب).
(9) سورة الأنبياء: آية 79.
(10) هذا جواب سؤال مقدر: "يحتمل أن الحكم الذي حكم به داود
كان هو الحكم في شرعهم، ثم نسخ ذلك، فعلم بالنسخ سليمان، ولم
يعلم به داود، فحكم فأصاب". والجواب: ما ذكره المؤلف، وهو: أن
سليمان إِنما صار نبيا بعد داود، فكيف=
(4/1494)
يوسف بالفهم (1) المشتبه، وفي صحيح (2)
الحاكم: أن سليمان قال: (أسألك حكماً يوافق حكمك (3)، ولما
عُزِيَ إِلى سليمان، ولا سمي باسم "تفهيم".
قال الحسن (4): أُثني (5) لصوابه، وعُذِر (6) باجتهاده.
ولمسلم (7) عن بريدة (8): أن النبي - صلى الله عليه وسلم
-[كان] (9) إِذا أَمَّر أميرا على
__________
=يعلم بالوحي من ليس بنبي -ولا أنزل عليه- ولا يعلم به من أنزل
عليه؟!. فانظر: التمهيد/ 205 أ.
(1) نهاية 160 أمن (ظ).
(2) في الرسالة المستطرفة/ 21: وهو المعروف بالمستدرك على
الصحيحين مما لم يذكراه وهو على شرطهما أو شرط أحدهما، أولاً
على شرط واحد منهما، وهو متساهل في التصحيح. أ. هـ. وا الكتاب
مطبوع.
(3) هذا الحديث رواه عبد الله بن عمرو عن النبي: أن سليمان ...
أخرجه الحاكم في مستدركه 1/ 30 - 31: أن سليمان سأل ربه حكماً
يصادف حكمه، فأعطاه إِياه. قال الحاكم: صحيح قد تداوله الأئمة،
وقد احتجا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة. ووافقه
الذهبي. وأخرجه الحاكم -أيضًا- في مستدركه 2/ 434، والنسائي في
سننه 2/ 34، وابن ماجه في سننه/ 452، وأحمد في مسنده 2/ 176.
(4) انظر: تفسير الطبري 17/ 41، وزاد المسير 5/ 372، وتفسير
القرطبي 11/ 309.
(5) يعني: على سليمان.
(6) يعني: داود.
(7) انظر: صحيح مسلم/ 1357 - 1358. وأخرجه أبو داود في سننه 3/
83 - 85، والترمذي في سننه 3/ 85 - 86 وقال: حسن صحيح، وابن
ماجه في سننه/ 953 - 954، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 193.
(8) هو: الصحابي بريدة بن الحصيب الأسلمي.
(9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(4/1495)
جيش أو سرية قال: (إِذا حاصرت أهل حصن،
وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله،
ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإِنك لا تدري: تصيب فيهم [حكم الله]
(1) أم لا؟).
واحتج القاضي (2) وغيره: بالخبر السابق (3): (وإِن أخطأ فله
أجر).
فقيل لهم: آحاد.
فقالوا: قبلته الأمة، وأجمعت على صحته، فصار كمتواتر.
ومعناه في التمهيد (4). فدل أن المسألة عندهم قطعية،
وَزَعَمَهُ بعض المصوبة.
وقيل لابن عقيل (5): يُحمل على جهله بكذب الشهود ونحوه،
كإِقرار الخصم تهزِّيا.
فقال: هذا لا يُضاف إِلى الحاكم به (6) خطأ، ولهذا: من توضأ
بماء جهل نجاسته -وأخطأ جهة القبلة (7) - لا ينقص ثوابه وأجر
عمله، ولهذا قال
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(2) انظر: العدة/ 240 ب- 241أ.
(3) في ص 1315.
(4) انظر: التمهيد/ 250 ب.
(5) انظر: المسودة/ 505.
(6) في (ب) و (ظ): الحاكم به هذا خطأ. وانظر: المسودة/ 505.
(7) نهاية 236 ب من (ب).
(4/1496)
عمر: "يا صاحب الميزاب لا (1) تُعْلِمْهم
(2) "، على أن اللفظ عام (3).
وأيضًا: أطلق (4) الصحابة -كثيراً- الخطأ في الاجتهاد، وشاع،
ولم ينكر.
وأيضًا: لو كان كل مجتهد مصيبا لاجتمع النقيضان؛ للقطع بالحكم
عند ظنه؛ لعلمه بإصابته، ودوام قطعه مشروط ببقاء ظنه؛ لأنه لو
تغير ظنُّه لزمه الرجوع إلى الثاني إِجماعًا، فيلزم علمه بشيء
وظنّه له معا.
لا يقال: "ينتفي الظن بالعلم"؛ لأنا نقطع (5) ببقائه (6) لدوام
القطع،
__________
(1) في (ب): لا تعملهم.
(2) أخرجه مالك في الموطأ/ 23 - 24، وعبد الرزاق في مصنفه 1/
76 - 77، والدارقطني في سننه 1/ 32 ... عن يحيى بن عبد الرحمن
بن حاطب: أن عمر خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا
حوضا، فقال عمرو: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ فقال
عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإِنا نرد على السباع وترد
علينا.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان 1/ 174: مر عمر يومًا، فسقط
عليه شيء من ميزاب، ومعه صاحب له، فقال: يا صاحب الميزاب، ماؤك
طاهر أو نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا، ومضى. ذكره
أحمد.
(3) يعني: قوله: (وإن أخطأ)، فلا يقصر على جهالته بكذب الشهود
ونحوه.
(4) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 187، وروضة الناظر/ 366.
(5) نهاية 456 من (ح).
(6) يعني: الظن.
(4/1497)
وإلا (1) كان (2) يستحيل ظن النقيض مع ذكر
(3) الحكم؛ لأجل العلم بالحكم، ولا يستحيل إِجماعًا.
فإِن قيل: اجتماع النقيضين مشترك الإِلزام؛ لأنه يجب الفعل أو
يحرم قطعًا عند ظنه أحدهم؛ لاتباع ظنه.
رد: الظن متعلق بالوجوب أو الحرمة، والعلم بتحريم (4) مخالفته.
فإِن قيل: متعلقهما متحد؛ لزوال العلم بتحريمها (5) بتبدل
الظن.
رد: لأن الظن شرطه.
فإِن قيل: لا يلزم اجتماع النقيضين؛ لتعلق الظن يكون الدليل،
والعلم بثبوت مدلوله وهو الحكم، وزوال العلم بتبدل الظن لا
يوجب اتحادهما؛ لأن الظن شرطه.
رد: كونه دليلاً حكم، فإِذا ظنَّه عَلِمَه، وإلا جاز تعبّده
بغيره، فلا يكون كل مجتهد مصيبًا.
وأيضًا: الأصل عدم التصويب ودليله، وصُوِّب غير معيَّن
للإِجماع.
ولم يحتجّ الآمدي (6) بغيره.
__________
(1) في (ح) و (ظ): ولا.
(2) يعني: لو كان الظن موجبا للعلم لامتنع ظن النقيض مع تذكره.
(3) يعني: مع تذكر الحكم.
(4) يعني: متعلق بتحريم مخالفته.
(5) يعني: المخالفة.
(6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 192.
(4/1498)
واستدل: إِذا اختلف اجتهادهما: فإِن كان
بدليلين تعيَّن (1) أرجحهما (2)، [وإلا] (3) تساقطا.
رد: الدليل الظني من الأمور الإِضافية، يترجح بالنسبة إِلى من
يراه.
واستدل: بشرع المناظرة (4) إِجماعًا، وفائدتها إِصابة الحق.
رد: أو تبيين (5) ترجيح دليل على الآخر أو تساويهما، أو تمرين
النفس.
واستدل: المجتهد طالب، ويستحيل طالب ولا مطلوب، فلا بد من ثبوت
حكم قبل طلبه، فمن أخطأه فمخطئ.
رد: مطلوبُ كلٍّ ما يظنه، فليس معيَّنًا.
وأيضاً: يلزم المحال لو قال مجتهد شافعي لمجتهدة حنفية: "أنت
بائن"، ثم قال: "راجعتك (6) "، أو تزوج امرأة بغير ولي (7)، ثم
تزوجها بعده آخر بولي (8).
__________
(1) نهاية 237 أمن (ب).
(2) في (ب) و (ح): أرجحها.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(4) نهاية 160 ب من (ظ).
(5) في (ح) و (ظ): أو تبين.
(6) فالرجل يعتقد الحل، والمرأة تعتقد الحرمة، فيلزم من صحة
المذهبين حلها وحرمتها.
انظر: شرح العضد 2/ 298.
(7) يعني: لأنه يرى صحته.
(8) يعني: لأنه يرى بطلان نكاح الأول.
(4/1499)
رد: مشترك الإِلزام؛ لوجوب اتباع ظنه،
فَيُرفع إِلى حاكم فيتبع حكمه، ذكره القاضي (1) وابن برهان
والآمدي (2) وغيرهم.
وفي انتصار أبي الخطاب (3): يعمل باطنًا بظنه.
قالوا: (وكلا (4) آتينا حكماً وعلمًا) (5)، ولو أخطأ أحدهما لم
يَحْسُن.
رد: بما سبق (6)، وبأنه غير مانع، وبحمله على العمل (7).
قالوا: (بأيهم اقتديتم اهتديتم)، ولا هدى مع خطأ.
رد: بالمنع؛ لفعله ما يلزمه (8). (9)
قال ابن عقيل: ويحتمل (10) مراده الأخذ بالرواية، أو الإِمامة
لصلاحيتهم لها، أو تقليد من شاء في حكم اتفقوا عليه.
__________
(1) انظر: المسودة/ 472.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 192.
(3) انظر: المسودة/ 472.
(4) نهاية 457 من (ح).
(5) سورة الأنبياء: آية 79.
(6) في ص 1494 - 1495.
(7) يعني: العمل بوسائل الاجتهاد، فالكل أوتي ذلك، لكن أصاب
أحدهما.
(8) في (ب): ما يلزم.
(9) يعني: الصحابي يفعل ما يلزمه، وهو ما أداه إِليه اجتهاده.
(10) في (ب): ويحمل.
(4/1500)
قالوا: لو كان لم تتفق الصحابة على تسويغ
(1) الخلاف، وتولية الحكام مع مخالفتهم لهم.
رد: لاتفاقهم أن كل مجتهد يتبع ظنَّه، ولم يتعين المخطئ، فلا
إِنكار.
قالوا: لو كان لزم النقيضان إِن بقي الحكم المطلوب على المجتهد
(2)، وإن سقط عنه لزم الخطأ (3).
رد: يلزم الخطأ؛ لأنه لو كان في المسألة نص أو إِجماع وبذل (4)
وسعه -فلم يجد- لزم مخالفته، فهنا أولى؛ لأمره بالحكم بظنه،
فحكم بما أنزل الله.
مسألة
تعادل دليلين قطعيين محال اتفاقًا؛ لاستلزام كل منهما مدلوله.
وكذا ظنيين -فيجتهد في الترجيح، ويقف إِلى أن يتبينه- عند
أصحابنا وأكثر الشافعية (5) والكرخي (6) والسرخسي (6)، وحكاه
الإِسفراييني (6) عن أصحابه.
__________
(1) في (ح): تشريع.
(2) يعني: لأنه يلزمه العمل بظنه، ويبقى الحكم في نفس الأمر
عليه، وهما متناقضان.
(3) يعني: لأنه يكون العمل بالحكم الخطأ واجباً، وبالصواب
حراماً.
(4) نهاية 237 ب من (ب).
(5) انظر: اللمع/ 77، والتبصرة/ 510.
(6) انظر: العدة/ 238أ، والمحصول 2/ 2/ 506، والإِحكام للآمدي
4/ 197،
والمسودة/ 446. والسرخسي: هو أبو سفيان.
(4/1501)
وذكر بعض أصحابنا (1): إِن عجز عن الترجيح
قَلَّد عالمًا.
وقال الرازي (2) والجرجاني (3) والجبائي (4) وابنه وابن
الباقلاني (5) -وقال: قاله الأشعري وكل من صوب كل مجتهد، وأنه
محكي عن الحسن والعنبري-: يجوز تعادلهما، وذكره بعض أصحابنا
رواية عن أحمد، واختاره ابن عقيل (6) ضمن [مسألة] (7) القياس،
وذكر الأول عن الفقهاء وكل من صوب واحداً، وكذا في التمهيد
(8): المسألة مبنية عليه، ومع تعادلهما لا نعلم الحق.
واختاره الآمدي (9)، وذكره عن أكثر الفقهاء، والأول عن أحمد.
فعلى هذا: يتخير كالكفارة وغيرها، والفرق أنه لا تعارض (10)
فيها،
__________
(1) انظر: المسودة/ 449.
(2) انظر: أصول الجصاص/ 289 ب.
(3) انظر: العدة/ 238أ، والمسودة/ 446.
(4) انظر: المعتمد/ 853، والتبصرة/ 510.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 197، والمسودة/ 446.
(6) انظر: المسودة/ 447، 449.
(7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(8) انظر: التمهيد/ 214 أ.
(9) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 197.
(10) في (ح): لا يعارض.
(4/1502)
ولهذا يجوز ورود الشرع بإِيجاب الكل، ولا
يجوز في مسألتنا، ويكون (1) (2) علامة التخيير.
وفي الخلاف (3) -في تعارض البينتين- والروضة (4): تعارضهما
وتساقطهما، وقاله بعضهم.
وفي مختصر القاضي (5): يجوز (6) تعادلهما، ويكون كعامي يجب
تقليد غيره.
وذكر أبو المعالي (7): أن كلا من المصوبة والمخطئة قال: هل
يقلد عالمًا -كعامي- أو يتوقف أو يتخير؟ فيه أقوال (8).
وجه الثاني: الأصل عدم المنع ودليله.
قالوا: لو تعادلا: فإِما أن يعمل بهما، أو بأحدهما معينًا أو
مخيرا (9)،
__________
(1) يعني: التعادل.
(2) نهاية 161 أمن (ظ).
(3) انظر: المسودة/ 448.
(4) انظر: روضة الناظر/ 374.
(5) مختصر القاضي: هو كتاب ألفه القاضي فيما اختصره من أصول
الدين والفقه. قال صاحب المسودة: "رأيته بخطه"، وأورد هذا
الكلام عنه. فانظر: المسودة/ 449.
(6) نهاية 458 من (ح).
(7) انظر: المسودة/ 449 - 450.
(8) في (ح): أقول.
(9) نهاية 238 أمن (ب).
(4/1503)
أوْ لا، والأول: جمع بين النقيضين،
والثاني: تحكم، والثالث: تخيير للمجتهد، ومنعه إِجماع،
والرابع: تناقض؛ لأنه يقول: "لا حرام ولا واجب"، وهو أحدهما.
رد: يعمل بهما في أن كلا منهما وقف الآخر (1) في ترتيب مقتضاه
عليه، فيقف المجتهد أو يتخير.
وإن سلم امتناعه (2) عمل بأحدهما على التخيير، والإِجماع (3)
إِذا لم يتعادلا، وليس التخيير مطلقًا -ليلزم منه تركُ العمل
بأحدهما- بل مشروط بقصد العمل بدليله، كالشرط في التخيير بين
القصر والإِتمام.
قال ابن الباقلاني (4): "وليس له تخيير المستفتي والخصوم، ولا
الحكم في وقت بحكم، وفي وقت بحكم آخر، بل يلزم أحد القولين"،
وذكر أن هذا قول من حكاه عنه.
قال: وهل يتعين أحد الأقوال بالشروع فيه -كالكفارة- أو
بالتزامه كالنذر؟ لهم فيه قولان.
قال بعض أصحابنا (5): هما نظيرا الوجهين لنا في جواز انتقال
الإِنسان عنه.
__________
(1) في (ح): للآخر.
(2) يعني: العمل بهما. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 198 - 199.
(3) يعني: الإجماع على منع التخيير إِنما يكون إِذا لم
يتعادلا.
(4) انظر: المسودة/ 446.
(5) انظر: المسودة/ 446.
(4/1504)
وذكر الآمدي (1): أنه لا يمتنع ذلك (2)،
كما لو تغير اجتهاده، إِلا أن يكون المحكوم عليه واحداً؛
لتضرره بالحكم له بحل النكاح في وقت، وتحريمه في آخر. كذا قال.
واحتج ابن الباقلاني -أو (3) غيره-: بأنه قال - عليه السلام -
لأبي بكر (4): (لا تقض في شيء واحد بحكمين مختلفين). كذا قال.
وإن (5) سلم امتناع التخيير فلا يعمل بهما، ويتساقطان.
وإنما يلزم التناقض لو اعتقد نفي الحكمين في نفس الأمر.
مسألة
ليس لمجتهد أن يقول في شيء واحد في وقت واحد قولين متضادين
عندنا وعند عامة (6) العلماء؛ لأن اعتقادهما محال، وإلا: فإِن
رجح أحدهما
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 199.
(2) يعني: نحو حكمه لزيد بحكم، ولعمرو بنقيضه.
(3) كذا في النسخ.
(4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: لأبي بكرة. والحديث أخرجه
النسائي في سننه 8/ 247 من حديث أبي بكرة قال: سمعت رسول الله
يقول: (لا يقضين أحد في قضاء بقضاءين). وأورده الهيثمي في مجمع
الزوائد 4/ 196 بلفظ: (لا يقضين أحد في أمر قضاءين). وقال:
رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وانظر: تخريج أحاديث
المنهاج للعراقي/ 307.
(5) هذا تمام الرد على دليلهم.
(6) نهاية 238 ب من (ب).
(4/1505)
تعين، وإلا فلا قول له.
وأطلق الشافعي (1) في سبع عشرة مسألة: فيها قولان.
فقيل: للعلماء (2).
رد: حكاهما على أنهما قوله، ولهذا ذكرهما أصحابه له، واختلفوا
في المختار.
وبه رد ما قيل: فيها ما يقتضي للعلماء قولين؛ لتعادل الدليلين
عنده.
قال الآمدي (3): (4) إِنما يمكن تصحيحه به (5) لكنه ليس قولاً
بحكم شرعي.
وقيل: معنى القولين التخيير بين الحكمين أو الشك. (6)
رد: التخيير قول واحد، والشك ليس قولاً، ومن قال (7) بالتخيير
في الكفارة -أو شك (8) - ليس له أقوال.
__________
(1) انظر: اللمع/ 77، والبرهان/ 1366، والإحكام للآمدي 4/ 201.
(2) يعني: فيها قولان للعلماء.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 202.
(4) نهاية 459 من (ح).
(5) يعني: بهذا القول (فيها ما يقتضي للعلماء قولين).
(6) نهاية 161 ب من (ظ).
(7) يعني: ولهذا فمن قال بالتخيير ... إِلخ.
(8) يعني: شك في شيء.
(4/1506)
أما لو أطلق وبين قوله منهما -كما فعله
أحمد (1) - جاز.
مسألة
فإِن قاله في وقتين:
فإِن جهل أسبقهما جعلنا الحكم فيها مختلفا؛ لأنه لا أولوية
بالسبق، ذكره القاضي (2).
قال بعض الشافعية (3): "ويحكى القولان عنه، وأن أقوال الشافعي
كذلك"، وكذا بعض أصحابنا، وأنه إِجماع لنقل (4) أقوال السلف.
وفي التمهيد (5) وغيره: يجتهد في الأشبه بأصوله الأقوى في
الحجة، فيجعله مذهبه، ويشك في الآخر.
وقاله في الروضة (6)، وفيها أيضًا: أنهما كخبرين عنه - عليه
السلام - تعارضا.
وكذا جزم الآمدي (7): يمتنع العمل بأحدهما؛ لاحتمال رجوعه
كنصين.
__________
(1) انظر: العدة/ 254أ- ب.
(2) انظر: العدة/ 253 ب-254 أ.
(3) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 3/ 153.
(4) في (ب) و (ح): كنقل.
(5) انظر: التمهيد/ 217 ب.
(6) انظر: روضة الناظر/ 376، 380.
(7) انظر: الأحكام للآمدي 4/ 201.
(4/1507)
وإن علم أسبقهما فالثاني مذهبه، وهو ناسخ
للأول، اختاره في التمهيد (1) والروضة (2) والعدة (3) -وذكره
ظاهر كلام الخلال وصاحبه (4)، كقولهما: "هذا (5) قول قديم أو
أَوَّل، والعمل على كذا"- كنصين، ولأنه الظاهر، قال أحمد: إِذا
رأيتُ ما هو أقوى أخذتُ به، وتركت القول الأول.
وجزم به الآمدي (6) وغيره.
وقال بعض أصحابنا (7): والأول مذهبه أيضًا؛ لأن الاجتهاد لا
ينقض باجتهاد.
وفيه نظر، ويلزمه لو صرح بالرجوع (8).
وبعض أصحابنا خالف، وذكره (9) بعضهم (10) مقتضى كلامهم.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 217أ- ب.
(2) انظر: روضة الناظر/ 376.
(3) انظر: العدة/ 253 ب، 254أ.
(4) هو: أبو بكر عبد العزيز.
(5) نهاية 239 أمن (ب).
(6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 202.
(7) انظر: روضة الناظر / 380 - 381.
(8) يعني: فإِن الاجتهاد ينقض بالاجتهاد.
(9) يعني: كونهما مذهبا له، وإن صرح بالرجوع.
(10) انظر: المسودة/ 527.
(4/1508)
مسألة
مذهب الإِنسان: ما قاله أو جرى مجراه من تنبيه أو غيره، وإلا
لم تجز نسبته إِليه.
ولأصحابنا وجهان في جواز نسبته إِليه من جهة القياس أو فعله أو
مفهوم.
فإِن قلنا: "المفهوم مذهب"، فقال في مسألة بخلافه (1): بطل
(2).
وقيل: لا.
وإن علله بعلة فقوله ما وُجِدَتْ فيه، ولو قلنا بتخصيص العلة؛
لعدمِ نقلِ مخصِّص، ومنعه قوم من أصحابنا.
وإن قلنا: "ما قيس على كلامه مذهبه"، فأفتى في مسألتين
متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين: لم يجز نقله من كل (3)
منهما إِلى الأخرى، كقول الشارع، ذكره في التمهيد (4) وغيره.
وذكر ابن حامد (5) عن بعض أصحابنا: يجوز.
__________
(1) في (ب): بخلاف.
(2) يعني: المفهوم.
(3) في (ب): نقل.
(4) انظر: التمهيد/ 216 ب- 217 أ.
(5) انظر: تهذيب الأجوبة/ 89 أ- ب.
(4/1509)
ونص أحمد على إِعادة فصل في مكان نجس
عجزًا: "لا يعيد" بخلاف الثوب (1)، وسَوَّى أصحابنا، ومنع
بعضهم، وهو أظهر هنا؛ للفرق.
ولو نص على حكم مسألة، ثم قال: "لو قال قائل بكذا، أو ذهب ذاهب
إِليه (2) ": لم يكن (3) مذهبا له؛ للشك، قال أبو الخطاب (4):
خلافا لبعضهم؛ لأن الظاهر أنه سئل، فأجاب بمذهبه.
قال بعض (5) أصحابنا (6): يحتمله كلام أصحابنا في مسألة القصر.
مسألة
لا ينقض حكم في مسألة اجتهادية؛ للتساوي في الحكم بالظن -وإلا
نُقِضَ بمخالفة قاطع في مذهب الأئمة الأربعة- إِلا ما سبق (7)
في مسألة أن المصيب واحد، وذكره الآمدي (8) اتفاقًا؛ لأنه عمل
الصحابة، وللتسلسل، فتفوت مصلحة نصب الحاكم.
__________
(1) نهاية 460 من (ح).
(2) في التمهيد/ 217 ب: " ... أو ذهب ذاهب إِليه كان مذهبا" لم
يكن مذهبا له.
(3) نهاية 239 ب من (ب).
(4) انظر: التمهيد/ 217 ب.
(5) نهاية 162 أمن (ظ).
(6) انظر: المسودة/ 525.
(7) في ص 1489 وما بعدها.
(8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.
(4/1510)
ولنا خلاف فيمن حُبِس في ثمنِ كلب أو خمرِ
ذمي أراقه: هل يُطْلقه حاكم بعده، أمْ لا، أم يتوقف ويجتهد في
الصلح؟.
وللشافعي كالأخيرين.
ولنا خلاف في نكاح بلا ولي، وقاله بعض أصحابه.
وعن أبي ثور (1) وداود: يُنْقض ما بان خطؤه.
وجوز ابن القاسم (2) المالكي نقض ما بأن غيرهُ أصوب.
...................
وحكمه بخلاف اجتهاد باطل، ولو قَلَّد غيره، وذكره الآمدي (3)
اتفاقا.
وفي إِرشاد ابن أبي موسى: لا؛ للخلاف في المدلول، ويأثم.
وينبغي هذا فيمن قضى بخلاف رأيه ناسيًا له: لا إِثم، وينفذ
كقول أبي حنيفة (4).
وعند أبي يوسف (5): يرجع عنه وينقضه، كقول المالكية (6)
__________
(1) انظر: المغني 10/ 50.
(2) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 958 - 959، وتفسير القرطبي
11/ 312.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.
(4) انظر: تيسير التحرير 4/ 234، وفواتح الرحموت 2/ 293، 395.
(5) انظر: شرح أدب القاضي 1/ 76، وتيسير التحرير 4/ 130،
وفواتح الرحموت 2/ 392، 396.
(6) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 958 - 959، والمنتهى/ 161.
(4/1511)
والشافعية (1).
وبناه في شرح الخصاف (2) على جواز تقليد غيره (3).
نقل أبو طالب: إِذا أخطأ بلا تأويل فَلْيَرُده، ويطلب صاحبه،
فيقضي بحق.
.................
وإن حكم مقلِّد بخلاف [مذهب] (4) إِمامه: فإِن صح حكم المقلِّد
(5) انبنى نقضه على منع تقليد غيره (6)، ذكره (7) الآمدي (8)،
وهو واضح، ومعناه لبعض أصحابنا.
__________
(1) انظر: أدب القاضي للماوردي 1/ 261، 647 والإِحكام للآمدي
4/ 203، ومغني المحتاج 4/ 378.
(2) الخصاف: هو أبو بكر أحمد بن عمر -ويقال: ابن عمرو-
الشيباني، فقيه حنفي، توفي سنة 261 هـ. من مؤلفاته: أدب
الفاضي، والحيل، وأحكام الأوقاف.
انظر: الجواهر المضية 1/ 87، والفوائد البهية/ 29، وتاج
التراجم / 7.
ويعني المؤلف -هنا-: شرح كتابه "أدب القاضي". وقد شرحه جمع من
العلماء، والشرح المشهور المتداول هو شرح عمر بن عبد العزيز بن
مازه المعروف بالحسام الشهيد، المقتول سنة 536 هـ. انظر: كشف
الظنون 1/ 46 - 47. وهذا الشرح مطبوع.
(3) انظر: شرح أدب القاضي 1/ 75 - 76.
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ).
(5) ضرورة عدم وجود المجتهد في زماننا.
(6) يعني: غير إِمامه.
(7) نهاية 240 أمن (ب).
(8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.
(4/1512)
وذكر ابن هبيرة (1) أن عمله بقول الأكثر
أولى.
......................
ومن اجتهد لنفسه -كتزويجه بغير ولي- ثم تغير اجتهاده: ففي
الروضة (2): تحرم، إِلا أن يحكم به ثم يتغير، وقاله الآمدي
(3)، قال: لأن استدامة حلها بخلاف معتقده خلاف الإِجماع.
وقيل: تحرم مطلقًا.
.......................
والمقد (3/ 1) يتغير اجتهاد مقلَّده: لا يحرم، ذكره في التمهيد
(4) والروضة (5)؛ لأن عمله بفتواه كالحكم.
وعند الشافعية (6) وبعض أصحابنا: يحرم.
وهو متجه، كالتقليد في القبلة.
وفي الرعاية (7): احتمال وجهين، وفي التي قبلها: يحرم، ويحتمل:
لا.
__________
(1) انظر: الإِفصاح 2/ 344 - 345، والمسودة/ 539، 540.
(2) انظر: روضة الناظر/ 381.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.
(3/ 1) انظر: المسودة/ 543، وتيسير التحرير 4/ 236.
(4) انظر: التمهيد 2/ 269. نسخة جامعة الإمام.
(5) انظر: روضة الناظر/ 381.
(6) انظر: المستصفى 2/ 382، والإِحكام للآمدي 4/ 203.
(7) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 231 ب- 232 أ.
(4/1513)
أما إِن لم يعمل بفتواه لزم المفتي تعريفه.
فإِن (1) لم يعمل ومات المفتي فاحتمالان في التمهيد (2):
المنع؛ لتردد (3) بقائه عليها لو كان حيا -قال بعض أصحابنا
(4): فعلى هذا: لو كان حيا لم يجز (5)، وهو بعيد- والجواز
للظاهر (6).
* * *
ويجوز تقليد مجتهد ميت؛ لبقاء قوله في الإِجماع، وكحاكم وشاهد.
ولنا وللشافعية (7) وجه: لا، وذكره ابن عقيل (8) عن قوم من
الفقهاء والأصوليين، واختاره في التمهيد (9) في أن عثمان لم
يشرط عليه تقليد أبي بكر وعمر؛ لموتهما.
* * *
__________
(1) نهاية 461 من (ح).
(2) انظر: التمهيد 2/ 269. نسخة جامعة الإِمام.
(3) في (ح): كتردد.
(4) انظر: المسودة/ 543.
(5) أن يعمل بالفتيا ثانيا حتى يستفتيه مرة ثانية.
(6) يعني: لأن الظاهر أنه قوله حتى مات.
(7) انظر: المحصول 2/ 3/ 97 - 98، والمجموع 1/ 95، ونهاية
السول 3/ 210 - 211.
(8) انظر: المسودة/ 466.
(9) انظر: التمهيد 2/ 276. نسخة جامعة الإِمام.
(4/1514)
قال بعض أصحابنا (1): ومخالفة المفتي نصَّ
إِمامه الذي قلده كمخالفة المفتي (2) نص الشارع.
وإن عمل بفتياه في إِتلاف فبان خطؤه قطعًا ضمنه لا مستفتيه.
ويتوجه فيه كَمتَّهِب مع غاصب (3).
وإن لم يكن (4) أهلا للفتيا فوجهان.
وعند الإِسفراييني (5) وغيره: يضمن الأهل فقط.
مسألة
إِذا أداه [اجتهاده] (6) إِلى حكم لم يجز له تقليد غيره
إِجماعًا.
وكذا إِن لم يجتهد عند أحمد وأكثر أصحابه ومالك (7) وجديد قولي
الشافعي (8)، واختاره الآمدي (9)، وذكره عن أكثر الفقهاء.
__________
(1) انظر: المسودة/ 522.
(2) نهاية 162 ب من (ظ).
(3) انظر: المغني 5/ 204، والفروع 4/ 510.
(4) نهاية 240 ب من (ب).
(5) انظر: المجموع 1/ 81.
(6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(7) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 443.
(8) انظر: البرهان/ 1339.
(9) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 204.
(4/1515)
وقيل: فيما يفتي به؛ لا فيما يخصه.
وجوزه بعض أصحابنا وبعض المالكية: لعذر.
ولأبي حنيفة (1) روايتان، وللشافعية وجهان: المنع -قاله أبو
يوسف (2) - والجواز، حكي (3) عن أحمد والثوري وإسحاق، وذكره
بعض أصحابنا قولاً لنا.
ومحمد (4): لأعلم منه.
وعن ابن سريج (5) مثله ومثل ضيق الوقت.
وجوز الشافعي (6) في القديم والجبائي (7) وابنه والسرخسي (8)
وبعض شيوخه لغير صحابي تقليد صحابي أرجح ولا إِنكار منهم، فإِن
استووا تَخَيَّر،
__________
(1) انظر: تيسير التحرير 4/ 228، وفواتح الرحموت 2/ 393.
(2) انظر: تيسير التحرير 4/ 227.
(3) انظر: اللمع/ 74، والتبصرة/ 403، والمحصول 2/ 3/ 115،
والإِحكام للآمدي 4/ 204.
(4) انظر: تيسير التحرير 4/ 228، وفواتح الرحموت 2/ 393.
(5) انظر: اللمع/ 74، والتبصرة/ 412. والعدة/ 185أ، والإِحكام
للآمدي 4/ 204، والمسودة/ 468، 469.
(6) انظر: المحصول 2/ 3/ 115، والإحكام للآمدي 4/ 204.
(7) انظر: المعتمد/ 942.
(8) شمس الأئمة. انظر: أصول السرخسي 2/ 105، 108.
(4/1516)
وقاله بعض المتكلمين قبل الفرقة، واختلف
قول الشافعي في اعتبار انتشاره.
وقيل: وتابعي.
وذكر أبو المعالي (1) عن أحمد: يقلد (2) صحابيا، ويتخير فيهم،
ومن التابعين: عمر بن عبد العزيز (3) فقط.
وللمجتهد أن يجتهد ويدع غيره إِجماعًا.
لنا: إِثباته (4) يعتبر دليله، والأصل عدمه، ونفيه لانتفاء
دليله.
وأيضاً: اجتهاده أصل متمكّن منه، فلم يجز بَدَلُه كغيره (5).
فإِن قيل: لو توقف في مسألة نحوية على سؤاله النحاة، أو في
حديث على أهله: ما حكمه؟.
قيل: في التمهيد (6): "عامي فيه"، وفي الروضة (7) والآمدي:
__________
(1) انظر: المسودة/ 470.
(2) في (ح): تقليد.
(3) هو: أمير المؤمنين الأموي المدني ثم الدمشقي، الخليفة
العادل، روى عن أنس وسعيد بن المسيب وجماعة، وعنه الزهري
وجماعة، توفي سنة 101 هـ.
انظر: غاية النهاية 1/ 593، وتذكرة الحفاظ/ 118، وتهذيب
التهذيب 7/ 435، والنجوم الزاهرة 1/ 246، وطبقات الحفاظ/ 46.
(4) يعني: إِثبات جواز تقليده لغيره.
(5) كالتيمم مع الوضوء.
(6) انظر: التمهيد 2/ 772. نسخة جامعة الإِمام.
(7) انظر: روضة الناظر/ 377.
(4/1517)
هو الأشبه (1).
وأيضًا: (فاعتبروا) (2)، (فردوه إلى الله والرسول) (3).
واستدل: كبعد اجتهاده.
رد: بالمنع؛ لأنه حصل ظن أقوى.
واستدل (4): كالعقليات.
رد: المطلوب فيها العلم، ولا يحصل بتقليد.
قالوا: (فاسألوا أهل الذكر) (5).
رد: المراد: يسأل من ليس أهلا أهل الذكر، وكلهم أهل، فلم
يدخلوا، ولقوله (6): (إِن كنتم لا تعلمون (7)) (8)، وأمره هنا
للوجوب (9)
__________
(1) نهاية 241أمن (ب).
(2) سورة الحشر: آية 2.
(3) سورة النساء: آية 59.
(4) نهاية 462 من (ح).
(5) سورة النحل: آية 43.
(6) في (ح) و (ظ): وكقوله.
(7) سورة النحل: آية 43.
(8) فهو يقتضي أن يجب على المجتهد بعد اجتهاده استفتاء غيره؛
لأنه بعد اجتهاده ليس بعالم، بل هو ظان، وبالإِجماع لا يجوز
ذلك. انظر: المحصول 2/ 3/ 121.
(9) يعني: والسؤال غير واجب بالاتفاق.
(4/1518)
ولتخصيصه بما بعد الاجتهاد -وسبق (1):
(أصحابي كالنجوم) (2) - وكتعارض دليلين، ولم يسوغوا الأخذ بكل
من قوليهما، بل بالراجح.
قالوا: الظن كاف.
رد: ظنُّه متعين؛ لعلمه بشروطه، كعِلمٍ على ظن، ولأنه (3)
مبدَل؛ لتعينه بعد اجتهاده (4).
قالوا: عاجز مع العذر، كعامي.
رد: اجتهاده شرط يمكنه كسائر الشروط، فيؤخر العبادة.
وفي التمهيد (5): مثل الصلاة، يفعله بحسبه ثم يعيد، كعادمِ (6)
ماء وتراب ومحبوس بموضع نجس.
وقال بعض أصحابنا (7): لا يعيد، كظاهر مذهبنا في الأصل.
وكالعقليات لا يقلِّد فيها من خشي الموت، قاله في التمهيد (8)،
وكذا
__________
(1) في ص 1452، 1500.
(2) يعني: وأنه للمقلد.
(3) يعني: الظن الحاصل باجتهاده.
(4) يعني: والأصل أنه لا يجوز العدول إِلى البدل مع إِمكان
تحصيل المبدل.
(5) انظر: التمهيد / 222 ب.
(6) نهاية 163أمن (ظ).
(7) انظر: المسودة/ 471.
(8) انظر: التمهيد/ 222 ب.
(4/1519)
في الواضح: (1) مع ضيق الوقت.
وفي الفصول: لا يقلد في التوحيد مع ضيقه.
والعامي يلزمه التقليد مطلقًا.
مسألة
يجوز أن يقال يجتهد: "احكم بما (2) شئت فهو صواب" عند بعضهم،
ويؤخذ من كلام القاضي وابن عقيل.
وَصَرَّحا (3) بجوازه للنبي عليه السلام، وقاله الشافعي (4)
وأكثر أصحابه والجرجاني (4) وجمهور أهل الحديث.
ثم: في وقوعه (5) قولان.
وتأول بعضهم كلام الشافعي، وَرَدَّدَه الآمدي (6). (7)
__________
(1) في (ظ): في.
(2) في (ح): ثم.
(3) انظر: العدة/ 248 ب، والمسودة/ 510.
(4) انظر: اللمع/ 78، والمحصول 2/ 3/ 184، والإحكام للآمدي 4/
209، والعدة/ 248 ب، والمسودة/ 510.
(5) في (ب): وقوفه.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 209.
(7) يعني: جعل كلامه مترددا بين الجواز والمنع.
(4/1520)
ومنعه السرخسي (1) وجماعة من المعتزلة (1)،
واختاره أبو الخطاب (2)، وذكره عن أكثر الفقهاء، وأنه أشبه
بمذهبنا (3): الحق عليه (4) أمارة، فكيف يحكم بغير طلبها؟.
القائل بالأول: الله قادر عليه، فجاز كالوحي، ولا مانع، والأصل
عدمه.
واستدل: بتخييره (5) في الكفارة، والعامي في المجتهدين.
رد: لا يلزم؛ لأنه يختص هنا بمجتهد (6).
القائل "وقع": احتج القاضي (7) وابن عقيل وغيرهما بقوله: (إِلا
ما حرم إِسرائيل على نفسه) (8).
رد: محتمل، وللمفسرين (9) قولان: هل هو باجتهاد، أو بإِذن
الله؟.
__________
(1) انظر: المعتمد/ 890، والعدة/ 248 ب، والمسودة/ 510.
والسرخسي: هو أبو سفيان.
(2) انظر: التمهيد / 218أ.
(3) في (ح): بمذهب.
(4) في (ح): علي.
(5) في (ح) و (ظ): بتخيره.
(6) والتخيير في الكفارة يعم المجتهد والمقلد.
(7) انظر: العدة/ 248 ب.
(8) سورة آل عمران: آية 93.
(9) انظر: تفسير الطبري 7/ 7 - ط: دار المعارف - وزاد المسير
1/ 423، وتفسير القرطبي 4/ 35.
(4/1521)
وأيضاً: في الصحيحين عن بلد مكة: (لا يختلى
خلاه)، فقال العباس (1): "يا رسول الله، إِلا الإِذخر؛ فإِنه
لقينهم وبيوتهم"، فقال (إِلا الإِذخر (2). الخلا (3) -مقصور-:
الحشيش الرطب، واختلاؤه: قَطْعه، والقين (4): الحدَّاد.
رد: ليس الإِذخر من الخلا، فإِباحته بالاستصحاب (5)، واستثناؤه
تأكيد (6)، أو منه ولم يُرِدْه، واستثناؤه لفهم ذلك، أو أراده
وَنُسِخَ بوحي سريع، أو أراد استثناءه فسبقه السائل.
وأيضاً: في الصحيحين: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك
عند كل صلاة).
وفي مسلم: (فرض عليكم الحج، فحجوا)، فقال رجل: "أكل عام؟ "،
فقال: (لو قلت: "نعم" لوجبت، ولما استطعتم) (7).
__________
(1) هو: العباس بن عبد المطلب.
(2) تقدم هذا الحديث في ص 908.
(3) انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 75.
(4) انظر: المرجع السابق 4/ 135.
(5) نهاية 463 من (ح).
(6) في (ح): تأكيدا ومنه. وقد ضرب على الواو.
(7) أخرجه مسلم في صحيحه/ 975 من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه -أيضًا- النسائي في سننه 5/ 110، وأحمد في مسنده 2/
508.
وأخرجه النسائي في سننه 5/ 111 من حديث ابن عباس مرفوعاً،
وأخرجه=
(4/1522)
رد: يجوز أن الله خَيَّره في ذلك بعينه.
ويجوز أن (1) قوله - عليه السلام - بوحي.
القائل بالمنع: وضعت الشريعة لمصلحة العبد، وهو يجهلها، وقد
يختار المفسدة، ثم: يمتنع دوام اختياره الصلاح، كأفعال كثيرة
مُحْكَمَة بلا علم، ثم: يلزم (2) العامي.
رد: الأول: مبني على رعاية المصلحة، ثم: أَمِنَّا المفسدة.
والثاني: ممنوع، ثم: لا مانع في أفعال قليلة.
ويجوز لعامي عقلا، قاله الآمدي (3)، وفيه (4) وفي التمهيد (5):
منعه فيه إِجماع.
__________
=-كذلك- الدارمي في سننه 1/ 361، وابن عبد البر في جامع بيان
العلم وفضله 2/ 235، وأحمد في مسنده 1/ 255، والحاكم في
مستدركه 2/ 293 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه
الذهبي.
وأخرجه الترمذي في سننه 2/ 154 - 155، 4/ 321 - 322 من حديث
علي، بلفظ: قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟. قال الترمذي:
حسن غريب من حديث علي. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 963.
وأخرجه ابن ماجه -أيضًا- في سننه/ 963 من حديث أنس.
وانظر: نصب الراية 3/ 1 - 4. والتلخيص الحبير 2/ 220.
(1) نهاية 242 أمن (ب).
(2) في (ب): يكرم.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 214.
(4) انظر: المرجع السابق 4/ 213.
(5) انظر: التمهيد/ 218 ب- 219 أ.
(4/1523)
فقيل: لفضل المجتهد وإكرامه.
رد: استويا هنا في الصواب.
وقال القاضي (1): لا يمتنع (2) في مجتهد بلا اجتهاد، كتخيير
عامي في تقليد من شاء، والتخيير في الكفارة وغيرها.
وفي التمهيد (3): منعه بلا اجتهاد إِجماع.
وأيضًا: كما لا يجوز: أخْبِرْ، فإِنك لا تخبر إِلا بصواب.
رد: لا يمتنع، قاله القاضي (4) وابن عقيل.
قال في التمهيد (5): لو جاز خرج كون الأخبار عن الغيوب دالة
على ثبوت (6) الأنبياء، وكلّف تصديق النبي - صلى الله عليه
وسلم - وغيره (7) من غير علم بذلك.
كذا قال، والفرق بالمعجزة.
قالوا: لجعل وضع الشريعة إِلى النبي.
__________
(1) انظر: العدة/ 248 ب، 249 أ.
(2) نهاية 163 ب من (ظ).
(3) انظر: التمهيد/ 218 ب.
(4) انظر: العدة/ 249 أ.
(5) انظر: التمهيد/ 218 ب.
(6) كذا في (ب) و (ح). ولم تنقط في (ظ). ولعلها: نبوة.
(7) كذا في النسخ. وفي التمهيد: "دون غيره". أقول: ولعله
الصواب.
(4/1524)
رد: لا يمتنع، قاله ابن عقيل وغيره.
قال القاضي (1): إِن (2) أمكنه (3) بفكر ورأي إِن عَلِمه الله
مصلحة، كحِلِّه (4) (4/ 1) له أكل (5) ما شاء إِن عَلِمه لا
يختار حراما.
مسألة
لا يقر - عليه السلام - على خطأ في اجتهاده إِجماعًا.
ومنع بعض الشافعية من الخطأ.
وفي العدة (6) -أيضًا- معصوم في اجتهاده كالأمة، فليس طريقه
غالب الظن.
وفي التمهيد (7) -أيضًا-: حكمه معصوم بعصمته وإن صدر عن (8) ظن
كالإِجماع.
احتج الأول: بما سبق (9) في اجتهاده.
__________
(1) انظر: العدة/ 249 أ.
(2) يعني: لا يمتنع إِن أمكنه.
(3) يعني: إِن أمكنه الوصول إِليه.
(4) يعني: كما لا يمتنع حله ... إِلخ. (4/ 1) كذا في النسخ.
ولعلها: كإِحلاله.
(5) في (ب) و (ظ): أكمل.
(6) انظر: العدة / 248أ.
(7) انظر: التمهيد/ 152 ب.
(8) نهاية 242 ب من (ب).
(9) في ص 1472.
(4/1525)
وفي الصحيحين (1) عن أم سلمة مرفوعًا:
(إِنما أنا بشر، وإِنكم تختصمون إِليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته
من بعض، فأقضي نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا
يأخذه، فإِنما أقطع له قطعة من النار).
واعترض (2): بأنه خطأ في فصلِ خصومة، والكلام في الحكم.
رد: يستلزمه.
قالوا: يلزم منه أمره لنا بخطأ.
رد: بالعامي يتبع المفتي مع جواز خطئه.
زاد ابن عقيل: وبسهو كسلام عن نقص (3).
وأجيب عن قياسه على الإِجماع: بأنه لا نقص ولا أولوية مع
اتصافه برتبة أعلى -وهي الرسالة- ولزوم (4) أهل الإِجماع
باتباعه، فيتبع (5) دليلهما (6).
قال ابن عقيل: ثم يُسْتَدْرَك بوحي، بخلاف الأمة.
__________
(1) انظر: صحيح البخاري 9/ 72، وصحيح مسلم/ 1337 - 1338.
(2) نهاية 464 من (ح).
(3) انظر: ص 513 من هذا الكتاب.
(4) يعني: ومع لزوم ... إِلخ.
(5) يعني: فيكون الدليل هو المتبع.
(6) يعني: دليل عصمة الإِجماع، ودليل جواز الخطأ من الرسول.
وفي (ظ): دليلها.
(4/1526)
قالوا: مخل (1) بمقصود البعثة.
رد: بالمنع.
مسألة
النافي للحكم عليه دليل عند أصحابنا والشافعية، وذكره [في] (2)
التمهيد (3) عن عامة العلماء، وابن [عقيل (4)] (5) عن محققي
الفقهاء والأصوليين.
وعند قوم منهم -وقاله بعض الشافعية (6) -: لا.
وعند قوم منهم: عليه في حكم عقلي لا شرعي.
وعكسه عنهم في الروضة (7).
لنا: أنه أثبت يقينا أو ظنا بنفيه (8)، فلزمه كَمُثْبِت.
__________
(1) يعني: الشك في حكمه.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(3) انظر: التمهيد/ 193 ب.
(4) انظر: الواضح 1/ 202 أ.
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(6) انظر: اللمع/ 73، والتبصرة/ 530.
(7) انظر: روضة الناظر/ 158.
(8) في (ح): ينفيه.
(4/1527)
ولئلا يعبِّر (1) كل أحد عن مقصوده بنفي،
فيقول -بدل: محدَث-: ليس بقديم.
ولأنه كاتم للعلم.
واحتج في التمهيد (2): بأنه يلزم من نَفَى قِدَم الأجسام بلا
خلاف، فكذا غيره.
واحتج الآمدي (3): بأنه يلزم مدعي الوحدانية والقِدَم
إِجماعًا، وحاصلها (4) نفي شريك وحدوث (5).
قالوا: لو (6) لزمه لزم منكر مدعي النبوة وصلاة سادسة ومنكر
الدعوى، ولا يلزمه إِجماعًا.
رد: الدليل الاستصحاب مع عدم رافعه.
قال الآمدي (7): قد يكتفى بظهور دليل عن ذكره.
__________
(1) في (ب): يغير.
(2) انظر: التمهيد/ 194 أ.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 219 - 220.
(4) كذا في النسخ. ولعلها: وحاصلهما.
(5) نهاية 164 أمن (ظ).
(6) نهاية 243 أمن (ب).
(7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 220.
(4/1528)
قال في التمهيد (1): دليله قوله: "لو كنتَ
نبيًّا لأَيَّدَك الله بالمعجزة"، فلا فرق، وذكر في الأخريين
الاستصحاب.
وفي الواضح (2) والروضة (3): اليمين دليل.
وأجاب بعضهم: بأنه مانع بدفع الدعوى؛ لا (4) مُدَّعٍ.
ويستدل (5): بانتفاء لازم على انفاء ملزوم، وبقياس شرعي على
نفي بجعل جامع وجود مانع أو انتفاء شرط إِن جاز تخصيص العلة.
مسألة (6)
إِذا حدثت مسألة لا قول فيها فللمجتهد الاجتهاد فيها والفتوى
والحكم.
وهل هذا أفضل، أم التوقف، أم توقفه في الأصول (7)؟ فيه أوجه
لنا، ذكرها ابن حامد على ما ذكره بعضهم (8).
__________
(1) انظر: التمهيد/ 194 أ-ب.
(2) انظر: الواضح 1/ 202 ب.
(3) انظر: روضة الناظر/ 159.
(4) في (ظ): ولا.
(5) يعني: ويستدل النافي -بالإِضافة إِلى الاستصحاب- بانتفاء
... إِلخ.
(6) انظر: المسودة/ 450، 543.
(7) في (ظ): الأصل.
(8) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 176، والمسودة/ 450.
(4/1529)
وذكرها بعضهم في الجواز، ومعناه كلام (1)
أبي الحسين (2) في ترجمة ابن حامد، وذكر قول أحمد: من قال:
"الإِيمان غير مخلوق" ابتدع، ويهجر.
وذكرها صاحب (3) الرعاية، وأن أحمد أومأ إِلى المنع، كقوله (4)
للميموني: إِياك أن تتكلم في مسألة ليس لك (5) فيها إِمام.
وفي خطبة الإِرشاد وغيرها: لا بد من الجواب.
__________
(1) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 176.
(2) هو: محمَّد بن محمَّد بن الحسين، القاضي الشهيد، ابن
القاضي أبي يعلى، كان عارف بالمذهب الحنبلي مفتيا مناظرا بارعا
في الأصول والفروع، قتله خدمه سنة 526 هـ.
من مؤلفاته: طبقات الحنابلة، والمفردات في أصول الفقه.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 176، وشذرات الذهب 4/ 79،
والمدخل/ 210.
(3) انظر: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 30.
(4) انظر: المسودة/ 350، 543.
(5) نهاية 465 من (ح).
(4/1530)
|