التمهيد في تخريج الفروع على الأصول الْفَصْل الثَّامِن فِي تَفْسِير حُرُوف
تشتد حَاجَة الْفُقَهَاء إِلَى مَعْرفَتهَا
مَسْأَلَة 1
الْوَاو العاطفة تشرك فِي الحكم بَين الْمَعْطُوف والمعطوف
عَلَيْهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه المشكلة عَلَيْهِ
1 - مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق الْيَوْم وَإِن جَاءَ رَأس
الشَّهْر فَإِنَّهَا تطلق طَلْقَة وَاحِدَة فِي الْحَال
وَكَذَا أَنْت طَالِق الْيَوْم وَإِن دخلت الدَّار كَذَا
قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق فِي آخر
الطّرف الأول مِنْهُ وَالْقِيَاس وُقُوع طَلْقَتَيْنِ فِي
التَّعْلِيق الأول وَهُوَ وَإِن جَاءَ رَأس الشَّهْر لِأَنَّهُ
تَعْلِيق آخر بِخِلَاف التَّعْلِيق الثَّانِي وَهُوَ قَوْله
وَإِن دخلت الدَّار فَإِن الْمَعْنى الْمَفْهُوم مِنْهُ
إِنَّمَا هُوَ الْوُقُوع سَوَاء دخلت الدَّار أم لم تدخل وَلَا
يتخيل ذَلِك فِي التَّعْلِيق الأول فَيكون تَعْلِيقا آخر كَمَا
ذَكرْنَاهُ
مَسْأَلَة 2
اخْتلفُوا فِي الْوَاو العاطفة هَل تفِيد التَّرْتِيب على
ثَلَاثَة مَذَاهِب
أَحدهَا أَنَّهَا تدل على التَّرْتِيب وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة
من الْكُوفِيّين
(1/208)
وَبَعض الْبَصرِيين وَنَقله صَاحب
التَّتِمَّة فِي كتاب الطَّلَاق عَن بعض أَصْحَابنَا وَبَالغ
الْمَاوَرْدِيّ فِي الْوضُوء من الْحَاوِي فنقله عَن
الْأَخْفَش وَجُمْهُور أَصْحَابنَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخ
أَبُو إِسْحَاق فِي التَّبْصِرَة
الثَّانِي أَنَّهَا تدل على الْمَعِيَّة وَنَقله إِمَام
الْحَرَمَيْنِ عَن الْحَنَفِيَّة
وَالثَّالِث وَهُوَ الْمَعْرُوف أَنَّهَا لَا تدل على تَرْتِيب
وَلَا معية
قَالَ فِي التسهيل لَكِن احْتِمَال تَأْخِير الْمَعْطُوف كثير
وتقدمه قَلِيل والمعية احْتِمَال رَاجِح وَمَا ذكره مُخَالف
لكَلَام سِيبَوَيْهٍ وَغَيره
(1/209)
فَإِن سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَذَلِكَ قَوْلك
مَرَرْت بِرَجُل وحمار كَأَنَّك قلت مَرَرْت بهما وَلَيْسَ فِي
هَذَا دَلِيل على أَنه بَدَأَ بِشَيْء قبل شَيْء وَلَا شَيْء
مَعَ شَيْء هَذَا كَلَامه
وَاعْلَم أَن هَذَا القَوْل الثَّالِث يعبر عَنهُ بِأَنَّهَا
لمُطلق الْجمع وَلَا يَصح التَّعْبِير بِالْجمعِ الْمُطلق
لِأَن الْمُطلق هُوَ الَّذِي لم يُقيد بِشَيْء فَتدخل فِيهِ
صُورَة وَاحِدَة وَهِي قَوْلنَا مثلا قَامَ زيد وَعَمْرو وَلَا
يدْخل فِيهِ الْمُقَيد بالمعية وَلَا بالتقديم وَلَا
بِالتَّأْخِيرِ لخروجها بالتقييد عَن الْإِطْلَاق وَأما مُطلق
الْجمع فَمَعْنَاه أَي جمع كَانَ وَحِينَئِذٍ فَتدخل فِيهِ
الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة وَهَذَا فرق لطيف غَرِيب لم أر من
نبه عَلَيْهِ
إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع
الأول إِذا قَالَ لزوجته إِن دخلت الدَّار وَكلمت زيدا فَأَنت
طَالِق فَلَا بُد مِنْهُمَا وَلَا فرق بَين أَن يتَقَدَّم
الْكَلَام على الدُّخُول أَو يتَأَخَّر عَنهُ وَأَشَارَ فِي
التَّتِمَّة إِلَى وَجه فِي اشْتِرَاط تَقْدِيم الْمَذْكُور
أَولا تَفْرِيعا على أَن الْوَاو تَقْتَضِي التَّرْتِيب كَذَا
ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْكَلَام
على اعْتِرَاض الشَّرْط على الشَّرْط
الثَّانِي إِذا قَالَ فِي مرض مَوته أعتقت زيدا وعمرا وضاق
الثُّلُث عَنْهُمَا فَإِن قُلْنَا بالترتيب تعين الأول وَإِن
قُلْنَا بِعَدَمِهِ فَيتَّجه تَخْرِيجه على الْقَوْلَيْنِ
فِيمَا إِذا قَالَ لامْرَأَته قيل الدُّخُول أَنْت طَالِق
وَطَالِق الْجَدِيد وُقُوع وَاحِدَة وَالْقَدِيم ثِنْتَانِ
وعَلى هَذِه فيقرع بَينهمَا
(1/210)
الثَّالِث وَهُوَ مُخَالف لمقْتَضى مَا سبق
إِذا حملوه على التَّرْتِيب إِذا قَالَ لوَكِيله خُذ مَالِي من
زَوْجَتي وَطَلقهَا قَالَ الْبَغَوِيّ فَلَا بُد من أَخذ
المَال قبل الطَّلَاق فِي أصح الْوَجْهَيْنِ كَذَا نَقله عَنهُ
الرَّافِعِيّ قبيل كتاب الْخلْع والمعني فِي إِيجَاب هَذَا
التَّرْتِيب أَنه الِاحْتِيَاط لاحْتِمَال الْإِنْكَار بعد
الطَّلَاق وَالِاحْتِيَاط وَاجِب على الْوَكِيل إِذا لم يكن
فِي لفظ الْمُوكل مَا يَنْفِيه إِلَّا أَن أَبَا الْفرج
السَّرخسِيّ لما حكى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ اسْتدلَّ على عدم
الِاشْتِرَاط بِمَا إِذا قدم الطَّلَاق فَقَالَ طَلقهَا وَخذ
مَالِي مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط تَقْدِيم الْأَخْذ ثمَّ
قَالَ وَالثَّانِي يشْتَرط لِأَنَّهُ ذكر أَخذ المَال قبل
الطَّلَاق هَذِه عِبَارَته فَدلَّ على أَن الْمُقْتَضِي
مُجَرّد التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَلَو رَاعى الْمَعْنى
الَّذِي ذَكرْنَاهُ لم يفْتَرق الْحَال بَين الْأَمريْنِ
الرَّابِع لَو قَالَ خُذ هَذَا وَدِيعَة يَوْمًا وعارية
يَوْمًا فَهُوَ وَدِيعَة فِي الْيَوْم الأول وعارية فِي
الْيَوْم الثَّانِي ثمَّ لَا يعود وَدِيعَة أبدا بِخِلَاف مَا
لَو قَالَ وَدِيعَة يَوْمًا وَغير وَدِيعَة يَوْمًا فَإِنَّهُ
يكون وَدِيعَة أبدا كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن
الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ أَعنِي الرَّوْيَانِيّ إِن الْأَصْحَاب
اتَّفقُوا عَلَيْهِ
الْخَامِس وَهُوَ مُخَالف إِذْ حملوه على الْمَعِيَّة إِذا
قَالَ لزوجته
(1/211)
قبل الدُّخُول بهَا إِن دخلت الدَّار
فَأَنت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق أَي بتكراره ثَلَاثًا أَو قدم
الْجَزَاء فَقَالَ أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق إِن دخلت
الدَّار فَدخلت وَقعت الثَّلَاث فِي أصح الْأَوْجه لِأَن
الْجَمِيع يَقع فِي حَال الدُّخُول وَالثَّانِي لَا يَقع
فيهمَا إِلَّا وَاحِدَة كَمَا لَو نجز الثَّلَاث هَكَذَا
وَالثَّالِث إِن قدم الشَّرْط فَوَاحِدَة وَإِن قدم الْجَزَاء
وَقعت الثَّلَاث وَلَو أَتَى بثم أَو بِالْفَاءِ فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ لم تقع إِلَّا وَاحِدَة
السَّادِس مِمَّا حملوه فِيهِ على الْعَكْس إِذا قَالَ
لعَبْدِهِ إِذا مت وَمضى شهر فَأَنت حر عتق بعد مَوته بِشَهْر
وَلَا يَكْفِي تقدم الشَّهْر على الْمَوْت كَذَا جزم بِهِ
الرَّافِعِيّ فِي أَوَائِل كتاب التَّدْبِير وَذكر بعده
بِقَلِيل عَن الْبَغَوِيّ مثله أَيْضا فَقَالَ إِذا قَالَ إِن
مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر فَيشْتَرط الدُّخُول بعد الْمَوْت
إِلَّا أَن يُرِيد الدُّخُول قبله
مَسْأَلَة 3
ذكر الإِمَام فِي الْمَحْصُول وَغَيره من كتبه أَن وَاو
الْعَطف بِمَثَابَة ألف التَّثْنِيَة مَعَ الِاثْنَيْنِ
وبمثابة وَاو الْجمع مَعَ الثَّلَاثَة فَصَاعِدا حَتَّى يكون
قَول الْقَائِل قَامَ الزيدان كَقَوْلِه قَامَ زيد وَزيد
إِذا علمت ذَلِك فللقاعدة أَمْثِلَة صَحِيحَة
1 - كَقَوْلِك بِعْتُك هَذَا وَهَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا
فرق بَينه وَبَين قَوْلك بِعْت هذَيْن بِكَذَا وَنَحْو ذَلِك
من الْعُقُود والفسوخ لَكِن ذكر الْأَصْحَاب فروعا كَثِيرَة
مُخَالفَة لَهَا مِنْهَا
(1/212)
1 - إِذا كَانَ للْمَرِيض عَبْدَانِ كل
مِنْهُمَا ثلث مَاله فَقَالَ أعتقت هَذَا وَهَذَا عتق الأول
وَإِن قَالَ أعتقت هذَيْن أَقرع بَينهمَا كَذَا ذكره
الْأَصْحَاب وَفرع الرَّافِعِيّ على هَذِه الْمَسْأَلَة فِي
الْكَلَام على سرَايَة الْعتْق فروعا حَسَنَة
2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق
وَطَالِق فَإِنَّهُ يَقع عَلَيْهِ ثَلَاث طلقات إِذا أطلق
بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت طالقان بالتثنية أَو طَوَالِق
بِالْجمعِ فَإِنَّهُ لَا يَقع عَلَيْهِ إِلَّا وَاحِدَة كَذَا
ذكره الْقفال فِي فَتَاوِيهِ وَنَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي
الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق وَلم يُخَالِفهُ
3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم وَدِرْهَم
وَدِرْهَم إِلَّا درهما وَفِيه وَجْهَان أَحدهمَا أَنا نجمع
هَذَا المفرق وَيصِح الِاسْتِثْنَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ
عَليّ ثَلَاثَة دَرَاهِم إِلَّا درهما وأصحهما أَنا لَا نجمع
وَحِينَئِذٍ فَيبْطل الِاسْتِثْنَاء لكَونه مُسْتَغْرقا
وَيَأْتِي هَذَا الْخلاف ايضا فِيمَا إِذا كَانَ الْمُسْتَثْنى
مِنْهُ مجموعا وَالِاسْتِثْنَاء مفرقا كَقَوْلِه عَليّ
ثَلَاثَة إِلَّا درهما ودرهما ودرهما فَإِن جَمعنَا ابطلنا
لصيرورته مُسْتَغْرقا وَإِن لم نجمع صححنا الِاسْتِثْنَاء فِي
دِرْهَمَيْنِ وأبطلنا فِي الثَّالِث لحُصُول الِاسْتِغْرَاق
بِهِ
4 - وَمِنْهَا لَو أكره على طَلَاق حَفْصَة مثلا فَقَالَ لَهَا
ولعمرة طلقتكما فَإِنَّهُمَا يطلقان لِأَنَّهُ عدل عَن
الْمُكْره عَلَيْهِ فأشعر بِالِاخْتِيَارِ
وَإِن قَالَ طَلْقَة حَفْصَة وَعمرَة أَو أعَاد طلقت فَقَالَ
طلقت
(1/213)
حَفْصَة وَطلقت عمْرَة أَو حَفْصَة طَالِق
وَعمرَة طَالِق لم تطلق الْمُكْره عَلَيْهَا وَهِي حَفْصَة
وَتطلق الْأُخْرَى كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي
وَالْبَغوِيّ وَغَيرهمَا قَالَ وَأطلق الإِمَام عَن
الْأَصْحَاب وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهِمَا وَلم يفصل بَين
العبارتين وَهُوَ مُحْتَمل هَذَا كَلَام الرَّافِعِيّ لكنه نقل
فِي الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق مَا يشكل على هَذَا
فَقَالَ وَلَو قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق
وَأَنت يَا أم أَوْلَادِي قَالَ أَبُو عَاصِم للعبادي لَا تطلق
وَهُوَ كَمَا قَالَ غَيره لَو قَالَ لزوجته نسَاء الْعَالمين
طَوَالِق وَأَنت يَا فَاطِمَة لَا تطلق لِأَنَّهُ عطف على
نسْوَة لم يطلقن هَذَا كَلَامه وَقِيَاس غَيره كَذَلِك حَتَّى
يَسْتَثْنِي الْعَطف على الْبَاطِل من تَفْرِيق الصَّفْقَة
مَسْأَلَة 4
الْفَاء تَقْتَضِي تشريك مَا بعْدهَا لما قبلهَا فِي حكمه
وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا تدل على التَّرْتِيب بِلَا مهلة
ويعبر عَنهُ بالتعقيب كَأَن الثَّانِي أَخذ بعقب الأول وَقَالَ
الْفراء يجوز أَن يكون مَا بعدهمَا سَابِقًا
(1/214)
وَقَالَ الْجرْمِي إِن دخلت على
الْأَمَاكِن والمطر فَلَا تقبل التَّرْتِيب
إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع
الأول إِذا قَالَ مثلا إِن دخلت الدَّار فكلمت زيدا فَأَنت
طَالِق فَيشْتَرط فِي الْوُقُوع تَقْدِيم الدُّخُول على
الْكَلَام كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الطّرف السَّابِع
من تَعْلِيق الطَّلَاق
الثَّانِي إِذا قَالَ السَّيِّد إِذا مت فشئت أَي بِالْفَاءِ
وَضم التَّاء من شِئْت فَأَنت حر فَإِنَّهُ لَغْو
لِاسْتِحَالَة مَشِيئَته بعد الْمَوْت وَحِينَئِذٍ فَيفوت
التَّرْتِيب كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء التَّدْبِير
وَلقَائِل أَن يَقُول إِذا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَة فَلم لَا
نحمله على الْمجَاز وَهُوَ اسْتِعْمَال الْفَاء مَوضِع الْوَاو
وَحِينَئِذٍ تعْتَبر الْمَشِيئَة قبل الْمَوْت وَآخر كَلَام
الرَّافِعِيّ يشْعر بِهِ
(1/215)
الثَّالِث إِذا عبر السَّيِّد بقوله إِذا
مت فشئت كَمَا ذَكرْنَاهُ إِلَّا أَنه فتح التَّاء من شِئْت
أَو قَالَ إِن وَقع كَذَا فَكَذَا فَأَنت حر فَفِي اشْتِرَاط
الِاتِّصَال وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي موضِعين من
كتاب التَّدْبِير وَقَالَ الْأَصَح هُوَ الِاشْتِرَاط
وَمُقْتَضى ذَلِك جريانهما فِي الطَّلَاق وَالْوكَالَة
كَقَوْلِه بِعْ هَذَا فَهَذَا وَغير ذَلِك من الْأَبْوَاب
الرَّابِع إِذا قَالَ بِعْتُك بدرهم فدرهم انْعَقَد البيع
بِدِرْهَمَيْنِ فِي قِيَاس الْمَذْكُور فِي الطَّلَاق لِأَن
كلآ مِنْهُمَا إنْشَاء كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب
الْإِقْرَار عَن أبي عَبَّاس الرَّوْيَانِيّ
مَسْأَلَة 5
ثمَّ من حُرُوف الْعَطف وَيجوز إِبْدَال تائها فَاء وَأَن
يلْحق آخرهَا تَاء التَّأْنِيث متحركة تَارَة وساكنة تَارَة
أُخْرَى وَهِي تفِيد التَّرْتِيب وَلَكِن بمهلة
وَقيل تسْتَعْمل أَيْضا للتَّرْتِيب بِلَا مهلة كالفاء
وَقَالَ الْفراء والأخفش وقطرب إِنَّهَا لَا تدل على
التَّرْتِيب يالكلية وفروع الْمَسْأَلَة كَثِيرَة فَمِنْهَا
(1/216)
1 - مَا إِذا قَالَ لوَكِيله بِعْ هَذَا
ثمَّ هَذَا وَنَحْو ذَلِك
2 - وَمِنْهَا فِي الْوَقْف إِذا قَالَ وقفت على زيد ثمَّ
عَمْرو أَو قَالَ أوصيت إِلَى زيد ثمَّ عَمْرو فَلَا بُد من
التَّرْتِيب وَقِيَاس كَونهَا للانفصال أَن لَا يَصح تصرف
الْوَكِيل وَالْوَصِيّ مُتَّصِلا بِولَايَة الأول وَأَن يكون
الْوَقْف مُنْقَطِعًا فِي لَحْظَة
وَذهب أَبُو عَاصِم الْعَبَّادِيّ إِلَى أَنَّهَا لَا
تَقْتَضِي التَّرْتِيب نَقله عَنهُ القَاضِي الْحُسَيْن فِي
فَتَاوِيهِ
3 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُخَالف لهَذِهِ الْقَاعِدَة لَو قَالَ
لوَكِيله طلق زَوْجَتي ثمَّ خُذ مَالِي مِنْهَا جَازَ تَقْدِيم
قبض المَال لِأَنَّهُ زِيَادَة خير كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ
قبيل كتاب الْخلْع وَفِيه نظر لِأَنَّهُ مَمْنُوع من الْقَبْض
قبل ذَلِك وَزِيَادَة الْخَيْر إِنَّمَا تسوغ للْوَكِيل إِذا
لم يُصَرح بِخِلَافِهِ كَمَا لَو قَالَ بِعْهُ بمئة وَلَا تبعه
بِزِيَادَة عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيع بذلك وَإِن كَانَ
فِيهِ زِيَادَة خير
4 - وَمِنْهَا لَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن صمت يَوْمًا ثمَّ
يَوْمًا آخر فَأَنت حر فَالْقِيَاس أَنه لَا يَكْفِي الْيَوْم
الَّذِي بعد الأول لِأَنَّهُ مُتَّصِل بِهِ إِذْ اللَّيْل لَا
يقبل الصَّوْم فَلَا بُد من الْفَصْل بِيَوْم لما ذَكرْنَاهُ
ولتتميز ثمَّ عَن الْوَاو
(1/217)
مَسْأَلَة 6
إِلَّا للحصر على الْمَعْرُوف وَكَذَلِكَ إِنَّمَا عِنْد
الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه
وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ أَنَّهَا لَا تفِيد الْحصْر بل تفِيد
تَأْكِيد الْإِثْبَات وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور
النَّحْوِيين فقد نَقله شَيخنَا أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل
عَن الْبَصرِيين وَلم يصحح ابْن الْحَاجِب شَيْئا
فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا للحصر فَهَل هُوَ بالمنطوق أَو
بِالْمَفْهُومِ فِيهِ مذهبان حَكَاهُمَا ابْن الْحَاجِب
وحكاهما الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر
وَجْهَيْن لِأَصْحَابِنَا وَمُقْتَضى كَلَام الإِمَام
وَأَتْبَاعه أَنه بالمنطوق لأَنهم استدلوا عَلَيْهِ بِأَن إِن
للإثبات وَمَا للنَّفْي فجمعنا بَينهمَا على الْوَجْه الْمُمكن
فتفطن لما ذَكرْنَاهُ وَقد صرح بذلك أَبُو عَليّ الْفَارِسِي
فِي الشيرازيات فَقَالَ إِن مَا فِي إِنَّمَا للنَّفْي
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
(1/218)
1 - الِاكْتِفَاء بهَا فِي التَّحَالُف
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُد فِيهِ من الْجمع بَين النَّفْي
وَالْإِثْبَات فِي يَمِين وَاحِدَة فَيَقُول مثلا وَالله مَا
بِعته بِكَذَا وَلَقَد بِعته بِكَذَا لِأَنَّهُ مُدع ومدعى
عَلَيْهِ فَلَو قَالَ وَالله إِنَّمَا بِعته بِكَذَا فَقِيَاس
قَول من قَالَ إِنَّهَا للحصر أَن يَكْتَفِي بذلك لَا سِيمَا
إِذا قُلْنَا إِنَّه من بَاب الْمَنْطُوق لَكِن إِنَّمَا
يتَّجه ذَلِك إِذا قُلْنَا إِن تَقْدِيم النَّفْي على
الْإِثْبَات لَيْسَ بِوَاجِب فَتَأَمّله وَقد صحّح
الْمُتَأَخّرُونَ وُجُوبه
وَاعْلَم أَن الِاكْتِفَاء بهَا مَحَله إِذا لقن الْحَاكِم
ذَلِك للْحَالِف فَإِن لقنه التَّفْصِيل فَعدل إِلَى مَا
ذَكرْنَاهُ فَالْمُتَّجه عدم الِاكْتِفَاء
مَسْأَلَة 7
لفظ من يَقع للتَّبْعِيض كَقَوْلِك أخذت من الدَّرَاهِم وَيعرف
بصلاحية إِقَامَة صِيغَة بعض مقَامهَا فَنَقُول فِي مثالنا بعض
الدَّرَاهِم
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 - مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الطَّلَاق أَنه إِذا قَالَ
لزوجته اخْتَارِي من ثَلَاث تَطْلِيقَات مَا شِئْت أَو
طَلِّقِي نَفسك من ثَلَاث مَا شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا
وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ وَلَا تملك الثَّلَاث
(1/219)
2 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي
الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْوكَالَة فَقَالَ لَو قَالَ بِعْ
مَا شِئْت من أَمْوَالِي أَو اقبض مَا شِئْت من ديوني جَازَ
ذكره فِي الْمُهَذّب والتهذيب وَذكر فِي الْحِلْية مَا
يُخَالِفهُ فَإِن قَالَ لَو قَالَ بِعْ من رَأَيْت من عَبِيدِي
لم يَصح حَتَّى يُمَيّز انْتهى كَلَامه زَاد فِي الرَّوْضَة
بِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَصَرَّف فِي الْبَعْض لِأَن من
للتَّبْعِيض فَقَالَ صرح إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ
فِي الْبَسِيط بِأَنَّهُ إِذا قَالَ بِعْ من شِئْت من عَبِيدِي
لَا يَبِيع جَمِيعهم لِأَنَّهَا للتَّبْعِيض فَلَو باعهم
إِلَّا وَاحِدًا صَحَّ
وَاعْلَم أَن النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة قد استدرك على
الرَّافِعِيّ فَقَالَ إِن الَّذِي نَقله عَن الْحِلْية إِن
كَانَ المُرَاد بِهِ حلية الرَّوْيَانِيّ فَهُوَ غلط من
الرَّافِعِيّ عَلَيْهِ فَإِن الْمَذْكُور فِي الْحِلْية
خِلَافه ثمَّ ذكر كَلَامه أَي كَلَام الْحِلْية
وَالَّذِي ذكره النَّوَوِيّ غلط فَاحش فَإِن الرَّوْيَانِيّ قد
صرح بذلك فِي الْكتاب الْمَذْكُور فذهل عَنهُ النَّوَوِيّ
وَنقل كلَاما آخر مَذْكُورا بعد بِنَحْوِ خَمْسَة أسطر ظنا
مِنْهُ أَنه هُوَ وَقد أوضحت ذَلِك فِي الْمُهِمَّات فَرَاجعه
(1/220)
مَسْأَلَة 8
وَمن مَعَاني من أَيْضا التَّعْلِيل كَمَا قَالَه فِي التسهيل
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا
من غم}
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 - مَا إِذا قَالَ بَرِئت من طَلَاقك وَنوى فَإِن الطَّلَاق
لَا يَقع بِخِلَاف مَا إِذا زَاد إِلَى فَقَالَ بَرِئت إِلَيْك
من طَلَاقك فَإِنَّهُ يَقع وَالتَّقْدِير بَرِئت إِلَيْك من
أجل إِيقَاع الطَّلَاق عَلَيْك كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي
كتاب الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل البوشنجي وَأقرهُ قَالَ
بِخِلَاف مَا لَو قَالَ بَرِئت من نكاحك فَإِنَّهُ كِنَايَة
سَوَاء أَتَى بِلَفْظ إِلَى أم لم يَأْتِ بهَا
مَسْأَلَة 9
إِلَى مَوْضُوع لانْتِهَاء غَايَة الشَّيْء وَهل يدْخل مَا
بعْدهَا فِيمَا قبلهَا فِيهِ مَذَاهِب
أَحدهَا لَا بل تدل على خُرُوجه عَنهُ وَهُوَ مَذْهَب
الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور كَذَا صرح بِهِ إِمَام
الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان
وَالثَّانِي أَنه دَاخل فِيمَا قبله
(1/221)
وَالثَّالِث إِن كَانَ من جنسه دخل
وَإِلَّا فَلَا نَحْو بِعْتُك الرُّمَّان إِلَى هَذِه
الشَّجَرَة فَينْظر فِي تِلْكَ الشَّجَرَة هَل من الرُّمَّان
أم لَا
وَالرَّابِع إِن لم يكن مَعَه من كَمَا مثلناه دخل وَإِلَّا
فَلَا نَحْو بِعْتُك من هَذِه الشَّجَرَة إِلَى هَذِه
وَالْخَامِس وَرجحه فِي الْمَحْصُول والمنتخب إِن كَانَ
مُنْفَصِلا عَن مَا قبله بفصل مَعْلُوم بالحس كَقَوْلِه
تَعَالَى {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} فَإِنَّهُ لَا
يدْخل وَإِلَّا فيد كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى
الْمرَافِق} فَإِن الْمرْفق مُنْفَصِل بِجُزْء مشتبه وَلَيْسَ
تعْيين بعض الْأَجْزَاء بِأولى من الْبَعْض فَوَجَبَ الحكم
بِالدُّخُولِ
وَالسَّادِس وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ كَمَا قَالَه فِي
الْبُرْهَان أَنه إِن اقْترن بِمن فَلَا يدْخل وَإِلَّا
فَيحْتَمل الْأَمريْنِ
وَالسَّابِع وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ أَنه لَا يدل على شَيْء
وَلم يصحح ابْن الْحَاجِب شَيْئا
(1/222)
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 - مَا إِذا حلف لَا تخرج امْرَأَته إِلَى الْعرس فَخرجت
بِقَصْدِهِ وَلم تصل إِلَيْهِ فَلَا يَحْنَث لِأَن الْغَايَة
لم تُوجد وَكَذَا لَو انعكس الْحَال فَخرجت لغير الْعرس ثمَّ
دخلت إِلَيْهِ بِخِلَاف مَا إِذا أَتَى بِاللَّامِ فَقَالَ
للعرس فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط وصولها إِلَيْهِ بل الشَّرْط أَن
تخرج إِلَيْهِ وَحده أَو مَعَ غَيره لِأَن حرف الْغَايَة
وَهُوَ إِلَى لم يُوجد كَذَا قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب فِي
كتاب الْأَيْمَان من تعليقته فِي فرعين متصلين فتفطن لَهُ
وَوجه التَّفْرِقَة بَين اللَّام وَإِلَى أَن اصل إِلَى للغاية
بِخِلَاف اللَّام فَإِن أَصْلهَا الْملك فَإِن تعذر فَيحمل على
مَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاق من التَّعْلِيل والانتهاء
2 - وَمِنْهَا لَو حلف بِالطَّلَاق أَو غَيره أَنه بعث فلَانا
إِلَى بَيت فلَان وَعلم أَن الْمَبْعُوث لم يمض إِلَيْهِ فَقيل
يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حُصُوله هُنَاكَ
وَالصَّحِيح خِلَافه لِأَنَّهُ يصدق أَن يُقَال بَعثه فَلم
يمتثل كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق
عَن ابي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وَهُوَ وَاضح لِأَن
الْمَحْلُوف عَلَيْهِ هُوَ الْبَعْث إِلَيْهِ وَقد وجد وَلم
يحلف على الْوُصُول إِلَيْهِ
3 - وَمِنْهَا لَو وكل رجلا بِبيع عين بِعشْرَة مُؤَجّلَة
إِلَى يَوْم الْخَمِيس لم يدْخل يَوْم الْخَمِيس فِي الْأَجَل
كَذَا ذكره صَاحب الْبَحْر فِي بَاب الْوكَالَة وَفرع
(1/223)
عَلَيْهِ أَنه لَو لم يَبِعْهُ حَتَّى دخل
يَوْم الْخَمِيس فَإِنَّهُ لَا يَبِيعهُ وَعلله بِأَن الْأَجَل
قد فَاتَ وَبيعه بِالْحَال خلاف الْمَأْذُون فِيهِ ثمَّ حكى
وَجها أَن لَهُ أَن يَبِيعهُ بِالْحَال وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا
فرق على هَذَا الْوَجْه بَين أَن يَبِيعهُ قبل الْخَمِيس أَو
بعده
4 - وَمِنْهَا لَو حلف ليقضين حَقه إِلَى رَأس الشَّهْر لم
يدْخل رَأس الشَّهْر فِي الْيَمين بل يجب تَقْدِيم الْقَضَاء
عَلَيْهِ وَقيل يتَعَيَّن قَضَاؤُهُ عِنْد رَأس الشَّهْر
وَضَعفه الْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط وَحكى وَجْهَيْن فِيمَا
إِذا قَالَ أردْت وَإِلَى معنى عِنْد هَل يقبل مِنْهُ ذَلِك
وَرجح الْقبُول قَالَ لِأَن إِلَى قد ترد بِمَعْنى الضَّم
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى
أَمْوَالكُم}
مَسْأَلَة 10
هَذِه اللَّفْظَة وَهِي إِلَى قد تكون لابتداء الْغَايَة كَمَا
قَالَه الشَّيْخ فِي الْمُهَذّب وَمثل لَهُ بقَوْلهمْ فلَان
خَارج إِلَى شهر وَبنى
(1/224)
عَلَيْهِ مَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت
طَالِق إِلَى شهر فَلَا تطلق إِلَّا بعد شهر قَالَ لاحْتِمَال
أَن يُرِيد ابْتِدَاء الْغَايَة وَبِه جزم ايضا فِي
التَّنْبِيه وَنَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي وَغَيره
ثمَّ نقل عَن البوشنجي أَنه يحْتَمل وُقُوعه فِي الْحَال عِنْد
الْإِطْلَاق وَضَعفه النَّوَوِيّ من زوائده وَلَيْسَ كَمَا
قَالَ من ضعفه بل هُوَ مُقْتَضى اللَّفْظ فَإِن مَدْلُوله
وُقُوع الطَّلَاق الْآن وارتفاعه بعد شهر فنأخذ بالوقوع لَا
بِالرَّفْع
مَسْأَلَة 11
فِي للظرفية الْحَقِيقِيَّة كَقَوْلِك زيد فِي الدَّار أَو
المجازية كَقَوْلِه تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل}
فَإِنَّهُ لما كَانَ المصلوب مُتَمَكنًا على الْجذع كتمكن
المظروف من الظّرْف فَعبر عَنهُ بِهِ مجَازًا وتستعمل الْبَاء
أَيْضا بمعناها كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِنَّكُمْ لتمرون
عَلَيْهِم مصبحين وبالليل} أَي وَفِي اللَّيْل
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته وهما فِي مصر مثلا أَنْت طَالِق فِي
مَكَّة فَفِي الرَّافِعِيّ قبيل الرّجْعَة عَن الْبُوَيْطِيّ
أَنَّهَا تطلق فِي الْحَال وَتَبعهُ
(1/225)
عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَسَببه أَن
الْمُطلقَة فِي بلد مُطلقَة فِي بَاقِي الْبِلَاد
وَلَكِن رَأَيْت فب طَبَقَات الْعَبَّادِيّ عَن الْبُوَيْطِيّ
أَنَّهَا لَا تطلق حَتَّى تدخل مَكَّة وَهُوَ مُتَّجه فَإِن
حمل الْكَلَام على فَائِدَة أولى من إلغائه وَقد ذكر
الرَّافِعِيّ قبيل النَّص الْمَذْكُور بِقَلِيل فِي الْفَصْل
الْمَنْقُول عَن إِسْمَاعِيل البوشنجي مثله ايضا وَأقرهُ
عَلَيْهِ النَّوَوِيّ
2 - وَمِنْهَا إِذا وكل أَن يَشْتَرِي لَهُ دَارا فِي هراة
مثلا فَيكون الربض وَهُوَ الدّور الْخَارِجَة عَنهُ
الْمُتَّصِلَة بهَا دَاخِلا فِي هَذَا اللَّفْظ وَإِن أَتَى
بِالْبَاء فَقَالَ بهراة فيشتري بِالْبَلَدِ إِن كَانَ بلديا
وَفِي الرساتيق أَي الْقرى الَّتِي حواليها إِن كَانَ رستاقيا
وَإِن لم يعرف حَاله فيشتري أَيْن شَاءَ كَذَا قَالَه
الْعَبَّادِيّ فِي الزِّيَادَات ثمَّ قَالَ عقب ذَلِك
وَعِنْدِي أَنه يجب تَبْيِين مَوْضِعه
قلت وَهَذَا الآخر هُوَ الَّذِي جزم بِهِ الرَّافِعِيّ
فَإِنَّهُ اشْترط ذكر حُدُود الدَّار الَّتِي يُوكل فِي
شِرَائهَا وَهُوَ أبلغ من ذكر الْموضع
(1/226)
3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ
دِرْهَم فِي دِينَار فَهُوَ كَقَوْلِه فِي هَذَا العَبْد ألف
كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَحِينَئِذٍ فتجيء فِيهِ
الْأَقْسَام الْمَعْرُوفَة وَالشَّيْخ فِي التَّنْبِيه أوجب
عَلَيْهِ درهما قَالَ إِلَّا أَن يزِيد ب فِي معنى مَعَ
فَيلْزمهُ دِرْهَم ودينار وَأقرهُ النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فِي
تَصْحِيحه 4 وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق فِي يَوْم
كَذَا طلقت عِنْد طُلُوع الْفجْر من ذَلِك الْيَوْم لِأَن
الظَّرْفِيَّة قد تحققت وَفِيه قَول إِنَّهَا تطلق عِنْد غرُوب
الشَّمْس وَقس على الْيَوْم غَيره من الْأَوْقَات المحدودة
كوقت الظّهْر وَالْعصر وَنَحْوهمَا فَلَو قَالَ أردْت
بِقَوْلِي فِي شهر كَذَا أَو يَوْم كَذَا وَنَحْوه إِنَّمَا
هُوَ الْوسط أَو الْأَخير دين وَلَا يقبل ظَاهرا وَقيل يقبل
(1/227)
|