أصول الفقه لابن مفلح الترجيح
فرع التعارض
ولا تعارض بالحقيقة في حجج الشرع، فلهذا أُخِّر ما أمكن.
والمعارضة: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة.
والترجيح: اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها.
وقال بعضهم: المراد: بوصف، فلا يرجح نص أو قياس بمثله.
...................
واختلف عن البصري (1) المعتزلي في جواز ترجيح دليل ظني على
آخر.
وذكر أبو محمَّد البغدادي عن قوم: منع الترجيح مطلقًا -وحكي عن
ابن الباقلاني (2) - كالشهادة.
وقال بعض أصحابنا (3): التزامه فيها متجه، ثم: هي آكد.
....................
قال ابن عقيل: إِذا أمكن استعمال خبرين متعارضين لم يسقطا
كآيتين،
__________
(1) هو: أبو عبد الله. انظر: البرهان/ 1142، والمسودة/ 309.
(2) انظر: البرهان/ 1143، والبلبل/ 186.
(3) انظر: البلبل/ 187.
(4/1581)
خلافا للظاهرية (1)؛ لقوله: (ولو كان من
عند غير الله) (2)، ولأنه لا أولوية.
والشهادتان كالخبرين عندنا.
.....................
وذكر بعض أصحابنا عن قوم: منع تعارض عامَّين بلا مرجح.
وخص أحمد (3) نهيه عن الصلاة بعد الصبح والعصر (4) بقوله: (من
نام عن صلاة) (5).
وذكر القاضي (6) وأصحابه (7) والشافعية (8): تعارضهما؛ لأن كلا
__________
(1) انظر: التبصرة/ 159، والإحكام لابن حزم/ 198، 204، وص 208
فقد رد على من ذهب من أصحابهم إِلى ترك الحديثين إِذا كان
أحدهما حاظرًا والآخر مبيحًا ...
(2) سورة النساء: آية 82.
(3) انظر: العدة/ 627.
(4) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 116 - 117، ومسلم في صحيحه/ 566
- 568 من حديث عمر وأبي هريرة وابن عمر مرفوعاً.
(5) انظر: ص 1446. وأخرج مسلم في صحيحه/ 477، والدارمي في سننه
1/ 224 عن أنس مرفوعًا: (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن
يصليها إِذا ذكرها). وأخرج الترمذي في سننه 1/ 114، والنسائي
في سننه 1/ 294، وابن ماجه في سننه/ 228 عن أبي قتادة مرفوعًا:
(فإِذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إِذا ذكرها). قال
الترمذي: حسن صحيح.
(6) انظر: العدة/ 627.
(7) نهاية 253 ب من (ب).
(8) انظر: اللمع/ 20، والمحصول 2/ 2/ 548، والإِحكام للآمدي 3/
182.
(4/1582)
منهما عام من وجه خاص من وجه.
وقدم الحنفية (1) النهي؛ لذكر الوقت فيه.
...................
ولا ترجيح في المذاهب الخالية عن دليل.
وحكى عبد الجبار (2) عن أصحابه جوازه.
وفي التمهيد (3) وغيره: لا يصح ترجيح بين علتين، إِلا أن تكون
كل منهما طريقًا للحكم منفردة؛ لأنه لا يصح ترجيح طريقٍ على ما
ليس بطريق.
قال بعض أصحابنا (4): يقع (5) إِن أمكن كونه طريقًا قبل ثبوته
(6).
...................
__________
(1) انظر: تيسير التحرير 3/ 160. وقال في العدة/ 627: ذكره
الجرجاني الحنفي عن أصحابه. وانظر: المسودة/ 139.
(2) انظر: البرهان/ 1156، والبلبل/ 187، والمسودة/ 309.
(3) انظر: التمهيد/ 187 ب.
(4) انظر: المسودة/ 383.
(5) يعني: الترجيح.
(6) قال: قبل ثبوت كونه طريقًا، أما مع العلم بفساده فلا.
(4/1583)
ويجب تقديم الراجح إِجماعًا.
........................
ولا تعارض في قطعيين -لاجتماع النقيضين- ولا بين قطعي وظني
-لانتفاء الظن- بل بين ظنيين منقولين أو معقولين أو منقول
ومعقول:
الأول: في السند، والمتن، ومدلول اللفظ، وأمر خارج.
الأول: كثرة الرواة (1) في مذهب الأئمة الأربعة (2)؛ لزيادة
الظن، ولهذا ينتهي إِلى التواتر.
ورجح - عليه السلام - قول ذي اليدين بقول أبي بكر وعمر (3).
وعمل به الصحابة (4) والعقلاء.
وسبق (5) في الإِجماع: (الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين
أبعد).
__________
(1) في (ح): الرواية.
(2) في أصول السرخسي 2/ 24، وتيسير التحرير 3/ 169، وفواتح
الرحموت 2/ 210: أن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا: لا ترجيح بكثرة
الرواة. وفي كشف الأسرار 3/ 102: لا يرجح بها عند عامة
أصحابنا.
(3) تقدم في ص 513.
(4) انظر: ص503، 504، 509.
(5) في ص 384.
(4/1584)
وخالف (1) الكرخي (2) -وذكره ابن عقيل (3)
عن بعض الشافعية- كالشهادة والفتوى.
رد: بمنع الشهادة عند مالك (4) وقول لنا (5).
ثم: هي تعبُّد وحجة متفق عليها ومقدرة شرعًا بعدد، ولم ترجح
الصحابة فيها بمثله، قال القاضي (6) وأبو الخطاب (7): ولم يرجح
فيها بالأتقن الأعلم. زاد ابن عقيل: ولا بكونه (8) مباشرًا أو
أقرب.
والفتوى لا يقع العلم بها (9)، فليس طريقها الخبر، إِنما تقف
على علم المفتي، وقد يكون الواحد أعلم.
__________
(1) نهاية 479 من (ح).
(2) كذا في أصول الجصاص/ 200 ب، والإحكام للآمدي 4/ 242،
والمنتهى لابن الحاجب/ 166. ونسب إِليه في المعتمد/ 676 القول
بالترجيح.
وفي كشف الأسرار 3/ 102: وبه -أي: بالترجيح- قال الكرخي في
رواية.
(3) انظر: الواضح 1/ 204 ب.
(4) كذا في المعتمد/ 676، والمحصول 2/ 2/ 540. وفي المدونة 5/
188: ولا ينظر مالك في ذلك إِلى كثرة العدد ... وإن كانت بينة
أحدهما اثنين، والآخر مائة، فكان هذان -في العدالة- وهؤلاء
المائة سواء: فقد تكافأت البينتان.
(5) في (ح): وقول النايم هي ... إِلخ.
(6) انظر: العدة/ 1023.
(7) انظر: التمهيد/ 129 ب.
(8) نهاية 170 ب من (ب).
(9) نهاية 254 أمن (ب).
(4/1585)
قال أبو الخطاب (1): ثم لو رجح بكثرة
المفتين جاز.
فإِن كان الأقل أوثق فظاهر ما سبق: يقدم الأكثر.
وقدم ابن برهان (2) الأوثق، قال بعض أصحابنا (2): وهو قياس
مذهبنا.
وذكر بعض أصحابنا في الشهادة: هل يقدم الأكثر أو الأشهر عدالة
أو سواء؟ يحتمل أوجها.
....................
ويرجح بزيادة الثقة.
وبالفطنة والورع والعلم والضبط والنحو.
وبأنه أشهر بأحد هذه الأمور (3).
وبكونه أحسن سياقًا.
وباعتماد الراوي على حفظه لا نسخة سمع منها، أو ذاكرا للرواية
(4).
وبعمله بروايته.
ولا يرسل (5) إِلا عن عدل.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 129 ب.
(2) انظر: المسودة/ 305.
(3) يعني: وإن لم يعلم رجحانه فيها، فإِن كونه أشهر يكون في
الغالب لرجحانه.
(4) يعني: سماعه من الشيخ لا على خط نفسه؛ فإِن الاشتباه في
النسخة والخط محتمل دون الحفظ والذكرِ. انظر: شرح العضد 2/
310.
(5) هذا مرجح بين المرسلَين.
(4/1586)
وبكونه مباشرًا، كرواية أبي رافع: "تزوج -
عليه السلام - ميمونة وهو حلال، وكنت السفير بينهما (1) " على
رواية ابن عباس: "تزوجها وهو محرم" (2).
وبكونه صاحب القصة -كرواية ميمونة: "تزوجني - صلى الله عليه
وسلم - ونحن حلالان (3) "- خلافا للجرجاني (4).
وبكونه مشافها، كروأية القاسم عن عائشة -وهي عمته-: "أن بريرة
عتقت وزوجها عبد (5) " على رواية
__________
(1) أخرجه الترمذي في سننه 2/ 167 - 168، وقال: هذا حديث حسن،
ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة.
وأخرجه أحمد في مسنده 6/ 392 - 393، وابن حبان في صحيحه (انظر:
موارد الظمآن/ 310). وأخرجه مالك في الموطأ/ 348 عن سليمان بن
يسار مرسلاً، وأخرجه -كذلك مرسلاً- الطحاوي في شرح معاني
الآثار 2/ 270.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 15، ومسلم في صحيحه/ 1031.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1032، وأبو داود في سننه 2/ 422 -
423، وابن ماجه في سننه/ 632، والترمذي في سننه 2/ 168، 169،
وأحمد في مسنده 6/ 332، 333، 335، والطحاوي في شرح معاني
الآثار 2/ 270.
وانظر -في الموقف من هذه الروايات-: نصب الراية 3/ 172.
(4) انظر: العدة/ 1025، والمسودة/ 306.
(5) أخرجه مسلم في صحيحه 1/ 143 - 1144، وأبو داود في سننه 2/
672، والنسائي في سننه 6/ 165 - 166، وابن ماجه في سننه/ 671،
والدارمي في سننه 2/ 91، والدارقطني في سننه 3/ 292.
(4/1587)
الأسود (1) عنها: "أنه كان حرا (2) "؛ لأنه
أجنبي.
وبكونه أقرب عند سماعه.
وبكونه من أكابر الصحابة؛ لقربه غالبا؛ لقوله - عليه السلام -
(ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم) رواه مسلم (3)، ولتثبته غالبا محافظة على منصبه. (4)
__________
(1) هو: أبو عمرو الأسود بن يزيد النخعي الكوفي، روى عن
الخلفاء الأربعة وعائشة وغيرهم، وعنه ابنه عبد الرحمن وأخوه
عبد الرحمن وأبو إِسحاق وغيرهم، توفي سنة 75هـ.
انظر: غاية النهاية 1/ 171، وتذكرة الحفاظ / 50، وتهذيب
التهذيب 1/ 342، وشذرات الذهب 1/ 82.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 154 من حديث الحكم عن إِبراهيم
عن الأسود عن عائشة، وقال في آخره: قال الحكم: "وكان زوجها
حرا"، وقول الحكم مرسل، وقال ابن عباس: رأيته عبدا. وأخرجه
-أيضًا- من طريق آخر، وفيه قال: قال الأسود: "وكان زوجها حرا"،
قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: "رأيته عبدا" أصح. وأخرجه
أبو داود في سننه 2/ 672، والترمذي في سننه 2/ 312، وابن ماجه
في سننه/ 670، والنسائي في سننه 6/ 163، والدارمي في سننه 2/
90 - 91، والدارقطني في سننه 3/ 290.
(3) هذا الحديث رواه ابن مسعود مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه /
323، وأبو داود في سننه 1/ 436، والنسائي في سننه 2/ 87 - 88،
وابن ماجه في سننه/ 312 - 313، والدارمي في سننه 1/ 233، وأحمد
في مسنده 1/ 457.
(4) نهاية 254 ب من (ب).
(4/1588)
وذكر الفخر إِسماعيل (1) من أصحابنا في
جدله روايتين، فإِن رُجّح به قُدمتْ رواية الخلفاء الأربعة،
كذا ذكره بعض أصحابنا (1).
وذكر الفخر إسماعيل في جدله الروايتين في الخلفاء الأربعة فقط؛
لقوله - عليه السلام -: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء [الراشدين
من بعدي] (2)؛ زاد بعضهم عنه: فإِن رجحت رجحت رواية الأكابر.
أو متقدم الإِسلام.
وعند القاضي (3) وغيره: هما سواء.
وقدم بعض الشافعية (4): المتأخر.
وبكونه أكثر صحبة، ذكره ابن عقيل (5) وأبو الخطاب (6)، وزاد:
أو قدمت هجرته.
قال [الآمدي (7)] (8) وغيره -وتبعه بعض أصحابنا وغيرهم-: أو
__________
(1) انظر: المسودة / 307.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(3) انظر: العدة/ 1033.
(4) انظر: اللمع/ 49، ونهاية السول 3/ 167.
(5) انظر: الواضح 1/ 204 ب.
(6) انظر: التمهيد/ 129 ب.
(7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 244.
(8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(4/1589)
مشهور النسب؛ لكثرة تحرزه عما ينقص رتبته.
وانفرد الآمدي (1) بقوله: أو غير ملتبس باسم بعض (2) "الضعفاء"
لغلبة الظن (3). كذا قال.
أو سمع وهو بالغ؛ لكثرة ضبطه واحتياطه.
قال ابن عقيل (4): وأهل الحرمين أولى، قال زيد بن ثابت: "إِذا
وجدتم أهل المدينة على شيء فهو السنة (5) " (6)، قال: فأشار
إِلى زمنه، فأما زمننا فنعوذ بالله من انتشار البدع بهما.
قال بعض أصحابنا (7): مراده مقامه زمنه - عليه السلام - بموضعه
(8).
ورجح بعضهم بالذكورية والحرية. وليس بشيء.
ويرجح بكثرة مزكي الراوي أو أعدليتهم أو أوثقيتهم.
__________
(1) انظر: المرجع السابق.
(2) نهاية 480 من (ح).
(3) يعني: من لم يلتبس اسمه أغلب على الظن.
(4) انظر: الواضح 1/ 204 ب- 205أ.
(5) أورد هذا الأثر ابن عقيل في الواضح، وصاحب المسودة/ 332.
(6) نهاية 171 أمن (ظ).
(7) انظر: المسودة/ 308.
(8) يعني: سواء انتقل بعد موت النبي إلى غير الحرمين، أم لا.
(4/1590)
قال الآمدي (1) -وتبعه بعض أصحابنا-:
وتزكيته بصريح القول على حكمه أو عمله بشهادته؛ لاحتماله
بغيره، والحكم على عمله. وسبق (2) في السنة.
ويرجح المتواتر (3) على الآحاد.
والمسند على المرسل عند أحمد وأصحابه والجمهور، زاد بعض
أصحابنا (4): إِلا مرسل صحابي.
وعند الجرجاني (5): المرسل، وقاله في الانتصار (6) في النقض
بنجاسة (7).
ومرسل التابعي على غيره؛ لأن الظاهر أنه عن صحابي.
وبالأعلى إِسنادًا؛ لقلة احتمال الغلط.
ولم يرجح القاضي (8) بقلة احتماله، وقال (9): ما يوجب صحة
الشيء
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 245.
(2) في ص 554 - 556.
(3) نهاية 255أمن (ب).
(4) انظر: البلبل/ 187.
(5) انظر: العدة/ 1032.
(6) انظر: الانتصار 1/ 95أ.
(7) يعني: نقض الوضوء بخروج نجاسة من غير السبيلين.
(8) انظر: المسودة/ 309.
(9) في (ب): وقاله.
(4/1591)
يقوى بكثرة وجوه الإِثبات ككثرة الرواية
وكثرة الأشباه، وما يوجب فساده لا يعتبر فيه بقلة وكثرة كتغفيل
الراوي: يمنع قبول خبره، ولا يختلف بوجود (1) الفسق معه وعدمه.
قال بعض أصحابنا (2): هذا ضعيف، ولو صح لكان الفرق بين ما يوجب
الفساد وما يحتمله ظاهرًا.
ويرجح المعنعن علي إِسناده إِلى بعض كتب المحدثين وعلى شهرته
بلا نكير.
والكتاب على شهرته.
وبمثل البخاري أو مسلم على غيره.
والمتفق على رفعه أو وصله (3) على مختلف فيه.
والرواية بقراءة الشيخ.
والرواية المتفقة على المختلفة المضطربة.
وفي الواضح (4): الأول، وأن من الناس من قال: "سواء فيما
اتفقا، ويسقط ما اختلفا فيه"، وأن منهم من أسقطهما، وعمل بما
لم يختلف.
__________
(1) في (ح): بوجوده.
(2) انظر: المسودة/ 309.
(3) في (ظ): أو وصوله.
(4) انظر: الواضح 1/ 204 ب، 205أ، والمسودة/ 306.
(4/1592)
ثم ذكر -في مكان آخر (1) - احتمالا:
كالأول، واحتمالا: سواء.
وذكر الفخر إِسماعيل (2): ترجيح ما ورد بألفاظ مختلفة متفقة
المعنى (3)؛ لاشتهاره. قال: وقد يعارض ذلك؛ لإِتقانه (4).
ويرجح المسموع منه - عليه السلام - على رواية عن كتابه (5)؛
لبعد غلط وتصحيف، ولم يعمل بكتاب القاضي إِلى القاضي في
العقوبة كاللفظ. ذكره الجرجاني (6) والآمدي (7)، واختاره ابن
عقيل (8).
وقال أحمد: "قوله وكتابه سواء"، فيحتمل: في الحجة، ويحتمل: لا
ترجيح.
وذكر القاضي (9): أنهما سواء، وتعلق بخبر ابن عكيم (10)
__________
(1) انظر: المسودة/ 306.
(2) انظر: المسودة/ 306 - 307.
(3) يعني: على المتحد لفطًا.
(4) قال: وقد يعارض ذلك بأن الاتحاد دليل على الإتقان.
(5) نهاية 255 ب من (ب)، ونهاية 481 من (ح).
(6) انظر: العدة/ 1029، والمسودة/ 309.
(7) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 248.
(8) انظر: المسودة/ 309.
(9) انظر: العدة/ 1028 - 1029.
(10) هو: أبو معبد عبد الله بن عكيم الجهني، اختلف في سماعه من
النبي، وتوفي في ولاية الحجاج. انظر: الاستيعاب/ 949، وتهذيب
التهذيب 5/ 323.
(4/1593)
في الدباغ (1) (2) وكذا ابن عقيل (3)، وأنه
ظاهر كلام أحمد.
__________
(1) عن عبد الله بن عكيم: أن رسول الله كتب إِلى جهينة -قبل
موته بشهر-: (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب). أخرجه
أبو داود في سننه 4/ 371، والترمذي في سننه 3/ 136 - دون ذكر
الشهر- وقال: هذا حديث حسن، ويروى عن عبد الله بن عكيم عن
أشياخ له هذا الحديث، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم
... وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال: أتانا
كتاب رسول الله قبل وفاته بشهرين. سمعت أحمد بن الحسن يقول:
كان أحمد بن حنبل يذهب إِلى هذا الحديث؛ لما ذكر فيه "قبل
وفاته بشهرين"، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي. ثم ترك أحمد
هذا الحديث لما اضطربوا في إِسناده، حيث روى بعضهم وقال: عن
عبد الله بن عكيم عن أشياخ من جهينة.
وقد أخرجه النسائي في سننه 7/ 175، وابن ماجه في سننه/ 1194،
والبيهقي في سننه 1/ 14 - 15، 25، وقال: وقد قيل في هذا الحديث
من وجه آخر: قبل وفاته بأربعين يومًا. وقيل: عن عبد الله بن
عكيم قال: حدثنا مشيخة لنا من جهينة أن النبي كتب إِليهم.
وأخرجه أحمد في مسنده 4/ 310 - 311، وفي أحد ألفاظه: قبل وفاته
بشهر أو شهرين.
قال النووي: حديث ابن عكيم أعل بأمور ثلاثة: أحدها: الاضطراب
في سنده، والثاني: الاضطراب في متنه، فروي: قبل موته بثلاثة
أيام، وروي: بشهرين، وروي: بأربعين يومًا، والثالث: الاختلاف
في صحبته، قال البيهقي وغيره: "لا صحبة له"، فهو مرسل. انظر:
نصب الراية 1/ 120 - 122، والتلخيص الحبير 1/ 46 - 48.
(2) فقد عارض به أحمد أخبار الدباغ.
(3) انظر: المسودة/ 309.
(4/1594)
قال بعض أصحابنا (1): عمل به أحمد لتأخره، فلا معارضة.
والمسموع على ما (2) سكت عنه مع حضوره.
وهو على غيبته (3).
وما خطر السكوت عنه أعظم.
ولفظه - عليه السلام - على ما فهم من فعله.
وما لا تعم به البلوى في الآحاد، وما لم ينكره المروي عنه، وما
أنكره إِنكار نسيان على غيره.
..................... |