شرح الورقات في أصول الفقه [إقرار الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -]
وإقرار (1) صاحب الشريعة - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
على القول (2) من أحد هو قول (3) صاحب الشريعة أي كقوله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإقراره على الفعل من أحد كفعله (4)، لأنه معصوم عن أن يقر
أحداً على منكر (5)، مثال ذلك إقراره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أبا بكر (6) على قوله بإعطاء سلب القتيل لقاتله
(7).
_________
(1) الإقرار لغةً من قرر بمعنى الثبات والسكون، تاج العروس 7/
378، المصباح المنير 2/ 496
والإقرار أو التقرير اصطلاحاً هو أن يسكت النبي - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إنكار قول أو فعل قيل أو فعل بين يديه
أو في عصره وعلم به، البحر المحيط 4/ 201، وانظر البرهان 1/
499، التلخيص 2/ 246، الإحكام 1/ 188، المنخول ص 229، فواتح
الرحموت 2/ 183، شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 95، إرشاد
الفحول ص 41، شرح الكوكب المنير 2/ 194، شرح تنقيح الفصول ص
290، تيسير التحرير 3/ 128، شرح العضد 2/ 25، مفتاح الوصول ص
584.
(2) ورد في " المطبوعة " الصادر.
(3) في " ج " كقول.
(4) انظر المصادر السابقة في هامش رقم (1) من هذه الصفحة.
(5) في " ج " المنكر.
(6) أبو بكر الصديق هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن أبي قحافة
الصحابي الجليل أول من أسلم من الرجال وأكثر الصحابة ملازمة
للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أول الخلفاء
الراشدين الأربعة، توفي سنة 13 هـ. انظر ترجمته في الإصابة في
تمييز الصحابة 4/ 101، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/181،
الأعلام 4/ 102.
(7) روى البخاري ومسلم عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال
(خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام
حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال فرأيت رجلاً من
المشركين قد علا رجلاً من المسلمين فاستدرت إليه حتى أتيته من
ورائه فضربته على حبل عاتقه، وأقبل عليَّ فضمني ضمةً وجد ريح
الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقال: ما
للناس؟ فقلت: أمر الله. ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: من قتل قتيلاً له
عليه بينة فله سلبه. قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم
قال مثل ذلك فقال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست ثم قال ذلك
الثالثة فقمت فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: ما لك يا أبا قتادة؟ فقصصت عليه القصة. فقال رجل
من القوم: صدق يا رسول الله سلب ذلك القتيل عندي ... فأرضه من
حقه، وقال أبو بكر الصديق: لاهاً الله إذاً لا يعمد إلى أسد من
أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صدق فأعطه إياه فأعطاني)
واللفظ لمسلم، انظر صحيح البخاري مع الفتح 7/ 58، صحيح مسلم
بشرح النووي 4/ 414.
(1/154)
وإقراره خالد بن الوليد (1) على أكل الضب
(2) متفق عليهما.
_________
(1) هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي سيف الله
تعالى وفارس الإسلام وقائد المجاهدين، أسلم سنة ثمان للهجرة
وتوفي سنة 21 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 1/ 366،
تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/172 الإصابة في تمييز الصحابة 2/
98.
(2) روى البخاري ومسلم عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف الأنصاري
أن ابن عباس أخبره أن (خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله
أخبره أنه دخل مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- على ميمونة وهي خالته وخالة ابن عباس فوجد عندها ضباً
محنوذاً قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد فقدمت الضب
لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان قلما
يقدم يده لطعام حتى يحدث به ويسمى له، فأهوى رسول الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الضب فقالت امرأة من
النسوة الحضور: أخبرن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - ما قدمتن له، هو الضب يا رسول الله، فرفع رسول
الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يده عن الضب، فقال
خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا ولكن لم يكن
بأرض قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينظر إلي) صحيح البخاري
مع الفتح 11/ 464، صحيح مسلم مع شرح النووي 5/ 86.
(1/155)
وما (1) فُعِلَ في وقته - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره، فحكمه
حكم ما فُعِلَ في مجلسه (2)، كعلمه بحلف أبي (3) بكر - رضي
الله عنه - أنه (4) لا يأكل الطعام في وقت غيظه ثم أكل * لما
رأى الأكل خيراً (5)، كما يؤخذ من حديث مسلم في الأطعمة (6).
_________
(1) في " ج " وأما وهو خطأ.
(2) انظر شرح العضد 2/ 25، الأنجم الزاهرات ص 181، التحقيقات ص
354، شرح العبادي ص 128، حاشية الدمياطي ص 14.
(3) في " ج " أبا وهو خطأ.
(4) ليست في " ج ".
* نهاية 7/أمن " ب ".
(5) ورد في " هـ " له.
(6) روى مسلم في صحيحه بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال
(نزل علينا أضياف لنا. قال: وكان أبي يتحدث إلى رسول الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الليل قال: فانطلق،
وقال: يا عبد الرحمن افرغ من أضيافك. قال: فلما أمسيت جئنا
بقراهم. قال: فأبوا، فقالوا: حتى يجيء
أبو منزلنا فيطعم معنا. قال: فقلت لهم: إنه رجل حديد، وإنكم إن
لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى. قال: فأبوا، فلما جاء لم
يبدأ بشيء أول منهم، فقال: أفرغتم من أضيافكم؟ قال: قالوا: لا
والله ما فرغنا. قال: ألم آمر عبد الرحمن؟ قال: وتنحيت عنه،
فقال: يا عبد الرحمن، قال: فتنحيت، قال: فقال: يا غنثر، أقسمت
عليك إن كنت تسمع صوتي إلا جئت. قال: فجئت، فقلت: والله ما لي
ذنب، هؤلاء أضيافك فسلهم، قد أتيتهم بقراهم فأبوا أن يطعموا
حتى تجيء. قال: فقال: ما لكم أن لا تقبلوا عنا قراكم؟ قال:
فقال أبو بكر: فوالله لا أطعمه الليلة. قال: فقالوا: فوالله لا
نطعمه حتى تطعمه. قال: فما رأيت كالشر كالليلة قط ويلكم ما لكم
أن لا تقبلوا عنا قراكم، قال: ثم قال: أما الأولى فمن الشيطان
هلموا قراكم. قال: فجيء بالطعام، فسمى فأكل وأكلوا. قال: فلما
أصبح غدا على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:
يا رسول الله، برّوا وحنثت. قال: فأخبره، فقال: بل أنتم أبرهم
وأخيرهم. قال: ولم تبلغني كفارة) صحيح مسلم بشرح النووي 5/
216، وغنثر تعني الثقيل الوخم، وقيل الجاهل، وقيل السفيه، انظر
شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 215.
والحديث رواه مسلم في كتاب الأشربة وليس في الأطعمة كما قال
الشارح ولم أجد باباً في صحيح مسلم بعنوان الأطعمة، ويمكن حمل
قول الشارح (في الأطعمة) على حكم الأطعمة. والحديث أيضاً رواه
البخاري في صحيحه، صحيح البخاري مع الفتح 13/ 152.
(1/156)
[تعريف النسخ]
[تعريفه لغة ً]
وأما النسخ فمعناه لغة الإزالة (1)، يقال نسخت الشمس الظل إذا
أزالته ورفعته بانبساطها.
وقيل (2) معناه النقل (3) من قولهم نسخت ما في هذا (4) الكتاب
إذا (5) نقلته بأشكال كتابته.
[تعريفه اصطلاحاً]
وحدُّه (6) شرعاً (7) الخطاب الدال على رفع (8) الحكم
_________
(1) وهذا قول أكثر اللغويين والأصوليين، انظر لسان العرب 14/
121، تاج العروس 4/ 319، الصحاح 1/ 433، المصباح المنير 2/
603، البرهان 2/ 1293، المحصول 1/ 3/419، الإحكام 3/ 102، شرح
العضد 2/ 185، المستصفى 1/ 107، البحر المحيط 4/ 63، كشف
الأسرار 3/ 155، فواتح الرحموت 2/ 53، المعتمد 1/ 394 - 395.
(2) انظر المصادر السابقة، وقول إمام الحرمين وقيل إشارة إلى
تضعيف هذا القول.
(3) في " ب " الفعل وهو خطأ.
(4) ليست في " هـ ".
(5) ورد في " المطبوعة " أي.
(6) في " ج " وحدُّ.
(7) ورد في " المطبوعة " هو.
(8) في " ج " الرفع.
(1/158)
الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه (1)
لكان* ثابتاً مع تراخيه عنه (2) هذا حد للناسخ (3) (4).
ويؤخذ منه حد النسخ بأنه رفع الحكم المذكور بخطاب إلى آخره، أي
رفع تعلقه بالفعل (5)، فخرج بقوله الثابت بالخطاب، رفع الحكم
الثابت بالبراءة الأصلية، أي عدم التكليف بشيء (6).
وبقولنا (7) بخطاب (8) المأخوذ من كلامه الرفع بالموت والجنون.
_________
(1) في " ج " لولا.
* نهاية 8/ب من " أ ".
(2) عرّف إمام الحرمين النسخ في التلخيص 2/ 452 بهذا التعريف،
وأما في البرهان 2/ 1294، فذكر هذا التعريف ونسبه إلى المعتزلة
وضعّفه. وانظر تعريف النسخ اصطلاحاً في المستصفى 1/ 107،
المحصول 1/ 3/423، الإحكام 3/ 105، الإبهاج 2/ 227، المسودة ص
195، شرح العضد 2/ 185، أصول السرخسي 2/ 54، المعتمد 1/ 396،
فواتح الرحموت 2/ 53، شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 75، تيسير
التحرير 3/ 178، المنخول ص 289، شرح الكوكب المنير 3/ 526،
إرشاد الفحول ص 184.
(3) في " هـ " الناسخ.
(4) أي أن التعريف الذي ذكره إمام الحرمين للنسخ إنما هو في
الحقيقة تعريف للناسخ، لأنه قال: الخطاب الدال ... الخ فالخطاب
ناسخ وأما النسخ فهو رفع الحكم.
(5) أي بفعل المكلف.
(6) لأن عدم التكليف بشيء لا يسمى نسخاً، لأنه ليس ثابتاً
بخطاب، بل بأن الأصل براءة الذمة، شرح العبادي ص 136.
(7) قال العبادي (وخرج (بقولنا: بخطاب المأخوذ من كلامه) أي
المصنف حيث جعل الرفع مدلول الخطاب، فيكون بالخطاب، وإنما أضاف
القول هنا إلى نفسه ونبه على أخذه من كلام المصنف هو أن النسخ
رفع الحكم إلى آخر القيود التي بعده وليس فيها تصريح بأن الرفع
بالخطاب ولكنه مأخوذ من جعله الرفع مدلول الخطاب، فلهذا أضافه
إلى نفسه لأنه زاد التصريح به على ما يؤخذ من ظاهر كلام المصنف
في بادئ النظر، ونبه على أخذه منه دفعاً لتوهم عدم أخذه منه،
لعدم ذكره بعد الرفع الذي هو أول أجزاء حد النسخ مع الغفلة عن
جعله الرفع مدلول الخطاب) شرح العبادي ص 137.
(8) في " ب " بالخطاب.
(1/159)
وبقوله على وجه إلى آخره، ما لو كان الخطاب
الأول مغياً بغاية أو معللاً بمعنى، وصرح الخطاب (1) الثاني
بمقتضى ذلك (2).
فإنه لا يسمى ناسخاً [للأول مثاله] (3) قوله تعالى: {إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى
ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (4)، فتحريم البيع مغيا
بانقضاء الجمعة، فلا يقال إن قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ
الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ} (5) ناسخ للأول بل بيَّن غاية التحريم.
وكذا قوله تعالى (6): {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
ما دُمْتُمْ حُرُمًا} (7) لا يقال نسخه قوله تعالى: {وَإِذَا
حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (8) لأن التحريم للإحرام وقد زال.
وخرج (9) بقوله مع تراخيه عنه (10)، ما اتصل بالخطاب من صفة أو
شرط أو استثناء (11).
_________
(1) في " هـ " بالخطاب.
(2) أي كونه مغياً أو معللاً وهو ارتفاع الحكم عند وجود الغاية
وزوال المعنى. شرح العبادي ص 138.
(3) ما بين المعكوفين ليس في " ب ".
(4) سورة الجمعة الآية 9.
(5) سورة الجمعة الآية 10.
(6) ليست في " أ، ب ".
(7) سورة المائدة الآية 96.
(8) سورة المائدة الآية 2.
(9) ليست في " أ، ب، ج ".
(10) ليست في " ج ".
(11) لأن هذه الثلاثة ليست متراخية فلا يسمى رفع الحكم بها
ناسخاً في الجملة، شرح العبادي ص 139 - 140.
(1/160)
[أنواع النسخ في
القرآن الكريم]
ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم (1)، نحو (الشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما ألبتة).
قال عمر - رضي الله عنه - (2): (فإنَّا قد قرأناها) رواه
الشافعي (3) ...
_________
(1) هذا المنسوخ تلاوةً مع بقاء حكمه، انظر تفصيل الكلام عليه
في البرهان 2/ 1312، التلخيص 2/ 283، المستصفى 1/ 123، المنخول
ص 297، المعتمد 1/ 418، أصول السرخسي 2/ 78، كشف الأسرار 3/
188، المحصول 1/ 3/482، الإحكام 3/ 141، الإبهاج 2/ 241، شرح
العضد 2/ 194، إرشاد الفحول ص 189، شرح المنار لابن ملك ص 721
فواتح الرحموت 2/ 73، شرح تنقيح الفصول ص 309، البحر المحيط 4/
104، المسودة ص 198، مذكرة أصول الفقه ص70 - 71، أصول الفقه
للشلبي 1/ 554.
وقد ذكر إمام الحرمين في التلخيص 2/ 483، أن بعض الناس لا
يجيزون هذا النسخ وذكر في البرهان 2/ 1312 (وقد منع مانعون من
المعتزلة ... )، وقال الآمدي في الإحكام 3/ 141 (خلافاً لطائفة
شاذة من المعتزلة).
(2) هو عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي الصحابي الجليل ثاني
الخلفاء الراشدين أول من لقب بأمير المؤمنين، وفي عهده فتحت
كثير من البلاد واستشهد في محراب المسجد النبوي سنة 23 هـ،
انظر ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/3، البداية
والنهاية 8/ 137، الإصابة في تمييز الصحابة 4/ 279.
(3) رواه الشافعي في مسنده 2/ 81 - 82، وانظر الأم 6/ 154،
الحاوي الكبير 13/ 190.
والشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس الإمام الشافعي ثالث
الأئمة الأربعة الأصوليّ الفقيه، اللغوي المحدّث، ناصر الحديث،
له الرسالة في أصول الفقه، والأم في الفقه وغير ذلك، ... توفي
سنة 204 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 10/ 5، طبقات
الشافعية الكبرى الجزء الأول، مناقب الشافعي للبيهقي.
(1/161)
وغيره (1).
(وقد رجم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المحصنين) (2)
متفق عليه (3) *.
[وهما المراد بالشيخ والشيخة] (4).
ونسخ ** الحكم وبقاء الرسم (5) نحو {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ
مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ
مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} (6) نسخ بآية {يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (7).
_________
(1) ورواه البخاري ومسلم والبيهقي وأحمد وغيرهم، انظر صحيح
البخاري مع الفتح 15/ 155، صحيح مسلم بشرح النووي 4/ 338 -
339، سنن البيهقي 8/ 211، الفتح الرباني 16/ 81 - 82.
(2) المحصن من أحصن فهو محصن إذا تزوج، والفقهاء يزيدون على
هذا أن يكون النكاح صحيحاً، طلبة الطلبة ص 129، المصباح المنير
1/ 139، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 2/65، أنيس الفقهاء ص 175.
(3) صحيح البخاري مع الفتح 15/ 130، صحيح مسلم بشرح النووي 4/
342.
* نهاية 6/أمن " ج ".
(4) ما بين المعكوفين ليس في " ج ".
** نهاية 9/أمن " أ ".
(5) وقد خالف في ذلك بعض المعتزلة كما خالفوا في نسخ التلاوة
وبقاء الحكم، انظر المصادر السابقة في هامش رقم (1) من الصفحة
السابقة.
(6) سورة البقرة الآية 240.
(7) سورة البقرة الآية 234. والقول بأن الآية الثانية ناسخة
للأولى هو مذهب جمهور المفسرين، وخالف في ذلك مجاهد فقال إنها
محكمة، انظر تفسير فتح القدير 1/ 259،
تفسير القرطبي 3/ 174، 226، رسالة في بيان الناسخ والمنسوخ
ص60.
(1/162)
[ونسخ الأمرين معاً] (1) نحو حديث مسلم عن
* عائشة رضي الله عنها (2) (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات
يحرمن (3)) فنسخن [(بخمس معلومات يحرمن (4))] (5).
وينقسم (6) النسخ إلى بدل وإلى غير بدل (7) الأول كما في
_________
(1) ما بين المعكوفين ورد في " هـ، ط " على أنه من متن الورقات
وليس في أي من نسخ الورقات التي رجعت إليها. والمقصود بنسخ
الأمرين معاً، أي نسخ الحكم والتلاوة معاً انظر المحصول 1/
3/485، البحر المحيط 4/ 104، أصول السرخسي 2/ 78، المعتمد 1/
387، شرح تنقيح الفصول ص 309، فواتح الرحموت 2/ 73، شرح العضد
2/ 194، الإبهاج 2/ 242، شرح الكوكب المنير 3/ 553، إرشاد
الفحول ص 189.
* نهاية 7/ب من " ب ".
(2) هي عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين زوجة النبي -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أفقه نساء الأمة، نزلت
براءتها من السماء، توفيت سنة 58 هـ، انظر ترجمتها في سير
أعلام النبلاء 2/ 135، البداية والنهاية 8/ 95، الإصابة في
تمييز الصحابة 8/ 135.
(3) ليست في " أ، ب، ج ".
(4) ليست في " أ، ب ".
(5) ما بين المعكوفين ليس في " ج ". روى مسلم في صحيحه بإسناده
عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان فيما أنزل من القرآن عشر
رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهن فيما يقرأ من القرآن)
صحيح مسلم بشرح النووي 4/ 25
(6) ليست في " أ، ب، ج، و، ص، المطبوعة ".
(7) النسخ إلى غير بدل هو قول جماهير الأصوليين، وخالف ذلك
جماهير المعتزلة كما قال إمام الحرمين في البرهان 2/ 1313،
وخالف في ذلك أيضاً بعض أهل الظاهر، وفي المسألة تفصيل، انظر
التلخيص 2/ 478، المستصفى 1/ 119، الإحكام 3/ 135، شرح العضد
2/ 193، المحصول 1/ 3/479، شرح تنقيح الفصول ص 308، المسودة ص
198، شرح الكوكب المنير 3/ 545، المعتمد 1/ 415، شرح المحلي
على جمع الجوامع 2/ 87، فواتح الرحموت 2/ 69، إرشاد الفحول ص
187، الأنجم الزاهرات ص 187، ... التحقيقات ص 367، أصول الفقه
للشلبي 1/ 544.
(1/163)
نسخ استقبال بيت
المقدس باستقبال الكعبة وسيأتي.
والثاني كما في نسخ (1) قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ
الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}
(2).
وإلى ما هو أغلظ (3) كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية إلى
تعيين (4)
الصوم (5)
_________
(1) ليست في " هـ ".
(2) سورة المجادلة الآية 12، ونسخت هذه الآية بقوله تعالى
(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب
الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله
والله خبير بما تعملون) سورة المجادلة الآية 13، فلم توجب
الآية الناسخة بدلاً عن التصدق قبل مناجاة النبي - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما ردهم الله سبحانه وتعالى
إلى ما كان عليه الحال قبل نزول الآية المنسوخة. ولكن الشارح
المحلي قال بخلاف ذلك في شرحه على جمع الجوامع 2/ 88 حيث قال
(قلنا لا نسلم أنه لا بدل للوجوب بل بدله الجواز الصادق هنا
بالإباحة والاستحباب).
(3) وهذا قول جمهور الأصوليين، وذهب بعض الشافعية وبعض أهل
الظاهر إلى المنع، وعزى إمام الحرمين المنع إلى شرذمة من
المعتزلة انظر تفصيل المسألة في التلخيص 2/ 481، المعتمد 1/
416، المستصفى 1/ 120، المحصول 1/ 3/480، شرح المحلي على جمع
الجوامع 2/ 87، الإحكام 3/ 137، المسودة ص 201، شرح تنقيح
الفصول ص 308، شرح العضد 2/ 193، كشف الأسرار 3/ 187، فواتح
الرحموت 2/ 71، شرح الكوكب المنير 3/ 549، البحر المحيط 4/ 95،
أصول السرخسي 2/ 62، إرشاد الفحول ص 188، التبصرة ص 258،
الإبهاج 2/ 239.
(4) في " ج " تعين.
(5) روى البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال
(لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من أراد
أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية بعدها فنسختها) صحيح البخاري مع
الفتح 9/ 247، صحيح مسلم بشرح النووي 3/ 211، وانظر في هذا
النسخ تفسير الألوسي 1/ 455 - 456، رسالة في بيان الناسخ
والمنسوخ ص 53.
(1/164)
قال الله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (1) إلى قوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (2).
وإلى ما هو أخف (3) كنسخ قوله تعالى {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (4) بقوله تعالى
{فإن تكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين} (5).
_________
(1) سورة البقرة الآية 184.
(2) سورة البقرة الآية 184.
(3) وهذا بدون خلاف بين العلماء انظر المصادر السابقة في هامش
رقم (5) من الصفحة السابقة.
(4) سورة الأنفال الآية 65.
(5) سورة الأنفال الآية 66، وانظر في هذا النسخ رسالة في
الناسخ والمنسوخ ص 84.
(1/165)
[مسائل النسخ بين
الكتاب والسنة]
ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب (1) كما تقدم في آيتي (2) العدة
وآيتي المصابرة.
ونسخ السنة بالكتاب (3) كما تقدم في (4) نسخ (5) استقبال بيت
المقدس الثابت بالسنة الفعلية كما (6) في حديث الصحيحين (7)
بقوله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
(8).
_________
(1) وهذا باتفاق أهل العلم من المسلمين.
(2) في " ب " آية وهو خطأ.
(3) قال إمام الحرمين في التلخيص 2/ 521 (يجوز نسخ السنة
بالقرآن عند جمهور العلماء ويحكى عن الشافعي رحمه الله فيه
قولان: في أحدهما بموافقة الجمهور وجوز نسخ السنة بالقرآن وقال
في الثاني: لا يجوز ذلك) وانظر البرهان 2/ 1307، والقول الثاني
هو أظهر قولي الشافعي كما في الرسالة ص 108، 110، وانظر تفصيل
المسألة في التبصرة ص 272، المستصفى 1/ 124، المحصول 1/ 3/508،
البحر المحيط 4/ 118، الإبهاج 2/ 247، أصول السرخسي 2/ 67، شرح
المحلي 2/ 79، إرشاد الفحول ص 190، الإحكام 3/ 146.
(4) في " ج " من.
(5) ليست في " هـ ".
(6) ليست في " ب، ج، هـ ".
(7) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال (كان رسول الله -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى نحو بيت المقدس ستة عشر
أو سبعة عشر شهراً وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل (قد نرى
تقلب وجهك في السماء) فتوجه نحو الكعبة) متفق عليه، انظر صحيح
البخاري مع الفتح 2/ 48، صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 182.
(8) سورة البقرة الآية 144.
(1/166)
وبالسنة (1) (2) نحو حديث مسلم (كنت نهيتكم
عن زيارة القبور فزوروها) (3).
وسكت (4) عن نسخ الكتاب * بالسنة وقد قيل بجوازه (5) (6) ومثل
له (7) بقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ} (8) مع حديث الترمذي (9)
_________
(1) في " هـ " والسنة، وفي " المطبوعة " ونسخ السنة بالسنة.
(2) وقد ذكر إمام الحرمين في التلخيص 2/ 514، أن هذا بالإجماع،
انظر تفصيل ذلك في المصادر السابقة في هامش رقم (3) من الصفحة
السابقة.
(3) رواه مسلم في صحيحه عن بريدة - رضي الله عنه -، صحيح مسلم
بشرح النووي 3/ 40.
(4) أي سكت إمام الحرمين حسبما ورد في نسخة من الورقات عن نسخ
الكتاب بالسنة، وأشار الشارح إلى أنه قد ورد في نسخة أخرى من
الورقات (لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة)، وهذا بخلاف ما قرره إمام
الحرمين في التلخيص والبرهان حيث قال بجواز نسخ الكتاب بالسنة،
ودافع عن ذلك وزيف القول بالمنع ورد على المانعين، انظر
التلخيص 2/ 515 - 521، البرهان 2/ 1307 - 1308.
* نهاية 9/ب من " أ ".
(5) في " ج " يجوز.
(6) وهذا مذهب أكثر العلماء وقال إمام الحرمين في البرهان 2/
1307 (والذي اختاره المتكلمون وهو الحق المبين أن نسخ الكتاب
بالسنة غير ممتنع) وانظر الإحكام 3/ 152، التبصرة ص 264،
المستصفى 1/ 124، المحصول 1/ 3/519، المسودة ص 204، المعتمد 1/
424، أصول السرخسي 2/ 67، كشف الأسرار 3/ 175، فواتح الرحموت
2/ 87، وقد رجحه الشارح فيما سيأتي من كلامه.
(7) ليست في " ج ".
(8) سورة البقرة الآية 180.
(9) الترمذي هو محمد بن عيسى بن سورة أبو عيسى الترمذي، الإمام
الحافظ المحدّث، صاحب الجامع " سنن الترمذي " وله الشمائل
النبوية، توفي سنة 279 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء
13/ 270، البداية والنهاية 11/ 71، شذرات الذهب 2/ 174.
(1/167)
وغيره (1) (لا وصية لوارث).
واعترض (2) بأنه خبر واحد (3)، وسيأتي أنه لا ينسخ المتواتر
بالآحاد.
وفي نسخة ولا (4) يجوز نسخ الكتاب بالسنة (5)
أي (6) بخلاف تخصيصه (7) بها كما تقدم لأن التخصيص أهون من
النسخ (8).
ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر (9)، [ونسخ الآحاد
_________
(1) رواه الترمذي في سننه 4/ 376 - 377، وقال الترمذي وهو حديث
حسن صحيح، ورواه أبو داود في سننه، انظر سنن أبي داود مع شرحه
عون المعبود 9/ 51، ورواه النسائي في سننه 6/ 247، ورواه ابن
ماجة في سننه 2/ 905، وقال الحافظ ابن حجر (وهو حسن الإسناد)
التلخيص الحبير 3/ 92، وصححه الشيخ الألباني وفصّل الكلام على
طرقه، انظر إرواء الغليل 6/ 87 - 96.
(2) لأن الكلام مفروض في النسخ بالسنة المتواترة وأما النسخ
بسنة الآحاد فسيأتي الكلام عليه كما أشار الشارح.
(3) في " هـ " آحاد.
(4) في " ب " لا.
(5) ورد في " ج " (بالتواتر ونسخ الآحاد بالآحاد ولا يجوز نسخ
المتواتر)، وما أشار إليه الشارح من قوله (وفي نسخة) ورد في "
و" (ولا يجوز نسخ الكتاب بالسنة ولا المتواتر بالآحاد ولأن
الشيء ينسخ بمثله أو بما هو أقوى منه) وهذا موافق لمتن الورقات
المذكور ضمن شرح الأنجم الزاهرات ص 188 - 189.
(6) ليست في " ج ".
(7) في " هـ " تخصيصها.
(8) لأن النسخ رفع الحكم بالكلية بخلاف التخصيص، وقد سبقت هذه
المسألة ص 152.
(9) سواء أكان كتاباً أو سنة، التحقيقات ص 374، وانظر المصادر
المذكورة في هامش رقم (6) من الصفحة السابقة.
(1/168)
بالآحاد وبالمتواتر (1) (2). ولا يجوز نسخ
المتواتر] (3) كالقرآن بالآحاد (4)، لأنه دونه في القوة.
والراجح جواز ذلك، لأن محل النسخ هو (5) الحكم والدلالة عليه
بالمتواتر ظنية كالآحاد (6).
_________
(1) في " هـ " والمتواتر، وفي " المطبوعة " وبالتواتر.
(2) ورد في " المطبوعة " منهما، وانظر المصادر المذكورة في
هامش رقم (6) من الصفحة قبل السابقة.
(3) ما بين المعكوفين ليس في " ج ".
(4) انظر المصادر المذكورة في هامش رقم (6) من الصفحة قبل
السابقة.
(5) ليست في " أ، ب، ج ".
(6) سيأتي تعريف المتواتر والآحاد في فصل الأخبار ص 185، 187
من هذا الكتاب.
(1/169)
|