تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة، ونبذ مذهبية نافعة

 (مسَائِل من السّير وَالصَّيْد)

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: (شلو) . هَل تسْقط الْجِزْيَة بِالْإِسْلَامِ أَو الْمَوْت أَو بتداخل السنين.
الْمَذْهَب: لَا.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول: لنا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .

(5/5)


رُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: " لَيْسَ على الْمُسلم جِزْيَة "، وَقَالَ: " الْإِسْلَام يجب مَا قبله "، وَرُوِيَ أَن ذِمِّيا طُولِبَ بالجزية فَأسلم فَقيل لَهُ: أسلمت مُتَعَوِّذًا (فَقَالَ: إِن فِي الْإِسْلَام مُتَعَوِّذًا) فَأخْبر بذلك عمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ فَقَالَ: صدق وخلوا سَبيله.
(الدَّلِيل من الْمَعْقُول:)
لنا:
مَال اسْتندَ لُزُومه إِلَى الْتِزَام صَحِيح فَلَا يسْقط إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء لِأَنَّهُ عوض عَن شَيْء سلم لَهُ فَلَا يسْقط بِالْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُبَاح الدَّم إِلَى أَن عقد الذِّمَّة فَأوجب الْعِصْمَة لَهُ وَأوجب عَلَيْهِ مَال فَمَاله بِمَا عَلَيْهِ وَلَيْسَت

(5/6)


عُقُوبَة لَكِن غَرَامَة.
لَهُم
الْجِزْيَة عُقُوبَة على الْكفْر فَتسقط بِالْإِسْلَامِ كَالْقَتْلِ، دَلِيل ذَلِك تَسْمِيَتهَا صغَارًا، وَاشْتقت من الْجَزَاء على الجريمة وَلِهَذَا أنف التغلبيون مِنْهَا وضاعفوها باسم الصَّدَقَة، وَيجوز أَن تكون خلفا وبدلا عَن النُّصْرَة الْوَاجِبَة على سَاكِني الدَّار لكَونه لَيْسَ من أهل النُّصْرَة فأقيم المَال مقَام النُّصْرَة، فَإِذا جَاءَ بِالْإِسْلَامِ سقط مَا كَانَ بدله.
مَالك: وَافق فِي الْمَوْت وَأسْقط بِالْإِسْلَامِ.
أَحْمد: خَالف فِي الْمَوْت.
التكملة:
سُكُون الْكفَّار فِي دَارنَا ومشاركتهم لنا فِي مرافقها وعصمتهم وَترك التَّعَرُّض لَهُم، هُوَ الْأُمُور بعوض هَذِه الْجِزْيَة، وَقد أخذُوا المعوض فَثَبت الْعِوَض، وَلَا يسْقط إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء، نعم لَا ننكر أَنه بعوض مَجْهُول لجَهَالَة آخر الْمدَّة لكنه يحْتَمل الْمصلحَة هَذَا العقد كَمَا فِي الْقَرَاض والجعالة وَضرب الْجِزْيَة بِالنعَم أشبه مِنْهُ بالعقوبات فَإِنَّهَا عوض الْقَتْل وَالرّق فَإِذا قبل

(5/7)


مِنْهُ عوض ذَلِك دَرَاهِم فقد أنعم عَلَيْهِ.
وَسبب ذَلِك عقد الذِّمَّة والذل وَالصغَار لَيْسَ من صِفَات الْجِزْيَة ولوازمها وَإِنَّمَا هُوَ حكم الْكفْر كَمَا منع من المطاولة فِي الْبُنيان وركوب الْخَيل، وَمن ذَلِك اسْتِيفَاء الْجِزْيَة على صفة الذل وَلَو ترك الْمُسْتَوْفى هَذِه الْهَيْئَة وَقعت الْجِزْيَة موقعه.
وَقَوله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطوا} مَتْرُوك الظَّاهِر، فَإِن الْقِتَال يَنْتَهِي بِالْبَدَلِ لَا بالإعطاء، فَدلَّ على أَن الْوَاجِب الْإِلْزَام، وَيدل عَلَيْهِ صِيغَة العقد فَإِن قَول النَّبِي: قبلت، جَوَاب خطاب الإِمَام، والعصمة بِمُقْتَضى الْفطْرَة لَكِن بِشَرْط فَوَات الْكفْر والذراري من الْمُسلمين وَالْكفَّار تبع فِي جَمِيع الْأَحْكَام، والذب عَن الدَّار فرض كِفَايَة وَلَا يلْزمهُم عوضه.

(5/8)


(صفحة فارغة)

(5/9)


(الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: (شلز))

هَل تُؤْخَذ الْجِزْيَة من الوثني العجمي؟ .
الْمَذْهَب: لَا.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرمُونَ مَا حرم اللَّهِ وَرَسُوله} إِلَى قَوْله: {من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد} .
أَمر بِقِتَال الْكفَّار على الْإِطْلَاق وَخص أهل الْكتاب بالجزية، وَكتب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أبي مُوسَى: " خُذ من كل حالم أَو محتلم من أهل الْكتاب دِينَارا "، وَتوقف عمر فِي الْمَجُوس.

(5/10)


لَهُم:
كَانَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يعرض نَفسه الشَّرِيفَة على الْقَبَائِل وَيَقُول: " هَل لكم فِي كلمة إِذا قُلْتُمُوهَا دَانَتْ لكم الْعَرَب وَأَدت إِلَيْكُم الْجِزْيَة الْعَجم ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْقيَاس يَقْتَضِي أَن لَا تضرب الْجِزْيَة لكَونهَا تقريرا للكفر، إِلَّا أَن الشَّرْع قررها تعبدا فنقتصر على مَحل النَّص وَإِن عللنا فَلِأَن يرى محَاسِن الْإِسْلَام كَمَا يرى محَاسِن دينه، وَهَذَا يخْتَص بِأَهْل الْكتاب وَلَيْسَت الْجِزْيَة كالرق فَإِنَّهُ إعدام حكما.
لَهُم:
جَازَ استرقاقهم فَجَاز أَخذ جزيتهم؛ إِذْ الْجَمِيع تَقْرِير على الدّين فَيصير منا دَارا لَا دينا.
مَالك: لَا تُؤْخَذ من كفار قُرَيْش خَاصَّة.

(5/11)


أَحْمد:
التكملة:
الرِّضَا بتقرير الْكفَّار فِي دَارنَا بِدِينَار يبذلونه فِي كل سنة نوع مداهنة لَا يَقْتَضِيهِ الْقيَاس، وَإِنَّمَا عرف بِالنَّصِّ، وَالنَّص قَاصِر على الكتابيين وَتَخْصِيص الشَّيْء بِالذكر يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ، ثمَّ الْوَصْف إِذا صَار مناسبا صَار مناطا للْحكم فَلم يلْحق بِهِ غَيره مَعَ فقد الْمُنَاسبَة.
وَوَجهه: أَن الْجِزْيَة تَخْفيف وَرَحْمَة جوز فِي الكتابيين بِحَق كفرهم لِأَنَّهُ كَانَ صَحِيحا وَنسخ، وَلأَجل ذَلِك أَبَاحَ مناكحتهم وذبائحهم.
فَإِن قيل: الْآيَة نزلت فِي الْعَرَب، قُلْنَا: إِذا فتحنا هَذَا الْبَاب سرى فِي جَمِيع آي الْكتاب الْعَزِيز، وَمَا منع أَخذ الْجِزْيَة من وَثني الْعَرَب إِلَّا لغلط كفره وتلقي حكم الْجِزْيَة من الرّقّ بِنَاء على أَنَّهَا عُقُوبَة وَلَيْسَت كَذَلِك لَكِنَّهَا عوض، ثمَّ وَإِن كَانَتَا عقوبتين إِلَّا أَن الرّقّ أَشد، وَإِن اعتذروا عَن وَثني الْعَرَب بِأَنَّهُ شَدِيد الْكفْر فكتابي الْعَرَب أَشد كفرا لِأَنَّهُ عرف وَجحد وَلم يلق النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا لَقِي من الْيَهُود، أَلا ترى أَنه يَوْم فتح مَكَّة كَانَ

(5/12)


أَكثر فعله الْعَفو، وَفِي خيابر كَانَ أَكثر فعله الْقَتْل.

(5/13)


(الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلح.)

الْكَلْب الْمعلم إِذا أكل من فريسته.
الْمَذْهَب: لم يحرم.
عِنْدهم: تحرم هِيَ وَمَا قبلهَا.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
روى أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: " إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل "، فَقلت: وَإِن أكل؟ قَالَ: " وَإِن أكل ".

(5/14)


وَيحمل حَدِيثهمْ على الْكَرَاهِيَة وَهُوَ الْأَلْيَق بِحَال عدي لِأَنَّهُ كَانَ يصيد للنزهة وَكَانَ ثَعْلَبَة يصيد للْحَاجة.
لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} ، وَمَتى أكل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لعدي بن حَاتِم: " إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم اللَّهِ عَلَيْهِ فَكل "، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ وَإِن أكل، قَالَ: " فَإِن أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنِّي أَخَاف أَن يكون أمسك على نَفسه ".

(5/15)


الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
صيد كلب معلم فَحل ذَلِك لِأَن التَّعْلِيم يصير آلَة يُجيب عِنْد الدُّعَاء ويستشلى وَترك الْأكل نوع أدب فبتركه يصير كَعبد عَاص وَصَارَ كجوارح الصَّيْد.
الصُّورَة الثَّانِيَة: دليلها فريسة كلب معلم لم يَأْكُل مِنْهَا فَلَا تحرم بطارئ الْأكل كَمَا لَو ارْتَدَّ المذكي.
لَهُم:
صيد كلب جَاهِل فَيحرم، بَيَانه أَن ترك الْأكل ركن فِي التَّعْلِيم لِأَن مَا عداهُ من شِيمَة الْكَلْب، وَإِنَّمَا يكون معلما بترك الْأكل، فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ حَرَامًا، بِخِلَاف جوارح الطير فَإِن الْإِجَابَة والإمساك لَيْسَ من شَأْنهَا وجوارح الطير لَا يُمكن تأديبها بترك الْأكل.
مَالك: ق.

(5/16)


أَحْمد:
التكملة:
الِاصْطِيَاد: هُوَ أَخذ المصيد لَا غَيره ويتوسل إِلَيْهِ تَارَة بالحبالة وَمَا شابهها، وَتارَة بالجوارح جنَاحا وسراحا، فَيصير الْكَلْب كالسهم والحبالة فوظيفته تَحْصِيل الصَّيْد.
أما الْأكل وَعَدَمه فخارج عَن ذَلِك، فَيشْتَرط أَن يتبع مُرَاد الْمُرْسل فِي الْإِمْسَاك، أما فِيمَا عداهُ فَلَا حَتَّى لَو أكل الصَّيْد بعد أَن أَخذه الْمُرْسل ومزق ثِيَابه لم يقْدَح ذَلِك فِي التَّعْلِيم، ويتأيد بجارح الطير ونقول: إِنَّا لَا نعتبر فِي ابْتِدَاء التَّعْلِيم ترك الْأكل بل نسوي بَينه وَبَين الْبَازِي، رَأْي الْحَلِيمِيّ من أَصْحَابنَا وعَلى التَّسْلِيم، فَالْفرق بَينهمَا أَن بنية الطير لَا تحْتَمل التَّأْدِيب إِلَى

(5/17)


ترك الْأكل، وَالْكَلب يحْتَمل الضَّرْب الآخر، نسلم حُرْمَة هَذِه الفريسة ونرد النزاع إِلَى الفرائس الَّتِي لم يَأْكُل مِنْهَا فَنَقُول: الفرائس الَّتِي لم يَأْكُل مِنْهَا قد انْقَضتْ على الْحَال فَصَارَ كَمَا لَو فسق الشُّهُود بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة أوجنوا، ونقول: كَمَا يتَصَوَّر ترك الْأكل من غير الْمعلم وَلَا يدل على تَعْلِيمه يتَصَوَّر ضِدّه.

(5/18)


الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ بعد الثلثمائة: شلط
مَتْرُوك التَّسْمِيَة.
الْمَذْهَب: حَلَال الْأكل.
عِنْدهم: إِن ترك عَامِدًا حرم.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذكيتم} وَهَذَا مذكى، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " الْمُؤمن يذبح على اسْم اللَّهِ سمى أَو لم يسم "، وَقَالَت عَائِشَة رَضِي اللَّهِ عَنْهَا: يَا رَسُول اللَّهِ إِن الْأَعْرَاب يهْدُونَ لنا لَحْمًا وَلَا نعلم سموا عَلَيْهِ أَو لَا،
فَقَالَ: " عَلَيْهِ سموا أَنْتُم وكلوا ".

(5/19)


لَهُم:
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم اللَّهِ عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} وَقَوله: {فاذكروا اسْم اللَّهِ عَلَيْهَا صواف} ، وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " فَإِنَّمَا سميت على كلبك لَا على كلب غَيْرك ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
التَّسْمِيَة إصْلَاح مَأْكُول فَهِيَ كالخبز لهَذَا تصح ذباحة النَّاسِي والأخرس، ثمَّ الْمَطْلُوب الْمَشْرُوط أَن يكون من أهل التَّسْمِيَة، دَلِيله: الْمُشرك والمجوسي لَو سميا لم تحل ذباحتهما، وَتَسْمِيَة المجوسى صَحِيحَة، وَلِهَذَا تصح فِي الْإِيمَان.
لَهُم:
الْملَّة مُعْتَبرَة وَإِنَّمَا اعْتبرت لأجل التَّسْمِيَة لما فِي ذَلِك من تَعْظِيم المعبود،

(5/20)


وَيخرج على هَذَا النِّكَاح فَإِن الْملَّة غير مُعْتَبرَة لَهُ، وَلِهَذَا إِذا أَسْلمُوا عَلَيْهِ لم يبطل، ثمَّ التَّسْمِيَة لَو كَانَت فَاسِدَة بِأَن أهل بِهِ لغير اللَّهِ حرم وَهَذَا خلل فِي الْوَصْف فَترك الأَصْل أولى.
مَالك: ق.
أَحْمد: لَيست شرطا فِي حَال النيسان، وَفِي الْعمد رِوَايَتَانِ.
التكملة:
آيَة الذَّكَاة تَقْتَضِي تَحْلِيل كل مذكى، وَآيَة التَّسْمِيَة تَقْتَضِي بعمومها تَحْرِيم كل مَتْرُوك التَّسْمِيَة، والمتنازع فِيهِ مذكى مَتْرُوك التَّسْمِيَة فَإِن أحللناه بِعُمُوم آيَة الذَّكَاة لزم تَأْوِيل آيَة التَّسْمِيَة إِلَى مجازه، وَإِن حرمناه بأية التَّسْمِيَة لزم تَخْصِيص آيَة الذَّكَاة بمذكاة ذكر عَلَيْهَا اسْم الله تَعَالَى.
فَتَأْوِيل آيَة التَّسْمِيَة أولى من حَيْثُ إِن ظَاهرهَا مَتْرُوك بِدَلِيل صُورَة النسْيَان، وَعُمُوم آيَة الذَّكَاة لم يتْرك فِي حَال، ثمَّ المُرَاد بِالذكر الْحكمِي لَا الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي حَقِيقَة الْإِيمَان حَالَة الذّبْح.

(5/21)


عبارَة: ذَكَاة وجدت من أَهلهَا فِي محلهَا بشرائطها فأفادت الْحل كَمَا لَو نسي وَتحمل الْآيَة على الْميتَة بِدَلِيل قَوْله {وَإنَّهُ لفسق} وَمن أكل مَتْرُوك التَّسْمِيَة لَا يفسق، ثمَّ لَو كَانَت شرطا لَزِمت الْعَامِد وَالنَّاسِي سَوَاء.

(5/22)


الْمَسْأَلَة الْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شم.)

هَل يذكى الْجَنِين بِذَكَاة أمه.
الْمَذْهَب: نعم.
عِنْدهم: لَا.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَأَلنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنا نَنْحَر الْجَزُور ونذبح الشَّاة فنجذ فِي بَطنهَا جَنِينا مَيتا فنلقيه أم نأكله. فَقَالَ: " كلوه فَإِن ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه " أَمر بِالْأَكْلِ وَبَين الْعلَّة.

(5/23)


لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} وندعي أَن هَذَا ميتَة، وَقَوله: {والمنخنقة} وَهَذَا مخنوق، وَقَالَ: {إِلَّا مَا ذكيتم} اسْتثْنى المذكى بِالْحلِّ، وَهَذَا غير مذكى.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
وجود الذَّكَاة من وَجه كَاف فِي حل الْحَيَوَان عِنْد الْعَجز عَن الذَّكَاة من كل وَجه بِدَلِيل الصَّيْد فَإِن مَقْتَله حَيْثُ رمي، والجنين جُزْء من الْأُم يحيى بحياتها ويغتذي بِمَا تتغذي بِهِ أجزاؤها فَكَانَ ذَكَاته ذكاتها.
لَهُم:
الذَّكَاة تصرف فِي الرّوح، وَهُوَ أصل فِي الرّوح بِنَفسِهِ فَلَا يتبع فِي الذَّكَاة، وَالدَّلِيل على أَنه أصل يُمكن أَن يحيا بعد موت الْأُم ويفصل عَنْهَا،

(5/24)


وَمن حَيْثُ الْأَحْكَام يملك بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَة وَالْإِرْث وَيعتق دون الْأُم.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
إِن عنوا بِانْفِرَادِهِ أَن حَيَاته غير حَيَاتهَا فحياة كل جُزْء غير حَيَاة الآخر، فالقائم بِكُل جُزْء غير الْقَائِم بِالْآخرِ، وَذَلِكَ لَا يمْنَع الِاكْتِفَاء بِذَكَاة وَاحِدَة، وَإِن عنيتم أَن الْجَنِين مُسْتَقل كَذَلِك فَإِنَّهُ كَسَائِر الْأَجْزَاء.
فالجنين جُزْء مِنْهَا فيخلق من مَائِهَا مُتَّصِل بهَا اتِّصَال خلقه، نعم نتوقع اسْتِقْلَال حَيَاته وَذَلِكَ لَا يمْنَع اتِّصَاله الْآن، ولجواز استقلاله جُزْء إِفْرَاده بِالْوَصِيَّةِ وَغَيرهَا حَتَّى إِذا لم يسْتَقلّ بطلت الْوَصِيَّة.
والذكاة فِي كل حَيَوَان مَا هُوَ مَقْدُور عَلَيْهِ فِيهِ كجرح الصَّيْد أَيْن كَانَ، وَلَا قدرَة على ذبح الْجَنِين إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيق، ثمَّ ذَكَاة الْأُم تبرز دم الجنيبن بالاتصال الْقَائِم بَينهمَا بوسائط الْعُرُوق، وَكَذَلِكَ تمنع الْحَامِل من

(5/25)


الفصد خيفة على الْجَنِين.

(5/26)


(صفحة فارغة)

(5/27)


اللوحة 80 من المخطوطة أ:
لَو رمى صيدا فأبان عضوا وَمَات حل الْعُضْو خلافًا لَهُم، فَنَقُول: مَا أَفَادَ حل الصَّيْد فَأفَاد كُله كحز الرَّقَبَة والتصنيف لِأَن الشَّارِع جعل جَمِيع بدن الصَّيْد مذبحا، وَرَأسه وَيَده فِي الطرفية وَاحِد، لَكِن الْعَادة أَن مَعَ قطع الرَّأْس لَا تبقى الْحَيَاة وَقد تبقى مَعَ قطع الطّرف فَإِذا لم تبْق مَعَ قطع الْيَد التحقت بِالرَّأْسِ، فالموجود قطعا كالموجود طبعا والحياة ثبتَتْ فِي الْكل ثبوتا وَاحِدًا، ومعتمدهم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " مَا أبين من حَيّ فَهُوَ ميت ".

(5/28)


وَالْجَوَاب: أَن شَرط ذَلِك بَقَاء المبان عَنهُ حَيا، وَهَاهُنَا فَرضنَا زهوق روح الصَّيْد بإبانة الطّرف فالتحق بِالرَّأْسِ وعَلى هَذَا نمْنَع حل الْعُضْو إِذا بَقِي الصَّيْد حَيا ثمَّ مَاتَ بِالسّرَايَةِ وَفِي تَحْلِيله وَجه.
وَنقل عَن الشَّافِعِي رَضِي اللَّهِ عَنهُ قَولَانِ فِي الْمُضْطَر الخميص: أَحدهمَا يشْبع من الْميتَة، وَالْآخر يقْتَصر على سد الرمق وَهُوَ مَذْهَب الْخصم.
فَأَما السَّبع فَأَي ضَرُورَة فِيهِ وَلَو كَانَ على هَذِه الْحَال ابْتِدَاء مَا جَازَ لَهُ التَّنَاوُل، وَلَا معنى لقَوْل من يَقُول يحْتَمل فِي الدَّوَام مَا لَا يحْتَمل فِي الِابْتِدَاء فَإنَّا نقُول: كل لقْمَة تنَاولهَا فِي ابْتِدَاء فَهُوَ يدْفع الصَّائِل يتَقَدَّر بِقدر الضَّرُورَة، وَقَول الْخصم بَاطِل، لِأَن الِاقْتِصَار على سد الرمق يُفْضِي إِلَى محَال، وَهُوَ أَنه يحْتَاج بعد سد إِلَى سد الرمق (لِأَن سد الرمق إِنَّمَا)

(5/29)


يحْتَملهُ هنيهة ثمَّ يعاود الْجُوع فيعاود الْميتَة فالميتة متناولة والضرورة غير مندفعة، وَالتَّحْقِيق أَن نلحظ الضَّرُورَة فِي بَقَاء الشَّخْص، وَيُبَاح لَهُ تنَاول مَا يوصله إِلَى حَيْثُ يجد الزَّاد.
وَاعْلَم أَن لأجل الِاخْتِلَاف فِي اسْتِمَاع الْبَيِّنَة على الْغَائِب توصلوا فِي الحضرة إِلَى إِقَامَة شخص فِي ديوَان الحكم وَكيلا للغائبين، واسْمه المدير اشتقاقا من إدارته الْكتب على الشُّهُود.
فمأخوذ على كل شرطي أَن يكْتب فِي آخر الْوَثِيقَة أَن الْمقر بهَا قد وكل المدير الْمَذْكُور ووصى إِلَيْهِ فِي الْخُصُومَة فِيمَا تضمنه ذَلِك الْكتاب، فَإِذا احْتَاجَ صَاحبه إِلَى بَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم وكل وَكيلا فَحَضَرَ الْوَكِيل وَمَعَهُ المدير وابتدأ، الْوَكِيل وَادّعى لمُوكلِه على هَذَا المدير شَيْئا فيعترف المدير بذلك الشَّيْء وينكر الْوكَالَة فَيشْهد بهَا الشُّهُود فَإِذا صحت الْوكَالَة عَاد الْوَكِيل وَادّعى لمُوكلِه مَا فِي الْكتاب وَذكر أَن فلَانا يَعْنِي الشَّخْص الَّذِي المدير وَكيله قد مَنعه هَذَا الْحق فيجيب المدير إِذا بالإنكار وَالْخُصُومَة عَن مُوكله فتقوم الْبَيِّنَة بِمحضر من المديرين ثَلَاثَة نف فهم الموكلون الْمُوصى إِلَيْهِم مُجْتَمعين

(5/30)


وَمُتَفَرِّقِينَ فِي كل كتاب، ولعمر اللَّهِ إِن هَذِه حِيلَة حَسَنَة شَرْعِيَّة، والمرء يعجز لَا محَالة.

(5/31)


(الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شما)

الْأُضْحِية.
الْمَذْهَب: سنة مُؤَكدَة أَو مَنْدُوب إِلَيْهَا.
عِنْدهم: وَاجِبَة وَلَيْسَت فرضا.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
ضحى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بكبشين أملحين أقرنين أَحدهمَا عَن نَفسه وَالْآخر عَن أمته، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ": كتب عَليّ النَّحْر وَلم يكْتب

(5/32)


عَلَيْكُم "، وَكَانَ الشَّيْخَانِ رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا لَا يضحيان مَخَافَة أَن ترى النَّاس أَنَّهَا وَاجِبَة، وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَشْتَرِي لَحْمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَيَقُول: هَذَا أضحيتي.
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {فصل لِرَبِّك وانحر} وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " على كل بَيت فِي كل عَام أضْحِية وعتيرة " وَقَالَ: " من لم يضح فَلَا يقربن

(5/33)


مصلانا ".
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
تَفْرِيق اللَّحْم لَا يجب وَلَو وَجَبت الْأُضْحِية لوَجَبَ، فَإِن إِرَاقَة الدَّم إِتْلَاف فَلَا يجب لعَينه، وَلَو كَانَت وَاجِبَة وَجَبت على الْمُسَافِر وقضيت إِذا فَاتَت، وتفارق الْعتْق وَإِن كَانَ إِخْرَاج مَال فَإِنَّهُ يحصل بِهِ نفع العَبْد.
لَهُم:
مُؤَقَّتَة فَكَانَت وَاجِبَة، تَأْثِيره أَن النَّوَافِل يُوسع فِيهَا فَرُبمَا ضَاعَت بِعَدَمِ التَّأْقِيت والواجبات لَا يُمكن تضييعها فوقتت، ثمَّ الزَّمَان يُضَاف إِلَيْهَا فَيُقَال: يَوْم النَّحْر كَمَا يُقَال: يَوْم الْجُمُعَة، وَيصِح نذرها وَلَا ينذر إِلَّا مَا جنسه وَاجِب.
مَالك: وَاجِبَة.

(5/34)


أَحْمد: ق.
التكملة:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من لم يضح فَلَا يقرب مَسْجِدنَا " أَرَادَ من لم يعزم على الْأُضْحِية فَلَا يحضر تزاحم المضحين، فَإِنَّهُ لَا فَائِدَة من سَماع الْخطْبَة وشروط الْأُضْحِية، ونقول: هُوَ بِمَثَابَة صَلَاة الْعِيد فَكَأَنَّهُ قَالَ من تهاون بالأضحية فَكَأَنَّهُ تساهل بِصَلَاة الْعِيد وَتَعْيِين الْوَقْت لَا يدل على الْوُجُوب فَإِن صَلَاة الْأَضْحَى وَالضُّحَى والرواتب متعينة بأوقاتها وَلَيْسَت وَاجِبَة، وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات وَاجِبَة وَلَا يتَعَيَّن وَقت أَدَائِهَا، وَكَذَلِكَ النذور.
أما إِضَافَة الْيَوْم إِلَيْهِ فلبيان المشروعية فَهُوَ دون غَيره كَيَوْم الْعِيد وَيَوْم النَّفر (وَيَوْم القر) .
قَوْله تَعَالَى: {وانحر} فسره عَليّ رضوَان اللَّهِ عَلَيْهِ بِوَضْع الْيَمين على الشمَال فِي الصَّلَاة، وَأما النّذر فَلَيْسَ من شَرطه الْوُجُوب فِي جنس الْمَنْذُور بل من نذر أَن يُصَلِّي مُطلقًا لزمَه أقل مَا يتَقَدَّر بِهِ وَهُوَ

(5/35)


رَكْعَة، ويلزمهم الِاعْتِكَاف حَيْثُ يَصح نَذره وَلَيْسَ بِوَاجِب.

(5/36)


(الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمب.)

الْيَمين الْغمُوس.
الْمَذْهَب: توجب الْكَفَّارَة.

عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان فكفارته} بَين أَن الْمُؤَاخَذَة هِيَ الْكَفَّارَة، وَقَوله تَعَالَى: {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} والحنث سَيِّئَة، وَالْكَفَّارَة حَسَنَة، وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم} .
لَهُم:
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد اللَّهِ وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ

(5/37)


لَا خلاق لَهُم فِي الأخرة} جعل كل الْجَزَاء عدم الخلاق فِي الْآخِرَة، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " خمس من الْكَبَائِر لَا كَفَّارَة فِيهِنَّ " وعد الْغمُوس مِنْهَا، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: كُنَّا نعد الْيَمين الْغمُوس من الْكَبَائِر.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
الْيَمين بِالطَّلَاق فِي مثل هَذِه الصُّورَة مُنْعَقد، فَكَذَلِك الْيَمين بِاللَّه وَالْكَفَّارَة مُؤَاخذَة بِيَمِين حانثة وَهَذِه حانثة، يدل على أَنَّهَا يَمِين أَنه لَو قَالَ: إِن حَلَفت فَأَنت طَالِق وَحلف على الْمَاضِي طلقت، والمنازعة فِي كَونهَا يَمِينا فسخ (فالعرب تقضي بِهِ بالماضي الْمُسْتَقْبل) ، وَقَوله فَتَارَة يكون وَعدا وَتارَة خَبرا، وَالْكل يَمِين.
لَهُم:
قَارن الْيَمين مَا لَو طَرَأَ عَلَيْهَا رَفعهَا وَهُوَ الْحِنْث فَمنع انْعِقَادهَا، وَهِي عدوان مَحْض، فَلَا يصلح سَببا لِلْكَفَّارَةِ كالردة، لِأَن الْكَفَّارَة دَائِرَة بَين

(5/38)


الْعِبَادَة والعقوبة فيستدعي شَيْئا دائرا بَين الْإِبَاحَة والحضر، وَهَذَا عَظِيم الْفِرْيَة فَلَا يُنَاسب الْكَفَّارَة حَاله، وَإِن سميت يَمِينا لجَاز.
مَالك: ف.
أَحْمد: ف.
التكملة:
الْيَمين الْفَاجِرَة سَيِّئَة وصدور السَّيئَة يُنَاسب وجوب الْحِنْث بمحوها كَمَا نطق الْخَبَر، وَهَذَا الْقدر مُشْتَرك بَين الْيَمين الْمَاضِيَة والمستقبلة، لَا فرق بَينهمَا إِلَّا أَن الْمُسْتَقْبل لَا يعرف كذبه فِي الْحَال، وَقد يعرف، كَمَا لَو حلف (لَا صعدت السَّمَاء والمضاف إِلَى الْمَاضِي قد يعرف كذبه وَصدقه، وَقد لَا يعرف كَمَا لَو حلف) أَن اللَّهِ تَعَالَى علم كَذَا وَأَرَادَ كَذَا فتنقيح المناط إِذا كَونه يَمِينا كَاذِبَة.

(5/39)


ونقول: العقد إِيجَاب وَقبُول يرتبط أَحدهمَا بِالْآخرِ فيصيير الكلامان وَاحِد وَمَا ينْفَرد بِهِ الْإِنْسَان من طَلَاق وعتاق وَإِن كَانَ لَهُ حكم لَا يُسمى عقدا، وَقَوله تَعَالَى: {عقدتم الْأَيْمَان} أَرَادَ عقد الْقلب بِمَعْنى تَصْحِيح الْعَزِيمَة بِخِلَاف يَمِين اللَّغْو، وَلَا معنى للْيَمِين إِلَّا الاستشهاد باسم اللَّهِ تَعَالَى على خبر فِي معرض التَّصْدِيق للمخبر، وَلَيْسَ الْقَصْد من الْيَمين الْحمل على الْفِعْل وَالْمَنْع من الْفِعْل، بل الْمَقْصُود إِظْهَار الصدْق.

(5/40)


(الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمج.)

التَّكْفِير بِالْمَالِ قبل الْحِنْث.
الْمَذْهَب: جَائِز.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لعبد الرَّحْمَن رَضِي اللَّهِ عَنهُ: " إِذا حَلَفت على يَمِين

(5/41)


فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا، فَكفر عَن يَمِينك وائت الَّذِي هُوَ خير "، وَرُوِيَ: " من حلف على يَمِين وَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليأت الَّذِي هُوَ خير "، وَيُمكن الْجمع بَين الْأَحَادِيث بِأَن يَجْزِي التَّكْفِير قبل وَبعد وَيحمل الْأَمر على الْإِبَاحَة.
لَهُم:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه "، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان} نهى عَن نقض الْيَمين فَكيف تكون سَبَب الْكَفَّارَة، وَهِي سَبَب الْمَنْع فِيمَا تُفْضِي إِلَيْهِ.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
سَبَب مُتَرَدّد بَين الْإِيجَاب مَعَ الهتك، وَمنعه من الْبر، فَجَاز إِخْرَاج الْكَفَّارَة قبل التَّحْقِيق قِيَاسا على كَفَّارَة الْقَتْل المخرجة بعد الْجرْح وَزَكَاة

(5/42)


النّصاب قبل الْحول، ذَلِك لِأَن الْكَفَّارَة سَببهَا الهتك وَهُوَ عُقبى التَّعَرُّض لاسم اللَّهِ والاستشهاد بِهِ محالا، وَالْيَمِين لَا يُوجب الْبر وَلَا يعين الْأَشْيَاء بل الْمُبَاح مُبَاح.
لَهُم:
كفر قبل وجوب سَبَب الْكَفَّارَة فَلَا يَصح كالتكفير بعد الرَّمْي وَقبل الْإِصَابَة وَبعد حفر الْبِئْر وَقبل التردي، فاليمين لَيست سَبَب الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا مَانِعَة من الْحِنْث وَالْيَمِين فعل مَشْرُوع وَالْكَفَّارَة بَين عُقُوبَة وَعبادَة فتقضي أمرا بَين حظر وَإِبَاحَة ثمَّ هِيَ سَبَب لَكِن بعد الْحِنْث لِأَنَّهَا حلف الْبر.
مَالك: يجوز تَقْدِيم الْكَفَّارَة بالصيام أَيْضا.
أَحْمد: وَافق مَالِكًا.
التكملة:
نسوي بَين الْيَمين والجراحة، فَكَمَا أَن الْجراحَة مزهقة ومندملة الْيَمين برة وحانثة، وَيجوز إِخْرَاج الْكَفَّارَة بعد الْجرْح فَكَذَلِك بعد الْيَمين

(5/43)


وَلَيْسَت الْكَفَّارَة بِكَوْن، الْفِعْل محرما بل لِأَن الْيَمين حانثة، وَإِذا فَرضنَا فِي قَوْله: " وَالله لَا طلعت الشَّمْس غَدا " سَاوَى الْجراحَة فَإِن هَذِه الْيَمين تُفْضِي إِلَى الْحِنْث قطعا، وطلوع الشَّمْس لَيْسَ من صنعه، كَمَا أَن الزهوق لَيْسَ صنعه، وَلَا يتَصَوَّر فرق بَين الصُّورَتَيْنِ إِذا فَرضنَا طُلُوع الشَّمْس، وَكَذَا إِذا قَالَ: وَالله لَا أقتل زيدا ثمَّ جرحه.
قَالُوا: يكفر عَن الْقَتْل وَلَا يكفر عَن الْيَمين (أملاه مناقضة) وَيدل على أَن الْحِنْث غير تَكْفِير أَنه لَو حلف وَهُوَ عَاقل ثمَّ جن وَحنث لَزِمته الْكَفَّارَة، فَلَو وَجَبت بِفعل مَا حنث بِهِ لما وَجَبت على الْمَجْنُون حنث فعل، والتكفير بِالصَّوْمِ يجوز عندنَا قبل الْحِنْث لظَاهِر الحَدِيث، ويلزمهم أَيْضا ذَلِك فِي كَفَّارَة الْجراح، وَإِن سلمنَا فَهُوَ مَخْصُوص بِالْحَاجةِ فَكَانَ فِي وَقتهَا، وَهُوَ وَقت الطّلب، والطلب عِنْد الْحِنْث، فَإِن ألزمونا على هَذَا تَعْجِيل ابْن لبون منعنَا.

(5/44)


(صفحة فارغة)

(5/45)


(الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمد.)

الْقَضَاء على الْغَائِب.
الْمَذْهَب: يجوز.
عِنْدهم: خلاف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا: ...
لَهُم:
قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا تقضني لأحد الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر؛ فَإنَّك إِذا سَمِعت كَلَامهمَا عرفت كَيفَ تقضي بَينهمَا " أَمر

(5/46)


عَلَيْهِ السَّلَام بالحكم وَنبهَ على الْعلَّة.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
بَيِّنَة أُقِيمَت بعد وجود الدَّعْوَى الصَّحِيحَة فاستحقت الْقبُول، الدَّلِيل على صِحَّتهَا وجوب سماعهَا إِمَّا للْحكم أَو للتنفيذ وَالشّرط خَفَاء الْحق لِأَن الْبَيِّنَة للتبيين وَلَيْسَ الْإِنْكَار شرطا بل الشَّرْط عدم ظُهُور الْحق وَإِنَّمَا لم تسمع على الْحَاضِر لِأَن الْإِقْرَار آكِد.
لَهُم:
فقد شَرط قبُول الْبَيِّنَة، ذَلِك لِأَن الشَّرْط إِنْكَار الْمُدَّعِي عَلَيْهِ، لِأَن الْبَيِّنَة (للإلزام فَتكون على جَاحد، ثمَّ الْبَيِّنَة) لَا تسمع للْغَائِب وفيهَا نظر لَهُ، فَلِأَن لَا تسمع على الْغَائِب وفيهَا نظر عَلَيْهِ أولى.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.

(5/47)


التكملة:
لَو حضر وَأنكر قضي للْمُدَّعِي وَلَا عِلّة إِلَّا أَن القَاضِي عرف صدقه بطرِيق لم يجد أوضح مِنْهَا، هَذِه الْعلَّة المخيلة وَهِي جَارِيَة فِي الْغَيْبَة وَبهَا احْتَرز عَن الْحَاضِر بِالْبَلَدِ لِأَن سَماع إِقْرَاره مُمكن.
فَإِن قَالُوا: يحْتَمل أَن يكون فِي غيبته مقرا، قُلْنَا الْإِقْرَار لَا يمْنَع من سَماع الْبَيِّنَة لِأَن قصارى مَا يقدر إِنْكَاره، وَلَو أنكر سَمِعت الْبَيِّنَة فَإِذا كَانَ مقرا فبها ونعمت، وَبِهَذَا يفحم الْخصم الْحَاكِم فَالْحق إِذا ثَابت للْمُدَّعِي إِمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَو بِالْإِقْرَارِ المتوهم، وَلَا يلْزم القَاضِي تعرف بِأَيِّهِمَا ثَبت الْحق وَصَارَ كَمَا لَو رأى الْإِنْسَان فِي ثَوْبه بللا وَشك فِي أَنه مني أَو مذي.
قُلْنَا لَهُ: اغسل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة فَهُوَ المستيقن بِكُل حَال، ونقول: لَو كَانَ سَماع الشَّهَادَة للنَّقْل مَا وَجب على الْحَاكِم سماعهَا وَكَانَ لَا يشْتَرط لَهَا تقدم الدَّعْوَى، وَلَا يعْتَبر لَهَا عدد، ونلزمهم إِذا كَانَ أحد الشَّرِيكَيْنِ حَاضرا أَو يُقيم (الْمَقْذُوف بَيِّنَة على إِعْتَاقه) (وَيُقِيم الْبَيِّنَة على إِذن

(5/48)


العَبْد) الْمَأْذُون إِذا ادّعى عَلَيْهِ شَيْئا وَكَذَلِكَ إِذا ادّعى شُفْعَة.

(5/49)


(الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ بعد الثلثمائة: شمه.)

قَضَاء القَاضِي فِي الفسوخ والعقود الَّتِي يملك إنشاءها.
الْمَذْهَب: لَا يغيرها عَن حقائقها.
عِنْدهم: ف.
الدَّلِيل من الْمَنْقُول:
لنا:
قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ أحدكُم أَلحن بحجته من صَاحبه، فَمن قطعت لَهُ من مَال أَخِيه شَيْئا فَلَا يأخذنه، فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار ".

(5/50)


لَهُم:
ادّعى رجل زوجية امْرَأَة عِنْد عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَأقَام شَاهِدي زور فَحكم بِالزَّوْجِيَّةِ، فَقَالَت الْمَرْأَة: وَالله مَا جرى بَيْننَا نِكَاح فَإِن كَانَ لابد فَزَوجنِي مِنْهُ، فَقَالَ لَهَا رَضِي اللَّهِ عَنهُ: شَاهِدَاك زوجاك.
الدَّلِيل من الْمَعْقُول:
لنا:
حكم بِشَهَادَة بَاطِلَة فَلَا ينفذ كَمَا لَو كَانَ فِي ملك مُرْسل، ذَلِك لِأَن الْقَضَاء يبتني على الْبَيِّنَة لَا يعدل عَنْهَا فَلَو قُلْنَا ينفذ فِي الْبَاطِن كَانَ مُرَتبا على غير حجَّة، وَالْقَاضِي لَا يحدث شَيْئا لم يكن فَهُوَ إِذا قَضَاء أَخطَأ حجَّته وَلم يصب مَحَله فلغا كَمَا لَو حكم بِنِكَاح أُخْته من الرَّضَاع أَو مُعْتَدَّة أَو مرتدة.
لَهُم:
قَضَاء ابتنى حجَّة شَرْعِيَّة فنفذ ظَاهرا وَبَاطنا كَمَا لَو حكم فِي سَائِر المجتهدات أَو تَفْرِقَة المتلاعنين، لِأَن الْحَاكِم لَا يطلع على الْبَاطِن وَلَا يكلفه

(5/51)


إِذا نفذ حكمه ظَاهرا اتبعهُ الْبَاطِن ضَرُورَة تَصْحِيح قَول الْعَاقِل كَمَا لَو قَالَ: اعْتِقْ عَبدك عني على كَذَا، فَقَالَ: أعتقت يضمن القَوْل إِيجَابا وقبولا.
مَالك: ق.
أَحْمد: ق.
التكملة:
نعني بقولنَا: لَا ينفذ بَاطِنا أَنه لَا يحل للمزور بَينه وَبَين اللَّهِ تَعَالَى أَن يطَأ هَذِه الْمَرْأَة لِأَنَّهَا كَانَت حَرَامًا قبل الدَّعْوَى، وَطَرِيق التَّحْلِيل الأول وَوجد نِكَاحهَا بشرائطه وَلم يُوجد شَيْء من ذَلِك إِنَّمَا جرى دَعْوَى كَاذِبَة وَشَهَادَة فاجرة، وَالْخَبَر الْكَاذِب لَا يصلح لتطليق زَوْجَة الْغَيْر وتجديد نِكَاح آخر، وَذَلِكَ حرمت بعد الشَّهَادَة وَقبل الْقَضَاء، وَلم يطر بعد إِلَّا الْقَضَاء، وَلَا معنى للْقَضَاء إِلَّا إِمْضَاء مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَشهد بِهِ الشُّهُود فَهُوَ بِنَاء لَا إنْشَاء وَالْحَاكِم يُصَرح بذلك، وَكَيف يكون إنْشَاء؟ وَلَو كَانَ (إنْشَاء كَانَ) تَكْذِيبًا للشُّهُود فَإِنَّهُم أخبروا عَن وُقُوع الطَّلَاق وَالنِّكَاح من قبل فَكيف

(5/52)


اقْتَضَت الْبَيِّنَة حكما يتَضَمَّن نَقصهَا.
وَكلما يلزمونا نلزمهم مثله فِي الْأُخْت من الرَّضَاع وَالْجَارِيَة إِذا ادّعى ملكهَا مُطلقًا، فَإِن الْحَاكِم يلْزمهَا التَّمْكِين وَيحرم عَلَيْهَا التَّمْكِين أما إِذا قَالَ الشَّافِعِي لزوجته الْحَنَفِيَّة: أَنْت بَائِن وَحكم شَافِعِيّ بِانْقِطَاع الرّجْعَة وراجع الشَّافِعِي ووطئ فَإِنَّهُ حرَام.
وَالْجَوَاب: أَن يخلى بَينه وَبَين اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وأشباهها أَو نقُول: كل مُجْتَهد مُصِيب، وَبِالْجُمْلَةِ الْقَضَاء فِي مَحل الِاجْتِهَاد (فِيهِ منع) فَالْحكم بعد الْقَضَاء كَالْحكمِ قبله وَإِنَّمَا يكون بِقطع الْخِصَام.

(5/53)


(صفحة فارغة)

(5/54)


(اللوحة 81 من المخطوطة أ:)

(إِذا أعتق إِحْدَى أمتية ووطئ إِحْدَاهمَا تعيّنت للْملك، وألاخرى للحرية خلافًا لَهُم ونقول: فعل لَا يحل دون الْملك فَيحمل على مَحل الْإِيهَام على تعْيين الْمَمْلُوكَة كَمَا إِذا أبهم الطَّلَاق فِي زَوجته ووطئ فتقريره أَن الْعتْق حَاصِل، وَالْحُرْمَة ثَابِتَة، وَالْحَاجة دَاعِيَة إِلَى التَّعْيِين.
وَلَا يشْتَرط صَرِيح التعين، وَالْوَطْء دَلِيل ظَاهر لَا يقدم عَلَيْهِ الْمُسلم إِلَّا فِي ملكه، وَيدل عَلَيْهِ البيع وَالْهِبَة وَالرَّهْن وَالتَّزْوِيج فَإِن هَذِه تعين، وَعِنْدهم الْوَطْء لَا يصلح دَلِيلا إِذْ لَا مُنَافَاة بَين الْوَطْء وَالْعِتْق؛ لِأَن شَرط الْمُنَافَاة بَين حكمين اتِّحَاد مَحلهمَا، وَمحل الْعتْق الرَّقَبَة، وَمحل الْوَطْء الْمَنَافِع، وَهَذَا على أصلهم، فَإِن ملك الرَّقَبَة عِنْدهم ينْفَصل عَن ملك الْمَنَافِع كَمَا تقدم فِي الثَّانِي. قَالُوا: وَالِاسْتِدْلَال بالشَّيْء على مَا يَقع من ضَرُورَته إِنَّمَا يَصح إِذا كَانَا متلازمين لَا يتفاصلان أصلا، وَملك الْيَمين مُنْفَصِل عَن ملك النِّكَاح.
وَالْجَوَاب: أَن دلَالَة الْوَطْء على نفي الْعتْق دلَالَة ضَرُورِيَّة، فَإِن الْجمع

(5/55)


بَين الْعتْق وَالْوَطْء مُمْتَنع شرعا.
فَإِن قَالُوا: الْبضْع خلق للاستمتاع كَالْمَالِ للتَّصَرُّف، وَالْأَصْل أَن من سبق إِلَيْهِ كَانَ لَهُ، غير أَن الْإِطْلَاق يُفْضِي إِلَى تشابه الْأَنْسَاب فنمنع مِنْهُ إِلَّا عِنْد اخْتِصَاصه بشخص يقطع رَحمَه الْغَيْر فَتَارَة يحصل بِملك نِكَاح، وَتارَة بِملك الْيَمين.
وَبِالْجُمْلَةِ مَتى أَمن الْمَحْذُور جَازَ لَهُ الِاسْتِمْتَاع بِنَاء على الأَصْل.
وَالْجَوَاب: أَن هَذَا كَلَام يُفْضِي إِلَى إِبَاحَة الإبضاع، وَهُوَ خلاف الْمَعْلُوم شرعا، فَإِن الأَصْل فِي الإبضاع الْحُرْمَة والحل يحْتَاج إِلَى دَلِيل، ذَلِك لِأَن الإنسانية صفة شرف تأبى الاستفراش لَوْلَا الرُّخْصَة لحَاجَة الْوَلَد، ثمَّ يلْزمهُم الْوَطْء فِي زمن الْخِيَار فَإِنَّهُم جَعَلُوهُ فسخا، وَالْوَطْء فِي إِحْدَى الأمتين بعد إِبْهَام البيع بِشَرْط خِيَار التَّعْيِين يكون تعينا والإلزام على

(5/56)


أصلهم فَكل ذَلِك تصرف فِي الرَّقَبَة وَالْوَطْء تعْيين لَهُ) .
(وَاعْلَم أَن مسَائِل الْأَيْمَان مَبْنِيَّة على أصل وَاحِد وَهُوَ أَبَا حنيفَة رَحمَه اللَّهِ يظنّ أَن الْأَيْمَان إِنَّمَا أوجبت الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا تَقْتَضِي تَحْرِيم الْفِعْل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ من جِهَة الْيَمين، فعلى هَذَا لَا تعْتَبر صُورَة الْيَمين، إِنَّمَا يعْتَبر منع النَّفس عَن الْأَمر الْمَحْلُوف عَلَيْهِ على أبلغ وَجه.
فَإِذا قَالَ: إِذا فعلت كَذَا فَأَنا برىء من اللَّهِ أَو كَافِر فالكفارة تلْزمهُ، فَلَو حلف بِالنَّبِيِّ أَو الْكَعْبَة فَهُوَ دون الْحُرْمَة الْكَامِلَة، وَالشَّافِعِيّ يرى وجوب الْكَفَّارَة فِي الْأَيْمَان إِنَّمَا هُوَ بِالْجِنَايَةِ على اسْم اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِنْثِ، فعلى هَذَا صُورَة السَّبَب مرعية، وإلحاق غَيرهَا بهَا مُمْتَنع فاختصت الْكَفَّارَة باسم اللَّهِ تَعَالَى أَو بِصفة من صِفَاته فَإِذا لَا كَفَّارَة فِي الْيَمين الْغمُوس عِنْد أبي حنيفَة

(5/57)


لِاسْتِحَالَة منع النَّفس عَن الْأَمر) الْمَاضِي واستحالة تأثر الْمحل بِالْحلف، (وَكَذَا تقدم الْكَفَّارَة لِأَن السَّبَب الْجِنَايَة) ، وَعِنْدنَا نقيض هَاتين القضيتين لِأَن الْجِنَايَة على الِاسْم) ،

(5/58)