تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة (من مسَائِل الْبيُوع)
(2/265)
فارغة
(2/266)
لوحة 34 من المخطوطة " أ ":
اخْتلف فِي الْخَبَر إِذا خَالف قِيَاس الْأُصُول فَقَالَ
جُمْهُور أَئِمَّة الحَدِيث: الْخَبَر إِذا صَحَّ سَنَده كَانَ
أولى من قِيَاس الْأُصُول، وَقَالَ أهل الرَّأْي يرد الْخَبَر
بِالْقِيَاسِ، وَبِذَلِك نرد خبر الْمُصراة فَنَقُول: قد
ناقضتم فِي هَذِه الْقَاعِدَة لخَبر التوضوء بالنبيذ فَإِنَّهُ
جَاءَ بِخِلَاف قِيَاس الْأُصُول، لِأَن الْأُصُول مَبْنِيَّة
على أَن مَا جَازَ الْوضُوء بِهِ سفرا جَازَ حضرا.
ثمَّ لم يلْحقُوا نَبِيذ التَّمْر بنبيذ الزَّبِيب
وَكِلَاهُمَا سَوَاء وَنَقَضُوا الْوضُوء بالقهقهة بِخَبَر
الْوَاحِد، وَهُوَ خلاف الْقيَاس وَلم ينقضوا بالقهقهة فِي
صَلَاة الْجِنَازَة وقبلتم أثرا من بعض الصَّحَابَة فِي
الْجِنَايَة على عين الدَّابَّة بإلزامه ربع قيمتهَا.
وَالْقِيَاس يُوجب أَن يكون حكم أَطْرَاف الْحَيَوَان متناسبة
الْقيمَة، ثمَّ الْقيَاس إِنَّمَا يعرف صِحَّته بسلامته من
مُخَالفَة النُّصُوص، وَالنَّص
(2/267)
يثبت حكمه ابْتِدَاء، وَتُؤْخَذ مِنْهُ
الأقيسة، فَلَا ثبات الْقيَاس يُعَارض الْخَبَر، وَالْخَبَر
أصل بِنَفسِهِ.
وَاعْلَم أَنه إِذا اشْترى أمة مصراة هَل يثبت لَهُ الْخِيَار
وَجْهَان، فَإِن قُلْنَا: لَهُ الْخِيَار فَهَل يرد مَعهَا
شَيْئا وَجْهَان: أَحدهمَا يرد، لِأَن اللَّبن مَقْصُود،
وَالثَّانِي لَا يرد، لِأَن لبن الآدميات لَا يُبَاع غَالِبا.
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " الْخراج بِالضَّمَانِ "، أَي
تكون خراج الْعين لمن لَو تلفت فِي يَده تلفت مِنْهُ فَإِذا
اشْترى عبدا فأكسابه للْمُشْتَرِي، فَإِن وجد بِهِ عَيْبا رده
وَأمْسك أكسابه لِأَنَّهَا حدثت فِي ضَمَانه، إِذْ لم يكن
الرَّد بِالْعَيْبِ لحدوث عيب عِنْد المُشْتَرِي بطرِيق
الْأَرْش أَن يقوم الْمَبِيع
(2/268)
صَحِيحا، وَيقوم معيبا وَيُؤْخَذ مِقْدَار
النَّقْص من الثّمن.
مِثَاله صَحِيحه - ق 100 - مَعِيبَة ص 90 النَّقْص ي 10،
فَإِذا كَانَ الثّمن - قن 150 - رَجَعَ بِعشْرَة وَهُوَ يه 15،
إِذا اشْترى إبريق فضَّة وَزنه - ق - بِمِائَة فَوجدَ بِهِ
عَيْبا وَحدث عِنْده عيب لم يُمكن الرُّجُوع إِلَى الْأَرْش
لِأَنَّهُ رَبًّا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَنْفَسِخ العقد وَيرد الثّمن
وَيدْفَع قيمَة الإبريق ذَهَبا، إِذا اشْترى عبدا مُطلقًا
فَخرج خَصيا فَلهُ الرَّد، وَإِن كَانَ الْخصي أَكثر قيمَة
ذَلِك لنُقْصَان الْخلقَة وَإِن شَرط أَن يكون خَصيا فَخرج
فحلا فَلهُ الْخِيَار وَيرد العَبْد وَالْجَارِيَة بِالزِّنَا
والبخر خلافًا لَهُم، وَيرد بالإباق.
(2/269)
إِذا وجد جَارِيَة مغنية فَلَا خِيَار
لَهُ، لِأَن ذَلِك زِيَادَة فِي ثمنهَا من غير نقص فِي بدنهَا.
اعْلَم أَن العَبْد لَا يملك شَيْئا إِنَّمَا يملكهُ سَيّده،
وَهل يملك بِالْإِذْنِ قَولَانِ: أَحدهمَا يملك وَبِه قَالَ
مَالك خلافًا لَهُم.
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من بَاعَ عبدا وَله مَال
فَالْمَال للْعَبد "، إِلَّا أَن يستثنيه السَّيِّد وَفِي
الْخَبَر مطْعن، وَالْمذهب أَن مَاله للْبَائِع إِلَّا أَن
يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع.
بيع الْمُرَابَحَة جَائِز ويخبر بِرَأْس المَال، فَإِن كَانَ
قد اغترم عَلَيْهِ شَيْئا فَإِن يتقوم عَليّ بِكَذَا، فَإِن
كَانَ قد عمل فِيهِ بِيَدِهِ لم يضفه إِلَى رَأس المَال بل
يَقُول: عملت فِيهِ مَا يُسَاوِي كَذَا.
(2/270)
(من مسَائِل الْبيُوع)
(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة بعد الْمِائَة: وَطْء الثّيّب
(قيا)) .
الْمَذْهَب: لَا يمْنَع الرَّد بِالْعَيْبِ.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ وَالْخَرَاج
بِالضَّمَانِ ".
لَهُم:
عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا قضيا بامتناع الرَّد وَزيد بن
ثَابت وَابْن عمر صَارا إِلَى الرَّد مَعَ الْعقر.
(2/271)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
رد مَا اشْترى، كَمَا اشْترى بِعَيْب قديم لم يرض بِهِ فَجَاز
كَمَا لَو رَضِي البَائِع، أَو نقيس على الْمَنَافِع، عبارَة
المام من غير إيلام فَلَا يمْنَع من الرَّد كالاستخدام.
لَهُم:
الْبضْع فِي حكم الْأَجْزَاء وَالْوَطْء عيب عرفا وَشرعا يُوجب
الْمهْر وَيثبت الْحَد إِذا خرجت بغيا، نعم يخرج عَن كَونه
عَيْبا بِالْحلِّ وَالْفَسْخ إِزَالَة العقد من أَصله،
وَالْوَطْء لَا يَخْلُو عَن الْعقر، أَو الْعقُوبَة إِلَّا
إِذا كَانَ فِي الْملك.
مَالك: مُوَافق وَالْبكْر يردهَا وَيرد نقص الْبكارَة.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
لَا نسلم أَن الْوَطْء نقص، بل هُوَ إلذاذ وَإِن كَانَ نقصا
لَكِن لَا فِي الْمَالِيَّة
(2/272)
إِذْ لَا فرق بَين ثيب وثيب، وَلَا يجب ذكر
الْوَطْء فِي عقد الْمُرَابَحَة وَمَا تخيلوه من النَّقْص
الْمَعْنَوِيّ منشؤه الْعَار وَهُوَ جَار فِي الْفُجُور
بالغلام والإتيان فِي غير المأتى وَمُجَرَّد المضاجعة وَشَيْء
من ذَلِك لَا يمْنَع الرَّد، لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بالمقاصد
الْمَالِيَّة وَمَا نقلوه عَن الصَّحَابَة يسوغ الْخلاف
ويلزمهم إِذا بَاعَ شِقْصا مشفوعا فَإِن الشَّفِيع يسْتَحقّهُ
فَلَو رد بِالْعَيْبِ لم يسْقط حق الشَّفِيع وَلَو كَانَ العقد
قد ارْتَفع من أَصله لسقط حق الشَّفِيع.
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة ثمَّ عتق مُشْتَرِي
الْجَارِيَة ورد العَبْد بِالْعَيْبِ، فَإِن الْعتْق لَا
ينْتَقض، ثمَّ لَو رَضِي البَائِع بِالرَّدِّ جَازَ وَلَو
كَانَ العقد ارْتَفع من أَصله لم يجز الرِّضَا بِالزِّنَا،
ثمَّ هَب أَن الْفَسْخ رفع للْعقد من أَصله لكنه فِي الْبَاقِي
لَا فِي المستوفي.
(2/273)
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة بعد
الْمِائَة: الزَّوَائِد الْمُنْفَصِلَة (قيب)) .
الْمَذْهَب: لَا تمنع الرَّد بِالْعَيْبِ.
عِنْدهم: تمنع وَوَافَقَ فِي الغلات والأكساب.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
الْآيَة.
النزاع فِي جَوَاز الرَّد والعموم يدل عَلَيْهِ وَلَا يُنكر
تطرق التَّخْصِيص إِلَيْهِ لَكِن على مدعيه الدَّلِيل.
لَهُم: ... .
(2/274)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
رد مَا اشْترى، الْعبارَة كَمَا لَو حصلت الزَّوَائِد قبل
الْقَبْض أَو هَلَكت ونفرض الْكَلَام فِي الْعقر، ونقيس على
جَمِيع الْمَنَافِع، ونحسم إلحاقهم الْعقر بالأجزاء ونقول: وجد
سَبَب الرَّد مَقْرُونا بِشَرْطِهِ.
لَهُم:
الْوَلَد مَبِيع وَامْتنع رده إِجْمَاعًا فَامْتنعَ رد الْأُم
دونه كَمَا لَو وجد حَالَة البيع، الدَّلِيل على أَنه مَبِيع
كَون الْفَرْع على وفْق الأَصْل بِدَلِيل الِاسْتِيلَاد
وَالْأُضْحِيَّة.
مَالك: إِن كَانَت الزِّيَادَة رد مَعهَا بِخِلَاف الثَّمَرَة.
أَحْمد: ق.
التكملة.
الْمَبِيع مَا ورد العقد عَلَيْهِ وتلقاه الْإِيجَاب
وَالْقَبُول وَلَيْسَ الْوَلَد كَذَلِك،
(2/275)
لِأَن البيع إِيجَاب وَقبُول من الْأَهْل
مُضَاف إِلَى الْمحل ذكرا مَا لم يُوجد حَالَة البيع أَو وجد
وَلم يذكر لم يكن مَبِيعًا إِلَّا إِذا كَانَ مَوْجُودا
مُتَّصِلا بِالْمَبِيعِ حَقِيقَة أَو عرفا كأطراف العَبْد
وثيابه.
وَلَا خلاف أَن الْوَلَد لَا يُقَابله قسط من الثّمن، فَإِن
فسروا الْمَبِيع بالمملوك كَانَ خطأ لِأَن البيع سَبَب
وَالْملك سَبَب وَالْملك حكمه، وَعِنْدنَا الشَّيْء إِذا زَاد
بِنَفسِهِ فَتلك الزِّيَادَة أجسام يخلقها الله تَعَالَى
مُضَافَة إِلَيْهِ فيجاوره.
يبْقى أَن يُقَال: فَلم صَار الْوَلَد مَمْلُوكا فَنَقُول:
لِأَن الشَّارِع نصب ملك الْأُم سَببا لملك الْوَلَد كَمَا نصب
البيع سَببا فِي ملك الْأُم وَإِلَيْهِ نصب الْأَسْبَاب
وَالْأَحْكَام، وَوجه السَّبَبِيَّة فِيهِ أَن الزِّيَادَة
حصلت بِسَبَب وجود الأَصْل وَيلْزم على قضائهم بالتبعية جَوَاز
الرَّد حَتَّى يرد الزَّوَائِد تبعا وَكَونهَا مُسْتَقلَّة
إِذا لم تمنع دُخُوله فِي البيع تبعا كَيفَ تمنع دُخُوله فِي
الْفَسْخ تبعا.
(2/276)
(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة بعد
الْمِائَة: الْمُصراة (قيج)) .
الْمَذْهَب: الحَدِيث الْمُسْتَدلّ بِهِ.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عمر أَن النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام قَالَ: " من اشْترى شَاة مصراة فَهُوَ بِخَير
النظرين بعد أَن يحلبها ثَلَاثًا إِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن
سخطها ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر "، وَأَبُو هُرَيْرَة من
فُقَهَاء الصَّحَابَة وَالشّرط فِي الرِّوَايَة الْعقل
وَالْحِفْظ وَالْعَدَالَة وَهُوَ وعَاء الْعلم.
لَهُم: ... .
(2/277)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
غر البَائِع المُشْتَرِي فَثَبت لَهُ الْخِيَار إِذا اخْتلف
ظَنّه كَمَا لَو سود شعر الْجَارِيَة الشمطاء أَو جعد شعر
الْغُلَام ثمَّ إِنَّه قد أوهم البَائِع غزارة اللَّبن وإيهامه
بِمَثَابَة شَرطه بِدَلِيل السَّلامَة.
لَهُم:
التصرية لَيست عَيْبا لِأَنَّهَا إخفاء نزارة اللَّبن وَنَفس
النزارة لَا تكون عَيْبا فيكف ستره؟ وَلَو اجْتمع اللَّبن
بِنَفسِهِ لَا بِقصد من المُشْتَرِي لم يثبت الْخِيَار
فَكَذَلِك إِذا جمعه لِأَن الْجمع لَا يُرَاد لعَينه إِنَّمَا
يُرَاد للاجتماع، فَإِذا لم يُؤثر الِاجْتِمَاع فالجمع أولى.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
(2/278)
التكملة:
قَالُوا: أَبُو هُرَيْرَة غير فَقِيه أَلَيْسَ روى الْوضُوء
مِمَّا مسته النَّار؟ ، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَلسنا
نَتَوَضَّأ بِالْمَاءِ المسخن؟ أفنتوضأ بِمَا يتَوَضَّأ
مِنْهُ، والْحَدِيث مُخَالف لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ يتَضَمَّن
ضَمَان اللَّبن بِالثّمن وَهُوَ من الْمِثْلِيَّات وَتَقْدِير
الْمدَّة بِثَلَاثَة أَيَّام وبالصاع، وَيجوز أَن يكون قيمَة
الشَّاة (صَاع) .
ونحمله على اشْتِرَاط الغزارة متأيدا بِالْقِيَاسِ الْجَلِيّ،
وَهُوَ أَن الْقيَاس يثبت بِفَوَات أَمر مَشْرُوع أَو نُقْصَان
بِأَمْر محسوس، وفوات الْفَضَائِل لَا يثبت الْخِيَار كالكتابة
إِلَّا أَن تشْتَرط الْجَواب الحَدِيث لنَصّ التصرية سَببا
فَحَمله على شَرط الغزارة تَعْطِيل وَالتَّقْدِير بِالثّمن
لكَون
(2/279)
اللَّبن فائتا وَلَو كَانَ بَاقِيا لرده
على جِهَته وَصَارَ كالغرة فِي الْجَنِين ثمَّ نوجب قوتا من
الأقوات، إِذا زَاد الثّمن على الْمُثمن.
والْحَدِيث مقدم على كل قِيَاس جلي، وخفي، وَأَبُو هُرَيْرَة
لَا مطْعن فِيهِ لمكانه من الصَّحَابَة وَابْن عَبَّاس أول
الحَدِيث لَا قدح فِي الرَّاوِي.
(2/280)
فارغة
(2/281)
(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة بعد
الْمِائَة: (قيد)) .
تَفْرِيق الصَّفْقَة.
الْمَذْهَب: يجوز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ ".
لَهُم: ... .
(2/282)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْخِيَار ثَابت لهَذَا وَقد رد مَا اشْترى كَمَا اشْترى،
لِأَنَّهُ ملك النّصْف ورد النّصْف، والإيجاب وَإِن كَانَ
بِصِيغَة الْإِفْرَاد فَهُوَ مُتَعَدد وَقد انْفَرد بعقده
فَانْفَرد برده كَمَا لَو اشْترى رجل من رجلَيْنِ وَلَا فرق
بَين تعدد الصَّفْقَة بِالْإِيجَابِ وتعددها بِالْقبُولِ.
لَهُم:
وجد مَا يمْنَع الرَّد وَهُوَ عيب الشّركَة، وَالدَّلِيل على
أَنَّهَا عيب أَنه يرد عبدا قد اسْتحق نصفه، ثمَّ الْعين خرجت
من ملك البَائِع جملَة بِالْإِيجَابِ وَالشَّرِكَة حصلت من بعد
الْقبُول.
مَالك: رِوَايَتَانِ.
أَحْمد:.
التكملة:
إِن قَالُوا فِيهِ ضَرَر بالشقص. قُلْنَا: الْمَحْذُور ضَرَر
يتَوَلَّد من تبعيض بيع وَاحِد، وَهَذَا بيعان، ثمَّ إِن لحق
البَائِع ضَرَر فَعَن رِضَاهُ، ونقول: إِن
(2/283)
البيع بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول كَمَا
ذكرنَا فِي عِلّة النَّقْدَيْنِ.
قَالُوا: الشّركَة حدثت فِي ملك المُشْتَرِي فَهِيَ كعيب حَادث
فِي ملكه، وَالْحكم يُضَاف إِلَى آخر أَجزَاء الْعلَّة كمن وضع
مَتَاعا فِي سفينة ملأى فغرقت يُضَاف التَّغْرِير إِلَيْهِ
وَلَا أثر لفعل البَائِع وَصَارَ كَمَا لَو قطع البَائِع يَد
العَبْد الْمَبِيع وَهُوَ فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ وجد بِهِ
عَيْبا قَدِيما فَإِنَّهُ لَا يتَمَكَّن من الرَّد وَإِن كَانَ
الْعَيْب الْحَادِث بِفعل البَائِع.
وَالْجَوَاب: نمْنَع مَسْأَلَة السَّفِينَة ونوجب الْغرم على
الْجَمِيع، وَالشَّرِكَة مُضَافَة إِلَى العقد وَالْبَائِع شقص
العَبْد لما بَاعه من اثْنَيْنِ.
(2/284)
(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة بعد
الْمِائَة:
إِذا اشْترى بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب (قيه)) .
الْمَذْهَب: فِي صِحَة العقد قَولَانِ، وَفِي صِحَة الشَّرْط
قَولَانِ: الْمَنْصُور أَنه لَا يَصح.
عِنْدهم: يَصح العقد وَالشّرط وَلَا يملك الرَّد بِالْعَيْبِ.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " الرَّد بِالْعَيْبِ " ونستفسرهم
عَن مَانع الرَّد.
لَهُم: ... .
(2/285)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْإِبْرَاء نوع تمْلِيك فنافته الْجَهَالَة كَالْبيع، لِأَن
الدّين فِي الذِّمَّة بِمَنْزِلَة الْعين، بِدَلِيل أَنه تملك
ويتصرف فِيهِ وَتجب زَكَاته وَلَا يقبل التَّعْلِيق على
الشُّرُوط وَالصِّفَات الْفَاسِدَة كَسَائِر التمليكات.
لَهُم:
الْإِبْرَاء إِسْقَاط فَلَا تنافيه الْجَهَالَة بِدَلِيل
الْعتاق وَالطَّلَاق وَلَا يَصح بِلَفْظ الْإِسْقَاط وَلَا
يفْتَقر إِلَى الْقبُول، وَلِأَن الدّين فِي الذِّمَّة
مَعْدُوم والمعدوم لَا يملك ثمَّ الْجَهَالَة عندنَا إِنَّمَا
تُؤثر فِي التمليكات إِذا كَانَ يتَعَذَّر مَعهَا التَّسْلِيم
وَهَا هُنَا الْإِبْرَاء لَا يفْتَقر إِلَى تَسْلِيمه.
مَالك: يبرأ من الْعَيْب الْبَاطِن فِي الْحَيَوَان حسب.
أَحْمد: لَا يبرأ من عيب أصلا.
التكملة:
قَالُوا: الْعَيْب لم يكن سَببا لعَينه، بل لِأَن البَائِع
الْتزم بِحكم الْعرف سَلامَة الْمَبِيع فَاسْتحقَّ المُشْتَرِي
صفة السَّلامَة بالتزامه (فَإِذا فَاتَت) ثَبت
(2/286)
الْفَسْخ وَلَا يبْقى هَذَا مَعَ
الْبَرَاءَة.
الْجَواب: إِن البيع سَبَب الْجَوَاز بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ
عَلَيْهِ السَّلَام قضى بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالرِّضَا
بِالْعَيْبِ مَعَ الْجَهْل بِهِ لَا يتَصَوَّر.
قَالُوا: إِذْ شَرط فقد رَضِي كل عيب.
الْجَواب: لَيْسَ معنى الْكَلَام الرِّضَا بِجَمِيعِ الْعُيُوب
إِذْ لَو قدرت جَمِيع الْعُيُوب خرجت الْعين عَن الِانْتِفَاع،
فَكيف يلْزم العقد بل الْمَعْنى الرِّضَا بِأَيّ عيب كَانَ،
وَذَلِكَ مَجْهُول لَا يَصح الرِّضَا بِهِ ثمَّ الشَّرْع جعل
الْعَيْب سَبَب الرَّد فَمن غَيره فقد عير مُقْتَضى العقد.
(2/287)
لوحة 35 من المخطوطة " أ ":
إِذا بَاعَ عَبْدَيْنِ وَشرط الْخِيَار فِي أَحدهمَا لَا
بِعَيْنِه لم يَصح، لِأَنَّهُ خِيَار مَجْهُول، وَإِن أعتق
أَحدهمَا فَهَل يَصح؟ وَجْهَان: أَحدهمَا لَا يَصح لِأَنَّهُ
جمع بَين عقدين مُخْتَلفين بِعقد وَاحِد، الثَّانِي: يَصح
وَلكُل عقد حكمه وَهَذَا كالقولين فِي الصَّفْقَة إِذا جمعت
بيعا وَإِجَارَة أَو بيعا ونكاحا.
اخْتلف قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقِسْمَة هَل
هِيَ بيع أَو إِقْرَار؟ على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا أَنَّهَا بيع
لِأَن كل جُزْء من ذَلِك مُشْتَرك بَينهمَا، فَإِذا تعين
لأَحَدهمَا شَيْء بِالْقِسْمَةِ فقد اشْترى نصيب شَرِيكه
مِمَّا تعين لَهُ بِنَفسِهِ مِمَّا تعين لشَرِيكه.
وَالثَّانِي: لَيست بيعا لِأَن لَهَا اسْما يَخُصهَا، والقرعة
تدخل فِيهَا وَلَا تفْتَقر إِلَى لفظ بيع أَو تمْلِيك وَلَا
يجوز إِلَّا بِقدر الْحَقَّيْنِ وَلَا يثبت فِيهَا شُفْعَة،
وَفَائِدَة الْقَوْلَيْنِ تبين فِيمَا فِيهِ الرِّبَا، فَإِذا
كَانَ الْمُشْتَرك جِنْسا فِيهِ الرِّبَا إِن قُلْنَا: إِنَّه
بيع لم تجز قسمته إِلَّا كَيْلا، كَمَا لَا يجوز بَيْعه إِلَّا
كَيْلا، وَإِن قُلْنَا لَيست بيعا جَازَ كَيْلا ووزنا هَذَا
فِيمَا يُكَال كالحبوب وَالتَّمْر مِمَّا لَا يجوز بيع بعضه
بِبَعْض، وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجوز بيع بعضه بِبَعْض مثل
الرطب وَالْعِنَب.
إِن قُلْنَا: إِنَّهَا بيع لم تجز قسمته، وَإِن قُلْنَا لَيست
بيعا جَازَ، إِذا بَاعَ
(2/288)
سَيْفا محلى بِفِضَّة بِدَرَاهِم لم
يُخَيّر فَإِن بَاعه بِدَنَانِير كَانَ على قَوْلَيْنِ، لِأَن
العقد جمع بَين عوضين مُخْتَلفين فِي الحكم.
وَالثَّانِي: يَصح، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَصح العقد
عَلَيْهِ فَجَاز جَمعهمَا فِيهِ، وَإِن اخْتلف حكمهمَا كالسيف
والشقص، إِذا اشْترى خَاتم فضَّة بِفِضَّة لم يجز، لِأَنَّهُ
يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا، إِذا قسمت الْفضة على الْفضة والفص،
وَإِذا بَاعه بِذَهَب كَانَ بيعا وصرفا وَفِيه قَولَانِ: إِذا
كَانَ مَعَه دِينَار يُسَاوِي ك درهما (20 درهما) وَمَعَ آخري
(10) دَرَاهِم وَأَرَادَ أَن يَشْتَرِي الدِّينَار بِعشْرين
درهما فَإِنَّهُ يَشْتَرِي نصفه بعشة ويتقابضان فَيقبض
الدِّينَار فَيكون نصفه لَهُ وَنصفه أَمَانَة فِي يَده وَيسلم
الدَّرَاهِم ثمَّ يستقرضها فَيكون فِي ذمَّته مثلهَا ثمَّ
يبْتَاع بهَا النّصْف الآخر الَّذِي فِي يَده فَيحصل
الدِّينَار لَهُ وَعَلِيهِ ي دَرَاهِم (10 دَرَاهِم) قرضا
فَإِن لم يفعل ذَلِك وَلكنه اشْترى الدِّينَار بِعشْرين
وَقَبضه وَسلم الْعشْرَة الَّتِي مَعَه ثمَّ استقرضها وَسلمهَا
عَن الْعشْرَة الْأُخْرَى فَهَل يجوز؟
وَجْهَان: أَحدهمَا لَا يجوز؛ لِأَن الْقَرْض يملك
بِالتَّصَرُّفِ، وَهَذِه الدَّرَاهِم لم يتَصَرَّف فِيهَا
وَإِنَّمَا ردهَا لَهُ على حَالهَا فَكَانَ ذَلِك فسخا للقرض.
وَالثَّانِي: يجوز وَهُوَ الْأَصَح؛ لِأَن هَذِه الدَّرَاهِم
دَفعهَا إِلَيْهِ قَضَاء لما عَلَيْهِ من الدّين، وَذَلِكَ
تصرف إِذا تصارفا فَلَا بَأْس أَن يطول لبثهما فِي الْمجْلس
وَأَن يصطحبا من ذَلِك الْمجْلس إِلَى غَيره، فَإِن وكل
أَحدهمَا عَن التَّقَابُض أَو هما جَازَ وَقَامَ الْوَكِيل
مقَام الْمُوكل فَلَا يُفَارق قبل الْقَبْض، لِأَن الْمجْلس
مُتَعَلق
(2/289)
ببدن الْمُتَعَاقدين، وَإِن تعذر
التَّقَابُض فِي الْمجْلس تفاسخا فَإِن تفَرقا وَلم يتفاسخا
فَهُوَ رَبًّا.
وَاعْلَم أَنه لَا فرق بَين دَار الْإِسْلَام وَالْحَرب فِي
الرِّبَا وَلَا يجوز بَين الْمُسلمين وَلَا بَين مُسلم وحربي
خلافًا لَهُم فِي دَار الْحَرْب.
(2/290)
(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة بعد
الْمِائَة:
إِلْحَاق الزِّيَادَة بعد لُزُوم العقد (قيو)) .
الْمَذْهَب: لَا يجوز.
عِنْدهم: يجوز.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
البيع مُقَابلَة الثّمن بِالثّمن، وَقد صَار كل عوض
مُسْتَغْرقا بِصَاحِبِهِ فالزائد ثمن لَا بمثمن وَبِالْعَكْسِ،
ويتأيد بِالزِّيَادَةِ فِي الْمُسلم فِيهِ فَإِنَّهُ يمْتَنع،
ويتأيد
(2/291)
بتسليمهم أَن الزِّيَادَة لَا تلْحق
الشَّفِيع مَعَ الِاتِّفَاق أَنه يَأْخُذ بِثمن العقد.
لَهُم:
غير العقد من وصف مَشْرُوع إِلَى وصف مَشْرُوع فصح، كَمَا إِذا
اسْتردَّ أرش عيب قديم مَعَ حُدُوث عيب عِنْده، وَالصِّفَات
هِيَ ربح حَيَوَان عدل ثمَّ لَهما أَن يغيرا أصل العقد
بالإقالة.
وَالْحَاصِل أَنه إِن انْفَسَخ العقد بِسَبَب يرجع إِلَيْهِ
اسْتَقل بِهِ أَحدهمَا كالعيب وَإِن لم يقرن فالتراضي
وَالْوَصْف إِن عَاد إِلَى الأَصْل فبالأرش وَإِلَّا
بِالزِّيَادَةِ بِالتَّرَاضِي.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
لَا نسلم أَن الرِّبْح والخسران صفة العقد، بل صفة المَال،
وصفات العقد
(2/292)
الصِّحَّة واللزوم وَالْجَوَاز، ويلزمهم
توقف ذَلِك على وجود الْمَزِيد عَلَيْهِ وَيعْتَذر عَن
الْأَرْش بِكَوْنِهِ ثَبت بِأَصْل العقد.
وَقد سلم لَهُ فِي مُقَابلَته ترك الْمُطَالبَة، ثمَّ هَذَا
بِمَثَابَة مَا لَو رد المُشْتَرِي أرش الْعَيْب الْحَادِث فِي
يَده، وَإِن ألزمونا مهر المفوضة منعنَا، وَمَعَ التَّسْلِيم
فَنَقُول: هُوَ فِي مُقَابلَة التَّمْكِين، فَإِن لَهَا أَن
تمْتَنع، وَإِن ألزمونا عوض الْهِبَة فَهِيَ فِي مُقَابلَة
اسْتِحْقَاق الرُّجُوع.
وَبِالْجُمْلَةِ مَا يرجع بِالْأَرْشِ لَيْسَ من المَال
الَّذِي وَقعت عَلَيْهِ الْمُعَاوضَة بل شَيْء آخر بِسَبَب آخر
بِدَلِيل مَا لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة يعلم بهَا عَيْبا
فَإِنَّهُ يجوز وَطْؤُهَا، وَلَو تعيّنت فِي رد الْأَرْش لم
يجز الْوَطْء.
ثمَّ نقُول: الزِّيَادَة فِي الثّمن من الْمُثمن أم لَا، فَإِن
لم تكن مِنْهُ فمحال أَن تكون زِيَادَة فِيهِ، وَإِن كَانَت
مِنْهُ استدعت جَزَاء مثمنا.
(2/293)
فارغة
(2/294)
(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة بعد
الْمِائَة: نزاع الْمُتَبَايعين فِي الثّمن أَو الْمُثمن
(قيز)) .
الْمَذْهَب: يُوجب التَّحَالُف حالتي قيام الْعين وتلفها.
عِنْدهم: خالفوا فِي حَالَة الْهَلَاك.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام أَنه قَالَ: " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ والسلعة
قَائِمَة أَو هالكة تحَالفا ".
وَكَذَا روى الْوَلِيد فِي مخرجه عَن أَحْمد، وروى مُطلقًا:
إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ تحَالفا.
(2/295)
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا اخْتلف
الْمُتَبَايعَانِ والسلعة قَائِمَة تحَالفا وترادا " شَرط
التَّحَالُف عِنْد قيام السّلْعَة فَصَارَ بِمَثَابَة قَوْله:
" إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
أحد الْمُتَبَايعين فَيحلف عِنْد الِاخْتِلَاف فِي صفة العقد
قِيَاسا للْبَائِع على المُشْتَرِي لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا
مُدع ومدعى عَلَيْهِ، ويتأيد بِأَن المُشْتَرِي يُمكنهُ
إِقَامَة الْبَيِّنَة وَصَارَ كَمَا لَو اخْتلفَا فِي صِيغَة
العقد بيعا هُوَ أَو هبة ويتأيد بِحَال قيام الْمَبِيع وَبِمَا
قبل الْقَبْض.
لَهُم:
الْمُدَّعِي هُوَ البَائِع فَإِن المُشْتَرِي قد سلمت لَهُ
الْعين وحد الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي إِن سكت سكت عَنهُ.
مَالك: رِوَايَتَانِ.
(2/296)
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
قَالُوا: إِنَّمَا سَمِعت بَيِّنَة المُشْتَرِي دفعا للْيَمِين
عَن نَفسه، كَالْمُودعِ وَاعْتَذَرُوا عَن حَالَة قيام
السّلْعَة بِكَوْن ذَلِك ثَبت بِالنَّصِّ.
الْجَواب: الْكُلِّي مَأْخَذ التَّحْلِيف وَالدَّعْوَى
وَالْإِنْكَار ظُهُور الصدْق وخفاؤه، وَذَلِكَ لَا يخْتَلف
بِهَلَاك السّلْعَة وقيامها فَكل من قويت جنبته حلف.
وَيمْتَنع اعْتِبَار قيام السّلْعَة وَصفا للتحالف، إِذْ لَا
تَأْثِير لَهُ فِي الصدْق وَالْكذب، وحديثهم لَيْسَ يَنْفَكّ
عَن تخيل مصلحَة فِي التَّسْوِيَة بَين الْمُتَعَاقدين وَإِن
كَانَ مُرْسلا ثمَّ يُوَافق قِيَاس مَذْهَبنَا.
(2/297)
(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة بعد
الْمِائَة: البيع الْفَاسِد (قيح)) .
الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
جَمِيع الْأَخْبَار المتضمنة المناهي عَن البيوعات
الْفَاسِدَة، كَبيع وَشرط وَبيع المضامين، وحبل الحبلة،
والملاقيح.
لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وَأحل الله البيع} ، وَهَذَا بيع.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
نفرض الْمَبِيع بِالْخمرِ ونقيس على بيع الْخمر أَو نقُول لم
يَأْتِ بِالْبيعِ الْمَشْرُوع فَلَا ينْعَقد، ونعني بالمشروع
مَا وَصفه الشَّرْع سَببا، ونعني بالانعقاد: اعْتِبَار
الشَّارِع لَهُ.
(2/298)
لَهُم:
مَا اتسعت طرفه جَازَ أَن يكون الْفَاسِد من طرفه كالكتابة
وَهُوَ عقد وجد من أَهله وصادف مَحَله فصح كَالصَّحِيحِ.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
نناقضهم بِكَوْنِهِ لَا يلْزم بِالْقَبْضِ ونسوي بَين الثّمن
والمثمن فِي كَونهمَا ركني العقد، وَالْبيع مُقَابلَة مَال
مَعْلُوم، بِمَال مَعْلُوم وَلم يُوجد هَا هُنَا وَبَين أَنه
غير مَشْرُوع لِأَن مَوْضُوع الشَّيْء سَببا يتلَقَّى من نَص
أَو تَحْقِيق منَاط فِي مَوضِع إِجْمَاع.
أما الْقيَاس لَا مجَال لَهُ فِي الْأَسْبَاب وَلَا نَص فِي
مَحل النزاع وَالْبيع الْمُطلق لَا يتَصَوَّر، وَكَذَا المَال
الْمُطلق، ونمنع انْعِقَاد الْكِتَابَة الْفَاسِدَة، وَإِن
سلمنَا فالعتق بِالتَّعْلِيقِ على الْأَدَاء وَالْعِتْق يتشوف
إِلَى تَحْصِيله، وَالتَّعْلِيق
(2/299)
على الْأَمر الْفَاسِد الصَّحِيح، وَإِن
ألزمونا فِي الْكِتَابَة لُزُوم الْعِوَض منعنَا، ونمنع
سَلامَة الأكساب وَالْأَوْلَاد ونشترط صَرِيح التَّعْلِيق فِي
الْكِتَابَة.
وَبِالْجُمْلَةِ النَّهْي عَن البيع يُفْسِدهُ ويخرجه عَن
المشروعية وَعِنْدهم مَعَ النَّهْي هُوَ مَشْرُوع وَالسَّبَب
الْحَرَام يثبت ملكا حَرَامًا.
(2/300)
فارغة
(2/301)
(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة بعد
الْمِائَة: بيع الْفُضُولِيّ (قيط)) .
الْمَذْهَب: لَا يَصح.
عِنْدهم: يَصح وَيقف على إجَازَة الْمَالِك ويوافق فِي
الشِّرَاء.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم:
دفع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى عُرْوَة الْبَارِقي
دِينَارا يَشْتَرِي بِهِ أضْحِية
(2/302)
فَاشْترى شَاتين وَبَاعَ إِحْدَاهمَا
بِدِينَار، وَدفع إِلَى حَكِيم بن حزَام دِينَارا يَشْتَرِي
بِهِ أضْحِية فَاشْترى شَاة وباعها بدينارين وَاشْترى
بِأَحَدِهِمَا شَاة، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " بَارك الله
لَك فِي صَفْقَة يَمِينك ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
عقد تمْلِيك فَلَا يَصح إِلَّا من الْمَالِك، لِأَن البيع
إِيجَاب الْملك، وَلِهَذَا لَو قَالَ مَلكتك صَحَّ، ونقيس على
الطَّلَاق فَإِنَّهُ لَو طلق أَجْنَبِيَّة لَا يَصح، وعَلى
الشِّرَاء فَإِنَّهُ لَو اشْترى لم يَصح.
(2/303)
لَهُم:
تصرف من أَهله فِي مَحَله فصح كالمالك؛ لِأَن الْأَهْلِيَّة
بِالْعقلِ وَالْبُلُوغ والتمييز وَمحل العقد مَا قبل النَّقْل
كالحسيات فَلَو امْتنع مُمْتَنع لحق الْمَالِك وَلَا ضَرَر
عَلَيْهِ.
مَالك: يقف البيع وَالشِّرَاء على الْإِجَازَة.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ فِي البيع وَالشِّرَاء.
التكملة:
مَا نقلوه مَجْهُول، خبر حَكِيم يرويهِ رجل من الْحَيّ، وَمَعَ
هَذَا لَيْسَ فيهمَا حجَّة فَإِنَّهُمَا كَانَا وكيلين مطلقي
التَّصَرُّف وَلِهَذَا باعا واشتريا، ونقول: إيقاف العقد
بَاطِل فَإِنَّهُ مُخَالف الْحَقِيقَة من غير ضَرُورَة خَاصَّة
وَلَا حَاجَة عَامَّة لِأَن تَقْدِير بَقَاء العقد الَّذِي قد
تقضى مُخَالف للْحَقِيقَة وَلَا
(2/304)
يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا لحَاجَة،
وَإِنَّمَا توقف الْإِيجَاب على الْقبُول لحَاجَة، وَكَذَلِكَ
التَّوْكِيل.
وَبِالْجُمْلَةِ كل مركب من أَجزَاء متعاقبة يلْزم تَقْدِير
الْبَقَاء فِي بعض أَجْزَائِهِ ليلحق بهَا الآخر كأركان
الصَّلَاة ويلزمهم بيع الْفُضُولِيّ مَال الصَّبِي فَإِنَّهُ
لَا يَصح عِنْدهم وَإِن بلغ وَأَجَازَ.
وَكَذَلِكَ لَو ورث الْفُضُولِيّ مَا بَاعه وأنفذ بيع نَفسه لم
يَصح إِجْمَاعًا، فَإِن ألزمونا الْوَصِيَّة بِمَا جَاوز
الثُّلُث.
قُلْنَا: ذَاك ابْتِدَاء عَطِيَّة من الْوَارِث وَلِهَذَا
تعْتَبر فِيهِ شُرُوط أَو نقُول: ملك الْمُوصي ثَابت حَالَة
الْوَصِيَّة.
(2/305)
(الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة:
(قك)) .
إِذا اشْترى الْكَافِر عبدا مُسلما.
الْمَذْهَب: لَا ينْعَقد فِي القَوْل الْمَنْصُور.
عِنْدهم: ينْعَقد وَينفذ وَيُطَالب بِقطع الْملك بطريقه.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
بِالشِّرَاءِ اكْتسب مالكية لم تكن فَلَا تصح كَمَا لَو تزوج
بِمسلمَة، بَيَان
(2/306)
الدَّعْوَى: أَنه لم يكن مَالِكًا فَصَارَ
مَالِكًا، وتأثيره أَن الْمَالِكِيَّة قهر وسلطنة فَلَا يثبت
للْكَافِرِ على الْمُسلم، ونقول: مَبِيع لَا يقدر على
تَسْلِيمه.
الْكَافِر يملك بَيْعه فَيملك شِرَاءَهُ، تَأْثِيره أَنَّهُمَا
تصرفان فِي العَبْد فَلَو امْتنع كَانَ للْحكم وَهُوَ ثَابت
للْكَافِرِ على الْمُسلم بِدَلِيل مَا إِذا أسلم فِي يَده أَو
وَرثهُ عبارَة: تصرف صدر من الْأَهْل فِي الْمحل فصح.
مَالك: رِوَايَتَانِ.
أَحْمد: ق.
التكملة:
جَمِيع مَا ناقضونا بِهِ من إِجَارَة وَرهن وَغير ذَلِك لَا
يَنْفَكّ عَن منع وَجها أَو قولا أَو بِنَاء على قَول، ومطلع
النّظر أَن الْإِسْلَام يُنَافِي ملك الْكَافِر إِلَّا أَنا
احتملناه فِي الدَّوَام ضَرُورَة الحذر عَن التحسير الَّذِي
التزمناه بِعقد الذِّمَّة، وَلَا ضَرُورَة هَاهُنَا،
وَاعْتِبَار البيع بِالشِّرَاءِ قِيَاس الشَّيْء على ضِدّه،
فَإِن
(2/307)
أَحدهمَا يَنْفِي الْمَالِكِيَّة وَالْآخر
يثبتها وَهُوَ كَمَا لَو قيل نفذ طَلَاق الْكَافِر فنفذ
نِكَاحه.
وَصورته: إِذا أسلمت تَحْتَهُ فَطلقهَا ثمَّ أسلم قبل
انْقِضَاء الْعدة فَإِنَّهُ يحْتَسب عَلَيْهِ هَذِه الطَّلقَة
ونمنع الْأَهْلِيَّة والمحلية ونسوى بَين النِّكَاح وَالْبيع،
وَلَو أسلم قبل الْقَبْض انْفَسَخ البيع (وحرف الْمَسْأَلَة
أَن الْمَبِيع) عندنَا يحدث مالكية لم تكن، وَعِنْدهم لَا يحدث
مالكية بل العَبْد مَمْلُوك وَإِنَّمَا تتبدل الْإِضَافَة.
(2/308)
لوحة 36 مخطوطة:
(الْعقل يُطلق على الْعُلُوم الضرورية وعَلى الغريزية وعَلى
الْعُلُوم المستفادة من التجربة، وعَلى الْوَقار وعَلى من جمع
إِلَى الْعلم وَالْعَمَل، فَإِذن لَا يُقَال: للحجاج عَاقل بل
دَاء.
وَيُقَال: للْكَافِرِ فَاضل أَو كيس، وَقد حَده الباقلاني
بِأَنَّهُ الْعلم بِجَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات،
وَقيل: هُوَ غريزة يتهيأ بهَا النّظر فِي المعقولات) إِذا خرج
الْمَنِيّ أَو دم الْحيض من أحد فَرجي الْخُنْثَى لم يحكم
بِبُلُوغِهِ لجَوَاز أَن يكون عضوا زَائِدا.
(2/309)
فَإِن قيل: أَلا جعلتم خُرُوج المَاء من
أحد الفرجين دَالا على ذكورية أَو أنوثية كَمَا يعلم بالتبول.
فَالْجَوَاب: أَن الله أجْرى الْعَادة أَن الْبَوْل لَا يخرج
إِلَّا من سَبيله وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَنِيّ فَإِنَّهُ قد
يخرج من جرح فِي الظّهْر، وَالدَّم يخرج من جَمِيع الْبدن،
وَمِمَّا يلْتَحق بِمَسْأَلَة التَّأْبِير أَن كل عقد
مُعَاوضَة يجْرِي مجْرى البيع مثل أَن يكون النّخل صَدَاقا أَو
أُجْرَة أَو فِي عقد صلح، وَإِن أبر بعض الْحَائِط سرى الحكم
إِلَى الْجَمِيع هَذَا إِذا كَانَت نوعا وَاحِدًا.
فَإِن كَانَت أنواعا فَوَجْهَانِ: الكرسف وَهُوَ الْقطن
نَوْعَانِ، نوع لَهُ شجر نابت يتَكَرَّر خُرُوجه فِيهِ
وَذَلِكَ بالحجاز وَالْبَصْرَة وَحكم هَذَا النَّوْع حكم
النّخل إِذا بيع أَصله قبل ظُهُوره من حوزه كَانَ تَابعا لَهُ،
وَإِن كَانَ بعد ظُهُوره كَانَ للْبَائِع، وَالنَّوْع الآخر:
أَن يكون زرعا لَا أصل لَهُ ثَابت وَيكون بِبَغْدَاد وخراسان.
وَهَذَا النَّوْع إِذا بِيعَتْ الأَرْض لم يتبعهَا؛ لِأَنَّهُ
مُودع فِيهَا وَالشَّجر الثَّابِت الَّذِي يتَكَرَّر حمله
خَمْسَة أَنْوَاع: النّخل والقطن الصِّنْف الأول، وَالثَّانِي:
مَا تخرج ثَمَرَته باززة لَا فِي كمام وَلَا ورد كالعنب،
وَهَذِه الثَّمَرَة
(2/310)
تكون للْبَائِع؛ لِأَن ظُهُورهَا من شجرتها
مثل ظُهُور الطّلع من قشره، وَالثَّالِث: مَا يخرج ثَمَرَته
مثل التفاح إِن تناثر ورده فَهُوَ للْبَائِع.
الرَّابِع: مَا يخرج (من كمام كالرمان) والموز (إِذا) ظهر من
الشّجر فِي كمامه فَهُوَ للْبَائِع.
الْخَامِس: مَا يقْصد ورده كالورد والياسمين هَذَا ينظر إِن
كَانَ فِي جنبذه لم يتفتح فَهُوَ للْمُشْتَرِي، وَإِن تفتح
فَهُوَ للْبَائِع.
(2/311)
(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: بيع لبن الآدميات (قكا)) .
الْمَذْهَب: يجوز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
(2/312)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
مَال فصح بَيْعه، لِأَن المَال مَا خلق لمصْلحَة الْآدَمِيّ،
وَاللَّبن لَا يقوم غَيره مقَامه، وتأثيره أَن البيع نوع
رَغْبَة ببذل عوض، فَإِذا صحت الرَّغْبَة شرعا صحت بعوض،
وَلِهَذَا صحت بِالْإِجَارَة، وَالْعقد صدر من أَهله وَالْخلف
فِي الْمحل وتنجيسه أَمر بدع.
لَهُم:
جُزْء آدَمِيّ والآدمي لَيْسَ بِمَال، دَلِيل الْجُزْئِيَّة
أَن حُدُوثه حُدُوث الْمَنِيّ، وتأثيره أَن شرفه اقْتضى أَن
لَا يكون مَالا وَإِنَّمَا جَازَ تنَاوله ضَرُورَة وَرُبمَا
ادعينا نَجَاسَته.
مَالك: ف.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
دَلِيل كَون اللَّبن مَحل البيع: قبُول حكمه، وَهُوَ الْملك،
فَإِن الْملك
(2/313)
اخْتِصَاص شَرْعِي بِعَين منتفع بهَا، وَمن
ملك جَارِيَة أَو اسْتَأْجرهَا للرضاع اخْتصَّ بلبنها، وَلَو
كَانَت حرَّة يخْتَص بذلك عينا ويدا، فَإِذا عرفنَا المناط فِي
مَحل الْإِجْمَاع على جَوَاز بيع الشَّاة لم نوجب الِافْتِرَاق
بِكَوْنِهِ لبن آدمية، ونقول الْإِنْسَان حَيَوَان مَخْصُوص
بِصِفَات فالحيوانية دَاخِلَة فِي حَده، وَاللَّبن جماد
وَلَيْسَ بِجُزْء حَيَوَان.
وَكَذَلِكَ الدَّم، وَإِنَّمَا الْآدَمِيّ لحم وَعظم وَعصب
ومودع فِيهِ الدَّم، بَقِي أَنه لَو نزف مِنْهُ مَاتَ، وَكَذَا
لَو منع الطَّعَام، وَيدل على الطَّهَارَة جَوَاز التَّنَاوُل
قَوْلهم: تنَاوله رخصَة قَول شنع إِذا حل الْأَشْيَاء لبن
الرَّضَاع، ومساق قَوْلهم يُفْضِي إِلَى (أَن الْأَنْبِيَاء
غذوا) بِنَجَاسَة وبحرام، بل اللَّبن بِمَنْزِلَة الطَّعَام
للكبار وَيدل عَلَيْهِ جَوَاز الرَّضَاع فِي حَال جَوَاز
الْفِطَام قبل الْحَوْلَيْنِ، فَإِن كَانَ ضرب الْمدَّة
للضَّرُورَة فلنحرم النُّقْصَان عَنْهَا، وَإِن عرف اسْتغْنَاء
الصَّبِي يَقِينا أَو ظنا، ونمنع كَونه حَرَامًا على الْبَالِغ
بل يكره لكَونه
(2/314)
يعاف.
وَدَلِيل طَهَارَته إِجْمَاع الصَّحَابَة على مُخَالطَة
المرضعات، وَيلْزم على أصلهم انْتِقَاض طهر الْمَرْأَة
بِخُرُوجِهِ.
(2/315)
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: بيع الْكَلْب (قكب)) .
الْمَذْهَب: لَا يجوز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْكَلْب خَبِيث وخبيث
ثمنه "، وَنَهْيه عَن ثمن الْكَلْب، وَقَوله: " إِذا جَاءَ
صَاحب الْكَلْب يطْلب ثمنه فاملؤا كَفه تُرَابا ".
لَهُم:
نهى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن ثمن الْكَلْب والسنور
إِلَّا عَن كلب صيد أَو مَاشِيَة.
(2/316)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حَيَوَان نجس الْعين فَلَا يَصح بَيْعه كالخنزير، دَلِيل
نَجَاسَته: خبر الْهِرَّة، ونجاسة عرقه، وسؤره، وَأَن تنجيسه
أبلغ فِي الْفِطَام عَنهُ.
لَهُم:
جَازَ الِانْتِفَاع بِهِ فَجَاز بَيْعه، لِأَن البيع يُوصل
إِلَى الِانْتِفَاع وَلِهَذَا جَازَت إِجَارَته وَلَيْسَ
بِنَجس وَلَو كَانَ نجسا لما امْتنع بَيْعه.
مَالك: يَصح بيع الْمَأْذُون فِي إِمْسَاكه.
أَحْمد: ق.
التكملة:
نعتمد على كَونه نجس الْعين والنجاسة تمنع الِانْتِفَاع إِلَّا
مَا ورد فِيهِ رخصَة ومعتدهم على أَن الِانْتِفَاع جَائِز
مُطلقًا ثمَّ يَقُولُونَ: النَّجَاسَة تُؤثر فِي فَسَاد
الصَّلَاة، أما البيع فيعتمد الْمَالِيَّة وقوامها
بِالِانْتِفَاعِ، ويعتضدون بِالْهبةِ وَالْإِجَارَة
وَالْوَصِيَّة.
الْجَواب: الأَصْل تَحْرِيم الِانْتِفَاع الْمُسْتَثْنى رخصَة،
والترخيص لَا يصحح البيع كتناول الْميتَة ونظائرها، وَيدل
عَلَيْهِ أَن ودك الْميتَة يصلح
(2/317)
لطلاء السفن والاستصباح فَلَا يَصح بَيْعه.
وَفِي الْإِجَارَة وَالْهِبَة منع وَالْوَصِيَّة خلَافَة
وَلَيْسَت تَمْلِيكًا، وَلِهَذَا جرت فِي الْخمر مَعَ امْتنَاع
البيع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بقوله عَلَيْهِ السَّلَام: "
إِلَّا كلب صيد " وَلَا كلب صيد. قَالَ الشَّاعِر:
(وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان)
مَعْنَاهُ: وَلَا الفرقدان.
(2/318)
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: تَصَرُّفَات الصَّبِي الْمُمَيز (قكج) .
الْمَذْهَب: لاغية.
عِنْدهم: تقع نَافِذَة إِن أذن الْوَلِيّ وتقف على إِجَازَته.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا
النِّكَاح} .
وَجه الدَّلِيل: الْأَمر بالابتلاء وَطَرِيقه التَّصَرُّفَات.
(2/319)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تصرف كَامِل فيستدعي عقلا كَامِلا، دَلِيل نُقْصَان عقله كَونه
لَا يُخَاطب وَلَا يَصح طَلَاقه، وَدَلِيل كَمَال الْعقل كَونه
يشْتَمل على إِزَالَة وَتَحْصِيل فَلَا يملك الْكَامِل
بالناقص.
لَهُم:
تصرف صدر من أَهله فِي مَحَله والأهلية بِالْعقلِ واعتباره
وَاجِب حَتَّى لَا يلْتَحق بالبهائم وَهَذَا يفهم وَيفهم
وَالْبيع قَول وَأَهله من عقله، ويتأيد بِصِحَّة نوافله وحجه
ووصيته وَقبُول الْهِبَة.
مَالك:.
أَحْمد: يَصح بِإِذن الْوَلِيّ.
التكملة:
نَص على أَنه غير عَاقل وَلَا يَسْتَقِيم تَعْلِيلهم بِضعْف
البنية فَإِن الْمَرِيض والزمن يكلفان ثمَّ لَو كَانَ عَاقِلا
انْعَقَد تصرفه لنَفسِهِ وَلم يتَوَقَّف
(2/320)
على الْإِذْن بِخِلَاف الْمُرْتَهن فَإِن
حَقه مُرْتَبِط بِالرَّهْنِ، ثمَّ نقُول الْعقل غريزة (أَو
قُوَّة) تحدث مَعَ الْكَمَال فِي الْحَالة الَّتِي يُمكن أَن
تُوجد مِنْهُ وَهَذِه الْحَالة لَا جُزْء لَهَا وَهِي على
مِثَال قُوَّة الأحبال، وَإِن حصل للصَّبِيّ أُمُور عقلية
فَتلك على طَرِيق التَّلْقِين ثمَّ الْمُعْتَبر فِي مَحل
الْإِجْمَاع صفة الْعقل وَالصبَا (يُنَافِي ذَلِك) وَلَا نسلم
انْفِصَال النّفُوذ عَن الِانْعِقَاد كَمَا تقدم فِي بيع
الْفُضُولِيّ.
(2/321)
(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: إِذا بَاعَ نَخْلَة قبل التَّأْبِير (قكد)) .
الْمَذْهَب: الثَّمَرَة للْمُشْتَرِي.
عِنْدهم: للْبَائِع ف بِكُل حَال.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " من بَاعَ نَخْلَة قبل أَن
تؤبر فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع "،
وَلَا يخفى تَقْرِير القَوْل بِالْمَفْهُومِ.
(2/322)
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الثِّمَار قبل التَّأْبِير مُتَّصِلَة على وَجه لَا يعْتَاد
نقلهَا فتبعت فِي البيع كالأبواب والرفوف وَالثِّمَار أولى،
لِأَن اتِّصَاله خلقي.
لَهُم:
أَعْيَان مَمْلُوكَة تقبل الْإِفْرَاد وَلَا تتبع غَيرهَا
كَمَا بعد التَّأْبِير، وَفِيه احْتِرَاز عَن الأجنة
فَإِنَّهَا لَا تفرد وَالْفِقْه أَن الْملك ثَابت فِي
الشَّجَرَة وَالثَّمَرَة وَالْبيع مُضَاف إِلَى الشَّجَرَة
فقصر عَلَيْهِ.
مَالك: ق.
(2/323)
أَحْمد: ق.
التكملة:
قَالُوا: الْفرق بَين الْمَنْطُوق والمسكوت مُسلم لَكِن فِي
التَّخْصِيص الْجَارِي على خلاف الأَصْل، فَإِن الزَّكَاة
منتفية فِي السَّائِمَة والمعلوفة فَإِذا أوجبهَا فِي
السَّائِمَة بقيت فِي المعلوفة على حَالهَا.
الْجَواب: الزَّكَاة كَانَت منتفية فِي المعلوفة قبل الحَدِيث
(لانْتِفَاء دليلها) وَبعد الحَدِيث صَارَت منتفية بِهِ،
دَلِيل ذَلِك: أَن من سَأَلَ عَن الزَّكَاة فِي المعلوفة قبل
الحَدِيث) صَحَّ أَن يتَوَقَّف بِخِلَاف بعد الحَدِيث.
فَإِن قَالُوا: يلْزم على قَوْلكُم القَوْل بِمَفْهُوم اللقب.
الْجَواب: قد قَالَ بِمَفْهُوم اللقب قوم وأحالوا تَركه فِي
مسَائِل على دَلِيل صرف عَنهُ، وَالصَّحِيح أَنه غير لَازم
فَإِن الْقَائِل بِالْمَفْهُومِ يتَمَسَّك بِدلَالَة فعل
الْمُتَكَلّم من حَيْثُ أَنه لما حَضرته جملَة متحدة فاقتطع
بَعْضهَا
(2/324)
بالمدلول دَلِيل على افْتِرَاق الْجُمْلَة
ثمَّ الْجُمْلَة المتحدة تَارَة يحضر فِي الْمَدْلُول
كَقَوْلِه: " فِي الْإِبِل السَّائِمَة " فَإِن الْإِبِل تجمع
الْقسمَيْنِ، وَتارَة يحضر فِي الذِّهْن كَقَوْلِه: " الثّيّب
أَحَق بِنَفسِهَا " فَإِن الثيبوبة والبكارة يحْضرَانِ
الذِّهْن مَعًا بِخِلَاف اللقب.
(2/325)
(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: إِذا فرق بَين الْأُم وصغيرها فِي البيع (قكه))
.
الْمَذْهَب: لم يَصح.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى أَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ " فرق بَين
امْرَأَة وَوَلدهَا فَنَهَاهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن
ذَلِك ورد البيع ".
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تَفْرِيق يحرم فِي البيع فَمنع صِحَّته، كَمَا لَو فرق بَين
الْأُم وَالْحمل.
لَهُم:
عقد فَلَا يمْنَع التَّفْرِيق بَينهمَا صِحَّته كَالرَّهْنِ.
(2/326)
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
لَا يَصح اعْتِبَار الْأُم وَالْولد بالأخوين لِأَن هَذَا محرم
وَذَاكَ غير محرم، فَإِن قَالُوا: الْحمل يدْخل فِي إِطْلَاق
البيع فَلم يجز إِفْرَاده.
قُلْنَا: أفنان الشّجر تدخل فِي إِطْلَاق بيع الشّجر وَيصِح
إِفْرَاده، وقياسهم على الرَّهْن لَا يَنْفَعهُمْ لِأَنَّهُ
لَا يمْتَنع أَن يمْنَع التَّفْرِيق صِحَة العقد وَلَا يمْنَع
صِحَة عقد آخر، فَلِأَن التَّفْرِيق فِي الرَّهْن لَا يُؤَدِّي
إِلَى إِضْرَار؛ لِأَنَّهُمَا فِي بلد وَاحِد فَلَا يعْدم
الْحَضَانَة، وَلِهَذَا قُلْنَا: التَّفْرِيق فِي الرَّهْن غير
محرم.
(2/327)
لوحة 37 من المخطوطة " أ ":
النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لَا يقر على مُنكر يجْرِي
بِحَضْرَتِهِ؛ فشهوده وسكوته حجَّة، أما مَا يفعل على عَهده
لَا بِحَضْرَتِهِ إِن تحققنا انتهاءه إِلَيْهِ فَهُوَ كشهوده،
وَقد رُوِيَ أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي خَلفه عشَاء الْآخِرَة
وينصرف فَيصَلي فِي قومه فِي بني سَلمَة تكون لَهُ نَافِلَة،
وَإِن كَانَت الْحَادِثَة مِمَّا يجوز أَلا تَنْتَهِي إِلَيْهِ
لم يكن حجَّة، كَمَا رُوِيَ عَن بعض الصَّحَابَة أَنه قَالَ:
كُنَّا نجامع ونكسل على عهد رَسُول الله وَلَا نغتسل.
(2/328)
فِي الْمَأْذُون ثَمَانِيَة عشر مَسْأَلَة
تَضَمَّنت الورقة خمْسا، السَّادِسَة لَيْسَ للمأذون أَن
يَأْذَن لعبد فِي التِّجَارَة كَالْوَكِيلِ لَيْسَ لَهُ أَن
يُوكل من غير إِذن مُوكله خلافًا لَهُم.
السَّابِعَة: لَيْسَ لَهُ اتِّخَاذ الدعْوَة والضيافة خلافًا
لَهُم.
الثَّامِنَة: إِذا ركبته الدُّيُون لَا يَزُول ملكه عَنهُ،
وَلَا يدْخل فِي ملك الْغُرَمَاء.
التَّاسِعَة والعاشرة: إِذا احتطب واحتش لم يضم إِلَى مَال
التِّجَارَة.
الْحَادِيَة عشرَة: لَيْسَ لَهُ أَن يُعَامل سَيّده.
الثَّانِيَة عشرَة: لَا يَصح شِرَاؤُهُ لأَب سَيّده فَإِنَّهُ
يعْتق على سَيّده ويتضرر بذلك خلافًا لَهُم.
الثَّالِثَة عشرَة: زعم العَبْد أَن سَيّده قد أذن لَهُ فِي
التِّجَارَة فَلَيْسَ لأحد
(2/329)
مُعَامَلَته مَا لم يعلم الْآذِن.
الرَّابِعَة عشرَة: زعم العَبْد الْمَأْذُون أَن سَيّده قد حجر
عَلَيْهِ وَقَالَ السَّيِّد: لم أحجر عَلَيْهِ لَا تجوز
مُعَامَلَته؛ لِأَن بِزَعْمِهِ لَا يَصح تصرفه.
الْخَامِسَة عشرَة: لَو أذن السَّيِّد للمأذون أَن يَأْذَن
للْعَبد الَّذِي فِي يَده التِّجَارَة فَأذن صَحَّ، وَلَو حجر
السَّيِّد على عَبده صَحَّ.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح مَا لم يردهُ إِلَى يَده.
السَّادِسَة عشرَة: لَو أقرّ الْمَأْذُون لِأَبِيهِ أَو
لِابْنِهِ بِمَال صَحَّ كَمَا لَو أقرّ لأَجْنَبِيّ.
السَّابِعَة عشرَة: لَو كَانَ فِي يَده عين مَال فأقرأنه
مَغْصُوب أَو وَدِيعَة لم يَصح إِقْرَاره.
الثَّامِنَة عشرَة: لَو علم رجل أَنه مَأْذُون فعامله ثمَّ
امْتنع عَن التَّسْلِيم كَانَ لَهُ ذَلِك مَا لم يشْهد أَنه
مَأْذُون لِأَنَّهُ رُبمَا يُنكر السَّيِّد الْإِذْن فَيذْهب
مَال البَائِع، وَهَذَا كَمَا أَن رجلا لَو ادّعى أَن فلَانا
وكلني يقبض حَقه مِنْك وَصدقه على ذَلِك فَلهُ أَن لَا يسلم
إِلَيْهِ الْحق مَا لم يشْهد على أَنه وَكله.
(2/330)
|