رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (المعرب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم)
(مَسْأَلَة:)
فِي الْقُرْآن مُعرب؛ وَهُوَ عَن ابْن عَبَّاس، وَعِكْرِمَة -
رَضِي الله ... ... ... ...
هَامِش
الشَّرْح: " قَالُوا: يلْزم " من وُقُوعه فِي الْقُرْآن؛ " أَن
يكون الْبَارِي - تَعَالَى - متجوزا "؛ لِأَن وجود اسْم
الْمَعْنى يَسْتَدْعِي الِاشْتِقَاق.
" قُلْنَا: مثله " - مِمَّا يُوهم نقصا - " يتَوَقَّف على
الْإِذْن "؛ وَلذَلِك لَا يُقَال: خَالق الْخِنْزِير،
وَلَوْلَا وُرُود الْمَانِع، والضار، والقابض، لما أطلقنا
ذَلِك.
قَالَ ابْن الصّباغ: متجوز يسْتَعْمل لمن فِي كَلَامه قبح، أَو
يتَوَقَّف؛ بِنَاء على أَن أَسمَاء الله توقيفية، وَهُوَ رَأْي
شَيخنَا أبي الْحسن.
والتقرير الأول أحسن؛ لِأَن الظَّاهِرِيَّة قد ينازعون فِي
كَون الْأَسْمَاء توقيفية.
(" مَسْأَلَة ")
الشَّرْح: قَالَ المُصَنّف: " فِي الْقُرْآن المعرب "، وَهُوَ:
اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل عِنْد الْعَرَب فِي معنى وضع لَهُ فِي
غير لغتهم، " وَهُوَ عَن ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة - رَضِي
الله عَنْهُم -.
(1/414)
عَنْهُم - ونفاه الْأَكْثَرُونَ؛ ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ...
هَامِش
ونفاه الْأَكْثَرُونَ " وزعيمهم إمامنا الشَّافِعِي - رَضِي
الله عَنهُ.
قَالَ أَبُو نصر بن الْقشيرِي: وَلَيْسَ هَذَا الْخلاف فِي
الْأَسْمَاء الشَّرْعِيَّة، بل هُوَ فِي آخر.
(1/415)
لنا: (الْمشكاة) هندية، و (إستبرق) ، و
(سجيل) فارسية، و (قسطاس) رُومِية.
قَوْلهم: (مِمَّا اتّفق فِيهِ اللغتان؛ كالصابون والتنور) -
بعيد، ... ... ... ... ...
هَامِش
قلت: ذَاك اخْتِلَاف فِي الْوَضع، وَهَذَا فِي الِاسْتِعْمَال،
وَلَيْسَ هَذَا أَيْضا الْمجَاز، بل عَكسه؛ إِذْ المعرب فِيهِ
اسْتِعْمَال الْمَعْنى بِغَيْر اللَّفْظ الْمَوْضُوع لَهُ فِي
تِلْكَ اللُّغَة، وَالْمجَاز اللَّفْظ لغير الْمَعْنى،
وَاعْلَم أَن الْأَعْلَام لَا خلاف فِي وُقُوعهَا.
قَالَ: " لنا: (الْمشكاة) هندية، و (إستبرق) ، و (سجيل)
فارسية، و (قسطاس) رُومِية "، وألفاظ أخر وَردت فِي الْقُرْآن؛
جُمْلَتهَا سبع وَعِشْرُونَ لفظا، يجمعها قَوْلنَا:
[الْبَسِيط]
(السلسبيل وطه كورت بيع ... روم وطوبى وسجيل وكافور)
(والزنجبيل ومشكاة سرادق مَعَ ... إستبرق، صلوَات سندس طور)
(كَذَا قَرَاطِيس ربانيهم وغساق ... ثمَّ دِينَار والقسطاس
مَشْهُور)
(كَذَاك قسورة واليم ناشئة ... وَيُؤْت كِفْلَيْنِ مَذْكُور
ومسطور)
(لَهُ مقاليد فردوس يعد كَذَا ... فِيمَا حكى ابْن دُرَيْد
مِنْهُ تنور)
الشَّرْح: " قَوْلهم ": هَذِه الْأَلْفَاظ، وَإِن كَانَت فِي
غير لُغَة الْعَرَب، لَا يُنَافِي كَونهَا من لُغَة الْعَرَب؛
لجَوَاز أَن يكون " مِمَّا اتّفق فِيهِ اللغتان؛ كالصابون "؛
وَكَذَا " التَّنور " عِنْد غير ابْن دُرَيْد - قَالَ
المُصَنّف: إِنَّه " بعيد "، وَهِي دَعْوَى مِنْهُ.
وَهَذَا الشَّافِعِي الَّذِي تفقأت عَنهُ بَيْضَة بني مُضر، قد
اقْتضى كَلَامه ذَلِك، وَكفى بِهِ حجَّة،
وَلَقَد أطنب فِي كتاب الرسَالَة فِي التَّغْلِيظ على من
يَقُول بالمعرب.
(1/416)
وَإِجْمَاع الْعَرَبيَّة؛ على أَن نَحْو:
(إِبْرَاهِيم) منع من الصّرْف للعجمة والتعريف - يُوضحهُ،
الْمُخَالف: بِمَا ذكر فِي الشَّرْعِيَّة؛ وَبِقَوْلِهِ:
{ءاعجمي، وعربي} [سُورَة فصلت: الْآيَة، 44] ؛ فنفى أَن يكون
متنوعا؛ وَأجِيب بِأَن المعني من السِّيَاق: أكلام أعجمي،
ومخاطب عَرَبِيّ، لَا يفهمهُ؟ ، وهم يفهمونها، وَلَو سلم نفي
التنويع، فَالْمَعْنى: أعجمي لَا يفهمهُ.
هَامِش
" وَإِجْمَاع " [أهل] " الْعَرَبيَّة؛ على أَن نَحْو:
(إِبْرَاهِيم) منع من الصّرْف للعجمة، والتعريف - يُوضحهُ "،
أَي: يُوضح وُقُوع المعرب، [وَهُوَ] وهم؛ فَإِن الْأَعْلَام
لَا خلاف فِيهَا؛ كَمَا عرفت.
وَاحْتج " الْمُخَالف؛ بِمَا ذكره فِي الشَّرْعِيَّة "؛ من
أَنَّهَا لَو وَقعت فِي الْقُرْآن، لاشتمل على غير الْعَرَبِيّ
- وَقد مر -؛ وَبِأَنَّهُ لَو وَقع، لانقسم الْقُرْآن إِلَى
أعجمي وعربي، " و " الله قد صانه عَن ذَلِك؛ " بقوله: {ءاعجمي
وعربي} [سُورَة فصلت: الْآيَة، 44] "، أَي: أكلام بعضه أعجمي
وَبَعضه عَرَبِيّ؟ ، " فنفى أَن يكون متنوعا ".
" وَأجِيب بِأَن المعني من السِّيَاق " الْوَاقِع فِي الْآيَة
هَكَذَا: " أكلام أعجمي، ومخاطب عَرَبِيّ لَا يفهمهُ؟ ، وهم "
كَانُوا " يفهمونها ".
وَالْحَاصِل: أَن المُصَنّف منع نفي التنويع ثمَّ قَالَ: "
وَلَو سلم نفي التنويع "؛ فَلَيْسَ المُرَاد نفي كل تنويع، بل
التنويع الْوَاقِع بَين أعجمي غير مَفْهُوم وعربي، "
فَالْمَعْنى: أعجمي لَا يفهمهُ ".
وَاعْلَم أَن ابْن قُتَيْبَة وَابْن جني قَالَا: الأعجمي من
لَا يفصح بالْكلَام، عجميا كَانَ، أَو
(1/417)
(الْمُشْتَقّ)
(مَسْأَلَة:)
الْمُشْتَقّ مَا وَافق أصلا بِحُرُوفِهِ الْأُصُول
وَمَعْنَاهُ، وَقد يُزَاد بتغيير ... ... ... ...
هَامِش عَرَبيا، وَلَفظه لفظ النّسَب، فأعجم وأعجمي، كأحمر
وأحمري، والعجمي مَنْسُوب إِلَى لُغَة الْعَجم، سَوَاء كَانَ
فصيحا أم لم يكن.
وَقَالَ أَبُو زيد، وَأَبُو عَليّ الْفَارِسِي: الأعجمي
العجمي، وَلِهَذَا قوبل بالعربي، وَيشْهد لَهُ قِرَاءَة من
قَرَأَ: (ءاعجمي) .
وَإِذا عرفت هَذَا، علمت أَنه لَا وَجه للاستدلال بِالْآيَةِ
أَلْبَتَّة على الأول، وَلَا على الثَّانِي أَيْضا؛ لِأَن
المُرَاد بالعجمي هُنَا: الأعجمي؛ بِدَلِيل صدر الْآيَة؛ قَالَ
تَعَالَى: {وَلَو جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أعجميا، لقالوا:
لَوْلَا فصلت آيَاته ءاعجمي وعربي} [سُورَة فصلت: الْآيَة، 44]
.
(" مَسْأَلَة ")
الشَّرْح: " الْمُشْتَقّ: مَا وَافق أصلا بِحُرُوفِهِ
الْأُصُول وَمَعْنَاهُ "؛ فَمَا لم يُوَافق أصلا، أَو وَافق
معنى فَقَط، كالمنع الْمُوَافق للْجِنْس، أَو فِي حُرُوفه
الْأُصُول، لَكِن لَا بِمَعْنَاهُ؛ كالضرب
(1/418)
مَا، وَقد يطرد؛ كاسم الْفَاعِل، وَغَيره،
وَقد يخْتَص؛ كالقارورة والدبران.
(مَسْأَلَة:)
اشْتِرَاط بَقَاء الْمَعْنى فِي كَون الْمُشْتَقّ حَقِيقَة؛
ثَالِثهَا: إِن كَانَ ... ... ... ... ... ...
هَامِش للإيلام الْخَاص الْمُوَافق للضرب بِمَعْنى الذّهاب فِي
الأَرْض - فَلَيْسَتْ بمشتقات.
وَقد يمْنَع مَانع من بَقَاء الْحُرُوف الْأُصُول؛ ك (خف) من
الْخَوْف؛ فَإِن التقاء الساكنين أوجب حذف حرف، وَإِن كَانَ
مَوْجُودا فِي الأَصْل.
" وَقد يُزَاد " فِي الْحَد قَول: " بتغيير مَا "؛ ليعلم أَنه
لَا بُد من تَغْيِير، وَأَن التَّغْيِير الاعتباري كَاف
كَذَلِك؛ مُفردا بزنة قفل، وجمعا بزنة أَسد.
والتغيير: إِمَّا بِزِيَادَة، أَو نُقْصَان، أَو بهما؛ إِمَّا
فِي الْحَرْف، أَو الْحَرَكَة، أَو فيهمَا.
" وَقد يطرد " الِاشْتِقَاق؛ " كاسم الْفَاعِل، وَغَيره "؛
كاسم الْمَفْعُول، وَالصّفة المشبهة المشتقة من الْفِعْل.
" وَقد يخْتَص " بِبَعْض الْأَسْمَاء؛ " كالقارورة، والدبران "
المأخوذين من الِاسْتِقْرَار وَالدبور، مَعَ اخْتِصَاص
(القارورة) بالزجاجة، (والدبران) بِعَين الثور.
(" مَسْأَلَة ")
الشَّرْح: " اشْتِرَاط بَقَاء الْمَعْنى " الْمُشْتَقّ مِنْهُ
" فِي كَون الْمُشْتَقّ حَقِيقَة " فِيهِ مَذَاهِب:
أَحدهَا: الِاشْتِرَاط؛ وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور؛ قَالَ
الإِمَام الرَّازِيّ: وَهُوَ الْأَقْرَب.
وَثَانِيها: عَدمه؛ وَهُوَ قَول أبي عَليّ، وَابْنه، وَابْن
سينا.
و" ثَالِثهَا: إِن كَانَ " الْبَقَاء " مُمكنا، اشْترط "
وَإِلَّا فَلَا.
وَهَذَا ذكره الإِمَام الرَّازِيّ بحثا، وَذكر أَنه لم يقل
بِهِ أحد من الْأمة، وَالْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي صدق الِاسْم،
أَي: أَنه هَل يُقَال للضارب أمس: ضَارب الْآن؛ حَقِيقَة، لَا
فِي أَن حَقِيقَة الضَّرْب
(1/419)
مُمكنا، اشْترط؛ الْمُشْتَرط: لَو كَانَ
حَقِيقَة، وَقد انْقَضى، لم يَصح نَفْيه؛ أُجِيب: بِأَن
الْمَنْفِيّ الْأَخَص؛ فَلَا يسْتَلْزم نفي الْأَعَمّ؛
قَالُوا: لَو صَحَّ بعده، لصَحَّ قبله؛ أُجِيب إِذا كَانَ
هَامِش الْآن مَوْجُودَة مِنْهُ، فَذَلِك لَا يَقُوله عَاقل.
قَالَ أبي - رَحمَه الله -: وَلَيْسَ هُوَ أَيْضا فِي
الصِّفَات القارة المحسوسة؛ كالسواد، وَالْبَيَاض؛ فَإنَّا على
قطع بِأَن اللّغَوِيّ لَا يُطلق على الْأَبْيَض بعد اسوداده؛
أَنه أَبيض.
وَقد ادّعى الْآمِدِيّ الْإِجْمَاع؛ على أَنه لَا تجوز
تَسْمِيَة النَّائِم قَاعِدا، والقاعد نَائِما؛ وَهَذَا وَاضح
فِي اللُّغَة، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الضَّرْب وَنَحْوه من
الْأَفْعَال المنقضية؛ فإطلاق الْمُشْتَقّ على محلهَا من بَاب
الْأَحْكَام؛ فَلَا يبعد إِطْلَاقه حَال خلوه عَن مَفْهُومه؛
لِأَنَّهُ أَمر حكمي.
وَمن هُنَا؛ يتَبَيَّن وَجه انْفِصَال الْمَاضِي عَن
الْمُسْتَقْبل؛ حَيْثُ كَانَ إِطْلَاقه بِاعْتِبَار الْمَاضِي
أولى؛ لِأَن من حصل مِنْهُ الضَّرْب مَاضِيا، قد يستصحب حكمه؛
بِخِلَاف من لم يحصل مِنْهُ؛ إِذْ لم يثبت لَهُ حكم فيستصحب.
احْتج " الْمُشْتَرط "؛ بِأَنَّهُ " لَو كَانَ " صدق الضَّارِب
مثلا على من صدر مِنْهُ الضَّرْب؛ " حَقِيقَة، وَقد انْقَضى -
لم يَصح نَفْيه "؛ لكنه يَصح نَفْيه فِي الْحَال؛ فَإنَّا نعلم
ضَرُورَة؛ أَن من انْقَضى عَنهُ الضَّرْب لَيْسَ بضارب الْآن،
وَإِذا صَحَّ نَفْيه فِي الْحَال، صَحَّ مُطلقًا؛ إِذْ صدق
الْخَاص مُسْتَلْزم لصدق الْعَام.
" وَأجِيب: بِأَن الْمَنْفِيّ " هُوَ " الْأَخَص "، أَي:
الضَّرْب فِي الْحَال؛ " فَلَا يسْتَلْزم نفي الْأَعَمّ "؛
وَهُوَ مُطلق الضَّرْب؛ فَإِذن: إِن أُرِيد بِصِحَّة النَّفْي
مُطلقًا صدق: لَيْسَ بضارب فِي كل وَقت - ففاسد، أَو صدق نفي
ضرب مَا، فَحق؛ وَلَكِن لَا يلْزم مِنْهُ النَّفْي فِي
الْمَاضِي.
" قَالُوا: لَو صَحَّ " أَن يُقَال لمن ضرب " بعده "، أَي: بعد
انْقِضَاء الضَّرْب: إِنَّه ضَارب - " لصَحَّ قبله "، أَي: قبل
وجود الضَّرْب؛ [بِجَامِع وجود الضَّرْب] فِي غير الْحَال،
وَاللَّازِم بَاطِل؛ بالِاتِّفَاقِ.
(1/420)
الضَّارِب من ثَبت لَهُ الضَّرْب، لم يلْزم
النَّافِي: أجمع أهل الْعَرَبيَّة على صِحَة: (ضَارب أمس) ؛
وَأَنه اسْم فَاعل؛ أُجِيب: مجَاز؛ كَمَا فِي الْمُسْتَقْبل؛
بِاتِّفَاق، قَالُوا: صَحَّ: (مُؤمن وعالم) ؛ للنائم؛ أُجِيب:
مجَاز لِامْتِنَاع (كَافِر) لكفر تقدم.
هَامِش
" أُجِيب " بِالْفرقِ بِأَنَّهُ " إِذا كَانَ الضَّارِب من
ثَبت لَهُ الضَّرْب "، [وَهُوَ كَذَلِك - " لم يلْزم " من
صِحَة إِطْلَاقه بِاعْتِبَار الْمَاضِي - إِطْلَاقه
بِاعْتِبَار الْمُسْتَقْبل؛ وللخصم منع أَن الضَّارِب لُغَة من
ثَبت لَهُ الضَّرْب] ، وادعاء أَنه من لَهُ الضَّرْب، وَهُوَ
أَعم من الْمُسْتَقْبل.
الشَّرْح: وَاحْتج " النَّافِي " للاشتراط؛ بِأَنَّهُ قد "
أجمع أهل الْعَرَبيَّة على صِحَة: ضَارب أمس؛ فَإِنَّهُ اسْم
فَاعل "، مَعَ انْقِضَاء الضَّرْب.
" أُجِيب " بِأَنَّهُ " مجَاز؛ كَمَا فِي الْمُسْتَقْبل؛
[بِاتِّفَاق] "، وَلَيْسَ من لَازم الصِّحَّة أَن يكون
حَقِيقَة.
" قَالُوا: صَحَّ عَالم، وَمُؤمن؛ للنائم "، وَلَيْسَ الْعلم
وَالْإِيمَان حاصلين حَالَة النّوم.
" أُجِيب: مجَاز؛ لِامْتِنَاع " إِطْلَاق " كَافِر " على مُسلم
الْآن؛ " لكفر تقدم " مِنْهُ.
لَا يُقَال: الشَّرْع منع من هَذَا الْإِطْلَاق؛ فَلَا دَلِيل
من الشَّرْع عَلَيْهِ، ثمَّ كلامنا فِي أَمر لغَوِيّ،
(1/421)
" قَالُوا: يتَعَذَّر فِي مثل: مُتَكَلم،
ومخبر؛ أُجِيب: بِأَن اللُّغَة لم تبن على المشاحة فِي مثله؛
بِدَلِيل صِحَة الْحَال؛ وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يجب أَلا يكون
كَذَلِك ".
(الِاشْتِقَاق من اسْم الْفَاعِل)
(مَسْأَلَة:)
" لَا يشتق اسْم الْفَاعِل لشَيْء، وَالْفِعْل قَائِم
بِغَيْرِهِ؛ خلافًا ... ... ... ...
هَامِش وَلقَائِل أَن يَقُول: الْإِيمَان الطَّارِئ يضاد
الْكفْر؛ فَلذَلِك امْتنع إِطْلَاق كَافِر على الْمُؤمن،
وَكَانَ كإطلاق أسود على الْأَبْيَض؛ بِاعْتِبَار سَواد تقدم،
وَلَيْسَ مَحل الْخلاف.
الشَّرْح: " قَالُوا: يتَعَذَّر " بَقَاء الْمَعْنى
الْمُشْتَقّ مِنْهُ فِي الْمُشْتَقّ " فِي مثل: مُتَكَلم،
ومخبر "، وَسَائِر مَا لَا يُوجد من الْأَفْعَال فِي زمَان
مَعَ إِطْلَاق مُتَكَلم ومخبر بِالْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ، فَلَو
كَانَ بَقَاء الْمَعْنى شرطا، لم يكن الْأَمر كَذَلِك.
" أُجِيب: بِأَن اللُّغَة لم تبن على المشاحة فِي مثله "؛
فَإِن أمكن وجود الْفِعْل بِتَمَامِهِ، اشْترط، وَإِلَّا
اكْتفي بآخر جُزْء؛ " بِدَلِيل صِحَة الْحَال "، وَلَو وَقعت
[مشاحة] ، لم يتَحَقَّق الْحَال، وَكَانَ يتم قَول أبي حَفْص
الْأَشْعَرِيّ: لَا معنى للْحَال، إِنَّمَا هُوَ للماضي
والمستقبل.
سلمنَا تعذر ذَلِك فِي مثل مُتَكَلم ومخبر؛ لَكِن لَا يلْزم من
عدم اشْتِرَاط الْبَقَاء فِيمَا تعذر - عدم الِاشْتِرَاط
مُطلقًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: " وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ
يجب أَلا يكون كَذَلِك "، أَي: لَا يكون الْمُشْتَقّ الَّذِي
فِيهِ الْكَلَام مِمَّا لَا يُمكن بَقَاؤُهُ حَتَّى يشْتَرط
فِيهِ الْبَقَاء.
وَلَك أَن تَقول: هَذَا رُجُوع إِلَى القَوْل الْفَصْل بتخصيص
الدَّعْوَى.
(" فرعان ")
فِي وُقُوع طَلَاق القَاضِي الْمَعْزُول، إِذا قَالَ: امْرَأَة
القَاضِي طَالِق - وَجْهَان، حلف لَا يدْخل مسكن فلَان، فَدخل
ملكا لَهُ لم يكن ساكنه، فأوجه:
ثَالِثهَا: إِن كَانَ سكنه فِي الْمَاضِي سَاعَة مَا، حنث،
وَإِلَّا فَلَا، وَفِي (شرح الْمِنْهَاج) فروع أخر.
(" مَسْأَلَة ")
الشَّرْح: " لَا يشتق اسْم الْفَاعِل لشَيْء، وَالْفِعْل "؛
وَهُوَ: مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاق - " قَائِم بِغَيْرِهِ.
(1/422)
للمعتزلة؛ لنا: الاستقراء ".
قَالُوا: ثَبت قَاتل وضارب، وَالْقَتْل للْمَفْعُول؛ قُلْنَا:
الْقَتْل التَّأْثِير، وَهُوَ للْفَاعِل.
" قَالُوا: أطلق الْخَالِق على الله؛ بِاعْتِبَار الْمَخْلُوق،
وَهُوَ الْأَثر؛ لِأَن الْخلق الْمَخْلُوق، وَإِلَّا، لزم قدم
الْعَالم، أَو التسلسل؛ أُجِيب: أَولا؛ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِفعل
قَائِم بِغَيْرِهِ؛ ... ... ...
هَامِش
خلافًا للمعتزلة "؛ حَيْثُ قَالُوا: الْبَارِي - تَعَالَى -
مُتَكَلم يخلقه، [أَي: الْكَلَام] فِي جسم.
" لنا: الاستقراء ".
الشَّرْح: " قَالُوا: " قد " ثَبت قَاتل وضارب " للْفَاعِل، "
وَالْقَتْل " وَالضَّرْب إِنَّمَا هما " للْمَفْعُول.
قُلْنَا ": لَيْسَ " الْقَتْل " التأثر الْحَاصِل فِي ذَات
الْمَفْعُول، بل [التَّأْثِير] ؛ " وَهُوَ " حَاصِل "
للْفَاعِل ".
الشَّرْح: " قَالُوا: أطلق الْخَالِق على الله - تَعَالَى -؛
بِاعْتِبَار الْمَخْلُوق، وَهُوَ الْأَثر "، وَلَيْسَ
الْمَخْلُوق صفة قَائِمَة بِذَاتِهِ - تَعَالَى -؛ " لِأَن
الْخلق " هُوَ " الْمَخْلُوق "؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:
{هَذَا خلق الله} [سُورَة لُقْمَان: الْآيَة، 11] ، أَي:
مخلوقه، " وَإِلَّا لزم قدم الْعَالم "، إِن كَانَ الْخلق
قَدِيما، " أَو التسلسل "، إِن كَانَ حَادِثا.
و" أُجِيب: أَولا؛ بِأَنَّهُ " غير مَحل النزاع؛ إِذْ مَحل
النزاع فعل قَائِم بِالْغَيْر، وَمَا ذكرتموه من الخالقية "
لَيْسَ بِفعل قَائِم بِغَيْرِهِ "، بل هُوَ ذَات الْغَيْر.
(1/423)
وَثَانِيا: أَنه للتعلق الْحَاصِل بَين الْمَخْلُوق
وَالْقُدْرَة حَال الإيجاد، فَلَمَّا نسب إِلَى الْبَارِي،
صَحَّ الِاشْتِقَاق؛ جمعا بَين الْأَدِلَّة. |