الموافقات

ج / 1 ص -441-       النوع الثالث في الموانع:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
الموانع1 ضربان:
أحدهما: ما لا يتأتى فيه2 اجتماعه مع الطلب.
والثاني: ما يمكن فيه ذلك، وهو نوعان:
أحدهما: يرفع أصل الطلب.
والثاني: لا يرفعه, ولكن يرفع انحتامه.
وهذا قسمان:
أحدهما: أن يكون رفعه بمعنى أنه يصير مخيرا3 فيه لمن قدر عليه.
والآخر: أن يكون رفعه بمعنى أنه لا إثم على مخالف الطلب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الموانع جمع مانع، وإلى تعريف المانع أشرت بقولي في "منور الأفهام".

ومانع وجوده منه العدم                 كالحيض عكس ما إذا يرى انعدم

"ماء".
2 أي: عقلا، وقوله: "أحدهما يرفع أصل الطلب"؛ أي: وهو ما أمكن اجتماعه مع الطلب عقلا وامتنع الاجتماع شرعا، والقسمان الباقيان يصح فيهما الاجتماع عقلا وشرعا. "د".
قلت: انظر تفصيل ما عند المصنف مع تعليق عليه في "بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله" "2/ 431-436"، وقارن ما عنده بـ"بداية المجتهد" "2/ 159"، و"الفتاوى الكبرى" "3/ 239" لابن تيمية، و"إعلام الموقعين" "4/ 6 وما بعدها"، و"المدخل الفقهي" "1/ 522".
3 يعني: ليس واجبا وإن كان مطلوبا شرعا كما يوضحه فيما بعد. "د".

 

ج / 1 ص -442-       فهذه أربعة أقسام1:
فأما الأول:
فنحو زوال العقل بنوم، أو جنون، أو غيرهما، وهو مانع من أصل الطلب جملة؛ لأن من شرط تعلق الخطاب إمكان فهمه لأنه إلزام يقتضي التزاما، وفاقد العقل لا يمكن إلزامه2 كما لا يمكن ذلك في البهائم والجمادات، فإن تعلق طلب3 يقتضي استجلاب مصلحة أو درء مفسدة؛ فذلك راجع إلى الغير، كرياضة البهائم وتأديبها, والكلام في هذا مبين في الأصول4.
وأما الثاني:

فكالحيض والنفاس، وهو رافع لأصل الطلب وإن أمكن حصوله معه، لكن إنما يرفع مثل هذا الطلب بالنسبة إلى ما لا يطلب به5 البتة؛ كالصلاة، ودخول المسجد، ومس المصحف، وما أشبه ذلك، وأما ما يطلب به6 بعد رفع المانع؛ فالخلاف بين أهل الأصول فيه مشهور، لا حاجة بنا7 إلى ذكره هنا، والدليل على أنه غير مطلوب حالة وجود المانع أنه لو كان8 كذلك؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بلا تخالف فيها بين العلماء. "ماء".
2 في الأصل: "التزامه".
3 أي: بسبب عمل صدر من غير العاقل؛ كإتلاف البهيمة مال الغير، وكالصبي يقتل غيره مثلا، فضمان المتلف وغيره من الأحكام لا يتعلق بالبهيمة والصبي، وإنما يتعلق بربها وبولي الصبي. "د".
4 وهي مسألة الفهم شرط التكليف، راجع ابن الحاجب. "د".
5 يعني: اتفاقا. "د". وفي "ط": "مثل هذا أصل الطلب...".
6 كقضاء الصوم على الحائض؛ فهل هو بأمر جديد ولم تكن مأمورة به وقت الحيض؟
وهو المعتمد، راجع مسألة الأداء والقضاء في ابن الحاجب. "د".
7 في النسخ المطبوعة: "لنا"، وما أثبتناه من الأصل و"ط".
8 الدليلان الأولان عامان في رفع أصل الطلب لما لا يطلب بعد وما يطلب، بخلاف الثالث؛ فخاص بما لا يطلب. "د".

 

ج / 1 ص -443-       لاجتمع الضدان؛ لأن الحائض ممنوعة من الصلاة، والنفساء كذلك، فلو كانت مأمورة بها أيضا1؛ لكانت مأمورة حالة كونها منهية بالنسبة إلى شيء واحد2، وهو محال، وأيضا إذا كانت مأمورة أن تفعل, وقد نهيت أن تفعل؛ لزمها شرعا أن تفعل وأن لا تفعل معا، وهو محال، وأيضا؛ فلا فائدة في الأمر بشيء لا يصح لها فعله حالة وجود المانع ولا بعد ارتفاعه؛ لأنها غير مأمورة بالقضاء باتفاق.
وأما الثالث:
فكالرق والأنوثة بالنسبة إلى الجمعة والعيدين والجهاد، فإن هؤلاء قد لصق بهم مانع مع انحتام هذه العبادات، الجارية في الدين مجرى التحسين3 والتزيين؛ لأنهم من هذه الجهة غير مقصودين بالخطاب فيها إلا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في الأصل: "أيضا بها".
2 وهو الصلاة, أي: ومن جهة واحدة؛ فليست كالصلاة في الأرض المغصوبة؛ فلهذا صحت الاستحالة. "د".
3 جعل الجهاد من النوع الثالث التحسيني، ولم يجعله من المقاصد الضرورية ولا الحاجية، وقد عده هو في تحرير الأصول من الضروري وقال: "محل كونه كذلك إذا كانوا حربا علينا لا لكفرهم؛ ولذا لم تقتل المرأة والصبي والراهب وقبلت الجزية؛ فالدين لا يحفظ مع كونهم حربا علينا لأنه مفضٍ إلى قتل المسلم أو فتنته عن دينه". ا. هـ. فيبقى الكلام فيما إذا لم يكونوا حربا بل كانوا لا يتعرضون لنا وهم في بلاد بعيدة عن بلاد المسلمين، وليس هناك عهد بيننا وبينهم؛ فهل يكون قتالهم في هذه الحالة من الضروري أم من التحسيني؟ الظاهر هذا، ويكون الجهاد منه ما لا يتم حفظ الدين إلا به، ومنه ما لا يكون كذلك؛ فيكون تحسينيا من باب الأخذ بالأحوط، ليحمل كلامه هنا وهناك على هذا التفصيل. "د".
وكتب "خ" هنا ما نصه: "ساق المصنف الجهاد هنا مساق التحسينات، وسيصرح في كتاب المقاصد بأنه من قبيل الضروريات وهو الصواب؛ إذ لا يستقيم الدين ولا يحفظ العرض إلا بإقامته على وجه صحيح، بل دلت التجارب الطويلة على أن في إضاعته إتلافا للأموال، وسقوطا في هاوية الفقر، وإلقاء بالأنفس المسلمة في قبضة من لا يرى سفك دمها الطاهر جناية تستحق عقابا، بل يسوقها إلى حروب لا تنال منها إلا موتة خاسرة وخزيا لا ينمحي".

 

ج / 1 ص -444-       بحكم التبع، فإن تمكنوا منها؛ جرت بالنسبة إليهم مجراها مع المقصودين بها، وهم الأحرار الذكور، وهذا معنى التخيير بالنسبة إليهم مع القدرة عليها، وأما مع عدم القدرة عليها؛ فالحكم مثل1 الذي قبل هذا.
وأما الرابع:
فكأسباب الرخص، هي موانع من الانحتام، بمعنى أنه لا حرج على من ترك العزيمة ميلا إلى جهة الرخصة؛ كقصر المسافر، وفطره، وتركه2 للجمعة، وما أشبه ذلك.
المسألة الثانية:3
الموانع ليست بمقصودة للشارع، بمعنى أنه لا يقصد تحصيل المكلف لها ولا رفعها، وذلك أنها على ضربين:
ضرب منها داخل تحت خطاب التكليف -مأمورا به أو منهيا عنه أو مأذونا فيه- وهذا لا إشكال فيه من هذه الجهة؛ كالاستدانة المانعة من انتهاض سبب الوجوب بالتأثير لوجود إخراج الزكاة، وإن وجد النصاب؛ فهو متوقف على فقد المانع، وكذلك الكفر المانع من صحة أداء الصلاة والزكاة أو من وجوبهما4، ومن الاعتداد بما طلق في حال كفره، إلى غير ذلك من الأمور الشرعية التي منع منها الكفر، وكذلك الإسلام مانع من انتهاك حرمة الدم والمال والعرض إلا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: من رفع أصل الطلب، وهل يندرج فيه أيضا؟ بحيث يقال: إنه وجد مانع شرعي من توجه الطلب؛ لأن امتثال أمر السيد بأعمال أخرى في وقت هذه العبادات يعد مانعا شرعا، وحينئذ؛ فينتقل هذا النوع الثالث إلى النوع الثاني. "د".
2 في "د": "تركه" بدون الواو.
3 يحاذى بها وبما بعدها المباحث المتقدمة في المسألتين السادسة والسابعة في الشروط. "د".
4 أي: على الخلاف بين الجمهور والحنفية في تكليف الكفار بالفروع. "د".

 

ج / 1 ص -445-       بحقها؛ فالنظر في هذه الأشياء وأشباهها من جهة خطاب التكليف خارج عن مقصود المسألة.
والضرب الثاني هو المقصود، وهو الداخل تحت خطاب الوضع من حيث هو كذلك؛ فليس للشارع قصد في تحصيله من حيث هو مانع، ولا في عدم تحصيله؛ فإن المِدْيَان ليس بمخاطب برفع الدَّيْن إذا كان عنده نصاب لتجب عليه الزكاة، كما أن مالك النصاب غير مخاطب بتحصيل الاستدانة لتسقط عنه؛ لأنه من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف، وإنما مقصود الشارع فيه أنه إذا حصل ارتفع مقتضى السبب.
والدليل على ذلك أن وضع السبب مكمل الشروط، يقتضي قصد الواضع إلى ترتب المسبب عليه، وإلا، فلو لم يكن كذلك؛ لم يكن موضوعا على أنه سبب، وقد فرض كذلك، هذا خلف، وإذا ثبت قصد الواضع إلى حصول المسبب؛ ففرض المانع مقصودا له أيضا إيقاعه قصد إلى رفع ترتب المسبب على السبب، وقد ثبت أنه قاصد إلى نفس الترتب، هذا خلف، فإن القصدين متضادان، ولا هو أيضا قاصد إلى رفعه؛ لأنه لو كان قاصدا إلى ذلك؛ لم يثبت في الشرع مانعا.
وبيان ذلك أنه لو كان قاصدا إلى رفعه من حيث هو مانع؛ لم يثبت حصوله معتبرا شرعا، وإذا لم يعتبر؛ لم يكن مانعا من جريان حكم السبب، وقد فرض كذلك، وهو عين التناقض.
فإذا توجه قصد المكلف إلى إيقاع المانع أو إلى رفعه؛ ففي ذلك تفصيل، وهي:

 

ج / 1 ص -446-       المسألة الثالثة:
فلا يخلو أن يفعله أو يتركه من حيث هو داخل تحت خطاب التكليف؛ مأمورا به، أو منهيا عنه، أو مخيرا فيه، أو لا.
فإن كان الأول؛ فظاهر؛ كالرجل يكون بيده1 له نصاب، لكنه يستدين لحاجته إلى ذلك، وتنبني الأحكام على مقتضى حصول المانع.
وإن كان الثاني، وهو أن يفعله مثلا من جهة كونه مانعا، قصدا لإسقاط حكم السبب المقتضي أن لا يترتب عليه ما اقتضاه؛ فهو عمل غير صحيح.
والدليل على ذلك من النقل أمور، من ذلك قوله, جل وعلا:
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا} الآية [القلم: 17]؛ فإنها تضمنت الإخبار بعقابهم على قصد التحيل لإسقاط حق المساكين، بتحريهم المانع من إتيانهم وهو وقت الصبح الذي لا يبكر في مثله المساكين عادة2، والعقاب إنما يكون لفعل محرم.
وقوله [تعالى]3:
{وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231]، نزلت بسبب مضارة الزوجات بالارتجاع أن لا ترى بعده زوجا آخر مطلقا4،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كلمة "بيده" ليست في "م" و"خ".
2 يعني: فالمانع عادي، وليس بشرعي حتى ينطبق عليه تعريف المانع الذي هو موضوع هذه المباحث، وهو ما اقتضى حكمة تنافي حكمة السبب، وعليه فما وجه ذكره هنا؟ إلا أن يقال: إن العقاب على تحصيل المانع العادي يفيد أن تحصيل المانع الشرعي قصدا مثله؛ فإن القصد في كل الوصول إلى موجب الحرمان. "د".
3 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
4 هذا إنما يظهر حسبما كان عليه الأمر قبل نزول آية:
{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}؛ فقد كانوا يطلقون ويرتجعون لا إلى حد، يضارون الزوجات بذلك، فلا يضمنها الرجل إليه ولا يدعها تتزوج طول حياتها. "د".

 

ج / 1 ص -447-       وأن1 لا تنقضي عدتها إلا بعد طول؛ فكان الارتجاع بذلك القصد إذ هو مانع من حلها للأزواج.
وفي الحديث:
"قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها2 فباعوها"، وفي بعض الروايات: "وأكلوا أثمانها"3.
وقال عليه الصلاة والسلام4:
"ليشربن ناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها"5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في "م": "أو".
2 قال "ماء": "فجملوها؛ بالجيم، والميم المشددة؛ أي: أذابوها".
3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، 4/ 424/ رقم 2236، وكتاب المغازي، باب منه، 8/ 20/ رقم 4296" مختصرا، وليس فيه اللفظ المذكور، "وكتاب التفسير، باب
{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}، 8/ 295/ رقم 4633"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، 3/ 1207/ رقم 1581"، وأحمد في "المسند" "3/ 324، 326"، وأبو داود في "السنن" "كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، 3/ 279/ رقم 3486"، والنسائي في "المجتبى" "كتاب البيوع، باب بيع الخنزير، 7/ 309"، والترمذي في "الجامع" "أبواب البيوع، باب ما جاء في بيوع جلود الميتة والأصنام، 3/ 591/ رقم 1297"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب التجارات، باب ما لا يحل بيعه، 2/ 732/ رقم 2167" مطولا من حديث جابر بن عبد الله، وفيه اللفظ المذكور.
4 في "م": "عليه السلام".
5 أخرجه ابن ماجه في "السنن" "كتاب الأشربة، باب الخمر يسمونها بغير اسمها، 2/ 1123/ رقم 3385"، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" "رقم 8" عن بلال بن يحيى العبسي عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز عن ثابت بن السمط عن عبادة مرفوعا بلفظ:
"... باسم يسمونها إياه".
وإسناده جيد، رجاله رجال الشيخين؛ غير بلال بن يحيى، قال ابن معين: "ليس به بأس"،  ووثقه ابن حبان.
وتابعه شعبة، ولكنه أبهم الصحابي، وذلك لا يضر، وأسقط "ثابت بن السمط"، ولفظه لفظ المصنف.
أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 237" بإسناد صحيح.
وللحديث شواهد من حديث أبي مالك الأشعري وسيأتي تخريجه "3/ 113"، وعائشة، وأبي أمامة الباهلي، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم, رضي الله عنهم.

 

ج / 1 ص -448-       وفي رواية: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف"1 الحديث.
وفي بعض الحديث: "يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء بخمسة أشياء: يستحلون الخمر بأسماء يسمونها بها، والسحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنى بالنكاح، والربا بالبيع"2. فكأن المستحل هنا رأى أن المانع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، 10/ 51/ رقم 5590"؛ فقال: وقال هشام بن عمار عن صدقة بن خالد عن ابن جابر عن عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري به.
وقد وصله جماعة؛ منهم: ابن حبان في "الصحيح" "15/ 154/ رقم 6754- الإحسان"، والطبراني في "الكبير" "رقم 3417"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "3/ 272 و10/ 221"، وابن حجر في "تغليق التعليق" "5/ 17-19"، وهو حديث صحيح. وانظر: "السلسلة الصحيحة" "رقم 91".
وكتب "خ" هنا ما نصه: "الحر: هذا اللفظ مضبوط في معظم الروايات من "صحيح البخاري" بالحاء المهملة والراء الخفيفة، قال ابن العربي: روايته بالمعجمتين تصحيف، وإنما رويناه بالمهملتين، وهو الفرج، والمعنى: يستحلون الزنى".
قلت: وهو في الأصل المخطوط و"ماء" بالمعجمتين؛ فاقتضى التنويه.
2 أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" "1/ 218" ثنا عبد العزيز بن محمد المسكي نا ابن الجنيد نا سويد عن ابن المبارك عن الأوزاعي رفعه.
وإسناده ضعيف؛ لأنه معضل، الأوزاعي ثقة من أتباع التابعين, رحمه الله تعالى.
وكتب "خ" هنا ما نصه: "استحلال القتل باسم الإرهاب هو ما يرتكبه السلطان الجائر في طمس أعلام العدالة، وإطفاء نور الحرية, من اضطهاد بغاة الإصلاح والدعاة إلى الحق ورفعهم على أعواد المشانق، أو ضرب السيوف على أعناقهم بدعوى حماية الملك والذود عن "حرم" السياسة"!!

 

ج / 1 ص -449-       ثهو الاسم؛ فنقل المحرم إلى اسم آخر، حتى يرتفع ذلك المانع فيحل له.
وقال تعالى:
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12]؛ فاستثنى الإضرار، فإذا أقر في مرضه بدين لوارث، أو أوصى بأكثر من الثلث قاصدا حرمان الوارث أو نقصه بعض حقه بإبداء هذا المانع من تمام حقه؛ كان مضارا، والإضرار ممنوع باتفاق.
وقال تعالى:
{وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} الآية [النحل: 91].
قال أحمد بن حنبل: عجبت مما يقولون في الحيل والأيمان، يبطلون الأيمان بالحيل، [وقال تعالى:
{وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91]]1.
وفي الحديث:
"لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ2"3.
وفيه:
"إذا سمعتم به -يعني: الوباء- بأرض؛ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فرارا منه"4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ما بين المعقوفتين سقط من "د".
2 في الأرض المباحة بئر للشخص، وفي الأرض كلأ مباح يريد أن يمنع الناس منه بإيجاده مانعا لهم من رعيه، وهو بخله بسقيهم من فضل ماء بئره، فنهي عن ذلك. "د".
3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب المساقاة، باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى، 5/ 31/ رقم 2253"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب المساقاة، باب تحريم فضل بيع الماء، 3/ 1198/ رقم 1566" عن أبي هريرة, رضي الله عنه.
4 أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، 10/ 178 =

 

ج / 1 ص -450-       والأدلة هنا في الشرع كثيرة من الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح, رضي الله تعالى عنهم.
وما تقدم من الأدلة والسؤال والجواب في الشروط جارٍ معناه في الموانع، ومن هنالك يفهم حكمها، وهل يكون العمل باطلا أم لا؛ فينقسم إلى الضربين؛ فلا يخلو أن يكون المانع المستجلب مثلا في حكم المرتفع، أو لا؛ فإن كان كذلك؛ فالحكم متوجه، كصاحب النصاب استدان لتسقط عنه الزكاة، بحيث قصد أنه إذا جاز الحول رد الدين من غير أن ينتفع به، وإن لم يكن كذلك، بل كان المانع واقعا شرعا؛ كالمطلق خوفا من انحتام الحنث عليه؛ فهو محل نظر -على وزان ما تقدم في الشروط- ولا فائدة في التكرار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= -179/ رقم 5728"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، 3/ 1737/ رقم 2218" من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- وهو أشهر ما ورد في الباب، وفيه عن سعد بن أبي وقاص وخزيمة بن ثابت وزيد بن ثابت وشرحبيل بن حسنة وجد عكرمة بن خالد وأم أيمن -رضي الله عنهم- وأخرج ذلك بتفصيل حسن شيخ المحدثين ابن حجر العسقلاني في كتابه "بذل الماعون في فضل الطاعون" "ص250 وما بعدها".
قال: "د": "وهذا الحجر الصحي الذي يتبجح باختراعه خدمة للإنسانية أهل هذا العصر فيه في كلتا جهتيه قصد إلى المانع لكونه مانعا؛ فقدومهم على أرضه رفع للمانع من إصابتهم عادة؛ فنهوا عنه، وخروجهم من أرضه تحصيل للمانع من إصابتهم وهو بعدهم عنه، وحكمة الأول ظاهرة، وحكمة الثاني من الوجهة الدينية الصرفة الفرار من قدر الله والركون إلى محض الأسباب، وإن كان عمر قال في مثله: "نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله"، ومن الوجهة الشرعية الصحية: خشية تلويث الجهات الأخرى بالجراثيم التي ربما تكون علقت بهم أو بأمتعتهم".