الواضح في أصول الفقه

فصل
يجوز أَن يَرِدَ من اللهِ سبحانه الإِذنُ لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - في الحكم بما أَرادَ وشاءَ؛ بأن يجعلَ له تأييداً وعِصْمةً في موافقةِ الصَّوابِ، وتجنّبِ الخطأ، بناءً على جواز الاجتهاد (2 فيما يَتعلقُ بالشرع. وهو اختيارُ الجرجانيِّ، وقولُ الشافعيةِ، وجمهورِ أهل الحديثِ 2).
وحُكِيَ عن جماعة من المعتزلة، وعن أَبي سفيان السَّرخسيِّ من أَصحاب أَبي حنيفة: المنعُ من ذلك.

فصل
في أَدلَّتنا على جواز ذلك
فمنها: أَنَّ الله سبحانه قادرٌ على إِنزالِ ما هو الأَصلحُ للمكلفين من الأَحكام قولاً يُتْلى، فَيتَّبعُه الرَّسولُ، ويدعو إِليه، فيكونُ الحقَّ والصَّوابَ، وهو القادرُ على إِلهامهَ - صلى الله عليه وسلم - سلوكَه باجتهادِه المسلكَ الذي يَهجُمُ به على الحقِّ والصَّواب، وتوفيقِه لإِصابة الحقِّ، وعصمتِه من الزَّللِ في رأيه، كما عَصَمَه عن الكذب في نطقِه، وإذا كان قادراً على ذلك، فلا وجهَ للمنع منه؛ إِذ كان مؤدِّياً له إِلى الصَّوابِ الذي يُدرِكه بالنّصوصِ التلوةِ والوحي
__________
(1) في الأصل: "واجباً".
(2 - 2) خرمٌ في الأصل، واستدركناه من "العدة" 5/ 1587، و"المسودة" (510).

(5/410)


الصَّادر عن الله، أو (1) بواسطة الراي والاجتهاد.
ومنها: أَنَّه إِذا جاز أن يَكِلَ أُمور الدنيا، وسياساتِها؛ من الحروبِ وتراتيبِها، والعطاء لمن يكونُ عطاؤه (2) مصلحةً، والمنع لمن يكونُ عطاؤه مفسدةً، إلى رأيِه ورايِ أَصحابه، ويَحُثَّه على مشاورتهم؛ اعتماداً على ما مَنَحَهم من الآراءِ السَّليمةِ، والعقولِ الصَّحيحة، جاز أن يَكِلَ أَمرَ الأَحكامِ الدينيةِ إِلى رأْيه واجتهادِه، مع منحته ما يكونُ به مدركاً للصَّوابِ ومُتنكِّباً للخطأ.
ومنها: أَنه قد وُجِدَ ذلك، ولا يُستنكرُ مثلُه من جهةِ الله سبحانه؛ لأنَّ غيرَ الجائز (3 عليه لا يوجَدُ 3) فإِذا وجد، فقد جاز، وإِذا جاز، فلا وجه (3. . . . . . 3) الكفر به إِلى الرَّاي، والتخيير في حقِّ كافَّةِ المكلَّفين، وكان اختياز المكلَّفِ لايها وافق، فهو الأَصلح، ولو اختارَ ثلاثةٌ من الكلفين كلُّ واحدٍ منهم أَحدَ تلك الثلاث، استوعب باختيار الثلاثة الثلاث، وكان كلُّ واحدٍ منها في حقِّ مَنِ اختاره هو الأَصلح.
ومن ذلك: قولُ عمر: وافقت ربي في ثلاث، فنزل القرآن على اختيارِ عمر في ثلائةِ أَحكام: آيةِ الحجاب، واستقبالِ الكعبة بدلاً من بيتِ المقدس، والمنع من المفاداة في حقِّ الأَسرى (4). وأَخَّر معاذٌ قضاءَ ما فاته مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مع كون السُّنَّة الأولى تقديم قضاء ما فات؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -:"سنَّ
__________
(1) في الأصل: "لا".
(2) في الأصل: "العطا".
(3 - 3) خرم في الأصل.
(4) تقدم تخريجه 3/ 419.

(5/411)


لكم معاذ، فاتَّبعوا سنَّته (1) "، ومعنى هذا: موافقة ما نزل به الوحى؛ لا أَنَّ معاذاً وضع ذلك شريعةً، فإِذا كان في أمَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يوافقُ رأيه وحيَ اللهِ، فلا نكيرَ أن يعلم الله سبحانه من نبيه موافقةَ الأَصلح فيما يختاره، فيقول له: احكمْ بما ترى، فهو اختيارُنا وحكمُنا.
وقد رأَيتُ لبعض الأُصوليين استدلالاً في هذه المسألة (2) بقوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} [آل عمران: 93]، فأَثبت تحريمَ الطعام على بني إِسرائيل بتحريم نبي على نفسه، فقال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ}، فأَبان بذلك أَنَّه إِنما حرَّمه على بني إِسرائيل بتحريمه واختياره، ولو لم يكن جائزاً في العقل، لما جاز في حقِّ أَحدٍ في شريعةٍ من الشَّرائع.

فصل
في جمع شبههم
فمنها: أَنَّ الأُمورَ الشَّرعية والأَحكامَ الدينية مبنية على المصالح التي لا عِلْمَ للخلق بها، فإذا قيل للبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: احكم بما ترى، كان تفويضاً إِلى مَنْ لا علمَ له بالأَصلح، فيحيل المصالح الدينية، والأَحكام الشرعية.
ومنها: أَنَّ لنا صواباً في الرأي، وصدقاً في الخبر، ثم إِنه لا يجوزُ أَن
__________
(1) تقدم تخريجه 3/ 419.
(2) أورد هذا الاستدلال أبو الحسين البصري في "المعتمد": 890 ونسبه لأبى علي الجُبائي.

(5/412)


يُخبِرَ بمالا يَعلَمُ كونه صدقَاَ؛ ليوافق الصدق، كذلك لايجوزُ أَن يحكمَ بما لاطريقَ إِلى العلم بصوابه؛ ليوافق الصواب.
ومنها: أنَّه لو جاز ذلك، لجاز أَن يرسل الله رسولاً؛ ويجعل إليه أن يشرعِ شريعةً برَأيه (1)، وينسخ ما تقدمه الشريعة برأْيه، وينسخ أَحكاماَ أَنزلَها اللهَ عليه برأيه، ويرى أَن نسخَها أَصلحُ من استدامتِها بحكمِ الحالِ التي تجدَّدت، فيُبَيحَ الخمرَ بعدَ أَن حُرِّمَتْ، ويُبيحَ الجمعَ بين الأُختين، والأمهاتِ، والأَخواتِ من الرَّضاع؛ لواقعةٍ تقر لَه من المصلحة التي يراها، أَو يَخُصَّ من يرى أَنه لا يستجيبُ لتحريمِ ذلك بالإباحةِ له، ويُحرَمَ ذلك على مَن يَعلَمُ أَنَّه سريعُ الانقيادِ، وإلى ما شاكلَ ذلك من الآراءِ وألاختياراتِ السَّانحةِ له.
وإِن جوَّزتم ذلك؛ لِما يَعلَمُ من الإصابةِ، فلا يَبعُدُ أن تُجوِّزوا أَن يُقالَ له: أَخبر بما شئتَ في المستقبل من أَمرِ الدنيا والآخرة، فسيُوافَقُ تحقيقُ (2) خبرك، ويوقع ما أَخبَرتَ به علىِ ما أَخَبَرتَ، وأَن يقان له: ومَن اختارِ من أَصحابك والتابعين لك شيئاً، فهو الحقّ؛ وهو الصَّوابُ، فاجعَلْهُ شرعاً متَبعاً، وديناً لمن بعدَهم من أُمتِك.

فصل
في جمع اللأجوبة عن شبههم
أَمَّا اعتبارُ المصالح، فأصحابنا يمنعون اعتبارَ ذلك، وأشتراطه من طريق الإيجابِ على اللهِ سبحانه، وذلك أَصل أتَّسعَ الكلامُ فيه في أُصولِ
__________
(1) في الأصل: "بعرانه".
(2) في الأصل: "تحريك".

(5/413)


الديانات، ولو دَخَلنا على تسليمِه، وأَنَّه معتبرٌ على طريقِ النَّظر، لما امتنعَ أَن يُلهِمَ الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - الحقَّ والصَّوابَ في كلِّ حادثةٍ تَحدُث في عصرِه، فلا يعدو باجتهادِه الحقَّ عندَ الله، والصوابَ الذي هو أَصلحُ له ولأُمتِه، كما خص بعضَ أَتباعِه -وهو عمر بن الخطاب- فيما وافقَ الوحيُ فيه رأيَه، وموافقتُه (1) فيما بَدَرَ مِن عمرَ يجوزُ أَن تدومَ في حقِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، كما أَنَّه جعلَ له أَن يأْخذَ الماءَ من العطشان، ويَتزوجَ ما شاء من النسوان، وكما أَنه نَقَلَه من قبلةِ بيت المقدس إِلى الكعبةِ، وقال له: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فمَقْ نقلَهُ من قبلةٍ إِلى قبلةٍ ترجِّياً لرضاه، وجعلَ ذلك الرِّضا موافقاً للأَصلح، لا يَبعُدُ أَن يجعلَ رضاه ومشيئتَه مقصورتين علىِ ما هو الصَّوابُ عنده، ويُجنِّبَه إِرادةَ الخطأ، ومحبَّة المفاسد، ويَقْصُرَ مشيئته واختيارَه على الصالح، وعساه إِذا قال له: افعل ما تشاء، تَوَخَّى الصَّوابَ بنوع من النَّظر والاجتهاد، ولم يَحكُمْ بنادرةٍ شيئاً، من غيرِ تقديمِ رويةٍ، وهذا هو الظَّاهرُ من حاله - صلى الله عليه وسلم -، وما يليقُ بمحاسنِ سياستِه، وقد بدرَ منه ذلك مطاوي كلامه، حيث قال: "إِنى لأعطي الرَّجلَ وغيرُه أَحبُّ الي منه خوفاً على إيمانه، وإِنِّي لأَكِلُ أَقواماَ أَمنعهم (2) إِلى إيمانهم" (3)، والتأَلُّف (4) بالمال، وإِن كان مأموراً به، لكن مقاديرُ العطا" كان موكولاً [بها] إِلى رايه.
__________
(1) في الأصل: "ووافقه".
(2) في الأصل: "اببفهم".
(3) أخرجه مسلم (150) من حديث سعد بن أبي وقاص.
وأخرجه بنحوه البخاري (923) من حديث عمرو بن تغلب.
(4) في الأصل: "وبالف".

(5/414)


ولأنَّ الله سبحانه قد خيَّر بين أَعيانٍ في التكفيرِ فأَي الأنواع شاءَ، كفر به، وإنما كان كذلك عند المعتبرين للمصالح؛ لأَنَّه (1) علم أَنَّ المكلف لايختار واحداً من الأعيان إِلا وهو المصلحة والصَّوابُ، وكذلك وَكَلَ الى رأي المزكِّين إِخراجَ أَيِّ أَعيانِ الغنم أوِ البقرِ أَو الإِبل شاؤُوا، كذلك في إِطلاق رقبةٍ في الكفَّارة، فلم يُعيِّنْ أَحدَ رقابه من عبيده وإِمائه، بل وَكَلَ ذلك إِلي رايه.
وأَمَّا الخبر، فلا يمتنِعُ أَن يقالَ له: أَخبِرْ بالفتحِ أَو النصرِ، ثم يمدُّهم بالنَّصرِ والفتع تصديقاً لخبره، أَو يقالَ له: أَخبر بما تحِبّ أَن تخبرَ به، فيُحِبُّ أَن يُقوِّيَ قلوبَهم بالخبر السَّار، فيخبرُهم، فيؤيدُ الله خبرَه بتحقيق ذلك، فلا يَبعُدُ ذلك من طريق العقل والشَّرع؛ والواحد منَّا يقولُ لوكيلِه: وكَّلْتكَ وكالةً مطلقةً، فمهما رأَيتَ من المصلحة، فأَمضه واسلكه؛ فيصالح إِنْ رأَى الصُّلْحَ، ويبرئ إِن رأَئ الإِبراء ويُشَدِّدُ إِنْ رأَى التَّشديدَ ويسهلُ إِن رأَى التَّسهيلَ، مع ثقته براي وكيلِه وحِذْقِه، فما ظنّكَ بالقادِر على أَن لايوقعَ في قلبه إِلاَّ حب الأَصلح دونَ الأَفسدِ، ويقدرَ على تصديق إِخبارِ رسوله بإِيقاع ما أَخبرَ بوقوعه، والمنع لما أَخبرَ بعدمِ وقوعه، كما يُخبِر عن نفسه؟ مثل قوله في أَبي لهب: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} [المسد: 3]، وكما قال سبحانه: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83]، فلما رأموا الخروجَ معه، ثبَّطهم، وقال سبحانه في جواب قولهم {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ}: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا
__________
(1) في الأصل: "أنه".

(5/415)


كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} [الفتح: 15]، فكما جاز أَن يُقَدِّم قولاً منه سبحانه بخبر، ثم يؤيِّدُه بالتصديقِ، كذلك يجوزُ أَن يأمرَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بأَن يخبرَ بالخبر، ثم يؤيِّده بالتَّصديق لما أخبر أُمته به، ولافرقَ، ويكون اعتمادُه فيما يقدمُ عليه من الخبر على أنَّ الضَّامن له تصديقَ خبره قادرٌ على ذلك، فلا يكون حازراً ولا مخمِّناً، بل قاطعاً بكون ما أَخبرَ به على ما أَخبر.
وأما بعثته لرسولٍ يجعلُ إِليه ما يشرعُه برايه واختياره، وَيقصُرُ شريعتَه على ذلك، من غير وحي يَتنَزَّلُ إليه سوى قوله: احكم بما ترى، فجائزٌ (1)، ولا يفعلُ ذلك إِلاَّ في حقِّ مَنْ يَعلَمُ أَنَّ المصالح ونفيَ المفاسدِ واستقامةَ أَحوالِ الأمَّة، حاصلةٌ فيما يراه ويدبِّرُه بصحيح نظرِه، ولامانعَ من ذلك من جهةِ الشَّرع والعقلِ، ولا نَعلَمُ وجهاً لإحالة ذلك وامتناعِه، وغاية ما يُتَخَوَّفُ من هذا: وقوعُ الخطأ، ونحن نقول: إِنّه لايجعلُ الرأيَ إِلى رسولٍ من رسله إِلاَّ وقد علمَ عصمَتَه من الخطأ، وإِنْ لم يَعصِمْه عن وقوع الخطأ، عصمَه عن استدامةِ الخطأ، بأن لايُقِرَّه عليه، كما قلنا في الاجتهادِ الواقع منْهُ، وأنه لايُقَرُّ على الخطأ، وكما أخبرَ سبحانَه عن إِلغاءِ (2) ما يُلقيه الشَّيطانُ من الفتنة: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52].

فصل
يجوزُ للعاميِّ تقليدُ العا لمِ فيما يسوغ، فيهِ الاجتهادُ، ومالايسوغُ، فيَرْجعُ إلى قولِهِ في الفعل والتركِ، وبه قالَ الأكثروتَ.
__________
(1) في الأصل: "جاز".
(2) فى الأصل: "الياء".

(5/416)


وقالَ أَبو عليٍّ (1) مِنْ أصحابِ الشَّافعيِّ: لايجوزُ تقليدُهُ للعالمِ فيما لايسوغُ فيهِ الاجتهادُ.
وقالَ بعضُ الأُصوليينَ: لايجوزُ لَهُ الأخذُ بقولِهِ حتى يَعْرفَ العاميُّ علَّةَ الحكمِ الذي أفتى به ذلكَ العالمُ.

فصل
في أدلّتنا
فمنها: قولُهُ تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وهذا يعمُّ ما يسوغُ ومالا يسوغُ، ومَنْ يَعْلَمُ علَّةَ الحكمِ ومَنْ لا يعلمُ.
ومنها: أَنَّ العاميَّ ليسَ معَهُ آلةُ الاجتهادِ، فجازَ له التقليدُ، قياساً على ما يسوغُ فيه الاجتهادُ.
ومنها: أنَّ إلزامَ العاميِّ معرفةَ الدليلِ وعلَّةَ الحكمِ يقطعُهُ عن المعاش، فإنَّ ذلكَ إنَّما يتحصَّلُ للمتبتلِ لذلكَ من طلبةِ العلمِ، والمُنْتَدبونَ (2) لذلكَ تراهُمْ يقطعونَ الأعمارَ فيه حتى يتحصَّلَ لهم طرفٌ منه، وقلَّ مَنْ يبلغُ مرتبةَ الاجتهادِ، وما بلغ هذا المبلغَ من الإِضرارِ، سقطَ، كالتزامِ الحجِّ في كلِّ سنةٍ، وإِلزامِهم أنْ يتفقَّهوا في الدينِ كلهم، وأن يتكلَّفوا بلوغَ مرتبةِ الاجتهادِ.
__________
(1) هو أبو على الطبري الحسن بن القاسم، تقدمت ترته 2/ 60.
(2) في الأصل: "والمتدس".

(5/417)


فصل
في جمع شبههم
فمنها: أنَّ أكثرَ ما في هذا: أنَّ الأدلة تغمضُ وتدقُ، وذلكَ لايبيحُ التقليدَ، كما نقولُ في معرفةِ اللهِ سبحانَه، وما يجبُ لَه، وما لا يجوزُ عليهِ، وما يجوزُ عليهِ، وأدلةُ هذا الأصلِ العظيمِ أدقُّ، وما جازَ لأحدٍ أنْ يُقلِّدَ فيه.
ومنها لأبي علي (1): أنَّ ما لا يسوغ فيه الاجتهادُ، ففيه دليلٌ مقطوعٌ به، فلا يجوز التقليدُ فيه؛ كالاعتقاداتِ في مسائلِ الأصولِ.

فصل
في الأَجوبه عن شبههم
أمَّا الأوَّلُ، فإنٌ مسائلَ الأصولِ للعامِّيِّ فيها آلةٌ يتوصلُ بها إلى معرفةِ الأدلةِ التي تخصُّها، وهي العقلُ، وليسَ للعاميِّ آلةُ الاجتهادِ في الأحكامِ؛ لأنَّ الأدلَّةَ فيها مكتسبةٌ ومُقتَبَسَةٌ بالتعليمِ لا بالقريحةِ؛ لأنَّ أكثرَها نُقولٌ تحتاجُ إلى قطع أزمنةٍ يتعطَّلُ فيها المعاش.
وأمَّا ما تعلَّقَ به أبو علي، وقولُه: ما لا يسوغُ مقطوعٌ، لكن دليل المقطوع ليسَ معه آلتُه، والإجماعُ فلا بُدَّ أنْ يستندَ إلى أدلةٍ.
وأمَّا تعلقُه بالعقلياتِ، فقد سبقَ الجوابُ عنه.
__________
(1) يعني الجُبَّائي، انظر "التبصرة": (414).

(5/418)


فصل
لا يجوزُ للعاميِّ تقليدُ مَن شاءَ مِن العلماءِ، بل يجبُ عليهِ أن يتخيَّرَ الأعلمَ والأورعَ تَحرِّياً لدينه بحسبِ جهدِه، وبهذا قالَ ابنُ سُريج والقفال من أصحابِ الشّافعيِّ (1).
وقالَ جماعةٌ من العلماءِ: لا نُلزِمُه ذلكَ، وعليه الأكثرونَ من أصحابِ الشّافعيِّ (2).

فصل
في الدَّلالةِ على ذلك
فمنها: أنَّ اجتهادَ العلماءِ إنَّما اعتبرَ؛ ليكونوا إلى إصابةِ الحقِّ أقربَ، وعن الخطأِ أبعدَ، وذلك موجودٌ في حقِّ المستفتي (3) فإنّه إذا تحرَّى الأفقهَ والأعلمَ، كانَ إلى إصابةِ الحقِّ باتباع فتواهُ أقربَ.
ومنها: أنَّ معه آلةً يتوصَّلُ بها إلى معرفةِ الأَعلمِ، والأعلمُ إلى إصابةِ الحقِّ أقربُ، فلا يجوزُ أن يعطلَ إعمالَ آلتِه في ذلك (4)، كما لا يجوزُ للعالمِ أنْ يعطِّلَ ترجيحَ ما بينَ الأدلَّةِ، وإمعانَ النَّظرِ فيها؛ ليكونَ إلى الإصابةِ للحقِّ أقربَ.
__________
(1) انظر "التبصرة" (415).
(2) انظر، المنخول" (479)، و "فوات الر حموت" 2/ 404.
(3) في الأصل: "المستثني".
(4) في الأصل: "كذلك".

(5/419)


فصل
في شبههم
فمنها: تعلُّقُهم بقولِه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، ولم يُفرِّقْ بينَ شخصٍ وشخصٍ، وعالمٍ وعالمٍ، بعدَ أنْ جمعتهم أهليةُ الذكرِ.
ومنها: أنَّ مَن جازَ تقليدُه إذا كانَ وحدَه، جازَ تقليدُه وإنْ كانَ معه غيرُه، كما لو كانا متساويينِ.
ومنها: أنَّ تجويزَ التقليدِ في الأصلِ إنَّما كانَ؛ لأنَّ تكليفَ التعلمِ لما يصيرُ به مجتهداً مشقةٌ عظيمةٌ معطلةٌ للنّاسِ عنِ المعاشِ والأشغالِ الدنيويةِ، وهذا موجودٌ في تكليفِ اجتهادِ كلِّ عاميِّ لمعرفةِ الأعلمِ؛ فإنه لا طريقَ إلى معرفةِ ذلكَ إلاّ بنوع نظرٍ واستدلالٍ، فوجبَ أنْ لا يُعتبرَ، كما لم يُعتبر أصلُ الاجتهادِ.

فصل
في الأجوبةِ
أمّا الآيةُ، فلا بُدَّ فيها من إضمارِ: مَن عَلِمْتُم عدالتَه مِن أهلِ الذكرِ، وعقلَه وبلوغَه، وذلك بأدلَّةٍ أَوْجبت ذلك، فيُضْمَرُ: من علمتم تَرَجّحَه (1) على غيرِه، بما ذكرْنا مِن الدلالةِ في نهى [و] أمَرَ، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"إذا
__________
(1) في الأصل: "من حجه".

(5/420)


أمَرْتُكم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعْتُم" (1).
وأمّا إذا كانَ وحدَه تعيَّنَ، فليس (2) إذا تعيَّنَ بالوحدةِ، لم يجبِ الاجتهادُ عندَ اجتماع غيرِه معَه؛ بدليلِ الأدلَّةِ والبَيِّناتِ إذا تعارضَتْ، فإنَّ الآياتِ والأخبارَ والبيناتِ يجبُ الاجتهاد للعملِ عندَ تقابلِها؛ إمّا للجمع، أو الأخذِ بالأخصِّ بالحكمِ وإسقاطِ غيرِه، وحكمُ الأَشخاصِ كذلك؛ ولأنَّ الواحدَ ما يخلو من اجتهادٍ في النَّظرِ إلى أحوالِه وخلاله التي تحصُلُ معَها الثقةُ إلى فتواهُ.
وأمّا دعوى المشقَّةِ في ذلكَ، فبعيدٌ، لأنَّ المشقَّةَ إنَّما حَصَلَتْ في بابِ تحصيلِ العلومِ الصالحةِ للاجتهادِ، لأنَّها بعيدةُ القعرِ، كثيرةٌ صعبةٌ، تقطعُ الزمانَ على أربابِ الأَشغالِ، فأمّا تميزُ ما بينَ شخصينِ؛ فإنَّ ذلك يحصلُ بالسَّماع مِن أهلِ الخبرةِ بذلكِ.

فصل
لا يجوزُ خلوّ عصرٍ من الأعصارِ مِن مجتهدٍ يجوزُ للعاميِّ تقليدُه، ويجوزُ أنْ يُولَّى القضاءَ خلافاً لبعضِ المُحْدَثينَ في قولِهم: لمْ يبقَ في عصرِنا مجتهدٌ (3).
__________
(1) تقدم تخريجه 2/ 548.
(2) في الأصل: "وليس".
(3) انظر "المسودة" (472) و "الإحكام" للآمدي 4/ 233.

(5/421)


فصل
في أدلَّتنا
فمنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "العلماءُ ورثةُ الأنبياءِ" (1)، وأحقُّ الأممِ بالوراثةِ هذه الأُمَّةُ، وأحقُّ الأنبياءِ بإرثِ العلمِ عنه نبيُّ هذه الأُمَّةِ؛ إذ لا نبيَّ بعدَ نبيِّها.
ومنها: أنَّ الاجتهادَ طريق لمعرفةِ حكمِ اللهِ في كلِّ حادثةٍ، فلو لم يبقَ مجتهدٌ، لتعطَّلتِ الحوادثُ عن أحكامِ اللهِ، فإنَّ غيرَ المجتهدِ إنما يقولُ حزراً وتخميناً، وذلك ليس بطريقٍ في الشَّرع.
ومنها: أنَّه لا طريقَ للعامَّةِ إلاّ التقليدُ، ولا يجوزُ لهمُ التقليدُ إلاّ لمجتهدٍ، فلو خلا العصرُ مِن مجتهدٍ، لا نْقطَع طريقُ الاتباع، والإصابةِ لحكمِ اللهِ، فلا عالمَ يَجْتَهِدُ، ولا عاميَّ يمكنُه التقليدُ معِ فقدِ المجتهدِ، فتبقى الأمَّةُ في الحيرةِ والضَّلالِ، وقد ضمنَ الله سبحانه حفظَ الأمَّة وحراستَها عنِ الضَّلالةِ؛ بقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "أمتي لا تجتمعُ على ضلالةٍ" (2).
ومنها: أنا أَجْمَعْنا أنَّ الإجماعَ دلالةٌ معصومةٌ قطعيةٌ، وليسَ الإجماعُ إلاّ اتفاقَ أهلِ الاجتهادِ على حكمِ الحادثةِ، فإذا عُدمَ المجتهدُ، عُدِمَ الإجماعُ، [و] أفضى إلى بقاءِ الأُمَّةِ بغيرِ معصومٍ يخلفُ النبيَّ المعصومَ.
ومنها: أنَّ التفقّهَ في الدينِ فرض على الكفايةِ، إذا اتفقَ على تركِه
__________
(1) تقدم تخريجه ص (121).
(2) تقدم تخريجه ص (106).

(5/422)


الكلُّ، أَثِمُوا كلّهم، وكانوا جاهلينَ كلّهم بحكمِ الحادثةِ إذا حَدَثَت، وكانوا مجمعينَ في تركِهم على ضلالةٍ، وقد أخبرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ أمتَه لا تجتمعُ على ضلالةٍ، وهذا يعمّ الاعتقادَ والفعلَ، فكما لا بُدَّ مِن مُعتقِدٍ للحقِّ في أُمَّتِه، لا بدَّ مِن طالبٍ للحقِّ، وإهمالُ الاجتهادِ ضلالٌ، وليس بحق، وخبرُ النبيِّ لا يقعَ بخلافِ مُخبَرِه.

فصل
في شبههم
فمنها: أنَّ شروطَ الاجتهادِ قد تَعذَّرَتْ؛ إذ كانت علوماً شّتى، بينَ لغةٍ، وعربيةٍ، وحفظِ كتابِ اللهِ، وسنةِ رسولِه، ومعرفةِ أحكامِ القرآنِ، والحديث، والصَّحيح مِنه والفاسدِ، ومعرفةِ الخاصِّ والعامِّ، والناسخ والمنسوخ، والمطلقِ والمقيَّدِ، ثُمَّ يعرفُ القياسَ، وشروطَه، وصحيحَه وفاسدَه، وغيرَ ذلكَ مِن الأدلّةِ، ويضعُها مواضِعَها، وما يناسبُها فيها مِن الأحكامِ ويُلائمُها، وذلك لا يكمُلُ فيه أحد في عصرِنا على حَسَبِ ما نعرفُه مِن علمائِنا، وتقصُّرِهم عن علومِ السَّلفِ.
ومنها: أنْ قالوا: إنَّ العلماءَ اليومَ بينَ محقِّقٍ في النَّظرِ وتشقيقِ المعاني، ليسَ لَه قدم في الكتابِ والسُّنَّةِ، أو محقِّق في الكتابِ والسنة، قاصرٍ (1) في القياس، ولا تجتمع علومُ الاجتهادِ [لأحدٍ]، إلاً ويُقَصِّرُ في بعضٍ إذا تفرَّدَ في بعضٍ، فإنْ بَدَرَ مَن يومأُ إليهِ بالتكافلِ، كانَ فاسقاً بمخالطةِ ظلمةِ السَّلاطينِ، وأكلِ الحرامِ، ولبسِ الحريرِ، وغيرِ ذلك مِن الأسبابِ الموجبةِ
__________
(1) في الأصل: "قاص"

(5/423)


للفسقِ، بخلافِ السَّلفِ الذينَ تَكامَلَتْ أدواتُ الاجتهادِ فيهم، معَ عدالتِهم، وزهدِهم في الدنيا، وعفتِهم، وإذا كانَ ذلك متعذراً بما نعلمُه ونقطعُ بِه، كانَ إثباتُ الاجتهادِ الصّالح للاستفتاءِ، وانعقادِ الإجماعِ، كإثباتِ الرّافضةِ الإمامَ المعصومَ الذي لا نعرفُه، فإجماعُكم الذي تثبتونه اليومَ، كإثباتِ الإمامِ المعصومِ عندَ القومِ، ولا إمامَ لأولئك نعلمُه، ولا إجماعَ، ولا اجتماع لأدوات (1) الاجتهادِ في أحدٍ نعرفُه، وإنّما هو مجرد شبهةٍ (2 لأسماء عنها 2).

فصل
في الأجوبةِ
أمّا الأوَّلُ، وتعظيمُ شروطِ الاجتهادِ، وتعدادُها، فلا عاقلَ شَرَطَ لهذا العمرِ القصيرِ، والعلومِ المهولة الكثيرةِ، أن يكون الواحدُ في النحوِ كالخليلِ وسيبويهِ، وفي اللغةِ كالأصمعيِّ وأبي زيدٍ، وفي الفقهِ كأبي يوسفَ ومحمدٍ، أو الأثرمِ والكوسج، أو كأبى القاسمِ الخرَقى في البلاغةِ والجوالةِ في الفقهِ، أو المزنيِّ وابنِ سُرَيج، وفي القراءةِ كابنِ مجاهدٍ، وفي الحديثِ كابنِ معين أو سفيانَ، فضلاً عنِ المشايخ الأكابرِ كأبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشَّافعيِّ، وأحمدَ بنِ حنبل، لكنَّ المأخوذَ على المجتهد معرفةُ ما جمعته كتبُ الفقاءِ في أصولِ الفقه وفروعه منْ معرفةِ الأدلةِ، وذلك لا يقصر
__________
(1) في الأصل: "ادوات".
(2 - 2) هكذا في الأصل.

(5/424)


عنه منتدبٌ للفتيا، ولقد وقفَ الأواخر مِن علوم الأوائل، وما تَجدَّدَ من الحوادث، على ما كادوا يتزيدونَ بهِ على مَنْ قبلَهم، وللسبق حكمُه من الفضل، والغُلوُّ في تعظيمِ الأوائلِ بحطِّ المتأخرين عن مناصبِهم غيرُ محمودٍ في الشَّرع والعقلِ، والعدلُ إعطاغ كلِّ إنسان منزلتَه، فلا يجوز حطُّ الأواخرِ عن منزلةٍ بلغوها، كما لا يجوز إعطاءُ الأوائل منزلةً لم يبلغوها، والحقُّ أحقُّ أنْ يتبَعَ، وقد رأينا مَنْ تقدَّم، لمَّا بقيَ بعضُهم، فتواترت عليه الحوادثُ، وكثرتِ المسائل، تَقَدَّمَ في الفقهِ تقدماً (1) فاقَ به مَنْ تقدَّمَه فإذا وُجدَ مثلُ ذلك في عصرنا، لم يجز أن يُحرمَ صاحبُه رتبةَ الاجتهادِ؛ لكونِهِ في عصرٍ تأخرَ عن عصرِ السَّلفِ، وهذا سائرُ العلومِ السَّابقُ والتَّالي فيها سواءٌ، إذا كانَ سالكاً طريقَتَه في العلْمِ، وعاملاً عملَهُ، وسادّاً مَسَدَّهُ، ولا يُحرَم الأواخرُ رتبةَ الأوائل، لمكانِ مجردِ التقدُّم.
وأمَّا تعلُّقهم بالفسق، ومخالفة العلم، فلا وجه [له]؛ لأنَّ العَصْرَ لا يخلو من عاملٍ بعلْمِه ونعوذُ بالله أن يُدَّعى أنَّ العصرَ يخلو من عدلٍ، ولئن جازَ دعوى ذلك، وَجَبَ أن يَنسدَّ طريقُ الأخبارِ والشَّهادات، فإنَّ العدالةَ المعتبرةَ في الفتوى، والاجتهادِ الحاصلِ ممن (2) ينعقدُ به الإجماع، معتبرةٌ لرواةِ الأحاديث التي عليها تنبني أحكام الشَّريعة، وكما لا يجوز أنْ يقالَ: لا عدلَ تثبتُ به الحقوق، ولا تصحُّ به رواية الأخبار، لا يجوز أن يُقال: لا عدلَ مجتهدٌ تحصلُ به الفتوى، وكما أنَّ الشَّرعَ معنيٌّ بأمرِ الحقوقِ،
__________
(1) في الأصل: "بعدما".
(2) في الأصل: "ميمن".

(5/425)


وأخبارِ الديانات؛ لئلاّ تتعطَّلَ، فكذلك (1) معنيّ بأمر الفُتيا والتقليد والإجماع؛ لئلا يتعطل هذا الأمرُ العظيمُ الذي تعمُّ حاجة المكلًفينَ إليه، وبه يصلح أمرُ العالمَ.
فإن قيل: أليس الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم - قد قالَ "إنّ الله لا يَقْبضُ العلمَ انتزاعاً من صدورِ [العباد]، لكن يَقبِضُه بموت العلماءِ، فإذا لَم يبقَ عالمٌ اتخذَ النًاسُ رؤوساً جُهّالاً، فسُئلوا، فأَفْتَوْا بغيرِ علمٍ، فضَلّوا، وأَضَلُّوا" (2).
قيلَ: وقد روي عن على أنَّه قال: لا تخلو الأرضُ من قائمٍ لله بحجةٍ.
وما روي عنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - محمولٌ على طرفٍ من الأطرافِ، أو صُقْعٍ من الأصقاع، أو أرادَ به: قلةَ القومِ، مثل قولنا: لم يبقَ في البلدِ رجلٌ، نعني به: قلَّ الرِّجالُ، [و] قيلَ بحضرة النبي: أُبيدَتْ خضراءُ قريش، فلا قريشَ بعد اليوم، ففهمَ مراد القوم، وهو كثرةُ القتلى.