تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة

 (مسَائِل الرِّبَا)

(الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة بعد الْمِائَة: عِلّة الربوا (قا)) .
الْمَذْهَب: الطّعْم مَعَ الْجِنْس.
عِنْدهم: الْكَيْل وَالْوَزْن مَعَ الْجِنْس.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تَبِيعُوا الْبر بِالْبرِّ وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَب وَلَا الْوَرق بالورق إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء مثلا بِمثل عينا بِعَين كَيْلا بكيل يدا بيد ".
وَرُوِيَ: " لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا مثلا بِمثل ".

(2/218)


فَالْخَبَر الأول أطلق التَّحْرِيم إِلَى أَن يُوجد المخلص، وَالْخَبَر الثَّانِي ذكر الطّعْم وهواسم مُشْتَقّ فصلح أَن يكون عليته كالسارق.
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مثلا بِمثل، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ مثلا بِمثل، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل، وَالْملح بالملح مثلا بِمثل وَالْفضل ربوا ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حكم النَّص تَحْرِيم بيع هَذِه الْأَمْوَال بَعْضهَا بِبَعْض والتساوي مخلص فَعم الحكم وَخص المخلص، وَالتَّعْلِيل بالطعم صَالح، لِأَنَّهُ يُنبئ عَن مزِيد شرف، لِأَن بِهِ بَقَاء الْحَيَوَان فَصَارَ كالبضع عقد تميز عَن نَظَائِره بمزيد شرطين فَوَجَبَ أَن يُعلل بِوَصْف يَقْتَضِي الشّرف أَو يُوجب أَن يكون الأَصْل فِيهِ التَّحْرِيم كعقد النِّكَاح.
لَهُم:
الْأَمْوَال الْمَنْصُوص عَلَيْهَا مُتَسَاوِيَة قطعا، وَلِهَذَا تضمن بِالْمثلِ جيدها ورديئها سَوَاء بِالنَّصِّ فَظهر التَّفَاوُت بِنَفس التقابل، فالعلة التَّسْوِيَة حَتَّى لَا

(2/219)


يَخْلُو جزؤه عَن عوض فَإِذا تحققت التَّسْوِيَة كَانَت الْعلَّة جنس مَعَ الْكَيْل إِذْ الْعلَّة مَالهَا أثر فِي الْحِكْمَة، والكيل يُحَقّق الْمُمَاثلَة صُورَة وَالْجِنْس يحققها معنى.
مَالك: الْقُوت وَمَا يصلحه من جنس.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
فِيهَا مسلكان: الأول أَن الطّعْم يصلح للتَّعْلِيل لشرفه، وَبَان ذَلِك بتضييق الشَّرْع طرقه، كَمَا اعْتمد فِي الْبضْع، وَلَا يتَأَكَّد ذَلِك إِلَّا إِذا كَانَ العوضان معلومين وَلَا يلْزمه على هَذِه إِذا اخْتلفَا جِنْسا لِأَنَّهُ جَازَ للْحَاجة، وَإِن كَانَ فِي الْجيد بالرديء نوع حَاجَة لَكِن الْحَاجة تنْدَفع بهما.
المسلك الثَّانِي: أَن نقُول الشَّرْع نصب الطّعْم أَمارَة على الحكم فَنحْن

(2/220)


ندير الحكم مَعَه وَلَا نتعرض لكَونه مختلا أَو غير مختل فَصَارَ كَمَا نقُول فِي السّرقَة وَالزِّنَا وَالْعلَّة القاصرة إِذا نَص عَلَيْهَا جرت فِي محلهَا فَالله تَعَالَى الْمُبِيح الْمحرم، وَهَذِه أَمَارَات ثمَّ لَو كَانَ الْمَقْصُود الْكَيْل لاكتفى بِذكر مَكِيل وَاحِد، وَلما عدد أصُول المطعومات ثمَّ إِنَّه صَدره بِالتَّحْرِيمِ وَذكر المخلص فَصَارَ كَقَوْلِه: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث ".
فَإِن قَالُوا: هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع أجزناه وَشَاهده: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا تأثيما (25) إِلَّا قيلا سَلاما سَلاما} ، ثمَّ لَو كَانَت الْعلَّة التَّسَاوِي لَزِمَهُم فِي كل ذِي كم من مذروع أَو مَعْدُود.

(2/221)


فارغة

(2/222)


(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بعد الْمِائَة: الْعلَّة فِي النَّقْدَيْنِ (قب)) .
الْمَذْهَب: الثمنية أَو جَوْهَر الثمنية.
عِنْدهم: الْوَزْن مَعَ الْجِنْس.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .

(2/223)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
التَّعْلِيل بالثمنيه مُنَاسِب لما فِيهِ من مزِيد شرف، فَأَما الجنسية فوصف تعم الخسائس والنفائس، قَالَ الشَّافِعِي: لَو كَانَت الْعلَّة الْوَزْن لما جَازَ إِسْلَام الدَّرَاهِم فِي الزَّعْفَرَان، ونقول: بيع صدر من أَهله فِي مَمْلُوكه الْمَقْدُور عَلَيْهِ الْمعِين الْمَعْرُوف فصح التَّعْلِيل كَبيع النّحاس بِالنُّحَاسِ.
لَهُم:
بِالْوَزْنِ مَعَ الْجِنْس تتَحَقَّق الْمُمَاثلَة صُورَة وَمعنى، إِذْ الحكم وجوب التَّسَاوِي (فعلته مَا تستدعيه الْعلَّة) بالثمنية بَاطِلَة لِأَنَّهَا عِلّة قَاصِرَة.
مَالك: يجوز بيع المصوغ من التبر بالتبر والمضروب بِقِيمَتِه وَأنكر أَصْحَابه ذَلِك.
أَحْمد: ف.

(2/224)


التكملة:
الحكم فِي مَحل النَّص ثَابت بِالنَّصِّ لعمري وبالعلة وَقد ثَبت الحكم بشيئين كَمَا بِالْكتاب وَالسّنة وتناقضهم بأواني النّحاس فَهِيَ موزونة جنس وَلَا رَبًّا فِيهَا، وأواني الذَّهَب وَالْفِضَّة يجْرِي فِيهَا الرِّبَا، إِن أوردوا على الدَّلِيل نمْنَع الدَّرَاهِم بِالدِّرْهَمَيْنِ نقضا.
فَالْجَوَاب: أَن الْعلَّة مُؤثرَة مُعْتَبرَة بِالْإِجْمَاع، إِذْ الْخصم يساعد على أَن البيع فِي الْمجمع عَلَيْهِ صَحَّ بمعان فِي المجتمعة هَاهُنَا وَظُهُور الْأَثر بِالْإِجْمَاع مَا ينْقض فَإِن النَّقْض بَيَان أَن مَا اعْتَمدهُ الْمُسْتَدلّ من الْمَعْنى غير مُعْتَبر، فَلَمَّا تساعدنا على اعْتِبَاره كَانَت مَسْأَلَة النَّقْض إشْكَالًا على الْفَرِيقَيْنِ.
بَقِي أَن يُقَال: إِنَّمَا صَحَّ لهَذِهِ الْعلَّة وَلِأَنَّهُ غير رِبَوِيّ فَنَقُول هَذَا الْآن إِشَارَة إِلَى مَانع يُعَارض الْعلَّة فَيمْنَع حكمهَا وَنفي الْمَوَانِع لَيْسَ من وَظِيفَة

(2/225)


الْمُسْتَدلّ، وَأما الْعَارِض مُدع فَعَلَيهِ إِثْبَات دَعْوَاهُ.

(2/226)


(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة بعد الْمِائَة: الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ (قج)) .
الْمَذْهَب: لَا يحرم النِّسَاء فَيجوز إِسْلَام ثوب (فِي ثَوْبَيْنِ) .
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
نهى عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان وأرخص فِي السّلم، فتقييده بمختلفي الْجِنْس يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَأمر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عبد الله

(2/227)


ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن يُجهز جَيْشًا، وَأمره أَن يبْتَاع بَعِيرًا ببعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة.
لَهُم:
نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن بيع الْحَيَوَان نَسِيئَة، وَلَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ النَّسِيئَة من الْجَانِبَيْنِ، لِأَن ذَلِك استفدناه من نَهْيه عَن بيع الدّين بِالدّينِ، وَكَلَام الشَّارِع يجب أَن يحمل على فَائِدَة جَدِيدَة.

(2/228)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْجِنْس شَرط مَحْض فَلَا يسْتَقلّ بِتَحْرِيم النِّسَاء قِيَاسا على جَمِيع الشُّرُوط وَينزل الطّعْم مَعَ الْجِنْس منزلَة الزِّنَا مَعَ الْإِحْصَان، وَذَلِكَ أَن المخيل الْمُنَاسب الطّعْم لما فِيهِ من نوع شرف، فَأَما الجنسية فَهِيَ تعم الخسيس والنفيس.
لَهُم:
الْجِنْس أحد وصفي الْعلَّة الربوية فاستقل بِتَحْرِيم النِّسَاء كالوصف الآخر، لِأَن الحكم وجوب التَّمَاثُل وَذَلِكَ يحصل بِالْجِنْسِ والكيل، فالجنس يحصل التَّمَاثُل ذاتا والكيل التَّمَاثُل قدرا.
مَالك: لَا يجوز بيع حَيَوَان بحيوانين من جنسه وَصفته ويقصد بهما أَمر وَاحِد.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
هَذِه الْأَمْوَال لَا يحرم فِيهَا رَبًّا الْفضل وَلَا يحرم رَبًّا النَّسِيئَة، فَإِنَّهُ لَو بَاعَ

(2/229)


ثوبا بثوبين جَازَ وَربا الْفضل أفحش من رَبًّا النِّسَاء، فَإِن رَبًّا الْفضل فِي الكمية، وَربا النِّسَاء فِي الزَّمَان، وَبِالْجُمْلَةِ الْخصم الْمُدَّعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وعلينا إبِْطَال مُسْتَنده وَإِن سلمنَا أَن الْجِنْس أحد وصفي الْعلَّة فَيجوز أَن ينْفَرد قسيمه بمزية لَا يُشَارِكهُ فِيهَا هَذَا الْوَصْف كَيفَ وَالشَّرْع قد نبه على ذَلِك بقوله: " إِذا اخْتلف الجنسان فبيعوا كَيفَ شِئْتُم يدا بيد ".
فَبين أَن الْبَاقِي بعد الجنسية مُسْتَقل بإفادة تَحْرِيم النِّسَاء إِن ألزمونا إِذا أسلم ثوبا فِي مثله نمْنَع فَلَا يجوز حَتَّى يكون فِي أَحدهمَا وصف زَائِد، وَنَذْكُر شَيْئا يَقع بِهِ الِاخْتِلَاف ونمنع الْإِقَالَة فِي السّلم.
فَإِن قَالُوا: هُوَ عقد بيع فَكيف لَا تجْرِي فِيهِ الْإِقَالَة.
قُلْنَا: إِذا اشْترى قَرِيبه هُوَ عقد بيع وَلَا إِقَالَة فِيهِ ثمَّ يلْزمهُم إِذا أسلم هرويا فِي مَرْوِيّ فهما جنس وَاحِد وَإِنَّمَا اخْتلفَا فِي الصَّنْعَة.

(2/230)


فارغة

(2/231)


(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة بعد الْمِائَة: التَّقَابُض فِي الْمجْلس فِي بيع الطَّعَام بِهِ (قد)) .
الْمَذْهَب: شَرط.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " يدا بيد " وَجَاء مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان إِلَى

(2/232)


طَلْحَة الصَّواف بورق فَأخذ بِهِ الذَّهَب فَسلم إِلَيْهِ الْوَرق، وتعلل طَلْحَة فِي الذَّهَب فَانْصَرف مَالك فتتبعه عمر رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ: لَا تُفَارِقهُ إِلَّا بِالْقَبْضِ، قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الذَّهَب بِالذَّهَب " وَعدد الْأَشْيَاء السِّتَّة إِلَّا هَاء وهاء.
لَهُم: ... .

(2/233)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
ترك التَّقَابُض تمكن معنى الرِّبَا فِي العقد، لِأَن للمقبوض فضلا على غير الْمَقْبُوض، لِأَن الْأَعْيَان ترَاد للِانْتِفَاع، وَالْمَسْأَلَة تبنى على أَن الْعلَّة فِي الْأَمْوَال الطّعْم إِلَّا مَا ورد فِيهِ الِاسْتِثْنَاء وَهُوَ حَقِيقَة بِالْقَبْضِ.
لَهُم:
بَاعَ عينا بِعَين فَلَا يجب التَّقَابُض كَالثَّوْبِ بِالثَّوْبِ، بَيَانه: أَنه يتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ، وتأثيره: أَن الْقَبْض حكم العقد أَو حكم حكمه فَإِذا شَرط صَار مُقَارنًا للْعقد أَو مُتَقَدما عَلَيْهِ فيغير مُقْتَضى العقد.
مَالك: ق.
أَحْمد:
التكملة:
إِن وَقع الْفَرْض على مطعوم غير مَنْصُوص عَلَيْهِ فَلَا طَرِيق إِلَّا بَيَان أَن الْعلَّة فِي الرِّبَا الطّعْم فَيلْحق بالربويات، وَالْقَبْض فِيهَا شَرط، وَإِن وَقع فِي

(2/234)


الْأَرْبَعَة فالنص يُغني، فَإِن حملُوا الْيَد على التَّعْيِين فقد قَالَ عينا بِعَين، ثمَّ الْإِشَارَة تحصل بِالرَّأْسِ وَالْعين وَغَيرهمَا وَالْيَد صَرِيحَة فِي الْقَبْض، ثمَّ الْقَبْض يفضل على غَيره عرفا وَعَادَة.
فَإِن قَالُوا: كَيفَ يكون شرطا وَقد تَأَخّر، قُلْنَا: هُوَ شَرط صِحَة وَالْعقد وَصَارَ كَمَا يَقُولُونَ فِي النَّقْدَيْنِ وَرَأس المَال فِي السّلم، وفقهه أَن مجْلِس العقد حَرِيم العقد فَأخذ حكمه، وَإِن اعتذروا عَن النَّقْدَيْنِ بِأَنَّهُمَا لَا يتعينان بِالتَّعْيِينِ كَانَ بهتا، ويلزمهم إِذا حضر أَحدهمَا فَإِنَّهُ لَا يكون بيع دين بدين، وَالدَّلِيل على أَن مجْلِس العقد حَرِيم العقد أَن عِنْدهم لَو بَاعَ بصنجة مَجْهُولَة أَو بِمَا بَاعَ بِهِ فلَان سلْعَته إِن ارْتَفَعت الْجَهَالَة فِي الْمجْلس صَحَّ العقد وَإِن تَأَخَّرت بَطل.

(2/235)


(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة بعد الْمِائَة: بيع الرطب بِالتَّمْرِ أَو بالرطب (قه)) .
الْمَذْهَب: بَاطِل.
عِنْدهم: صَحِيح.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام للسَّائِل عَن ذَلِك: " أينقص الرطب إِذا جف " فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: " لَا إِذن "، رَوَاهُ ابْن عَبَّاس. وَقَالَ الدراقطني: الحَدِيث

(2/236)


صَحِيح، وبإسناد آخر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَفِي الْخَبَر الأول نبه على الْعلَّة.
لَهُم:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " التَّمْر بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل " وَقد وجد.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الأَصْل تَحْرِيم بيع هَذِه الْأَمْوَال، وَإِنَّمَا صَحَّ للْحَاجة فَوَجَبَ أَن يعْتَبر كَمَال الْحَاجة وَهِي بِكَمَال الْمَنَافِع فِي حَالَة الإدخار، فَلِأَن أَحدهمَا على هَيْئَة الادخار وَالْآخر لَا على الْهَيْئَة فَلَا يجوز بيع أَحدهمَا بِالْآخرِ كالحنطة بالدقيق والمقلية بِغَيْر المقلية.
لَهُم:
بَاعَ التَّمْر بِالتَّمْرِ مُتَسَاوِيا فصح كَمَا لَو بَاعه بعد الْجَفَاف، وفقهه أَن الرطب تمر، حَقِيقَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّبِي من جنس النَّاس، فَإِذا بيع الْجِنْس

(2/237)


بِمثلِهِ صَحَّ للْخَبَر. قَالَ النُّعْمَان: لما سُئِلَ عَن ذَلِك لَا يَخْلُو أَن يكون تَمرا أَو غَيره، فَإِن كَانَ تَمرا فقد حصل التَّمَاثُل، وَإِن لم يكن فَلَا حرج.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
هما جنس وَاحِد لَكِن فِي حالتين فلاتحاد الْجِنْس تشْتَرط الْمُمَاثلَة ولاختلاف الْحَال يمْتَنع تحقيقها كالحنطتين مقلية وَنِيَّة، فَإِذا قَالُوا: الْحِنْطَة كَانَت قَابِلَة للتماثل فقولها بِفِعْلِهِ فَلم يحط الشَّرْع عَنهُ هَذَا الشَّرْط كَمَا لَو أراق المَاء بعد دُخُول الْوَقْت وَتيَمّم فَإِنَّهُ يلْزمه الْقَضَاء.
الْجَواب: أَولا منع مَسْأَلَة التَّيَمُّم فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا تَأْثِير لفعل

(2/238)


العَبْد فِي هَذَا الْبَاب سَوَاء عجز عَن الْقيام فِي الصَّلَاة بِفِعْلِهِ أَو بزمانة عارضة.
فَإِن قَالُوا: حديثنا مُطلق بِالْإِضَافَة إِلَى جَمِيع أَحْوَال التَّمْر، قُلْنَا: الْمُطلق لفظ لَا قيد فِيهِ لَا مَا يَنْفِي الْقَيْد بل هُوَ السَّاكِت عَن الْقَيْد نفيا وإثباتا نعم نفي الْقَيْد لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل، بل يَكْفِي انْتِفَاء دَلِيله، أما من أثبت قيدا افْتقر إِلَى دَلِيل.
وَقد ذَكرْنَاهُ فَإِذا ظهر دَلِيل الْقَيْد لم يكن نسخا للمطلق إِذْ لم يكن فِيهِ نفي، وَدَلِيل الْقَيْد بل هُوَ بَيَان أَمر زَائِد كَانَ مسكوتا عَنهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ الرطب وَالتَّمْر متماثلان صُورَة لَا حَقِيقَة، فَإِن حَقِيقَة الشَّيْء بِالْمَعْنَى الَّذِي خلق لَهُ، وَالْحكمَة فِي الأقوات غَرَض الإدخار، وَذَلِكَ يحصل بعد الْجَفَاف والرطوبة أَجزَاء مائية تفني باليبس.

(2/239)


فارغة

(2/240)


لوحة 33 من المخطوطة " أ ":
(اخْتلف فِي تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل من الْخطاب وَبَيَان تَخْصِيص الْعُمُوم من وَقت الْخطاب إِلَى وَقت الْحَاجة، فَمنع بعض الْأَصْحَاب من ذَلِك، وَالْأَكْثَر الْمُجِيز، وَالدَّلِيل على الْجَوَاز قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه وَقل رب زِدْنِي علما} ، وَقَوله تَعَالَى: {إِن علينا جمعه وقرآنه (17) فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه (18) ثمَّ إِن علينا بَيَانه} ، وَثمّ للمهملة، وَقَوله: {كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت} ، وقصة الْبَقَرَة) .

(2/241)


وَاعْلَم أَن العقد إِذا جمع عوضين وَجب أَن يقسم أَحدهمَا على الآخر على قدر قيمَة الآخر، فَإِن كَانَ مُخْتَلف الْقيمَة اخْتلف مَا يَأْخُذ من الْعِوَض، بَيَانه أَنه إِذا كَانَ أحد الْعِوَضَيْنِ ثَوْبَيْنِ، والعوض الآخر دَرَاهِم فَإِنَّهُ إِذا احْتِيجَ إِلَى معرفَة كل وَاحِد مِنْهُمَا قوم الثوبان وَقسم الثّمن على قدر الْقِيمَتَيْنِ.
مِثَاله: اشْترى ثَوْبَيْنِ بِعشْرَة دَرَاهِم قيمَة أَحدهمَا سِتَّة وَالْآخر ثَلَاثَة فَإِنَّهُ يقسم الْعشْرَة على ثلثين وَثلث، وَقد فعلنَا ذَلِك فِيمَن اشْترى شِقْصا وسيفا بِمِائَة دِرْهَم فَطلب الشَّفِيع حَقه فَإِنَّهُ يقوم الشّقص وَالسيف.
فَإِذا قيل: قيمَة الشّقص سِتُّونَ وَقِيمَة السَّيْف ثَلَاثُونَ قُلْنَا للشَّفِيع خُذ الشّقص بِثُلثي الْمِائَة وَكَذَلِكَ لَو تلف أحد الْعَبْدَيْنِ فِي يَد البَائِع فَإِنَّهُ يسْقط من الثّمن نِسْبَة قِيمَته إِلَى قيمَة الْعَبْدَيْنِ وَيُخَير المُشْتَرِي، فعلى هَذَا إِذا بَاعَ مدا ودرهما بمدين، ينظر إِلَى مَا يُسَاوِي الدِّرْهَم فَيكون مدا وَنصفا فيخص الدِّرْهَم ثَلَاثَة أَخْمَاس مد.

(2/242)


بَيَانه: أَن الدِّرْهَم بِمد وَنصف وَمَعَهُ مد يكون ذَلِك خَمْسَة أَنْصَاف فَإِذا قسمنا عَلَيْهَا الْمَدّ حصل للدرهم ثَلَاثَة أَخْمَاس، وَإِذا بَاعَ درهما صَحِيحا ودرهما مكسرا بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ اقْتضى أَن يكون ثمن الصَّحِيح أَكثر فَيُؤَدِّي إِلَى الْفضل.
وَاعْلَم أَن الْعصير من الْعِنَب يجوز بيع بعضه بِبَعْض مُتَسَاوِيا، لِأَنَّهُ حَاله حَال كَمَال، وَكَذَلِكَ عصير الرُّمَّان والسفرجل وَشبههَا، وَيجوز بيع هَذِه الْأَجْنَاس بِجِنْس آخر مِنْهَا مُتَفَاضلا، فَإِذا طبخت بالنَّار لم يجز بيع الْمَطْبُوخ مِنْهَا بالنيء من جنسه وَلَا الْمَطْبُوخ بالمطبوخ، لِأَن النَّار تعقد أجزاءه فيختلف الْعَسَل بالعسل لَا يُبَاع إِلَّا بعد التصفية من الشمع، وَفِي بيع السكر بعضه بِبَعْض وَجْهَان؛ لِأَن النَّار تدخله.
وَحكم الألبان حكم مَا هِيَ مِنْهُ فالبقر الْأَهْلِيَّة كلهَا جنس جواميسها وعربيها، والوحشية جنس، وَلِهَذَا لَا تضم إِلَيْهَا فِي الزَّكَاة.
وَالْغنم جِنْسَانِ ضَأْن ومعز، قَالَ الشَّافِعِي: لَا خير فِي زبد غنم بِلَبن غنم، وَلَا يجوز بيع مَا استخرج من شَيْء بذلك الشَّيْء كالشيرج

(2/243)


بالسمسم، وَالزَّيْت بالزيتون، وَلَا يجوز بيع المخيض الَّذِي استخرج زبده بِاللَّبنِ، لِأَن فِي اللَّبن زبدا، وَلَا زبد فِي المخيض فَيُؤَدِّي إِلَى التَّفَاضُل فَأشبه كسب السمسم بالسمم، وَلَا يجوز بيع اللَّبن وزنا، إِذا بَاعَ دجَاجَة مَعهَا بيض بدجاجة لم يجز وَلَا يجوز بيع اللَّبن بِالْحَيَوَانِ ذِي اللَّبن.

(2/244)


(من مسَائِل الرِّبَا)

(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة بعد الْمِائَة: مد عَجْوَة (قو)) .
الْمَذْهَب: يبطل العقد.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
أُتِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَام خَيْبَر بقلادة فِيهَا خرز وَذهب بِيعَتْ بسبعة دَنَانِير فَقَالَ: لَا، حَتَّى تميز.

(2/245)


وَجه الدَّلِيل: أَنه نهى عَن البيع إِلَى حِين التَّمْيِيز، وَالنَّهْي دَلِيل التَّحْرِيم، ثمَّ إِنَّه لم يستفصل عَن كمية الذَّهَب الَّذِي فِي القلادة فَلَو اخْتلف الحكم بِهِ لسأل، فَإِن تَأْخِير الْبَيَان عَن الْحَاجة لَا يجوز.
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تمهد فِي الشَّرْع أَن أَجزَاء الْعِوَضَيْنِ يوزع على أَجزَاء الْعِوَض الآخر بِاعْتِبَار الْقيمَة فَيَقَع الْجُزْء للجزء لِأَنَّهُ عقد مُقَابلَة فَمن قَابل ثوبا يُسَاوِي عشرَة بِعَبْد يُسَاوِي مائَة قَابل درهما بِعشْرَة، وَمن اشْترى شِقْصا وسيفا بِمِائَة وزع الثّمن عَلَيْهِمَا بِقدر الْقيمَة لحق الشَّفِيع.
لَهُم:
وَقعت الْمُعَاوضَة عَن مُقَابلَة تَقْتَضِي صِحَة العقد وَأُخْرَى تَقْتَضِي

(2/246)


فَسَاده فرجحت الصِّحَّة كَمَا لَو أوصى بطبل لَهو طبل غَزْو، وتأثيره: إِن تَصْحِيح كَلَام الْبَالِغ الْعَاقِل وَاجِب مهما أمكن، والمقابلة الصَّحِيحَة مُقَابلَة الْآحَاد بالآحاد والباطلة التَّوْزِيع بِالْقيمَةِ فعملنا بالمصحح.
مَالك:
أَحْمد: وَافق إِلَّا فِي الْجِنْس الْوَاحِد فَإِنَّهُ يجوز بيع دينارين مُخْتَلفين بدينارين متفقين.
التكملة:
صَاحب الدِّينَار الَّذِي يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَصَاحب الدِّينَار الَّذِي يُسَاوِي درهما إِذا اشْتَركَا فِي شِرَاء حِنْطَة قسماها أَثلَاثًا، وَمُطلق العقد لَا يخْتَلف بالأفراد والاشتراك، فَدلَّ على أَن التَّوْزِيع بِقدر الْقيمَة كَذَلِك فِي مَحل النزاع، إِذا قَابل دِينَارا قِيمَته دِرْهَمَانِ، ودينارا قِيمَته دِرْهَم بدينارين وسطين فالجيد ثلثا مَا فِي الْجَانِب بِالْقيمَةِ فيقابل ثُلثي مَا فِي الْجَانِب الآخر وَهُوَ دِينَار وَثلث فَيظْهر التَّفَاضُل، نعم لَو بَاعَ جيدا ورديئا بجيد ورديء فقد يظْهر تساويهما، وَلَيْسَ بِصَحِيح، فَإِن التخمين غير مُحَقّق فَصَارَت

(2/247)


الْمُمَاثلَة مَجْهُولَة كَمَا لَو بَاعَ صبرَة بصبرة فَإِنَّهُ لَا يَصح على أَن فِي هَذِه الصُّورَة إِذا بَاعَ دِينَارا جيدا ودينارا رديئا بِدِينَار جيد ودينار رَدِيء نمْنَع ونقول: يَصح العقد.
فَإِن قَالُوا: الشَّرْع أبطل اعْتِبَار الْجَوْدَة، قُلْنَا: هِيَ مَالِيَّة لَا سَبِيل إِلَى إِبْطَالهَا بل أَبَاحَ فضل الْجَوْدَة عِنْد التَّسَاوِي فِي الْوَزْن والجنسية وَنحن لَا نعتبر الْمُسَاوَاة فِي الْقيمَة، وَلَكِن فضل الْوَزْن يظْهر عِنْد التَّوْزِيع بِاعْتِبَار الْقيمَة إِذا اخْتلف الْجِنْس وَالنَّوْع، وَمَا قَالُوهُ من تَرْجِيح جَانب الصِّحَّة بالضد أولى، بل تَرْجِيح الْحُرْمَة احْتِيَاطًا لمَال الرِّبَا، وَفِي كثير من الْعُقُود الشَّرْعِيَّة.

(2/248)


(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة بعد الْمِائَة:
إِذا اشْترى بِدَرَاهِم مُعينَة (قَز)) .
الْمَذْهَب: تتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم:
قَالَ عبد الله بن عمر: كُنَّا نبيع الْإِبِل بالنقيع بِالدَّنَانِيرِ ونأخذ مَكَانهَا الدَّرَاهِم، وبالدراهم وَيَأْخُذ مَكَانهَا الدَّنَانِير، وَلَو تعيّنت مَا جَازَ الِاسْتِبْدَال

(2/249)


كَيْلا يفوت الْقَبْض الْمُسْتَحق بِالْعقدِ، وَكَانَ ذَلِك يُوجب فسخ العقد كَمَا لَو هلك الْمَبِيع فَإِنَّهُ يَنْفَسِخ العقد لما قَبضه مُسْتَحقّا.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لَهُم:
التَّعْيِين تَقْرِير مُقْتَضى العقد تَسْوِيَة بَين الثّمن والمثمن، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُمَا نقل الْملك، وَهُوَ عقد مُقَابلَة وَإِنَّمَا يَصح العقد على تَقْدِير صيرورة الثّمن دَرَاهِم فتحقيق صورتهَا أولى، وَصَارَ كالمكيلات تصح فِي الذِّمَّة وتتعين بِالتَّعْيِينِ، ثمَّ الدَّرَاهِم قَابِلَة للتعيين والعاقد أهل ذَلِك فتعينت.
لَهُم:
التَّعْيِين يُغير مُقْتَضى العقد، لِأَن حكم الثّمن وُجُوبه فِي الذِّمَّة بِالْعقدِ، فَإِذا عينه فقد حصل وجوده شرطا للْعقد، وَحقّ الشَّرْط أَن يتَقَدَّم أَو يُفَارق وَيجْعَل التَّعْيِين كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك بِجِنْس هَذِه الدَّرَاهِم وقدرها، وَالدَّلِيل

(2/250)


على أَن هَذَا حكم العقد جَوَازه فِي الذِّمَّة.
مَالك:
أَحْمد:
التكملة:
نعتمد على التَّسْوِيَة بَين الثّمن والمثمن، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الدِّيَة رخصَة، لِأَن حمل الدَّرَاهِم يشق، وَيجوز السّلم فِي النُّقُود كالعروض (وَيَقُول: بِعْت) هَذِه الدَّرَاهِم بِكَذَا، ونمنع الِاعْتِيَاض عَن الثّمن قبل الْقَبْض إِذا كَانَ دينا كَالْمُسلمِ فِيهِ، ونقول: العقد سَبَب الْملك وَالدَّرَاهِم أعيانها قَابِلَة للْملك كالعروض، وَقد أضيف العقد إِلَيْهَا فَيُفِيد الْملك فِيهَا.
فَإِن قَالُوا: إِضَافَة البيع إِلَى الْمَبِيع معقولة بِكَوْنِهِ مَوْجُودا وَالثمن غير مَوْجُود.
قُلْنَا: لَا نسلم أَن الثّمن يحدث بِالْبيعِ، بل الْحَادِث بِالْبيعِ ملك الثّمن

(2/251)


على وزان ملك الْمُثمن.
بَيَانه: أَن الَّذِي فِي الذِّمَّة مَال مُقَدّر شرعا مَمْلُوك للْبَائِع فالملك فِيهِ غير ذَاته فذات الدّين الْمُقدر مَحل العقد وَالْملك فِيهِ حكم العقد وإنكارهم مَالِيَّة الدَّرَاهِم تصادم الْعرف وَالشَّرْع، قَالَ الله تَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} ، و {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَالْمَنْفَعَة فِيهَا مَوْجُودَة كَسَائِر الْأَعْيَان.

(2/252)


(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة بعد الْمِائَة: بيع الْعقار قبل الْقَبْض (قح)) .
الْمَذْهَب: لَا يجوز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
لما بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعتاب بن أسيد إِلَى مَكَّة قَالَ لَهُ: انههم عَن أَربع،

(2/253)


وعد مِنْهَا بيع مَا لم يقبض، وروى أَنه نهى عَن بيع الْمَبِيع قبل الْقَبْض، وَرُوِيَ أَنه نهى عَن بيع الطَّعَام قبل قَبضه. رَوَاهُ ابْن عَبَّاس، وَقَالَ: أَنا أرى كل شَيْء مثله.
لَهُم: ... .

(2/254)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
فَاتَ ركن التَّصَرُّف فَبَطل، دَلِيل الدَّعْوَى: أَن البيع تصرف فِي الْمحل فيفتقر إِلَى مُمكن مِنْهُ، وَذَلِكَ بِالْيَدِ، وَلَا نسلم أَن الْملك يبْنى على الْقُدْرَة بل الْقُدْرَة بِالْيَدِ، وَدَلِيل قُصُور الْملك احْتِمَال الِانْفِسَاخ قبل الْقَبْض.
لَهُم:
وجد الْمُطلق للتَّصَرُّف وَزَالَ الْمَانِع فصح كَمَا بعد الْقَبْض، إِذْ الْمُطلق الْملك، وَقد وجد وَالْمَانِع فِي المنقولات الْغرَر بالانفساخ بِالْهَلَاكِ، وَقد أَمن هَذَا فِي الْعقار ويتأيد بِالْعِتْقِ وَالنِّكَاح فَإِنَّهُمَا يجوزان قبل الْقَبْض.
مَالك:
أَحْمد: غير الْمكيل وَالْمَوْزُون والمعدود يجوز.

(2/255)


التكملة:
إِن قَالُوا: ملك ربع بعوض فَجَاز قبل الْقَبْض كالشفعة فَهَذَا طرد مَحْض، وَلَا نسلم أَنه يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة من غير قبض، بل إِن كَانَ المُشْتَرِي حَاضرا أمره الْحَاكِم بِالْقَبْضِ، وَإِن عدم وكل من يقبض عَنهُ، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول: الشُّفْعَة ملك شَرْعِي قهري لَا يعْتَبر فِيهِ الرِّضَا فَلَا يعْتَبر الْقَبْض.
قَالُوا: الْمكَاتب يتَصَرَّف بِالْيَدِ فليتصرف الْحر بِالْملكِ، قُلْنَا: تصرفه بِالْيَدِ ضَرُورَة تَحْصِيل الْعتْق، وَأما الْعتْق قبل الْقَبْض يمْنَع، وَمَعَ التَّسْلِيم نقُول هَذَا إِسْقَاط بِخِلَاف البيع، وَأما وجود الْحَد على البَائِع بِوَطْء الْجَارِيَة فَلَيْسَ لِأَنَّهُ مَا بَقِي فِي الْمحل شَيْء من علائق الْملك، فَإِن أَبَا حنيفَة يَقُول: إِذا وطئ الْمُطلقَة ثَلَاثًا فِي الْعدة حد، وَإِن كَانَ قيام الْعدة من أثر النِّكَاح.

(2/256)


(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة بعد الْمِائَة:
بيع لحم الشَّاة بِشَاة (قطّ)) .
الْمَذْهَب: بَاطِل.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
رُوِيَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن بيع لحم الشَّاة بِالشَّاة يدا بيد، وَيَنْبَغِي التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث الصَّحِيح، فَإِن التَّمَسُّك بِمُطلق نَهْيه عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ ينقدح حمله على مُعْتَاد القصاب، وَهُوَ عِنْدهم مُمْتَنع، لِأَنَّهُ سلم فِي الْحَيَوَان، أَو سلم الْحَيَوَان فِي اللَّحْم من غير تسلم فِي الْمجْلس.

(2/257)


لَهُم: ... .
دَلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
بَاعَ مَال الرِّبَا بِمَا اشْتَمَل على جنسه، فَلَا يَصح كَبيع دهن السمسم بالسمسم، وَاللَّبن بِشَاة فِي ضرْعهَا لبن.
لَهُم:
ماليه اللَّحْم غير مَوْجُودَة فِي الشَّاة، وَإِنَّمَا الْمَوْجُود مَالِيَّة الْحَيَوَان، فَإِنَّهُ مستعد للطعم والتغدي، وَاخْتِلَاف الْمَالِيَّة بِحَسب اخْتِلَاف الْمَنَافِع، نعم يُمكن تَحْصِيل مَالِيَّة اللَّحْم بِصِيغَة مَشْرُوعَة حَتَّى لَو اختلست لم يكن اللَّحْم مَالا والتعرض للثبوت لَا حكم لَهُ قبل الثُّبُوت.
مَالك: ق.

(2/258)


أَحْمد: ق.
التكملة:
إِن ألزمونا بيع السمسم بالسمسم وَالشَّاة بِالشَّاة مَعَ اشتمالهما على مَال الرِّبَا قُلْنَا: هَذَا كَلَام لَا يَصح مِنْكُم مَعَ تَصْحِيح البيع فِي مد عَجْوَة، وَعِنْدنَا بيع الْجَوْز بالجوز بَاطِل، وَإِنَّمَا صَحَّ السمسم بالسمسم، لِأَن الجنسية مُحَققَة وَتحقّق الْمُمَاثلَة بِالْكَيْلِ مَنْصُور.
نعم إِذا تمحص أحد الْعِوَضَيْنِ ذَهَبا تعين تَقْدِيره فِي الْجَانِب الآخر، ونقول: مَالِيَّة الدّهن غير مَالِيَّة السمسم، إِذْ الْعِوَض مِنْهُمَا مُخْتَلف كالشاة مَعَ اللَّحْم، وَلَا بُد فِي تَحْقِيق كل وَاحِد مِنْهُمَا من صفة مذمومة شرعا فصح أَن يسْتَأْجر عَلَيْهِ، نعم اعْتبر الشَّرْع فِي أَحدهمَا الْإِسْلَام وَالْعقل ويلزمهم قَوْلهم أَن من ذبح شَاة مَغْصُوبَة لم يَنْقَطِع حق الْمَالِك وَلَو حدثت مَالِيَّة اللَّحْم بِفِعْلِهِ لملكها كالبذر الْمَغْصُوب.

(2/259)


فارغة

(2/260)


(الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة بعد الْمِائَة: الْعينَة (قي)) .
الْمَذْهَب: العقدان صَحِيحَانِ.
عِنْدهم: تبطل بِالثَّانِي.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} .
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
اعْتِبَار أحد الْعقْدَيْنِ بِالْآخرِ، فَإِنَّهُمَا اسْتَويَا فِي اجْتِمَاع الْأَركان

(2/261)


والشرائط وخيال قَاعِدَة الرِّبَا بَاطِل، إِذْ الثَّوْب لَيْسَ من مَال الرِّبَا، وَلَا مُقَابلَة بَين عشرَة وَعشْرين، بل بَين عشرَة وثوب وَعشْرين وثوب.
لَهُم:
وَسِيلَة إِلَى الرِّبَا فتمنع مِنْهُ كَسَائِر وسائله، وكسائر وَسَائِل الْمَحْظُورَات من الْقَتْل والزنى وَغَيرهمَا.
مَالك: ف.
أَحْمد: ف.
التكملة:
نقُول: هُوَ وَسِيلَة إِلَى مَقْصُود هُوَ الْفضل أم إِلَى عين الرِّبَا، وَهُوَ مُقَابلَة الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ الآخر مَمْنُوع وَهُوَ الْحَرَام، وَالْأول مُسلم وَلَا تَحْرِيم فِيهِ، فَإِن النِّكَاح يُفِيد ملك مَقْصُود الزِّنَى، وَالنِّكَاح مَشْرُوع كَيفَ وَعِنْدهم لَو بَاعَ صبرَة بصبرتين كل حفْنَة بحفنتين صَحَّ؟
وَقد يحصل على مَقْصُود الرِّبَا، وَكَذَلِكَ مد عَجْوَة، وَكَذَا لَو كَانَ البيعان هَا هُنَا بِالنَّقْدِ، أَو كَانَ البَائِع الثَّانِي غير البَائِع الأول وَالنَّظَر جلي من جانبنا والخصم مطَالب بإبراز خياله.

(2/262)


فارغة

(2/263)


فارغة

(2/264)