المنخول من تعليقات الأصول
كتاب الأوامر
الأمر قسم من اقسام الكلام واصل الكلام قد انكره المعتزلة
فلا بد من تقديمه والكلام فيه في ثلاثة فصول
الفصل الاول في اثباته عليهم
والكلام عندنا معنى قائم بالنفس على حقيقة وخاصية يتميز
بها عما عداه وأما العبارات فهل تسمى كلاما مجازا أو حقيقة
تردد فيه شيخنا أبو الحسن وهو متلقى من اللغة وانكرت
المعتزلة جنس الكلام وزعمت انه فعل حركات مخصوصة
(1/163)
واصوات مقطعة
وزعموا ان الرب تعالى متكلم بمعنى انه فاعل الكلام والدليل
على إثباته ثلاثة مسالك أحدهما يختص بالكلام الباري سبحانه
وقد نطقت الامة بقولهم قال الله تعالى ونطق به القران
العزيز كما نطقت بقولهم علم الله
فليدل على معنى هو قائل به ويستحيل ان يكون قائلا بفعله إذ
لا حكم للفاعل في اخص اوصاف الفعل ولو جاز ان يقال هو قائل
بكلام يخلقه في غيره لجاز ان يقال هو متحرك بحركة يخلقها
في غيره المسالك الثاني انهم ردوا الكلام الى الفعل ونحن
نعلم قطعا جواز الاحاطة بكون الشخص متكلما قبل التنبه
للفعل وكونه فاعلا المسلك الثالث وهو الاقوى في اثبات
الغرض ان من قال لعبده افعل صادف عند
(1/164)
الامر طلبا
جازما قائما بذاته فأبداه بقوله افعل وهو معبره فيه
ومدلوله فهو الكلام الذي ينبغي اثباته وهو معلوم على
الضرورة وليس ذلك ارادة لمعنيين احدهما إن الإرادة تنقسم
إلى تمن لا ينفك عن تردد ولا تردد في هذا الطلب وإلى قصد
جازم ويستحيل تعلقه بفعل الغير فإنه غير مقدور للمريد ولأن
السيد المعاتب من جهة السلطان بسبب ضربه عبده إذا اعتذر
باستعصائه صلى فكذبه فأراد تحقيقه عيانا فيأمر عبده وهو
يبغي عصيانه لتمهيد عذره وليس مريدا له ولا وجه لإنكار
كونه أمرا فإن العبد فهم منه الأمر وميز بينه وبين الهاذي
وقال ولو أحاط أيضا بقرائن الأحوال بمعنى غرض السيد يفهم
الأمر ولكن يعلم منه إرادة العصيان فلا وجه لحمل ذلك الطلب
على إرادة إيقاع
الصيغة أمرا تمييزا له عن الحكاية والهذيان لأن العبد يفهم
طلبا وراءه ولأن الصيغة بعد أن صارت أمرا فله معبر ومدلول
وهو الطلب الذي ذكرناه
(1/165)
الفصل الثاني في حد الكلام
وقد قيل إنه حديث النفس أو نطق النفس أو مدلول أمارات وضعت
للتفاهم وهو الأصح ولعلنا نقول لا حد له كما ذكرنا في حد
العلم إذ العبارات المنقولة قاصرة على المعاني المعقولة
(1/166)
الفصل الثالث في أقسام الكلام
والمختار فيه أنه خمسة طلب وهو متناول للأمر والنهي
والدعاء وخبر واستخبار وتنبيه وهو مشير إلى النداء وتردد
وهو متناول للتمني والترجي وأنواعه ولو حذفنا التردد
اكتفاء بقسم التنبيه أو الخبر وكون التردد تنبيها من وجه
للزم الاكتفاء به في الكل إذ الأمر والنهي والخبر
والاستخبار أيضا فيه تنبيه وخبر وإذا ثبت أصل الكلام فنقول
الأمر قول جازم يقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به ويندرج
تحته الندب وقيل قول يتضمن إيجاب المأمور به ويخرج منه
الندب
(1/167)
واستدل القاضي
على صحة الحد الأول وكون الندب أمرا بكونه طاعة ولم يقع
طاعة لكونه مرادا إذ المعصية مرادة فوقع طاعة لكونه مأمورا
به وهذا تحكم على اللغة إذ يقال له وقع طاعة لكونه مطلوبا
فإن سمي كل مطلوب أمرا قياسا على الواجب فلا قياس في اللغة
ولم ينقل متواترا ونقل الآحاد لا يوجب العلم وأما حد
المعتزلة فإنهم قالوا الأمر قول القائل افعل فأبطل عليهم
بقوله قم وكل وكل أمر مشتق من مصدر آخر وبقوله قم لتأكل
فإن الأكل مأمور به لا على صيغة الأمر
(1/168)
ثم قالوا لا بد
من إرادة إحداث الكلمة وإرادة المأمور به وإرادة إيقاع
الصيغة المحدثة أمرا تمييزا له عن الحكاية وخالفهم الكعبي
في الإرادة الأخيرة وقال إنما تتميز عن الحكاية بصفة ذاتية
فقيل له وكيف يتميز الشئ عن مثله بصفة ذاتية فقال وكيف
يتميز عنه أيضا بالإرادة والجوهر لا يتميز عن الجوهر
بالإرادة في ذاته فكفونا باضطرابهم أنه مؤنة الكلام عليهم
فهذه مقدمات الكتاب
ومقصوده يحويه أربع عشرة مسألة مسألة (1) اختلفوا في مفهوم
صيغة الأمر ومقتضاه وهو قول القائل افعل
(1/169)
فقال الجبائي
يدل على كون المأمور به مرادا والوجوب لا يتلقى منه وقال
بعض الناس يدل على رفع الحرج والإباحة لأنه متردد بين
الوجوب والندب وهذا القدر مستيقن وهذا من جنس الاستصحاب
الفقهي ولا تؤخذ منه اللغات ما لم ينقل أن قولهم افعل
موضوع عندهم للإباحة ففيه المباحثة وقال الفقهاء هو للوجوب
بدليل أوامر الشارع وأمر الله تعالى إبليس بالسجود
واستيجاب المأمور للتعزير بتركه وكل ذلك يمكن تلقيه من
القرآن وإنكار كون اللفظ بمجرده دالا عليه
(1/170)
فلا دليل فيه
فأما شيخنا أبو الحسن والقاضي وجماعة من الأصوليين فإنهم
توقفوا فيه وقالوا لا مفهوم له إلا بقرينة مخصصة له بإحدى
جهات الاحتمال ثم قال بعضهم اللفظ مشترك بين هذه المعاني
المحتملة كلفظ العين مشتركة في العين والميزان وعين الشمس
والماء وغيرها وقال آخرون يتوقف أيضا
ثم استدلوا على المخصصة بأن العقل لا يهتدي إلى تخصيص
اللغات وصريح النقل متواترا لم يوجد والآحاد ولو فرض فلا
يورث العلم ولو تمسكتم بالنقل ضمنا زاعمين أنا فهمنا ذلك
من إطلاق أهل اللغة إياها في شئ من ذلك يخصصها به ومن
فهمهم ذلك منها فما الذي يؤمنكم من اعتمادهم في الفهم على
القرائن دون مجرد الصيغ فإن قلتم الأمر معنى قائم بالنفس
فليكن عنه صيغة دالة عليه فلم عينتم وهو هذه الصيغة لكونها
دالة عليه تحكما من غير نقل ثم صيغته أن تقول أوجبت كما
تقول في الندب ندبت أو استحب
(1/171)
فنقول للواقفية
إن قضيتم بكون اللفظ مشتركا كلفظ العين فمن أين أخذتموه
أمن عقل أم نقل متواتر أو آحاد وندير صلى الله عليه وسلم
عليهم معتمدهم ولئن قالوا بحسن الاستفصال من المأمور تبينا
تردده قلنا ذلك لتعارض القرائن المتناقضة لا لتردد الصيغة
في نفسها فإن قالوا لا ندري أهو مشترك أم لا قلنا نرى أهل
اللغة يبحثون عن معاني ألفاظ شاذة لا تتداولها الألسنة
فيبرزون معناها فما تراهم تركوا هذه اللفظة مع تكرارها على
الألسنة في الساعات والأزمنة في حيز الإجمال ولم يذكروا
معناها واستحالة ذلك مقطوع به فلا يخلون وتجاهلهم إذا فيه
وإذا أبطلنا المذاهب فالمختار
(1/172)
أن مقتضى صيغة
الأمر في اللسان طلب جازم إلا أن تغيره قرينة
وقد فهمنا ذلك على الضرورة من فرق العرب بين قولهم افعل
ولا تفعل وتسميتهم أحدهما أمرا والآخر نهيا وإنكار ذلك
خلاف لما عليه أهل اللغة قاطبة ولكن الوجوب يتلقى من قرينة
أخرى إذ لا يتقرر معناه ما لم يخف العقاب على تركه ومجرد
الصيغة لا يشعر بعقاب والشافعي حمل أوامر الشرع على الوجوب
وقد أصاب إذ ثبت لنا بالقرائن أن من خالف أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم عصى وتعرض للعقاب
(1/173)
مسألة (2) مطلق
النهي محمول على التكرار واختلفوا في مطلق الأمر وهو قول
القائل افعل فتوقف الواقفية وزعم غيرهم أنه يختص بفعلة
واحدة والمأمور بالقيام يتفصى عن الأمر بقومة واحدة وإليه
صار الشافعي رضي الله عنه والفقهاء وقال الأستاذ أبو اسحق
إنه لا بد من قيام مستدام فهو للتكرار عنده وكذا عند
المعتزلة وعند أبي حنيفة رحمه الله
(1/174)
وقد تمسك
الأستاذ بمسلكين أحدهما أن النهي للتكرار فكذا الأمر وعضد
ذلك بأن الأمر بالشئ نهي عن ضده والمأمور بالقيام منهي عن
القعود فلو نهاه عن القعود صريحا لوجب ترك القعود أبدا وقد
نهاه ضمنا وقياسه الأمر على النهي في اللغات غير مسموح
ودعواه اقتضاء الأمر بالشئ نهي عن ضده ممنوعة وبعد تسليم
جدلا نقول الأمر المطلق عند الخصم كالمقيد بفعلة واحدة
فالنهي الذي هو ضمنه يكون بحسبة لا محالة كما إذا صرح
بالتقيد بخلاف النهي الصريح مطلقا المسلك الثاني أن مطلق
الأمر يقتضي وجوب اعتقاد الوجوب ووجوب العزم على الإمتثال
ثم يجب كونهما على الدوام فكذا مقتضاه الثالث وهو الفعل
(1/175)
قلنا أما
اعتقاد الوجوب فيكفي في لحظة فلا يفعل يعد ذلك كالإيمان
والمعرفة ثم اعتقاد الوجوب مستند إلى القيام الدلالة على
صدق الرسول عليه السلام لا الى مطلق الصيغة وأما العزم فلا
يجب إذ لو ذهل حتى أقدم جاز ذلك ثم يبطل ذلك صريحا بالأمر
المقيد بفعلة واحدة ووجهه ظاهر وتمسك الفقهاء في معارضتهم
بمسلكين أحدهما ان قول القائل قام فلان إخبار عن فعل واحد
فكذا قوله قم يتقيد مرة واحدة لأنهما مشتقان من مصدر واحد
ووجه الأخبار لا يتفيد فقال بفعل واحد الا بقرينة فلا نسلم
هذا المسلك الثاني ان الرجل إذا قال والله لأدخلن الدار
يبر بدخلة واحدة ولو قال
(1/176)
لا ادخل لا يبر
إلا بإنزجار أي أبدا والأمر مشبه بالبر والنهي مشبه بالحنث
وهذا أيضا ضعيف لأن البر والحنث محل إحتكام الشرع والعرف
فلا يستبان به وضع اللغة والعرف قد يؤثر في وضع اللغة كما
يحمل الدرهم على المغشوش في الشراء المطلق ويحمله على
النقرة في الإقرار مع استواء اللفظين فالمختار ان الفعلة
الواحدة مفهومة قطعا وما عداه متردد فيه متوقف إلى بيان
قرينة ودليل ذلك بطلان ما عداه من المذاهب مسالة (3) قال
الشافعي وجوب البدار إلى المأمور به لا يفهم من مطلق الأمر
خلافا لابي حنيفة رحمه الله وجماعة من الاصولين
(1/177)
وتوقف الواقفية
فيه وغلا بعضهم وقال لو بادر ايضا لا ندري هل يقع الموقع
أم لا وهذا بعيد والذين قالوا بالتراخي تمسكوا بأن الأمر
لا يختص بمكان فلا يختص بزمان أيضا
فعورضوا بأنه يختص بمكان بلوغ الأمر فيه فإن في الإنتقال
تأخيرا وتمسك الشافعي رضي الله عنه بأن الامتثال مفهوم
وليس فيه تعرض للوقت ولا يختص بزمان فيقال له وليس فيه
تعرض لجواز التأخير فكيف فهمته وهلا توقفت فيه كالواقفية
وتمسكوا أيضا بأن الأزمنة لا معنى لها إلا حركات الفلك
وذلك إلى الله تعالى والمرتبط باختياره فعله لا الزمان
فينزل اختلاف الزمان منزلة اختلاف الهواء بالصحو والغيم
(1/178)
وهذا فاسد فإن
البدار مقدور وهو قد يكون مقصودا أما الصحو والغيم فلا
يرتبط به قصد وتمسك القائلون بالفور بالنهي فإنه على الفور
وهذا فاسد فإنه قياس في مقتضى اللغة ثم النهي للاستغراق
وذلك لا يتصور إلا بالبدار والخلاف في هذه المسألة ينبني
على أن الأمر المطلق يقتضي فعلة واحدة فلاح الفرق وتمسكوا
بأن المؤخر تارك فرض متعرض للعصيان فإن قلتم لا يعصي فهذا
تغيير للوجوب وإن عصيتموه فليس ذلك إلا لوجوب البدار قلنا
لا يكون تاركا إلا باختلاء العمر عنه ولا يعصي إلا به
ثم نعارضهم بالأمر المقيد بالعمر على التوسيع
(1/179)
وقد أجيب عن
هذا بأنه إنما يجوز التأخير بشرط العزم على الإمتثال فإن
لم يعزم عصى وهذا فاسد لأن المحذور إثبات وجوب على الفور
واللفظ غير مشير إلى زمان وقد أثبتوه ولأنه ترديد للوجوب
بين الفعل والعزم لا على التعيين واللفظ غير مشعر به ثم
الوجه أن يقال إن غفل ولم يعزم ثم اتفق الإقدام على الفعل
فلا يعصي أصلا فالمختار إذن القضاء بأنه لو بادر وقع
الموقع ولو أخر توقفنا فيه لما بيناه
(1/180)
مسألة (4)
الأمر بالشئ لا يكون نهيا عن ضده ولا النهي عن الشئ أمر
بأحد أضداده لا على التعيين خلافا للأستاذ أبي اسحق
والكعبي لأن قول القائل قم لا يقتضي إلا الأمر بالقيام
وترك ما عداه يقع من ضرورة الجبلة لا لكونه مقصودا بالأمر
بدليل جواز تقدير ذهول الآمر عن جملة أضداده وبدليل تفصي
المأمور عن الأمر لو قدر على استحالة الجمع بين القيام
والقعود والاقدام على القيام مع عدم الاتصاف بضد من أضداده
محال والأمر يتلقى من فحوى الخطاب لا مما يقع من ضرورة
الجبلة وليس ذلك مقصود المخاطب وبغيته وهذا كالسيد يقول
للعبد أوجبت عليك كسر هذه الجوزات ثم نهي عن كسر جوزة
واحدة فإذا كسر جوزا غيره من الجملة لا يقال إنه ارتسم
(1/181)
أمرا واجبا إذ
اشتغاله به انحجاز ثنا عن كسر الجوزة المنهي عن كسرها
وتمسك الأستاذ بأن قول القائل قم لا يتصور امتثاله إلا
بترك القعود فترك القعود مضمر فيه والمتصف بالأمر لا محالة
متصف بالنهي على هذا التقدير حتى لا يتصور خلو أحدهما عن
الآخر وزاد فقال إذا تلازما وجب القضاء باتحداهما به فإن
قول القائل قم أمر في نفسه نهي في نفسه كما أن العلم
بالسواد والعلم بالعلم به لما تلازما اتحدا وكما اتحد علم
الباري بتلازم معلوماته في حقه قلنا قولك المتصف بالنهي
متصف بالأمر وعلى عكسه ممنوع إذ فرض ذهول الآمر بالقيام عن
أضداده ممكن فكيف ينهى عما هو ذاهل عنه وقولك التلازم مشعر
بالاتحاد تحكم لا يغني فيه الاستشهاد والقياس فلا بد فيه
من مسلك عقلي ثم العلم بالعلم بالسواد غيره عندنا فلا نسلم
(1/182)
وعلم الباري
سبحانه لا يتحد للتلازم إذ يلزم على مساقه اتحاد علمه
وحياته وسائر صفاته فإنها متلازمة في حقه ثم الأمر بين أن
يحد بقوله افعل وهو متميز عن قوله لا تفعل أو يحد بطلب
جازم وذلك يفرض مع الذهول عما عداه مسألة (5) الشريعة
تشتمل على المباح خلافا للكعبي واستدل بأن كل فعل يعد
مباحا متضمن تركا لأمر محظور وترك المحظور واجب إلا أن
إحدى جهاته لا يتعين وذلك لا ينافي وجوبه كخصال الكفارة
فقيام الرجل إذا تضمن تركا للزنا وقع واجبا وهذا منه بناء
على أن النهي عن الشئ أمر بأحد أضداده وقد أبطلناه ثم
يلزمه وراء ذلك شيئان أحدهما إنكار النوافل والتطوعات فإن
فيها ترك الزنا فليقع على جهة الوجوب وهذا خرق الإجماع
(1/183)
والثاني أن يصف
الزنا بالوجوب فإن فيه ترك القتل والسرقة وإن قال واجب من
وجه محرم من وجه كالصلاة في الدار المغصوبة فليقل القيام
مباح من وجه واجب من وجه وقد أنكره
مسألة (6) الأمر بالشئ أمر بما لا يتم الواجب إلا به إذ
ثبت أن صحة الصلاة موقوفة على الطهارة فالأمر المطلق
بالصلاة الصحيحة أمر بالطهارة خلافا لبعض العلماء ودليله
أن المأمور لا يكون ممتثلا إلا بفعل الطهارة فإذا وجبت فلا
مستند لوجوبه إلا الأمر بالصلاة فإنه من ضرورة الصلاة
الصحيحة وهو كبعض أجزائها بعد أن ثبت أنه شرطها وليس هذا
يعود إلى الجبلة من ترك القعود وتوقف القيام عليه فإنا لو
قدرنا عدم الاستحالة على فعل القيام مع القعود كان
(1/184)
ممتثلا
والمقتصر على الصلاة غير ممتثل للأمر بصلاة صحيحة مسألة
(7) الأمر بالشئ مشعر بوقوع المأمور به عند الامتثال مجزئا
عن جهة الأمر إذ لا معنى للأجزاء إلا موافقة الأمر
والامتثال قد حصل فأجزء هذا وأنكر بعض الفقهاء هذا وقال
المفسد حجه بالجماع مأمور بأفعال الحج ولا يجزئه عن حجة
الإسلام وهذا فاسد فإنه مأمور بالمضي في حج فاسد وهو مجز
عن هذه الجهة
(1/185)
مسألة (8)
الجائز خلاف الواجب وكذا الواجب خلاف الجائز وقال بعض
الناس كل واجب فهو جائز فنقول إن عنيتم به أنه لا حرج في
فعل الواجب فهو مسلم وإن عنيتم به أن الجواز حكم فمحال إذ
الجواز يشعر بالتخيير والوجوب يشعر بالتعيين فلا يصطحبان
وفائدته أن الوجوب إذا نسخ عن الشئ لم يبق للإباحة حكم في
الشرع بل يتوقف فيه وقالوا بنفي الجواز وهذه خيرة أثبتوها
من غير نص يشعر بها مسالة (9) يجوز الأمر بخصلة من ثلاث
خصال مع تفويض التعيين إلى خيرة المكلف
(1/186)
خلافا لأبي
هاشم ولنا فيه مسلكان أحدهما أن يقول لا شك في جواز وقوعه
وتصوره إذ لا يستحيل أن يقول السيد لعبده ادخل إحدى هذه
الدور أيتها شئت ويسقط عنك الواجب بما تريد منها وإذا تصور
جاز ورود الشرع به
والإستصلاح ثم أيضا لا يرده وربما يقتضي الصلاح ذلك ليتخير
في ذلك ولا يعصي المسلك الثاني الكفارة المخيرة واجبة شرعا
بالاتفاق ولا تجب الخصال الثلاثة جميعا ولا أحدها على
التعيين فلم يبقى إلا وجوب واحدة على الإبهام فان قال الكل
واجب لكن يسقط الوجوب بواحدة فهذه لفظة لا حاصل لها إذ لو
تركها لا يعاقب على ثلاثة أوامر
(1/187)
ولو أقدم على
واحدة لا يثاب على الثلاثة تمسك بأن الأمر بالمجهول محال
والجهل لا يرتفع بالخيرة كما لا يرتفع في بيع عبد من ثلاثة
أعبد مع إثبات الخيار قلنا التكليف وجد مستقرا ومتعلقا وهو
خيرته خصلة منها فتقرر وأما البيع عقد يتلقى من تقييد في
تعيين المحل مسألة الأمر المطلق بأداء الصلاة لا يتلقى منه
وجوب القضاء عند فوات الوقت لأن العقل لا يهتدي إلى وجوب
القضاء واللفظ لم يتناول إلا صلاة في وقت وقد فات ولا
تدارك له فإنشاؤها رسول في وقت آخر صلاة أخرى كإنشاء
العبادة في مكان آخر إذا تعذر أداؤها بالمكان المأمور
بفعلها فيه فيجب القضاء بأمر مبتدأ في الشريعة أو بقياس
مقتضب من أصل مجمع عليه
خلافا للفقهاء حيث قالوا يجب القضاء لمطلق الأمر الأول
بالاداء
(1/188)
مسألة (11)
الصلاة تجب بأول الوقت على التوسيع ولا يعصي بالتأخير وقال
أبو حنيفة لا يوصف بالوجوب إلى ان يضيق الوقت والكلام معه
وقد ناقض في القضا والكفارات والزكوات سهل فأما من أنكر
الوجوب الموسع أصلا وقال إذا جاز الإعراض وتخير الرجل فلا
معنى للوجوب ولا يغني عن هذا الإشكال تصويرنا ولا قول
السيد لعبده أوجبت عليك خياطة هذا الثوب وجعلت الشهر متسعك
لم فإن هذا لم يمنع جواز التأخير وهو يقتضي الوجوب ولا
يغني ما قاله القاضي ذبا عن الفقهاء ان التأخير لا يجوز
إلا بشرط العزم على الإمتثال فإن الفقهاء لا يوجبوب حدثنا
ذلك إذ لو ذهل جاز ولأن الأمر ليس فيه اشعار بوجوب العزم
وترديد بينه وبين الفعل لا على التعيين وهذا تحكم والمختار
ان تبين الوجوب لا يتحقق إلا في آخر الوقت لما ذكرناه من
جواز
(1/189)
التأخير ولكن
الشرع سماه واجبا توسعا كالكفارة وغيرها ودلت الامارات
عليها وهذا التجويز لا مانع منه فيتبع امارات الشرع في
اطلاقه مسألة (12) المأمور لا يعلم كونه مأمورا قبل التمكن
وإليه صار أبو هاشم خلافا للقاضي لأن التمكن شرط يقرر
التكليف ويحتمل اخترام المنية قبل التمكن فكيف يعلم مع
احتمال ذلك وقد ثبت أن التكليف بما لا يطاق محال عندنا
والقاضي يعتقد ثبوت الأمر قبل التكليف وعلى هذا جوز النسخ
قبل التمكن وتمسك بأن البدار إلى الإقدام واجب ولا يجوز
التأخير لإرتقاب ابن الموت قبل الإقدام على الفعل فإذا
تمكن وجب لأنه لو تكاسل لأدى إلى خرم الشرع وأبطل غرض
الشارع
(1/190)
فأما العلم فلا
يثبت مع الإحتمال مسألة عند المعتزلة المأمور يخرج عن كونه
مأمورا حال الإمتثال وحدوث الفعل المطلوب لأن الأمر طلب
والكائن لا يطلب كما قالوا يخرج عن كونه مقدورا لأن القدرة
لا تتعلق بالموجود وخالفهم أصحابنا في المسألتين جميعا
وبنوا الأمر على القدرة ونحن نعتقد أن تعلق القدرة
بالمقدور حالة الوجود لو قدر مسلم وهو اعتقادنا فيجب القطع
بأنه يخرج عن كونه مأمورا لأن الكائن لا يطلب
(1/191)
وأما القدرة
فهي سبب الوجود فإذا لم تقارنه لم يحصل الوجود
لأن العدم المستمر لا حاجة فيه إلى قدرة وكذلك الوجود
المستمر وبينهما حالة لطيفة هي أول حالة الحدوث ولا تحدث
إلا بقدرة تقارنها فإنها في حكم الموجد لها والمخرج لها عن
العدم فأما الأمر فإنه ليس موقعا للفعل حتى تجب مقارنته
لها فإن قيل هو موقع لكونها طاعة قلنا يمكن إيقاعها بطلب
سابق إذ ليس وجود الفعل متعلقا به ووصفه بالطاعة ممكن
بخلاف القدرة السابقة فيتنزل الأمر مع الطاعة منزلة النظر
مع العلم ثم العلم يحصل بتصرم النظر وإن كان لا بد من تقدم
النظر مسألة (14) قال شيخنا أبو الحسن الأشعري رحمه الله
المعدوم مأمور على تقدير الوجود إذ ثبت عنده الكلام القديم
وثبت كون الباري آمرا أزلا
(1/192)
وأبى المعتزلة
له ذلك وقالوا الأمر طلب فكيف يتوجه على المعدوم والمجنون
يستحيل خطابه لأنه عديم الفهم فالمعدوم أولى بأن لا يخاطب
ثم جعلوا هذا ذريعة إلى رد الكلام ولا يغني في الجواب ما
ألزمهم القاضي من كون المأمور معدوما إذ ذلك من ضرورته فلا
استحالة فيه ولا قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا
توفي فهو كالمعدوم في حقنا وقد بقي آمرا بعد العدم فإنه لا
أمر للرسول عليه السلام وهو سفير فالأمر لله تعالى
الذي لا يموت ولأن القاضي لا يجوز كون الآمر معدوما قطعا
فلا معنى لهذا الكلام فالوجه أن يقول لا يبعد من حيث
التصور أن يقوم طلب بذات شخص لزيد
(1/193)
من ولده الذي
لم يحدث تعلم العلم إذا حدث ويبقى الطلب مستمرا فإذا وجد
اتصل الطلب الذي هو الأمر به فكذلك الباري تعالى كان الطلب
الذي هو الأمر قائما بذاته قديما ولم يتوجه الطلب على
المعدوم ولكنهم إذا وجدوا صاروا مأمورين بذلك الطلب السابق
من غير تغير وتبدل والمعدوم لا يكلف قطعا وهذا معنى قوله
على تقدير الوجود فإن المعدوم إذا قدر وجوده لم يكن معدوما
وحكى عن عبد الله بن سعيد انه قال كلامه كان قائما بذاته
قديما ولم يكن امرا إنما صار أمرا عند الوجود فإن عني به
ما ذكرناه وهو الظن فسديد وإلا فهو قول بحدوث الأمر إذا
الأمر إثما كان أمرا لعينه فلا يتغير بالأوقات وثبت الكلام
القديم بدليل آخر ووجه تصور الأمر قديما ذكرناه والله اعلم
(1/194)
القول في
النواهي وقد اندرج معظم مقاصدها تحت الأمر فإنها تلوها
فمن توقف في صيغة الأمر توقف في صيغة النهي ومن حملة على
الوجوب حمل النهي على الخطر ومن حملة على الندب حمل هذا
على الكراهية ومن حمل ذلك على رفع الحرج في الفعل حمل هذا
على رفع الحرج في ترك الفعل ومقصود الباب تحويه خمس مسائل
مسالة (1) النهي محمول على فساد المنهي عنه على معنى انه
يجعل وجوده كعدمه وهذا هو مذهب الشافعي رضي الله عنه ولكنا
مع هذا نقضي بصحة الصلاة في الدار المغصوبة خلافا لأبي
هاشم فإنه قضى ببطلانها
(1/195)
واستدل بأن
المكث منهي عنه والصلاة مكث في الدار بحركة أو سكون فقد
تمكن النهي من نفس الفعل فيستحيل وقوع النهي طاعة إذ ذلك
يؤدي إلى وصف الشئ الواحد بالوجوب والتحريم فأورد عليه
البيع في وقت النداء وتحريم المودع بصلاة وقد طولب بالرد
واجناس لهذه المسالة فارتبك وقال اقضي بفساد كل عقد تمكن
التحريم منه ان ثبت التحريم وعورض استبعاده بوقوع فعل
الذاهل في اثناء صلاته طاعة مع عدم التقرب فقال لا بعد في
هذا فإنه لم يكلف القصد إلا في أول الوقت ثم حكمه منسحب
كما ينسحب حكم الايمان في لحظة على جميع العمر وانما
البعيد كون
الشئ الواحد مأمورا مطلوبا واجبا منهيا مطلوب الترك قال
القاضي هذه الصلاة لا تقع طاعة كما ذكره أبو هاشم ولكن
يسقط الفرض عندها ولا يسقط بها وهذا غير بعيد
(1/196)
كما قال أبو
حنيفة رضي الله عنه يسقط قضاء الصلوات والزكوات بالرد وليس
ذلك طاعة وإمتثالا فقيل له ثبت جوازه عقلا فما الدليل على
وقوعه قال ذلك موكول إلى رأي الفقهاء فلينظروا فيه نظرهم
وليتمسكوا بغلبة الظن ثم قال يمكن اثبات وقوعه بالتمسك
بمسالك الصحابة فانهم كانوا يأمرون الظلمة بتدارك المظالم
ورد المغصوب مع علمهم بأن عمر الظالم لا يخلو من اداء صلاة
في دار استولى عليها ولم يأمروا بإعادة الصلاة فتبين سقوط
الفرض به والمختار ان الصلاة واقعة طاعة لان افعاله تضمن
مكثا في الدار واداء الفعل للصلاة فله جهتان المقصود
بالنهي جهة الكون والواقع طاعة اداء الصلاة ولا نظر إلى
اتحاد صورة الفعل إذ الأمر والنهي يتلقى من قصد المخاطب
(1/197)
وعن هذا قلنا
الأمر بالشئ لا يكون نهيا عن ضده وان وقع من ضرورته ولو
قال السيد لغلامه لا تدخل هذه الدار وخط هذا الثوب فدخل
الدار وخاط الثوب عد في العرف ممتثلا في الخياطة مخالفا في
الكون في الدار وان كان الكون من ضرورة الخياطة ونحن نحمل
النهي على الفساد إذا تمكن من الشئ مقصودا وكذا المودع إذا
طولب بالرد فتحرم بالصلاة صحت صلاته لأنه ليس مقصودا
بالنهي وان تضمن منع المالك من الأخذ وهو المنهي مسالة (2)
إذا دخل عرصة مغصوبة وتوسطها وجب عليه الخروج وانتحاء اقرب
الطرق وقال الجبائي يحرم الخروج لأنه تخطى في دار الغير
قلنا والمكث أيضا كون في دار الغير والنهي عنهما جميعا
تكليف مستحيل فليجب الخروج إذ به الخلاص
(1/198)
فإن قال الساقط
على انسان محفوف باناس صرعى إذا علم انه لو مكث قتل من
تحته ولو انتقل قتل غيره فينهي عن المكث والانتقال جميعا
قلنا قال القاضي حظ الاصولي انه لا يجمع بين الأمر والنهي
عنهما في المسالتين أما ما يؤمر به من الجانبين فذاك إلى
رأي الفقهاء والمختار في صورة القتل ان يقال لا حكم لله
تعالى فيه فلا يؤمر بمكث ولا انتقال ولكن ان تعدى في
الابتداء انسحب حكم العدوان
وان لم يقصد فلا يعصي ولا تكليف عليه ونفي الحكم حكم لله
تعالى في هذه الصورة واما الخروج فمكن فانه لا يؤدي إلى
اتلاف وهو اقرب من المكث مسالة 3 السجود بين يدي الصنم على
قصد الخشوع يحرم وقال أبو هاشم المحرم هو القصد إذ عين هذا
الفعل يقع طاعة بقصد التقرب
(1/199)
وهذا فاسد فإنه
إذا قصد اكتسب الفعل حكم القصد فصار محرما كما يكتسب حكم
النية فيصير طاعة وهذا يجره إلى نفي التحريم عن فعل الزاني
واخراج الأفعال عن وقوعها قربة وهو محال مسالة 4 أجمع
القائلون بأن صيغة النهي للتحريم على انه ان تقدمت صيغة
عليه لا تغيره فأما صيغة الأمر بالشئ بعد تقدم النهي عليه
اختلفوا فيها قال القاضي في التفريغ على مذهبهم هو للوجوب
لأن الصيغة لم تتبدل وما سبق ليست قرينة مقترنة بها وصار
آخرون إلى أنه للإباحة بدليل قوله وإذا حللتم فاصطادوا وله
الاعتضاد بالعرف أيضا والمختار
(1/200)
ان نتوقف فيه
إذ يحتمل ان يكون تقدم النهي عنه قرينة تؤثر في هذه الصيغة
ويحتمل خلافه ولا تثبت فيه فيجب التوقف في فحواه إلى
البيان مسألة 5 إذا قال لا تلبس ثوبا من هذه الثياب
الثلاثة وأنت بالخيار صح النهي خلافا لأبي هاشم ومسلك
الكلام ما ذكرناه في خصال الكفارة معه في الاوامر فلا
نعيده هنا
فصل فيما تستعمل فيه صيغة
الأمر
تستعمل للوجوب كقوله اقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
(1/201)
وللندب كقوله
تعالى فكاتبوهم وللارشاد قوله كقوله تعالى واستشهدوا
وللاباحة له كقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا وللتأديب
كقوله عليه السلام لابن عباس رضي الله عنه كل مما يليك
وللامتنان ذلك كقوله تعالى كلوا مما رزقكم الله وللإكرام
محمد كقوله تعالى ادخلوها بسلام
وللتهديد كقوله تعالى اعملوا ما شئتم وللتعجيز إلى كقوله
تعالى كونوا حجارة أو حديدا
(1/202)
وللتسخير كان
كقوله تعالى كونوا قردة خاسئين وللإهانة أبو كقوله تعالى
ذق إنك أنت العزيز الكريم وللتسوية كقوله عز وجل اصبروا أو
لا تصبروا وللإنذار كقوله تعالى كلوا وتمتعوا قليلا
وللدعاء كقوله عز وجل اهدنا الصراط وللتمني كقول الشاعر
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل * بصبح وما الإصباح منك
بأمثل
(1/203)
وقوله تعالى كن
فيكون إخبار عن نهاية الاقتدار فظاهر الأمر الوجوب وما
عداه فالصيغة مستعارة فيه ومجموعه ثلاثة عشر ويرد النهي
لسبعة معان للتحريم كقوله تعالى ولا تقربوا الزنا وللكراهة
كقوله لعائشة رضي الله عنه لا تتوضئي بالماء المشمس
وللتحقير كقوله تعالى ولا تمدن عينيك ولبيان العاقبة كقوله
تعالى ولا تحسبن الله غافلا
(1/204)
وبمعنى الدعاء
كقوله تعالى ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
وللأياس أو كقوله تعالى لا تعتذروا اليوم وللإرشاد كقوله
تعالى لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم والله أعلم
(1/205)
باب بيان الواجب والمندوب والمكروه والمحظور
قيل في حد الواجب ما يستحق العقاب على تركه وهذا فاسد لأن
الرب تعالى يتعالى عن أن يستحق عليه ثواب أو عقاب وله أن
يفعل ما يشاء لمن يشاء وقيل ما ورد الوعيد على تركه ووجه
فساده أنه لو ورد الوعيد قطعا لكان لا يتوقع المغفرة
والعفو فإن كلام الباري سبحانه حق وصدق ولا يمكن تحديده
بخوف العقوبة إذ الوجوب إنما يتميز عن الجواز باستحثاث عقل
العاقل على فعله لاجتناب أمر محظور مقطوع به واقتحام منفعة
ناجزة لا يقطع بالعقاب عليه ليس بعيدا عن العقل
(1/206)
فوجب تحديده
بما ورد اللوم على تركه أو بما يعصي تاركه فإن العصيان اسم
ذم يقضي العقل باجتنابه وأما المحظور فكل يحده بنقيض ما حد
به الواجب وأما المندوب فكل مأمور لا لوم على تركه
وأما المكروه فقيل هو ترك المندوب وهو باطل بترك استغراق
الأوقات في العبادات فإنه ليس بمكروه وإن كانت العبادات
مندوبا إليها وقيل ما يخاف تحريمه أو يخاف عليه العقاب أو
تضمن اقتحام الشبهة والكل فاسد فإنه مرتبط بتردد والكراهية
حاصلة مع القطع بنفيها فالوجه أن يقال المكروه كل منهي لا
لوم على فعله وأما الإباحة فتخيير بين فعلين لا يتميز
أحدهما عن الآخر بندب ولا كراهية وأما التروك فعبارة عن
أضداد الواجبات كالقعود عند الأمر بالقيام ثم يعصي بترك
القيام لا بالقعود
(1/207)
ووافقنا عليه
أبو هاشم فسمي أبو هاشم الذمي من حيث أنه علق الذم
بالمعدوم
(1/208)
|