نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (كتاب الْجِيم)
وَهُوَ سِتَّة أَبْوَاب.
أَبْوَاب الْوَجْهَيْنِ: -
(83 - بَاب الْجُزْء)
الْجُزْء: بعض الْجُمْلَة. وَالْكل: مَجْمُوع الْأَجْزَاء.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْجُزْء فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: مَا ذَكرْنَاهُ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {ثمَّ اجْعَل على كل جبل مِنْهُنَّ جُزْءا} .
وَالثَّانِي: الْوَلَد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزخرف:
{وَجعلُوا لَهُ من عباده جُزْءا} .
(84 - بَاب الْجعل)
الْجعل: يُضَاف تَارَة إِلَى الله تَعَالَى. وَتارَة إِلَى
عباده. فَإِذا
(1/228)
أضيف إِلَى الله تَعَالَى فَهُوَ منقسم فِي
حَقه إِلَى قسمَيْنِ: - أَحدهمَا: بِمَعْنى الْخلق. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {وَجعل الظُّلُمَات والنور}
، وَهَذِه الأَصْل فِي الْجعل.
وَالثَّانِي: بِمَعْنى التصيير، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة الْبَقَرَة {إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا} ، فِي
الْمَائِدَة: {مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة} ، أَي: مَا
صير ذَلِك مَأْذُونا فِيهِ، وَلَا شرعا. فَأَما قَوْله
تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} ، فَقيل
مَعْنَاهُ: (39 / أ) قُلْنَاهُ. فَيكون الْجعل عبارَة عَن
القَوْل. قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ وَجه ثَالِث مُحْتَمل. وَقَالَ
بَعضهم: [مَعْنَاهُ] بَيناهُ. وَأما الْجعل الْمُضَاف إِلَى
الْعباد فَذكر أهل التَّفْسِير أَنه على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: بِمَعْنى الْوَصْف، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة الْأَنْعَام: {وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ} ، وَفِي
النَّحْل: {ويجعلون لله مَا يكْرهُونَ} . وفيهَا: {ويجعلون لله
الْبَنَات} ، وَفِي الزخرف:
(1/229)
{وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد
الرَّحْمَن إِنَاثًا} ، أَي: وصفوهم، وَقيل سموهم.
وَالثَّانِي: بِمَعْنى الْفِعْل، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ من الْحَرْث والأنعام
نَصِيبا} ، وَفِي يُونُس: {فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا} .
(85 - بَاب الْجنَاح)
الأَصْل فِي الْجنَاح: أَنه الْعُضْو الَّذِي يطير بِهِ
الطَّائِر. قَالَ ابْن فَارس: وَسمي جنَاحا الطَّائِر لميلهما
فِي شقيه، وَمِنْه يُقَال: جنح إِذا مَال، والجناح: الْإِثْم
لميله عَن طَرِيق الْحق.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْجنَاح فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: جنَاح الطَّائِر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {وَلَا طَائِر يطير بجناحيه} ، وَفِي فاطر: {أولي
أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع} .
وَالثَّانِي: الْجَانِب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحجر:
{واخفض جناحك للْمُؤْمِنين} ، وَفِي بني إِسْرَائِيل: (واخفض
لَهما جنَاح الذل من
(1/230)
الرَّحْمَة} ، وَفِي الشُّعَرَاء: {واخفض
جناحك لمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} {39 / ب} .
(أَبْوَاب مَا فَوق الْوَجْهَيْنِ)
(86 - بَاب الْجِهَاد)
الْجِهَاد: تحمل المشاق فِي تَحْصِيل الْمَطْلُوب. والجهد
بِفَتْح الْجِيم: الْمَشَقَّة. وَبِضَمِّهَا الطَّاقَة. وَذكر
أهل التَّفْسِير أَن الْجِهَاد فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْجِهَاد بِالسِّلَاحِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة النِّسَاء: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من
الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل
الله} .
وَالثَّانِي: الْجِهَاد بالْقَوْل، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْفرْقَان: {وجاهدهم بِهِ جهادا كَبِيرا} ، أَرَادَ
بِالْقُرْآنِ. وَفِي بَرَاءَة: {جَاهد الْكفَّار
وَالْمُنَافِقِينَ} ، [أَي] : فَجَاهد الْمُنَافِقين بالْقَوْل
(1/231)
وَالثَّالِث: الْجِهَاد فِي الْأَعْمَال،
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي العنكبوت: {وَالَّذين جاهدوا
فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ} .
(87 - بَاب الْجَبَّار)
الْجَبَّار: المتعظم بِالْقُدْرَةِ، لِأَنَّهُ يقهر وَيجْبر
على مَا يُرِيد. وَقَالَ ابْن فَارس: الْجَبَّار: الَّذِي طَال
وَفَاتَ الْيَد. وَيُقَال فرس جَبَّار، ونخلة جبارَة.
وَيُقَال: فِيهِ جبرية، وجبروة، وجبروت، وجبورة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْجَبَّار فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: الله عز وَجل، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحَشْر:
{الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر} .
وَالثَّانِي: الْقِتَال، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
[الشُّعَرَاء] : {وَإِذا بطشتم بطشتم جبارين} ، أَي: قتالين
للنَّاس.
وَالثَّالِث: المتكبر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي مَرْيَم:
{وَلم يَجْعَلنِي جبارا شقيا} ، (40 / أ) .
(1/232)
وَالرَّابِع: الْعَظِيم الْخلق، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: {إِن فِيهَا قوما جبارين} ،
أَرَادَ عظم خلقهمْ.
(88 - بَاب الْجنُود)
الْجنُود: جمع جند: وَهُوَ الْعدَد الْكثير الْمُجْتَمع. وَذكر
بعض الْمُفَسّرين أَن الْجنُود فِي الْقُرْآن على خَمْسَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْمَلَائِكَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي المدثر:
{وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ} ، أَرَادَ الْمَلَائِكَة
على الاطلاق وَقيل زَبَانِيَة النَّار خَاصَّة
وَالثَّانِي: الرُّسُل والمؤمنون. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الصافات: {وَإِن جندنا لَهُم الغالبون} .
وَالثَّالِث: الذُّرِّيَّة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الشُّعَرَاء: {وجنود إِبْلِيس أَجْمَعُونَ} ، أَرَادَ ذُريَّته
وهم الشَّيَاطِين.
وَالرَّابِع: الجموع، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّمْل:
{فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} ، وَفِي الْقَصَص:
{إِن فِرْعَوْن وهامان وجنودهما كَانُوا خاطئين} ، وَفِي
البروج: {هَل أَتَاك حَدِيث الْجنُود} .
(1/233)
وَالْخَامِس: الناصرون، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَم: {فسيعلمون من هُوَ شَرّ مَكَانا
وأضعف جندا} ، أَرَادَ ناصرا وَقيل أمرا.
(آخر كتاب الْجِيم)
(1/234)
|