تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة (مسَائِل الْمَأْذُون)
(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: إِذا
أذن لعَبْدِهِ فِي نوع تِجَارَة (قكو)) .
الْمَذْهَب: لم يتعده.
عِنْدهم: ينْصَرف على الْإِطْلَاق.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... .
لَهُم: ... ... .
(2/331)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تصرف بِحكم الْأَمر فَلَا يتَعَدَّى الْمَأْمُور بِهِ،
كَالْوَكِيلِ وَالْمُضَارب، ذَلِك لِأَنَّهُ قبل الْإِذْن (لم
يكن متصرفا وَإِنَّمَا صَار متصرفا بِالْإِذْنِ) فَصَارَ كَمَا
لَو استخدمه فِي شَيْء بِعَيْنِه فَإِنَّهُ لَا يتعداه.
لَهُم:
تصرف بِحكم فك الْحجر عَنهُ فَلَا يخْتَص كَالْمكَاتبِ عبارَة:
تَخْصِيص لاقا مَحل الْغَيْر فلغا كَالْمكَاتبِ وَالْمُعتق؛
لِأَن تصرف العَبْد بأهليته لَا بِإِذن السَّيِّد لكَونه ذَا
ذمَّة يتَعَلَّق بهَا خطاب الشَّرْع.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
يدل على مَذْهَبنَا وُقُوع حكم هَذَا التَّصَرُّف للسَّيِّد
وَحكم السَّبَب تَابع
(2/332)
للمسبب ونمنع أَنه يَصح أَن يَشْتَرِي من
مأذونه أَو وَكيله لأَنهم رُبمَا قَالُوا: يحصل ملك الْعين
للسَّيِّد وَملك الْيَد للْعَبد.
قَالُوا: أول مَا تَلقاهُ من التَّصَرُّفَات الشِّرَاء، وَهُوَ
تصرف باستيجاب الثّمن فِي الذِّمَّة وَذمَّة العَبْد لَهُ
بِدَلِيل صِحَة إِقْرَاره فِيهَا بِالدّينِ وَالْقصاص دون
الْيَد.
أما الرَّاهِن مَعَ الْمُرْتَهن فَإِن التَّصَرُّف غير وَاقع
للْمُرْتَهن لَكِن تعلق لَهُ بِهِ حق فَاعْتبر إِذْنه لسُقُوط
حَقه.
وَأما الْمكَاتب فَإِن تصرفه يُسْتَفَاد من الْكِتَابَة لَا من
الْإِذْن وَصَارَ المُشْتَرِي يتَصَرَّف بِالْملكِ
الْمُسْتَفَاد من البيع لَا بِإِذن البَائِع ثمَّ الْكِتَابَة
إِذن عَام هَذَا قاعدتها شرعا، ثمَّ العَبْد بِجَمِيعِ
أَجْزَائِهِ ملك للْمولى فَيملك مَنَافِع أَعْضَائِهِ.
وَالْكَلَام مَنْفَعَة اللِّسَان، فَإِذا أَمر بصرفه إِلَى
جِهَة لم يجز أَن يصرفهُ
(2/333)
إِلَى جِهَة أَن يصرفهُ إِلَى جِهَة
أُخْرَى.
(2/334)
(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: إِذا رَآهُ يتَصَرَّف ويسكت (قكز)) .
الْمَذْهَب: لَا يصير مَأْذُونا.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ".
وَجه الدَّلِيل: أَن السَّيِّد إِذا رأى عَبده يتَصَرَّف وَسكت
أوهم الْإِذْن لَهُ
(2/335)
وَفِيه غرر بالعامل فَكَمَا دفع الضَّرَر
بِأَن لَا يدْفع حجر خَاص إِذْنا عَاما فنعتمدها هُنَا
كَذَلِك.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
السُّكُوت كف عَن الْإِذْن فَكيف يكون إِذْنا؟ وَالسُّكُوت فِي
الدّلَالَة على الْإِذْن مُتَرَدّد فَلَا يكْتَفى بِهِ كَمَا
فِي التَّصَرُّف الْمَسْكُوت عَنهُ، وكما لَو رأى عَبده ينْكح
أَو رأى الْمُرْتَهن يَبِيع الرَّهْن.
لَهُم:
العَبْد يتَصَرَّف لنَفسِهِ وَإِذن السَّيِّد كفك الْحجر
عَنهُ، وبالسكوت يحصل ذَلِك وَصَارَ كالشفيع، وَقد جَاءَ
السُّكُوت إِذْنا شرعا بِدَلِيل سكُوت النَّبِي عَلَيْهِ
السَّلَام عَمَّا يجْرِي بَين يَدَيْهِ، وبدليل صمَات الْبكر.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
سكُوت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَمَّا يجْرِي بِحَضْرَتِهِ
لَيْسَ بمتردد؛ لِأَنَّهُ
(2/336)
يجب عَلَيْهِ الزّجر، وَترك الزّجر بعد
وُجُوبه مَعْصِيّة، وَهُوَ الْمَعْصُوم الْمُطلق، وَالسَّيِّد
لَا يجب عَلَيْهِ زجر عَبده عَن البيع، كَمَا لَا يجب عَلَيْهِ
زَجره عَن النِّكَاح بل لَهُ أَن يسكت اسْتِخْفَافًا بِهِ.
وَأما سكُوت الْبكر فَلَا أثر لَهُ حَيْثُ لَا يفْتَقر الْأَب
إِلَى رِضَاهَا، وَغير الْأَب وَالْجد لَا يكْتَفى بسكوتها على
رَأْي، وَإِن سلم فصماتها مَعَ قرينَة الْحيَاء ظَاهر فِي
الدّلَالَة على الرِّضَا، وَقد ورد النَّص بجعله دَلِيلا
وَبِمَا انْفَكَّ فِي حق الثّيّب عَن الْقَرِينَة لم يقس
عَلَيْهِ فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ البيع وَمَا ذَكرُوهُ من
الضَّرَر وَالْغرر فالمتصرف اغْترَّ وَالسَّيِّد مَا غره
وَالشَّفِيع يسْقط حَقه بترك الْمُبَادرَة.
(2/337)
(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: الْمَأْذُون هَل تتَعَلَّق الدُّيُون
بِرَقَبَتِهِ؟ (قكح)) .
الْمَذْهَب: لَا تتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ لَكِن بِكَسْبِهِ.
عِنْدهم: تتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ حَتَّى يُبَاع بهَا.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... .
لَهُم: ... ... .
(2/338)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
دين لزمَه بِرِضا مُسْتَحقَّة فَلَا يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ
كَدين الاستقراض وتأثيره أَنه إِذا كَانَ بِرِضا مُسْتَحقَّة
فَكَأَنَّهُ رَضِي بِالتَّأْخِيرِ والرقبة أصل من أَمْوَال
السَّيِّد فَلَا يتَعَلَّق بهَا دين التِّجَارَة كَسَائِر
أَمْوَاله.
لَهُم:
دين وَجب على العَبْد مُطلقًا وَظهر وُجُوبه فِي حق السَّيِّد،
فَتعلق بِرَقَبَة العَبْد قِيَاسا على أَن الِاسْتِهْلَاك
والذمة عبارَة عَن شخص الْمُلْتَزم ثمَّ ذمَّة العَبْد
ضَعِيفَة فَقَوِيت بِالرَّقَبَةِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ
يتَعَلَّق الدّين بِتركَتِهِ لضعف ذمَّته.
مَالك:.
(2/339)
أَحْمد:.
التكملة:
أصل وجوب الدّين فِي الذِّمَّة أما تعلقه بِالرَّقَبَةِ، فَأمر
زَائِد الْخصم هُوَ الْمَأْخُوذ بِبَيَان سَببه وَنسبه.
فَنَقُول: الدّين يتَعَلَّق بالمرهون ورقبة العَبْد الْجَانِي
وبكسبه فِي التِّجَارَة وَلَا يُمكن قِيَاس مَسْأَلَتنَا على
الرَّهْن فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِهِ بتعلق الْمَالِك،
وَالْمَالِك هَا هُنَا لم يُوجد مِنْهُ غير الْإِذْن فِي
مُبَاشرَة سَبَب الِالْتِزَام وَحَالَة الْإِذْن لَا دين وَقد
أذن لَهُ أَن يتَصَرَّف بِنَفسِهِ لَا فِي نَفسه وَلَا يُمكن
تلقيه من الْجِنَايَة، فَإِن ذَلِك حق ثَبت بِغَيْر رضَا
مُسْتَحقّه ونعتمد على الْإِذْن فِي النِّكَاح فَإِن
النَّفَقَة وَالْمهْر يتعلقان بِكَسْبِهِ وتشبيههم إِيَّاه
بالمريض وَتعلق الدّين بِتركَتِهِ فَاسد؛ لِأَن الدّين
يتَعَلَّق بِمَال من عَلَيْهِ الدِّيَة عندنَا بِالْمَوْتِ
(2/340)
وَالْحجر عِنْد الإفلاس لِأَنَّهُ ملكه
وَيتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا ملكه كَمَا يتَعَلَّق
بِذِمَّة أَبِيه لَو اسْتَحَقَّه ثمَّ مَاتَ لَا لتَعلق الدّين
بِرَقَبَة أَبِيه، كَيفَ ورقبة الْحر لَيست مَالا حَتَّى
يتَعَلَّق بِبَدَلِهِ مُتَعَدِّيا مِنْهَا بل تعلق بِهِ
ابْتِدَاء لِأَنَّهُ ملكه ورقبة العَبْد ملك سَيّده، وَلَيْسَت
مَال تِجَارَة ويلزمهم تعلق الدّين بِكَسْبِهِ أَولا.
(2/341)
(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ
بعد الْمِائَة: إِذا أبق الْمَأْذُون (قكط)) .
الْمَذْهَب: لم يصر بذلك مَحْجُورا عَلَيْهِ وَلَا يَنْعَزِل.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تصرف يملكهُ العَبْد قبل الْإِبَاق فَلَا يَزُول بالإباق
كَطَلَاق زَوجته واكتساب مهرهَا ونفقتها.
(2/342)
لَهُم:
التِّجَارَة مستفادة بِالْإِذْنِ وَسبب الْإِذْن هُوَ
الْولَايَة، وَقد زَالَت بالِاتِّفَاقِ. أَلا ترَاهُ لَا يملك
بَيْعه وإجارته فَوَجَبَ أَن يسْقط الْإِذْن كَمَا لَو
أعْتقهُ.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
لَا نسلم أَن الْولَايَة قد زَالَت بالإباق، بل هِيَ بَاقِيَة،
وَلِهَذَا يجوز بَيْعه مِمَّن يعرف مَكَانَهُ وَيقدر عَلَيْهِ،
وَإِنَّمَا لم يَصح بَيْعه وإجارته من كل وَاحِد لتعذر قَبضه،
وَأما التِّجَارَة فتتوقف على صِحَة الْإِذْن وَذَلِكَ
يتَعَلَّق بِكَوْن مَوْلَاهُ بَالغا رشيدا، وَكَون العَبْد
مِمَّن يَصح تصرفه والعذر عَن الْكِتَابَة وَالْعِتْق أَن
رابطة الِاسْتِخْدَام قد انْقَطَعت.
فَإِن قَالُوا: الْإِذْن بِحكم قرينَة الْحَال قَاصِر على مَا
قبل الْكِتَابَة وَالْعِتْق لِأَنَّهُ وَقت الِاسْتِخْدَام
وَذَلِكَ بِحكم الْقَرِينَة قَاصِر على مَا قبل الْإِبَاق
فَإِنَّهُ وَقت الطَّاعَة.
الْجَواب: إِمْكَان الِاسْتِخْدَام قَائِم، وطاعته وأمانته فِي
التِّجَارَة مستمرة، وَإِنَّمَا مُخَالفَته فِي الْبعد
وَإِلَّا فَهُوَ مُطِيع لَهُ فَصَارَ كَمَا لَو عصى وَفسق
(2/343)
وَهُوَ فِي الْبَلَد، وَأما الْقَرِينَة
فَتبْطل بِمَا إِذا استولد الْجَارِيَة المأذونة فَإِن
قَضِيَّة الْحَال تَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا يرضى تبرجها
للتِّجَارَة وَهِي فرَاشه.
(2/344)
(الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ بعد
الْمِائَة:
هَل للمأذون عقد الْإِجَارَة على نَفسه (قل)) .
الْمَذْهَب: لَا وَفِي عقدهَا على دوابه وعبيده وَجْهَان.
عِنْدهم: لَا يعْقد الْإِجَارَة على نَفسه.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... .
لَهُم: ... .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
إِجَارَة نَفسه من مشوشات التِّجَارَة وصوارفها فَلَا يدل
الْإِذْن فِي
(2/345)
التِّجَارَة عَلَيْهِ، وَعِنْدنَا
الْمَأْذُون يقْتَصر على مُوجب الْإِذْن (لَيْسَ فِي الْإِذْن)
إِجَارَته نَفسه لَا لفظا وَلَا عرفا.
لَهُم:
التِّجَارَة عبارَة عَن مُقَابلَة مَال بِمَال لطلب الرِّبْح
وَهَذَا حَقِيقَة الْإِجَارَة وَلِهَذَا جَازَ إِجَارَة دَاره
وَعَبده وَالْمَنْع بعيد إِذْ هِيَ من فَوَائِد مَال
التِّجَارَة.
مَالك:.
أَحْمد:.
التكملة:
إِن منعنَا إِجَارَة الدَّوَابّ فَلَا كَلَام، وَإِن جوزناها
قُلْنَا: هُوَ مَأْذُون فِي أَمْوَال التِّجَارَة وَنَفسه
لَيست من أَمْوَال التِّجَارَة، ونقول: الْقَرِينَة دلّت على
خُرُوج إِجَارَته نَفسه من التِّجَارَة لِأَنَّهَا مَانِعَة
مِنْهَا؛ لِأَن التِّجَارَة اقتناص الرِّبْح بترصد المواسم
وانتهاز الفرص وَالْإِجَارَة قيد مَانع من التقلب.
قَالُوا: لَو عمل فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَلهُ أُجْرَة
الْمثل ثمَّ لَهُ أَن يتَصَرَّف فِيهَا
(2/346)
وَيَقْضِي بهَا دُيُونه، وَكَذَلِكَ مَا
يكْتَسب بالاحتشاش والاحتطاب، فَإِذا تصرف فِي بذل منفعَته
جَازَ أَن يتَصَرَّف فِي منفعَته.
الْجَواب: الْمَذْهَب الصَّحِيح أَنه لَا تتَعَلَّق ذمَّته
بالاحتشاش والاحتطاب وَلَا خلاف أَنه لَا يتَصَرَّف فِيهِ؛
لِأَنَّهُ لَيْسَ مَال تِجَارَة وَلَا يتَصَرَّف بِحَال فِي
أُجْرَة الْمَنْفَعَة فَإِنَّهَا وَجَبت بالتفويت وَهِي كالأرش
الْوَاجِب على قَاطع طرفه ونمنع الْمَأْذُون فِي النِّكَاح أَن
يُؤجر نَفسه وَإِن سلمنَا فَهُوَ من لوازمه.
(2/347)
لوحة 38 من المخطوطة " أ ":
يَقُولُونَ فِي السّلم فِي الْمُنْقَطع: إِن الْقُدْرَة عِنْد
الْمحل شَرط، وَلَكِن مَحل الدّين قد يكون بِالْمَوْتِ
والمطالبة عِنْده تتَوَجَّه لحكم العقد، إِذْ الْمَوْت لَا
يلْزمه شَيْئا، وَمعنى الْأَجَل بَيَان أقْصَى مُدَّة
التَّأْخِير، فَإِذا للْعقد أجلان: مَشْرُوط مَشْرُوع، ومشروع
غير مَشْرُوط، وَالْعبْرَة بالشرعية لَا بالاشتراط فَوَجَبَ
أَن يقدر على التَّسْلِيم عِنْد كل أجل وَمَا ذَلِك إِلَّا
باستمرار الْوُجُود من العقد إِلَى الْمحل الْمَشْرُوط.
وَالْجَوَاب: أَن الْمُعْتَبر هُوَ الْقُدْرَة عِنْد الْأَجَل
الْمَشْرُوط؛ لِأَنَّهُ وَقت الْتِزَامه، وَكَذَلِكَ لَا
يُطَالب قبله وَبِتَقْدِير الْمَوْت لَا مُطَالبَة عَلَيْهِ،
وَلَا على الْوَارِث بل الْمُسْتَحق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ
فسخ وَإِن شَاءَ صَبر إِلَى الْمحل فَلَيْسَ فِي الْكل
تَوْجِيه مُطَالبَة فِي وَقت يعجز عَنهُ.
(2/348)
نعم وَلَا ننكر أَن الْمَوْت أجل العقد
شرعا وَلَا يلْزم أَن يعْتَبر فِيهِ مَا يعْتَبر فِي الْأَجَل
الْمَشْرُوط بِدَلِيل الْعلم بالأجل فَإِنَّهُ شَرط فِي
الْمَشْرُوط دون الْمَشْرُوع.
فَإِن قيل: الِاحْتِرَاز عَن الْجَهْل بالأجل الْمَشْرُوع غير
مُمكن (فاحتملناه والاحتراز عَن الْعَجز عِنْده مُمكن) .
فَإِن تسلم فِي مُسْتَمر الْوُجُود فَلَا يحْتَمل.
الْجَواب: أَن الأول أَيْضا مُمكن فَإِن تسلم حَالا لَا يَقع
فِيهِ جَهَالَة الْأَجَل فيعتذرون بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى
تضييق بَاب الرُّخْصَة لِأَن السّلم عقد مفاليس.
وَالْجَوَاب: أَن نقُول: وَكَذَلِكَ أَكثر من يحْتَاج إِلَى
قبُول السّلم الدهاقين والتنا تضيق أَيْديهم فيبيعون فِي
الذِّمَّة مِمَّا يتوقعون من ريع ضياعهم فَلَو قيدنَا السّلم
بمستمر الْوُجُود لانسد بَاب الرُّخْصَة.
من أسلم فِي ثوب على صفة خرقَة أحضرها حَال العقد لم يَصح
لجَوَاز أَن تهْلك الْخِرْقَة، وَالْمُسلم فِيهِ يَنْبَغِي أَن
يكون مَعْلُوما عِنْدهمَا وَعند غَيرهمَا.
وَكَذَلِكَ أجل السّلم فَيجوز إِلَى مِيقَات مَعْلُوم عِنْد
الْجُمْهُور
(2/349)
كالمهرجان، وَلَا يجوز تَعْلِيقه بأعياد
الذِّمَّة إِلَّا أَن تكون مَعْرُوفَة عِنْد الْمُسلمين.
وَلَا يَصح السّلم فِي أَجود الْجِنْس، وَقيل: يَصح فِي
الأردا، والأردأ هُوَ بِالْإِضَافَة إِلَى أَنْوَاع ذَلِك
الْجِنْس لَا الرداءة الَّتِي هِيَ عيب فالمعيب لَا يَصح
السّلم فِيهِ، وَمن شَرطه قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس.
(2/350)
|