شرح الورقات في أصول الفقه

 [ما لا يتم الواجب إلا به]
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم (1) الفعل إلا به (2)، كالأمر (3) بالصلاة (4) أمر بالطهارة المؤدية إليها، فإن الصلاة * لا تصح بدون (5) الطهارة (6).
_________
(1) ورد في " و" ذلك.
(2) هذه المسألة المعروفة عند الأصوليين بمقدمة الواجب ويقولون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب.
ومقدمة الواجب تنقسم إلى قسمين:
مقدمة وجوب وتسمى مقدمة تكليف وهي ما يتوقف وجوب الواجب عليه سواء كانت سبباً أو شرطاً مثال السبب دخول الوقت للصلاة ومثال الثاني الاستطاعة للحج.
ومقدمة وجود وتسمى مقدمة صحة وهي ما يتوقف وجود الواجب عليه مثل الوضوء بالنسبة للصلاة.
ومقدمة الوجوب تحصيلها ليس واجباً على المكلف أما مقدمة الوجود فتحصيلها واجب على المكلف إن كانت تحت مقدوره كالوضوء بالنسبة للصلاة.
وأما إن لم تكن تحت قدرته فليست واجبة عليه كحضور أربعين لصحة الجمعة عند من يشترط ذلك العدد. وخلاف الأصوليين في مقدمة الوجود فقط. انظر تفصيل الكلام على مقدمة الواجب في البرهان 1/ 257، التلخيص 1/ 290، المستصفى 1/ 71، الإحكام 1/ 110، تيسير التحرير 2/ 215، الإبهاج 1/ 109، شرح تنقيح الفصول ص 160، شرح العضد 1/ 244، شرح الكوكب المنير 1/ 358، المسودة ص 60، التحقيقات ص 196 - 200، الأنجم الزاهرات ص 122، العدة 2/ 419، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/398، أصول الفقه للزحيلي 1/ 67، الحكم التكليفي ص 141.
(3) في " ج " كأمر.
(4) في " المطبوعة " فإنه.
* نهاية 4/أمن " ج ".
(5) في " هـ " بدونها.
(6) ليست في " هـ ".

(1/109)


[خروج المأمور عن عهدة الأمر]
وإذا فُعِلَ بالبناء للمفعول، أي المأمور به (1)، يخرج المأمور عن العهدة (2)، أي عهدة الأمر. ويتصف الفعل بالإجزاء (3).
_________
(1) ليست في " هـ ".
(2) في " و" عن عهدة الأمر.
(3) الإجزاء عند الأصوليين يعني أمرين الأول امتثال المكلف للأمر بالإتيان به على الوجه الذي أمر به الشارع، والثاني سقوط القضاء.
وقد اتفق الأصوليون على أن المكلف إن فعل ما أمر به على الوجه الصحيح تحقق الإجزاء.
ووقع الخلاف في الإجزاء بالمعنى الثاني، فما قرره إمام الحرمين هو مذهب جمهور الأصوليين، وفي المسألة قول آخر وهو أن فعل الأمر لا يدل على سقوط القضاء ولا بد من دليل آخر وهو قول القاضي عبد الجبار ومن تابعه من المعتزلة، انظر تفصيل المسألة في البرهان 1/ 255، التلخيص 1/ 376، الإحكام 2/ 175، اللمع ص 85، المستصفى 2/ 12، المحصول 1/ 2/414، المعتمد 1/ 99، شرح العضد 2/ 90، المنخول 1/ 117، المحصول 1/ 2/414، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/393، العدة 1/ 300، مفتاح الوصول ص 397، المسودة ص 27. ...

(1/110)


[الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل]
الذي يدخل في الأمر والنهي [وما لا يدخل] (1) هذه ترجمة. يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون (2)، وسيأتي الكلام (3) في الكفار. (4) والساهي (5) ...
_________
(1) ما بين المعكوفين ليس في " هـ "، وورد في " المطبوعة " (تنبيه من يدخل في الأمر والنهي ومن لا يدخل).
(2) والمؤمنات أيضاً، والمقصود بالمؤمنين والمؤمنات البالغون العاقلون منهم وهذا باتفاق العلماء، انظر التحقيقات ص 205.
(3) ليست في " ج ".
(4) في " المطبوعة " وأما.
(5) الساهي أصله السهو والسهوة وهو نسيان الشيء والغفلة عنه وذهاب القلب عنه إلى غيره كما قال ابن منظور في لسان العرب 6/ 414.
والسهو والغفلة والنسيان بمعنى واحد عند كثير من العلماء. انظر شرح الكوكب المنير 1/ 77. وقال الباجي (والسهو الذهول، معنى السهو أن لا يكون الساهي ذاكراً لما نسي وهو على قسمين: أحدهما أن يتقدمه ذكر ثم يعدم الذكر فهذا يصح أن يسمى سهواً ويصح أن يسمى نسياناً. والقسم الثاني لا يتقدمه ذكر فهذا لا يصح أن يوصف بالنسيان وإنما يوصف بالسهو والذهول) الحدود ص 30 - 31.
وانظر تفصيل الكلام في أن الساهي غير مكلف في البرهان 1/ 15، التلخيص 1/ 139، كشف الأسرار 4/ 276، التوضيح 2/ 176، المغني للخبازي ص 373، المرآة ص 329، بيان معاني البديع 1/ 2/810، فتح الغفّار 3/ 88، المستصفى 1/ 84، التمهيد للإسنوي ص 112.

(1/111)


والصبي (1) والمجنون (2)، غير (3) داخلين في الخطاب، * لانتفاء التكليف عنهم (4). ويؤمر الساهي بعد ذهاب السهو عنه بجبر خلل السهو، كقضاء ما فاته من الصلاة، (5) وضمان ما أتلفه من المال (6).
_________
(1) انظر تفصيل الكلام على أن الصغير غير مكلّف في التلخيص 1/ 144، أصول السرخسي 2/ 341، كشف الأسرار 4/ 271، التوضيح 2/ 168، شرح الكوكب المنير 1/ 499، المرآة ص 328، المغني للخبازي ص 371، فتح الغفّار 3/ 85، التقرير والتحبير 2/ 172.
(2) الجنون من عوارض الأهلية السماوية وهو معنى يقتضي انعدام آثار العقل وتعطيل أفعاله وهو قسمان: أصلي وعارض، انظر تفصيل الكلام على ذلك في بيان معاني البديع 1/ 2/800، كشف الأسرار 4/ 264، التوضيح 2/ 167، تيسير التحرير 2/ 259، المرآة ص 326، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 276، أصول الفقه لأبي زهرة ص 339.
(3) ورد في " المطبوعة " فهم غير.
* نهاية 5/أمن " ب ".
(4) أي لانتفاء شرط التكليف وهو العقل والفهم ولارتفاع قلم التكليف عنهم، انظر الأنجم الزاهرات ص 126.
(5) في " ج " الصلوات.
(6) هذا جواب على اعتراض بأن الساهي لو لم يكن مكلفاً لما وجب عليه سجود السهو ودفع قيمة ما أتلفه، فأجاب الشارح بأن سجود السهو وضمان ما أتلف لا يكون حال السهو وإنما بعد ذهاب حال السهو فإنه حينئذ يكون مكلفاً، انظر الأنجم الزاهرات ص 126، التحقيقات ص 206. ...

(1/112)


[هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟]
والكفار مخاطبون بفروع الشرائع (1) وبما لا تصح (2) إلا به وهو الإسلام (3) لقوله تعالى [حكاية عن الكفار] (4)
{ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (5) وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها إذ (6) لا تصح منهم (7) ...
_________
(1) في " المطبوعة " الشريعة.
(2) ورد في " و" الشرائع.
(3) وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ونقل عن الإمامين الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول جماعة من الحنفية منهم الكرخي والجصاص وهو مذهب المعتزلة أيضاً وفي المسألة أقوال أخرى منها:
- أنهم غير مكلفين وهو قول أكثر الحنفية.
- أنهم مكلفون بالمنهيات دون المأمورات، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو قول بعض الحنفية - أنهم مكلفون بالمأمورات دون المنهيات.
انظر تفصيل المسألة في البرهان 1/ 107، التلخيص 1/ 386، المستصفى 1/ 91، المعتمد 1/ 294، الإحكام 1/ 144، التبصرة ص 80، شرح العضد 2/ 12، كشف الأسرار 4/ 243، فواتح الرحموت 1/ 128، أصول السرخسي 1/ 73، التوضيح 1/ 213، تيسير التحرير 2/ 148، المحصول 1/ 2/400، التمهيد للإسنوي ص 127، شرح تنقيح الفصول ص 166، شرح الكوكب المنير 1/ 504، بيان معاني البديع 1/ 2/754، مرآة الأصول ص 74، الضياء اللامع 1/ 368، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/376، المسودة ص 46.
(4) ما بين المعكوفين ليس في " أ، ب ".
(5) سورة المدثر الآيتان 42 - 43.
(6) في " ج " إذا وهو خطأ.
(7) ورد في " هـ " في.

(1/113)


حال الكفر لتوقفها (1) على النية المتوقفة على الإسلام ولا يؤاخذون بها بعد الإسلام ترغيباً فيه (2).
_________
(1) في " ج " لتواقفها وهو خطأ.
(2) أي أن الكفار الأصليين - من عدا المرتد - إذا أسلموا لا يؤاخذون بالتكاليف التي تركوها قبل دخولهم في الإسلام، لأن الإسلام يجب ما قبله، وترغيباً لهم في دخول الإسلام، انظر حاشية الدمياطي ص 10.

(1/114)


[هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟]
والأمر بالشيء نهي عن ضده (1).

[النهي عن الشي أمر بضده]
والنهي عن الشيء أمر بضده (2)،
_________
(1) هذا ما قرره إمام الحرمين هنا في الورقات، وأما في البرهان 1/ 252 فقد قال (إن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن أضداده).
وما ذكره إمام الحرمين هنا هو مذهب أكثر الأصوليين وبه قال أتباع المذاهب الأربعة.
وفي المسألة أقوال أخرى، انظر تفصيل ذلك في التلخيص 1/ 411، التبصرة ص89، المستصفى 1/ 52، المنخول ص 114، أصول السرخسي 1/ 94، المحصول1/ 2/334، تيسير التحرير 1/ 363، البحر المحيط 2/ 416، الإحكام 2/ 170، فواتح الرحموت 1/ 97، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 386، شرح الكوكب المنير 1/ 51، المسودة ص 51، المرآة ص 81، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/406، إرشاد الفحول ص 101.
(2) ذهب إمام الحرمين في البرهان إلى خلاف ما قرره هنا في الورقات بأن النهي عن الشيء أمر بضده، وأما في البرهان 1/ 254 - 255 فقال (فأما من قال النهي عن الشيء أمر بأحد أضداد المنهي عنه فقد اقتحم أمراً عظيماً، وباح بالتزام مذهب الكعبي في نفي الإباحة ... ومن قال الأمر بالشي نهي عن الأضداد أو متضمن للنهي عن الأضداد وليس النهي عن الشيء أمراً بأحد الأضداد - من حيث تفطن لغائلة الكعبي - فقد تناقض كلامه، فإنه كما يستحيل الإقدام على المأمور به دون الانكفاف عن أضداده، فيستحيل الانكفاف عن المنهي عنه دون الاتصاف بأحد الأضداد، ولا يمتنع وجوب شيء من أشياء فهذا نجاز المسألة).
وفي المسألة أقوال أخرى انظر المعتمد 1/ 108، شرح العضد 2/ 85، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 388، أصول السرخسي 1/ 94 - 96، شرح الكوكب المنير 3/ 54،
شرح تنقيح الفصول ص 135، فواتح الرحموت 1/ 97، تيسير التحرير 2/ 363، إرشاد الفحول ص 102.

(1/115)


فإذا قال له (1): اسكن كان ناهياً له (2) عن التحرك، أو لا تتحرك، كان آمراً له بالسكون.