شرح الورقات في أصول الفقه [تعريف
النظر]
والنظر (1) هو الفكر (2) في حال المنظور فيه (3) ليؤدي إلى
المطلوب (4).
[تعريف الاستدلال]
والاستدلال (5) طلب الدليل (6) ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر
_________
(1) يطلق النظر في اللغة معنى الانتظار، وبمعنى الرؤيا بالعين،
وبمعنى الرأفة والرحمة، وبمعنى المقابلة، وبمعنى الفكر
والاعتبار بالبصيرة. انظر لسان العرب 14/ 191، الصحاح 2/ 830،
المفردات ص 497، بيان معاني البديع 1/ 1/116، الكليات ص 904،
المفردات ص 497.
(2) الفكر هو حركة النفس في المعقولات، أو هو حركة النفس من
المطالب إلى المبادئ ورجوعها منها إليها. انظر التحقيقات ص
135، شرح العبادي ص 44، التعريفات ص 99، الكليات ص 697،
المفردات ص 384، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 3/ 52.
(3) عرّف إمام الحرمين النظر في البرهان 1/ 126 بقوله (أنه
تردد في أنحاء الضروريات ومراتبها) وعرفه في التلخيص 1/ 123
بقوله (هو الفكر الذي يطلب به معرفة الحق في ابتغاء العلوم
وغلبات الظنون)، وانظر في تعريف النظر اصطلاحاً الإحكام 1/ 10،
شرح الكوكب المنير 1/ 57، شرح تنقيح الفصول ص429، البحر المحيط
1/ 42، إرشاد الفحول ص 5، المحصول 1/ 1/105، شرح العضد 1/ 46،
نهاية الوصول 1/ 10، بيان معاني البديع 1/ 1/116.
(4) أي من علم أو ظن. انظر حاشية الدمياطي ص 5.
(5) في "ج" واستدلال.
(6) عرّف إمام الحرمين الاستدلال في التلخيص 1/ 119 بقوله (فإن
قيل فما الاستدلال؟ قيل هو يتردد بين البحث والنظر في حقيقة
المنظور فيه وبين مسألة السائل عن الدليل. وانظر تعريف
الاستدلال اصطلاحاً في الحدود ص 41، التعريفات ص 12. ...
(1/83)
والاستدلال واحد (1) فجمع المصنف * بينهما
في الإثبات والنفي تأكيداً (2).
[تعريف الدليل]
والدليل (3) هو المرشد إلى المطلوب، لأنه علامة عليه.
_________
(1) قول الشارح (فمؤدى النظر والاستدلال واحد) أي ما يؤديان
إليه ويفيدانه واحد وهو علم المطلوب أو ظنه فأحدهما يغني عن
الآخر، فجمع المصنف بينهما في الإثبات بقوله فهو الموقوف على
النظر والاستدلال، وفي النفي بقوله ما لم يقع عن نظر واستدلال
لأجل التأكيد. انظر شرح العبادي ص 46.
* نهاية 2/أمن " ب ".
(2) في " هـ " تأكيد.
(3) الدليل لغةً ما يستدل به، والدليل الدال. انظر لسان العرب
4/ 394.
وتعريف الدليل الذي ذكره إمام الحرمين هنا إنما هو تعريفه
لغةً، وقال الجرجاني: الدليل في اللغة هو المرشد وما به
الإرشاد. التعريفات ص 55.
وأما الدليل اصطلاحاً فهو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى
مطلوب خبري. والمطلوب الخبري يشمل القطع والظن وهذا مذهب أكثر
الفقهاء والأصوليين. وقال أبو الحسين البصري وبعض المتكلمين:
ما أفاد القطع يسمى دليلاً وما أفاد الظن يسمى أمارةً.
وانظر في تعريف الدليل اصطلاحاً التلخيص 1/ 115، الحدود ص 38،
الإحكام 1/ 9، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 124 - 125، شرح
العضد 1/ 36، شرح الكوكب المنير 1/ 52، المعتمد 1/ 10، المحصول
1/ 1/106، البحر المحيط 1/ 35 - 36، تيسير التحرير 1/ 33،
نهاية الوصول 1/ 9، شرح العبادي ص 48.
(1/84)
[تعريف الظن]
والظن (1) تجويز أمرين أحدهما أظهر (2) من (3) الآخر (4) عند
المجوز.
[تعريف الشك]
والشك (5) تجويز أمرين لا مزية لأحدهما (6) على (7)
_________
(1) الظن في اللغة يستعمل بمعنى الشك واليقين إلا أنه ليس
بيقين عيان إنما هو يقين تدبر، ومن استعماله بمعنى اليقين قوله
تعالى (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) سورة البقرة آية
249، أي يوقنون، وانظر لسان العرب 8/ 271، المصباح المنير 2/
386، الكليات ص 588.
(2) في " هـ " الأظهر.
(3) ليست في " ج ".
(4) انظر في تعريف الظن اصطلاحاً اللمع ص 48، الحدود ص 30،
التعريفات ص 77، بيان معاني البديع 1/ 1/137، تيسير التحرير 1/
26، شرح العضد 1/ 61، المحصول 1/ 1/101، البحر المحيط 1/ 74.
(5) الشك في اللغة خلاف اليقين، قال الفيومي: (فقولهم خلاف
اليقين هو التردد بين شيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما
على الآخر قال الله تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) قال
المفسرون أي غير مستيقن وهو يعم الحالتين. وقال الأزهري في
موضع من التهذيب: الظن هو الشك وقد يجعل بمعنى اليقين، ففسر كل
واحد بالآخر وكذلك قال جماعة، وقال ابن فارس: الظن يكون شكاً
ويقيناً) المصباح المنير 1/ 320.
(6) في " ب " أحدهما.
(7) في " ب " عن. ...
(1/85)
الآخر (1) عند المجوز، فالتردد في قيام زيد
ونفيه على السواء شك، ومع رجحان الثبوت أو الانتفاء (2) ظن
(3).
_________
(1) انظر تعريف الشك اصطلاحاً في اللمع ص 48، التعريفات ص 68،
الحدود ص 29، شرح العضد 1/ 1/61، شرح الكوكب المنير 1/ 74،
المحصول 1/ 1/101، بيان معاني البديع 1/ 1/137، إرشاد الفحول ص
5، الكليات ص 528.
(2) في "ب" والانتفاء.
(3) والمرجوح المقابل للراجح هو الوهم عند الأصوليين. انظر شرح
العضد 1/ 61، المحصول 1/ 1/101، شرح الكوكب المنير 1/ 74، 76،
البحر المحيط 1/ 80، إرشاد الفحول ص5.
(1/86)
[تعريف أصول الفقه باعتباره عَلَمَاً]
وأصول الفقه (1) الذي وضع فيه هذه الورقات (2) طرقه، أي طرق
الفقه على سبيل الإجمال كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والإجماع والقياس
والاستصحاب، من حيث البحث عن أولها بأنه للوجوب والثاني بأنه
للحرمة والباقي بأنها حجج وغير ذلك مما سيأتي مع ما يتعلق به
بخلاف طرقه على سبيل التفصيل نحو {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3)
{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} (4) (وصلاته - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الكعبة) كما أخرجه * الشيخان (5).
_________
(1) ورد في " المطبوعة " وعلم أصول الفقه.
(2) عرّف إمام الحرمين أصول الفقه بأنه الأدلة في كتابيه
البرهان 1/ 85 والتلخيص 1/ 106 وتعريفه في الورقات موافق لما
في البرهان والتلخيص وهو يفيد أن أصول الفقه باعتباره علماً هو
نفس الأدلة وعلى هذا أبو إسحاق الشيرازي والإمام الرازي
والآمدي وابن قدامة وغيرهم، وعرّفه ابن الحاجب والبيضاوي بأنه
العلم بالأدلة، وذهب الزركشي إلى أنه لا خلاف بين القولين
لأنهما لم يتواردا على محل واحد. انظر تفصيل ذلك في البحر
المحيط 1/ 24 - 25، اللمع ص 52، الإحكام 1/ 7، المحصول 1/
1/94، الإبهاج 1/ 19، روضة الناظر 2/ 7، مختصر المنتهى 1/ 18،
الوصول إلى الأصول 1/ 51، نثر الورود 1/ 33.
(3) سورة البقرة الآية 43.
(4) سورة الإسراء الآية 32.
* نهاية 3/ب من " أ ".
(5) رواه البخاري في كتاب الصلاة، صحيح البخاري مع شرحه فتح
الباري 2/ 46، وقد رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه، ورواه
مسلم أيضاً، صحيح مسلم مع شرح النووي 3/ 451.
والشيخان هما البخاري ومسلم. والبخاري هو محمد بن إسماعيل بن
المغيرة، أبو عبد الله البخاري، الإمام الحافظ المحدّث صاحب
الجامع الصحيح المشهور بصحيح البخاري، وله كتاب الأدب المفرد،
وكتاب التاريخ وغير ذلك، توفي سنة 256 هـ، انظر ترجمته في سير
أعلام النبلاء 12/ 371، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 67، طبقات
الشافعية الكبرى 2/ 212.
ومسلم هو مسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسين الإمام الحافظ
المحدّث صاحب الصحيح وله كتاب العلل، وكتاب الكنى، وكتاب أوهام
المحدثين، توفي سنة 261 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء
12/ 557، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 89، البداية والنهاية 11/
36.
(1/87)
والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت
الصلب حيث لا عاصب (1) لهما (2).
وقياس الأرز على البر في امتناع بيع بعضه ببعض، إلا مثلاً بمثل
يداً بيد، كما رواه مسلم (3).
واستصحاب الطهارة لمن شك في بقائها، فليست من أصول الفقه (4)
وإن ذكر بعضها في كتبه تمثيلاً.
وكيفية الاستدلال بها (5)
_________
(1) في " هـ " معصب.
(2) انظر المغني 6/ 273 حيث نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك.
(3) روى مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة
والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح
مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف
فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، صحيح مسلم بشرح النووي 4/
198.
(4) هذه من طرق الفقه وليست من طرق أصول الفقه كما أشار الشارح
حيث إن طرق أصول الفقه إجمالية كلية وطرق الفقه تفصيلية فرعية.
(5) ورد في " و" (وما يتبع ذلك ومعنى قولنا كيفية الاستدلال
بها يعني ترتيب الأدلة في التقديم والتأخير وما يتبع ذلك من
أحكام المجتهدين) وقد وردت هذه الزيادة أيضاً ضمن المتن في شرح
الأنجم الزاهرات، ويظهر لي أنها ليست من أصل الورقات حيث لم
ترد في أي من نسخ شرح المحلي ولا شرح التحقيقات ولا شرح
العبادي ومما يؤكد ذلك أن المارديني صاحب الأنجم الزاهرات لم
يشرح هذه العبارة ولم يتنبه محققه لذلك. انظر الأنجم الزاهرات
ص 105، التحقيقات ص 145، شرح العبادي ص 50 - 51، حاشية
الدمياطي ص 6.
(1/88)
أي بطرق (1) الفقه من حيث تفصيلها (2) عند
(3) تعارضها لكونها ظنية (4) من تقديم الخاص على العام (5)
والمقيد على المطلق وغير ذلك.
وكيفية الاستدلال (6) بها تجر إلى صفات من يستدل بها وهو
المجتهد.
فهذه الثلاثة * هي الفن المسمى بأصول الفقه لتوقف الفقه عليه.
_________
(1) في " هـ " طرق. ...
(2) قوله (تفصيلها) أي تعيينها وتعلقها بحكم معين. انظر شرح
العبادي ص 55، حاشية الدمياطي ص 6.
(3) في " ج " عن.
(4) إنما وقع التعارض فيها لكونها ظنية لأن التعارض لا يقع في
القطعيات، انظر المصدرين السابقين.
(5) في " ج " العالَم وهو خطأ.
(6) في " ب " الإستدال وهو خطأ.
* نهاية 3/ب من " ب ".
(1/89)
[أبواب أصول الفقه]
وأبواب أصول الفقه (1) أقسام الكلام والأمر والنهي والعام
والخاص ويذكر فيه المطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر، وفي
بعض النسخ (2) والمؤول (3) * وسيأتي.
والأفعال (4) والناسخ والمنسوخ والإجماع والأخبار والقياس
والحظر والإباحة وترتيب الأدلة وصفة المفتي والمستفتي وأحكام
المجتهدين.
_________
(1) ورد في " و" ومن أبواب أصول الفقه.
(2) قول الشارح (وفي بعض النسخ والمؤول) لفظة المؤول وردت في
بعض نسخ الورقات دون بعض، فلم ترد في نسخة "ص" ولكن إثباتها هو
الصواب لأن إمام الحرمين ذكر المؤول فيما بعد لذا قال الشارح
(وسيأتي)، أي المؤول في كلام المصنف فالمناسب التصريح بعدِّه
هنا كغيره. وانظر شرح العبادي ص 57، حاشية الدمياطي ص 7.
(3) في " ب " والأول وهو خطأ.
* نهاية 3/أمن " ج ".
(4) ورد في " و" والأقوال وزيادتها خطأ.
(1/90)
|