تيسير التحرير

أدوات الشَّرْط

(أَي تَعْلِيق مَضْمُون جملَة على جملَة أُخْرَى تَلِيهَا وَحَاصِله) أَي الشَّرْط بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (ربط خَاص) وَهُوَ جعل الْمُعَلق بِحَيْثُ يَتَرَتَّب على الْمُعَلق بِهِ إِذا تحقق (ونسبتها) أَي نِسْبَة الْجُمْلَة الْمُعَلق عَلَيْهَا (عَلَيْهِ) أَي الشَّرْط فِي قَوْلهم جملَة شَرْطِيَّة (لدلالتها) أَي الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة (عَلَيْهِ) أَي الشَّرْط بانضمام أدوات الشَّرْط إِلَيْهَا (وَيُقَال) لفظ الشَّرْط أَيْضا (لمضمون) الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة (الأولى) فَهُوَ بِالْمَعْنَى الأول صفة الْمُتَكَلّم، وبالمعنى الثَّانِي لَيْسَ صفته (وَمِنْه) أَي من الْمَعْنى الثَّانِي قَوْلهم (الشَّرْط) بِمَعْنى مَضْمُون الْجُمْلَة الأولى (مَعْدُوم) أَي عِنْد التَّعْلِيق: إِذْ لَو كَانَ مَوْجُودا لم يكن الْكَلَام تَعْلِيقا بل تنجيزا (على خطر الْوُجُود) أَي مترددا بَين أَن يكون وَأَن لَا يكون لَا مُسْتَحِيل وَلَا مُتَحَقق (وَإِن أَصْلهَا) أَي أدوات الشَّرْط (لتجردها لَهُ) أَي لدلالتها على مُجَرّد معنى الشَّرْط (وَغَيرهَا) أَي غير إِن من بَقِيَّة الأدوات للشّرط (مَعَ خُصُوص زمَان وَنَحْوه) من مَكَان وَغَيره، وَمَا فِي التَّحْرِير: شرح الْجَامِع الْكَبِير الأَصْل فِي أَلْفَاظ الشَّرْط كلما، وَالْبَاقِي مُلْحق بهَا غَرِيب: كَذَا ذكره الشَّارِح (وَاشْترط) لُغَة (الْخطر فِي مدخولها) أَي إِن (ومدخول الْأَسْمَاء الجازمة كمتى حَتَّى امْتنع إِن أَو مَتى طلعت الشَّمْس أفعل) كَذَا لِأَن طُلُوع الشَّمْس لَا خطر فِيهِ (إِلَّا لنكتة) من توبيخ أَو تَغْلِيب أَو غير ذَلِك مِمَّا فصل فِي علم الْمعَانِي، وَهَذَا الِامْتِنَاع وَاقع لُغَة (لَا لِأَنَّهُ) أَي الْخطر (شَرط الشَّرْط) لَا يتَحَقَّق حَقِيقَة إِلَّا بِهِ (وَحَاصِله) أَي حَاصِل الْكَلَام فِي إِن والأسماء الجازمة (أَنَّهَا إِنَّمَا وضعت لإِفَادَة التَّعْلِيق كَذَلِك) أَي على

(2/120)


خطر الْوُجُود (وَلذَا) أَي وَلكَون الْخطر لَيْسَ بِشَرْط مُطلقًا (صَحَّ) الشَّرْط (مَعَ ضِدّه) أَي الْخطر (فِي إِذا جَاءَ غَد أكرمك) إِذْ مَجِيء الْغَد مُحَقّق (لوضعها) أَي إِذا (لذَلِك) أَي لإِفَادَة التَّعْلِيق على مَا هُوَ مَقْطُوع بِوُجُودِهِ إِذا كَانَت للشّرط فَلَا تسْتَعْمل فِي غير الْمَقْطُوع (إِلَّا لنكته كإذا جَاءَ زيد) فَإِنَّهُ يُقَال مَعَ عدم الْقطع (تفاؤلا) إِذا كَانَ مَجِيئه مَطْلُوبا وَهُوَ على خطر الْوُجُود وكقول عبد بن قيس:
(واستغن مَا أَغْنَاك رَبك بالغنى
(وَإِذا تصبك) خصَاصَة فَتحمل)

(تَنْزِيلا لَهُ) أَي لما هُوَ على الْخطر (محققا) أَي منزلَة الْمُحَقق (لعادة الْوُجُود) لما هُوَ مُعْتَاد فِي عَالم الْكَوْن من رد الْغَائِب وإصابة الخصاص (وتوطينا) للنَّفس على تحمل مشقة الْفقر والفاقة وَالصَّبْر عَلَيْهَا (لدفع الْجزع عِنْده) أَي عِنْد وُقُوعه (وتخصيصهم) أَي الْمَشَايِخ (تَفْرِيع) مسئلة (إِن لم أطلقك فطالق) يُرِيد بتخصيصهم التَّفْرِيع الْمَذْكُور حصرهم الْمُسْتَفَاد من قَوْلهم (لَا تطلق إِلَّا بآخر) جُزْء من (حَيَاة أَحدهمَا) أَي الزَّوْجَيْنِ إِذا لم يطلقهَا من عقيب التَّعْلِيق إِلَى الآخر الْمَذْكُور تعميما فِي الزَّوْجَيْنِ بِنَاء (على) القَوْل (الصَّحِيح فِي مَوتهَا) احْتِرَازًا عَمَّا فِي النَّوَادِر من أَنَّهَا لَا تطلق بآخر حَيَاتهَا لِأَنَّهُ قَادر على تطليقها، وَإِنَّمَا يعجز عَنهُ بموتها فَيَقَع بِمَوْتِهِ لَا بموتها، وَوجه التَّسْوِيَة أَنه إِذا بَقِي من حَيَاة أَحدهمَا مَا لَا يسع التَّطْلِيق بِلَفْظ مَا فَذَلِك الْقدر صَالح لوُقُوع الطَّلَاق، وَإِن لم يصلح للتطليق بِلَفْظ فَيَقَع لتحَقّق الشَّرْط وَهُوَ النَّفْي الْمُسْتَوْعب أَجزَاء الْعُمر المستلزم لليأس من إِيقَاع الطَّلَاق بِلَفْظ مَعَ وجود الْمحل، ثمَّ علل التَّخْصِيص الْمَذْكُور بقوله (للتّنْبِيه على أَنه) أَي شَرط وُقُوع الطَّلَاق (الْعَدَم) أَي عدم التَّطْلِيق الْمَدْلُول عَلَيْهِ بقوله إِن لم أطلقك (مُطلقًا) أَي عدما مُسْتَغْرقا جَمِيع أَجزَاء حَيَاة أَحدهمَا سوى النقطة الْأَخِيرَة: إِذْ التَّطْلِيق الَّذِي تضمنه الْفِعْل الْمَذْكُور نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي مستغرقة جَمِيع التطليقات الممكنة فِي الْعُمر، وَقَوله تخصيصهم: مُبْتَدأ خَبره قَوْله (لدفع توهم الْوُقُوع) أَي وُقُوع الطَّلَاق الْمُعَلق، وَيحْتَمل أَن يكون الْخَبَر قَوْله للتّنْبِيه، وَقَوله لدفع توهم تعليلا لَهُ (بسكوت يَسعهُ) أَي التَّطْلِيق بعد زمَان التَّعْلِيق (كَمَا هُوَ) الحكم (فِي مَتى) لم أطلقك فَأَنت طَالِق لإضافة الطَّلَاق إِلَى زمَان خَال عَن تطليقها إِذْ هُوَ ظرف زمَان، وبمجرد سُكُوته يُوجد الزَّمَان الْمُضَاف إِلَيْهِ فَيَقَع فَالشَّرْط فِي إِن لم أطلقك الْعَدَم الْمُطلق وَهُوَ لَا يتَحَقَّق إِلَّا فِي الْجُزْء الْأَخير، وَفِي مَتى لم أطلقك وجود زمَان خَال عَن التَّطْلِيق: إِذْ هُوَ ظرف يُوجد فِيمَا ذكر فَافْتَرقَا هَكَذَا عبارَة الْمَتْن فِي نُسْخَة الشَّارِح، وَفِي نُسْخَة أُخْرَى مصححة لدفع توهم الْوُقُوع بِالسُّكُوتِ لتحَقّق الْعَدَم بِهِ وَإِلَّا كَانَ الشَّرْط عدما مُقَيّدا بِزَمَان عَدمه فَيَقَع بسكوت يَسعهُ انْتهى، وَضمير بِهِ رَاجع إِلَى السُّكُوت، وَمعنى قَوْله

(2/121)


وَإِلَّا: أَي لَا يكون الشَّرْط عدما مُطلقًا، وَضمير عَدمه رَاجع إِلَى التَّطْلِيق وَلَا يخفى عَلَيْك مَا فِيهِ مَعَ أَن الأولى تفِيد مَا فِي الثَّانِيَة فِي إيجاز ووضوح (فقد تضمن) هَذَا الْكَلَام (مسئلتها) أَي مَتى (وَمِنْهَا) أَي من أَحْكَامهَا أَنه إِذا قَالَ (أَنْت طَالِق مَتى شِئْت لَا يتَقَيَّد) تَفْوِيض الْمَشِيئَة إِلَيْهَا (بِالْمَجْلِسِ فلهَا مَشِيئَة الطَّلَاق بعده) أَي الْمجْلس لِأَنَّهَا لعُمُوم أَفْرَاد مدخولها بِحَسب عُمُوم الْأَزْمِنَة بِخِلَاف إِن شِئْت.
مسئلة

(إِذا) وضعت (لزمان) حُدُوث (مَا أضيفت إِلَيْهِ) كَقَوْلِه تَعَالَى {وَاللَّيْل إِذا يغشى} أَي وَقت غشيانه بدل من اللَّيْل لَا حَال عَنهُ كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن الْحَاجِب، إِذْ لَيْسَ المُرَاد تَقْيِيد تعلق الْقسم بذلك الْوَقْت (وتستعمل للمجازاة) أَي للشّرط على خلاف أَصْلهَا حَال كَونهَا (دَاخِلَة على مُحَقّق) كَمَا هُوَ الأَصْل فِيهَا (وموهوم) لنكتة كَمَا سبق (وتوهم أَنه) أَي دُخُولهَا على موهوم (مَبْنِيّ حكم فَخر الْإِسْلَام أَنَّهَا حِينَئِذٍ) تدخل على موهوم (حرف) بِمَعْنى أَن (فَدفع) كَونه منشأ لحرفيتها (بِجَوَازِهِ) أَي دُخُولهَا على موهوم (لنكتة) وَهَذَا التَّوَهُّم وَالدَّفْع فِي التَّلْوِيح (وَلَيْسَ) هُوَ مبناه (وَكَلَامه) أَي وَحَاصِل كَلَامه (يجازي بهَا وَلَا) يجازي بهَا (عِنْد الْكُوفِيّين وَإِذا جوزي) بهَا (سقط عَنْهَا الْوَقْت) أَي إِفَادَة الزَّمَان الْمَذْكُور وَصَارَت (كَأَنَّهَا حرف شَرط، ثمَّ قَالَ) فَخر الْإِسْلَام (لَا يَصح طَرِيق أبي حنيفَة إِلَّا أَن يثبت أَنَّهَا قد تكون حرفا بِمَعْنى الشَّرْط) مثل إِن، وَقد ادّعى ذَلِك أهل الْكُوفَة (ثمَّ أثْبته) أَي فَخر الْإِسْلَام كَونهَا حرفا بِمَعْنى الشَّرْط (بِالْبَيْتِ وَإِذا تصبك) خصَاصَة فَتحمل (فلاح أَن الْمَبْنِيّ) أَي مبْنى فَخر الْإِسْلَام أَنَّهَا حرف (كَونهَا إِذن لمُجَرّد الشَّرْط، وَهُوَ) أَي كَونهَا كَذَلِك مَبْنِيّ (صَحِيح) لدعوى حرفيتها (لِأَن مجرده) أَي الشَّرْط (ربط خَاص) وَهُوَ تَعْلِيق مَضْمُون جملَة بِأُخْرَى (وَهُوَ) أَي الرَّبْط الْمَذْكُور (من مَعَاني الْحُرُوف، وَقد تكون الْكَلِمَة حرفا واسما) كالكاف وَقد، بل وفعلا أَيْضا كعلى وَعَن، فَلَا استبعاد فِي كَون إِذا اسْما أَو حرفا (بل الْوَارِد) على فَخر الْإِسْلَام (منع سُقُوطه) أَي الزَّمَان عَنْهَا إِذا كَانَت جازمة (والجزم لَا يستلزمه) أَي سُقُوط الزَّمَان، إِذا لَا مُنَافَاة بَين جازميتها ودلالتها على الزَّمَان (كمتى وَأَخَوَاتهَا وَهُوَ) أَي كَونهَا مجازي بهَا مَعَ دلالتها على الزَّمَان (قَوْلهمَا، وَعَلِيهِ) أَي كَونهَا للشّرط مَعَ دلالتها على الزَّمَان (تفرع الْوُقُوع) أَي وُقُوع الطَّلَاق (فِي الْحَال عِنْدهمَا فِي إِذا لم أطلقك فطالق و) هِيَ (كَانَ عِنْده) أَي أبي حنيفَة فَلَا تطلق بِمَوْت أَحدهمَا وَهَذَا إِذا لم يكن لَهُ نِيَّة، فَأَما إِذا نوى الْوَقْت أَو الشَّرْط الْمَحْض وَهُوَ

(2/122)


على مَا نوى بالِاتِّفَاقِ ذكره غير وَاحِد. قَالَ الشَّارِح وَتعقبه شَيخنَا المُصَنّف بِأَنَّهُ يجب على قَوْلهمَا إِذا أَرَادَ معنى الشَّرْط أَن لَا يصدقهُ القَاضِي لظُهُوره عِنْدهمَا فِي الظّرْف فأراده الشَّرْط خلاف الظَّاهِر، وَفِيه تَخْفيف عَلَيْهِ فَلَا يصدق قَضَاء بل ديانَة فَقَط (والاتفاق على عدم خُرُوج الْأَمر عَنْهَا فِي أَنْت طَالِق إِذا شِئْت) إِذا قَامَت عَن الْمجْلس عَن غير مَشِيئَة (لشك الْخُرُوج بعد تحقق الدُّخُول عِنْده) أَي أبي حنيفَة (لجَوَاز عدم المجازاة كَقَوْلِه فِي إِذا لم أطلقك) فَأَنت طَالِق فَإِنَّهُ قَالَ: الأَصْل عدم وُقُوع الطَّلَاق فَلَا يَقع عقيب تَعْلِيقه بِالشَّكِّ لجَوَاز سُقُوط الْوَقْت عَنْهَا فَصَارَت كَانَ وَالْحَاصِل أَن الْأَمر صَار بِيَدِهَا بالتفويض ثمَّ على اعْتِبَار أَنَّهَا للشّرط يخرج الْأَمر من يَدهَا وعَلى اعْتِبَار أَنَّهَا للْوَقْت لَا يخرج فَلَا يخرج بِالشَّكِّ.
مسئلة

(لَو للتعليق فِي الْمَاضِي مَعَ انْتِفَاء الشَّرْط فِيهِ) أَي فِي الْمَاضِي (فَيمْتَنع لجواب الْمسَاوِي) للشّرط فَلَو كَانَت الشَّمْس طالعة كَانَ النَّهَار مَوْجُودا: يَعْنِي إِذا كَانَ مَضْمُون جَوَاب لَو مُسَاوِيا لمضمون مدخولها فِي التحقق لزم عدم تحَققه لكَون الْمُعَلق بِهِ ملزوما واستلزام انْتِفَاء الْمَلْزُوم إِذا كَانَ اللَّازِم لَا يَنْفَكّ عَن الْمَلْزُوم (فدلالته) أَي لَو (عَلَيْهِ) أَي امْتنَاع الْجَواب دلَالَة (التزامية وَلَا دلَالَة) للو على امْتنَاع الْجَواب (فِي) الْجَواب (الْأَعَمّ) من الشَّرْط (الثَّابِت مَعَه) أَي الشَّرْط (و) مَعَ (ضِدّه) أَي الشَّرْط فالثابت إِلَى آخِره صفة كاشفة للأعم، وَهَذَا تنصيص على أَن لَو لم يوضع لانْتِفَاء الثَّانِي لانْتِفَاء الأول وَإِلَّا لَكَانَ دلَالَته على كل من الانتفاءين تضمنية، وَإِنَّمَا جَاءَت دلَالَته على امْتنَاع الْجَواب فِي صُورَة الْمُسَاوَاة من قبل خُصُوصِيَّة الْمحل لَا من الْوَضع (كَلَوْ لم يخف الله لم يَعْصِهِ) فَإِن عدم مَعْصِيّة صُهَيْب جَوَاب أَعم من الشَّرْط، إِذْ هُوَ أَمر لَا يَنْفَكّ عَنهُ يدل عَلَيْهِ تحَققه مَعَ فرض عدم الْخَوْف فَإِنَّهُ إِذا لم يعْص مَعَ عدم خوف فَكيف يعْصى مَعَ وجوده فقد ثَبت تحَققه مَعَ عدم الْخَوْف وَمَعَ وجوده، وَهَذَا معنى كَونه أَعم (غير أَنَّهَا) أَي لَو (لما اسْتعْملت) شرطا فِي الْمُسْتَقْبل (كَانَ تجوزا) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وليخش الَّذين (لَو تركُوا من خَلفهم) ذُرِّيَّة ضعافا خَافُوا عَلَيْهِم الضّيَاع، فعلى هَذَا هُوَ خطاب للموصين بِأَن ينْظرُوا للْوَرَثَة فَلَا يُسْرِفُوا فِي الْوَصِيَّة، وللآية وُجُوه أخر ذكرت فِي التَّفْسِير (جعلت لَهُ) أَي الشَّرْط كَانَ (فِي قَوْله لَو دخلت عتقت فتعتق بِهِ) أَي بِالدُّخُولِ (بعده) أَي بعد قَوْله ذَلِك (فَعَن أبي يُوسُف) أَنْت طَالِق (لَو دخلت كَانَ دخلت صونا عَن اللَّغْو عِنْد الْإِمْكَان) أما الصون فَلِأَنَّهَا لَو حملت على حَقِيقَتهَا أَفَادَ الْكَلَام عدم الدُّخُول وَعدم الطَّلَاق وَلَا طائل تَحْتَهُ

(2/123)


وَإِن حمل على مجازها ترَتّب عَلَيْهِ الطَّلَاق على تَقْدِير الدُّخُول فِي الْمُسْتَقْبل، وَقد أمكن حملهَا عَلَيْهِ لتحَقّق هَذَا الِاسْتِعْمَال وَلَو قَالَ لَو دخلت فَأَنت طَالِق وَقع فِي الْحَال عِنْد أبي الْحسن لِأَن جَوَاب لَوْلَا تدخل عَلَيْهِ الْفَاء، وَذكر أَبُو عَاصِم العامري أَنَّهَا لَا تطلق مَا لم تدخل، لِأَنَّهَا لما جعلت بِمَعْنى أَن جَازَ دُخُول الْفَاء فِي جوابها، وعَلى هَذَا مَشى التُّمُرْتَاشِيّ (بِخِلَاف لَوْلَا لِأَنَّهُ لِامْتِنَاع الثَّانِي لوُجُود الأول لَيْسَ غير فَلَا تطلق فِي أَنْت طَالِق لَوْلَا حسنك أَو أَبوك) أَي مَوْجُود (وَإِن زَالَ) الْحسن (وَمَات) الْأَب لِأَن وجودهما عِنْد التَّكَلُّم مَانع من وُقُوع الطَّلَاق.
مسئلة

(كَيفَ أَصْلهَا سُؤال عَن الْحَال) أَي عَن حَال الشىءوكيفيته (ثمَّ اسْتعْملت للْحَال) من غير اعْتِبَار السُّؤَال كَمَا (فِي انْظُر إِلَى كَيفَ تضع) حَكَاهُ قطرب عَن بعض الْعَرَب: أَي حَال صَنعته (وقياسها الشَّرْط جزما) أَي الْقيَاس فِي كَيفَ المتسعملة للْحَال أَن تكون للشّرط حَال كَونهَا جَازِمًا كَانَ اقترنت بِمَا أَولا (كالكوفيين) أَي كَقَوْلِهِم وقطرب لِأَنَّهَا للْحَال وَالْأَحْوَال تكون شُرُوطًا، وَالْأَصْل فِي الشَّرْط الْجَزْم، وَقيل يشْتَرط اقترانها بِمَا وَلم يجوزه سَائِر الْبَصرِيين إِذا شذوذا (وَأما) كَونهَا للشّرط (معنى فاتفاق) لإفادتها الرَّبْط وَقَالُوا إِذا كَانَت للشّرط جزما فَيجب فِيهَا اتِّفَاق فعلى الشَّرْط وَالْجَوَاب لفظا وَمعنى، نَحْو كَيفَ تصنع أصنع فَلَا يجوز كَيفَ تجْلِس أذهب، وَكَذَا لم يجْزم عِنْد الْبَصرِيين لمخالفتها أدوات الشَّرْط: إِذْ هِيَ غير مُقَيّدَة بِهَذَا الشَّرْط (وَمَا قيل لَكِنَّهَا) أَي الْحَال الَّتِي تدل عَلَيْهَا (غير اختيارية كالسقم والكهولة فَلَا يَصح التَّعْلِيق) للجواب (بهَا) أَي بِتِلْكَ الْحَال إِذْ الْمُعَلق بِهِ يكون اختياريا غَالِبا، لِأَن الْمَقْصد من التَّعْلِيق الْمَنْع والحث فِي الْأَغْلَب (إِلَّا إِذا ضمت إِلَيْهَا) كلمة (مَا) إِذْ بانضمامها تصير كلمة أُخْرَى فَلَا يلْزم حِينَئِذٍ فِي مدلولها عدم الِاخْتِيَار، خبر الْمَوْصُول مَحْذُوف: أَي لَيْسَ بِشَيْء أَو نَحوه يدل عَلَيْهِ قَوْله (لَيْسَ بِلَازِم فِي الشَّرْط ضِدّه) أَي ضد الِاخْتِيَار (وَلَا هُوَ) : أَي وَلَا غير الِاخْتِيَار بل تَارَة وَتارَة، وَالْمعْنَى لَا ضم كلمة مَا إِلَيْهَا، أَلا ترى (فِي) قَوْلهم (كَيفَ كَانَ تمريض زيد وَكَيف تجْلِس أَجْلِس) فَإِن كَيْفيَّة التمريض وَالْجُلُوس تكون اختيارية وَغير اختيارية كَمَا لَا يخفى، وَالْأول للسؤال وَالثَّانِي للشّرط وَالْحَال، وَلم تنضم كلمة مَا إِلَيْهَا (وعَلى الحالية) أَي وعَلى إِرَادَة الْحَال من كَيفَ بنى (التَّفْرِيع) الْمَذْكُور فِي قَوْله إِن دخلت (فطالق كَيفَ شِئْت) إِذْ هُوَ (تَعْلِيق للْحَال) أَي تَعْلِيق حَال الطَّلَاق وَصفته من الْبَيْنُونَة والرجعية وَنَحْوهمَا (عِنْدهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد (بمشيئتها فِي الْمجْلس وَإِذ لَا انفكاك) للطَّلَاق عَن كَيْفيَّة من

(2/124)


كَونه رَجْعِيًا أَو بَائِنا خَفِيفَة أَو غَلِيظَة بِمَال أَو بِلَا مَال إِلَى غير ذَلِك (تعلق الأَصْل) أَي أصل الطَّلَاق (بهَا) أَي بمشيئتها الْمَذْكُورَة فَهُوَ تَعْلِيق للطَّلَاق وكيفيته أَيْضا بِالْمَشِيئَةِ (غير مُتَوَقف) تعلق الأَصْل بمشيئتها (على امْتنَاع قيام الْعرض بِالْعرضِ كَمَا ظن) والظان صدر الشَّرِيعَة فِي التَّوْضِيح فِي أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت يتَعَلَّق بتعلق أصل الطَّلَاق أَيْضا بمشيئتها فعندهما مَا لَا يقبل الْإِشَارَة فحاصله وَأَصله سَوَاء أَظن هَذَا مَبْنِيا على امْتنَاع قيام الْعرض بِالْعرضِ فَإِن الْعرض الأول لَيْسَ محلا للعرض الثَّانِي بل كِلَاهُمَا حالان فِي الْجِسْم فَلَيْسَ أَحدهمَا أولى بِكَوْنِهِ أصلا ومحلا، بل هما سَوَاء لَكِن بِعَدَمِ الانفكاك إِذا تعلق أَحدهمَا بمشيئتها تعلق الآخر (لِأَنَّهُ) أَي قيام الْعرض بِالْعرضِ (بِالْمَعْنَى المُرَاد هُنَا وَهُوَ النَّعْت) أَي اخْتِصَاص الناعت بالمنعوت (غير مُمْتَنع) إِنَّمَا الْمُمْتَنع قِيَامه بِهِ بِمَعْنى حُلُوله فِيهِ على مَا عرف فَلَا يَقع شَيْء مَا لم تشأ، فَإِذا شَاءَت فالتفريع مَا سَيَأْتِي (وَعِنْده) أَي أبي حنيفَة (نقع) وَاحِدَة (رَجْعِيَّة) فِي الْمَدْخُول بهَا إِن لم تكن مسبوقة بِمَا يحصل بانضمامه الْبَيْنُونَة الْمُغَلَّظَة (وَيتَعَلَّق صيرورتها بَائِنَة وَثَلَاثًا) بمشيئتها وَالْحَاصِل أَنَّهَا إِن كَانَت غير مدخولة بَانَتْ فَلَا مَشِيئَة بعد، وَإِن كَانَت مدخولة فالكيفية مفوضة إِلَيْهَا فِي الْمجْلس، لِأَن كَيفَ إِنَّمَا تدل على تَفْوِيض الْأَحْوَال وَالصِّفَات إِلَيْهَا دون الأَصْل، فَفِي الْعتْق وَغير المدخولة لَا مَشِيئَة بعد وُقُوع الأَصْل فَيلْغُو التَّفْوِيض وَفِي المدخولة يكون التَّفْوِيض إِلَيْهَا بِأَن تجعلها بَائِنَة أَو ثَلَاثًا، وَصَحَّ هَذَا التَّفْوِيض لِأَن الطَّلَاق قد يكون رَجْعِيًا فَيصير بَائِنا بِمُضِيِّ الْمدَّة وَقد يكون وَاحِدًا فَيصير ثَلَاثًا بِضَم اثْنَيْنِ إِلَيْهِ، وَلما كَانَ مَدْلُول كَيفَ مُطلق الْحَال وَالصّفة لَا خُصُوص البينونه وَكَونه ثَلَاثًا احْتَاجَ إِلَى بَيَان مَا يخصصهما بالإرادة فَقَالَ (تَخْصِيصًا بِالْعقلِ لما لَا بُد مِنْهُ) يَعْنِي أَن التَّعْلِيق عِنْده لما كَانَ بِاعْتِبَار الْوَصْف دون الأَصْل لزم وُقُوع الأَصْل تنجيزا بِمُجَرَّد قَوْله أَنْت طَالِق قبل أَن يَقُول كَيفَ شِئْت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْد يتَوَقَّف صدر الْكَلَام عَلَيْهِ وَحَيْثُ كَانَ لَا يُوجد الأَصْل إِلَّا مَعَ وصف تعين أدناه محققا لوُجُوده وَهُوَ الرّجْعَة وَأَيْضًا لَا يتَصَوَّر التَّفْوِيض باعتبارها إِذْ التَّصَرُّف الَّذِي يُفَوض إِلَى الْغَيْر مَوْقُوف على فعل الْغَيْر: وَهِي تتَحَقَّق مَعَ الأَصْل فَلَا يصلح للتفويض إِلَّا مَا لَيْسَ بِلَازِم لَهُ وَهِي الْبَيْنُونَة، فاستثنى الرّجْعَة من الْوَصْف الْمُفَوض إِلَيْهَا، وَهَذَا معنى قَوْله تَخْصِيصًا إِلَى آخِره (فَلَزِمَ فِي غير المدخولة الْبَيْنُونَة) إِذْ الرّجْعَة إِنَّمَا تكون فِي الْعدة وَلَا عدَّة لَهَا (فتتعذر الْمَشِيئَة) لِأَن الْمَشِيئَة فرع عدم حُصُول الْبَيْنُونَة بِمُجَرَّد الطَّلَاق، وَقد تحققت بِمُجَرَّدِهِ وَلَا يتَصَوَّر تفويضها اليها بعد تحققها (وَمثله) أَي مثل أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت (أَنْت حر كَيفَ شِئْت) فعندهما لَا يعْتق مَا لم يَشَأْ فِي الْمجْلس، وَعِنْده يعْتق فِي الْحَال وَلَا مَشِيئَة لَهُ.

(2/125)


الظروف
(مسئلة: قبل وَبعد وَمَعَ متقابلات) تقَابل التضاد مَوْضُوعَات (لزمان مُتَقَدم على مَا أضيف) أَحدهَا (إِلَيْهِ ومتأخر ومقارن) معطوفان على مُتَقَدم غير أَنه يقدر لَهما عَن وَمَعَ بدل على (فهما) أَي قبل وَبعد (بإضافتهما إِلَى) اسْم (ظَاهر صفتان لما قبلهمَا، و) بإضافتهما (إِلَى ضَمِيره) أَي الِاسْم الظَّاهِر صفتان (لما بعدهمَا لِأَنَّهُمَا خبران عَنهُ) أَي عَمَّا بعدهمَا، وَالْخَبَر فِي الْمَعْنى وصف للمبتدأ (فَلَزِمَ) طَلْقَة (وَاحِدَة فِي) أَنْت (طَالِق وَاحِدَة قبل وَاحِدَة) فَإِن قيل مُضَاف إِلَى ظَاهر: أَعنِي وَاحِدَة فَيكون صفة لوَاحِدَة الأولى فَلَزِمَ كَونهَا مُتَقَدّمَة على الثَّانِيَة، وَقَوله (لغير المدخولة) حَال عَن قَوْله طَالِق وَاحِدَة الخ: أَي حَال كَونه خطابا لغير المدخولة وَذَلِكَ (لفَوَات الْمَحَلِّيَّة) فَإِن غير المدخولة بِوُقُوع الْوَاحِدَة الأولى بَانَتْ بِلَا عدَّة فَلم تبْق محلا (للمتأخرة) أَي الْمُطلقَة الْمُضَاف إِلَيْهَا قبل (وثنتان فِي) أَنْت طَالِق وَاحِدَة (قبلهَا) وَاحِدَة فَإِن وَاحِدَة الثَّانِيَة مُبْتَدأ خَبَرهَا قبلهَا فَلَزِمَ كَون الْوَاحِدَة الْمَذْكُورَة أَولا مَوْصُوفا بمسبوقيتها بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِيَة وَفِي مثله يلْزم الْمُقَارنَة بَينهمَا فِي الزَّمَان (لِأَن الْموقع مَاضِيا) أَي الطَّلَاق الَّذِي وَصفه الْمُطلق بِكَوْنِهِ فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَلم يَقع بِحَسب نفس الْأَمر (يَقع حَالا) لِأَن الْوَاقِع حَالا لَا يُمكن رَفعه إِلَى الْمَاضِي: إِذْ هُوَ لَا يملك الْإِيقَاع فِيهِ وَيملك الْإِيقَاع فِي الْحَال فَيثبت مَا يملكهُ صونا لكَلَام الْعَاقِل عَن اللَّغْو (فيقترنان كمع وَاحِدَة) أَو مَعهَا وَاحِدَة، وَعَن أبي يُوسُف فِي مَعهَا وَاحِدَة تقع وَالصَّحِيح أَنه كمع وَاحِدَة (وعكسهما) أَي عكس الْحكمَيْنِ الْمَذْكُورين (فِي) صُورَتي قبل الحكم فِي أَنْت طَالِق وَاحِدَة (بعد وَاحِدَة و) أَنْت طَالِق وَاحِدَة (بعْدهَا) وَاحِدَة فَتطلق ثِنْتَيْنِ فِي الأولى لإيقاعه وَاحِدَة مَوْصُوفَة بِأَنَّهَا بعد أُخْرَى وَلَا قدرَة لَهُ على تَقْدِيم مَا لم يسْبق فيفترقان لما ذكر، وَوَاحِدَة فِي الثَّانِيَة لإيقاعه وَاحِدَة مَوْصُوفَة بتعدية أُخْرَى لَهَا فَوَقَعت الأولى وَلم تلحقها الثَّانِيَة لفَوَات الْمَحَلِّيَّة (بِخِلَاف المدخولة) أَي بِخِلَاف مَا إِذا وضعت المدخولة مَوضِع غير المدخولة فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة، وَالْبَاقِي على حَاله (و) بِخِلَاف (الْإِقْرَار) إِذا وضع مَوضِع الطَّلَاق ولوحظ إِضَافَة قبل وَبعد إِلَى الظَّاهِر أَو الْمُضمر (فثنتان) أَي فاللازم ثِنْتَانِ من الطَّلَاق فِي الأولى وَمن الدِّينَار وَنَحْوه فِي الثَّانِيَة (مُطلقًا) فِي جَمِيع الصُّور من غير تَفْصِيل، وَمنع الشَّارِع كَون الحكم فِي الْإِقْرَار هَكَذَا إِذا كَانَ مُضَافا إِلَى الظَّاهِر، وَنقل عَن الْمَبْسُوط أَنه حِينَئِذٍ يلْزم دِرْهَم وَاحِد فَإِن صَحَّ نَقله يحمل على الْخلاف وَاخْتِلَاف الرِّوَايَة وَالله أعلم.

(2/126)


مسئلة

(عِنْد للحضرة) إِمَّا الحسية نَحْو - {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده} - وَأما اللُّغَوِيَّة نَحْو - {قَالَ الَّذِي عِنْده علم} - وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَهُوَ) أَي الْمَوْصُوف بالحضور (أَعم من) نَحْو (الدّين) مِمَّا حُضُوره معنوي (و) من نَحْو (الْوَدِيعَة) مِمَّا حُضُوره حسي، وَفسّر الشَّارِح الضَّمِير بِكَوْن المَال حَاضرا عِنْد الْمقر وَلَا يخفى مَا فِيهِ (وَإِنَّمَا تثبت الْوَدِيعَة بإطلاقها) أَي إِطْلَاق عِنْد الْمَذْكُورَة فِي توصيف مَا أقرّ بِهِ من المَال مَعَ أَنَّهَا دَالَّة على مُطلق الْحُضُور الْأَعَمّ مِمَّا ذكر (كعندي) لفُلَان (ألف لأصلية الْبَرَاءَة) أَي لمرجح خَارج عَن مدلولها: وَهُوَ أَن الأَصْل بَرَاءَة ذمَّة الْمقر وَإِثْبَات الْوَدِيعَة مُوَافق لما هُوَ الأَصْل (فتوقف الدّين) أَي ثُبُوته على الْمقر (على ذكره) أَي الدّين (مَعهَا) أَي عِنْد بِأَن يَقُول لَهُ عِنْدِي ألف دِينَار وَلَا يتَوَقَّف ثُبُوت الْوَدِيعَة على ذكرهَا لِأَنَّهَا أدنى مؤدي اللَّفْظ متعينة حَيْثُ لَا معِين لغَيْرهَا.
مسئلة

(غير) اسْم متوغل فِي الْإِبْهَام (صفة) لما قبلهَا وَهُوَ الأَصْل فِيهِ (فَلَا يُفِيد حَال مَا أضيفت إِلَيْهِ) إِذْ لست بِصفة (كجاء رجل غير زيد، واستثناء) وَهُوَ عَارض عَلَيْهَا (فيفيده) أَي حَال مَا أضيفت إِلَيْهِ (وَيلْزمهُ) أَي غير إِذا كَانَ اسْتثِْنَاء (أَعْرَاب الْمُسْتَثْنى كجاءوا غير زيد) بِنصب غير (أفادت عَدمه) أَي الْمَجِيء (مِنْهُ) أَي زيد، وأعراب الْمُسْتَثْنى فِي مثله النصب لكَون الْكَلَام مُوجبا (فَلهُ) أَي فَفِي قَوْله عَليّ (دِرْهَم غير دانق) بِرَفْع غير (يلْزمه) الدِّرْهَم (تَاما) لِأَن غير حِينَئِذٍ صفة لدرهم، فَالْمَعْنى دِرْهَم مُغَاير للدانق وَهُوَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر قيراطان كَذَا فِي الْمغرب (وَبِالنَّصبِ) يلْزمه دِرْهَم (بنقصه) أَي الدانق مِنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ اسْتثِْنَاء فَالْمَعْنى دِرْهَم إِلَّا دانقا (وَفِي) لَهُ عَليّ (دِينَار غير عشرَة) من الدَّرَاهِم (بِالنّصب كَذَلِك) أَي بِنَقص من الدِّينَار قيمَة عشرَة دَرَاهِم، وَيلْزمهُ الْبَاقِي عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف (و) يلْزمه دِينَار (تَامّ عِنْد مُحَمَّد للانقطاع) أَي لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع (لشرطه) أَي مُحَمَّد (فِي الِاتِّصَال الصُّورَة وَالْمعْنَى) أَي التجانس الصُّورِي والمعنوي بَين الْمُسْتَثْنى مِنْهُ والمستثنى وَالدِّرْهَم لَيْسَ بمجانس للدينار صُورَة (واقتصرا) أَي أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف (عَلَيْهِ) أَي التجانس الصُّورِي (وَقد جَمعهمَا) أَي الدِّرْهَم وَالدِّينَار بِاعْتِبَار التجانس الْمَعْنَوِيّ (الثمينة، فَالْمَعْنى مَا قِيمَته دِينَار غير عشرَة) فَكَانَ مُتَّصِلا فَلَزِمَهُ من قيمَة الدِّينَار مَا سوى الْعشْرَة.

(2/127)