تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة

 (من مسَائِل الْبيُوع)

(2/415)


فارغة

(2/416)


لوحة 41 من المخطوطة أ:
الْمُفلس إِذا حجر عَلَيْهِ تعلّقت الدُّيُون بِعَين مَاله، وَمنع من التَّصَرُّفَات فَلَو تصرف لم ينفذ تصرفه، وَمن وجد من غُرَمَائه عين مَاله كَانَ أَحَق بِهِ.
وَإِذا اشْترى (شِقْصا من دَار) ثمَّ أفلس وَعلم الشَّرِيك بِالْبيعِ وَأَرَادَ الْأَخْذ بِالشُّفْعَة، وَأَرَادَ الرُّجُوع فِي الشّقص فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه:
أَحدهَا: أَن البَائِع أَحَق بِهِ.

(2/417)


الثَّانِي: أَن الشَّفِيع يَأْخُذ بِالشُّفْعَة وَيكون الثّمن للْبَائِع دون الْغُرَمَاء.
الثَّالِث: أَن الشَّفِيع يَأْخُذ وَالْبَائِع أُسْوَة الْغُرَمَاء، وَوَجهه: أَن حق الشَّفِيع سَابق لحق البَائِع فَكَانَ مقدما عَلَيْهِ وَكَونه أُسْوَة الْغُرَمَاء، لِأَن حق البَائِع فِي الْعين لَا فِي بدلهَا، بِدَلِيل أَنه لَو بَاعهَا ثمَّ أفلس شَارك البَائِع الْغُرَمَاء فِي الثّمن، إِذا كَانَ الدّين مُؤَجّلا فَأَرَادَ الْمَدْيُون سفرا يزِيد على الْأَجَل لم يكن لغريمه مَنعه وَلَا الْمُطَالبَة بكفيل هَذَا إِذا سَافر لغير جِهَاد، فَإِن سَافر لجهاد اخْتلف الْأَصْحَاب فِيهِ.
وَاعْلَم أَنه يجوز للْمَرْأَة أَن تتصرف فِي مَالهَا بِغَيْر إِذن زَوجهَا، قَالَ مَالك: إِنَّمَا تتصرف بِغَيْر إِذْنه فِي الثُّلُث، إِذا عقل الْمَجْنُون أَو بلغ الصَّبِي انْفَكَّ الْحجر عَنهُ، وَلم يفْتَقر إِلَى حكم حَاكم.
وَاعْلَم أَن طَرِيق الصُّلْح على الْإِنْكَار أَن يحضر أَجْنَبِي وَيصدق الْمُدَّعِي ويصالحه، وَيجوز أَن يصالحه للْمُدَّعى عَلَيْهِ، وَيجوز أَن يصالحه لنَفسِهِ،

(2/418)


من شرع روشنا فِي طَرِيق نَافِذ لَا يضر بالمارة جَازَ لِأَنَّهُ ارتفق بِمَا لم يتَعَيَّن لَهُ مَالك من غير ضَرَر فَهُوَ كالمشي فِي الطَّرِيق خلافًا لَهُم، فَإِنَّهُم قَالُوا لآحاد الْمُسلمين مَنعه.
فَأَما إِن وَضعه على جِهَة تضر بالمارة فَصَالحه الإِمَام عَنهُ على شَيْء لم يجز لِأَن هَذَا الْهَوَاء لَا يَصح بَيْعه مُفردا، وَلَا يجوز للْإِمَام أَن يفعل مَا يضر بِالْمُسْلِمين.
وَبِالْجُمْلَةِ مَتى كَانَ ذَلِك فِي درب نَافِذ لَا يضر بِأحد لَا يُعَارضهُ جَاره مَا لم يضع خشبه عَلَيْهِ، وَلَو جَاوز نصف عرض الطَّرِيق.
أما إِن كَانَ لَهُ بَاب فِي الشَّارِع وَظهر دَاره إِلَى درب مُشْتَرك لم يجز لَهُ أَن يشرع روشنا فِي ظهر دَاره؛ لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي الدَّرْب الْمُشْتَرك، فَإِن كَانَ فِيهِ بَاب فقد اخْتلف فِي ذَلِك. قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: يجوز وأجراه مجْرى

(2/419)


الطَّرِيق النَّافِذ.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: لَيْسَ لَهُ، لِأَن الدَّرْب مَمْلُوك لقوم مُعينين، فَإِن صالحوه عَن ذَلِك لم يجز، لِأَن ذَلِك بيع الْهَوَاء دون الْقَرار، إِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ حيطانا ليضع السّقف عَلَيْهَا، فَإِن كَانَت بآلتها الْقَدِيمَة فَهِيَ لصَاحب السّفل، وَإِن كَانَت بِآلَة جَدِيدَة فَهِيَ لصَاحب الْعُلُوّ وَلِصَاحِب السّفل سُكْنى الْبَيْت، وَلَيْسَت لَهُ أَن يدق فِي الْحِيطَان وتدا وَمَتى أَرَادَ صَاحب الْعُلُوّ النَّقْض كَانَ لَهُ ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يجْبر على بنائِهِ.
وَاعْلَم أَن للْمَالِك أَن يَبْنِي فِي ملكه حَماما بَين الدّور ومستوقد خباز وفران وَلَو بَين العطارين خلافًا لَهُم.

(2/420)


(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إفلاس المُشْتَرِي بِالثّمن (قمو)) .
الْمَذْهَب: يثبت للْبَائِع حق الْفَسْخ مَعَ قيام الْمَبِيع.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من ابْتَاعَ سلْعَة ثمَّ أفلس فَأدْرك رجل سلْعَته فَهُوَ أَحَق بهَا ".
لَهُم:
روى عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ فِي مثل هَذِه الصُّورَة للْبَائِع: أُسْوَة الْغُرَمَاء.

(2/421)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
لم يسلم لَهُ مَطْلُوبه من الْعِوَض فَرجع فِي مبذوله من المعوض كالمشتري إِذا لم يسلم لَهُ الْمَبِيع، وتأثيره أَن ملك الْعِوَض ملك المعوض لتحَقّق الْمُقَابلَة، فَإِن وَجب قبض الثّمن أَو تَسْلِيم بدله، فَالْكل معجوز عَنهُ.
لَهُم:
الْقُدْرَة على التَّسْلِيم فِي الثّمن لَا تشْتَرط لجوازه لَدَى العقد فَلَا يُوجب فَوَاتهَا بعد العقد ثُبُوت حق الْفَسْخ.
دَلِيل الدَّعْوَى: جَوَاز الشِّرَاء مَعَ عدم الْقُدْرَة، وتأثيره أَن تَسْلِيم الثّمن لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا يتَصَوَّر فالعجز عَنهُ لَا يتَصَوَّر إِذْ التَّسْلِيم لبدله لكَونه دينا وَالدّين لَا يتسلم بل يسْقط بالمقاصة.
مَالك: ق.

(2/422)


أَحْمد: ق.
التكملة:
أحد عوضي الْمَبِيع فَتعذر تَسْلِيمه فَوَجَبَ حق الْفَسْخ كَالْمَبِيعِ، وَإِن أردنَا تضييقا نقيس على إِسْلَام الْمُسلم إِلَيْهِ عَن الْمُسلم فِيهِ، فَإِن سلمُوا ثُبُوت الْفَسْخ فِيهِ انتظم الْقيَاس واندفع فرقهم بَين الثّمن والمثمن، فَإِن الثّمن وَالْمُسلم فِيهِ يستويان فِي الدِّينِيَّة، وَإِن منعُوا الْمُسلم فَرضنَا فِيهَا وقسنا على انْقِطَاع الْجِنْس وَلَا يَجدونَ بَينهمَا فرقا، فَإِن الْمُؤثر فِي إِثْبَات حق الْفَسْخ تعذر الْمُسلم فِيهِ وَلَا اثر لاخْتِلَاف أَسبَاب التَّعَذُّر وَمَا قاسوا عَلَيْهِ من إفلاس المُشْتَرِي المفارق للْعقد بِمَنْع صِحَة البيع هُنَاكَ ونسوي بَين الْفلس الْمُقَارن والطارئ.
فَإِن قَالُوا: انْقِطَاع الْجِنْس فِي الْمُسلم فِيهِ يُوجب حق الْفَسْخ، وَإِن تلف رَأس المَال.
فَالْجَوَاب: أَنا نقف مَعَ الْفَائِدَة ثمَّ نرْجِع إِلَى بدل رَأس المَال، وَهَاهُنَا لَا فَائِدَة فِي الْفَسْخ، فَإِنَّهُ يرجع بِالثّمن حَتَّى لَو كَانَت الْقيمَة أَكثر من الثّمن.
قُلْنَا: يفْسخ ويلزمهم إِذا اشْترى بفلوس فكسدت فَإِن عِنْدهم يَنْفَسِخ

(2/423)


العقد ونفرق بَين الثّمن وَالْمهْر بِأَن الثّمن ركن وَالْمهْر تَابع ويلزمهم عجز الْمكَاتب بإفلاسه.

(2/424)


(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: السَّفِيه المبذر (قمز)) .
الْمَذْهَب: يحْجر عَلَيْهِ.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
رُوِيَ أَن عبد الله بن جَعْفَر اشْترى دَارا للضيفان بستين ألفا، فَبلغ ذَلِك عليا (رَضِي الله عَنهُ) فَقَالَ: " وَالله لأغدون إِلَى عُثْمَان ولأحجرن

(2/425)


عَلَيْهِ "، فَاغْتَمَّ عبد الله، فَأتى إِلَى الزبير وَأخْبرهُ فَقَالَ: أشركني فِيهَا فأشركه، فَلَمَّا قيل لعُثْمَان فِي ذَلِك قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحي أَن أحجر على رجل شَرِيكه الزبير لحذقه بِالتِّجَارَة.
وَجه الدَّلِيل: اتِّفَاق الْمَذْكُورين على الْحجر وحيلتهم فِي الْخَلَاص.
لَهُم:
روى أَن حبَان بن منقذ كَانَ شَيخا يكثر الْبياعَات ويغبن فَشَكا أَهله إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وسألوه الْحجر عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي رجل لَا أَصْبِر عَن الْبياعَات، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة، وَاشْترط الْخِيَار ثَلَاثًا ".
وَجه الدَّلِيل: أَنه لم يحْجر عَلَيْهِ وَعلمه طَرِيق الْخَلَاص.

(2/426)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الشَّرْع نَاظر وَالسَّفِيه مختل فِي إِثْبَات النّظر وَالْحجر نظر فَيَنْبَغِي أَن يثبت كالصغير.
بَيَان الدَّعْوَى: تَركه النّظر لنَفسِهِ وَنظر الشَّرْع لتارك النّظر مُتَعَيّن، إِذْ الْعلَّة فَوَات النّظر، وَلَا فرق بَين فَوَاتهَا بِالتّرْكِ أَو بفقد الْأَهْلِيَّة، وَفِيه إبْقَاء أَمْوَاله الَّتِي بهَا حَيَاته.
لَهُم:
مُكَلّف فَلَا يحْجر عَلَيْهِ كالرشيد، تَأْثِيره أَن التَّصَرُّف وجد من أَهله فِي مَحَله فصح، فَلَو منع منع لحقه، وَحقه لَا يمْنَع حَقه وعقله بَاقٍ بِدَلِيل الْخطاب فَكيف يحْجر عَلَيْهِ.
مَالك: ق.
احْمَد: ق.
التكملة:
حَدِيث حبَان لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لما سَأَلَ أَهله الْحجر لم يُنكر عَلَيْهِم

(2/427)


وَقَالَ: لَا بيع بِنَاء على قَول أَهله فَلَمَّا عرف أَنه غير سَفِيه، بل تعين فِي البيع لم يحْجر عَلَيْهِ.
فَإِن قَالُوا: أَلَيْسَ لَا نولي عَلَيْهِ فِي النِّكَاح منعنَا، وَالصَّحِيح التَّسْلِيم، والعذر أَن الْبضْع لَيْسَ مَحل التبذير، ونسلم وجود الْأَهْلِيَّة بِالْعقلِ، وندعي عَارض السَّفه.
قَالُوا: هُوَ جَان فَلَا نَنْظُر لَهُ، قُلْنَا: النّظر لَهُ لآدميته والعذر عَن التكاليف أننا لم نكلف السَّفِيه اتخذ الْجُهَّال السَّفه جنَّة دون التَّكْلِيف.
ونقول: التَّكْلِيف يلاقي الْبدن، وَالْبدن لَيْسَ محلا للتبذير، ونقول: طَلَاقه لكَونه يلاقي النِّكَاح، وَقد أسلفنا أَن الْبضْع لَيْسَ بِمحل التبذير ويلزمهم كَونه لَا يسلم إِلَيْهِ مَاله.
فَإِن قَالُوا: ذَلِك عُقُوبَة يلْزمهُم كَونه يسلم إِلَيْهِ إِذا بلغ خمْسا وَعشْرين سنة قَوْلهم قد عبر سنّ التَّأْدِيب لَا يسلم، وَلِهَذَا يحد وَيُعَزر على الجرائم.

(2/428)


فارغة

(2/429)


(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: الصُّلْح على الْإِنْكَار (قَمح)) .
الْمَذْهَب: بَاطِل.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الصُّلْح جَائِز إِلَّا صلح أحل حَرَامًا أَو حرم حَلَالا ". وَلَو جَازَ الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار كَانَ فِيهِ إحلال الْحَرَام؛ لِأَن الْمُدَّعِي قبل الصُّلْح مَا كَانَ لَهُ أَخذ مَال الْمُدعى عَلَيْهِ فصلحه أحل مَا كَانَ حَرَامًا فَدخل فِي النَّهْي.

(2/430)


لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وَالصُّلْح خير} ، وَهَذَا مُطلق، وتقييده بِحَالَة دون حَالَة نسخ، والنسخ بِخَبَر الْوَاحِد أَو الْقيَاس لَا يجوز، وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام دخل الْمَسْجِد ورجلان يتنازعان ثوبا وَقد علت أصواتهما فَقَالَ للْمُدَّعى عَلَيْهِ: " هَل لَك فِي الشّطْر "؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: " هَل لَك فِي الثُّلثَيْنِ؟ " قَالَ: نعم. وَجه الدَّلِيل: أَنه دَعَاهُ إِلَى الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الصُّلْح مُعَاوضَة فَلَا تصح مَعَ الْإِنْكَار، تَأْثِيره أَنه لَا عوض فِيهِ، إِذْ لَا يسْتَحق على الْمُدعى عَلَيْهِ عوض فِي مُقَابلَته؛ لِأَن الْعين يغلب فِيهَا جَانب الْمُدعى عَلَيْهِ لأجل يَده، وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فقد فقد الْعِوَض وَمَوْضِع الِاتِّفَاق صَحَّ معاوضته وَهِي حَالَة الْإِقْرَار.
لَهُم:
الْحق يثبت للْمُدَّعِي بِدَعْوَاهُ حملا لقَوْل الْإِنْسَان على الصدْق مهما

(2/431)


أمكن تَرْجِيحا للصدق لأجل الْعقل فقد ثَبت فِي حَقه فصلح أَن يَصح الصُّلْح مُعَاوضَة من جَانب الْمُدعى عَلَيْهِ كِفَايَة للشر وبذل المَال لذَلِك جَائِز، ويتأيد بِالْإِبْرَاءِ وَيصْلح الْأَجْنَبِيّ.
مَالك: ف.
أَحْمد:
التكملة:
قَالُوا: إِذا اقْتضى قَول أحد الْمُتَعَاقدين الْجَوَاز رجح، كَمَا إِذا شهد بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ.
الْجَواب: لَيْسَ صِحَة الشِّرَاء ثمَّ اكْتِفَاء بقول أَحدهمَا أَيهمَا كَانَ بل اكْتِفَاء قَول من رَاعى الشَّرْع قَوْله بِدَلِيل أَنه لَو قَالَ: استولدت جاريتي فَأنكرهُ أَجْنَبِي وأقدم على شِرَائهَا لم يَصح، وَكَذَلِكَ لَو شهد بحريّة عبد وَشهد الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَيْضا بحريّة عبد للشَّاهِد وَردت شَهَادَتهمَا فتبادلا الْعَبْدَيْنِ

(2/432)


بالمعاوضة صَحَّ البيع وَالْعقد بَاطِل بِمُوجب قَول الْمُتَعَاقدين جَمِيعًا لكنه بَاطِل بقول: من لم يلْتَفت الشَّرْع إِلَيْهِ صَحِيح بِمُوجب قَول راعاه الشَّرْع، فَإِن كل مَالك يزْعم أَن مَا فِي يَده لَهُ، وَلِهَذَا لَو ادَّعَت الْمَرْأَة الطَّلَاق فَأنْكر الزَّوْج ثمَّ تخالعا صَحَّ وَلزِمَ المَال، وَإِن ادّعى الزَّوْج الطَّلَاق ثمَّ تخالعا لم يَصح، فَإِن ألزمونا صِحَة الصُّلْح بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة.
قُلْنَا: إِن كَانَ قد قضى الْحَاكِم بهَا لم يَصح الصُّلْح، وَلنَا فِي صلح الْمُتَوَسّط كَلَام.

(2/433)


(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: إِذا مَاتَ الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا (قمط)) .
الْمَذْهَب: لَا يرجع الْمُحْتَال على الْمُحِيل.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لي الْوَاجِد ظلم، وَمن أُحِيل على مَلِيء فَليَحْتَلْ "، وروى " من أتبع على مَلِيء فَليتبعْ "، أَمر بالاتباع

(2/434)


وَعِنْدهم لَا يتبع والملاءة لَيست شَرط صِحَة الْحِوَالَة، بِدَلِيل أَنَّهَا تصح على غير مَلِيء وَإِنَّمَا ذكر الملاءة بِنَاء على الْغَالِب.
لَهُم:
روى أَن عُثْمَان حكم بِالرُّجُوعِ فِي مثل ذَلِك وَقَالَ: لاتوى على مَال امْرِئ مُسلم.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
بَرَاءَة مُطلقَة فَلَا يرجع كَمَا لَو صرح دَلِيل أصل الْبَرَاءَة سُقُوط الْمُطَالبَة لَا إِلَى غَايَة وَالْحوالَة تَقْتَضِيه لِأَنَّهَا تَحْويل من مَكَان إِلَى مَكَان فتستدعي فرَاغ الْمحل الْمَنْقُول مِنْهُ ثمَّ لَو أفلس الْمحَال عَلَيْهِ وَهُوَ حَيّ لم يعد.
لَهُم:
بَرَاءَة نقل وتحويل فَتكون سَلامَة الْمُنْتَقل إِلَيْهِ شرطا فِي تَمام الْبَرَاءَة كَمَا إِذا بَاعَ بِالدّينِ ثوبا من صَاحب الدّين فَإِن سَلامَة الثَّوْب شَرط وَالْحوالَة تدل على النَّقْل وَإِذا نقل قصد السَّلامَة وَالْعرْف كالشرط.

(2/435)


مَالك: ق.
أَحْمد:.
التكملة:
سُقُوط الْمُطَالبَة عَن الْمُحِيل بعد ثُبُوت الدّين فِي السُّقُوط، والسقوط إِنَّمَا يكون بمانع حسي كالإعسار أَو شرطي كالتأجيل، وَقد انتفيا جَمِيعًا، فَإِن الْمُحِيل مُوسر، وَالدّين حَال.
فَإِن قَالُوا: يجوز عِنْد إِثْبَات الْأَجَل ابْتِدَاء فِي الدّين الْمحَال، قُلْنَا: الْأَجَل الْمَجْهُول بالِاتِّفَاقِ لَا يجوز، وَغَايَة هَذَا الْأَجَل موت الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا ثمَّ الْمُحْتَال اسْتحق الدّين فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ فَإِن استبقينا دينه فِي ذمَّة الْمُحِيل تعدد الدّين، وَالْمُعْتَمد أَن الْإِعْسَار الطَّارِئ بعد بَرَاءَة الْمُحِيل لَا يُوجب الرُّجُوع كالعسر بالإفلاس فِي حَال الْحَيَاة، وَبَرَاءَة الْحِوَالَة بَرَاءَة

(2/436)


نقل لَا بَرَاءَة اعتياض، وَالرُّجُوع بِمَا يطْرَأ من الْإِعْسَار حكم الْمُعَاوضَة، وَلَيْسَ هَذَا بطرِيق الْمُعَاوضَة، لِأَنَّهُ لَا يَصح بِلَفْظ الْمُعَاوضَة وَلَا يَصح مَعَ اخْتِلَاف الْجِنْس وتفاوت الْقدر.

(2/437)