نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (كتاب الثَّاء)
وَهُوَ ثَلَاثَة أَبْوَاب: -
(8 - بَاب ثمَّ)
ثمَّ حرف مَبْنِيّ على الْفَتْح وَهُوَ من حُرُوف الْعَطف
ويفيد التَّرْتِيب والمهلة تَقول: جَاءَنِي (زيد ثمَّ عَمْرو.
فعمرو جَاءَ) بعد زيد بمهلة وتراخ.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَنه فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه:
-
أَحدهَا: بَقَاؤُهُ على أَصله، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {ثمَّ إِلَى ربكُم مرجعكم} ، وَفِي الْأَعْرَاف:
{ثمَّ لأصلبنكم أَجْمَعِينَ} ، وَفِي فاطر: {ثمَّ أَوْرَثنَا
الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} ، وَهُوَ كثير فِي
الْقُرْآن.
(1/223)
وَالثَّانِي: بِمَعْنى الْوَاو، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس: {ثمَّ الله شَهِيد على مَا
يَفْعَلُونَ} ، وَفِي الْقِيَامَة: {ثمَّ إِن علينا بَيَانه} .
وَالثَّالِث: وُقُوعه زَائِدا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة بَرَاءَة (38 / أ) : {وظنوا أَن لَا ملْجأ من الله
إِلَّا إِلَيْهِ ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم} .
(81 - بَاب الثِّيَاب)
الثِّيَاب: مَعْرُوفَة وواحدها ثوب وَذكر بعض الْمُفَسّرين
أَنَّهَا فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: سَائِر الثِّيَاب. [وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: {وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} .
وَالثَّانِي: الرِّدَاء] . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن} .
وَالثَّالِث: الْقَمِيص. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحَج:
{فَالَّذِينَ كفرُوا قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} .
(1/224)
وَالرَّابِع: الْقلب. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي المدثر: {وثيابك فطهر} ، أَي: قَلْبك. وَقيل:
نَفسك طهرهَا من الذُّنُوب. وَقيل: هِيَ الثِّيَاب بِعَينهَا.
وَمعنى: تطهيرها تَقْصِيرهَا.
(82 - بَاب الثّقل)
الأَصْل فِي الثّقل: الرزانة. وضده: الخفة.
والثقلان: الْجِنّ وَالْإِنْس، سميا بذلك لِأَنَّهُمَا ثقل
للْأَرْض، إِذْ كَانَت تحملهم أَحيَاء وأمواتا. قَالَت الخنساء
ترثي أخاها: -
(أبعد ابْن عَمْرو بن آل الشَّرّ ... يَد حلت بِهِ الأَرْض
أثقالها)
وتعني بقولِهَا حلت: من التحلية، أَي: زانت بِهِ موتاها.
وَيُقَال: ارتحل الْقَوْم بثقلهم وثقلتهم: أَي: بأمتعتهم
كلهَا.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الثّقل فِي الْقُرْآن على عشرَة
أوجه: -
أَحدهَا: الرزانة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف:
حَتَّى إِذا أقلت
(1/225)
سحابا ثقالا) {وفيهَا} (فَلَمَّا أثقلت
دعوا الله [ربهما] } .
وَالثَّانِي: الزَّاد وَالْمَتَاع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النَّحْل: {وَتحمل أثقالكم إِلَى بلد لم تَكُونُوا بالغيه
إِلَّا بشق الْأَنْفس}
الثَّالِث: الْكُنُوز وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزلزلة (38
/ ب) : {وأخرجت الأَرْض أثقالها} ، أَي: كنوزها.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: موتاها.
وَالرَّابِع: الشدَّة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هَل أَتَى:
{ويذرون وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثقيلا} .
وَالْخَامِس: الرجحان، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
الْأَعْرَاف] : {فَمن ثقلت مَوَازِينه} ، وَفِي القارعة:
{فَأَما من ثقلت (مَوَازِينه} ) .
وَالسَّادِس: الأوزار، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي العنكبوت:
{وليحملن أثقالهم وأثقالا مَعَ أثقالهم} .
وَالسَّابِع: الركون إِلَى الدُّنْيَا، [وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {اثاقلتم إِلَى الأَرْض} ) .
وَالثَّامِن، الشُّيُوخ] ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
بَرَاءَة: (انفروا خفافا
(1/226)
وثقالا} ، أَرَادَ شبانا وشيوخا.
وَالتَّاسِع: عَظِيم الْقدر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
المزمل: {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا} .
والعاشر: الْعَالم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي (سُورَة)
الرَّحْمَن: {سنفرغ لكم أَيَّة الثَّقَلَان} ، أَرَادَ عَالم
الْإِنْس وعالم الْجِنّ.
(آخر كتاب الثَّاء.)
(1/227)
|