تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة (كتاب الزَّكَاة)
(2/5)
فارغة
(2/6)
(" كتاب الزَّكَاة ")
(2/7)
فارغة
(2/8)
لوحة 24 من المخطوطة أ:
مسَائِل الزَّكَاة مطمعة ممتنعة لامتزاج حق الله تَعَالَى
فِيهَا بِحَق الْآدَمِيّ، وَكَونهَا تدخل تَحت الْعِبَادَات
وَتَحْت الْمُؤَن والنفقات، ولهذه الْمعَانِي ترددت الآراء
فِيهَا.
وَاعْلَم أَن فِي هـ من الْإِبِل شَاة، وَفِي شَاتَان كَذَلِك
إِلَى كه وفيهَا بنت مَخَاض كَذَلِك إِلَى لَو وفيهَا بنت لبون
إِلَى مو وفيهَا حقة إِلَى سا وفيهَا جَذَعَة إِلَى صا وفيهَا
حقتان إِلَى قكا وفيهَا ج بَنَات لبون وَاسْتقر الْحساب عندنَا
وَلَا تزَال تترقى العشرات فَإِذا صَار قل فحقة وبنتا لبون
وَفِي قُم حقتان وَبنت لبون، وَفِي قن ثَلَاث حقاق هَكَذَا
ينْحَصر الْوَاجِب فِي الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وتنقضي على
الأربعينات والخمسينات، (وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ)
يُوَافق إِلَى قك وَفِيه حقتان الواجبتان فِي صا، نعم إِذا
زَاد على قك.
قَالَ: يستبقى الحقتان ويستأنف الْحساب فِي الزَّائِد فَيجب
فِي هـ شَاة، وَكَذَلِكَ إِلَى كه فَيجب فِي قمه حقتان وَبنت
خَاضَ فَإِذا بلغ قن وَجب ج حقاق ثمَّ يسْتَأْنف الْحساب إِلَى
كه يُوجب بنت مَخَاض إِلَى لَو
(2/9)
فَيُوجب فِي قفو ثَلَاث حقاق وَبنت لبون،
فَإِذا صَارَت قصو صَارَت د حقاق (كَذَلِك إِلَى ر ويبتدي
كَذَلِك) بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَاعْلَم (أَنا إِذا ابتدأنا) بِالْإِبِلِ تأدبا بالْخبر
الشريف وَكَأَنَّهُ جرى على غَالب أَمْوَال الْعَرَب.
وَاعْلَم أَن فِي ل من الْبَقر تبيع، وَفِي س تبيعان هَلُمَّ
جرا فِي كل ل تبيع وَفِي كل م مُسِنَّة.
أما الْغنم فَفِي م شَاة شَاة، وَفِي قكا شَاتَان، وَفِي را
ثَلَاث شِيَاه وَفِي ت أَربع شِيَاه، وَمَا بَين ذَلِك أوقاص
لَا يعْتد بهَا، ثمَّ يسْتَقرّ الْحساب فِي كل ق شَاة شَاة،
وَالشَّاة الْوَاجِبَة فِي الْغنم إِمَّا الْجَذعَة من
الضَّأْن أَو الثَّنية من الْمعز، وَكَذَلِكَ الشَّاة المخرجة
من الْإِبِل وجنسها من جنس غنم الْبَلَد بِخِلَاف مَا يُؤْخَذ
من الْغنم فَإِنَّهُ من جنسه.
وَالْفرق بَينهمَا: أَن الشَّاة الْمَأْخُوذَة من الْإِبِل
تتَعَلَّق بِالذِّمةِ وَمَا يتَعَلَّق بِالذِّمةِ ينْصَرف
إِلَى مُطلق مَوْجُود الْبَلَد وَتلك تتَعَلَّق بِالْمَالِ
فَأخذت من
(2/10)
جنسه، وَمن وَجب عَلَيْهِ بنت مَخَاض وَلم
يكن فِي مَاله أَخذ مِنْهُ ابْن لبون، وَإِن لم يكن فِي مَاله
جَازَ شري ابْن لبون، وَلَو كَانَ فِي مَاله بنت مَخَاض
مَعِيبَة فَهِيَ كالمعدومة، وَإِن كَانَت كَرِيمَة لزمَه
شِرَاء بنت مَخَاض، وَلَا تجب الزَّكَاة فِي الْخَيل وَلَا فِي
الْمُتَوَلد بَين الظباء وَالْغنم.
(2/11)
(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالسِّتُّونَ:
إِذا زَادَت الْإِبِل على 120: (سا))
الْمَذْهَب: فِي م بنت لبون وَفِي ن حقة.
عِنْدهم: يسْتَأْنف الْفَرْض بِالشَّاة وَبنت مَخَاض.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
كتب عَلَيْهِ السَّلَام كتاب الصَّدَقَة وَقَالَ فِيهِ: إِن
زَادَت الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فَفِي كل خمسين حقة، وَفِي
الْأَرْبَعين بنت لبون، وَقرن الْكتاب بقراب سَيْفه، وَعمل
بِهِ الشَّيْخَانِ رَضِي الله عَنْهُمَا.
لَهُم:
كتب عَلَيْهِ السَّلَام فِي صحيفَة عَمْرو بن حزم الزَّكَاة
وَقَالَ: فَإِذا زَادَت الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فَفِي كل
أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَفِي خمسين حقة فَمَا فضل عَن ذَلِك
يُعَاد إِلَى أول الْفَرِيضَة، فَإِذا بَقِي أقل من خَمْسَة
عشر فَفِي كل خمس ذود شَاة.
(2/12)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الأَصْل أَن يجب فِي الشَّيْء من جنسه وخولف عِنْد الْقلَّة
ضَرُورَة، فَأَما سُقُوط بنت مَخَاض لأَنا اقتصرنا على أَوسط
الْأَسْنَان وَهِي الحقاق وَبَنَات اللَّبُون وَفِي الأوقاص
على أوسطها وَهِي تِسْعَة لَا أَرْبَعَة عشر وَلَا أَرْبَعَة
وَخير الْأُمُور أوساطها.
لَهُم:
مَا صرنا إِلَيْهِ وفْق الْقيَاس، وَهُوَ الِاسْتِقْرَار مَعَ
الْعود بِدَلِيل عود التبيع فِي الْبَقر، وَإِيجَاب ثَلَاث
بَنَات لبون إِمَّا أَن يكون مُخَالفا للنَّص فِي أَرْبَعِينَ
وَثلث أَو مُخَالفا لِلْأُصُولِ، لِأَن الْبَعِير لَا يَأْخُذ
قسطا من الْوَاجِب وَبِغير الْوَاجِب.
مَالك: يجب فِي صا إِلَى قك حقتان ويوافق فِي الثَّانِي.
أَحْمد: وَافق مَالِكًا.
التكملة:
عبارَة مَا يحْتَمل الْمُوَاسَاة من جنسه فَلَا يعدل إِلَى
غَيره قِيَاسا على كل مَال كثير، مَأْخَذ فِي نفي بنت مَخَاض،
نقُول: سنّ لَا يتَكَرَّر وُجُوبه فِي مائَة وَعشْرين فَلَا
يتَكَرَّر فِيمَا بعد، كالجذعة ثمَّ الْمُوَالَاة) بَين وقصين
غير مَعْهُود بل الْعَادة أَن يَنْقَطِع كل وقص بنصاب وَقد
والوا بَين وقصين من أحد
(2/13)
وَتِسْعين إِلَى مائَة وَعشْرين، وَإِلَى
خَمْسَة ثمَّ أوجبوا بنت مَخَاض فِي مائَة وَخَمْسَة
وَأَرْبَعين، وحقة فِي مائَة وَخمسين وَلم يعْهَد ذَلِك فِي
الشَّرْع بل الترقي من بنت مَخَاض إِلَى بنت لبون إِلَى حقة
ثمَّ جعلُوا وقص نِصَاب الحقة ثَلَاثِينَ وَهَذَا غير
مَعْهُود، ثمَّ نقُول: النّصاب أَرْبَعُونَ لَكِن شَرعه أَن
يزِيد على مائَة وَعشْرين (وَاحِدًا حكما) شَرْعِيًّا لَا
نهتدي لَهُ، ثمَّ نَحن أَوجَبْنَا ثَلَاث بَنَات لبون فِي
مائَة وَعشْرين بِخَبَر ابْن الْمُبَارك، وَيجوز أَن يُغير
(الْوَاحِد الْفَرْض وَلَا يسْتَحق قسطا مِنْهُ كالأخوة مَعَ
الْأَبَوَيْنِ فِي تَغْيِير فرض الْأُم من الثُّلُث إِلَى
السُّدس، وَلَا نسلم أَن الْأَسْنَان) بَعْضهَا أصل بعض، بل كل
سنّ أصل بِنَفسِهِ ويلزمهم الْجَذعَة لَا تَتَكَرَّر.
(2/14)
فارغة
(2/15)
فارغة
(2/16)
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ:
(ب)) .
إِذا تلف مَال الزَّكَاة بعد التَّمَكُّن من الْأَدَاء.
الْمَذْهَب: لَا تسْقط.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالهم حق} ، وَقَوله: {خُذ من
أَمْوَالهم صَدَقَة} ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: "
فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، دَلِيل على تعلق الْحق
بِالْمَالِ.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْحق وَجب وتأكد فَلَا يسْقط بِهَلَاك المَال كالأثمان
والأجور، وَبَيَانه
(2/17)
أَن السَّبَب يُرَاعى لثُبُوت الحكم لَا
لبَقَائه، لِأَن بَقَاءَهُ يكون فِي الذِّمَّة.
لَهُم:
الْوَاجِب جُزْء من المَال وَقد هلك المَال فَلم يبْق جُزْء
مِنْهُ فَسقط الْوَاجِب، ونقول (حق يتَعَلَّق بِعَين المَال)
فَسقط بهلاكه كَالْعَبْدِ الْجَانِي لِأَن الْوَاجِب شكر
نعْمَة المَال وَصَارَ كتعلق الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة
بِالْبدنِ، وَلِهَذَا لَو تصدق بِهِ على فَقير سقط.
مَالك: ق.
أَحْمد: لَو تلف قبل التَّمَكُّن من الْأَدَاء لم يسْقط
أَيْضا.
التكملة:
اسْتِبْقَاء الْأَسْبَاب لبَقَاء الْأَحْكَام مَسْأَلَة
مُخْتَلف فِيهَا، وَبَقَاء صور الْأَسْبَاب لَا يعْتَبر
إِجْمَاعًا كصورة البيع، وَالنِّكَاح، بل نقدر بقاءها شرعا
فَكَذَلِك النّصاب ثمَّ الزَّكَاة تشبه الْمُؤَن والنفقات
فَتجب فِي الذِّمَّة كَسَائِر الْعِبَادَات ثمَّ يُخَاطب
بِالْأَدَاءِ، وَلِهَذَا يَزْعمُونَ أَن الْمَجْنُون إِذا
أَفَاق فِي أثْنَاء الشَّهْر يُخَاطب بِالْقضَاءِ لما فَاتَ،
وكما يعقل وجوب الصَّوْم فِي
(2/18)
الذِّمَّة فِي حَال امْتنَاع الْأَدَاء
تعقل الزَّكَاة فِي الذِّمَّة، وَإِن تعذر (الْأَدَاء من مَال
معِين، وَتعين مَحل الْأَدَاء فِي الْوَاجِبَات الْمَالِيَّة
غير مَعْقُول، إِذْ مَا من وَاجِب إِلَّا وَمن هُوَ) عَلَيْهِ
مُخَيّر فِي أَدَائِهِ من أَي مَوضِع شَاءَ، وَكَذَا أروش
الْجِنَايَات، فَإِن للسَّيِّد تأديته من مَال آخر، نعم إِذا
مَاتَ العَبْد سقط الْوُجُوب لفَوَات مَحل الْوُجُوب، فَإِن:
الْأَرْش وَاجِب فِي ذمَّته يتبع بِهِ بعد الْعتْق، ونقول:
الزَّكَاة مُتَعَلقَة بِالْعينِ لَكِن على الْفَوْر وَهُوَ
بِالتَّأْخِيرِ مَانع فضمن كَالْمُودعِ، ويلزمهم إِذا اسْتهْلك
المَال عمدا، ونقول: إِذا هلك قبل التَّمَكُّن يضمن أَيْضا،
وَمَسْأَلَة التَّطَوُّع بالنصاب على أصلهم، وَبِالْجُمْلَةِ
عندنَا تتَعَلَّق الزَّكَاة بِالذِّمةِ، وَعِنْدهم تجب فِي
الْعين.
(2/19)
(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ:
(ج)) .
الْمُسْتَفَاد فِي أثْنَاء الْحول المنعقد على كَمَال النّصاب.
الْمَذْهَب: يعْتَبر فِيهِ كَمَال الْحول.
عِنْدهم: يجب فِيهِ النّصاب بحول الزَّكَاة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من اسْتَفَادَ مَالا فَلَا
زَكَاة فِيهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول "، وَزَكَاة الْفطر
لَيست زَكَاة مَال حَتَّى يتضمنها هَذَا النَّص وَالْعشر غير
لَازم لِأَن الْخَبَر ورد فِي هَذِه الزَّكَاة الَّتِي يعْتَبر
فِيهَا الْحول.
لَهُم:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس من
الْإِبِل صَدَقَة، فَإِذا بلغت
(2/20)
خمْسا فَفِيهَا شَاة وَلَا شَيْء فِي
زيادتها حَتَّى تبلغ عشرا، فَإِذا بلغت عشرا فَفِيهَا شَاتَان
"، أوجب فِي الْخَمْسَة الْحَادِثَة بعد النّصاب وَبِمَا يحدث
شَيْئا بعد شَيْء فإيجاب الشَّاة فِيهَا بطرِيق الضَّم.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْمُسْتَفَاد مَال مَمْلُوك مثل الأول ملك بِمثل ملكه فَتعين
فِيهِ الْحول لوُجُوب الزَّكَاة إِذْ قصد الارفاق، وَيجب أَن
يكون بعد الارتفاق، والارتفاق يعْتَبر بالحول.
لَهُم:
مُسْتَفَاد من جنس النّصاب لم يزل من أَصله فضم إِلَيْهِ فِي
الْحول، كالنتاج والأرباح وفقهه أَن فِي الْإِفْرَاد مشقة،
وَمن حَيْثُ الحكم أَنه لَو ملك نِصَابا جَازَ لَهُ
التَّعْجِيل زَكَاة نصب سيملكها يدل عَلَيْهِ الضَّم فِي
الْعدَد، فَإِن الْعدَد عبارَة عَن أصل المَال الْوَاجِب
والحول شَرط الْوُجُوب.
مَالك: يضم فِي الْمَاشِيَة لَا فِي النَّقْدَيْنِ.
(2/21)
أَحْمد:
التكملة:
أجمعنا على أَن الْمُسْتَفَاد يَنْضَم إِلَى النّصاب فِي
الْعدَد وَالْقدر حَتَّى أَن من ملك مائَة وَعشْرين مثلا
(فَلَو أتم ملك خَمْسَة مثلا) وَجَبت الزَّكَاة فِي الزَّائِد
بِحِسَابِهِ عِنْد تَمام حوله.
وَكَذَلِكَ إِذا ملك من الْإِبِل خمْسا وَعشْرين ثمَّ ملك
بَعِيرًا فِي الْحول وَجب فِيهِ جُزْء من سِتَّة وَعشْرين
جُزْءا من بنت مَخَاض عِنْد تَمام حوله، فَهَذِهِ الزِّيَادَات
لَو انْفَرَدت لم يجب فِيهَا شَيْء وَإِنَّمَا وَجَبت
بِالضَّمِّ إِلَى النّصاب، وساعدونا على أَن الْمُسْتَفَاد
بِبَدَل مزكى لَا يضم.
وَاعْلَم أَن الْحول شَرط بِالْإِجْمَاع، وَقد سقط اعْتِبَاره
فِي السخال والأرباح فَاعْتقد الْخصم أَن الْمسْقط اتِّحَاد
الْجِنْس واختلاط الْمَالَيْنِ وعسر التَّفْرِقَة وَهَذَا
الْمَعْنى فِي مَحل النزاع مَوْجُود، ومعتقدنا أَن الْمسْقط
حُصُول الزَّوَائِد من الأَصْل وتولدها وَكَونهَا تبعا،
وَهَذَا الْمَعْنى مَفْقُود فِي مَحل النزاع، ويستدل فِي
التّبعِيَّة بِأَن الصَّغِير يتبع أمه فِي الْإِسْلَام.
(2/22)
والحرف أَن عِلّة الضَّم فِي السخال
والأرباح: التولد والفرعية وَعِنْدهم الجنسية.
(2/23)
(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ:
(د)) .
صغَار النعم إِذا بلغت نِصَابا سَائِمَة.
الْمَذْهَب: تنفرد وَينْعَقد عَلَيْهَا الْحول.
عِنْدهم: لَا إِلَّا أَن يكون مَعهَا وَلَو كَبِيرَة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ الصّديق رَضِي الله عَنهُ: لَو مَنَعُونِي عنَاقًا
مِمَّا أَعْطوهُ رَسُول الله لقاتلتهم. وَمَعْلُوم أَن العناق
إِنَّمَا تجب فِي الصغار، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:
" فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، وَاسم الشَّاة يعم الصَّغِيرَة
والكبيرة، والصغر وصف كالهزال.
لَهُم:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس وَعشْرين بنت لبون "
الْخَبَر.
(2/24)
فالتوقيف بِالنَّصِّ عَمَّا الزَّكَاة
وَأَسْنَانهَا فَوَجَبَ اعْتِبَار ترتيبه، وَقَالَ عَلَيْهِ
السَّلَام: " لَا زَكَاة فِي السخال " وَقَالَ: " لَيْسَ فِي
السخال صَدَقَة ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
نوع تجب فِيهِ الزَّكَاة مختلطا فَوَجَبَ مُنْفَردا كالمرضى؛
لِأَن الصغار المختلطة بالكبار ينْعَقد عَلَيْهَا الْحول،
يحققه أَن الزَّكَاة وَجَبت إِمَّا شكرا للنعمة أَو مواساة
للْفُقَرَاء وَأيهمَا كَانَ فقد تحقق.
لَهُم:
نقص يمْنَع وجوب السن الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فَمنع أصل
الْوُجُوب قِيَاسا لنُقْصَان السن على نُقْصَان الْعدَد وفقهه:
أَن الزَّكَاة لَا مجَال للْقِيَاس فِيهَا، وَمَتى أوجبتم
الفصلان فقد جئْتُمْ بِغَيْر مَوْضُوع الشَّرْع فَصَارَ كَمَا
لَو أوجبتم فِي الظباء.
مَالك:.
(2/25)
أَحْمد: وَافق مَالِكًا فِي رِوَايَة.
التكملة:
يَعْتَذِرُونَ عَن المراض والمهازيل بِأَن فِيهَا أَسْنَان
الزَّكَاة، وَعذرهمْ فِيهَا إِذا كَانَ مَعَهم كَبِيرَة
أَنَّهَا استتبعت الصغار، وَنحن نقُول يجب فِي الصغار مَا يجب
فِي الْكِبَار بنت مَخَاض وَبنت لبون، وَفِي الْأَصْحَاب من
قَالَ: يجب فصلان بِقِيمَة هَذِه، وَإِن سلمنَا أَنا نوجب
الْمَنْصُوص عَلَيْهِ لم يلْزم أَنا لَا نوجب شَيْئا، فَإِن
صفة الْوَاجِب وأصل الْوُجُوب قضيتان غير أَن لَا يلْزم من
انْتِفَاء إِحْدَاهمَا انْتِفَاء الْأُخْرَى، وَذَلِكَ لِأَن
مُطلق الْإِبِل وَالشَّاة بِمُطلق النَّص، وَلَا يلْزم
تَقْيِيد (الْمُوجب تَقْيِيد) الْمُوجب فِيهِ، إِذْ لَو كَانَ
كَذَلِك للَزِمَ أَن لَا تجب بنت مَخَاض إِلَّا فِي بَنَات
مَخَاض فَبَقيَ الْمُوجب على الْإِطْلَاق.
وَالْجَوَاب: أَن هَذَا تَخْصِيص عَرفْنَاهُ بِالْإِجْمَاع؛
لِأَن الْكِبَار لَا تجب إِلَّا فِي الْكِبَار، وَلم يجمعوا
على أَن لَا يوجبوا سوى الْكِبَار فَبَقيَ أَن الفصيل وَجب غير
مَنْصُوص عَلَيْهِ، نعم أَثْبَتْنَاهُ بِضَرْب من
الِاسْتِدْلَال إِذا وَاجِب
(2/26)
الشَّيْء يكون من جنسه نظرا للْمَالِك
وَالْفَقِير.
(2/27)
(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ:
(هـ)) .
الْخلطَة إِذا تمت بشرائطها.
الْمَذْهَب: تجْعَل الْمَالَيْنِ مَالا، والمالكين مَالِكًا.
عِنْدهم: لَا تَأْثِير للخلطة فِي الزكوات.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق
بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة "، وَقَوله: " فِي كل
أَرْبَعِينَ شَاة شَاة "، وَلم يتَعَرَّض لعدد
(2/28)
الْملاك، وحديثنا مُقَيّد وحديثهم مُطلق،
والمقيد يقْضِي على الْمُطلق.
لَهُم:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس من
الْإِبِل صَدَقَة ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تمت السَّائِمَة نِصَابا وَحَال حولهَا فَوَجَبت الزَّكَاة،
كَمَا لَو كَانَا لمَالِك وَاحِد، لِأَن للخلطة أثرا فِي
التَّعْلِيل، كَمَا إِذا خلط أَرْبَعِينَ بِأَرْبَعِينَ لم تجب
إِلَّا شَاة، وَلَو أفرد وَجب شَاتَان، ثمَّ إِن السَّاعِي
يَأْخُذ من أَي ملك أنْفق ثمَّ يرجع بِنَصِيب صَاحبه عَلَيْهِ
فَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرك، حَيْثُ يجب على مولييه
فطرته.
لَهُم:
النّصاب بعض السَّبَب وَبَعض السَّبَب عدم عِنْد الحكم،
وَإِنَّمَا يجب
(2/29)
بِصفة الْغنى وَهَذَا فَقير بِدَلِيل أَنه
يَأْخُذ الزَّكَاة وَلَا تجب عَلَيْهِ، بِدَلِيل استطاعة
الْحَج، أما التراجع فتخفيف فِي حق السَّاعِي وَثَبت نصا
أَيْضا، ويتأيد بِمَا لَو كَانَ الخليط ذِمِّيا أَو مكَاتبا
حَيْثُ لَا تُؤثر الْخلطَة.
مَالك: إِنَّمَا تُؤثر الْخلطَة إِذا كَانَ مَال كل وَاحِد
نِصَابا.
أَحْمد: ق.
التكملة:
قَالُوا: لَو أَن سارقين سرقا نِصَابا لم يجب عَلَيْهِمَا
الْقطع.
الْجَواب: لَو أَن النّصاب لمالكين وَسَرَقَهُ سَارِق لوَجَبَ
الْقطع، وَإِنَّمَا لم يقطع فِي حق السارقين، لِأَن الردع
والزجر لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيمَا دون نِصَاب لِأَن النَّفس
لَا تشوف إِلَى سَرقته، وَأما إِذا كَانَ الشَّرِيك فِي
النّصاب ذِمِّيا أَو مكَاتبا لِأَن الْخلطَة جعل الْمَالَيْنِ
مَالا والمالكين مَالِكًا، وَالذِّمِّيّ وَالْمكَاتب
(2/30)
لَا تجب عَلَيْهِمَا الزَّكَاة.
وَالْفِقْه فِي الْجَمِيع أَن الله تَعَالَى أوجب الزَّكَاة
بِصفة الْيُسْر فَشرط وُجُوبهَا كَثْرَة مرفق المَال وَقلة
مؤونته، وَقد وجد.
(2/31)
فارغة
(2/32)
لوحة 25 من المخطوطة " أ ":
الْأَمْوَال الَّتِي يجب إخْرَاجهَا فِي حق الله تَعَالَى ز
الزَّكَاة، الرِّكَاز، الْمَعْدن، الْكَفَّارَة، الْفِدْيَة،
الْفَيْء، الْغَنِيمَة. وَالزَّكَاة تجب فِي أَشْيَاء: (أ)
الناض، (ب) مَال التِّجَارَة، (ج) وَالنعَم، (د) والمستنبتات،
(هـ) والرقاب.
وَتجب الزَّكَاة بِسبع شَرَائِط: (أ) الْحُرِّيَّة، (ب)
الْإِسْلَام، (ج) الْحول، (د) النّصاب، (هـ) الْإِمْكَان، (و)
وَأَن لَا يكون عَلَيْهِ دين يسْتَغْرق مَاله فِي أحد
الْقَوْلَيْنِ، (ز) وَأَن لَا تكون مهيئة للِانْتِفَاع.
وَلَا يعْتَبر الْحول فِي: هـ، (أ) المستنبتات، (ب) زَكَاة
الْفطر، (ج) نِصَاب من الْغنم نتجت ثمَّ مَاتَت قبل الْحول،
(د) وَمِائَة وَعِشْرُونَ شَاة أحد عشر شهرا، ثمَّ نتجت
وَاحِدَة وَتمّ الْحول يخرج عَنْهَا شَاتَان، (هـ) إِذا اشْترى
سلْعَة (للتِّجَارَة بِمِائَتي) دِرْهَم وَتمّ عَلَيْهَا
الْحول وَهِي تَسَاوِي ثلثمِائة دِرْهَم زكى عَن ثلثمِائة
فَإِن قبضهَا قبل الْحول زكى عَن الْمِائَتَيْنِ لحولها
(2/33)
وَالْمِائَة لحولها، وَلَا زَكَاة فِي ذهب
حَتَّى يبلغ ك دِينَارا، وَفِيه نصف دِينَار وَمَا زَاد
بِحِسَابِهِ، وَلَا زَكَاة فِي الْفضة حَتَّى تبلغ مِائَتي
دِرْهَم وفيهَا هـ دَرَاهِم وَمَا زَاد بِحِسَابِهِ، وَتقوم
سلْعَة التِّجَارَة بِالذَّهَب وَبِه، وبالفضة إِن اشْترى
بهَا، وبغالب نقد الْبَلَد إِذا اشْتَرَاهَا بسلعة لم يخرج
زَكَاتهَا، فَإِذا اشْترى سَائِمَة أَو نخلا (أَو كرما
للتِّجَارَة) فَفِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: يزكيها بِقِيمَتِهَا.
وَالثَّانِي: يزكيها بِعَينهَا.
فَإِذا قُلْنَا: يزكيها بِعَينهَا إِن كَانَ نخلا أَو كرما
فَهَل تقوم بِالْأَرْضِ دون النّخل وَالْكَرم فَتخرج زَكَاة
التِّجَارَة عَنْهَا قَولَانِ.
إِذا كَانَ مَعَه ط من الْإِبِل تلف مِنْهَا د نظرت إِن كَانَ
ذَلِك قبل الْحول وَجب عَلَيْهِ بحؤول الْحول شَاة ج، وَإِن
كَانَ بعد حؤول الْحول وَبعد إِمْكَان الْأَدَاء وَجب شَاة
أَيْضا.
وَإِن تلفت بعد الْحول وَقبل الْإِمْكَان فَإِن قُلْنَا: إِن
إِمْكَان الْأَدَاء من شَرَائِط الْوُجُوب وَجَبت شَاة أَيْضا
لِأَن مَا تلف قبل الْوُجُوب إِذا لم ينقص بِهِ النّصاب لَا
حكم لَهُ.
(2/34)
(وَإِن قُلْنَا: إِن) إِمْكَان الْأَدَاء
من شَرَائِط الضَّمَان جرى ذَلِك على قَوْلَيْنِ: إِن قُلْنَا:
إِن الزَّكَاة تتَعَلَّق بالنصاب والوقص جَمِيعًا فقد وَجَبت
الزَّكَاة عَلَيْهِ فِي ط، فَإِذا تلف مِنْهَا د سقط قدر
قسطها، لِأَنَّهَا تلفت من غير تَفْرِيط هَذَا (مَشْهُور
الْمَذْهَب) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: تجب شَاة (وَوَجهه: أَن الزِّيَادَة)
لما لم تكن شرطا فِي وجوب الشَّاة لم يسْقط شَيْء مِنْهَا
بتلفها، وَإِن كَانَت مُتَعَلقَة بهَا وَهَذَا كَمَا قُلْنَا
فِي ح شُهُود على مُحصن بالزنى حكم الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِم،
ورجمه ثمَّ رَجَعَ د عَن الشَّهَادَة، فَإِن لَا يجب عَلَيْهِم
شَيْء فَلَو رَجَعَ هـ وَجب عَلَيْهِ الضَّمَان لنُقْصَان من
بَقِي عَن (الْعدَد الْمَشْرُوط فعلى) هَذَا لَو تلف من
تِسْعَة هـ سقط خَمْسَة أتساع شَاة.
وَاعْلَم أَن الْجبرَان شَاتَان أَو عشرُون درهما فِي الصعُود
وَالنُّزُول فِي أَسْنَان الْإِبِل، وَاعْلَم أَنه لَا صَدَقَة
فِي العوامل وَإِن كَانَت سَائِمَة.
(2/35)
(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ:
الصَّبِي وَالْمَجْنُون (سو)) .
الْمَذْهَب: تجب الزَّكَاة فِي أموالهما.
عِنْدهم: لَا تجب إِلَّا زَكَاة الْفطر وَالْعشر.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} ، وَقَوله:
{إِنَّمَا الصَّدَقَة للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} ، دَلِيل
على كَونهَا حق مَالِي، وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:
" ابْتَغوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى خيرا كَيْلا تأكلها
الصَّدَقَة ".
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " بني الْإِسْلَام على خمس
" وعد مِنْهُمَا الزَّكَاة
(2/36)
وقرنه بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة فَدلَّ على
أَنَّهَا عبَادَة.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
أحد نَوْعي الزَّكَاة فصح من الصَّبِي كَزَكَاة الْفطر، ذَلِك
لِأَن زَكَاة الْفطر تجب فِي الذِّمَّة وتؤدى من المَال،
وتشترط فِيهَا النِّيَّة وَالْحريَّة وَالْإِسْلَام والنصاب
على أصلهم لَا يبْقى إِلَّا أَن تِلْكَ لِسَلَامَةِ النَّفس
وَهَذِه لِسَلَامَةِ المَال، ونقول: الزَّكَاة وَجَبت نَفَقَة
وصلَة لقرابة الدّين كَنَفَقَة الْأَقَارِب.
لَهُم:
الزَّكَاة عبَادَة مَحْضَة وَلَا تجب على الصَّبِي
وَالْمَجْنُون كَالصَّوْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا شرعت ابتلاء،
وَتخرج على وَجه التَّعْظِيم، وَهَذَا الْمَعْنى لَا يحصل
بالنيابة.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
(2/37)
التكملة:
إِن قَالُوا: زَكَاة الْفطر مؤونة وَهَذَا يجب على الْغَيْر
بِسَبَب الْغَيْر منعنَا، وَقُلْنَا: الْوُجُوب يلاقي ذمَّة
الصَّبِي وَالْعَبْد ثمَّ الْأَب وَالْمولى يتحملان ذَلِك،
وَلَو قَدرنَا صَبيا تلْزمهُ زَكَاة المَال وَهُوَ فَقير كلفنا
أَبَاهُ أَن يتَحَمَّل الزَّكَاة، بَقِي أَن الزَّوْج
يتَحَمَّل عَن زَوجته زَكَاة الْفطر مَعَ يسارها، ذَلِك
لِأَنَّهَا قدرت فقيرة فِيمَا يرجع إِلَى الزَّوْج.
ونقول: حَال الصَّبِي لَا يُنَافِي أَهْلِيَّة الْعِبَادَة،
فَأهل الشَّيْء من كَانَ قَابلا لحكمه وَحكم الْعِبَادَة
الثَّوَاب، وَالصَّبِيّ أهل ذَلِك، كَيفَ وَقد حصلنا لَهُ
الْإِسْلَام وَهُوَ رَأس الْعِبَادَات، وَإِنَّمَا لم تجب
عَلَيْهِ الْعِبَادَات الدِّينِيَّة لضَعْفه، والعبادات
الْمَالِيَّة ثبتَتْ فِي ذمَّته مَالا لله، ثمَّ يُخَاطب
بِأَدَائِهِ فِي ثَانِي الْحول، فخطاب الْوُجُوب مُنْفَصِل عَن
خطاب الْأَدَاء، فَبَقيَ الْوُجُوب على جَرَيَان سَببه وَهُوَ
ملك المَال وَقيام مَحَله وَهُوَ الذِّمَّة وهما للصَّبِيّ
كَالْبَالِغِ.
ونقول: الزَّكَاة مركبة من شائبتين: المؤونة وَالْعِبَادَة،
والمركب من
(2/38)
شائبتين يسْتَقلّ بِأَحَدِهِمَا وَصَارَ
كالحد يجب على الْكَافِر للزجر وَإِن تعذر معنى التمحيص لما
كَانَ الْحَد مركبا من شائبتين: الزّجر والتمحيص.
(2/39)
(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ:
(سز)) .
من ملك نِصَابا وَعَلِيهِ دين.
الْمَذْهَب: تلْزمهُ الزَّكَاة على القَوْل الْمَنْصُور.
عِنْدهم: لَا تلْزمهُ إِن كَانَ الدّين تتَوَجَّه مُطَالبَته.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
(2/40)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
وجد سَبَب الزَّكَاة فَوَجَبت، بَيَانه: أَنه مَال بِصفة
لمَالِك مَخْصُوص وَهُوَ بعد الدّين كقبله وَالدّين لَا يمْنَع
الْملك، وَهَذَا يتَصَرَّف بالتبرعات وَالدّين فِي الذِّمَّة
لَا اتِّصَال لَهُ بِالْمَالِ إِلَّا عِنْد الْقَضَاء وَهُوَ
وَظِيفَة مَالِيَّة فَلَا يمْنَع الدّين وُجُوبهَا كالكفارات.
لَهُم:
فَقير فَلَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة، دَلِيل ذَلِك: حل أَخذ
الصَّدَقَة وَلَا تحل لَغَنِيّ، وَالْمَال مَشْغُول بحاجته
فَلَا تجب فِيهِ الزَّكَاة كعبيد خدمته، فأحد المأخذين أَنه
فَقير، وَالْآخر أَنه غير غَنِي ثمَّ السَّبَب ملك نِصَاب
تَامّ وَهَذَا ملك نَاقص فَصَارَ كَالْمكَاتبِ.
مَالك: يمْنَع الدّين وجوب الزَّكَاة فِي النَّقْدَيْنِ.
أَحْمد: فِي الْأَمْوَال الظَّاهِرَة رِوَايَتَانِ.
(2/41)
التكملة:
كَون الدّين يُؤَدِّي من المَال لَا يمْنَع من وجوب الزَّكَاة
كمن اشْترى بِمَال التِّجَارَة شِقْصا مشفوعا فَإِن الشَّفِيع
يَأْخُذ من يَده، وَإِذا انْقَضى الْحول قبل الْأَخْذ وَجَبت
الزَّكَاة.
وَإِن قُلْنَا: السَّبَب الْقَرَابَة فقد وجدت أَو ملك النّصاب
فقد وجد، بقيا لنزاع فِي السَّبَب أَنه الْغَنِيّ أَو
الْقَرَابَة الدِّينِيَّة والغنى شَرط وَلَيْسَ فِي هَذَا
المأخذ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كثير نفع، فَإِن المَال يعْتَبر
إِمَّا شرطا، وَإِمَّا سَببا، والنزاع أَن هَذَا المَال هَل
يَكْفِي أم لَا؟
فَنَقُول: حَقِيقَة الْفقر والغنى بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيّ غير
مُمكن الِاعْتِبَار، فَإِن قدر الْحَاجة لَا يَنْضَبِط وحد
الضَّرُورَة وَاجِب الْمُجَاوزَة إِجْمَاعًا، وَالشَّرْع فسر
الْغَنِيّ بِملك نِصَاب بِشَرْط السّوم والحول وَالْقطع نظريا
بعد وَصَارَ كالسفر فِي الرُّخص وَهَاهُنَا سَبَب الْوُجُوب
ملك النّصاب وَسبب الِاسْتِحْقَاق الْغرم فَصَارَ كَابْن
السَّبِيل وَالْعَامِل لَازم عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ مَعَ غناهُ
(2/42)
يَأْخُذ الصَّدقَات وَالْمَال غير مَشْغُول
بِالدّينِ فَإِنَّهُ يتَصَرَّف وينكح وَالْحريَّة سَبَب ظَاهر
للاكتساب بل لَهُ جِهَة مَعْلُومَة وَهِي بَيت المَال، وَإِن
قُلْنَا: وجوب الزَّكَاة فِي الذِّمَّة أوجبناها حَتَّى
تستغرق.
(2/43)
(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسِّتُّونَ:
دفع الْقيم والزكوات (سح)) .
الْمَذْهَب: لَا يجوز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من بلغت إبِله خَمْسَة وَعشْرين
فَفِيهَا بنت مَخَاض " (فَإِذا لم تكن فَابْن لبون عدل من بنت
مَخَاض) إِلَى ابْن لبون مُطلق مَعَ جَوَاز اخْتِلَافهمَا
قيمَة.
وَكَذَلِكَ ترقى من سنّ إِلَى سنّ، والجبران عشرُون درهما أَو
شَاتَان فَإِنَّهُمَا يتفاوتان كل ذَلِك لقطع النّظر إِلَى
الْقيمَة.
لَهُم:
رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نَاقَة كوماء فِي إبل
الصَّدَقَة فَقَالَ: " ألم أنهكم عَن
(2/44)
أَخذ كسر أثمن الْأَمْوَال " فَقَالَ
السَّاعِي: أخذت بَعِيرًا ببعيرين.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
لم يؤد الْوَاجِب فَلم يخرج عَن عهدته؛ لِأَن الْوَاجِب شَاة
فِي خمس من الْإِبِل، والتعبد بِمَا ورد بِهِ الشَّرْع لَا
يقوم غَيره مقَامه كالسجود وَالرُّكُوع.
لَهُم:
حق وَاجِب لله وبإيجابه لمستحقي الْكِفَايَة عَلَيْهِ فالسعي
فِيهِ مُعَلل بالمالية الْمُطلقَة، دَلِيله الْجِزْيَة،
وَدَلِيل كَونه لله افتقاره إِلَى نِيَّة ثمَّ الْفَقِير يقبض
حِوَالَة الله تَعَالَى فَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا
على الله رزقها، وَحقّ الْفَقِير مُطلق وَهُوَ لسد الْخلَّة،
وَحقّ الله مُقَيّد فَلَا بُد من حل الْقَيْد ليصرف إِلَى
الْفَقِير.
(2/45)
مَالك: ق. وَأَجَازَ النَّقْدَيْنِ
أَحدهمَا فِي الآخر بَدَلا لَا قيمَة.
أَحْمد: ق.
التكملة:
قَالُوا: لَو أخرج معلوفة أَجْزَأَ، وَلَو ملك أَرْبَعِينَ
معلوفة لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء، قُلْنَا: لِأَنَّهُ قيد فِي
الْمُوجب، وَأطلق فِي الْوَاجِب، وَالْمعْنَى أَن الْمُعْتَبر
فِي حق الْمَالِك كَون المَال مرتفقا وَذَلِكَ بالسوم، وَفِي
حق الْفَقِير كَونه رفقا وَيَقَع بالمعلوفة.
ونقول: شَرط الاستنباط من اللَّفْظَة أَن لَا تبقى فِي الملفوظ
معنى دق أَو جلّ بتخيل أَنه مَقْصُود يفوت بِفَوَات اللَّفْظ
إِلَّا اعْتبر بَيَانه أَنا إِذا لاحظنا جَانب الِابْتِلَاء،
فالنزول عَن المَال الْمُطلق تَكْلِيف شَيْء وَاحِد، وَهُوَ
إِزَالَة الْملك عَن مَال هُوَ وَسِيلَة إِلَى الْمَقَاصِد
والابتلاء بالنزول عَن مَال معِين تَكْلِيف شَيْئَيْنِ:
أَحدهمَا بدل المَال الْمُطلق وَالْآخر ترك فرض فِي عين، وَترك
وَسِيلَة الْمَقْصُود أيسر من ترك الْمَقْصُود.
(2/46)
فارغة
(2/47)
(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ:
النقدان (سط)) .
الْمَذْهَب: لَا يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر إِلَّا فِي كَمَال
النّصاب.
عِنْدهم: يضم بالأجزاء وبالقيمة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا ... .
لَهُم: ... .
(2/48)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
مالان مُخْتَلفا الْجِنْس فَلَا يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فِي
الزَّكَاة كالماشية. دَلِيل اخْتِلَاف الْجِنْس الِاسْم
والحقيقة وَكَون الرِّبَا لَا يحرم بَينهمَا.
لَهُم:
النقدان فِي الزَّكَاة فِي حكم مَال وَاحِد بِضَم أَحدهمَا
إِلَى الآخر كالصحاح والمكسرة والمعز والضأن، لِأَن الزَّكَاة
وَجَبت فِي المَال بِصفة النَّمَاء والنماء فِي النَّقْدَيْنِ
بِصفة الثمنية وَاحِد (وَحَال النَّقْدَيْنِ أَحدهمَا
بِالْآخرِ بَدَلا لَا قيمَة) .
مَالك: تضم بالأجزاء.
أَحْمد: ق.
(2/49)
التكملة:
حَاصِل الْمَسْأَلَة زَكَاة الْمَوَاشِي زَكَاة عين
بِالْإِجْمَاع، وَزَكَاة التِّجَارَة زَكَاة معنى وَقِيمَة
بِالْإِجْمَاع، والنقدان دائران بَينهمَا فَمن حَيْثُ أَن
النَّقْد لَا يزِيد بِنَفسِهِ كَمَا تزيد السَّائِمَة بل
بِقِيمَتِه وماليته فَهُوَ كعروض التِّجَارَة، وَلذَلِك ألحقهُ
أَبُو حنيفَة بعروض التِّجَارَة وَمن حَيْثُ أَنه يعْتَبر
فِيهِ ملك الْعين فَحسب، وَيَنْقَطِع الْحول بِزَوَال الْملك
عَنهُ ألحقناه بِزَكَاة الْعين، وَالَّذِي يدل على الْفرق بَين
النَّقْدَيْنِ وَمَال التِّجَارَة أَن عرُوض التِّجَارَة تقوم
مُفْردَة وَلَا يقوم الذَّهَب إِلَّا مَعَ وجود الْفضة وَلَا
الْفضة إِلَّا مَعَ وجود الذَّهَب، وكونهما يجب فيهمَا ربع
الْعشْر لَا يدل على الِاتِّفَاق فِي الْجِنْس بِدَلِيل
المعشرات فَإِنَّهَا تتفق فِي الْعشْر وَنصف الْعشْر وَلَيْسَت
جِنْسا وَاحِدًا.
(2/50)
فارغة
(2/51)
(الْمَسْأَلَة السبعون: وَاجِب النّصاب
(ع)) .
الْمَذْهَب: يتَعَلَّق بِهِ وَبِمَا زَاد عَلَيْهِ فِي أحد
الْقَوْلَيْنِ.
عِنْدهم: لَا يتَعَلَّق إِلَّا النّصاب.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا بلغت الْإِبِل
خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض إِلَى خَمْسَة
وَثَلَاثِينَ ".
وَجه الدَّلِيل: أَنه مد الْوَاجِب بِكَلِمَة إِلَى وَهِي
للغاية، وَهَذَا يَقْتَضِي انبساط الْوَاجِب على الْجَمِيع.
لَهُم:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس من الْإِبِل شَاة وَلَا
شَيْء فِي زيادتها حَتَّى تبلغ عشرا فَإِذا بلغت عشرا فَفِيهَا
شَاتَان ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
النّصاب وَالزَّائِد عَلَيْهِ مَال وَاحِد من جنس وَاحِد
فجميعه مَحل الْوُجُوب
(2/52)
بِدَلِيل أَنه يخرج شَاة من القطيع فَيسْقط
عَنهُ الْفَرْض، وَالزَّكَاة إِمَّا أَن تجب شكر لنعمة المَال
أَو مواساة للْفُقَرَاء وَهَذَا الْمَعْنى يعم كل المَال.
فالشرع لم يعْتَبر النّصاب لِامْتِنَاع أَن يتَعَلَّق
الْوَاجِب بِالزَّائِدِ، بل حَتَّى لَا يجب فِي النَّاقِص
وَصَارَ كنصاب السّرقَة.
لَهُم:
الزِّيَادَة لَهَا حكم نَفسهَا بِدَلِيل أَنه يتَعَلَّق بهَا
وَاجِب جَدِيد إِذا بلغت قدرا مَعْلُوما، فَيجب أَن يَخْلُو
عَن الْوَاجِب حَتَّى يبلغ ذَلِك الْقدر كالقدر الأول،
وَاعْتِبَار النّصاب على خلاف الْقيَاس، لِأَن من ملك شَيْئا
يجب أَن يواسي مِنْهُ، إِلَّا أَن النّصاب قدر لحَاجَة
الْمَالِك (وَلَا حَاجَة) إِلَى مَا زَاد عَلَيْهِ.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِي خمس من الْإِبِل شَاة " أَي
لَا تجب فِيمَا دون
(2/53)
ذَلِك فَصَارَ كتعيين ربع دِينَار للْقطع،
وَلَا يدل على اقْتِصَار الْقطع عَلَيْهِ دون الزَّائِد،
ونقول: إِذا هلك بعير من تِسْعَة سقط بِهِ شَيْء من الشَّاة
لأَنا جعلنَا الزَّائِد كالوقاية، وَذَلِكَ كالربح يَجْعَل
وقاية لرأس المَال فِي الْمُضَاربَة فَبعد مَا ظهر الرِّبْح
إِذا وجد خسران انحصر فِيهِ.
عبارَة: جملَة لَا يجب فِيهَا أَكثر من فَرِيضَة فَإِذا تعلق
جَوَاز الْأَخْذ بهَا تعلق الْوُجُوب بهَا كالأربعين.
(2/54)
لوحة 26 من المخطوطة أ:
لَا زَكَاة فِي المستنبتات إِلَّا فِي ثَلَاثَة: الرطب،
وَالْعِنَب، وَمَا يصلح للخبز من الْحُبُوب وَفِيه الْعشْر إِن
سقيت سيحا، وَإِن سقيت نضحا فَنصف الْعشْر يخرج ذَلِك بعد
الْجَفَاف أَو بالخرص، إِذا اخْتلفت أَصْنَاف التمور:
أَرْبَعَة أَقْوَال أَحدهَا: يخرج من الْأَغْلَب، الثَّانِي:
الْأَوْسَط، الثَّالِث: من كل وَاحِد بِقَدرِهِ، الرَّابِع:
يخرج الْجيد بِالْقيمَةِ.
الزَّكَاة قيل: تتَعَلَّق بِالْعينِ أَو الذِّمَّة قَولَانِ،
فعلى هَذَا إِذا وَجَبت الزَّكَاة فِي النّصاب وَلم تخرج
الْعَام فَفِي الْقَابِل إِن قُلْنَا: الزَّكَاة تتَعَلَّق
بِالْعينِ وَلَا زَكَاة؛ لِأَن النّصاب قد نقص بِالْقدرِ
الْمُسْتَحق مِنْهُ.
وَإِن قُلْنَا: إِنَّهَا مُتَعَلقَة بِالذِّمةِ فَإِن كَانَ
لَهُ مَال آخر بِقدر قيمَة الزَّكَاة وَجب عَلَيْهِ الزَّكَاة،
وَإِن لم يكن لَهُ غير هَذَا النّصاب بنى ذَلِك على
الْقَوْلَيْنِ فِي
(2/55)
أَن الدّين هَل يمْنَع وجوب الزَّكَاة.
فَإِن قُلْنَا: يمْنَع لم يجب إِلَّا السّنة الأولة، وَإِن
قُلْنَا: لَا يمْنَع وَجَبت فِي (السنين الْمُسْتَقْبلَة) .
وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَ لَهُ م هَلَكت وَاحِدَة ونتجت
وَاحِدَة انْقَطع الْحول وَلَو تقدم النِّتَاج لم يَنْقَطِع،
وَلَا زَكَاة فِي الْعَسَل.
(قَالَ الشَّافِعِي رَضِي) الله عَنهُ: وَقت الْخرص إِذا حل
البيع وَذَلِكَ حِين يتموه الْعِنَب وَيرى فِي الْحَائِط
الْحمرَة والصفرة.
إِذا قُلْنَا: الخارص بِمَنْزِلَة الْحَاكِم فَيجوز أَن يكون
وَاحِدًا وَيعْمل بِاجْتِهَادِهِ، وَإِن قُلْنَا: هُوَ مقوم
كَانَ اثْنَيْنِ، إِذا سقى تَارَة سيحا وَتارَة بِآلَة إِن
كَانَ الزَّمَان (نِصْفَيْنِ فَفِيهِ) ثَلَاثَة أَربَاع
الْعشْر: نصف الْعشْر من السيح، وَربع الشّعْر من الْآلَة،
وَإِن اخْتلف الزَّمَان فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يعْتَبر
ذَلِك بِالنِّسْبَةِ، وَالْآخر يُؤْخَذ بالغالب وَهُوَ مَذْهَب
أبي حنيفَة.
(2/56)
وَإِن كَانَ لَهُ قراحان أَحدهمَا سيح،
وَالْآخر (بِآلَة فَإِنَّهُ) يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فِي
النّصاب، وَيُؤْخَذ من السيحي الْعشْر، وَمن النضحي نصف
الْعشْر، وَالْقَوْل قَول رب الزَّرْع مَعَ يَمِينه، وَيَمِينه
اسْتِحْبَاب وَجها وَاحِدًا إِلَّا أَن تكون دَعْوَاهُ تخَالف
الظَّاهِر.
وَجَمِيع مَا يخرج من الْبَحْر لَا زَكَاة فِيهِ وَلَا فِيمَا
استخرج من معادن الأَرْض كالرصاص والنحاس إِلَّا أَن يكون
للتِّجَارَة فَتجب قِيمَته إِذا كَانَ لَهُ إِنَاء وَزنه 200
دِرْهَم نقره وَقِيمَته ش فَأخْرج (هـ دَرَاهِم) فضَّة من
غَيره لَا يجْزِيه خلافًا لَهُم، فَإِن أَعْطَانَا ربع عشرَة
مشَاعا قبلنَا، وللساعي مَا يرى من بَيْعه.
وَإِن قَالَ: (أكسره وأعطيكم مِنْهُ لم) يجز لِأَنَّهُ يتْلف
مَاله وَمَال الْمَسَاكِين، فَإِن أَعْطَانَا هـ دَرَاهِم
فضَّة مَضْرُوبَة أَو مصاغة قيمتهَا سَبْعَة وَنصف جَازَ.
(2/57)
وَإِن قُلْنَا (أُعْطِيكُم سَبْعَة) وَنصفا
لم يجز، لِأَنَّهُ رَبًّا، وَإِن أَعْطَانَا قيمَة ذَلِك
ذَهَبا جَازَ وأخذنا الْقيمَة، لِأَنَّهُ مَوضِع حَاجَة.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: لَا يجوز، وَلَا (زَكَاة فِي
السمسم والسلت ضرب من الشّعير يضم إِلَيْهِ. فِي السُّيُوب
الْخمس، قيل: هِيَ عروق الذَّهَب وَالْفِضَّة ينساب فِي
الأَرْض) .
(2/58)
(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَالسَّبْعُونَ:
(عا)) .
إِذا مَاتَ من عَلَيْهِ زَكَاة قبل أَدَائِهَا.
الْمَذْهَب: لَا تسْقط وَتخرج من مَاله.
عِنْدهم: تسْقط فِي أَحْكَام الدُّنْيَا فَإِن أوصى بهَا أخرجت
من الثُّلُث.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
(2/59)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حق للْفَقِير فَلَا يسْقط بِالْمَوْتِ كالعشر وَالزَّيْتُون،
ذَلِك لِأَن الزَّكَاة تحقق وُجُوبهَا فِي حَال الْحَيَاة
وَالْمَوْت لَا تَأْثِير لَهُ فِي إبِْطَال الْحُقُوق، ثمَّ
هَذَا الْحق هَل يعقل وُجُوبه بعد الْمَوْت أم لَا، إِن لم
يعقل فليلغ مَعَ الْوَصِيَّة بِهِ، وَإِن عقل فليثبت من غير
وَصِيَّة.
لَهُم:
عبَادَة مَحْضَة فَسَقَطت بِالْمَوْتِ كَالصَّوْمِ وَلَيْسَ
عَلَيْهِ حق للْفَقِير، بل رزق الْفَقِير على الله تَعَالَى،
وَالْعشر عندنَا فِي معنى الزَّكَاة فَسقط وَإِن قُلْنَا لَا
يسْقط فَهُوَ مؤونة الأَرْض.
مَالك:.
أَحْمد:.
(2/60)
التكملة:
اعتذروا عَن الْوَصِيَّة بِأَن الْوَاجِب وَإِن كَانَ عبَادَة
إِلَّا أَن أَدَّاهَا من المَال ويمكنه أَن يَأْمر غَيره
بِالْأَدَاءِ من مَاله فِي حَيَاته، فَكَذَلِك بعد وَفَاته
وَلِأَنَّهُ ظهر وُجُوبه فِي حق الْوَرَثَة خرج من الثُّلُث
فَنَقُول: الاحتساب من الثُّلُث خَارج عَن قِيَاس المذهبين،
فَإِن مَا يُؤدى إِن كَانَ غير مَا وصّى بِهِ فَلَا يلْزم
وَإِن كَانَ مَا وصّى بِهِ فَإِنَّمَا وصّى بِالزَّكَاةِ وَهِي
من رَأس المَال، أَلا ترى أَنه لَو أَدَّاهَا فِي مرض مَوته
حسبت من رَأس المَال؟
(2/61)
فارغة
(2/62)
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ:
الْحلِيّ الْمُبَاح (عب)) .
الْمَذْهَب: لَا زَكَاة على القَوْل الْمَنْصُور.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام أَنه قَالَ: " لَيْسَ فِي الْحلِيّ زَكَاة "،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " زَكَاة الْحلِيّ إعارته ".
لَهُم:
قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: دخل عَليّ النَّبِي
عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي يَدي فتخات من ورق فَقَالَ: أتؤدين
زَكَاتهَا؟ فَقلت: لَا. فَقَالَ: هِيَ حَسبك من النَّار.
(2/63)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
مَصْرُوف عَن جِهَة النَّمَاء إِلَى جِهَة ابتذال مُبَاح فَلَا
تجب فِيهِ الزَّكَاة كأموال التِّجَارَة إِذا صرفت إِلَى
البذلة، بَيَانه: أَن مَحل الزَّكَاة مَال نَام للمواساة
وَهَذَا لِأَن الزَّكَاة وَجَبت بِصفة الْيُسْر، وَلِهَذَا
اعْتبر الْحول والنماء بالتقلب.
لَهُم:
حكم يتَعَلَّق بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، فَتعلق بِالْعينِ
مِنْهُمَا كالربا، وَدَلِيل تعلقه بِالْعينِ وُجُوبه بملكها،
بِدَلِيل التبر والسبائك وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنَّهَا خلقت
أَمْوَال تِجَارَة فَلَا تَتَغَيَّر.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
(2/64)
التكملة:
منهاج الْكَلَام الْمَعْهُود بَيَان عِلّة الزَّكَاة فِي
النَّقْدَيْنِ، وَبَيَان انتفائها فِي مَحل النزاع فَنَقُول:
الزَّكَاة وَجَبت ارفاقا بالفقير وَلَا يُؤمر الْإِنْسَان أَن
يرفق بِغَيْرِهِ ويضيع نَفسه، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: "
ابدأ بِنَفْسِك " فأداء المَال الْمُسْتَغْرق لحاجات
الْإِنْسَان لَا ينتهض سَببا للْوُجُوب غير أَن حَقِيقَة
الْحَاجة لَا يُمكن اعْتِبَارهَا فَلَا بُد من مرد ظَاهر قدرا
وجنسا.
أما الْجِنْس فَالْمَال قِسْمَانِ: فَمِنْهُ مَا يشْتَمل على
مَنَافِع فيطلبه الْإِنْسَان لعَينه وَهُوَ مَال الْقنية،
وَالْآخر مَا يَنْفَكّ عَن الْمَنَافِع كالنقود، فَإِذا صرف من
جِهَته صَار إِلَى مَا صرف إِلَيْهِ وَنظر إِلَى الْحَال
الراهنة وَهُوَ صرفه من جِهَته الخلفية بِقصد صَحِيح شَرْعِي
فَتَارَة يرصد للتِّجَارَة فَيلْحق بأموالها، وَتارَة يصرف
إِلَى التحلي فَيلْحق بِثِيَاب البذلة، وَلَا يلْزم الْحلِيّ
الْحَرَام، لِأَنَّهُ لَيْسَ قنية شرعا.
(2/65)
وعَلى هَذَا يمْنَع إِذا علفت السَّائِمَة
بعلف مَغْصُوب، ونقول: تجب الزَّكَاة وَإِن سلمنَا فَإِنَّمَا
سَقَطت الزَّكَاة لصفة السّوم وَلَا تَحْرِيم فِيهِ، ونقول:
الذَّهَب إِذا سبك لم يكْتَسب صُورَة بل عدم صُورَة.
(2/66)
(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسَّبْعُونَ:
الْعشْر وَالْخَرَاج (عج)) .
الْمَذْهَب: يَجْتَمِعَانِ.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر
وَفِيمَا سقِِي بناضح نصف الْعشْر "، هَذَا دَلِيل إِيجَاب
الْعشْر، وَالْخَرَاج مُتَّفق عَلَيْهِ.
لَهُم:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يجْتَمع الْعشْر
وَالْخَرَاج فِي أَرض مُسلم "،
(2/67)
وَلم ينْقل عَن أحد من الْأَئِمَّة أَنه
جمع بَينهمَا.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حقان اخْتلفَا سَببا وَقدرا ووصفا ومصرفا فَجَاز أَن يجتمعا
كالتاجر فِي حَانُوت غَيره تجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة
وَالزَّكَاة، بَيَانه: أَن الْعشْر فِي الْخَارِج وَالْخَرَاج
فِي الأَرْض ومصرف الْعشْر السهْمَان، ومصرف الْخراج الْجند.
لَهُم:
الْخراج وَالْعشر وظيفتا الأَرْض وَالسَّبَب الْوَاحِد لَا
يُوجب حكمين مُخْتَلفين كَمَا لَو جعل نِصَاب السَّائِمَة
للتِّجَارَة.
وتأثيره أَنه يُؤَدِّي إِلَى تَثْنِيَة الْوَاجِب، وَبَيَان
ذَلِك: أَن سَببه الأَرْض إِضَافَته (إِلَيْهَا وإضافتها)
إِلَيْهِ وَالْأَرْض مَال نَام فَلَا تَخْلُو عَن وَاجِب وَلَا
يثنى فِيهِ وَاجِب.
مَالك: لَا يجب الْعشْر فِي أَرض خَرَاجِيَّة.
أَحْمد: ق.
(2/68)
التكملة:
نمْنَع أَن الأَرْض مَال نَام وَإِنَّمَا النامي مَا أودع
فِيهَا، فَهِيَ كالحاضنة، والظئرة المَاء والهواء، فَأَما إِذا
احتش مَا يبلغ نِصَابا إِنَّمَا لم تجب الزَّكَاة فِيهِ
لِأَنَّهُ غير معد للنماء وَلَا هُوَ نَمَاء فِي نَفسه.
(2/69)
(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ:
النّصاب فِي المعشرات (عد)) .
الْمَذْهَب: يعْتَبر.
عِنْدهم: لَا يعْتَبر فِي كل عشر حبات حَبَّة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق
من التَّمْر صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من
الْوَرق صَدَقَة "، وقرينة التَّقْدِير تمنع من حمله على
مُطَالبَة السَّاعِي، لِأَن الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يُطَالب
بهما.
لَهُم:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فِيمَا سقت السَّمَاء
الْعشْر ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حق يجب فِي المَال وَيصرف إِلَى أهل السهْمَان فَاعْتبر فِيهِ
النّصاب
(2/70)
كَسَائِر الْأَمْوَال، وَإِنَّمَا لم
يعْتَبر فِيهِ الْحول، لِأَن الْحول يعْتَبر لتكامل النَّمَاء
وَقد تَكَامل هَاهُنَا.
لَهُم:
حق يسْقط بتعذر الِانْتِفَاع بِالْأَرْضِ، فَلم يعْتَبر فِي
وُجُوبه النّصاب كالخراج.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
إِن ألزمونا زَكَاة الرِّكَاز والمعادن منعنَا واعتبرنا
النّصاب، وَإِن فرقوا بَين الْعشْر وَسَائِر الزكوات بالحول
قُلْنَا: الْمَعْنى الْمُقْتَضى لاعْتِبَار النّصاب هُوَ أَن
المَال الْقَلِيل لَا يحْتَمل الْمُوَاسَاة، وَهَذَا يعم
جَمِيع الْأَمْوَال، وَالْمعْنَى فِي الْحول أَنَّهَا مهلة
الاستنماء وَذَلِكَ يَلِيق بِمَال معد للنماء وَالزَّرْع كَانَ
مُوجبا لَهُ، لِأَن كُله نما ثمَّ تبطل زَكَاة الْفطر
فَإِنَّهُم اعتبروا فِيهَا الزَّكَاة دون الْحول ثمَّ جَمِيع
الزكوات يتَكَرَّر وُجُوبهَا فيليق بهَا اعْتِبَار
الْمَوَاقِيت دون الْعشْر الْوَاجِب مرّة وَاحِدَة فَصَارَ
ذَلِك كَمَا فِي الْحَج وَالصَّلَاة.
(2/71)
فارغة
(2/72)
(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ:
كل مَا يقتات غَالِبا ونادرا (عه)) .
الْمَذْهَب: تجب فِيهِ الزَّكَاة، وَفِي الزَّيْتُون قَولَانِ.
عِنْدهم: (تجب فِيمَا ينبته الْآدَمِيّ) .
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى معَاذ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " فِيمَا
سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بناضح أَو غرب نصف
الْعشْر " يكون ذَلِك فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر
والحبوب، فَأَما الْبِطِّيخ والقثاء وَالرُّمَّان فعفو عَفا
عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
(2/73)
لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} هَذَا مُطلق فِي
كل مَا يحصد وتقييده بِخَبَر الْوَاحِد نسخ.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الزَّكَاة تخْتَص بِمَا يكثر نَفعه وَلِهَذَا وَجَبت فِيمَا
لَهُ در ونسل وَلم تجب فِي الْخَيل والحمر، وَكَذَلِكَ كَثْرَة
النَّفْع فِي الْحُبُوب دون الْخضر بِدَلِيل اختصاصها
بِخَمْسَة أوسق.
لَهُم:
أحد الواجبين الْمُعَلق على الأَرْض على الزَّرْع فعلق
الْفَوَاكِه والخضروات كالخراج فَهُوَ مجمع عَلَيْهِ فِي هَذِه
الْأَمْوَال، وتأثيره أَن الْعشْر مؤونة الأَرْض والمقتات
والفواكه فِيهِ وَاحِد.
مَالك: ق.
(2/74)
أَحْمد: الثِّمَار الَّتِي تكال وَأوجب فِي
اللوز لَا الْجَوْز.
التكملة:
مأخذهم أَن الْعشْر وَاجِب الأَرْض بِاعْتِبَار أَنَّهَا مَال
نَام، وَهَذَا يَقْتَضِي أَن تجب فِي كل نما أَرض إِلَّا مَا
ورد فاستثنى بِهِ نَص كالحشيش والحطب، وورق الفرصاد، وقصب
السكر، ومأخذنا أَن الْمُوجب للعشر هُوَ ملك الزَّرْع
وَالْأَصْل نفي الْعشْر عَن الْجَمِيع إِلَّا مَا ورد فِيهِ
الدَّلِيل، وَالْعقد الْإِجْمَاع فِي الأقوات وَلم نستبن أَن
الخضروات بمثابتها لاختلافهما فِي مساس الْحَاجة.
(2/75)
فارغة
(2/76)
|