جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول

الفصل الثاني
حياة المؤلف

(1/29)


المبحث الأول
اسمه وكنيته ولقبه وشهرته وأصله
* اسمه: ... أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يَلِّيْن
* كنيته: ... أبو العباس.
* لقبه: ... شهاب الدين.
* شهرته: ... القرافي.
*وسبب هذه النسبة: ما ذكره بنفسه في كتابه العقد المنظوم في الخصوص والعموم (1 / 549) في الباب الثالث عشر حيث قال:
((
وهذا الباب يكون العموم فيه مستفاداً من النقل خاصة، وذلك هو أسماء القبائل التي هي أصل تلك الأسماء لأشخاص معينة من الآدميين، كتميم وهاشم. أو لماءٍ من المياه كغسَّان، أو لامرأةٍ كالقرافة، فإنها اسم لجدَّة القبيلة المسماة القرافة، نزلت هذه القبيلة بصِقْع من أصقاع مصر لما اختَطَّها عمرو بن العاص ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فعُرِف ذلك الصقع بالقرافة، وهو الكائن بين مصر وبركة الأشراف، والمسمى: بالقرافة الكبيرة. وأما سَفْح المقطَّم فمَدْفن، وسُمِّيَ بالقرافة للمجاورة تبعاً، ولذلك قيل له: القرافة الصغيرة)) .
ويؤكد القرافي أن شهرته بالقرافي لا تعود لكونه من سلالة هذه القبيلة، بل لسكناه بتلك البقعة حيث يقول: ((واشتهاري بالقرافي ليس لأجل أني من سلالة هذه القبيلة، بل للسكن بالبقعة الخاصة، فاتفق الاشتهار بذلك)) (1) .
* أصله: صرح القرافي بأصله في كتابه السالف الذكر إذْ قال: ((وإنما أنا من صُنْهَاجَة الكائنة في قُطْر مراكش بأرض المغرب)) . وصُنْهَاجة: بضم الصاد وفتحها بطن من البربر (2) ، وقيل: إنها قبيلة من حِمْير، وحمير من عرب اليمن (3) .
_________
(1) وانظر أقوالاً أخرى في سبب نسبته إلى القرافي في: الوافي بالوفيات 6 / 233، الديباج المذهب ص 129.
(2) انظر: نهاية الأرب في أنساب العرب للقلقشندي ص 317.
(3) انظر: الأنساب للسمعاني 3 / 590.

(1/30)


المبحث الثاني
مولده ونشأته
* تاريخ ولادته:
كانت ولادته ونشأته بمصر سنة 626هـ، كما صرح بذلك بنفسه في كتابه
" العقد المنظوم " (1 / 550) ، إذْ قال: ((ونشأتي ومولدي بمصر سنة ست وعشرين وستمائة)) (1) .
* مكان ولادته:
ولد في قرية " بُوش " من صعيد مصر الأسفل غربي النيل (2) ، وتعرف أيضاً
بـ" بَهْفَشَيْم " (3) من أعمال البَهَنْسَا، ولذلك عُرِف بالبَهْفَشِيمي البَهَنْسي (4) .
* نشأته:
لم تُنْبئنا كتب التاريخ شيئاً ذا بالٍ مما يتعلَّق بنشأة الشهاب القرافي، غير أنه ينحدر من أصولٍ مغربية من قبيلة صنهاجة. ولعلَّ نزوح أسرته إلى أرض مصر كان في عهد والده أو قبل ذلك بقليل. ومما يؤكد حداثة هذا النزوح ثبات حفظ القرافي لكثير من أسماء القبائل المغربية، مما يدل على قرب عهد أسرته بها (5) . كما أن والده كُني بأبي العُلَى، ونُعِت بالشيخ الأجلّ (6) ، مما يشير إلى أن والد القرافي رحل إلى مصر رحلة علمية حتى اكتسب هذا الإجلال والتعظيم.
_________
(1) وهكذا توارد النقل عنه في: كشف الظنون 2 / 1153، هدية العارفين 1 / 90.
(2) انظر: معجم البلدان للحموي 1 / 508، الوافي بالوفيات 6/233.
(3) هكذا في: الوافي بالوفيات 6 / 233، بينما في: المنهل الصافي 1 / 215 " بَهَبْشِيْم ".
(4) انظر: الديباج المذهب ص 128، حسن المحاضرة 1 / 316.
(5) منها: صنهاجة، وهنتاتة، وزناتة، ودكالة، وغمارة، ومغراوة، وهيجانة، وهشكورة، وكدميولة، وبرغواطة، وهزميزة، ولمطة، وهرعة، ورباح. . . وغيرها كثير. انظر: العقد المنظوم للقرافي 1 / 551.
(6) جاء في مقدمة كتاب ترتيب الفروق واختصارها لتلميذ القرافي أبي عبد الله محمد البقوري 1 / 19 ((وبعد: فإني لما وقفتُ على الفروق التي لشيخنا الأجل، الإمام الأفضل، العالم العَلَم المشارك شهاب الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ الأجل المرحوم أبي العُلَى إدريس القرافي. . .)) .

(1/31)


وكانت مصر معقل العلم وموئل العلماء، حتى قال ابن خلدون (1) : ((ونحن لهذا العهد، نرى أن العلم والتعليم إنما هو بالقاهرة من بلاد مصر)) (2) .
وكانت القاهرة تعجُّ بالمساجد والمدارس ودور العلم، وبهذا تهيأت للشهاب القرافي منذ نعومة أظفاره فرصة تلقي العلم. فقد ذكرت بعض كتب التراجم بأن القرافي كان طالباً بالمدرسة الصاحبية، وكان يُعطى له من ريع وَقْفها، وفي مرةٍ لم يكن حاضراً، فلم يُعْرف اسمه، فكتب الشخص المسؤول عن حصر الغياب ونحوه اسمه بأنه " القرافي "؛ لأنه كان يأتي من تلك الجهة (3) . فهذا يعني أنه كان طالباً في هذه المدرسة، وكانت تجري عليه أرزاقها.
ومما يُسجَّل في طَوْر النشأة العلمية للقرافي شدة ملازمته لشيخه الجليل العز بن
عبد السلام منذ وطئت قدماه أرض مصر عام 639 هـ، وكان القرافي وقتذاك في الثالثة عشرة من عمره، فقد لازمه حتى توفي شيخه رحمه الله عام 660 هـ.
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، فيلسوف مؤرخ، عالم بالاجتماع، فقيه مالكي، رحل إلى عدة بلدان تولَّى القضاء في مصر وتوفي بها، من مؤلفاته: العبر وديوان المبتدأ والخبر. . . (تاريخ ابن خلدون) (ط) ، رسالة في المنطق، ملخص المحصول للرازي، وغيرها. ت 808 هـ. انظر: الابتهاج ص 17، الضوء اللامع 4 / 145.
(2) مقدمة ابن خلدون 3 / 1025.
(3) انظر: الوافي بالوفيات 6 / 233، المنهل الصافي 1 / 215، تاريخ الإسلام للذهبي ص 176.

(1/32)


المبحث الثالث
عقيدته ومذهبه الفقهي

أولاً: عقيدة القرافي:
من الآثار العلمية والفكرية السائدة في عصر القرافي على شخصيته اعتقاده في مسائل أصول الدين بعقيدة الأشاعرة (1) .
فإن انتشار هذا المذهب في ديار مصر بصورة واسعة تمَّ عندما كانت تحت سلطنة السلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، وقد كان صلاح الدين يحفظ هذه العقيدة في صباه، وهكذا كان قاضيه. فلذلك عقدوا الخناصر، وشَدُّوا البَنَان على المذهب الأشعري، وحَمَلوا في أيام دولتهم كافَّةَ الناس على التزامه. فتمادى الحال على ذلك جميعَ أيام الملوك من بني أيوب (2) .
ولقد أسهم القرافي - كغيره من العلماء - ببعض مصنفاته في شرح المذهب الأشعري الذي يعتقده ويؤمن به، فهو يشرح كتاب: " الأربعين في أصول الدين (3) " للفخر الرازي الذي هو من أكابر علماء الأشاعرة، ومن المنظِّرين لهذه العقيدة.
إن أشعرية القرافي تبدو واضحةً للعَيَان عند الاطلاع على كثير من كتبه، فمؤلفاته تنبيء بأنه أشعريٌ خالص متمسِّك بها، ويُسمِّي أهل مذهبه بأهل الحق (4) ، وبأهل السنة (5) .
ومن النصوص الصريحة في انتحال القرافي مذهب الأشاعرة ما يلي:
(1) قال في كتابه: نفائس الأصول (1/419) ((. . . وليس كما قال، لأنَّا
- أيها الأشاعرة - نجوِّز تكليف مالا يطاق. .)) .
_________
(1) انظر التعريف بها ص (28) من القسم التحقيقي.
(2) انظر: الخطط المقريزية 4/184 وما بعدها.
(3) انظر: مؤلفات القرافي في العقيدة ضمن مصنفاته ص (50) من القسم الدراسي.
(4) انظر على سبيل المثال: كتابه الاستغناء في أحكام الاستثناء ص 420، 612، شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 48، 72.
(5) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 138.

(1/33)


(2) وقال في كتابه: شرح تنقيح الفصول ص (145) ((. . . لم يقل بالكلام النفسي إلا نحن، ولذلك تُصُوِّر - على مذهبنا - تعلُّقه بالأزل. . .)) .
(3) وقال في كتابه: الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة ص (65) ((. . . ولذلك عَدَلْتُ عن بيان سماع موسى عليه السلام لكلام الله تعالى، وهو قائم بذاته بغير حَرْفٍ ولا صَوْتٍ، وهو مبسوط في كتبنا الكلامية، وقد ذكرته مستوعباً في: شرح الأربعين للإمام فخر الدين، فمن أراده نظره هناك)) .
(
4) وقال في كتابه: الذخيرة (13/244) - بعد أن أورد مَقُولَة الشافعي:
((لو وَجَدْتُ المتكلمين لضربتهم بالجريد)) - قال: ((قال لي بعض الشافعية - وهو مُتَعيِّن فيهم يومئذٍ - هذا يدل على أن مذهب الشافعي تحريم الاشتغال بأصول الدين. قلتُ له: ليس كذلك، فإن المتكلمين اليوم في عُرْفِنا إنما هم الأشعري وأصحابه، ولم يُدْرِكوا الشافعي ولا تلك الطبقة الأولى، وإنما كان في زمان الشافعي عَمْرو بن عُبيد وغيره من المعتزلة المبتدعة أهل الضلالة، ولو وجدناهم نحن ضربناهم بالسيف فضلاً عن الجريد، فكلامه (أي الشافعي) ذَمٌّ لأولئك لا لأصحابنا. وأما أصحابنا القائمون بحجة الله، والناصرون لدين الله، فينبغي أن يُعظَّموا ولا يُهْتَضَموا؛ لأنهم القائمون بفرض كفايةٍ عن الأمة. . .)) .
ومع كون القرافي على مذهب الأشاعرة إلا أن ذلك لم يَحْمِله على التعصب وبَطَر الحق، فقد كان يتخلَّى عن مذهب قومه، ويُنْصف خصمه إذا كانوا على الحق.
يدلُّ على ذلك: اختياره ما يخالف مذهب الأشاعرة والجمهور في مسألة تحريم الشارع واحداً لا بعينه، واختيار أنه لا يمكن تحريم واحدٍ لا بعينه، وقال: ((والحق في هذا ما نسبه (أي الآمدي) للمعتزلة لا ما نسبه لأصحابنا)) (1) .
وما دام الحديث هنا عن عقيدة القرافي فمن إحقاق الحق أن نُشِيد بموقفه الباسل، وجهاده النبيل، النابع من إيمانه الراسخ بدين الإسلام عقيدةً وشريعةً ضِدَّ شبهات اليهود والنصارى ومفترياتهم. فلقد انْبَرَى لهم القرافي - وقد كانوا كُثُراً في عصره - يزيَّف معتقداتهم الباطلة، ويُفَنِّد طعونهم المسمومة في الإسلام وأهله. وفي هذا الصدد
_________
(1) انظر: نفائس الأصول 1/271 - 274، الفروق 2/8.

(1/34)


ألف كتابه الرائع: " الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة " (1) في الرد على اليهود والنصارى. فرَحْمةُ الله عليه رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
ثانياً: مذهبه الفقهي:
... لا يساور أحداً الشكُّ بأن الشهاب القرافي مالكيُّ المذهب، بل زعيم المالكية في عصره بإجماع من تَرْجَم له. وإليك عَرْضَ الدلائل القاطعة بمالِكِيَّتِهِ:
(1) قال في أول كتابه الذخيرة (1/34 - 36) ((أما بعد: فإن الفقه عماد الحق، ونظام الخلق، ووسيلة السعادة الأبدية، ولباب الرسالة المحمدية، مَنْ تحلَّى بلباسه فقد ساد، ومن بالغ في ضبط معالمه فقد شاد. ومن أجَلِّه تحقيقاً، وأقْربِه إلى الحق طريقاً: مذهبُ إمام دار الهجرة النبوية، واختياراتُ آرائه المرضيَّة. لأمور - ثم ساقها
وقال -: ولمَّا وهبني الله من فضله أن جعلني من حَمَلة طلبته، الكاتبين في صحيفته، تعينَّ علَيَّ القيامُ بحقه بحسب الإمكان، واستفراغ الجهد في مكافأة الإحسان. . . ثم قال: وقد آثرْتُ أن أجمع بين الكتب الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقاً وغرباً، حتى لا يفوت أحداً من الناس مطلب، ولا يعوزه أرب. . .)) .
- وقال أيضاً في الذخيرة (1/39) ((وبنيت مذهب مالك رحمه الله في أصول الفقه ليظهر عُلوُّ شرفه في اختياره في الأصول كما ظهر في الفروع. . .)) .
(2) وقع من القرافي في مواطن كثيرة من كتبه أنه إذا أراد حكاية قولٍ من علماء المالكية ولا سيما الباقلاني أن يُعقَّب بقوله: " مناَّ " (2) أو " من أصحابنا " (3) ، كما أنه إذا أراد الاستدلال لرأي المالكية عَبَّر بقوله: " لنا " (4) أي: معشر المالكية، وهكذا.
(
3) نصَّ القرافي بنفسه على اعتزائه إلى المذهب المالكي في مقدمات بعض كتبه، منها: كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء ص (85) ، قال: ((يقول العبد الفقير إلى مغفرة ربه أحمد بن إدريس المالكي عفا الله عنه. . .)) وتكررت نفس العبارة بحروفها تقريباً في مقدمة كتابه: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام. . . ص (30) .
_________
(1) انظره ضمن مؤلفاته ص 49.
(2) انظر: القسم التحقيقي، الصفحات: 4، 42، 223.
(3) انظر: القسم التحقيقي، الصفحات: 5، 55، 341.
(4) انظر: القسم التحقيقي، الصفحات: 24، 32، 499.

(1/35)


وفي مقدمة كتابه: الأمنية في إدراك النية ص (3) قال: ((أما بعد: فيقول الشيخ الفقيه الإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس المالكي. . .)) ولا شك بأن عبارات الثناء التي سبقت اسمه ليست من عنده، بل من زيادة النسَّاخ.
(4) أجمع كل من ترجم له بأنه ينتسب إلى المذهب المالكي، ولهذا جاءت ترجمته في كتب طبقات المالكية (1) دون طبقات المذاهب الأخرى.
هذه الدلائل كافية تماماً لإثبات مذهبه الفقهي، فلا حاجة لجلب النصوص والاستدلال على ما هو مشهور ثابت بالإجماع.
وبالرغم من كونه على المذهب المالكي لم يجْرِمنَّه شنآن قوم على ألاَّ يعدل مع المخالفين لمذهبه بل لم يظلّ متعصباً لمالكيته على حساب الحق الذي يدين به.
بل إنك تلمس في هذا الرجل المنصف محاربته السافرة للجامدين المتعصِّبين ولو كانوا من ذوي قرباه في المذهب. فعندما تعرَّض لما نقله عن " المدونة " من أن القائل لامرأته: أنت عليَّ حرام، أو أنت خَلِيَّة، أو وهبتك لأهلك، أنها تطلق منه بالثلاث، ولا تنفعه النية أنه أراد أقلّ من الثلاث (2) ناقش هذه المسألة ولم يرضها، وقال:
((
فهذه الأحكام حينئذٍ بلا مستندٍ، والفتيا بغير مستند باطلةٌ إجماعاً، وحرامٌ على قائلها ومعتقدها - ثم قال - لكن أكثر الأصحاب وأهل العصر لا يساعدون على هذا وينكرونه. وأعتقد أن ما هم عليه خلاف إجماع الأئمة، وهذا الكلام واضحٌ لمن تأمَّله بعقل سليمٍ، وحُسْن نظرٍ سالمٍ من تعصبات المذاهب التي لا تليق بأخلاق المتقين لله
تعالى)) (3) .
ولهذا لا غرو أن حرص القرافي رحمه الله في موسوعته الفقهية " الذخيرة " على بيان مذاهب الفقهاء عامةً والأئمة الثلاثة خاصةً بجانب مذهب الإمام مالك رحمه الله.
_________
(1) كالديباج المذهب ص 128 - 130، شجرة النور الزكية 1/188 - 189، الفكر السامي للحجوي
2 / 273.
(2) انظر: المدونة 5 / 393، 397، وانظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ص 222 وما بعدها.
(3) انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام ص 225.

(1/36)


قال في مقدمة الذخيرة (1/35) ((وقد آثرت التنبيه على مذاهب المخالفين لنا من الأئمة الثلاثة، ومآخذهم في كثير من المسائل؛ تكميلاً للفائدة، ومزيداً في الاطلاع، فإن الحق ليس محصوراً في جهةٍ، فيعلم الفقيه أي المذهبين أقرب للتقوى، وأعلق بالسبب
الأقوى ... )) .
ومن الدلائل المشيرة إلى إنصافِهِ وتجرُّدِهِ للحق ما يلي:
(1) جاء في الفروق (1/12) قوله ((وهنا سؤالان مشكلان على المالكية. . .)) . وفي موضع آخر من الفروق (3 / 171) قال: ((وهذا موضع مشكل على
أصحابنا)) .
(2) بعد مناقشته لمسألة بيع الطعام قبل قبضه قال في الفروق (1/193)
((فبقيت المسألة مشكلة علينا، ويظهر أن الصواب مع الشافعي)) .
(3) قال في كتابه: الاستغناء في أحكام الاستثناء ص (620) ((ولا ينبغي أن ينازعهم (يقصد الشافعية) أصحابنا في هذا؛ فإنه على القواعد)) .
وأخيراً الإمام القرافي رغم وصوله منزلةً علميةً رفيعةً نجده لا يتردد في الاعتراف بعجزه عن ضبط مسألةٍ ما، وهذا في الحقيقة من كمال تواضعه وتجرده، فمثلاً:
لمَّا تأمَّل تعريفه للرخصة في " تنقيح الفصول " قال: ((والذي تقرر عليه حالي في شرح المحصول، وها هنا، أني عاجز عن ضبط الرخصة بحدٍّ جامعٍ مانعٍ، أما جزئيات الرخصة من غير تحديدٍ فلا عُسْر فيه، إنما الصعوبة في الحدِّ على ذلك الوجه)) (1) .
وهكذا إذا أخطأ القرافي وتبيَّن له وجه الصواب، لا يستنكف أن يرجع
عن خطائه. قال في شرح تنقيح الفصول ص (43) ((وقولي في الكتاب (يعني المتن) : الحقيقة استعمال اللفظ في موضوعه. صوابه: اللفظة المستعملة أو اللفظ
المستعمل. . .)) .
رحمة الله على الإمام القرافي، وعلى علماء الأمة أجمعين. آمين.
_________
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 87، نفائس الأصول 1 / 331 - 336.

(1/37)


المبحث الرابع
شيوخه
ربما كان من المتعذِّر حصر المشايخ الذين أخذ عنهم القرافي، فقد قيَّض الله له علماء أجلاء، وسأذكر أبرزهم، فمنهم:
1- أبو عمرو جمال الدين عثمان بن عمرو بن أبي بكر بن يونس المالكي المعروف بابن الحاجب (1) .
كان وقَّاد الذهن، متقناً لمذهب مالك، بارعاً في الأصول والفقه والعربية. صنَّف مختصرات طبَّقتْ شهرتها الآفاق منها: المختصر الفقهي: جامع الأمهات (ط) ، والمختصر الأصولي: منتهي السول ومختصره (ط) ، الكافية في النحو (ط) ، والشافية في الصرف (ط) توفي سنة 646هـ.
ذكر القرافي شيخه ابن الحاجب في كتابه الفروق (1 / 64) فقال:
((وقد وقع هذا البيت لشيخنا الإمام الصدر العالم، جمال الفضلاء، رئيس زمانه في العلوم، أو سيِّد وقته في التحصيل والفهوم: جمال الدين الشيخ أبي عمرو بأرض الشام، وأفتى فيه وتفنن، وأبدع فيه ونوَّع رحمه الله وقدَّس روحه الكريمة. . .)) .
2- شمس الدين عبد الحميد بن عَمَوَيْه بن يونس الخُسْرَوْشَاهي الشافعي (2) .
كان فقيهاً أصولياً متكلماً محققاً بارعاً في المعقولات، قرأ على الإمام الرازي، وأكثر من الأخذ عنه. صنَّف: مختصر المهذب للشيرازي، مختصر المقالات لابن سينا، توفي
سنة 652هـ.
ذكره القرافي في " شرح تنقيح الفصول " ص (33) (المطبوع) عند الكلام عن تحرير الفرق بين عَلَم الجنس وعَلَم الشخص واسم الجنس، فقال: ((وكان الخسروشاهي يقرره، ولم أسمعه من أحدٍ إلا منه، وكان يقول: ما في البلاد المصرية من يعرفه. . .)) (3) .
وكذلك ذكر في نفائس الأصول (2 / 704) بأنه قرأ المحصول وضبطه عليه.
_________
(1) انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3 / 248، الديباج المذهب ص 189
(2) انظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى 5 / 60
(3) وانظر: نفائس الأصول 2 / 601.

(1/38)


3 - أبو محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المُنْذِري (1) .
ولد بمصر عام 581هـ وطلب الحديث، فرحل من أجله إلى مكة والمدينة ودمشق وبيت المقدس، حتى صار أحد الحفاظ المشهورين، وتولى مشيخة دار الحديث
الكاملية، وبقي فيها حتى توفي عام 656هـ.
من مصنفاته: الترغيب والترهيب (ط) ، مختصر صحيح مسلم (ط) .
أخذ عنه خلق كثير منهم: العز بن عبد السلام، وابن دقيق العيد، وقد أشار إليه القرافي في كتابه " الفروق " (2 / 191) .
4- عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن القاسم السُّلَمي الشافعي (2)
الملقَّب بسلطان العلماء، توفي سنة 660هـ.
أخذ القرافي عنه كثيراً، وكان شديد الإعجاب به، فها هو يقول عنه في
" الفروق " (2 / 157) ((ولم أر أحداً حرَّره هذا التحرير إلا الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله وقدَّس روحه، فلقد كان شديد التحرير لمواضع كثيرة في الشريعة معقولها ومنقولها، وكان يُفْتح عليه بأشياء لا توجد لغيره رحمه الله تعالى. . .)) .
وقال في موضع آخر من كتابه " الفروق " (4 / 251) ((لقد حضرت يوماً عند الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وكان من أعيان العلماء، وأولي الجِدِّ في الدين، والقيام بمصالح المسلمين خاصةً وعامةً، والثبات على الكتاب والسنة، غير مُكْترثٍ بالملوك فضلاً عن غيرهم، لا تأخذه في الله لومة لائم. . .)) .
5- شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن شرف الدين المقدسي الحنبلي (3)
ولد بدمشق، ثم رحل إلى بغداد وتفقه فيها، واستقر بمصر، ودرس في المدرسة الصالحية، وتولى القضاء فيها، وكان يُعْتبر شيخ الحنابلة في مصر، توفي سنة 676 هـ ودفن بالقرافة الصغرى.
_________
(1) انظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى 5 / 108، سير أعلام النبلاء 23 / 319.
(2) انظر: ترجمته في القسم التحقيقي ص 449.
(3) انظر: شذرات الذهب 5 / 353.

(1/39)


أخذ القرافي عنه كما جاء في " الديباج المذهب " ص (128) ، وسمع عليه
كتابه: وصول ثواب القرآن.
6- شمس الدين محمد بن عمران بن موسى المعروف بالشريف الكَرْكِي (1)
ولد بفاس، ثم قدم مصر، وكان صاحب علوم كثيرة، وكان شيخاً للمالكية والشافعية بالديار المصرية والشامية، قدم من المغرب بمذهب مالك، وصحب العز بن
عبد السلام وأخذ عنه الفقه الشافعي، توفي سنة 688هـ.
قال القرافي عنه: ((إنه تفرد بمعرفته ثلاثين عِلْماً وحده، وشارك الناس في
علومهم)) (2) .
_________
(1) انظر ترجمته في: الديباج المذهب ص 416، بغية الوعاة 1 / 202.
(2) انظر: الديباج المذهب ص 416.

(1/40)


المبحث الخامس
تلاميذه
لقد أصبح القرافي عَلَماً بارزاً من الأعلام المشار إليهم بالبنان، وقد أفاد منه كثيرٌ من الطلبة والمشتغلين عليه، وقد عُهِد إليه بالتدريس في بعض مدارس مصر الشهيرة، وبجامع عمرو بن العاص. ولا شك أن خلقاً كثيراً قد أخذوا عن الإمام القرافي، فمِنْ أبرز تلاميذه:
1 - عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف العَلاَمي الشافعي، المشهور بابن بنت الأعز (1)
كان فقهياً نحوياً ديِّنياً فصيحاً، وكان من أحسن القضاة سيرة، ولي خطابة الأزهر، والتدريس بالمدرسة الشريفية. قرأ على القرافي الأصول وتعليقة القرافي على المنتخب التي صنعها لأجله. توفي سنة 665هـ.
2 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد البَقُّوري (2)
أخذ عن الإمام القرافي وغيره، واختصر كتابه " الفروق " وهَذَّبه ورتَّبه وسماه:
" ترتيب الفروق واختصارها " (ط) . توفي سنة 707هـ.
3 - صدر الدين أبو زكريا يحيى بن علي بن تمام السُّبْكي (3) .
برع في الفقه والأصول، وقرأ الأصول على الإمام القرافي، وسمع الحديث من غيره، تولي قضاء بعض البلاد المصرية، ثم درَّس بالمدرسة السيفية بالقاهرة حتى وفاته سنة 725هـ.
4 - شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة المِرْدَاوي المقدسي الحنبلي (4)
كان أصولياً مقرئاً نحوياً فقيهاً بمذاهب الحنابلة زاهداً ديِّناً، انتهت إليه مشيخة بيت المقدس. قرأ الأصول على القرافي، ألَّف شرحاً كبيراً للشاطبية وغيره. توفي ببيت المقدس سنة 728هـ.
_________
(1) انظر: طبقات الشافعية الكبرى 8 / 172، فوات الوفيات 2 / 279.
(2) انظر: الديباج المذهب ص 410، شجرة النور الزكية 1 / 211.
(3) انظر: طبقات الشافعية الكبرى 10 / 391.
(4) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 122، شذرات الذهب 3 / 87.

(1/41)


5 - زين الدين أبو محمد عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي الشافعي (1)
كان رجلاً صالحاً زاهداً ذاكراً، ولي قضاء بعض البلاد المصرية، وكان من أعيان نوَّاب ابن دقيق العيد.
قرأ الأصول على الشهاب القرافي، وحدَّث بالقاهرة والمحلَّة ومكة والمدينة. توفي سنة 735هـ.
6- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القَفْصي (2) .
نزل بتونس، ثم رحل إلى الاسكندرية، ثم القاهرة، ولقي القرافي بها، ولازمه وانتفع به، وأجازه الإمام القرافي بالإمامة والأصول والفقه، كان فقيهاً فاضلاً متفنناً في العلوم، حج سنة 680هـ، وعاد إلى المغرب بعلمٍ جَمٍّ، ولي قضاء قَفْصة ثم عزل. توفي سنة 736هـ. من تآليفه: تحفة اللبيب في اختصار كتاب ابن الخطيب، تحفة الواصل في شرح الحاصل، المذهب في ضبط قواعد المذهب، وغيرها.
7 - محمد بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن عدلان الكِنَاني الشافعي (3) .
كان إماماً يُضرب به المثل في الفقه، عارفاً بالأصلين والنحو والقراءات، ذكياً نظاراً فصيحاً سليم الصدر، كثير المروءة، درَّس بأماكن كثيرة، أخذ الأصول عن الإمام القرافي. توفي سنة 749 هـ.
_________
(1) انظر: طبقات الشافعية الكبرى 10 / 89، الدرر الكامنة لابن حجر 3 / 197.
(2) انظر: الديباج المذهب ص 417، شجرة النور الزكية 1 / 207.
(3) انظر: طبقات الشافعية الكبرى 9 / 97، شذرات الذهب 3 / 164.

(1/42)


المبحث السادس
مكانته العلمية وثناء العلماء عليه
* مكانته العلمية:
مما لا ريب فيه أن القرافي تبوأ منزلة عالية، واعتبر من أكابر علماء عصره، قد شهد له بذلك معاصروه، ومن تلوه ممن قرأوا كتبه.
لقد أظهرت مصنفاته العديدة المتنوعة سمّو مكانته، وعلّو درجته في كثير من ميادين العلوم والفنون التي خاضها ودرسها.
فهو المتكلم الضليع، والمنطيق البارع، له دراية فائقة بعلم العقائد والتوحيد، وهو منافح صِنْديد عن عقيدة الإسلام وشريعته ضد شبهات اليهود والنصارى وأهل الزيغ والضلال (1) .
وهو المفسِّر المتمكِّن، له أقوال مبثوثة في مصنفاته (2) ،
ونقل عنه بعض المفسرين في تفاسيرهم (3) .
وهو لغويٌ كبير، أحاط بكثير من دقائق اللغة، وسبر غورها، وفهم سِرَّها. وتحريراتهُ ومصنفاتهُ تشهد له بذلك (4) .
وهو فقيهٌ متبحِّر، ومدقِّق متفرد، حسبك بموسوعته الفقهية الزاخرة " الذخيرة " فهي من أشهر كتب الفقه المالكي بل الفقه الإسلامي عامَّةً، وناهيك بكتابه الفذ
" الفروق " الذي يعتبر من أعظم مبتكراته الفريدة في علم القواعد الفقهية.
وهو أصوليٌ نظَّار نحرير، عقليته الأصولية بارعة قوية، ويكفيك برهاناً على إبداعاته الأصولية تصدِّيه لشرح أجلِّ كتب الأصول وهو " المحصول " للرازي. فقد أودع القرافي دُرَره ونفائسه في كتابه الموسوعي " نفائس الأصول في شرح المحصول ".
_________
(1) انظر: ما ألفه من كتب في علم العقائد وأصول الدين ضمن مؤلفاته: ص 49 - 50.
(2) أشار الصفدي في: الوافي بالوفيات (6 / 234) بأن للقرافي مصنَّفاً في تفسير الآية (8) من سورة

الأنبياء. وكتابه: " الاستغناء في أحكام الاستثناء " حافل بالعديد من تفسيراته للآيات. انظر: ص 240، 310، 401، 458، 517، 638.
(3) انظر على سبيل المثال: تفسير ابن جزي الكلبي المسمى: التسهيل لعلوم التنزيل 1 / 305، روح المعاني للألوسي 13 / 322.
(4) انظر: مصنفاته في اللغة ضمن مؤلفاته: ص 57، 58.

(1/43)


وبجانب إمامة القرافي في العلوم النقلية والعقلية الشرعية، كانت له معرفة ثاقبة ببعض العلوم التجريبية، ومشاركاته في هذا المضمار تُعْلن عن تبحُّره وتفنُّنه.
فله اطلاع واسع بالطب، فها هو يقول في " نفائس الأصول " (6 / 2602) بأن الترياق (1) نافع إلا إذا استعمله الممتلئ، أو صغير السن، أو أُخذ منه مقدار كبير، فإنه يقتل. وقال في النفائس (1 / 459) عن " ماء الهِنْدِباء " (2) : إنها تفتح سَدَد الكبد. وقال عن الَبَقْلة الحمقاء (3) المسماة بالرِّجْلة بأن عادة الأطباء يصفون بَزْرَها لتسكين العطش (4) .
وقد استعمل الحساب والجبر والمقابلة في باب " الفرائض " من كتابه
" الذخيرة " (5) وهو أمر لم يُسْبق إليه من قَبْلُ في كتب المالكيين. كما له تصنيف في الرياضيات (6) .
وتحدث عن علم الفلك والمواقيت حديث العالم الخبير، فبيَّن ما يشتمل عليه من العروض والأطوال والقطب والكوكب والشمس والرياح، وذلك عند الكلام على تحديد القبلة للمصلِّي في كتابه: " الذخيرة " (7) .
_________
(1) التِرْياق: ما يستعمل لدفع السُم من الأدوية والمعاجين، قيل: مأخوذ من ريق الحيات. انظر لسان العرب، المصباح المنير كلاهما مادة " ترق ".
(2) الهِنْدباء: نبات بري معمّر، زهوره زرقاء، سماه بعضهم: صديق الكبد، يصنع منه شراب، وهو فاتح للشهية، ومفرِّغ للصفراء، ومنقٍّ للدم وغير ذلك. انظر معجم الأعشاب والنباتات الطبية د. حسان قُبيْسي ص 326.
(3) البقلة الحمقاء: هي نبتة عشبية لَحمْية من فصيلة " الرجْلياَت " تسمى في لبنان: فرفحين، وتسمى: فَرفْخ، وتسمى في مصر والحجاز: رِجْلة. سميت بالحمقاء؛ لأنها تنبت في مسيل الماء فإذا جاء السيل ذهب بها. إذا خلط بزرها بالخل فإنه يصبر على العطش طويلاً، ولهذا يستصحبها المسافرون معهم. انظر: قاموس الغذاء والتداوي بالنبات لأحمد قدامة ص 80.
(4) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 8، وانظر ما قاله عن " السَّكَنْجَبِين " وأنه نافع للصفراء
ص (13) من المرجع السابق.
(5) انظر: الذخيرة 1 / 39، 13 / 91.
(6) وهو: ((المناظر في الرياضيات)) . انظره ضمن مؤلفاته: ص 59.
(7) انظر: الذخيرة 2 / 13، 125، وللقرافي كتاب " اليواقيت في علم المواقيت " انظر: ص 56 القسم الدراسي.

(1/44)


كما له معرفة بعلم الفيزياء يدلُّ عليها تفسيره للصوت وكيفية خروجه، فهو يقرِّر: بأن الصوت عبارة عن هواء خارج عبر مَجَارٍ هندسية دقيقة ذات تجويفات مُحْكمة، وليس شرطاً أن يصدر هذا الصوت عن حيٍّ، بل قد يصدر عن جماد (1) .
وفي الضوء أسهم بكتاب فريد مفيد فيه، وهو: " الاستبصار فيما تدركه
الأبصار " شرح فيه صفة الإبصار وانعكاس الصور، وتشريع العين، وخداع البصر (2) .
... كما كان للقرافي مهارة صناعية عجيبة، وقدرة اختراعية بديعة (3) ، فقد ابتكر صناعة آلات وتماثيل على هيئة إنسان أو حيوان، قال في " نفائس الأصول "
(
1 / 441) : ((وكذلك بلغني أن الملك الكامل (4) وُضِع له شَمْعدان (5) ، كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه، وخرج منه شخص يقف في خدمة السلطان، فإذا انقضتْ عشر ساعات، طَلَع شخص على أعلى الشمعدان، وقال: صبَّح الله السلطان بالسعادة، فيعلم أن الفجر قد طلع. وعَمِلْتُ أنا هذا الشمعدان، وزِدْتُ فيه أن الشمعة يتغيَّر لونها في كل ساعة، وفيه أسَدٌ تتغيَّر عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد، ثم إلى الحُمْرة الشديدة، في كلِّ ساعةٍ لهما لون، فيُعْرف التنبيه في كل ساعةٍ، وتسقط حصاتان من طائرين، ويدخل شخص، ويخرج شخص غيره، ويُغْلق بابٌ ويُفتح باب، وإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى الشمعدان وأصبعه في أذنه يشير إلى الأذان، غير أني عجزْتُ عن صنعة الكلام. وصنعْتُ صورة حيوانٍ يمشي ويلتفت يميناً وشمالاً، ويُصفِّر، ولا يتكلم)) (6) .
_________
(1) انظر: باب اللغات في كتابه: نفائس الأصول 1 / 440 - 441
(2) انظره ضمن مؤلفاته: ص 59.
(3) انظر مقالاً طريفاً عنوانه: " علماء فنانون: الإمام القرافي " للأستاذ / عبد المجيد وافي، في مجلة الوعي الإسلامي - وزارة أوقاف الكويت عدد (40) السنة الرابعة، عام 1388 هـ، ص 54 - 59.
(4) هو أبو المعالي الملك الكامل محمد بن الملك العادل محمد بن أيوب من سلاطين الدولة الأيوبية ولد سنة 576هـ كان عارفاً بالأدب، وسمع الحديث ورواه، حكم سنة 615هـ حتى وفاته سنة 635هـ. انظر الوافي بالوفيات 1 / 193.
(5) الشَّمْعدان: هو عمود طويل له مراكز يوضع عليها الشمع للإنارة. انظر: المعجم الوسيط مادة " شمع ".
(6) معلوم من الشريعة حرمة صنعة التماثيل، ولكن لسنا ندري كيفية هذه التماثيل وهيئاتها، والظن بالقرافي امتناعه عن صناعة المُحرَّم. ويظهر لي أن صناعته هذه كانت في الصبا قبل بلوغه السنة التاسعة من عمره؛ لأن وفاة الملك كانت سنة 635هـ، وولادة القرافي كانت سنة 626هـ. فانظر - يالبيب - بماذا كان يشتغل أشبال المسلمين بالأمس وقارنه بترهات شبابنا اليوم!!

(1/45)


فلا عجب بعد هذا كله أن دعا القرافي إلى تعلم العلوم المساعدة للشريعة من حساب وهندسة وفلك وطب وفيزياء وكيمياء وغيرها. فها هو يقول في كتابه
" الفروق " (4 / 11) : ((وكم يخفي على الفقيه والحاكم الحق في المسائل الكثيرة بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة، فينبغي لذوي الهمم العليَّة ألا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم.
ولم أرَ في عُيوبِ الناسِ عَيْباً ... كنَقْصِ القَادِرين على التَّمَامِ)) (1)
* ثناء العلماء عليه:
... بعد الاطلاع على مكانته العلمية السامقة ومنزلته الرفيعة الشاهقة، ماذا عسى أهل العلم أن يقولوا فيه؟
... إليك بعض ما قيل فيه رحمه الله تعالى (2) :
... الإمام، العالم، الفقيه، الأصولي، العلامة الفهامة، وحيد دهره، وفريد عصره، نسيج وحده، وثمر سعده، شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق والرسوخ، ذو العقل الوافي، والذهن الصافي، الشهاب القرافي.
الإمام الحافظ، والبحر اللافظ، المفوَّه المنطيق، الآخذ بأنواع الترصيع والتطبيق، كان حسن السمت والشكل، وكان مُحْرِزاً قَصَب السَّبْق، جامعاً للفنون، وكان مُرْتَحل العلماء من الأصقاع النائية.
كان إماماً بارعاً في الفقه، والأصول، والعلوم العقلية، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك، دلَّتْ مصنفاته على غزارة فوائده، وأعربتْ عن حسن مقاصده، جمع فأوعى، وفاق أضرابَه جِنْساً ونوعاً.
... كان أحسن مَنْ ألقى الدروس، وحلَّى مِنْ بديع كلامِه نُحوْرَ الطروس، إن عَرَضتْ حادثة فَبِحُسْن توضيحه تزول، وبعَزْمته تحول، فَلِفَقْده لسانُ الحال يقول:
_________
(1) البيت من بحر الوافر، وهو لأبي الطيب المتنبي. انظر: شرح ديوان المتنبي للبرقوقي 4 / 27.
(2) انظر: محصل هذه النعوت والأوصاف في: الديباج المذهب ص 128، نيل الابتهاج بتطريز الديباج للتنكتي ص 325، شجرة النور الزكية 1 / 188.

(1/46)


حَلَفَ الزمانُ ليأتينَّ بمثلِهِ ... حَنِثَتْ يمينُك يا زمانُ فكَفِّرِ (1)
- قال الطوفي (2) فيه: ((الشيخ الإمام الأوحد)) (3) .
- وقال الحافظ الذهبي (4) فيه: ((العالم الشهير، الأصولي. . . كان إماماً في أصول الدين، وأصول الفقه، عالماً بمذهب مالك، وبالتفسير، وعلوم أخر. . . وصنَّف في أصول الفقه الكتب المفيدة الكثيرة، واستفاد منه الفقهاء)) (5) .
- وقال ابن السبكي (6) فيه: ((أستاذ زمانه في المنطق والعقليات بأسرها)) (7) .
- وقال الحافظ العلائي (8) فيه: ((كان يجري بينه وبين العلامة شمس الدين
_________
(1) لم أتعرَّف على قائله. لكنه يتكرَّر وروده في كتب التراجم والتواريخ، مبالغةً في مَدْح العَلَم المترجَم له.

ولهذا قيل هذا البيت في: أبي بكر بن عمر الطريني (ت 827 هـ) ، انظر: المستطرف في كل فنٍّ مستظرف للأبشيهمي 1 / 320.
وقيل أيضاً في: ابن مرزوق الحفيد (ت 842 هـ) ، انظر: نفح الطيب للمقري التلمساني 5 / 423.
(2) هو نجم الدين أبو الربيع سليمان بن عبد القوي الطوفي البغدادي الحنبلي. كان قوي الحافظة والذكاء، شارك في علوم كثيرة، منها: اللغة والتفسير والأصول والعقيدة. له مؤلفات كثيرة، منها: شرح مختصر الروضة (ط) ، الانتصارات الإسلامية في دفع شبه النصرانية (ط) وغيرها، ت 716 هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 366.
(3) شرح مختصر الروضة 1 / 104.
(4) هو: الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الشافعي، اشتهر في علوم الحديث والتاريخ، له تصانيف نافعة كثيرة، منها: تاريخ الإسلام (ط) ، سير أعلام النبلاء (ط) ، ميزان الاعتدال (ط) وغيرها، ت 748 هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى 9 / 100.
(5) تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث وفيات 681 - 690 هـ) ص 176.
(6) هو: تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي، تتلمذ على أبيه تقي الدين السبكي، ولزم الذهبي، وله مشاركة في التاريخ والأصول والفقه والأدب وغير ذلك. له مصنفات مفيدة منها: طبقات الشافعية الكبرى (ط) ، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (ط) ، الأشباه والنظائر (ط) وغيرها. انظر: الدرر الكامنة لابن حجر 2 / 425.
(7) رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب 3 / 82.
(8) هو: صلاح الدين خليل بن كَيْكَلدي العلائي الشافعي إمام في الأصول والحديث والفقه، أخذ عن ابن الزملكاني وغيره. له مؤلفات نافعة منها: تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم (ط) ، تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال (ط) وغيرها. ت 761 هـ. انظر: الدرر الكامنة 2 / 179.

(1/47)


الأصفهاني (1) الأصولي (صاحب الكاشف على المحصول) مباحث كثيرة ويسيء عليه الأصفهاني الأدب، ويستطيل عليه كثيراً، وهو يحتمله. وجماعة من الفضلاء يرجحون الأصفهاني عليه في التحقيق، ولكن الشيخ شهاب الدين القرافي أعرف بتخريج المسائل الفقهية على قواعد الأصول، وأشهر بمعرفة القواعد الكلية، وأكثر فوائد، وله في تصانيفه نكت حسان لا توجد لغيره، ومطالعة كتبه مفيدة جداً، وله مشاركة قوية في الطب والعربية، وله نظم ونثر جيدان)) (2) .
- قال رئيس القضاة تقي الدين بن شكر (3) : ((أجمع الشافعية والمالكية على أن أفضل أهل عصرنا بالديار المصرية ثلاثةٌ: القرافي بمصر القديمة، والشيخ ناصر الدين ابن المنيرِّ (4) بالأسكندرية، والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد بالقاهرة. . .)) (5) .
- وقال ابن دقيق العيد - لما مات القرافي - ((مات من كان يُرجع إليه في علم
الأصول)) (6) .
- ولا غرو بعد ذلك أن عَدَّه السيوطي (7) في حسن المحاضره (1 / 316) مجتهداً مطلقاً.
_________
(1) هو: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمود العِجلي الأصفهاني الشافعي، رحل من أصفهان إلى بغداد واستقر في القاهرة، ولي قضاء قوص والكرك، وبقي مدرساً في القاهرة حتى مات سنة 688 هـ. كان إماماً في المنطق والكلام والأصول والجدل. من مؤلفاته: الكاشف عن المحصول (ط) . انظر: طبقات الشافعية الكبرى 8 / 100.
(2) نقلاً عن ترجمة العلائي للقرافي المثبتة في افتتاحية النسخة الخطية الأزهرية (هـ) لكتاب شرح تنقيح الفصول انظر: ص (244) القسم الدراسي.
(3) لم أقف على ترجمته.
(4) هو: ناصر الدين أحمد بن محمد بن منصور الجذامي الإسكندري المالكي المعروف بابن المنيِّر، ولي قضاء الإسكندرية وخطابتها. له كتاب: الانتصاف من الكشَّاف (ط) علَّق على اعتزاليات الزمخشري.
ت 683 هـ. انظر: الديباج المذهب ص 132.
(5) انظر: الديباج المذهب ص 129.
(6) انظر: المرجع المذكور في هامش (2) من هذه الصفحة.
(7) هو: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي الشافعي، فقيه أصولي نحوي متكلم مفسِّر، له مؤلفات كثيرة جداً منها: الدر المنثور (ط) ، الإتقان في علوم القرآن (ط) ، الأشباه والنظائر (ط) ، الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع (ط) ، وغيرها. ت 911 هـ. انظر: شذرات الذهب 8 / 51.

(1/48)


المبحث السابع
مصنفاته
مصنفات القرافي ومؤلفاته شاهدة له بالبراعة والفضل واليراعة (1) . وقد دلَّتْ هذه المصنفات على غزارة فوائده، وأعربتْ عن حسن مقاصده، جمع فأوعى، وفاق أضْرابه جِنْساً ونوعاً، كان إماماً بارعاً في الفقة والأصول والعلوم العقلية، وله معرفة بالتفسير.
سارتْ مصنفاته مسير الشمس، ورُزِق فيها الحظَّ السامي عن اللَّمْس. كَمْ حرَّرَ مناط الإشكال! وفاق أضرابه النظراء والأشكال! وألَّفَ كتباً مفيدة، انعقد على كمالها الإجماع، وتشنَّفتْ بسماعها الأسماع (2) .
وإليك عَرْضاً لمؤلفات القرافي مُصنَّفةً حسب الفنون، ذاكراً: أين جاءت نسبة الكتاب إلى القرافي، وما موضوعه ومسائله، وأين مكانه: أهو مطبوع أم مخطوط؟
أولاً: العقيدة وأصول الدين:
(1) الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة
النسبة: نسبه إليه كثير من المصادر منها: الديباج المذهب ص 129، شجر النور الزكية 1/188، هدية العارفين ص 99، كشف الظنون 1/11، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (60) من قسم التحقيق.
الموضوع: يردُّ القرافي في هذا الكتاب على أباطيل وشبهات ومعتقدات اليهود والنصارى (3) .
المكان: مطبوع بحاشية كتاب: " الفارق بين المخلوق والخالق " لعبد الرحمن أفندي بمطبعة الموسوعات بمصر سنة 1322 هـ.
- وله طبعات تجارية أخرى منها: مكتبة وهبة - القاهرة - 1987م.
- طبعة مكتبة القرآن - بالقاهرة. دراسة وتحقيق/ مجدي محمد الشهاوي.
_________
(1) انظر: شجرة النور الزكية 1/188.
(2) مقتبس من كلام ابن فرحون في الديباج المذهب ص 128 - 129.
(3) سبقت الإشارة إليه في الفصل الأول ص 20 من القسم الدراسي.

(1/49)


- قام بتحقيقه الباحث/ ناجي محمد داود بجامعة أم القرى، رسالة دكتوراه في العقيدة عام 1404هـ.
- كما حقق الباحث/ سالم بن محمد القرني بابين من الكتاب رسالة ماجستير، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (كلية أصول الدين) سنة 1404هـ.
(2) أدلة الوحدانية في الرد على النصرانية
... النسبة: جاء ذكره في: هدية العارفين 1/99
... الموضوع: لعله نفسه الكتاب سالف الذكر.
... المكان: غير معروف.
(3) الإنقاد في الاعتقاد
النسبة: جاء ذكره عند المصنف في كتابه: " الاستغناء في أحكام الاستثناء "
ص 358، 363، وفي الذخيرة 13/235. كما نسبه إليه: الديباج المذهب ص ... 129، شجرة النور الزكية 1/189، هدية العارفين 1/99، إيضاح ... المكنون 1/ 135
الموضوع: واضح من إحالة المصنف إليه في كتابيه " الاستغناء " و " الذخيرة " أنه يعالج مشكلات تتعلق بعلم الكلام وإثبات وحدانية الله تبارك وتعالى وصفاته على طريقة الأشاعرة.
المكان: غير معروف.
تنبيه: جاءت تسمية الكتاب في بعض المصادر أنه: " الانتقاد في الاعتقاد ".
وفي بعضها: " الإنقاذ في الاعتقاد ".
(4) شرح الأربعين في أصول الدين
النسبة: ذكره المصنف في بعض كتبه منها: الفروق 3/27، نفائس الأصول 6 / 2837، الاستغناء في أحكام الاستثناء ص 363، الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة ص 65. كما جاءت النسبة إليه في: الديباج المذهب ص 129، شجرة النور الزكية 1/189، هدية العارفين 1/99.

(1/50)


الموضوع: كتاب الأربعين في أصول الدين للإمام فخر الدين الرازي من الكتب المشهورة في علم الكلام، ألَّفه الرازي لولده محمد، ورتبَّه في أربعين مسألة (1) ، وهو مطبوع بمكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة.
والإمام القرافي قام بشرح هذا الكتاب لما حواه من التأصيلات في علم العقائد والكلام.
المكان: غير معروف.

ثانياً: أصول الفقه:
(1) التعليق على المنتخب
النسبة: جاء ذكره عند المصنف في كتابه: نفائس الأصول (4/1734) وسماه: شرح المنتخب. كما جاء في الوافي بالوفيات 6/233، طبقات الشافعية الكبرى 8/172، الديباج المذهب ص 129، شجرة النور الزكية 1/188، المنهل الصافي 1/216، ونقل منه ابن السبكي في: الإبهاج 2/365، والإسنوي في: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص 430.
الموضوع: " المنتخب " مختصر من المحصول، والمشهور أنه من تأليف الإمام الرازي، لكن القرافي أنكر نسبته إلى الإمام الرازي، ونقل عن شمس الدين الخسروشاهي (شيخ القرافي وتلميذ الرازي) بأن " المنتخب " لضياء الدين حسين (2) .
المكان: غير معروف.
(2) تنقيح الفصول في علم الأصول (أو في اختصار المحصول)
وسيأتي الكلام عنه - إن شاء الله - في الفصل الثالث من القسم الدراسي.
(3) شرح تنقيح الفصول
وسيأتي الكلام عنه مستوفى إن شاء الله في الفصل الثالث من القسم الدراسي.
(4) نفائس الأصول في شرح المحصول
النسبة: جاء ذكره في كتب القرافي الأخرى منها: الفروق 1/174، الاستغناء في
_________
(1) انظر: كتاب الأربعين في أصول الدين بتحقيق/ أحمد حجازي السَّقا ص 18.
(2) انظر: نفائس الأصول 1/105. وضياء الدين حسين لم أعثر له على ترجمة.

(1/51)


أحكام الاستثناء ص 86، 126، 229، 360، 369، شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 16، 44، 49، 62، 71، 93، 125. العقد المنظوم في الخصوص والعموم 2/161، 2/456.
كما نسبه إليه صاحب هدية العارفين ص 1/ 99.
الموضوع: الكتاب شرح موسوعي لكتاب المحصول للإمام الرازي، أكْثَر فيه القرافي من إيراد الأسئلة والإشكالات، واستمدَّ مادة شرحه مما يربو عن ثلاثين تصنيفاً في أصول الفقه.
المكان: طبع الكتاب في مكتبة نزار مصطفي الباز (المكتبة التجارية) في تسع مجلدات، بتحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض.
- كما تم تحقيقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (رسائل دكتوراه) سنة 1406هـ على أيدي المشايخ الفضلاء د. عايض بن نامي السلمي
(القسم الأول) د. عبد الكريم بن علي النملة (القسم الثاني) د. عبد الرحمن المطير (القسم الأخير) .
(5) العقد المنظوم في الخصوص والعموم
النسبة: جاءت النسبة إليه في: كشف الظنون 2/1153، هدية العارفين 1/99
الموضوع: صرح المصنف بسبب تأليفه للكتاب بأن كثيراً من الفقهاء لم يحققوا معنى العموم والخصوص وأن العام التبس مفهومه بالمطلق. ثم عَدَّ صيغاً للعموم أوصلها إلى (250) صيغة، كما أوصل المخصصات إلى عشرة مخصصات.
المكان: طبع الكتاب على نفقة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمغرب، دراسة وتحقيق الأستاذ/ محمد علوي بنصر. سنة 1418هـ.
- طبعة دار الكتبي بالقاهرة، وتوزيع المكتبة المكية بمكة المكرمة سنة 1420 هـ. بتحقيق الدكتور / أحمد الختم عبد الله.
ثالثاً: الفقه والقواعد الفقهية:
(1) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام
النسبة: جاءت النسبة إليه في: الفروق 1/3، 51، 2/104، 4/6، 84، وفي نفائس الأصول 9 / 2910، وفي: شرح تنقيح الفصول ص (478) من قسم

(1/52)


التحقيق.
كما جاءت النسبة إليه في: الوافي بالوفيات 6/233، الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/99، كشف الظنون 1/21 وغيرها.
الموضوع: الكتاب يُعْنى ببيان الفرق بين الفُتْيا من المجتهد، والحكم من القاضي، وتصرفات الإمام علي أي وجهٍ تُحْمل؟. وما الحالات التي يُنْقص فيها حكم الحاكم؟. وجعله في أربعين سؤالاً.
المكان: للكتاب عدة طبعات منها: طبعة مطابع الأنوار سنة 1357هـ بتقديم/ محمود عرنوس، وتصحيح/ عزت العطار. وطبعة المكتب الثقافي للنشر والتوزيع بالقاهرة سنة 1989م بتحقيق/ أبو بكر عبد الرازق. وطبعة مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب سنة 1416هـ (الطبعة الثانية) بتحقيق/ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.
(2) الأمنية في إدراك النية
النسبة: جاءت النسبة إليه في: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص 74، شرح تنقيح الفصول ص (383) من القسم التحقيقي، نفائس الأصول 4 / 1632، 8 / 3545، الفروق 1/71، 72.
كما جاءت النسبة إليه في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/ 99، إيضاح المكنون 3، 127، شجرة النور الزكية 1/ 188.
الموضوع: تناول فيه القرافي حقيقة النية، ومحلها، وشروطها، وأقسامها، وأحكامها، وفوائد أخرى متعلقة بالنية.
المكان: طبع الكتاب عدة طبعات منها: طبعة دار الكتب العلمية - بيروت، وطبعة دار الفتح بالشارقة سنة 1416هـ.
طبعة مكتبة الحرمين - الرياض الطبعة الأولى 1408 هـ بتحقيق ودراسة د. مساعد ابن قاسم الفالح (رسالة ماجستير) ، كما حققه د. محمد بن يونس السويسي بالكلية الزيتونية للشريعة بتونس عام 1402هـ.
(3) أنوار البروق في أنواء الفروق: المسمي بـ " الفروق "
النسبة: نسبه المصنف إلى نفسه في: العقد المنظوم في الخصوص والعموم 2/205.
كما جاء ذكره في: الديباج المذهب ص 129، هداية العارفين 1/99، كشف الظنون 1/186، الوافي بالوفيات 6/233.

(1/53)


الموضوع: الكتاب فريد في بابه، لهج العلماء قديماً وحديثاً بالثناء عليه، وأكثروا من النقل عنه، وهو في بيان الفروق بين القواعد الفقهية، ذكر فيه مصنفه (548) قاعدةً، وفرَّع عليها فروعاً كثيرة.
المكان: له عدة طبعات منها:
- طبعة تونس سنة 1302هـ، وطبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
- طبعة دار المعرفة ببيروت، ومعها حاشية تسمَّى: إدرار الشروق على أنواء الفروق، وبالهامش: تهذيب الفروق (1) والقواعد السنية في الأسرار الفقهية (2) .
(4) الذخيرة أو الذخيرة في الفقه
النسبة: جاء ذكره في بعض كتب القرافي نفسه منها: الأمنية في إدراك النية
ص 62، الفروق 1/3، الاستغناء في أحكام الاستثناء ص 704، شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 75.
كما جاءت النسبة إليه في: الديباج المذهب ص (129) ، الوافي بالوفيات 6/233، شجرة النور الزكية 1/188، حسن المحاضرة 1/316، كشف الظنون 1/825 وغيرها.
الموضوع: الكتاب موسوعة فقهية ضخمة، صنعه المصنف من نحو أربعين مصنفاً من تصانيف المذهب، علاوة على كتب الفقه ... والأدب والمذاهب الأخرى، يُعْنى بعرض آراء المذاهب الأخرى، ويقارن بينها، ويذكر الحجج والمناقشات، كما أكْثَر من ذكر القواعد الأصولية، والفقهية، وتخريجات الفروع عليها.
المكان: مطبوع بدار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 1994م، تحقيق د. محمد حجي وآخرون. والكتاب فيه أجزاء ناقصة لم تكتمل. ... ... ...
- كما توجد طبعة للجزء الأول منه بمصر بعناية كلية الشريعة بالأزهر سنة 1381هـ، وأعيد طبعه في الكويت سنة 1402هـ في موسوعة تحقيق التراث على نفقة وزارة الأوقاف.
_________
(1) لابن الشَّاط، سراج الدين أبي القاسم بن عبد الله الأنصاري الإشبيلي ت 723 هـ.
(2) لمحمد بن علي بن الشيخ حسين المكي، مفتي المالكية ت 1367 هـ.

(1/54)


- توارد الباحثون في أماكن متفرقة على تحقيق أجزاء من مخطوطاته منهم: إبراهيم العاقب أحمد - دكتوراه بجامعة أم القرى سنة 1409هـ، إبراهيم سيلا - ماجستير بالجامعة الإسلامية سنة 1406هـ، الحسن عمر مساعد - دكتوراه بالجامعة الإسلامية، محمد عالم عبد المجيد الأفغاني دكتوراه بجامعة أم درمان بالسودان سنة
1416هـ.
(5) البيان فيما أشكل من التعاليق والأيمان
النسبة: جاء ذكره في: البحر المحيط للزركشي 4 / 419، المعيار المعرب 2/97، الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/99 إيضاح المكنون 1/206 وجاءت تسميتها في أكثر هذه المصادر: البيان في تعليق الأيمان.
الموضوع: واضح من عنوانه أنه يبحث موضوع الحلف والأيمان، وتعليق الطلاق والاستثناء في اليمن ونحو ذلك.
المكان: مخطوط ضمن مجموع بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم (160ك) ، يقع في إحدى وعشرين صفحة من القطع الكبير (1) .
(6) كفاية اللبيب في كشف غوامض التهذيب (شرح تهذيب المدونة)
النسبة: جاءت النسبة إليه في مواهب الجليل شرح مختصر خليل 4 / 74،
4 / 115 ونقل عنه.
وكذلك جاءت النسبة إليه باسم " شرح التهذيب " في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/ 99، شجرة النور الزكية 1/ 188.
الموضوع: تهذيب المدونة لأبي سعيد البراذعي (2) اختصر فيه المدونة، واتبع طريقة ابن أبي زيد، وحذف ما زاده ابن أبي زيد في رسالته، وعَّول الناس عليه. والقرافي شرح هذا التهذيب.
_________
(1) انظر: الإمام الشهاب القرافي حلقة الوصول بين المشرق والمغرب في مذهب مالك للأستاذ/ الصغير بن عبد السلام الوكيلي 1/ 329 - 332.
(2) هو خلف بن أبي القاسم الأزذي القيرواني المعروف بالبراذعي، من كبار تلاميذ ابن أبي زيد والقابسي، ومن حفاظ المذهب، له مصنفات منها: التهذيب في اختصار المدونة وله شهرة واسعة، توفي بعد 430هـ. انظر: الديباج المذهب ص 182، سير أعلام النبلاء 17/ 523.

(1/55)


المكان: مخطوط في خزانة القرويين تحت رقم (386) (1)
(7) شرح التفريع لابن الجلاب (2)
النسبة: جاء ذكره في المعيار المعرب (2/ 97) لكن على أنه " اختصار علىالجلاَّب ". وجاءت النسبة إليه أيضاً في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/ 99، شجرة النور الزكية 1/188.
الموضوع: كتاب التفريع كتاب مُهمُّ ومشهور في المذهب المالكي، وفيه كثير من التفريعات الفقهية، وقد اعتمد عليه القرافي كثيراً في كتابه " الذخيرة ".
المكان: غير معروف.
(8) اليواقيت في علم المواقيت
النسبة: نسبه المصنف إلى نفسه في: الفروق (3/292) بعنوان: اليواقيت في أحكام المواقيت.
وكذا في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/99، إيضاح ... المكنون 2/732.
ونقل عنه الحطاب في: مواهب الجليل 1/15، 18، والونشريسي في: المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق ص 360.
الموضوع: الكتاب يعالج موضوع أوقات العبادات وأزمنتها، وأحكامها الفقهية، وما يوصل إلى أسبابها من دورة الفلك. فالكتاب مزيج من الفقه والأصول، والفلك والمناظر (3) .
المكان: توجد منه نسخ خطية في:
- الخزانة العامة بالرباط، ضمن مجموع تحت رقم (160ك) .
- مكتبة كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط ضمن مجموع برقم (124/2) .
_________
(1) انظر: الإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب للوكيلي 1 / 337 - 343.
(2) هو أبو القاسم عبيد الله بن الحسن بن الجلاب، تفقه على الأبهري وغيره، له كتاب في مسائل الخلاف، وكتاب التفريع (ط) ، وعنه أخذ القاضي عبد الوهاب وغيره. توفي سنة 378هـ. انظر: الديباج المذهب
ص 237، شجرة النور الزكية 1/92.
(3) انظر: الإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب للوكيلي 1/ 333

(1/56)


- الخزانة الحسنة بالرباط بالقصر الملكي برقم (3906) .
- المكتبة الوطنية بتونس برقم (2351) .
(9) الرائض في الفرائض
هذا الكتاب مُدْمجٌ ضمن كتاب " الذخيرة " 13 / 7.
وسبب إفراده هنا بكونه كتاباً مستقلاً للقرافي أن مصنفه قال: ((وقد سميته:
" الرائض في الفرائض " فمن أراد أن يفرده، فإنه حسن في نفسه، ينتفع به في المواريث نفعاً جليلاً إن شاء الله تعالى)) .

رابعاً: اللغة العربية:
(1) الاستغناء في أحكام الاستثناء
النسبة: نسبه المصنف إلى نفسه في: الفروق 3/ 168، العقد المنظوم في الخصوص والعموم 2/305، 236، شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 61، 246، 251، 258.
كما جاء ذكره في: الديباج المذهب ص 129، إيضاح المكنون 1/72، هدية العارفين 1/99.
الموضوع: يعالج الكتاب مسألة الاستثناء في اللغة العربية ما حقيقته، وما أنواعه، وما أحواله وتطبيقاته في الأيمان والطلاق والأقارير؟ وقد استقصى المصنف آيات الاستثناء في كتاب الله وشرحها.
المكان: طبع الكتاب محققاً تحقيقاً علمياً من الدكتور طه محسن بمطبعة الإرشاد من إصدار وزارة الأوقاف العراقية سنة 1402هـ.
- وله طبعة تجارية بتحقيق/ محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية بيروت سنة 1986م.
(2) الخصائص في قواعد اللغة العربية
النسبة: ذكره الزركلي في الأعلام (1/ 95) .
الموضوع: كما هو ظاهر من عنوانه، يبحث في موضوعات تتصل بالنحو وقواعد اللغة.

(1/57)


المكان: مطبوع بوزارة الثقافة والإعلام في بغداد (1) .
- وله نسخة خطية في مكتبة الجزائر برقم (100/ 1) (2) .
(3) القواعد الثلاثون في علم العربية
... النسبة: نسبه إليه الدكتور/ طه محسن في: الاستغناء في أحكام الاستثناء ص 31
وذكره بروكلمان في كتابه: تاريخ الأدب العربي (الأصل) 1/ 481 ... باسم: القواعد السنية في أسرار العربية.
الموضوع: لم أقف على موضوعاته.
المكان: مخطوط في المكتبة الوطنية بباريس ضمن مجموع (1013/ 5) .
(4) الأجوبة عن الأسئلة الواردة على خطب ابن نُبَاته (3)
النسبة: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/99
الموضوع: خطب ابن نُباته رُزقتْ القبول من الجميع، ووقع الإجماع على أنه ما عُمل مثلها، لا من خطب بعدها ولا قبلها. وكان يحض الناس فيها على الجهاد في سبيل الله (4) .
وتبدو أن عنايةً خاصةً كانت لخطب ابن نباته من العلماء، فقد شرحها غير واحد من علماء اللغة، فلا يبعد أن يكون لفت نظر القرافي بعض المسائل اللغوية والأدبية المثارة حول هذه الخطب فأراد أن يحسم النزاع فيها كعادته (5) .
المكان: غير معروف.
_________
(1) الخصائص في النحو، تحقيق / طه محسن عبد الرحمن. جاءت الإشارة إلى ذلك في: مجلة الفيصل
(السعودية) في العدد (34) ، ربيع الثاني سنة 1400 هـ. ص 11 - 12. لكن جاء عنوانه فيها: الخصائص في النحو، تحقيق / طه محسن عبد الرحمن.
(2) انظر: مخطوطات الجزائر بمجلة المورد مجلد (5) عدد (3) ص 215 لهلال ناجي. (نقلاً عن مقدمة الاستغناء في أحكام الاستثناء) ص 29.
(3) هو عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نُبَاته الفارقي أبو يحيى، صاحب الخطب المشهورة، كان إماماً في علوم الأدب. سكن حلب، وكان خطيبها. توفي سنة 374هـ. انظر: وفيات الأعيان 3/ 156.
(4) انظر: وفيات الأعيان 3 / 156.
(5) انظر: الإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب للوكيلي 1/ 356 - 357.

(1/58)


خامساً: العلوم العقلية العلمية:
(1) الاستبصار فيما تدركه الأبصار
النسبة: نسبه المصنف إلى نفسه: نفائس الأصول 6 / 2839.
كما جاء ذكره في: الديباج المذهب ص 129 بعنوان: الإبصار في مدركات الأبصار، وذكره: الوافي بالوفيات 6/ 223، هدية العارفين 1/ 99، كشف الظنون
1/ 77.
الموضوع: الكتاب يشرح ظاهرة الإبصار، ومراحل تكوُّن الصور في الذهن، ويبحث في حاسة العين وتشريحها، وانعكاس الصور، وخداع البصر، ونحو ذلك. وهو ردٌّ على ملك الإفرنج بصقلية في عهد الملك الكامل، كان قد وجَّه أسئلة علمية شائكة وعويصة، يريد بها وَصْم الإسلام بالنقص إنْ عجز المسلمون عن الإجابة عنها، فانبرى لها القرافي وجعلها في خمسين ... مسألة (1) .
المكان: مخطوط في: مكتبة أسعد أفندي في استامبول برقم (1270) ، وفي دار الكتب المصرية برقم (83) تيمور، وفي مكتبة الاسكوريال بمدريد برقم (707/ 9) ، وبخزانة المكتبة الخديوية برقم (22) ، وفي الزاوية الحمزاوية بتامْكُروت بالمغرب برقم (229) ضمن مجموع.
(2) المناظر في الرياضيات
النسبة: جاءت النسبة إليه في: هداية العارفين 1/ 99
الموضوع: لم أقف على موضوعاته.
المكان: غير معروف.

سادساً: فنون متنوعة:
(1) المنجيات والموبقات فيما يجوز وما يكره وما يحرم من الدعوات
النسبة: ذكره المصنف في كتابه: " الفروق " 1/144، 4/235 ونسبه إليه: الديباج المذهب ص 129، شجرة النور الزكية 1/188 هدية العارفين 1/99.
الموضوع: في الرقائق والآداب، وقد نقل القرافي منه بعض مسائله في كتابه
" الفروق " المشار إليه قريباً.
_________
(1) انظر: الإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب للوكيلي 1/ 268 - 274.

(1/59)


المكان: ذكر بروكلمان في كتابه: تاريخ الأدب العربي (الأصل) 1/482 بأن له نسخة خطية في المكتبة البلدية بالإسكندرية برقم (16) فقه مالكي.
(2) مصنف في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الانبياء: 8]
النسبة: جاء في الوافي بالوفيات (6/ 234) قوله: ((حكى لي بعضهم أنه رأي مصنفاً كاملاً في قوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}
[الأنبياء: 8] فبنى هذا على الاستثناء، وظن أن الآية: جسداً إلا يأكلون الطعام، وزاد ذلك ألفاً، فلمّا قيل له عن ذلك - بعد أن خرج عن بلده - اعتذر بأن الفقيه لقَّنه كذلك في الصغر. . .)) .
الموضوع: لم يظهر لي في ذلك شيء، فقد يكون في اللغة أو التفسير أو العقيدة ... أو جميع ذلك، والله أعلم.
المكان: غير معروف.
(3) البارز للكفاح في الميدان
النسبة: جاءت النسبة إليه في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/ 99، إيضاح المكنون (1/161) واسمه فيه: ((البارز لكفاح الميدان)) .
الموضوع: يبدو أنه في الفقه، وبالأخص في أحكام الجهاد. وهذا مجرد ظنٍّ فقط، والله تعالى أعلم.
المكان: غير معروف.
(4) الاحتمالات المرجوحة
النسبة: جاءت النسبة إليه في: الديباج المذهب ص 129، هدية العارفين 1/99.
الموضوع: يظهر من عنوانه أنه في علم الفقه أو الأصول؛ لأن موضوعات التراجيح والمحتملات يغلب بحثها فيهما، ولا دليل على ذلك إلا الظن، والله أعلم.
المكان: غير معروف.
وبعد هذا العرض لمؤلفات القرافي القيّمة يمكن معرفة التسلسل الزمني لكثيرٍ منها بصورة تقريبية في المخطط الزمني لمؤلفاته (1) .
_________
(1) انظره في القسم الدراسي ص 85.

(1/60)


المبحث الثامن
وفاته رحمه الله
بعد حياةٍ حافلةٍ بجليل الأعمال، وعمرٍ أفناه القرافي عليه رحمة الله في العلم تحصيلاً وتدريساً وتأليفاً، وبعد أن تخرَّج به عددٌ من تلاميذه النابهين، وخلَّف وراءه تَرِكةً عظيمة، وثروةً نفيسة من المصنفات الرائعة في مختلف العلوم.
وبعد هذه الرحلة الميمونة، وافته المنيَّة في: يوم الأحد آخر يوم من جمادى الآخرة سنة 684هـ، ودُفن يوم الإثنين غُرَّة رجب بالقرافة (1) .
وإذا كانت ولادته رحمه الله سنة 626هـ، فيكون عمره يوم وفاته ثمانية وخمسين عاماً تقريباً.
_________
(1) وهذا مذهب أكثر المترجمين. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي ص 177، الديباج المذهب ص 129، شجرة النور الزكية 1/189، حسن المحاضرة 1/316، درة الحجال في أسماء الرجال لابن القاضي 1/9، روضات الجنات 1/91، هدية العارفين 1/99. بينما رأى الصفدي في الوافي بالوفيات 6/233، وتبعه ابن تغري بردي في المنهل الصافي 1/217 أن وفاة القرافي كانت سنة 682هـ. والأول أضبط؛ لأن فيه تحديداً باليوم والشهر، ولأن رواته أعرف بتواريخ الوفيات كالذهبي والعلائي وعلماء المذهب المالكي. والله
أعلم.

(1/61)