الواضح في أصول الفقه فصل
في الأجوبةِ عمَّا ذكروه
فأمَّا أنَّه بُعِثَ إلى الكافَّة، فليسَ يُعطي هذا أنَّه قد
أعطى الكافَّة حقَهم من الخطابِ؛ لأنَّ البلاع إذا قُصِدَ به
تعميمُ الكلِّ، وجَبَ أنْ يستوعِبَ كلَّ أُمَّةٍ (4) بجميع ما
شُرِعَ لهم، كما أنَّ العربَ استوعبت بخطابِهم بالأَوامرِ (5)
كلَها والنّواهي، والوعدِ والوعيدِ، والأمثالِ والمواعظِ،
فأمَّا أن يُبعثَ بالرسولِ إلى الهندِ، فيقول لهم: (مشكاةٌ)،
فَمُحالٌ (6) في الأوامرِ والنواهي، وأقسامِ ألفاظِ التكليفِ
كلِّها، التي هي المقصورةُ على العربِ، ويُبعثَ إلى الفرس، فلا
يُخاطبهم بما يخصُّهم به، إلا أنْ يقولَ لهم: (سجِّيل)، و
(إسَتبرق)، ويُبعثَ إلى النبط، فيقولَ لهم: (طه)، هذا من
أَهْجنِ المقالاتِ.
__________
= والسين المهملة، بمعنى التبسم، هندي، وليس في القرآن بهذا
المعنى.
(1) تقدم في 2/ 381.
(2) في الأصل: "عتب".
(3) في الأصل: "عن".
(4) في الأصل: "لغة".
(5) في الأصل: "الأوامر".
(6) في الأصل: "محال".
(4/59)
على أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
بُعِثَ إلى العربِ، وهم أهلُ صناعةِ الكلامِ، وجُعلَ عجزُهُم
عن مثلِه حجةً على غيرهم، كما جُعلَ عجزُ السَّحرةِ عمَّا جاءَ
به موسى عليه السلام حجةً على غيرِهم من بني إسرائيل.
جوابٌ آخر عن قولهم. إنَّا قد وجدنا ذلك.
وهو أنَّ المحقِّقين من أهلِ اللغةِ قالوا: إنَّ هذه كلمات
تواطأت، فسارت، فكانت في العربيةِ كهي (1) في غيرها من اللغات،
مثل تَنُّور، بكل لغةٍ تنورٌ، وتواطأ (2) لسان العربِ والفرس
في (سجِّيل) و (إستبرق)، والنبطِ والعربِ في (طه)، وأنَّه
الرجَلُ، فلا يكون خروجاً عن العربية، بل مساواةً لغيرها، وأما
(الأبُّ): فما خَفي على عُمر لأنَّه ليس من العربية، لكنْ
لأنَّ من العربيةِ ما يُجهلُ عند قومٍ، ويُعرفُ عندَ غيرِهم،
ولهذا رُويَ عن ابن عباس أنه قال: ما كنت أدري ما معنى:
{فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 14]، حتى سمعت
امرأةً من العرب تقول: أنا فطرته، فعلمت أنه أراد: منشىءَ (3).
وإلاَّ، فالأبُّ في اللغةِ: الحشيشُ (4).
على أنَّ العربيةَ قد وافقت غيرَها في أشياءَ، كقولِ الفُرس:
سروال، مكانَ قولِ العرب: سراويل، وتقولُ في السماءِ: أسمان،
والكلُّ قالوا: صابون، وتَنُّور، فما اختلف فيها لغتان.
__________
(1) في الأصل: "فهي".
(2) في الأصل: "فواطأ".
(3) تقدم في 2/ 419.
(4) قال الزجاج: الأب: جميع الكلأ الذي تعتلفه
الماشية."اللسان": (أب).
(4/60)
فصل
في تفسيرِ القرآنِ بالرأي والاجتهادِ (1)
لا يجوزُ عند أصحابنا، بل لا يجوزُ إلا نقلاً، لقوله (2)
تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
[النحل: 44]، فردَّ البيانَ إليه - صلى الله عليه وسلم -، فلأْ
يجوزُ أن يُسمعَ من غيرِه.
ورويَ عن ابنِ عباس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ:
"من قالَ في القرآن، برأيِه، فلْيتبوَّأْ مَقْعدَه منً
النَّار" (3).
وروى جندبٌ أيضاً عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"من قالَ
في القرآنِ برأيِه، فأصاب، فقد أخطأ" (4).
__________
(1) راجع "العدة" 3/ 710، و"التمهيد" 2/ 283، و"المسودة" (174
- 175)، و"شرح الكوكب المنير" 2/ 157.
(2) في الأصل: "كقوله".
(3) أخرجه من حديث ابن عباس: أحمد (2069) و (2429) و (3025)
طبعة مؤسسة الرسالة، والترمذي (2951)، والبغوي، (118).
وقد ورد الحديث عند بعضهم بلفظ: "بغير علم" بدل "برأيه"،
وإسنادالحديث ضعيف لضعف عبد الأعلى الثعلبي، ومع ذلك فقد حسنه،
الترمذي.
(4) أخرجه من حديث جندب: أبو داود (3652)، والترمذي (2952)،
والبغوي (121).
قال الترمذي: هذا حديث غريب.
وفي إسناد الحديث: سهل بن أبي حزم، وهو لا يحتج به، ضعفه =
(4/61)
يعني (1): أخطأ بسلوكِه طريقَ الرأي،
وإصابتُه تكون موافقةً، وهذا عينُ الخطأ.
وروي عن عائشة قالت: ما كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-، يفسِّر من القرآنِ إلا آياً بعددٍ، علمهنَّ إياهُ جبريلُ
عليه (2) السلام (3).
ورويَ أنَّ سعيدَ بن المسيِّب، سئل عن آيةٍ من القرآن، فقالَ:
لا أقولُ في القرآنِ شيئاً (4).
قال صاحبنا أبو بكر، وهو راوي هذه الأحاديث: ولأنَّ التأويلَ
خطرٌ، لأنَّه قد يفسِّر برأيه، فيكونُ باطنُ ذلكَ عند الله
خلافه، أما رأيتَ الذي تركَ تحتَ رأسِه خيطين فقال له النبيُّ
- صلى الله عليه وسلم -: "إنَّك لعريض الوساد (5)، إنما هما
خيطا الفجر" (6)؟!
__________
= البخاري، وأحمد، وأبو حاتم.
(1) في الأصل: "يعطي".
(2) في الأصل: "عليها".
(3) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4528)، والبزار (2185)، وذكره
الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 303.
وإسناده ضعيف لجهالة فلان بن محمد بن خالد.
(4) انظر "تفسير الطبري" 1/ 37.
(5) في الأصل: "الوساط".
(6) جاء ذلك في حديث عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية:
{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، أخذتُ عقالاً
أبيض، وعقالاً أسود، فوضعتهما تحت وسادتي، فنظرتُ فلم أتبتن،
فذكرتُ
ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فضحك، وقال: "إن وسادكَ
إذاً لعريض طويلٌ، إنما هو الليل".
أخرجه أبو داود (2349)، والطبراني في "الكبير" 17/ 176، وابن
حبان =
(4/62)
فصلٌ
فأمَّا نقلُ التفسيرِ عن الروايةِ فقربة وطاعة، وقد فسر أحمدُ
وأَوَّلَ (1) كثيراً من الآي، على مقتضى اللغةِ، من ذلك: {مَا
يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}
[المجادلة: 7]، الآية، فقال: بعلمِه، وقال في قولِه: {إِنَّنِي
مَعَكُمَا} [طه: 46]: هو جائز في اللغة، يقول الرجل: سأجري
عليك رزقاً، أي: أفعلُ بكَ خيراً.
والدليل على جوازِ ذلك، والتقربِ به:
قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29].
ورويَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دعا لابن عباس،
فقال: "اللهمَ فَقهه في الدين، وعلِّمه التأويل" (2)، ولو لم
يكن فضيلةً، لما دعا له بها، وقَرَنَهُ إلى الفقه في الدين.
ورويَ أنه لما استعمله عليُّ بن أبي طالب على حجٍّ، خَطبَ (3)
__________
= (3463). وإسناده صحيح.
(1) في الأصل: "تأويل".
(2) أخرجه أحمد 1/ 266 و 314، وابن حبان (7055) بهذا اللفظ من
حديث ابن عباس قال: كنتُ في بيت ميمونة بنت الحارث، فوضعتُ
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طهوراً، فقال: "من وضعَ
هذا؟ " قالت ميمونة: عبد الله. فقال - صلى الله عليه وسلم -:
"اللهمَّ فقهه في الدِّين، وعلمه التأويل".
وأخرجه بلفظ: "اللهمَ فقهه في الدين": أحمد 1/ 327، والبخاري
(143)، ومسلم (2477)، وابن حبان (7053).
(3) في الأصل: "فخطب".
(4/63)
خطبةً لو سمِعَها التُّركُ والرُّومُ
لأسلموا، قرأ سورة النُّور؟ (1) وفسَّرها (2).
ورويَ عن ابن مسعود، قالْ كان الرَّجلُ منا إذا تعلَّمَ عشرَ
آيات، لم يجاورهُنَّ حتى يعلمَ تأويلَهنَّ، ويعملَ بهنَّ (3).
ولأنَّ القرآنَ نزلَ بلغتهم، فوجبَ تفسيرُ ما أُغلق منه على
غيرهم بشواهدِ لغتهم، من نثرِهم، وأشعارِهم، وخطبِهم.
فصلٌ
في الرُّجوعِ إلى تفسيرِ أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه
وسلم -
كلامُ صاحبنا يدلُّ على الرُّجوع إلى تفسيرِهم في عدةِ رواياتٍ
عنه، [كما] في إيجابِ مِثْلِ الصُّيودَ على المحرِمين، تفسيراً
(4) منهم (5) لقوله تعالى: {ومَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ
مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}
[المائدة: 95]، ومثلُ كلامِهم في الكلالَةِ. (6)
__________
(1) في الأصل: "الروم".
(2) مقدمة "تفسير الطبري" 1/ 36.
(3) أحرجه الطبري في مقدَمة "تفسيره" 1/ 35.
(4) في الأصل: "مفسراً".
(5) أشار أبو يعلى إلى ذلك في "العدة" 3/ 721، فقال: روى صالح،
عن أبيه- أي: الإمام أحمد- قال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا
قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، فلما حكمَ أصحابُ
الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الظبي بشاة، وفي النعامة
ببدنة، وفي الضبع بكبش، دلَّ على أنه أراد الشِّبْهَ.
(6) يقصد بكلامهم في الكلالة: أنَّ أكثرَ قول أصحاب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، أنَّ
الكلالةَ: من لا ولدَ له، ولا والد. فاستقر حكمُ الآية على
ذلك. انظر"العدة" 3/ 723.
(4/64)
وذلكَ لأنَّهم جَمَعوا بين معرفة اللغةِ،
والسَّماعِ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا أعرفَ
بالتأويلِ والتنزيلِ، ولذلكَ جعلنا قولَهم حجةً، وهذا أيسرُ من
جعلِ قولهم [غيرَ] حجةٍ؛ لأنَّه نوعُ تأويل.
وقالَ في التأويل [عن التابعين: إذا جاءَ الشيءُ عن الرجلِ من
التابعين، لا يوجد فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا
يلزم الأخذ به.
وقال:] (1) يُنْظر ما كانَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -،
أو عن أصحابِه، فإن لم يكن، فعن التابعين. فتحقق في تفسيرِ
التابعين روايتان.
قالَ شيخُنا رضيَ الله عنه: يحملُ على إجماعِهم (2).
وهذا التأويلُ منه يسقطُ فائدةَ تخصيصِ أحمدَ بالتابعينَ،
لأنَّ الإجماع من علماءِ كلِّ عصيرٍ حجةٌ مرجوعٌ إليها، مقطوعٌ
بها.
فصلٌ
يجوزُ أن يرادَ باللفظ الواحدِ معنيانِ مختلفانِ (3)،
كالقُرءِ، والشَّفَقِ، واللَّمس، فيراد بالقُرءِ: الحيضُ
والطهرُ، ويرادُ بالشفقِ: البياضُ والحمرَةُ، وباللَّمسِ:
يرادُ به: اللمسُ باليدِ والجِماعُ، وبه قال الجُبائي.
__________
(1) ما بين معقوفين ليس في الأصل، واستدركناه من "مسائل الإمام
أحمد"
برواية أبي داود (276 - 277)، و "العد" 3/ 724؛ لضرورة صحة
السياق.
(2) انظر "العدة" 3/ 724.
(3) وإلى هذا ذهب الإمام الشافعي. انظر "البرهان" 1/ 243،
و"المستصفى" 2/ 71، و"التبصرة" (184)، و "جمع الجوامع" 1/ 197.
(4/65)
وقال أصحابُ أبي حنيفةَ: لا يجوزُ ذلك (1)،
وهو قولُ أبي هاشم.
فصلٌ
في أدلتنا
فمنها: أنَّا أجمعنا على أن المعنيينِ المختلفين (2) يجوز أن
يُرادا (3) بلفظين، فنقول: كلُّ معنيين جاز إرادتُهما بلفظين
مختلفين، جاز إرادتُهما بلفظ واحد، كالمعنيين المتفقين (4).
مثال ذلك: أن نقول: إذا أحدثتَ فتوضأ، ونريد به: البولَ
والغائطَ، أو اغتسلْ، ونريدُ: [من] إنزالِ المنيِّ والتقاءِ
الختانين.
ومنها: أنَّ إرادَتَهما باللفظِ الواحد غيرُ مستحيل، بدليل
أنَّه لو استحالَ، لما صحَ التصريحُ به، بدليلِ أنَّ العمومَ
والخصوصَ لمّا استحالَ إرادتُهما معاً باللفظِ الواحِد، لم يجز
أنْ يَرِدَ لفظٌ واحدٌ يرادان به جميعاً، وأجمعنا ها هنا على
أنَّه لا يستحيلُ في اللغةِ أن يقول: أُريدُ بقولي:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ
قُرُوءٍ} [البقرة: 228]: الحيضَ والأطهارَ. وأريدُ بقولي: وقتُ
المغرب باقٍ ما لم يغب الشفقُ: الحمرةَ والبياضَ. {أَوْ
لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}
__________
(1) ينظر قول الحنفية هذا في "الفصول في الأصول" 1/ 77،
و"أُصول السرخسىِ" 1/ 126، 162، و"تيسير التحرير" 1/ 235.
(2) في الأصل: "مختلفين".
(3) في الأصل "يجوزان فيرادا".
(4) "التبصرة" (185).
(4/66)
[النساء: 43] أريدُ به اللمسَ باليدِ
والجماعَ، واللفظُ صالحٌ لهما، إمَّا حقيقةً فيهما أوإما
مجازاً، (1).
ولا ينكرُ في اللغةِ الاشتراكُ في الصيغةِ الواحدةِ بين
المعاني المختلفة. ومع هذه الجملة، فلا وجهَ للمنعِ منه.
فصلٌ
في شبهِهِم
فمنها: أنَّ الألفاظَ والصيغَ، وضعتْ للبيانِ (2) والإفهامِ،
فإذا جُوِّزَ أن يراد بالصيغةِ الواحدة معنيانِ مختلفانِ، كان
تضليلاً وتلبيساً يخرجُ (3) عن قصدِ الوضعِ الأول من الإفهامِ
والبيانِ إلى ضده (4)، ومثلُ ذلكَ ما جازَ في لغتِهم، بدليلِ
أنَّ صيغةَ (افعل) لم يجزْ أن تَرِدَ والمرادُ بها الاستدعاءُ
والتهديدُ، فَلمّا (5) وضعت للاستدعاءِ في الأصلِ، لم يجزْ أن
يرادَ بها غيرُ ما وُضعتْ له، أو (6) ضده، وهو التهديدُ
الموجِبُ للكفِّ والتركِ.
ومنها: أنَّه لو جازَ أن يُراد (7) باللفظ الواحد معنيانِ
مختلفان،
__________
(1) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
(2) في الأصل: "للسان".
(3) في الأصل: "فخرج".
(4) في الأصل: "إلى ضده من الإفهام والبيان".
(5) في الأصل: "لما"
(6) في الأصل: "بل".
(7) في الأصل: "يرد".
(4/67)
لجازَ أن يردَ لفظٌ واحدٌ يرادُ به التعظيمُ والتهوينُ،
والكرامةُ للشخصِ والإهوانُ به، ولمَّا لم يجزْ ذلكَ، عُلِمَ
بطلانُ هذا المذهب.
ومنها: أنَّ طريقَ هذا: استعمالُ القومِ، وما سمعنا منهم
إيرادَ لفظٍ واحدٍ المرادُ به معنيان مختلفان (1): أحدُهما
حقيقةٌ، والآخرُ مجازٌ (2)، أو أحدُهما صريحٌ، والآخر كنايةٌ،
وإذا ثبتَ ذلكَ، لم يجز لنا أنْ نبنيَ مذهباً على خلافِ
وَضعِهم، فيكونُ دعوى عليهم، بما (3) لم يثبتْ عنهم (4). |