تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة (من مسَائِل الطَّلَاق)
(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ:
رسا.)
إِذا طَلقهَا وَاحِدَة أَو ثِنْتَيْنِ ونكحت غَيره ثمَّ
عَادَتْ إِلَيْهِ بِنِكَاح جَدِيد.
الْمَذْهَب: كَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَا بَقِي من الطلقات.
عِنْدهم: يملك عَلَيْهَا ثَلَاثًا كَمَا لَو نكحت غَيره بعد
الثَّلَاث.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ ... ... .} الْآيَة،
وَجه الدَّلِيل قَوْله: {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد
حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} ، وَهَذَا مُطلق وَحَتَّى للغاية
فَيَقْتَضِي مَا يكون لَهُ غَايَة (وَالَّذِي يكون لَهُ غَايَة
التَّحْرِيم، وَلَا تَحْرِيم فِي الطَّلقَة الْوَاحِدَة) .
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لعن اللَّهِ الْمُحَلّل
والمحلل لَهُ} ، وَجه الدَّلِيل: أَنه
(4/233)
سَمَّاهُ محللا كالمبيض والمسود فَمن وجد
وجد أَثَره.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
لم يجد الزَّوْج الثَّانِي مَحل الْعَمَل، فَلَا يعْمل؛
لِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَيْهِ، إِنَّمَا الْحَاجة عِنْد
الثَّلَاث وَهِي مُطلقَة ثَلَاثًا، فَلَا تحل إِلَّا بعد
الْإِصَابَة من زوج آخر كَمَا لَو لم يتَحَلَّل النِّكَاح،
ذَلِك لِأَن الطلقات الثَّلَاث مَحْذُورَة لما فِيهِ من إيغار
قلب الْمَرْأَة وفوات النِّكَاح الَّذِي هُوَ مُتَعَلق
بالمقاصد.
لَهُم:
وجد الزَّوْج الثَّانِي مَحل عمله فَعمل، بَيَانه أَنه مُحَلل،
وَإِثْبَات الْحل لَهُ أصل فِي الشَّرْع كالطلقات الثَّلَاث،
فَإِن الزَّوْج رفع التَّحْرِيم، والمناسبة أَن هَذَا نوع تشف
وزجر عَن الْإِتْيَان بِهَذَا الْفِعْل.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
قبل وَطْء الزَّوْج الثَّانِي لم يبْق لَهُ إِلَّا ملك
الْبَاقِي، وَالْأَصْل اسْتِصْحَاب
(4/234)
الْحَال فِي الحكم إِلَى طريان مغير،
والمغير هُوَ الْوَطْء، وَلَا يصير مغيرا إِلَّا بِجعْل
الشَّرْع وَلَا يعرف ذَلِك إِلَّا بِنَصّ أَو قِيَاس على
مَنْصُوص وَلَا نَص إِلَّا بعد ثَلَاث وَلم يفهم مِنْهُ
التَّغْيِير بل فهم مِنْهُ كَونه غَايَة التَّحْرِيم كانتهاء
تَحْرِيم الْوَطْء للصيام بِمُضِيِّ الْيَوْم، فَإِذا لم يكن
تَحْرِيم لم يعقل انْتِهَاء، وَالْوَطْء لَا يُنَاسب
التَّحْلِيل وَأي مُنَاسبَة بَين أَن يخالط زيد زَوجته فَتحل
لعَمْرو، فَإِذا انْتَفَت الْمُنَاسبَة انْتَفَى التَّأْثِير
فَبَقيَ غَايَة مَحْضَة، فَإِن قَالُوا: يُنَاسب لكَونه
عُقُوبَة قُلْنَا: أَولا لَا يكون عُقُوبَة على مُبَاح فَإِن
تَفْرِيق الطَّلَاق على الْأَقْرَاء هُوَ السّنة عِنْدهم،
فَكيف يُعَاقب عَلَيْهَا؟ وهب أَنه عُقُوبَة، فَإِنَّمَا يكون
عُقُوبَة بعد الثَّلَاث فَأَما قبلهَا فَلَا، وَصَارَ كَمَا
لَو قطع يَد شخص ثمَّ سرق لَا يكون الْقطع الْمُتَقَدّم
عُقُوبَة على السّرقَة الْمُتَأَخِّرَة، فَإِن الْعُقُوبَات
لَا تتقدم على الجرائم.
(4/235)
(صفحة فارغة)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... . .
(4/236)
(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسب.)
بِمَاذَا تعْتَبر عدَّة الطَّلَاق؟ .
الْمَذْهَب: بِالرِّجَالِ وَالْحر يُطلق ثَلَاثًا وَإِن كَانَ
تَحْتَهُ أمة.
عِنْدهم: بِالنسَاء.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الطَّلَاق بِالرِّجَالِ
وَالْعدة بِالنسَاء "، ثمَّ قد وَفينَا فِي جَانب الْمَرْأَة
بالعدة، فَيجب أَن نفي فِي جَانب الرجل بِالطَّلَاق. وَقَالَ
عَلَيْهِ السَّلَام: " يُطلق العَبْد طَلْقَتَيْنِ وَتعْتَد
الْمَرْأَة بقرءين ".
لَهُم:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " طَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ، وعدتها
حيضتان ".
(4/237)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
ملك يخْتَلف بِالرّقِّ وَالْحريَّة فَاعْتبر فِيهِ جَانب
الْمَالِك قِيَاسا على ملك النِّكَاح، فَإِن الْحر
بِالْإِجْمَاع ينْكح أَرْبعا وَالْعَبْد اثْنَتَيْنِ، ذَلِك
لِأَن الْحُرِّيَّة تشعر بِالْإِطْلَاقِ والتوسعة فِي الإملاك
وَالرّق يُنبئ عَن الضّيق، وَالطَّلَاق شرع لحَاجَة الزَّوْج
أصلا وعددا وَلذَلِك فوض إِلَيْهِ فيناسب أَن يعْتَبر فِيهِ
جَانِبه كالقسم لما شرع لحاجتها اعْتبر جَانبهَا.
لَهُم:
الطَّلَاق لإِزَالَة الْحل والحل نعْمَة وكرامة إِذْ النِّكَاح
يعتمده وَهُوَ عقد مصلحَة من الْجَانِبَيْنِ وحظ الرَّقِيق فِي
النعم والكرامات دون حَظّ الْأَحْرَار فَكَانَ حَال الْأمة دون
الْحرَّة وَلِهَذَا امْتنع نِكَاح الْأمة إِلَّا فِي حَال عدم
الْحرَّة أَو طولهَا وتفاوتا فِي الْقسم وَالْعدة قَضَاء لحق
الْحل الْمُقْتَضى لَا لصيانة المَاء بِدَلِيل عدَّة
الْوَفَاء.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
(4/238)
التكملة:
يَقُولُونَ فِي الزَّوْج إِذا كَانَ عبدا: إِنَّا مَا أهملناه
بل وَفينَا بِحَق التنصيف فِي النِّكَاح، فَوَجَبَ أَن يكون
فِي هَذَا النّصْف مثل الْحر، الْجَواب: عَن الْعدة أَن
التَّعَبُّد فِيهَا غَالب حَتَّى وَجَبت مَعَ تَيَقّن
الْبَرَاءَة فالتحقت بالتكاليف وَاعْتبر فِيهَا جَانب
الْمُكَلف بهَا. ومنقولهم رَوَاهُ مظَاهر بن أسلم وَهُوَ
مَتْرُوك، ثمَّ ننزله على الْأمة إِذا كَانَت عِنْد عبد وَهُوَ
الْأَكْثَر وقوعا، وَمثل هَذَا مُتَعَيّن للْجَمِيع بَين
الْأَحَادِيث المتعارضة.
(4/239)
(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسج.)
المبتوتة فِي مرض الْمَوْت.
الْمَذْهَب: لَا تَرث فِي أصح الْقَوْلَيْنِ.
عِنْدهم: تَرث فِي الْعدة وَهُوَ القَوْل الآخر.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
لَهُم:
رُوِيَ أَن عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ ورث زَوْجَة عبد
الرَّحْمَن بن عَوْف مِنْهُ، وَكَانَ طَلقهَا فِي مرض
الْمَوْت، وَقَالَ: من فر من كتاب اللَّهِ رد إِلَيْهِ،
(4/240)
وانتشر هَذَا الْقَضَاء فِي الصَّحَابَة
(فَكَانَ إِجْمَاعًا) .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
لم يُوجد سَبَب الِاسْتِحْقَاق فَلَا يَرث كَمَا لَو انْقَضتْ
الْعدة، وكطلاق الصِّحَّة لِأَن السَّبَب النِّكَاح،
وَالطَّلَاق قَاطع وَلَا مَانع مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاح فِي
الْمَرَض، فَلَو خلينا وَالْقِيَاس مَا جعلنَا النِّكَاح
مورثا، فَإِن زمَان الْإِرْث بعد الْمَوْت وَلَا نِكَاح حينذ
لَكِن الشَّرْع نَصبه سَببا يكون عِنْد نهايته وَهَاهُنَا قد
انْقَطع.
لَهُم:
النِّكَاح قَائِم فِي حق الْإِرْث فَصَارَ كَمَا قبل
الطَّلَاق، ذَلِك لِأَن حَقّهَا تعلق بِمَا لَهُ لِأَن
الْمَرَض سَبَب التَّعَلُّق، فَإِذا طَلقهَا فقد رام إبِْطَال
سَبَب حَقّهَا، فَلَا يَصح وَلَو عتق عَبده فِي مَرضه لم يَصح
مُتَّهمًا فِي إبِْطَال حَقّهَا.
مَالك: ف.
أَحْمد: ف.
التكملة:
دَعوَاهُم الْإِجْمَاع لَا مطمع فِيهِ فَإِنَّهُ نقل عَن زيد
بن ثَابت قَالَ: لَو كَانَ
(4/241)
الْأَمر إِلَيّ مَا ورثتها وَلَو سلم سكُوت
الضِّدّ مَا كَانَ إِجْمَاعًا، فَإِن الحكم فِي مَوضِع
الِاجْتِهَاد وَللْإِمَام أَن يجْتَهد، ثمَّ قد رُوِيَ أَنه
كَانَ بعد انْقِضَاء الْعدة وَلَا يُمكن قِيَاس حَالَة
الْبطلَان على حَالَة عَدمه، فَإِن تمّ لَهَا أَن تغسله وَلَا
تغسله هَاهُنَا، ثمَّ الْإِرْث فِي مَحل الْإِجْمَاع على خلاف
الْقيَاس فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ؟ وَالْمُعْتَمد أَن سَبَب
إرثها النِّكَاح، وَقد أثبت بِالطَّلَاق الثَّلَاث، وَلذَلِك
انْقَطع إِرْث الزَّوْج مِنْهَا وَلم يبْق إِلَّا الْعدة
وعلقتها لَا تصلح للتوريث بِدَلِيل حَالَة الصِّحَّة وَحَالَة
سؤالها وبدليل جَانب الزَّوْج وَمَا تعلقوا بِهِ من التُّهْمَة
لَا أثر لَهُ وَيبْطل بِمَا لَو طَلقهَا قبل الدُّخُول وَبِمَا
بعد الْعدة وَبِمَا لَو كَانَ ابْن عَم مكاشح فتبنى لقيطا أَو
نكح على زَوجته ثَلَاثًا أَو نفى وَلَده بِاللّعانِ، فَإِن كل
ذَلِك نَافِذ مَعَ التُّهْمَة وَمنع الْعتاق وَالْهِبَة لَيْسَ
لحق الْوَارِث بل لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لِأَن تدع
وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تَدعهُمْ عَالَة " وَعبد
الرَّحْمَن بن عَوْف طلق زَوجته لسؤالها.
(4/242)
صفحة فارغة ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
(4/243)
(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسد.)
بِمَاذَا تحصل الرّجْعَة.
الْمَذْهَب: بالْقَوْل فَقَط.
عِنْدهم: بِالْوَطْءِ أَو النّظر إِلَى الْفرج، ونزولها
عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِم، ولمسه إِيَّاهَا بشهوه.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... ... ... ... .
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تبَارك وَتَعَالَى: {فإمساك بِمَعْرُوف} ،
وَقَالَ تَعَالَى:
(4/244)
{وبعولتهن أَحَق بردهن} .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الرّجْعَة سَبَب يَقْتَضِي ملك الْبضْع، فَلَا يَصح بِغَيْر
القَوْل كَالنِّكَاحِ، ولسنا نقيس سَببا بِسَبَب، بل ندعي أَن
مَحل النزاع غير مَحل الْوِفَاق، ذَلِك لِأَن الطَّلَاق قَاطع
حكم النِّكَاح وَالْوَطْء لَيْسَ بِمَثَابَة القَوْل،
فَإِنَّهُ مُحْتَمل وَشرف الْبضْع (ينبي عَن تَرْبِيَته) على
فعل مُحْتَمل وَيدل على أصل الْكَلَام أَن الْإِشْهَاد على
الرّجْعَة مَأْمُور بِهِ إِيجَابا واستحبابا فَلَا شَهَادَة
على الْوَطْء.
لَهُم:
الْمَأْمُور بِهِ الْإِمْسَاك، وَالْوَطْء إمْسَاك، فَإِن
قَوْله: أَمْسَكت فِي حكم الْوَعْد، تَحْقِيقه بِالْفِعْلِ
فاعتبار نفس الْفِعْل أولى، وَذَلِكَ لِأَن الطَّلَاق لَا
يزِيل الْملك بل يفوت الْحل فَيفوت الْملك ضَرُورَة، ثمَّ لَو
قُلْنَا: إِنَّه يزِيل الْملك فشرطه انْقِضَاء الْعدة
وَالرَّجْعَة تمنع تَمام الِانْقِضَاء وَالسَّبَب دون شَرطه
عدم فِي حق الحكم.
مَالك: إِن نوى بذلك الرّجْعَة حصلت.
(4/245)
أَحْمد: وَافق الْخصم.
التكملة:
نفرض فِي اللَّمْس ونقول: فعل من قَادر على القَوْل فَلَا تحصل
بِهِ الرّجْعَة كالخلوة، مَعَ أَن الْخلْوَة على أصلهم نازلة
منزلَة الْوَطْء فِي إِيجَاب الْعدة وَتَقْرِير الْمهْر، وَلَا
شكّ فِي أَن لَهَا دلَالَة على الرّجْعَة كاللمس، أَو نفرض فِي
نُزُولهَا عَلَيْهِ أَو نقُول: فعل مِمَّن لَا تحصل لَهُ
الرّجْعَة بقوله فَلَا تُؤثر كاللمس من جِهَتهَا وَهُوَ
نَائِم، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه اللَّهِ: لَا نتبع إِلَّا
اللَّفْظ الْمَوْضُوع للدلالة على الرِّضَا الَّذِي هُوَ نَص
فِيهِ لَا يحْتَمل غَيره، فَإِن الْوَطْء مثلا يدل على
إِرَادَة (الْوَطْء لَا إِرَادَة) النِّكَاح، أما إِذا أسلم
عَن أُخْتَيْنِ فوطئ أَحدهمَا أَو أبهم الطَّلَاق وَالْعتاق
ووطئ فَلَا نسلم فيهمَا.
وَاعْلَم أَن من مَذْهَبنَا أَن الرّجْعَة ابْتِدَاء حل (لَا
اسْتِدَامَة حل) قَالَ الشَّافِعِي: وَلما لم يكن نِكَاح وَلَا
طَلَاق إِلَّا بالْقَوْل لم تكن رَجْعَة إِلَّا
(4/246)
بالْقَوْل وَهَذَا تَنْبِيه على أَن
الْفِعْل لَيْسَ فِي معنى القَوْل فِي الأبضاع لِأَن مبناها
على الِاحْتِيَاط.
(4/247)
(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسه.)
وَطْء الرَّجْعِيَّة.
الْمَذْهَب: حرَام.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... ... ... ...
لَهُم: ... ... ... ... ... ...
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
ملك العقد عَلَيْهِ سَبَب الزَّوَال، فَلَا يُفِيد حل الْوَطْء
كالملك (فِي
(4/248)
الْمُكَاتبَة) ومنهاج إِثْبَات
السَّبَبِيَّة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِد، فَإِن ملك
النِّكَاح وَالْيَمِين يَنْقَطِع بعد الطَّلَاق وَالْكِتَابَة
وَملك الْإِنْسَان لَا يَنْقَطِع إِلَّا بِسَبَب من جِهَته
وَلم يصدر مِنْهُ سوى الطَّلَاق، وَالْأَصْل فِي الأبضاع
الْحُرْمَة والحل عَارض بِخِلَاف الْأَمْوَال، وَلِهَذَا يطْلب
فِي كل امْرَأَة دَلِيل الْحل وَفِي كل مَال دَلِيل
الْحُرْمَة.
لَهُم:
بَقَاء الْملك دَلِيل بَقَاء الْحل، وَدَلِيل بَقَاء الْملك
وُقُوع الطَّلَاق الثَّانِي وَلَا يجوز أَن يَدعِي زَوَال
الْملك وَبَقَاء العقد، فَإِنَّهُمَا متلازمان وَلِهَذَا لم
يَصح فِيهِ شَرط الْخِيَار الْمنَافِي للْملك وَيدل عَلَيْهِ
ظِهَار الرَّجْعِيَّة، فَإِنَّهُ يَصح مَعَ أَن حكمه
التَّحْرِيم، وَكَذَلِكَ قَوْله: " أَنْت عَليّ حرَام "
ينْعَقد وَيُوجب الْكَفَّارَة، وَتَحْرِيم الْمُحرمَة محَال.
مَالك: ق.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
سلمُوا أَنه تحرم الْخلْوَة بهَا والمسافرة بهَا لَا على قصد
الارتجاع، وَمهما حرمت الْخلْوَة فالوطء أولى؛ لِأَنَّهَا
لأَجله تحرم، ونقول: الطَّلَاق فِي
(4/249)
الأَصْل ضد النِّكَاح، وَلَو كَانَت بعد
الطَّلَاق كَمَا كَانَت قبله لما احتسب عَلَيْهَا بالعدة،
لِأَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْعدة جعلت قَضَاء لحق
النِّكَاح أَو الْوَطْء، فَلَا يَقع فِي صلب النِّكَاح،
وَإِنَّمَا تقع بعد اختلاله، وَلذَلِك إِذا قَالَ: مهما
استنقيت بَرَاءَة رَحِمك فَأَنت طَالِق، فَإِذا طلقت لَزِمَهَا
الِاسْتِئْنَاف، وَإِذا أَبَانهَا وشرعت فِي الْعدة ثمَّ
نَكَحَهَا انْقَطَعت الْعدة الْوَاقِعَة بعد الْبَيْنُونَة،
حَتَّى لَو مَضَت بَقِيَّة الْمدَّة فِي صلب النِّكَاح
وَطَلقهَا فِي النِّكَاح بعد الْمَسِيس يلْزمهَا العودة إِلَى
الْعدة بعد الطَّلَاق وَمَا مضى فِي صلب النِّكَاح تَعْتَد
بِهِ والرجعية عِنْدهم جَارِيَة فِي صلب النِّكَاح.
(4/250)
(اللوحة 65 من المخطوطة أ:)
إِذا وطئ الْمولي هَل تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة؟ قَولَانِ:
الْجَدِيد تجب، وَبِه قَالَ الْعِرَاقِيّ، وَإِذا (طلبت
الْمَرْأَة الْفَيْئَة) أَو الطَّلَاق لزمَه أَحدهمَا، فَإِن
لم يفئ فَهَل يُطلق الْحَاكِم عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْقَدِيم:
لَا يُطلق عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يضيق عَلَيْهِ حَتَّى يُطلق،
وَفِي الْجَدِيد: يُطلق عَلَيْهِ، وَالطَّلَاق الْوَاجِب على
الْمولي رَجْعِيّ، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد خلافًا لَهُم،
فَإِنَّهُم قَالُوا: يَقع بَائِنا بِانْقِضَاء الْعدة، إِذا
قَالَ لزوجاته: وَالله لَا أقربكن، قيل: يكون موليا من
الْجَمِيع، وَقيل: إِنَّمَا يكون موليا من الَّتِي تبقى أخيرا
إِذا وطئ صواحبها، إِذا قَالَ: أَنْت عَليّ كأمي إِن أَرَادَ
بِهِ التوقير لم يكن ظِهَارًا، وَكَذَا إِن قَالَ: مثل أُخْتِي
فَإِن أَرَادَ التَّحْرِيم كَانَ ظِهَارًا، وَإِن أطلق لم يكن
(4/251)
ظِهَارًا، وَاعْلَم أَن الْكَفَّارَة تجب
بالظهار، وَالْعود أَن يمْسِكهَا زَمَانا يُمكنهُ فِيهِ
الطَّلَاق فَلَا: يطلقهَا، قَالَ مَالك، وَأحمد: الْعود:
الْعَزْم على الْوَطْء. قَالَ أَبُو حنيفَة: الْكَفَّارَة شَرط
إِبَاحَة الْوَطْء وَلَيْسَت وَاجِبَة عَلَيْهِ، فَإِن وطئ قبل
أَن يكفر فقد فعل محرما، وَلم تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة
وَيُقَال لَهُ: لَا يحل لَك الْوَطْء ثَانِيًا حَتَّى تكفر،
وَجَاء فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ يعودون لما
قَالُوا} ، يَعْنِي وَالَّذين كَانَت عَادَتهم أَن يَقُولُوا
هَذَا القَوْل قطعوه بِالْإِسْلَامِ ثمَّ يعودون لمثله، وَجه
آخر: ثمَّ يعودون لما قَالُوا بِمَعْنى يتداركون مَا قَالُوا
كَمَا يُقَال: عَاد عنت على مَا أفسد أَي تَدَارُكه بالإصلاح.
" وَاعْلَم أَن من شَرط الْفَرْع أَلا يكون مَعْلُوم الحكم
بِالنَّصِّ (فَإِنَّهُ إِذا علم بِالنَّصِّ) ، وعدينا إِلَيْهِ
مَا يُخَالِفهُ لم يجز وَإِن عدينا إِلَيْهِ مَا يُوَافقهُ
فَهُوَ عَبث، قَالُوا: فالرقبة مَنْصُوص عَلَيْهَا فِي
كَفَّارَة الظِّهَار وَكَفَّارَة الْقَتْل وَاسْتِعْمَال
النصين من غير قِيَاس مُمكن فَلم قستم أَحدهمَا على الآخر؟
(4/252)
وَالْجَوَاب أَنا تعرضنا لحكم النَّص
بالمنصوص عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ عَام فِيهِ، وَذَلِكَ جَائِز
بَيَانه أَن قَوْله: {فَتَحْرِير رَقَبَة} لَيْسَ نصا فِي أَن
الْإِيمَان لَا يشْتَرط لكنه يشْعر بِهِ لعُمُوم الصِّيغَة
وَنحن عَرفْنَاهُ بِالْقِيَاسِ وحملنا الرَّقَبَة الْمُطلقَة
على الرَّقَبَة السليمة بطرِيق التَّخْصِيص كَمَا حملنَا
السَّارِق الْمُطلق على سَارِق النّصاب، وَمن شَرط الْفَرْع
أَن تكون عِلّة الأَصْل بَائِنَة فِيهِ) ، وَمن شَرطه أَلا
يتَقَدَّم فِي الثُّبُوت على الأَصْل مِثَاله: قِيَاس الْوضُوء
على التَّيَمُّم مَعَ تَأَخّر التَّيَمُّم عَنهُ،
وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنه لابد أَن يعْتَقد لافتقار الْوضُوء
إِلَى النِّيَّة دلَالَة سوى التَّيَمُّم فتعضد تِلْكَ
الدّلَالَة بِدلَالَة أُخْرَى، فَإِذا اعتقدنا عَلَيْهِ
دَلِيلا لم يمْتَنع الِاسْتِدْلَال بِالتَّيَمُّمِ وَصَارَ
كَمَا تبين أَن الْعَالم يدل على قدم الصَّانِع لَكِن لَيْسَ
وجود الصَّانِع حَاصِلا بِهَذَا الدَّلِيل، وَمن شَرطه أَلا
يُقَاس الْفَرْع بِالْأَصْلِ فِي التَّخْفِيف والتغليظ والثبوت
والسقوط، وَالتَّحْقِيق أَنه مَتى كَانَت الْعلَّة الجامعة
للفرع وَالْأَصْل مُنَاسبَة لم تنَلْ بالافتراق ".
(4/253)
(الْإِيلَاء وَالظِّهَار وَالْكَفَّارَة)
(الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ:
رشو.)
الْمولي.
الْمَذْهَب: بعد الْمدَّة يُوقف على الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق.
عِنْدهم: يَقع الطَّلَاق بِمُضِيِّ الْمدَّة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص
أَرْبَعَة أشهر} وَجه الدَّلِيل: تسميه إِيلَاء لَا طَلَاقا،
وَتَقْدِيره بالمدة فَمن جعله طَلَاقا فَعَلَيهِ الدَّلِيل.
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص
أَرْبَعَة أشهر} ، وَجه
(4/254)
الدَّلِيل: أَنه قدره بأَرْبعَة أشهر فَمن
زَاد على مُدَّة التَّرَبُّص فقد زَاد على النَّص.
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا: كَانَ الْإِيلَاء
طَلَاق الْجَاهِلِيَّة فَزَاد الشَّرْع فِيهِ أَََجَلًا.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حلف على منع حق من حُقُوق النِّكَاح، فَلَا يَنْقَطِع بِهِ
نِكَاحه كالحلف على منع النَّفَقَة، وَفِي الصُّورَتَيْنِ
الطَّلَاق لدفع الضَّرَر، وَإِنَّمَا قدر الشَّرْع الْمدَّة
فِي الْإِيلَاء فَلَا تصرف فِيهِ.
لَهُم:
الطَّلَاق يزِيل الْملك فَيحرم الْوَطْء، وَالْيَمِين يحرم
الْفِعْل فَجَاز أَن يقوم مقَامه، يدل عَلَيْهِ أَن من حلف لَا
يطَأ أَجْنَبِيَّة ثمَّ نَكَحَهَا لم يكن إِيلَاء وَتحقّق
الضَّرَر الَّذِي تخيلتم دَفعه لَا يخْتَلف بتقدم السَّبَب
وتأخره كالعنة فَهُوَ طَلَاق وَالشَّرْع فسخ يُنجزهُ بالأجل
ليَكُون مخلصا للزَّوْج وَكَذَلِكَ لَو حلف ثَلَاثَة أشهر
(ثمَّ ثَلَاثَة أشهر) لم يكن إِيلَاء وَالضَّرَر قَائِم فَعرف
كَونه طَلَاقا لَا ضَرَرا.
(4/255)
مَالك: وَافق القَوْل الْجَدِيد، وَقَالَ:
الْحَالِف بِغَيْر اللَّهِ مول.
أَحْمد: إِن حلف بِغَيْر اللَّهِ لَا يكون موليا.
التكملة:
قَول ابْن عَبَّاس: حِكَايَة حكم الْجَاهِلِيَّة لَا يلْزم
اتِّبَاعه، وَقَوله: زَاد فِيهِ أَََجَلًا حِكَايَة عَن
اعْتِقَاده، وَذَلِكَ لَا يلْزمنَا، وَلَا نسلم أَن الْيَمين
يحرم الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أما اخْتِصَاص الْإِيلَاء
بِالنِّكَاحِ، فَذَلِك لِأَن الْمَدْفُوع مضرَّة تحققت
بالْقَوْل وَالْفِعْل جَمِيعًا، فَإِنَّهُ آذاها بِاللِّسَانِ
ثمَّ بالامتناع، فَإِذا سبق القَوْل النِّكَاح لم يكن إِيذَاء
بالْقَوْل وَدَلِيل اعْتِبَار القَوْل بالإيلاء أَنه بعد
الْمدَّة (لَو عجز عَن الْوَطْء) ، وَفَاء بالْقَوْل صَحَّ،
وَمَسْأَلَة الْإِيلَاء ثَلَاثَة أشهر مَمْنُوعَة، وعَلى
التَّسْلِيم نقُول: الْمَشْرُوع هُوَ الطَّلَاق بعد أَرْبَعَة
أشهر بِحكم الْيَمين السَّابِقَة فقد انْحَلَّت لثَلَاثَة أشهر
وَالْيَمِين الثَّانِيَة لم تتمّ
(4/256)
مدَّتهَا، فَكَانَ غير الْمَشْرُوع لَا
يبْقى إِلَّا أَن هَذَا إِذا اعْتبر صَار حِيلَة فِي المضارة
وَالشَّرْع لم يحسم بَاب الْحِيَل كحيلة إِزَالَة الْملك فِي
إِسْقَاط الزَّكَاة وحيل التَّخَلُّص من الزِّنَى وَإِسْقَاط
الْقطع بانفراد أحد اللصين بالنقب وَذَلِكَ لِأَن الْقَوَاعِد
بنيت على الْمَقَاصِد الْكُلية ثمَّ لَا تنفك قَاعِدَة من
حِيلَة تَنْقَضِي بهَا عهدتها، وَبِالْجُمْلَةِ مستندنا إِلَى
حَقِيقَة الْإِيلَاء وَصورته فَإِنَّهُ يَمِين وصيغته إِخْبَار
عَن الانكفاف عَن الْفِعْل فَصَارَ كَمَا لَو أَضَافَهُ إِلَى
إطعامه وَمن حَيْثُ الْمَعْنى إِيجَاب الْكَفَّارَة فِيهِ مَعَ
الْحِنْث هَذَا ظَاهره وباطنه، فَمن ادّعى كَونه طَلَاقا
فَعَلَيهِ الدَّلِيل.
(4/257)
(الصفحة فارغة)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... .
(4/258)
(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسز.)
ظِهَار الذِّمِّيّ.
الْمَذْهَب: صَحِيح.
عِنْدهم: لَا.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم
ثمَّ يعودون لما قَالُوا فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن
يتماسا} .
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي صَخْر البياضي حِين
ظَاهر ثمَّ وطئ:
(4/259)
" اسْتغْفر رَبك وَلَا تعد حَتَّى تكفر "،
وَجه الدَّلِيل أَن حكم الظِّهَار حُرْمَة مُؤَقَّتَة فَلَو
صححناها من الْكَافِر كَانَت الْحُرْمَة غير مُؤَقَّتَة لِأَن
الْكَفَّارَة لَا تصح مِنْهُ.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
التَّحْرِيم لَا يصلح حكما للظهار؛ لِأَنَّهُ تَحْقِيق غَرَض
الْمظَاهر، وَالْكَفَّارَة أَيْضا لَا تصلح؛ لِأَنَّهَا ماحية
لَهُ، وَالْحكم لَا يمحو السَّبَب، فَحكمه إِذا التأثيم
وَالْكَفَّارَة شَرط حل الْوَطْء، وَنسبَة الْكَفَّارَة إِلَى
الظِّهَار نِسْبَة التَّوْبَة إِلَى الذَّنب، وَالْكَافِر أهل
أَن يَأْثَم وَلَا يُنَافِي حَاله اشْتِرَاط الْكَفَّارَة
كاشتراط الشَّهَادَة فِي نِكَاحه.
لَهُم:
الْكَفَّارَة عبَادَة، وَهِي حكم الظِّهَار، وَالْكَافِر
لَيْسَ أَهلا لِلْعِبَادَةِ، دَلِيل كَونهَا عبَادَة بأدائها
بِالصَّوْمِ بَدَلا من الْعتْق ومبدلا عَن الْإِطْعَام
وَالشَّيْء لَا يَخْلُو عَنهُ بدله ومبدله ويفتقر إِلَى نِيَّة
ويعقب بالثواب ومحو الْإِثْم ويفوض أَدَاؤُهَا إِلَى الْمُكَلف
والعقوبات يستوفيها السُّلْطَان.
(4/260)
مَالك: ف.
أَحْمد: ق.
التكملة:
الْوُجُوب يتلَقَّى من خطاب الْإِيجَاب لكَونه تكليفا، والشروط
والأسباب تتلقى من خطاب الْوَضع بقصور أحد الخطابين عَن
الْكَافِر لَا يبْقى سَببه وَهُوَ الْإِسْلَام لَا يقتضى
قُصُور الْخطاب الآخر عَنهُ، فالكفارة وَاجِبَة على الْمُسلم
بِإِسْلَامِهِ عِنْد ظِهَاره وَهِي مَشْرُوطَة فِي حل وَطئه
وهما حكمان من جِهَتَيْنِ وَالْكَافِر يثبت فِي حَقه بِأحد
الْحكمَيْنِ وَهُوَ الِاشْتِرَاط فَصَارَ كنصب البيع وَنصب
الشَّهَادَة فِي النِّكَاح وَجَمِيع مَا حققوه من متشابه
الْعِبَادَات مَوْجُودَة فِي كَفَّارَة الْفطر وَقد قضوا
بِأَنَّهَا عُقُوبَة حَتَّى أسقطوها بِالشُّبُهَاتِ، فَلم
يوجبوا على الْمُفطر أَيَّامًا إِلَّا كَفَّارَة وَاحِد ونفوها
عَمَّن جَامع فِي صدر النَّهَار ثمَّ مرض أَو سَافر فِي آخِره
ثمَّ الْكَفَّارَة قسم بِنَفسِهَا لَا عُقُوبَة وَلَا عبَادَة،
لِأَن الْعِبَادَة مَا وَجب ابْتِدَاء ابتلاء وَالْكَفَّارَة
تبنى على أَسبَاب غير مَشْرُوعَة والعقوبة مَا شرعت زاجرة
وَالْكَفَّارَة فِي مَحل انْتِفَاء الزّجر كاليمين والحنث
فالكفارة كاسمها ستارة لأثر الْفِعْل،
(4/261)
وَالنِّيَّة فِي الْكَفَّارَة للتمييز لَا
للقربة، وَيُمكن أَن نقُول: وَجب عَلَيْهِ الصَّوْم وَهُوَ
بسبيل من أَدَائِهِ بِشَرْط تَقْدِيم الْإِسْلَام كَالصَّلَاةِ
فِي حق الْمُحدث.
(4/262)
(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسح.)
إِذا وطئ الْمظَاهر عَنْهَا فِي أثْنَاء شهرى الصَّوْم.
الْمَذْهَب: لم يَنْقَطِع التَّتَابُع.
عِنْدهم: يَنْقَطِع وَيلْزمهُ الِاسْتِئْنَاف كَيفَ وطئ.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من
قبل أَن يتماسا} ، وَجه الدَّلِيل: أَن الْمَأْمُور بِهِ
شَهْرَان متتابعان وَقد أَتَى بِهِ، وَالْوَطْء لَيْلًا لَو
قدح فِي التَّتَابُع دون إِفْسَاد الصَّوْم لقدح الزِّنَى
لَيْلًا فَإِذا لم يَنْقَطِع بالزنى لم يَنْقَطِع بِوَطْء
الزَّوْجَة.
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من
قبل أَن يتماسا} ، وَجه
(4/263)
الدَّلِيل أَن الْمَأْمُور بِهِ، وَطْء قبل
الْمَسِيس فيفهم مِنْهُ التعرية والتخلية (فَإِذا عجز عَن
التَّقْدِيم لم يعجز عَن التَّخْلِيَة) .
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
المستديم أسعد حَالا من المستأنف، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى:
{وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل الْغُرُوب} ،
فَلَو شرع فِي صَلَاة الْعَصْر فغربت الشَّمْس أَمر بالإتمام
لَا بالاستئناف، وَلَو فَرضنَا فِيمَا لَو جَامع فِي لَيْلَة
تسع وَخمسين كَانَ وُقُوع تسع وَخمسين يَوْمًا قبل الْمَسِيس
أولى من وُقُوع الْجَمِيع بعده.
لَهُم:
الْكَفَّارَة لَا تَسْتَقِر فِي الذِّمَّة، نعم إِذا أَرَادَ
الْوَطْء حيل بَينهمَا إِلَى أَوَان إِخْرَاج الْكَفَّارَة
زجرا، وَلَا يتم غَرَض الزّجر إِلَّا بِمَا ذكرنَا فَأنْتم
فهمتم
(4/264)
بالتقديم (تمحيص أثر الْجِنَايَة) ، وَنحن
نفهم إتْمَام غَرَض الزّجر.
مَالك: وَافق أَبَا حنيفَة.
أَحْمد: رِوَايَتَانِ.
التكملة:
النّظر إِلَى شَائِبَة الزّجر يُنَاقض مَا قرروه على أَن كل
مَا يتخيل من الشائبتين فقد تأدى بِإِخْرَاج الْكَفَّارَة
فَهِيَ الزاجرة وَهِي الممحصة، فَإِن قَالُوا: الْمَفْهُوم من
التَّتَابُع صِيَام اللَّيْل، وَالنَّهَار غير أَن ضَرُورَة
البشرية رخصت فِي الْفطر لَيْلًا فَبَقيَ الصَّوْم حكما
كالمعتكف شهرا عَن نَذره، فَإِنَّهُ يخرج لقَضَاء حَاجته
ضَرُورَة وَيبقى حكم الِاعْتِكَاف حَالَة الْخُرُوج حَتَّى لَو
وطئ بَطل الِاعْتِكَاف، وَالْجَوَاب: تَقْدِير بَقَاء الصَّوْم
لَيْلًا محَال لِأَن الشَّارِع مَا جعل
(4/265)
اللَّيْل مَحل الصَّوْم وَالْفطر فِيهِ
عَزِيمَة كَالصَّوْمِ فِي نَهَار رَمَضَان بِدَلِيل تَحْرِيم
الْوِصَال والرخصة لَا يحرم تَركهَا، أَلا ترى أَن الْمُعْتَكف
لَو لَازم الْمَسْجِد وَلم يخرج للضَّرُورَة حَتَّى أرهقت
جَازَ ذَلِك ثمَّ لَو وطئ غير الْمظَاهر عَنْهَا جَازَ وَكَونه
بِاللَّيْلِ لم يبطل التَّتَابُع، وشأن الرُّخص الِاقْتِصَار
على حد الْحَاجة.
(4/266)
(الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ
بعد الْمِائَتَيْنِ: رسط.)
إِعْتَاق الرَّقَبَة الْكَافِرَة.
الْمَذْهَب: لَا تجزي عَن الْكَفَّارَة.
عِنْدهم: يَجْزِي إِلَّا عَن كَفَّارَة الْقَتْل.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة} .
أَمر بالتحرير وَلم يَأْتِ بِهِ لِأَن الْكَافِر لَا يقبل أثر
الْعتْق، فَإِن رقّه قَائِم (بِبَقَاء نَفسه) وَهُوَ الْكفْر
وَالرّق ثَابت فِي الْكفَّار بدار الْحَرْب، وَلِهَذَا ثَبت
فِي حق النِّسَاء، وَإِن لم يقاتلن.
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة} .
وَجه الدَّلِيل أَنه أَمر بتحرير رَقَبَة مُطلقَة فَزِيَادَة
وصف الْإِيمَان يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَالزِّيَادَة على النَّص
نسخ فَامْتنعَ بِالْقِيَاسِ.
(4/267)
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تَحْرِير فِي تَكْفِير فَاشْترط فِيهِ الْإِيمَان قِيَاسا على
كَفَّارَة الْقَتْل، وَالْعلَّة الجامعة كَون الْإِيمَان
يُنَاسب إسداء النعم وَصَارَ كَالزَّكَاةِ، فَإِن مصرفها
الْمُسلمُونَ لهَذِهِ النِّسْبَة.
لَهُم:
أَتَى بِمَا أَمر بِهِ الدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه أَمر بِمُطلق
الرَّقَبَة، وَلَا يلْزم اشْتِرَاط السَّلامَة، فَإِن الْمُطلق
يحمل على الْكَامِل وَالْعَيْب نُقْصَان الْأَجْزَاء المحسوسة
الَّتِي كَانَت الرَّقَبَة رَقَبَة بمجموعها، وَلَا يلْزم
زَوَال الْعقل والتضرر فِي سَائِر القوى، فَإِنَّهَا مُلْحقَة
بالأجزاء بِدَلِيل تَكْمِيل الضَّمَان، وَلَا يلْزم الْمُرْتَد
فَإِنَّهُ هَالك حكما، وَبِالْجُمْلَةِ: الْعتْق إِسْقَاط وَقد
وجد.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
لَيْسَ فِي اشْتِرَاط الْإِيمَان نسخ، لِأَن النّسخ إِثْبَات
مَا دلّ الْكتاب على
(4/268)
نَفْيه أَو نفي مَا دلّ على ثُبُوته
وَالْإِيمَان مسكوت عَنهُ فِي كَفَّارَة الْيَمين والظهارة،
فَلم يكن إثْبَاته نسخا، نعم لَو لم يدل دَلِيل على اشْتِرَاط
الْإِيمَان لأجزأ الْكَافِر لِأَن فِي الْكتاب الْعَزِيز
إِيجَاب الرَّقَبَة من غير ذكر الْإِيمَان، فَهُوَ بَيَان لَا
نسخ ثمَّ جَمِيع مسَائِل التَّقْيِيد نقض عَلَيْهِم، فَإِن
مُطلق لفظ الرَّقَبَة يُطلق على الْمَعِيب وَالْمَجْنُون
وَالْمُرْتَدّ حَتَّى لَو قَالَ: رقابي أَحْرَار عتق
الْجَمِيع، فَإِذا هِيَ قيود أثبتناها بأدلة، وَبِالْجُمْلَةِ:
لَا يُنكر الْخصم أَن الشَّرْع قصد بالعتاق تَخْلِيص العَبْد
من الرّقّ، وَأَن هَذَا يُنَاسب الْإِسْلَام وَلَو كَانَ
الْمَقْصُود الْإِسْقَاط لحصل بقتل العَبْد، فَإِن قَالُوا:
فِي الْقَتْل عدوان فرضناه فِي عبد وَجب للسَّيِّد عَلَيْهِ
قصاص، وعَلى الْحَقِيقَة المتسبب إِلَيْهِ حُصُول الْعتْق لَا
عدم الرّقّ.
(4/269)
(الْمَسْأَلَة السبعون بعد الْمِائَتَيْنِ:
رع.)
إِعْتَاق الْمكَاتب عَن الْكَفَّارَة.
الْمَذْهَب: لَا يُجزئ.
عِنْدهم: يُجزئ إِن كَانَ مَا أدّى.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ... ... ... ... ... ... . .
لَهُم:
قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمكَاتب عبد، ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
(4/270)
مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم.
أثبت كَونه عبدا، وَالْآيَة تَقْتَضِي إِعْتَاق عبد مُؤمن
وَهَذَا عبد مُؤمن.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْملك فِي الْمكَاتب نَاقص بِدَلِيل تخلف آثَار الْملك فِي حق
السَّيِّد، فَإِنَّهُ لَو جنى عَلَيْهَا أَو وَطئهَا لزمَه
الْأَرْش أَو الْعقر وَالْعِتْق تسْتَحقّ الْكِتَابَة فَلَا
تتأدى بِهِ الْكَفَّارَة لِأَن الشَّيْء الْوَاحِد لَا يَقع
عَن جِهَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَن الْكِتَابَة (وَاجِبَة
النُّجُوم) فِي ذمَّة العَبْد وَإِن خَالف الأَصْل لَكِن
الشَّرْع اعْتَبرهُ فَهُوَ عتق عَن الْكِتَابَة لَا عَن
الْكَفَّارَة.
لَهُم:
حكم الْكِتَابَة فك الْحجر لَا إِثْبَات الْحُرِّيَّة فَهُوَ
كالمأذون لَكِن فك الْحجر عَن الْمكَاتب (للْمكَاتب) ، وَعَن
الْمَأْذُون للسَّيِّد وَامْتِنَاع تَصَرُّفَات (السَّيِّد)
(4/271)
لزوَال الْيَد وَإِلَّا الذَّات مَمْلُوكَة
لَهُ وَكَونه يستتبع الإكساب وَالْأَوْلَاد لِأَن بِالْعِتْقِ
انْفَسَخت الْكِتَابَة فِي حق السَّيِّد وَوَقع عَن
الْكَفَّارَة وَبَقِي فِي حق العَبْد كل ذَلِك تشوفا إِلَى
تَحْصِيل الْعتْق ...
مَالك: ق.
أَحْمد: وَافق الْخصم.
التكملة:
ثُبُوت الْوَلَاء للْمكَاتب دَلِيل على أَنه يعْتق وَلم يُوجد
مَا يصير بِهِ معتقا سوى الْكِتَابَة الَّتِي هِيَ عقد عتاقه
فالعتاق من جِهَة الْكَفَّارَة إبِْطَال لهَذَا الْعتْق.
يبْقى أَن الْعتاق صَحِيح وَذَلِكَ أَبْرَأ من النُّجُوم،
وَللسَّيِّد الْإِبْرَاء فَجعل عبارَة عَمَّا يملك كَمَا لَو
قَالُوا فِي الْوَارِث: يعْتق لمكاتب أَبِيه مَعَ أَنه لَا
يملكهُ عِنْدهم ذَلِك لِأَنَّهُ أَبرَأَهُ عَن النُّجُوم،
وَلنَا أَن نتعرض لمحال العَبْد
(4/272)
دون سَبَب الْعتْق وجهته ونقدر ملكا لَا
يقدر السَّيِّد على إبقائه فَلَا يَجْزِي إِسْقَاطه عَن
الْكَفَّارَة كالملك فِي الْمُسْتَوْلدَة، وَتَقْرِيره أَن
التَّقَرُّب إِلَى المعبود إِنَّمَا يكون ببذل مَا لَو لم
يبذله لبقي لَهُ إِلَّا بِمَا هُوَ معرض للزوال شَاءَ أم أَبى
والمناسبة فِي ذَلِك ظَاهِرَة لما فِيهِ من الِابْتِلَاء
والامتحان بل هَذَا آكِد من الْمُسْتَوْلدَة؛ لِأَنَّهَا
مَمْلُوكَة بحياته بِدَلِيل حل وَطئهَا واللزوم فِي حق
السَّيِّد بِالْإِضَافَة إِلَى الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء، ونعتذر
على العَبْد الْمُعَلق عتقه على طُلُوع الشَّمْس مثلا
بِأَنَّهُ يقدر على اسْتِبْقَاء مَالِيَّته بِبيعِهِ.
(4/273)
(اللوحة 66 من المخطوطة أ:)
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لن يَجْزِي والدا وَلَده ... . .
"، الْخَبَر، مخرجه مخرج قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يلج الْجمل}
مَعْنَاهُ أَن الْوَلَد لَا يَجْزِي الْوَالِد وَكَانَ
الْوَالِد ينعتق لَا بِإِعْتَاق الْوَلَد، وَالله أعلم.
مَسْأَلَة: إِذا ملك رَقَبَة يحْتَاج إِلَيْهَا لخدمته لم
يلْزمه عتقهَا خلافًا لَهُ. لنا: هُوَ أَن حَاجته تستغرق مَا
مَعَه، فَكَانَ كَعَدَمِهِ فِي جَوَاز الِانْتِقَال إِلَى
الْبَدَل كَمَا لَو كَانَ لَهُ مسكن يحْتَاج إِلَيْهِ، وَلَا
يُقَال: الْمسكن لَيْسَ من جنس مَا يكفر بِهِ وَلَا هُوَ ثمن
لَهُ وَهَاهُنَا وَاحِد لرقبة تجزي فِي الْكَفَّارَة؛ لِأَن
معنى الأَصْل يبطل (بالمسكن الثَّانِي وَالثَّالِث وَمعنى
الْفَرْع) ينكسر بِمَا إِذا وجد مَاء يحْتَاج إِلَيْهِ لشربه
فَإِنَّهُ يجوز لَهُ الِانْتِقَال إِلَى التَّيَمُّم وَإِن
كَانَ المَاء الَّذِي مَعَه يَجْزِي فِي الطَّهَارَة؛
وَلِأَنَّهُ لَو لزمَه العَبْد مَعَ وجود الْحَاجة إِلَيْهِ لم
يفْتَرق
(4/274)
الْحَال بَين أَن يكون مَا مَعَه من جنس
مَا يَجْزِي فِي الْكَفَّارَة أَو غَيره كَمَا لَو كَانَ
عَلَيْهِ دين لَازم، فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي
الْمَوْضِعَيْنِ.
مَسْأَلَة: لَا يجب تعْيين النِّيَّة فِي الْكَفَّارَة،
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ عَلَيْهِ كفارتان من
جِنْسَيْنِ مُخْتَلفين وَجب عَلَيْهِ التَّعْيِين. لنا: هُوَ
أَنَّهَا حُقُوق مخرجة على وَجه التَّكْفِير، فَلم تفْتَقر
إِلَى نِيَّة التَّعْيِين كَمَا لَو كَانَت من جنس وَاحِد،
وَلَا يُقَال: إِن فِي الأَصْل اتّفق الْمُوجب والموجب، فَلم
يفْتَقر إِلَى التَّعْيِين وَهَاهُنَا عبادتان مُخْتَلِفَتَانِ
فِي الْمُوجب والموجب، فافتقر إِلَى التَّعْيِين كالظهر
وَالْعصر؛ لِأَن معنى الأَصْل يبطل بظهري يَوْمَيْنِ وَمعنى
الْفَرْع لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِير لذكر العبادتين فِي
الأَصْل لِأَن الصَّلَاة الْوَاحِدَة أَيْضا تفْتَقر إِلَى
التَّعْيِين ثمَّ يَجْعَل ذَلِك مُعَارضَة فِي الأَصْل، ونقول:
الصَّلَاة تفْتَقر إِلَى التَّعْيِين وَإِن كَانَت وَاحِدَة،
وَالْكَفَّارَات لَو انْفَرَدت وَاحِدَة لم تفْتَقر إِلَى
التَّعْيِين، فَكَذَلِك إِذا كَانَ مَعهَا غَيرهَا كصلاتي
التَّطَوُّع.
مَسْأَلَة: إِذا عتق نصفي عَبْدَيْنِ أَجزَأَهُ عَن كَفَّارَته
على أصح الْوُجُوه خلافًا لَهُم، لنا: هُوَ أَنه أخرج رَقَبَة
كَامِلَة فَجَاز أَن تجزي فِي الْكَفَّارَة كَمَا لَو عتق نصفي
رَقَبَة وَاحِدَة وَيُخَالف الْإِطْعَام لِأَن النَّص ورد
فِيهِ بِقدر
(4/275)
الْمخْرج وَعدد الْمَسَاكِين.
مَسْأَلَة: لَا يجوز دفع الْكَفَّارَة إِلَى ذمِّي خلافًا
لَهُ. لنا: هُوَ أَنه لَا يجوز دفع زَكَاة المَال إِلَيْهِ،
فَلَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَيْهِ كالحربي وَالْمُرْتَدّ
والمستأمن، فَإِن قَالُوا: هُوَ من أهل الدَّار منعنَا،
وَإِنَّمَا يقر فِيهَا بالجزية.
مَسْأَلَة: لَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَى الْمكَاتب (خلافًا
لَهُ. لنا هُوَ أَنه مَنْقُوص بِالرّقِّ، فَلَا يجوز صرف
الْكَفَّارَة إِلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْقِنّ وكمكاتب نَفسه) .
(4/276)
|