شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه ط العلمية

حكم الفرض و الواجب
هل الفرض و الواجب مترادفان
...
حكم الفرض والواجب
فالفرض لازم علما وعملا حتى يكفر جاحده والواجب لازم عملا لا علما، فلا يكفر جاحده بل يفسق إن استخف بأخبار الآحاد الغير المؤولة، وأما مؤولا، فلا ويعاقب تاركهما إلا أن يعفو الله.
هل الفرض والواجب مترادفان؟
والشافعي رحمه الله تعالى لم يفرق بين الفرض والواجب، والتفاوت بين الكتاب وخبر الواحد يوجب التفاوت بين مدلوليهما وقد يطلق الواجب عندنا على المعنى الأعم أيضا فيصح أن يقال صلاة الفجر واجبة.
ـــــــ
صيانة ما صار لله تعالى فعلا أولى بالوجوب. وقوله: فعلا نصب على التمييز, وكذا قوله: تسمية ويجوز أن ينصب تسمية وفعلا على الحال تقديره حال كونه مسمى وحال كونه مفعولا.
.........................................................
قوله: "فالفرض لازم علما" أي يلزم اعتقاد حقيته والعمل بموجبه لثبوته بدليل قطعي حتى لو أنكره قولا, أو اعتقادا كان كافرا والواجب لا يلزم اعتقاد حقيته لثبوته بدليل ظني ومبنى الاعتقاد على اليقين لكن يلزم العمل بموجبه للدلائل الدالة على وجوب اتباع الظن فجاحده لا يكفر وتارك العمل به إن كان مؤولا لا يفسق, ولا يضلل; لأن التأويل في مظانه من سيرة السلف وإلا فإن كان مستخفا يضلل; لأن رد خبر الواحد والقياس بدعة, وإن لم يكن مؤولا, ولا مستخفا يفسق لخروجه عن الطاعة بترك ما وجب عليه وإلى هذا أشار بقوله: ويعاقب تارك الفرض والواجب للآيات والأحاديث الدالة على وعيد العصاة إلا أن يعفو الله تعالى بفضله وكرمه, أو بتوبة العاصي وندمه للنصوص الدالة على العفو والمغفرة ولأنه حق الله تعالى فيجوز له العفو, وعند المعتزلة لا عفو, ولا غفران بدون التوبة وهي مسألة وجوب الثواب والعقاب على الله تعالى.
قوله: "والشافعي رحمه الله تعالى لم يفرق بين الفرض والواجب" لا نزاع للشافعي رحمه الله تعالى في تفاوت مفهومي الفرض والواجب في اللغة, ولا في تفاوت ما ثبت بدليل قطعي كمحكم الكتاب وما ثبت بدليل ظني كمحكم خبر الواحد في الشرع, فإن جاحد الأول كافر دون الثاني وتارك العمل بالأول مؤولا فاسق دون الثاني, وإنما يزعم أن الفرض والواجب لفظان مترادفان منقولان من معناهما اللغوي إلى معنى واحد هو ما يمدح فاعله ويذم تاركه شرعا سواء ثبت ذلك بدليل قطعي, أو ظني, وهذا مجرد اصطلاح, فلا معنى للاحتجاج بأن التفاوت بين الكتاب وخبر الواحد يوجب التفاوت بين مدلوليهما, أو بأن الفرض في اللغة التقدير, والوجوب هو السقوط. فالفرض ما علم قطعا أنه مقدر علينا والواجب ما سقط علينا بطريق الظن, فلا يكون المظنون مقدرا, ولا معلوم القطعي ساقطا علينا. على أن للخصم أن يقول: لو سلم ملاحظة المفهوم اللغوي, فلا نسلم امتناع أن يثبت كون الشيء مقدرا علينا بدليل ظني وكونه ساقطا علينا بدليل قطعي ألا يرى

(2/259)