جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول المبحث السادس
منهج المؤلف في الكتاب وأسلوبه
المطلب الأول: منهج المؤلف في
الكتاب
من الملاحظ في عادات البشر أنها جارية وفق سَنَنٍ واحدٍ.
والإمام الشهاب القرافي لم يُصرِّح بمنهجه في كتابه " شرح
تنقيح الفصول "، لكنه جرى فيه على حَذْو منهجه المرسوم في
كتابه الموسوعة " الذخيرة ".
ولعلّ عدم تصريحه بمنهجه في هذا الكتاب أنه كتاب متوسط أو دونه
بقليل، فلم ير حاجةً إلى إبراز معالم منهجه فيه. بينما أجْلى
طريقته ومنهجه في كتابه
" الذخيرة " لأنه مشروع عمره، وذخره عند الله تعالى في يوم
المعاد، وذخيرة لطلبة العلم في تحصيل مطالبهم (1) .
قد تختلف طرائق التأليف والمناهج بالنظر إلى طبيعة البحث،
فهناك مغايرات في منهجية البحث الفقهي، والبحث الأصولي. بَيْد
أن هناك أموراً مشتركة في كل
بحث، فلنأخذ في بيان هذه القواسم المشتركة التي جاءت في كتبه:
" الذخيرة "
و" نفائس الأصول " و" شرح تنقيح الفصول ". نذكرها مجملةً، ثم
نفصِّلها بعد
ذلك، علماً بأن هذه الملامح تمثِّل مميزات القرافي المنهجية:
- حرص على جمع الأقوال والآراء والمذاهب في المسألة، والتزم
بعزو كل نقل لقائله في الأعم الأغلب، حتى إذا وقع خلل في النقل
استدركه المطالع من موضع العزو، وهذا من مميزاته.
- سعى إلى إبراز المذهب المالكي في المسائل على وجه الخصوص؛
لإظهار شرفه بين المذاهب.
- حرَّر المسائل وقرَّرها وفق منهج علمي سليم، يقوم على ذكر
الآراء وتحرير النزاع إن اقتضى المقام، ثم يذكر أدلة كل فريقٍ
في تجرُّدٍ تام، وموضوعية خالية عن التعصب، ثم يجيل النظر في
تلك الأدلة، مناقشاً لها، ومفنِّداً لأدلة الخصم، بما لا يدع
_________
(1) انظر: الذخيرة 1 / 40.
(1/102)
لهم حجة قوية، حتى يخلص إلى القول الفصل
فيها مستخدماً أسلوب تقرير القاعدة في الحجاج، وأحياناً تتساوى
أدلة الطرفين في نظره، فلا يغلِّب رأياً على رأي، ثم هو يفصح
عن منشأ الخلاف وسببه، وعن ثمرته في بعض الأحايين.
- كما يلاحظ في منهجيات القرافي في كتبه سعيه الحثيث على إيراد
الإشكالات والسؤالات التي قد تنشأ في خاطر القاريء، ثم يجيب
عنها إن أسعفه الجواب، وإلا يتركها كما هي، إن استبدَّ الإشكال
في نفسه، وعجز عن الجواب عنه. وهذا مما امتاز به القرافي عن
غيره.
- حرص القرافي على إثبات الفروقات بين المسائل المتشابهة كلما
أمكنه ذلك وهذه خصيصة تميَّز بها منهج القرافي في تآليفه.
- من عادته وديدنه إثبات ما يحضره من فوائد وقواعد، وتنبيهات
وتفريعات، واستطرادات قد تكون خارجة عن الموضوع في ثنايا كتبه،
وقد سطَّرها تحت عنوانات صغيرة، كقوله: فائدة، تنبيه، فرع. . .
إلخ.
- له عناية فائقة بالحدود والتعريفات، مقارنةً وشرحاً
واعتراضاً وترجيحاً، هذه العناية تحكم ببراعة القرافي ودقته
حيال تعامله مع الألفاظ والاصطلاحات.
تلكم هي أبرز خصائص منهج القرافي في سائر كتبه، وتِيْكم هي
الخطوط العريضة لهذا المنهج. فالقرافي يبدو من خلاله أنه
متابعٌ لغيره في بعض الخطوات، لكن له انفرادات تميّز بها دون
أن يشركه فيها غيره.
وإن القاريء لكتاب " شرح تنقيح الفصول " بفحْصٍ وتأملٍ يمكنه
تلمُّس تلك السمات المنهجية العامة في هذا الكتاب.
فإلى بيان المنهج الذي انتهجه القرافي وترسَّم خطاه في الجوانب
التفصيلية التالية:
أولاً: تعامل المؤلف مع المتن:
سبقت الإشارة إلى أن الكتاب متناً وشرحاً يعتبر وحدة واحدة لا
يمكن الفصل بينهما (1) ، ولكن كيف كان المؤلف يشرح المتن؟
_________
(1) انظر: ص 63 من القسم الدراسي.
(1/103)
تعامل القرافي مع متن الكتاب تعاملاً
مطَّرداً في الغالب، فهو يأتي به أولاً بحسب المقطع الذي يريد
التعليق عليه، ثم يطفق في شرحه له. ولكن هناك تفاوت يسير وقع
في هذا التعامل، يمكن حصره في نمطين:
1 - تفاوت تقطيعه للمتن، فمرَّةً يأتي بمقطعٍ طويل في عدة
صفحات، ثم يعقبه بتعليق قصير في بضع أسطر (1) . وحيناً يأتي
بقطعةٍ صغيرة في بضع أسطر، ثم يشرحها في عدة صفحات (2) ، أو
يأتي بجزء سطرٍ ويشرحه في أكثر من صفحة (3) .
2 - أحياناً يورد المتن، ثم عند شرحه له يقسِّمه إلى جُملٍ
وفقرات، ويقدّم لبعضها بقوله: ((قولي: كذا وكذا. . .)) (4) أو
يقول: ((قوله: كذا وكذا)) (5) .
ثانياً: اصطلاحات الكتاب
استعمل القرافي اصطلاحات معينة في كتابه على سبيل الاختصار
والترميز، يمكن الكشف عن مراده منها بالاستقراء والتتبُّع،
فمنها:
المصطلح ... الإمام ... القاضي ... الأستاذ ... قولي في ...
قولي في ... لنا، قلنا، أصحابنا، عندنا، مذهبنا، أصلنا ... أهل
الحق
" الأصل " ... " الكتاب "
المراد منه ... فخر الدين الرازي ... أبو بكر الباقلاني ...
أبو إسحاق الإسفراييني ... المتن ... المتن ... المالكية ...
الأشاعرة
ملاحظات:
1 - شذَّ مرَّةً في لفظ " الإمام " فقد أطلقه على إمام الحرمين
(6) ، ومرَّةً قيَّد فقال: ((قال الإمام في البرهان)) (7) .
2 - شذَّ في موضعين في إطلاق لفظ " القاضي " على القاضي عبد
الوهاب (8) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 456 - 458، 503 - 509.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 249 - 254.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 129 - 131.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 14، 99، 222.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 286.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 122.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 198.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 40، 297.
(1/104)
3 - إذا عطف أصحاب مالك على الإمام مالك
فإنه يقول: وأصحابه، ولكن في مواضع من كتابه كان يقول ((عند
أصحابه)) دون سابق ذكرٍ للإمام مالك، وكان يريد بهم أصحاب مالك
وقد نبَّه المصنف نفسه عليها (1) .
ثالثاً: طريقة عرض المسائل:
لم يَسِر القرافي على نمطٍ واحدٍ في عرض مسائل الكتاب، بل سلك
فيها سبلاً متنوعة، ربما كان مرد هذا الاختلاف طبيعة المسائل
المراد بحثها.
وإليك أنماطاً من كيفية عرض المسائل وفق النقاط التالية:
1 - عرض الأقوال والأدلة:
أ - في غالب المسائل يذكر الأقوال، وأدلة كلِّ قولٍ مبتدئاً
بالقول الراجح عنده غالباً، ذاكراً دليله بدون مناقشة، ثم يذكر
أدلة الأقوال الأخرى المرجوحة، مناقشاً لها ومعترضاً عليها،
والأمثلة على ذلك: دلالة فعله - صلى الله عليه وسلم - (2) ،
مسألة تعبده - صلى الله عليه وسلم - بشرع من قبله قبل النبوة
(3) ، حجية الإجماع (4) ، إفادة التواتر العلم (5) ، حجية
القياس (6) ، حكم التقليد في الفروع (7) .
ب - وتارةً قليلة يذكر الأقوال، والأدلة، مع الاعتراض على جميع
الأدلة، دون الإجابة عنها، وربما كان هذا الصنيع إيماءً إلى
ضعف الاستدلال بما استدل به كل
فريق، ومثاله شرع من قبلنا، أهو شرعٌ لنا أم لا؟ (8)
جـ - وتارة كثيرة يذكر الأقوال، وأدلتها، دون مناقشةٍ لها ولا
ترجيح. وفي هذا إشارة عند المصنف إلى قوة الخلاف في المسألة،
ووجاهة مدرك كل واحد منها.
_________
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 118، 130، 131، 133،
135.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 2 - 4، 6 - 8.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 27 - 28.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 124 - 128.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 198 - 201.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 305 - 310.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 444 - 445.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 31 - 32، 36 - 39.
(1/105)
والأمثلة على ذلك: الاختلاف في اشتراط
الفقيه في الراوي (1) ، حجية المرسل (2) ، حجية الإجماع
السكوتي (3) ، مسلك الطرد (4) ، تفويض الحكم إلى المجتهد
(العصمة) (5) .
د - وتارة قليلة يكتفي بمجرد ذكر الأقوال دون أدلتها، ربما
لأنها أقوال لا تقوم على مستندات قويةً، مثل: الخلاف في الشرع
الذي كان - صلى الله عليه وسلم - متعبداً به (6) ، هل المباح
حكم شرعي (7) ؟
هـ - وتارة متوسطة يذكر رأي الجمهور أو الأكثرين دونما إشارة
إلى المخالفين، مع ذكر أدلة الطرفين في الشرح، مثل: التعليل
بالعلة المركبة (8) ، القياس في العقليات (9) ، القياس في
الأسباب (10) .
ووتارة قليلة يعدل عن ذكر رأي الجمهور، ويقتصر على قول
الأقلِّين، مع الأدلة، مثل: حكم رواية المجهول (11) ، إجماع
الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم (12) ، حكم إثبات القياس أصول
العبادات (13) .
2 - عرض المذاهب في المسألة:
لم يلتزم القرافي ترتيب الأقوال والمذاهب في المسألة بحسب زمن
قائليها، وليس له في هذا العرض منهج ظاهر، فكان في أغلب
الأحايين يقدم المذهب الذي يرتئيه،
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 258 - 260.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 288 - 290.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 142 - 146.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 347 - 348.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 517 - 518.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 39.
(7) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 70.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 376 - 378.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 386 - 388.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 391 - 393.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 240.
(12) انظر: القسم التحقيقي ص 157.
(13) انظر: القسم التحقيقي ص 395.
(1/106)
وأحياناً يبدأ بقول الجمهور والأكثرين (1)
، وأحياناً يقدّم مذهب مالك وأصحابه، ويلاحظ عليه في عرض مذهب
المالكية أنه يبدأ بهم ويعطف عليهم الجمهور، فمثلاً يقول:
((عندنا وعند الكافة)) (2) ، ((مذهب مالك وجمهور العلماء)) (3)
، ((والأكثرون من أصحابنا وغيرهم)) (4) ، وأحياناً نادرة يؤخر
مذهب مالك (5) ، وأحياناً يحكي أقوال أفراد من العلماء في
المسائل (6) ، وفي أحايين يُبهم أصحاب الأقوال، فيقول:
((خلافاً لبعضهم)) (7) ، ((خلافاً لقوم)) (8) ، ((وجماعة)) (9)
. وفي مواطن كثيرة كان القرافي يقتصر في المسألة على مذهب
الإمام الرازي وأقواله دون غيرها (10) .
ويلاحظ بصفة عامة أن المصنف كان يترك أقوالاً في المسألة، إما
غفلة منه لها، أو لضعفها عنده وعدم انتهاض الدليل عليها، أو
لسبب آخر.
3 - طريقة التقرير للمسألة:
سلك القرافي طريقة التقرير في مسائل الاتفاق، أو كان الخلاف
فيها غير معتبر
عنده، فإنه كان يكتفي بتقرير القول فيها كأنها مسلَّمة لا تقبل
الجدل. ومن الأمثلة على ذلك:
أ - قال ((كل ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة عليه لا يثبت
بالإجماع، كوجود الصانع وقدرته وعلمه، والنبوة. . .)) (11) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 411.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 182.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 165.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 295.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 375.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 374.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 258.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 101، 160، 367، 382، 393.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 257.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 142 - 143، 292، 336 - 338.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 363.
(1/107)
ب - قال ((وهو (أي الإجماع) مقدَّمٌ على
الكتاب والسنة والقياس)) (1) .
جـ - قال ((وإذا زادت إحدى الروايتين على الأخرى - والمجلس
مختلف - قُبلت، وإن كان واحداً - ويتأتَّى الذهول عن تلك
الزيادة - قُبلتْ، وإلا لم تقبل)) (2) .
د - قال ((يجوز التعليل بالأوصاف العرفية كالشرف، والخِسَّة،
بشرط اطرادها وتميُّزها عن غيرها)) (3) .
هـ - قال ((ويمتنع الترجيح في العقليات؛ لتعذر التفاوت بين
القطعيين)) (4) .
4 - العناية بتصوير المسألة
عُني القرافي بتصوير بعض المسائل في ثنايا كتابه، من ذلك:
أ - قال في تصوير مسألة اتباعه - صلى الله عليه وسلم - ((معنى
يجب اتباعه في ذلك الوجه، أي: إنْ فَعَله على وجه الندب وجب
علينا أن نفعله على وجه الندب، أو فَعَله - صلى الله عليه وسلم
- على وجه الوجوب وجب علينا أن نفعله كذلك، إذ لو خالفناه في
النيّة ذهب الاتباع)) (5) .
ب - قال في تصوير مسألة حكم نسخ الشيء قبل وقوعه ((المسائل في
هذا المعنى أربع - ثم عدَّها وقال - فأما الثلاثة الأول، فهي
في الفعل الواحد غير المتكرر، وأما الرابعة فوافقنا عليها
المعتزلة. . .)) (6) .
جـ - قال ((وأما المسألة الثانية فصورتها أن يكون لأهل العصر
الأول قولان، ثم يتفق أهل العصر الثاني على أحد ذَيْنك
القولين)) (7) .
د - من الطرق المحصِّلة للعلم غير التواتر إخبار الجمع عن
الوجدانيات، بيّن المصنف فيها صورة المسألة وقال ((فهذا هو
صورة هذه المسألة)) (8) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 10، 201، 401.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 61.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 441.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 341.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 12.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 66.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 138.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 211.
(1/108)
5 - تلخيص المسألة وتحصيلها:
انتهج القرافي هذه الطريقة في مواضع من كتبه، وهذا المنهج مفيد
في طرائق
التعليم، فبعد بحث المسألة بتشعباتها ومناقشاتها قد يعزب عن
ذهن المطالع أصل المسألة ولبُّها، فيعمد المؤلف إلى لملمة
فلولها، وتجميع شعثها، وتلخيصها. فمن ذلك:
أ - قال في آخر مسألة تعارض فعله - صلى الله عليه وسلم - مع
قوله: ((فهذا هو معنى المسألتين الأخيرتين في هذا الفصل)) (1)
وبعدها بأسطر قال: ((هذا تلخيص هذا الموضع، ولابد منه)) (2) .
ب - قال في مسألة إحداث قول ثالث: ((فيتحصل في المسألة ثلاثة
أقوال. . .)) (3) .
جـ - عرض مسألة إمكان أن تخطيء جميع الأمة في ثلاث حالات، ثم
قال:
((فهذا تلخيص هذه المسألة)) (4) .
د - قال في مسألة قادح الفرق في آخرها: ((فهذا تلخيص هذا
الموضع)) (5) .
6 - سوق الأمثلة على المسألة:
يظهر اهتمام القرافي بالتمثيل لبعض المسائل، وتخريج الفروع
عليها، فمن ذلك التمثيل على: إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم
- (6) ، نفي الزيادة بالشرط (7) ، نسخ ما لا تتوقف عليه
العبادة (8) ، إحداث قول ثالث (9) ، المتواتر اللفظي والمعنوي
(10) ، العلة التي لا تعود على الأصل بالتخصيص (11) ، والتمثيل
عموماً على مسالك العلة (12) وقوادحها (13) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 20.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 21.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 129.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 187.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 362.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 9.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 108.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 113.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 130.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 206.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 427.
(12) انظر: القسم التحقيقي ص 320 وما بعدها.
(13) انظر: القسم التحقيقي ص 349 وما بعدها.
(1/109)
رابعاً: عرض مواطن الخلاف:
في مسائل عديدة كان المصنف يصرح بوقوع الاختلاف فيها، ويعبّر
حيال ذلك بقوله: أ - ((اختلفوا في اشتراط الإرادة في حقيقة
كونه خبراً. . .)) (1) .
ب - ((اختلفوا في جواز دخول القياس في العدم الأصلي)) (2) .
جـ - ((اختلفوا: هل يجوز تساوي الأمارتين؟)) (3) .
د - ((اختلف الناس في اشتراط العدد في التزكية والتخريج)) (4)
.
هـ - ((اخْتُلف في المبتدعة إذا كفرناهم)) (5) .
ولنتعرف على منهج القرافي في عرض الخلافيات من حيث تحرير
النزاع، ومنشأ الخلاف، وثمرته.
1 - محل الخلاف:
لم يحرِّر القرافي النزاع في جميع المسائل الخلافية إلا في
عددٍ قليلٍ منها، التي ربما رأى أنها بحاجةٍ إلى تحرير أمناً
من وقوع الالتباس فيها. مثل: مسألة شرائع من قبلنا (6) ، نقل
الخبر بالمعنى (7) ، الخلاف في حجية القياس في الشرعيات دون
الدنيويات (8) ، القياس في اللغات (9) .
2 - تأصيل الخلاف:
في بعض الأحايين يبين القرافي منشأ الخلاف ومبناه، ومردَّه
وسببه، والأغلب عليه تركه له. ومن الأمثلة على ذلك: مبنى
الخلاف في نسخ الإجماع (10) ، الخلاف في
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 194.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 393.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 402.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 243.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 222.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 32.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 293 - 294.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 311.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 390.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 97.
(1/110)
تكفير مخالف الإجماع مبنيٌّ على أنه قطعي
أم ظنِّي (1) ، منشأ الخلاف في اختلاف العدد الذي يتحقق به
التواتر (2) .
3 - ثمرة الخلاف:
في مواضع قليلة بيّن القرافي نوع الخلاف، وأنه لفظيّ لا ثمرة
تترتب عليه. من أمثلة ذلك:
أ - قال: ((وقال الجاحظ: يجوز عروُّه عن الصدق والكذب، والخلاف
لفظي)) (3) .
ب - نقل عن بعض العلماء قولهم في مسألة تعبده - صلى الله عليه
وسلم - بشرع من قبله قبل نبوته:
((هذه المسألة لا تظهر لها ثمرة في الأصول، ولا في الفروع
ألبتة، بل تجري مجرى التواريخ المنقولة، ولا يترتَّب عليها حكم
في الشريعة ألبتة)) (4) .
جـ - قال: ((أما من أنكر النسخ من المسلمين فهو معترف بنسخ
تحريم
الشحوم. . . غير أنه يفسّر النسخ في هذه الصور بالغاية، وأنها
انتهت بانتهاء غايتها، فلا خلاف في المعنى)) (5) .
خامساً: الحدود والألفاظ:
1 - يولي القرافي الحدود عنايةً خاصةً، ورعايةً فائقةً.
- فهو يستهلُّ المصطلح بتعريفه لغةً، ثم يعقبه بالتعريف
الاصطلاحي، كما في تعريفه: للتواتر (6) ، والاجتهاد (7) ،
والسنة (8) .
- وربَّما عكس فأتى بالتعريف اصطلاحاً أولاً، ثم في الشرح
يعرِّفه لغةً، وهذا نوع استدراك منه على ما فاته في المتن. مثل
تعريف: الإجماع (9) ، والقياس (10) ، والسبر والتقسيم (11) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 166.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 205.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 191.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 31.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 60.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 196 - 197.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 436.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 273.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 119، 123.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 300، 303.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 345.
(1/111)
- في مواضع أخرى خالف القرافي طريقة
الازدواج بين التعريفين (اللغوي والاصطلاحي) فيقتصر على إيراد
التعريف الاصطلاحي فقط، كما في تعريفه: للنسخ (1) ، الخبر (2)
، المرسل (3) ، والاستصحاب (4) ، والاستحسان (5) .
- وفي حالات نادرة لم يتعرض لتعريف المصطلح لغةً واصطلاحاً،
مثل التعارض والترجيح.
- يذكر عادة قيود التعريف، ومحترزاته، كما أنه يقوم بشرح
ألفاظه، وأحياناً يذكر الاعتراضات ويجيب عنها.
- في الأغلب يكتفي بحدٍّ واحدٍ للمحدود، وفي حالات قليلة، يورد
حدِّين مثل: النسخ (6) ، والقياس (7) ، وأورد للصحابي ثلاثة
تعريفات (8) ، وذكر سبعة أقوال في تعريف النظر (9) ، ومع ذلك
كان يختار من هذه الحدود ما يراه راجحاً.
2 - يضبط اللفظ الذي يحتاج إلى تحرير، ليرتفع الإشكال، مثل
لفظ: " متعبِّد " و" متعبَّد "، أيهما الصواب، أن نقول: أكان
النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة متعبِّداً أم
متعبَّداً بشرع من قبله؟ (10) .
كما أنه يحرر الاصطلاحات اللفظية التي توجد عند قوم دون آخرين
مثل: " تنقيح المناط " و" تخريج المناط "، ولهذا قال ((فيحصل
لنا في تنقيح المناط مذهبان، وفي تخريج المناط قولان)) (11) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 42.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 189.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 291 - 292.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 498.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 513.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 42.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 300، 301.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 227.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 437.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 25.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 318 وما قبلها.
(1/112)
3 - يناقش الأصوليين فيما درجوا عليه من
تسميات، ويعلِّل وجه التسمية على النحو المشهور، مثل وقفته عند
مصطلح " السبر والتقسيم "، فإن التسمية الصحيحة
له: التقسيم والسبر؛ لأننا نقسِّم أولاً، ثم نختبر تلك
الأوصاف، لكن التقسيم وسيلة، والسبر مقصد، وقاعدة العرب تقديم
الأهم والأفضل، فاتفق الاصطلاح على " السبر والتقسيم " (1) .
4 - يشرح أحياناً الألفاظ الغريبة، مثل: البداء (2) ، البخت
(3) ، المناط (4) وغيرها.
سادساً: الاستدلال والحجاج والترجيح:
نلحظ في منهج القرافي استدلاله بالقرآن والسنة والإجماع
والمعقول والقواعد وأقوال أهل العلم، كما نلاحظ ولعه الشديد
بالمناقشات والمساجلات، ويتّسم منهجه الاستدلالي بامتزاج العقل
بالنقل، والرأي بالأثر.
(1) الآيات: يبدأ استدلاله بملك الكلام وكلام الملك: القرآن
الكريم، وهو أول ملاذٍ لطالب حجةٍ أو مُعوِز برهانٍ، ونظرة
عابرة في فهرس الآيات يتبيَّن مدى اهتمام القرافي بالاستدلال
بالقرآن. ويلاحظ في منهجه اجتزاؤه من الآيات بموضع الشاهد فقط،
حتى لو كان كلمة واحدة كقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف:
158] (5) ، كما لوحظ عليه متابعته للأصوليين في كتابة الآية
{فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}
[التوبة: 5] مجرَّدة من الفاء (6) ، كما أن الإمام القرافي لم
يلتزم قراءة واحدةٍ في بعض الآيات، فمرةً يختار قراءة أبي عمرو
وابن كثير ونافع وابن عامر كما في قوله تعالى:
{فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ
أَلْفَيْنِ} [الأنفال: 66] ، ومرةً يقرأ بقراءة حمزة والكسائي
وخَلَف كما في قوله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا}
[الحجرات: 6] ، وفي الأعم الأغلب كانت القراءة متمشِّيةً مع
قراءة عاصم (7) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 345 - 346.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 79.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 174.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 314.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 6.
(6) انظر ذلك في مبحث المآخذ ص 157 من القسم الدراسي.
(7) انظر ص 158 من القسم الدراسي
(1/113)
(2) - الأحاديث: يتلو القرآن استدلاله
بالسنة الشريفة والآثار المنيفة، فقد بلغ مجموع الأحاديث
والآثار المستدل بها في القسم الذي أحققه ما يزيد على التسعين
حديثاً وأثراً. والمصنف يحرص على إظهار وجه الدلالة بما
يستدلُّ به. والقرافي يروي الأحاديث بمعناها دون التقيد
بألفاظها، ولا يُعنى بتخريجها، مكتفياً بجوهر المعنى كما هي
عادة كثير من الأصوليين. هذا الأمر أوقعه في الاستشهاد بأحاديث
ضعيفة بل موضوعة، كما أن رواية الحديث بالمعنى أدَّت إلى تغيير
بعض ألفاظه مما رتَّب عليه استدلالاً به بينما الحديث بلفظه
الصحيح لا يستدل به على المدَّعى، مثل حديث ((الرضاع لحمة
كلحمة النسب)) لفظه الصحيح ((الولاء لحمة كلحمة النسب)) (1) ،
وحديث ((. . . ربّ حامل فقه إلى من ليس لفقيه. . .)) لفظه
الصحيح ((. . . فربّ حامل فقه ليس بفقيه. . .)) (2) .
(3) - الإجماع: لم يَفُت القرافي استدلاله بالإجماع، وما اتفق
عليه العلماء في عدة مواضع من كتابه، لكن المصنف أطلق حكاية
الاتفاق والإجماع في بعض المسائل، وفي هذا الإطلاق نظر، وقد
نبهتُ عليه في مواضعه (3) .
(4) - المعقول: أما استدلاله بالمعقول فما أولعه به! وما أبرعه
فيه! فهو فارس هذا الميدان، ولا تكاد تخلو مسألة من حجة عقلية
أو برهان منطقي. ولهذا يكثر في حجاجة من الفنقلة (فإن قيل، فإن
قلت) لدفع اعتراضٍ موهوم، أو شبهة حائمة.
(5) - الأشعار: لم يتجلَّ منهج القرافي في استشهاده بالأشعار
في هذا القسم الذي أحققه، فإنه لم يورد شعراً سوى ثلاثة أبيات.
ولكن لا يُحكم عليه بقلة مراعاة استشهاده بالشعر، بل لقد
نيَّفت استشهاداته بالشعر بما يزيد على خمسة وعشرين بيتاً في
القسم الذي لم أحققه من الكتاب.
(6) - النقول: عضَّد القرافي استدلالاته بنقول أهل الفن في
المسألة، سواء صرَّح بأسمائهم أو أبهم، فتارةً ينقل عن فحول
الأصوليين في المسألة، وهذا كثيرجداً،
_________
(1) انظر القسم التحقيقي ص 370 مع التعليق (1) .
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 259 مع التعليق (3) . وانظر: القسم
الدراسي ص 160.
(3) وانظر مبحث المآخذ ص161 من القسم الدراسي.
(1/114)
لا تكاد تخلو بضع صفحات من نقلٍ عنهم.
وتارةً ينقل عن الفقهاء وأئمة المذاهب في المسائل الفقهية (1)
، وتارةً ينقل عن المفسرين عند تفسير الآيات (2) ، وتارةً ينقل
عن أهل اللغة إذا كان البحث لغويّاً (3) .
(7) - القواعد: يستعمل القرافي أسلوب التقعيد عند حجاجه
واستدلاله، وهذا نابعٌ من اهتمام خاص ملازم لشخصية القرافي،
فإنه كَلِفٌ بالقواعد والضوابط. ومن أمثلة ذلك:
أ - قوله ((البيان يعدُّ كأنه منطوق به في ذلك المبيَّن. . .
وإذا كان البيان يعدُّ منطوقاً به في المبيَّن)) (4) وقال في
موضع آخر ((القاعدة: أن كل بيان لمجملٍ يعدُّ مراداً من ذلك
المجمل وكائناً فيه)) (5) .
ب - قوله ((والقاعدة: أن الأخص أبداً مقدَّم على الأعم)) (6) .
جـ - قوله ((وقاعدة العرب تقديم الأهم والأفضل)) وبعدها بقليل
((الحكم مهما أمكن أن يكون معلّلاً لا يجعل تعبُّداً)) (7) .
د - قوله: ((القاعدة: أن الدليلين الشرعيين إذا تعارضا، وتأخر
أحدهما عن الآخر كان المتأخر ينسخ المتقدم)) (8) .
(8) - المناقشات: بعد تدعيم المسألة بالأدلة، يناقش القرافي
الاعتراضات الواردة عليها، ويدفع الإيرادات والشبهات، أو يورد
على الاستدلالات اعتراضات وإشكالات.
فقد ناقش آراء المذاهب المخالفة لما يراه مناقشة قوية محكمة،
سواء كان ميدان هذه المناقشة الأصول (9) أو الفروع (10) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 224، 236، 252، 340، 400.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص: 25، 26، 104، 125، 444.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 123، 125، 196، 345.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 5 - 6.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 88.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 335.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 346.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 18.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 496 - 498، 504 وما بعدها.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 533.
(1/115)
وكان رحمه الله كثير التعقُّب للإمام
الرازي باعتبار أن كتابه شرح التنقيح مبناه على كتاب المحصول
في كثيرٍ من مسائله، وقد اتخذت تعقيباته مناحياً شتىً، في
الحدود (1) ، والنقول (2) ، والأدلة (3) ، والأمثلة (4) ،
والعبارات (5) ، والمسائل (6) .
(9) - الترجيح: تجلَّت في هذا الكتاب مهارة القرافي العلمية،
فتراه يختار ويرجح، وقد استعمل عدداً من التعبيرات في اختياره،
وبيان ترجيحاته. منها قوله: المختار (7) ، الصواب (8) ، الحق
(9) ، الصحيح (10) ، أولى (11) ، الظاهر (12) ، أصح (13) .
فإذا عدمنا عبارة صريحةً في الترجيح، فيمكن تلمُّس ترجيحاته
بقرائن وتلميحات كتعبيره بقوله " لنا " أو بقوله " حجة المخالف
" فيعلم أنه على الرأي الآخر، أو بتقديمه - في أثناء العرض -
للراجح على غيره مع عدم الاعتراض عليه. . . إلخ.
سابعاً: النقول والاقتباس:
إن حرص القرافي على تدعيم المسائل بالنقول والاقتباس من
الآخرين يبدو ظاهراً جليّاً في سائر مؤلفاته، ويمكن تبيين
منهجه في هذه النقول من خلال كتابه هذا وفق
ما يلي:
1 - التصرف في النقل:
إن أكثر نقولات القرافي كانت بتصرفٍ في العبارة دون التقيد
بالنقل الحرفي، فهو يصوغ العبارات بأسلوبه الخاص.
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 438.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 149.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 384 - 385.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 130 - 131.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 172.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 382.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 25.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 29.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 46.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 465.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 121.
(12) انظر: القسم التحقيقي ص 474.
(13) انظر: القسم التحقيقي ص 437.
(1/116)
- في حالات نادرة ينقل النص بحروفه
تقريباً، مثل: ما نقله من كتابه الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة
الفاجرة للرد على اليهود في مسألة إنكارهم النسخ (1) . ومسألة
الإجماع لا ينسخ ولا نسخ به نقلها تقريباً من نفائس الأصول (2)
.
- وفي حالات كثيرة يتصرف في النقل، ويوفي بالمراد من المسألة.
- وفي بعض النقول يبلغ به التصرف في العبارة إلى حدٍّ يصعب معه
الحكم بنسبة العبارة إلى مظانها ومصدرها، وربمّا أدَّى هذا
الاختزال إلى الإخلال بالمعنى المنقول، مثل: نقله لحجة الرازي
في مسألة القياس في العدم الأصلي (3) ، وكذلك
ما نقله عن الغزالي في محترزات شروط المصلحة المعتبرة في الشرع
(4) .
2 - مصدر النقل:
تنوَّع منهجه في ذكر مصدر النقل واسم المنقول عنه:
- فأحياناً يصرِّح بالمصدر وصاحبه كما في قوله: ((قال ابن
بَرْهان في كتاب الأوسط)) (5) و ((قال المازري والأبياري في
شرح البرهان)) (6) ، و ((قال إمام الحرمين في الشامل)) (7) . .
. وهكذا.
- وأحياناً قليلة يقتصر على ذكر الكتاب دون مؤلفه، مثل قوله:
((هذا نقل المحصول)) (8) .
- وفي أحايين كثيرة يكتفي بذكر المؤلف دون كتابه، وفي الغالب
يمكن الاهتداء إلى مظان النقل في كتبه. ولكن في بعض المواضع
عسر الوقوف على هذا النقل (9) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 56 - 60 مع التعليق (2) ، (3) .
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 93 مع التعليق (1) .
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 394 مع هامش (5) .
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 495 مع هامش (14) .
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 97.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 30.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 442.
(8) انظر: القسم التحقيقي 93.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 534 هامش (5) .
(1/117)
- وفي مراتٍ يتجاوز القرافي هذه الطريقة،
فينقل نصوصاً من غير عزوها إلى أصحابها أو كتبهم، ظهر لي هذا
بينما كنت أقابل نصوصه بما في كتب غيره، فتبيَّنتْ لي مشابهة
بينها. مثل قوله: ((قال بعض العلماء: حدُّ ذلك أن يتكرر منه
تكراراً يخلُّ بالثقة بصدقه. . .)) (1) في ضابط الإصرار الذي
يصيِّر الصغيرة كبيرة.
- ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا أن القرافي ينقل عن معاصريه
مشافهة سواء كانوا شيوخاً له أو قرناء فضلاء (2) .
3 - حدود النقل ونهايته:
لم يجعل القرافي علامةً مميزة تفصل بين منقوله ومقوله، سوى أنه
يبدأ بالنقل بقوله: قال فلان كذا وكذا. . . ولكنه لا يختم
القول المقتبس بكلمة " انتهى " أو نحوها، وبهذا يختلط المنقول
بالمقول. وهذا مما يجهد الباحث في الوقوف على نهاية النقل،
ولاسيما إذا كان النقل من مصادر مفقودة أو مخطوطة تعذَّر
الحصول عليها، أو كانت هذه النقول مشافهة.
- وإنصافاً للحقيقة أقول بأن القرافي حدَّد نهاية النقل في
مواضع يسيرة جداً من الكتاب، فيختم بقوله: ((قاله الإمام)) (3)
.
- ويكون الختام أحياناً بإرداف نقلٍ آخر بعده، فيُعلم انتهاء
ما سبقه، مثل: قوله ((وقال أبو إسحاق: ينعقد الإجماع في زمانه
عليه الصلاة والسلام. وقال ابن برهان في كتابه الأوسط: ينعقد
الإجماع في زمانه عليه الصلاة والسلام)) (4) .
- وأحياناً تعلم نهاية النقل بانتقاله إلى مسألة أخرى (5) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 233 هامش (4) ، والنقل هذا موجود
بمعناه في: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ص 51.
(2) سبقت الإشارة إلى المصادر الشفوية لكتاب القرافي في ص (98)
من القسم الدراسي.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 101، 177.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 96 - 97.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 20 - 23.
(1/118)
4 - طول النقل وقصره
غالب نقولاته جاءت متوسطة المقدار، قد تقصر أحياناً حتى تغدو
جزء سطرٍ (1) ، وتزيد حتى تبلغ قريباً من الصفحة (2) . وهذا
نادر جداً. والغالب عليها مجيئها في بضع أسطر.
ثامناً: العناية بإثبات الفروق، وإيراد الإشكالات:
انتهج القرافي في تأليفه لكتابه وكتبه الأخرى منهج تبيان
الفروق بين المسائل
العلمية، فقد حرص على إظهار جملةٍ وافية من الفروق الدقيقة بين
المسائل التي ربما يقع فيها الاشتباه، من أمثلة ذلك:
أ - قال: ((ووجه الفرق على هذا المذهب. . .)) (3) .
ب - وقال: ((ومع هذا الفرق أمكن أن يقولوا بالمنع مطلقاً. .
.)) (4) .
جـ - وقال: ((فظهر الفرق بين العدم والإعدام)) (5) .
وقد رصدتُ جملة ما ذكر فيه الفرق بين مسائل هذا القسم الذي
أحققه، فبلغت ما يقارب خمسةً وعشرين فرقاً.
أمَّا الإشكالات فالقرافي صاحب عقليَّة تتَّقد ذكاءً وفطنة،
لهذا تميَّز منهجه بإثارة إشكالات وجيهة قوية في خضمِّ
المناقشات، ومعركة الحجاج والخصام. قد يكون هو المورد لها أو
غيره، ثم يجيب عنها إجابةً موفَّقة مسدَّدة، كما في:
أ - قوله: ((غير أن هاهنا إشكالاً، وهو أن الجمهور على جواز
تعليل الحكم بعلتين، والجمهور على سماع الفرق، فيبطل قوله: إن
سماع الفرق ينافي تعليل الحكم بعلتين؟ والجواب: ... )) (6) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 96.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 152 - 153.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 110.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 68.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 394.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 362.
(1/119)
ب - قوله: ((سؤال: قال بعض فضلاء العصر:
قول العلماء التخيير يقتضي التسوية يُشكل، فإن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أُتي بقدحين ... جوابه: أن الحكم الشرعي كان
في القدحين واحداً ... )) (1) ، وفي أحايين كثيرة تعتاص هذه
الإشكالات على الناظر فيها، فتبقى جاثمةً في مكانها بانتظار
إجابةٍ مسعفةٍ أو تسليمٍ بها بلا محيص، فمن ذلك:
أ - قوله: ((سؤال: استدل جماعة من العلماء بهذه الآية (2) ،
وهي غير مفيدةٍ للمقصود، بسبب أن الفعل في سياق الإثبات مطلق
لا عموم فيه. . .)) (3) .
ب - قوله: ((غير أن هاهنا إشكالاً، وهو أن مطلق الظن كيف كان
لم يعتبره صاحب الشرع، بل ظنٌّ خاصٌ عند سببٍ خاص، فما ضابط
هذا الظن الحاصل
هاهنا؟ ... )) (4) .
هذا، وقد أحصيتُ - في هذا القسم الذي أحققه - ما يناهز خمسة
عشر إشكالاً أو سؤالاً.
تاسعاً: استعمال عنوانات صغيرة في الكتاب:
مما يلفت نظر المطالع في هذا الكتاب احتواؤه على عناوين صغيرة
كثيرة، مثل: فائدة، تنبيه، قاعدة، فرع، سؤال، تفريع، مسألة. .
. وهكذا.
لهذا أمكنني الجزم بأن هذه طريقة منهجية متميزة سلكها القرافي
في كتابه عن قصد، وهي ظاهرة قرافيَّة فاشية في معظم كتبه.
وفي هذا الجدول إحصاء تقريبي لعدد هذه العنوانات التي جاءت في
القسم الذي أحققه (5) .
العنوان ... فائدة ... قاعدة ... سؤال ... فرع ... تنبيه ...
مسألة ... تفريع ... المجموع الكلي
عدد التكرار ... 15 ... 40
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 13.
(2) وهي قوله تعالى: س فاعتبروا يا أولي الأبصار ش [الحشر: 2]
.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 306.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 381.
(5) انظر: ص 656 من القسم الدراسي لمعرفة العدد الإجمالي لهذه
العناوين في كل الكتاب.
(1/120)
إن هذا الاستعمال لا يقوم على طريقةٍ
واحدةٍ في جميع المواضع التي ذكرت فيه، فالمعلومات المندرجة
تحت أيٍّ منها مشابهةٌ في نوعها للأخرى، ولا يظهر فرق واضح بين
المادة العلمية المنطوية تحت عنوان " فائدة "، ولا المعلومات
المنضوية تحت عنوان
" تنبيه " (1) . والمصنف لم يُشعرنا بأن ثمة خلافاً في استعمال
هذه العنوانات خلال الكتاب، ولكن جملتها لا تحيد عن كونها
مسألة أصولية أو لغوية أو تعقيباً أو تصحيحاً أو نقلاً عن
أحدٍ.
عاشراً: ربط مسائل الكتاب:
لإحكام الربط بين موضوعات الكتاب بعضها ببعض، وخاصةً ما يتكرر
الحديث عنها استعمل القرافي طريقة الإحالة أو الإشارة الموحية
بهذا الربط، فإذا عرضت له مسألة في خضم بحث مسألةٍ أخرى، فإنه
يحيل إلى موطنها اللائق بها، فإن سبقتْ عبَّر بقوله: ((كما
تقدم)) (2) . وإن كان البحث وقع في لاحق عبَّر بقوله:
((سيأتي)) (3) .
كما أن القرافي يُحيل إلى مصادر أخرى مما ألّفه من الكتب طلباً
للتوسع والبسط، وزيادةً في التوثيق والتأكيد (4) .
_________
(1) مما يؤكد هذا أن القرافي في كتابه " نفائس الأصول " (9 /
3963) ذكر مسألة بعنوان " فائدة " ثم في كتابه شرح التنقيح ص
448 من القسم التحقيقي عنوان لها بـ" قاعدة "، فالخطب سهل.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص: 43، 136، 204.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 19.
(4) مثل إحالته على كتابيه: الأجوبة الفاخرة، والنفائس (شرح
المحصول) . انظر: القسم التحقيقي
ص 60، وكذلك الإحالة على كتابه " الأمنية " ص 383 في القسم
التحقيقي.
(1/121)
المطلب الثاني:
أسلوب المؤلف في الكتاب
يجدر بنا ونحن في مقام الحديث عن أسلوب الكتاب أن نأخذ بعين
الاعتبار الفن الذي تصدَّى القرافي لبحثه، ألا وهو: " أصول
الفقه ". وهذا العلم من العلوم الدقيقة العميقة، التي تحتاج
إلى نظرٍ عميقٍ وأسلوبٍ دقيقٍ، وذهنٍ صافٍ وذكاءٍ كافٍ.
وأساليب القرافي وعبارات جاءت - في الجملة - مهذَّبةً غير
نابية، ومعاني الكتاب مع ألفاظه كانت متعانقةً متآخيةً، فلم
تنْبُ لفظةٌ عن لفظة، ولم تَنْشُز عبارةٌ عن عبارة.
وبحسب المعايشة الطويلة مع الكتاب، يمكن الكلام عن أسلوبه في
النقاط التالية:
1 - المصطلحات المنطقية والبراهين
العقلية
يلاحظ في أسلوب الكتاب طغيان المصطلحات المنطقية والجدلية،
كالجنس، والفصل، والحد، والبرهان، والمنع، والتسليم، والضروري،
واللزوم، والنقيض، والمحال، والتصور، والدور، والاحتراز،
والقيد، وغيرها كثير، وهذا يعود إلى اختلاط الأساليب المنطقة
والطرائق الجدلية بعلم أصول الفقه، والإمام القرافي إمام في
العقليات والمناظرات، فلا جَرَم أنَّ أسلوب الكتاب جدليٌ
منطقي.
كما يلاحظ أيضاً التأنُّق والتفنُّن عند سَوْق الأدلة
والبراهين، من أمثلة ذلك:
أ - قوله: ((فيتوقف كون إجماعنا حجة على كونهم كفاراً، ويتوقف
كونهم كفاراً على إجماعنا، فيتوقف كل واحدٍ منهما على الآخر،
فيلزم الدور)) (1) .
ب - قوله: ((إن اعتبار الفرعِ فرعُ اعتبار الأصل. . .)) (2) .
جـ - قوله: ((لأن ما يفيده ذلك الخبر لا يعتبر، والذي هو معتبر
لا يفيده ذلك الخبر)) (3) .
د - قوله: ((فما أقاموا فيه الدليل لا نزاع فيه، وما فيه نزاع
لم يقيموا الدليل عليه)) (4) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 162.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 258.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 267.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 475.
(1/122)
2 - ظهور المعنى
وسلامة اللغة والتركيب
بالرغم من وعورة مباحث أصول الفقه، وغلبة الأساليب المنطقية
والجدلية في
عرضه، إلاَّ أن الكتاب جاء في أغلبه واضحَ المعنى، سهل القراءة
لدى المتخصصين في هذا العلم.
ولكن كان يجنح أحياناً إلى الغموض في العبارة، والتعقيد في
طريقة عرض المسألة، بحيث يعتاص فهمها إلا بعد مزيد تأمُّلٍ
وتكرارٍ (1) .
كما أن لغة الكتاب - إن جاز لي أن أحكم عليها - فصيحةٌ سليمة،
لا لحن فيها، ولا عاميةٌ. ولكن ربَّما وقع في بعض الهنات التي
قلما يسلم منها كتاب (2) .
والمصنف لم يتكلَّف في أسلوب عرضه الألفاظ الوحشية، والكلمات
النادرة، بل جاءت كلماته سهلة مأنوسة، وكانت تراكيبه جزلةً
مدروسة، لولا بعض التراكيب اليسيرة (3) .
3 - عبارات الجزم والقطع
يلاحظ أن القرافي في بعض مواقفه يلجأ إلى تأكيد كلامه، وتقوية
حجته بعباراتٍ قويَّة فيها الجزم والقطع، من ذلك:
أ - قوله: ((فهذا برهان قاطع على بطلان الحسن والقبح
العقليين)) (4) .
ب - قوله: ((فهذه مدارك قطعية تُوجب حينئذٍ أن الحكم. . .))
(5) .
جـ - قوله: ((فإنَّا نقطع أن كل مجتهدٍ يجوز أن يخطيء، وما من
مذهب من المذاهب إلا وقد وقع فيه ما يُنكر وإن قلَّ، فهذا لابد
للبشر منه)) (6) .
د - قوله: ((وأما أنه جازمٌ بهما فمحالٌ ضرورةً)) (7) .
_________
(1) انظر مثلاً على ذلك ما جاء في الصفحات: 66 - 68، 195 من
القسم التحقيقي.
(2) انظر بعض المآخذ اللغوية في ص 173 من القسم الدراسي.
(3) انظر أمثلتها في مبحث المآخذ ص 169 من القسم الدراسي.
(4) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 91.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 48.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 186.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 409.
(1/123)
وفي سبيل هذا القطع لا يبالي بمن خالفه،
ولا يعبأ بكثرتهم، فيقول مثلاً:
أ - ((والإجماع المروي بأخبار الآحاد حجة خلافاً لأكثر الناس))
(1) .
ب - ((وأما النكرة في سياق النفي، فهي من العجائب في إطلاق
العلماء من النحاة والأصوليين. يقولون: النكرة في سياق النفي
تعمُّ. وأكثر هذا الإطلاق
باطل)) (2) .
ويمكن تحليل هذا الموقف منه بإرجاعه إلى قوة شخصية القرافي
العلمية، وما حباه الله من رسوخ في التأليف، حتى غدا يكتب
بقناعة أكيدة.
4 - المحسنات البلاغية
اكتنف الكتابَ أساليبُ بلاغية متنوعة، ففي علم المعاني تنوَّع
أسلوبه ما بين الخبر والإنشاء، فوظَّف الخبر في العرض
والتقرير، وتوسَّل بالإنشاء للإثارة والتنبيه
والتعجب.
ويظهر الأسلوب الإخباري لمجرَّد العرض عندما يبدأ القرافي بعرض
آراء الآخرين، كما يلاحظ في النصوص التالية:
أ - ((قال جماهير الفقهاء والمعتزلة يجب اتباعه - صلى الله
عليه وسلم - في فعله. . .)) (3) .
ب - ((قال القاضي منَّا والغزالي: هو خطاب دالٌّ على ارتفاع
حكم
ثابت. . .)) (4) .
جـ - ((وقال أبو حنيفة: يقبل قول المجهول)) (5) .
د - ((والأكثرون اتفقوا على التمسك به، وأنكره بعضهم، وقال:
يلزم التخيير أو التوقف)) (6) . بينما يستعمل القرافي الأسلوب
الخبري التقريري عندما يبدأ بتقديم رأيه في الموضوع، ويتبين
ذلك فيما يلي:
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 149.
(2) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 181.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 10.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 42
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 240.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 410.
(1/124)
أ - ((إذا استُفْتي مجتهدٌ فأفتى، ثم سئل
ثانيةً عن تلك الحادثة فإن كان ذاكراً لاجتهاده الأول أفتى،
وإن نسي استأنف الاجتهاد)) (1) .
ب - ((الإجماع لا يُنسخ، ولا يُنسخ به)) (2) .
جـ - ((يمتنع الترجيح في العقليات؛ لتعذر التفاوت بين
القطعيين)) (3) .
د - ((ويشترط في المخبر العقل والتكليف، وإن كان تحمُّل الصبي
صحيحاً، والإسلام، والضبط)) (4) .
و ((وهو (الإجماع) مقدَّمٌ على الكتاب والسنة والقياس)) (5) .
وهذا الأسلوب طاغٍ على عبارات الكتاب، ولاسيما المتن، والقرافي
بهذا يشعرنا بأستاذيته، ويجب ألاَّ ننسى السنين التي قضاها في
التعليم والتدريس، فلعلَّ هذا أثر من آثارها.
أما الأسلوب الإنشائي فقد وجد في بعض تعبيرات الكتاب، سواء
أكان أمراً أم استفهاماً أم تعجُّباً أم رجاءً، وكأنَّ القرافي
يستعمله في المواضع التي يودّ به تنبيه المرء إلى أمرٍ مهمٍّ،
فمن ذلك:
أ - قوله: ((واعلمْ أن المقدَّرات في الشريعة لا يكاد يعرى
عنها باب من أبواب
الفقه)) (6) .
ب - قوله: ((واعلمْ أن الذريعة كما يجب سدُّها يجب فتحها ويكره
ويندب
ويباح)) (7) .
جـ - قوله: ((فانظرْ في ذلك لنفسك، وأما غيره (الآمدي) فلم
أَرَ له تعرضاً
لذلك، فما أدري، هل اغترَّ بالموضع فأطلق هذه العبارة في
الاستدلال أو هو أصل يعتمد عليه؟!)) (8) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 480.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 93.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 411.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 222.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 165.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 382.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 505.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 29.
(1/125)
د - قوله: ((وبهذه التقريرات يتَّضح لك ما
هو نسخ مما ليس بنسخ، فتأملْها)) (1) .
هـ - قوله: ((إذا كان المجتهد ذاكراً للاجتهاد ينبغي ألاَّ
يقتصر على مجرد الذكْر، بل يحركه لعلّه يظفر فيه بخطأ أو
زيادة. . .)) (2) .
وقوله: ((كيف يتخيل عاقل أن المطالبة تتوجه على أحدٍ بغير
مطالب
به؟!)) (3) .
وفي علم البيان استعمل التشبيه، فقال: ((النسخ كالفسخ، فكما أن
الإجارة. . .)) (4) . وقال أيضاً: ((ولأن اسم الأمة لا ينخرم
بهم كالثور الأسود - فيه شعرات بيض - لا يخرج عن كونه أسود))
(5) .
وفي علم البديع استعمل أسلوب " الترديد " (6)
وهو من الفصاحة اللفظية،
كقوله ((وليس فليس)) (7) ، وقوله: ((ومن لا فلا)) (8) . وكذلك
استعمل أسلوب
" التَّسْجيع " (9) ، وهو وإن لم يكن مقصوداً لذاته، تمشِّياً
مع طبيعة البحث الأصولي لكن جرى القلم ببعض العبارات المسجوعة،
وكأنَّها سُطِّرت عفو الخاطر، من ذلك:
أ - قوله: ((وهو مَهْيع متَّسِع، ومسلك غير ممتنع)) وقال بعدها
بقليل ((فليس هذا باباً اخترعه، ولا بِدْعاً ابتدعه)) (10) .
ب - قوله: ((وابن القاسم لا يقبل قول القاسم)) (11) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 112.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 482.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 382
(4) انظر: القسم التحقيقي ص47.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 164.
(6) قال ابن حجة الحموي ((الترديد: هو أن يعلِّق الشاعر لفظةً
في بيت واحد بمعنى، ثم يرددها فيه
بعينها، ويعلقها بمعنىً آخر. . .)) خزانة الأدب 1 / 359.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 24، 194.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 458.
(9) وهو السجع، وهو: اتفاق الفواصل في الكلام المنثور في الحرف
أو الوزن. الطراز ليحيى العلوي اليمني ص407.
(10) انظر: القسم التحقيقي ص 507.
(11) انظر: القسم التحقيقي ص 451.
(1/126)
جـ - قوله: ((فقد قوي الاستبراء على منع
المبادي، ولم يَقْوَ على قطع التمادي)) (1) .
واستعمل أسلوب " التطبيق " (2) حينما قال ((ومن محاسن العبارة
في هذه المسألة
أن يقال: إن الأمر بالشيء نهيٌ عن جميع أضداده، والنهي عن
الشيء أمرٌ بأحد
أضداده)) (3) .
5 - الأسلوب مع الآخرين:
التزم القرافي رحمه الله تعالى في كتاب الأدب الجمَّ مع
الآخرين، وأوجب الأدب
ما كان مع الله جلَّ جلاله وكتابه المبين ومع نبيه - صلى الله
عليه وسلم -، ومع علماء الأمة رحمة الله عليهم أجمعين.
فتأمَّل بماذا عبَّر من أسلوب يفيض إجلالاً لله تباركت أسماؤه.
قال: ((فالكلِّي هو الذي لا يمنع تصورُه من وقوع الشِّرْكة
فيه، سواء امتنع وجوده كالمستحيل، أو أمكن ولم يوجد كبحر
الزئبق، أو وجد ولم يتعدَّد كالشمس، أو تعدَّد كالإنسان. وقد
تركتُ قسمين، أحدهما محال، والثاني أدب)) (4) .
ثم قال في الشرح: ((لكن إطلاق لفظ " الكلي " على واجب الوجود
سبحانه وتعالى فيه إيهامٌ تمنع من إطلاقه الشريعة، فلذلك قُلتُ
تركتُه أدباً. . . فأقسام الكلي عندهم ستة، وهي في هذا الكتاب
أربعة)) (5) .
وقال بإزاء القرآن الكريم ((وأما الكتب السالفة، فلم يؤمر
بتعلُّمها؛ لعدم صحتها، وأدباً مع الأفضل منها، وهو القرآن))
(6) .
وأما في جانب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فقال: ((وبهذا
يظهر لك بطلان قول من استدلَّ في هذه المسألة بقضية رجم
اليهوديين، وأن رسول الله اعتمد على أخبار ابن صُوْريا أن فيها
الرجم، ووجد فيها كما قال،. . . بل رسول الله يجب
_________
(1) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 84.
(2) وهو التضادُّ والمطابقة والطِّباق، وهو أن يؤتى بالشيء
وضده في الكلام. الطراز ليحيى اليمني ص 383.
(3) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 136.
(4) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 27.
(5) المصدر السابق ص 28.
(6) المصدر السابق ص 29.
(1/127)
أن يُعتقد أنه إنما اعتمد في رجم اليهوديين
على وحيٍ جاءه من قبل الله تعالى، أما غير ذلك فلا يجوز، ولا
يُقْدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دماء الخلق بغير
مستندٍ صحيح)) (1) .
أما مع العلماء الأجلاء، فإنه تلَّطف معهم في العبارة، وأثبت
فضلهم، وأعلى أقدارهم، وكل هذا ظاهرٌ في الأوصاف التي يخلعها
عليهم، وإكثار الترحُّم عليهم، بل الترضِّي عنهم، كقوله:
((مذهب مالك، وجمهور العلماء رضي الله عنهم وجوبه وإبطال
التقليد)) (2) ، وقال: ((منهم الشافعي وأبو حنيفة رضي الله
عنهما)) (3) ، وقال ((وأما الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
. .)) (4) ، واسمعه وهو يدعو لشيخه العز بن عبد السلام رحمه
الله: ((وكان الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام قدَّس الله
روحه من الشافعية يقول. . .)) (5) .
كما أنه يعترف لهم بالفضل فيقول: ((غير أن هاهنا قاعدة للحنفية
أخبرني
فضلاؤهم، وهي. . .)) (6) .
ويقول: ((قال بعض فضلاء العصر. . .)) (7) ، وقال: ((فذكرتُ هذا
لبعض العلماء الأعيان. . .)) (8) .
وكان الإمام الشهاب القرافي رحمه الله يلتمس للعلماء المعاذير،
فها هو يقول:
((فلا يوجد عالم إلا وقد خالف من كتاب الله وسنة نبيّه عليه
الصلاة والسلام أدلةً كثيرة، ولكن لمعارضٍ راجحٍ عليها عند
مخالفها)) (9) . وقد أوَّل كلاماً للشافعي ليستقيم على وجهٍ
صحيحٍ في مسألة عموم المشترك، فقال: ((ولعل الشافعي رضي الله
عنه يريد
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 35 - 36.
(2) انظر: القسم التحقيقي ص 441.
(3) انظر: القسم التحقيقي ص 269 - 270.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 449.
(5) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 174.
(6) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 185.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 13.
(8) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 187.
(9) انظر: القسم التحقيقي ص 507.
(1/128)
بأنه حقيقة: أنه في كل فردٍ على حياله لا
في الجميع: إلى أن قال - وهو اللائق بمنصب هذا الإمام العظيم))
(1) .
والإمام القرافي عليه رحمه الله وإن التزم جانب اللطف مع
المخالف إجمالاً، إلا أنه وردت عبارات فيها شدَّة، ربما أشعرت
بالتهكم بالمخالف، وهذا نادرٌ جداً، ومع ذلك فالقرافي في صنيعه
هذا لا يقصد الإساءة والسخرية - حاشاه - بل قصد التنبيه على
الخطأ الجسيم غير اللائق صُدُوره من أهل العلم والفضل، والله
تعالى أعلم. فمن ذلك:
أ - قوله: ((وقول الإمام ومن وافقه باطل - ثم قال - فإهمال
الرجحان هنا ليس بجيِّد)) (2) .
ب - قوله: ((احترازاً مما توهمه الشيخ ابن أبي زيد وغيره - ثم
قال - وليس كما زعموا)) (3) .
ب - قوله: ((فإنكار الإمام منكر)) (4) .
د - قوله في تعريف الاستحسان ((وقيل: " هو الحكم بغير دليل ".
وهو اتباعٌ للهوى)) (5) .
هـ - قوله: ((ولا يفسِّق بذلك إلا جاهل)) (6) .
وقوله: ((أما الاكتفاء بالظاهر فهو شأن الجهلة الأغبياء
الضعفاء الحزم
والعزم)) (7) .
ز - قوله: ((فعلى هذا لا ينحصر فرض العين في العبادات، ولا في
بابٍ من أبواب الفقه، كما يعتقده كثيرٌ من الأغبياء)) (8) .
_________
(1) انظر: القسم التحقيقي ص 116.
(2) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 120.
(3) المصدر السابق ص 55.
(4) انظر: القسم التحقيقي ص 284.
(5) انظر: القسم التحقيقي ص 513.
(6) انظر: القسم التحقيقي ص 246.
(7) انظر: القسم التحقيقي ص 247.
(8) انظر: القسم التحقيقي ص 457.
(1/129)
6 - الأسلوب مع
الذات:
كيف كان الإمام القرافي يخاطب نفسه، وهو يعالج مسائل الأصول
العويصة؟ إن من عجائب هذا الكتاب أنك وأنت تقرؤه تستمع إلى
محاورات نفسية بين القرافي والمسائل التي يخوض غمارها، وحديثُ
النفس ذو شجون، فما أكثر خلجات النفوس وتفاعلاتها!!
فالقرافي إذا أعجبه ما سطَّره عبَّر بكلماتٍ تدل على سروره
وفرحه به، وتلْمسُ من عباراته اعتزازه وثقته بما يكتب ويحرِّر،
وليس هذا نابعاً من العُجب بالنفس فيما أَحْسَب، بل لعلَّه من
باب التحدّث بنعمة الله تعالى. فاستمع إليه وهو يقول:
أ - ((وقد ذكرنا منه جملةً من الكتاب العزيز هنالك - يشير إلى
كتابه " الاستغناء " - فمن أرادها فليطالعه، فإنها فوائد
غريبة، وقواعد جليلة، وهي كلُّها من فضل الله تعالى، وله المنة
في جميع الأحوال، لا إله إلا الله هو الكبير المتعال)) (1) .
ب - بعد أن أورد سؤالاً على لفظٍ من ألفاظ الأيمان قال ((قلتُ:
السؤال حسن قوي غير أن الجواب عنه حسن جميل)) (2) .
جـ - ولما فرَّق بين ورود الخاص على العام وورود المقيد على
الإطلاق قال ((فأحد البابين بعيد من الآخر، مع أن جماعة من
العلماء لم يفرِّقوا، وساقوا الجميع مساقةً
واحدةً، والفرق كما رأيت، فهو موضوع حسن، لم أرَ أحداً تعرَّض
إليه)) (3) .
وفي موضع آخر لنفس المسألة قال: ((فهذا فرق عظيم ينبغي أن
تلاحظه فهو نفيس في الأصول والفروع)) (4) .
د - ((فهذا هو تلخيص هذا الموضع، وهو موضع حسن غريب)) (5) .
_________
(1) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 258.
(2) المصدر السابق ص 217.
(3) المصدر السابق ص 267.
(4) المصدر السابق ص 221.
(5) المصدر السابق ص 155.
(1/130)
هـ - ((فهذا برهان قاطع على بطلان الحسن
والقبح العقليين، ولم أره مسطوراً، وقد نقلتُ في شرح المحصول
طرقاً عديدة عن الأصحاب، وبيَّنتُ ما عليها من الإشكال، واخترت
هذه الطريقة)) (1) .
ومع ما يقع في الكتاب من عباراتٍ توميء إلى اعتداده وثقته بما
يكتب إلا أن المصنف رحمه الله كان يعبِّر في مواطن أخرى
بعباراتٍ يُشْتمُّ منها رائحة التواضع والتراجع، ونكرانه
لذاته، وتسليمه بالعجز، ومحدودية قدرته، فاستمع إليه وهو يقول:
أ - ((فلذلك زدتُ أنا من عندي القيود التي بعد هذا القيد. . .
فبقيتْ هذه الزيادة مضمومةً إلى كلامه (الرازي) ، وهو غير جيد
مني، بسبب. . . فبقي الكلام كله باطلاً، بل ينبغي لي أن ابتديء
حدّاً مستأنفاً، فأقول: الشرط. . . فهذا هو الحد المستقيم،
وأما الذي لي والإمام في الأصل فباطلٌ)) (2) .
ب - ((إذا تقرر هذا فأقول: النكرة في سياق النفي تقتضي العموم
في أحد
قسمين. . . وما عدا ذلك فلا عموم فيه، فهذا هو تلخيص ذلك
الإطلاق فيما وصلتْ إليه قدرتي)) (3) .
جـ - لما ذكر تعريف التخصيص ومحترزاته في المتن ثم شرحها قال
أخيراً: ((وهذا الحد باطل مع هذا التحرير العظيم، الذي لم أر
أحداً جمع ما جمعت فيه - ثم قال - فينبغي أن يؤتى بعبارة تجمع
هذه النقوض، وتخرج الاستثناء، وفيها عُسْر)) (4) .
د - ((والذي تقرَّر عليه حالي في شرح المحصول، وهاهنا، أني
عاجز عن ضبط الرخصة بحدٍّ جامعٍ مانعٍ. أما جزئيات الرخصة من
غير تحديدٍ فلا عُسْر فيه، إنما الصعوبة في الحد على ذلك
الوجه)) (5) .
_________
(1) المصدر السابق ص 91.
(2) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 262.
(3) المصدر السابق ص 184.
(4) المصدر السابق ص 52.
(5) المصدر السابق ص 78.
(1/131)
هـ - لمَّا عرَّف العام في المتن قال - في
الشرح - ((وسبب هذه العبارة والاحتياج إليها إشكالٌ كبيرٌ،
عادتي أورده، ولم أر أحداً قط أجاب عنه، وهو: ... )) (1) ، ثم
سرد الإشكال، وذكر محاولات المجيبين عنه، واعترض عليهم، وقال
أخيراً ((فهذا المُلجيء لهذا الحدِّ الغريب)) (2) .
هذا الخلق الكريم من القرافي الذي لمسناه من عباراته المتواضعة
التي تشهد بيقين على صدْق تحرِّيه للحق، وشدة تواضعه وتراجعه
أقول هذا الخلق لم يفارق تلابيب القرافي حتى في آخر تأليفٍ له.
فهو يقول في كتابه " العقد المنظوم في الخصوص والعموم " (2 /
161) ((إشكالٌ عظيم صعب، لي نحو عشرين سنة أُوْرِدُه على
الفضلاء والعلماء بالأصول والنحو، فلم أجدْ له جواباً يرضيني،
وإلى الآن لم أجدْه، قد ذكرته في شرح المحصول، وكتاب التنقيح،
وشرح التنقيح، وغيرها مما يسَّره الله تعالى علي من الموضوعات
في هذا الشأن. . .)) .
_________
(1) شرح تنقيح الفصول (المطبوع) ص 38.
(2) المصدر السابق ص 39.
(1/132)
|