نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (كتاب الْخَاء)
وَهُوَ أحد عشر بَابا: -
(أَبْوَاب الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة)
(108 - بَاب الْخَبيث وَالطّيب)
الْخَبيث فِي الأَصْل: الرَّدِيء من كل شَيْء. وخبث الْفضة
وَالْحَدِيد: مَا نَفَاهُ الْكِير عَنهُ، ثمَّ استعير فِي
الْحَرَام وَفِي الشرير، وَنَحْو ذَلِك. وضد الْخَبيث: الطّيب.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْخَبيث وَالطّيب فِي الْقُرْآن
على ثَلَاثَة أوجه: -
أَحدهَا: الْخَبيث الْحَرَام وَالطّيب الْحَلَال، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {وَلَا تتبدلوا
الْخَبيث بالطيب} ، وَفِي الْمَائِدَة: {قل لَا يَسْتَوِي
الْخَبيث وَالطّيب وَلَو أعْجبك كَثْرَة الْخَبيث} .
(1/270)
وَالثَّانِي: الْخَبيث الْكَافِر.
وَالطّيب: الْمَذْكُور مَعَه الْمُؤمن. (49 / ب) ، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من
الطّيب} ، وَفِي الْأَعْرَاف: {والبلد الطّيب يخرج نَبَاته
بِإِذن ربه وَالَّذِي خبث لَا يخرج إِلَّا نكدا}
وَهَذَا مثل ضربه (الله تَعَالَى) لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر.
وَالثَّالِث: الْخَبيث: كلمة الْكفْر، وَالطّيب: كلمة
الْإِسْلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيم: {مثلا
كلمة طيبَة} ، وَهِي (قَول) : لَا إِلَه إِلَّا الله وَمثل
كلمة خبيثة} ، يَعْنِي (كلمة) الْكفْر.
(109 - بَاب الْخَطَأ)
الْخَطَأ فِي اللُّغَة: عبارَة عَن وُقُوع الْفِعْل على خلاف
مَقْصُود الْفَاعِل.
وَفِي الشَّرِيعَة: عبارَة عَن ارْتِكَاب الْمَحْظُور مَعَ قصد
الْمُخطئ. قَالَ شَيخنَا عَليّ بن عبيد الله: يُقَال: خطئَ
الرجل الشَّيْء خطأ وَخطأ: إِذا أَصَابَهُ وَلم يردهُ، فَهُوَ
خاطئ. فَأَما إِذا أَرَادَهُ وَلم يصبهُ، قيل: أَخذ يُخطئ
إخطاء، فَهُوَ مُخطئ.
(1/271)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْخَطَأ فِي
الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه: -
أَحدهَا: الشّرك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْقَصَص: {إِن
فِرْعَوْن وهامان وجنودهما كَانُوا خاطئين} ، وَفِي الحاقة:
{لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الخاطئون} .
وَالثَّانِي: الذَّنب (الَّذِي لَيْسَ بشرك) . وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي يُوسُف: {يَا أَبَانَا اسْتغْفر لنا ذنوبنا
إِنَّا كُنَّا خاطئين} .
وَالثَّالِث: مَا لم يتَعَمَّد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو
أَخْطَأنَا} ، وَفِي سُورَة النِّسَاء: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن
أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} .
(110 - بَاب الْخَتْم)
الْخَتْم: الطَّبْع بالخاتم. وَالْمرَاد مِنْهُ احراز مَا
وَرَاءه لِئَلَّا يخرج مِنْهُ شَيْء (50 / أ) ، أَو يصل
إِلَيْهِ شَيْء من خَارج: يُقَال خَاتم، وَخَاتم،
(1/272)
وخاتام، (وختام) وخيتام. وختام كل مشروب:
آخِره.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْخَتْم فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه:
أَحدهَا: الطَّبْع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى أَبْصَارهم غشاوة} ،
وَفِي الجاثية: {وَختم على سَمعه وَقَلبه} .
وَالثَّانِي: الْحِفْظ والربط. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الشورى: {فَإِن يَشَأْ الله يخْتم على قبلك} ، أَي: يحفظه
ويربطه.
وَالثَّالِث: الْمَنْع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يس:
{الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم} ، أَي: نمنعها الْكَلَام.
وَالرَّابِع: الآخر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَحْزَاب:
{وَخَاتم النَّبِيين} ، وَفِي المطففين: {ختامه مسك} .
(111 - بَاب الخزائن)
الخزائن: جمع خزانَة، وَهُوَ الْبَيْت الَّذِي يحفظ فِيهِ
المدخر وَالْمُخْتَار من المَال.
(1/273)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الخزائن فِي
الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: المفاتيح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحجر:
{وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه} .
وَالثَّانِي: النُّبُوَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي ص: {أم
عِنْدهم خَزَائِن رَحْمَة رَبك الْعَزِيز الْوَهَّاب} .
وَالثَّالِث: الْمَطَر والنبات. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الطّور: {أم عِنْدهم خَزَائِن رَبك أم هم المصيطرون} .
وَالرَّابِع: خَزَائِن مصر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
يُوسُف: {اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض} .
وَقد ألحق بَعضهم وَجها خَامِسًا فَقَالَ: والخزائن: الغيوب.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود: {وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي
خَزَائِن الله} ، أَي: غيوب الله.
(112 - بَاب الخزي)
(50 / ب) رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه
قَالَ:
(1/274)
الخزي: الإهانة. وَقَالَ ابْن السّكيت: خزي
يخزى خزيا: إِذا وَقع فِي بلية. وَقَالَ الزّجاج: المخزى فِي
اللُّغَة: المذل المحقور بِأَمْر قد لزمَه بِحجَّة، يُقَال:
أخزيته أَي: ألزمته حجَّة أذللته بهَا.
وَقَالَ ابْن فَارس: معنى الخزي: الإبعاد والمقت. وخزي الرجل:
استحيى خزاية، فَهُوَ خزيان.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الخزي فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة
أوجه: -
أَحدهَا: الذل والهوان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} ، وَفِي
يُونُس: {كشفنا عَنْهُم عَذَاب الخزي فِي الْحَيَاة
الدُّنْيَا} ، وَفِي النَّحْل: {إِن الخزي الْيَوْم وَالسوء
على الْكَافرين} ، وَفِي الْحَشْر: {وليخزي الْفَاسِقين} .
وَالثَّانِي: الفضيحة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود:
{فَاتَّقُوا الله وَلَا تخزون فِي ضَيْفِي} ، وَفِي الْحجر:
{وَاتَّقوا الله وَلَا تخزون} .
(1/275)
وَالثَّالِث: الْعَذَاب. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي هود: {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} ، وَفِي الشُّعَرَاء:
{وَلَا تخزني يَوْم يبعثون} ، وَفِي الزمر: {فأذاقهم الله
الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ، وَفِي التَّحْرِيم: {يَوْم
لَا يخزي الله النَّبِي} .
وَالرَّابِع: الْقَتْل والجلاء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {فَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك مِنْكُم إِلَّا خزي
فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ، أَرَادَ الْقَتْل والجلاء لبني
قُرَيْظَة وَالنضير وهم يهود الْمَدِينَة. وَفِي الْحَج: {لَهُ
فِي الدُّنْيَا خزي} ، وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث، وخزيه
كَانَ الْقَتْل ببدر.
(113 - بَاب الْخُشُوع)
الْخُشُوع والخضوع يتقاربان (51 / أ) يُقَال: خشع إِذا
اطْمَأَن. وَقيل: أصل الْخُشُوع: اللين والسهولة.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْخُشُوع فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: الذل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي طه: (وخشعت
الْأَصْوَات
(1/276)
للرحمن} ، وَفِي سَأَلَ سَائل: {خاشعة
أَبْصَارهم} .
وَالثَّانِي: سُكُون الْجَوَارِح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْمُؤمنِينَ: {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} ، وَفِي حم
السَّجْدَة: {وَمن آيَاته أَنَّك ترى الأَرْض خاشعة} .
وَالثَّالِث: الْخَوْف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْبِيَاء: {ويدعوننا رغبا ورهبا وَكَانُوا لنا خاشعين} .
وَالرَّابِع: التَّوَاضُع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين} .
(أَبْوَاب الْخَمْسَة)
(114 - بَاب الخسران)
الخسران: النَّقْص. وَهُوَ فِي التعارف نقص جُزْء من رَأس
المَال. وَيُقَال: خسر وخسران: كَمَا يُقَال: كفر وكفران.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الخسران فِي الْقُرْآن على خَمْسَة
أوجه
(1/277)
أَحدهَا: النَّقْص. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي سُورَة الرَّحْمَن: {وَأقِيمُوا الْوَزْن
بِالْقِسْطِ وَلَا تخسروا الْمِيزَان} ، وَفِي المطففين:
{وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم يخسرون} .
وَالثَّانِي: الْغبن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزمر: {قل
إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة
أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين} .
وَالثَّالِث: الْعَجز. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُوسُف:
{قَالُوا لَئِن أكله الذِّئْب وَنحن عصبَة إِنَّا إِذا
لخاسرون} ، وَفِي الْمُؤمنِينَ: {وَلَئِن أطعتم بشرا مثلكُمْ
إِنَّكُم إِذا لخاسرون} .
وَالرَّابِع: الضلال: وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {فقد خسر خسرانا مُبينًا} ، _ (51 / ب) ، وَمثله:
{وَالْعصر إِن الْإِنْسَان لفي خسر} .
وَالْخَامِس: الْعقُوبَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَعْرَاف: {قَالَا رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر
لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} ، وَفِي هود: {أكن من
الخاسرين} .
(1/278)
(115 - بَاب الْخَوْف)
الْخَوْف والفزع يتقاربان. وَالْخَوْف: لما يسْتَقْبل. والحزن:
لما فَاتَ.
وَقَالَ شَيخنَا: الْخَوْف خَاصَّة من خَواص النَّفس تظهر.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْخَوْف فِي الْقُرْآن على خَمْسَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْخَوْف نَفسه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم أَلا خوف
عَلَيْهِم} (وَلَا هم يَحْزَنُونَ) } ، وَفِي الْأَعْرَاف:
{وادعوه خوفًا وَطَمَعًا} ، وَفِي تَنْزِيل السَّجْدَة:
{يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا} .
وَالثَّانِي: الْعلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{فَمن خَافَ من موص جنفا [أَو إِثْمًا] } {وفيهَا} (فَإِن
خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} ، وَفِي سُورَة
النِّسَاء: {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا فَوَاحِدَة} ،
(1/279)
وفيهَا: {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا
نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} ، وَفِي الْأَنْعَام: {وأنذر بِهِ
الَّذين يخَافُونَ أَن يحْشرُوا إِلَى رَبهم} .
وَالثَّالِث: الظَّن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} .
قَالَ الْفراء: وَهِي فِي قِرَاءَة أبي إِلَّا أَن يظنا
وَالْخَوْف وَالظَّن يتقاربان فِي كَلَام الْعَرَب. قَالَ
الشَّاعِر:
(أَتَانِي كَلَام عَن نصيب يَقُوله ... وَمَا خفت يَا سَلام
أَنَّك عائبي)
وَقد ألحق قوم هَذَا الْقسم بِالَّذِي قبله.
وَالرَّابِع: الْقِتَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَحْزَاب: {فَإِذا جَاءَ الْخَوْف} ، وفيهَا: {فَإِذا ذهب
الْخَوْف} . (52 / أ) .
وَالْخَامِس: النكبة تصيب الْمُسلمين من قتل أَو هزيمَة.
وَمِنْه قَوْله
(1/280)
تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {وَإِذا
جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ} .
قَالَ ابْن عَبَّاس (رَضِي الله عَنهُ) : كَانَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث سَرِيَّة من السَّرَايَا
فَغلبَتْ أَو غلبت، تحدثُوا بذلك وَلم يسكتوا حَتَّى يكون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمُحدث بِهِ.
(116 - بَاب الْخِيَانَة)
الْخِيَانَة: التَّفْرِيط فِيمَا يؤتمن الْإِنْسَان عَلَيْهِ.
ونقيضها: الْأَمَانَة. والتخون فِي اللُّغَة: التنقص، تَقول:
تخونني فلَان حَقي إِذا تنقصك. وَسُئِلَ ثَعْلَب: أَيجوزُ أَن
يُقَال: إِن الخوان إِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ يتخون مَا
عَلَيْهِ، أَي: ينتقص، فَقَالَ: مَا يبعد ذَلِك.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْخِيَانَة [فِي الْقُرْآن] على
خَمْسَة أوجه: -
أَحدهَا: الْمعْصِيَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
الْبَقَرَة] :
(1/281)
{علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون
أَنفسكُم} ، قَالَ ابْن قُتَيْبَة: تخونونها بالمعصية. وَفِي
الْأَنْفَال: {لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم}
، وَفِي حم الْمُؤمن: {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} .
وَالثَّانِي: نقض الْعَهْد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْمَائِدَة: {وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم} ، فِي
الْأَنْفَال: {وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة} .
وَالثَّالِث: ترك الْأَمَانَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة النِّسَاء: {وَلَا تكن للخائنين خصيما} . نزلت فِي طعمة
بن أُبَيْرِق، كَانَ عِنْده درع فخانها.
وَالرَّابِع: الْمُخَالفَة فِي الدّين. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {إِن الله لَا يحب من كَانَ
خوانًا أَثِيمًا} ، وَفِي الْأَنْفَال: {وَإِن يُرِيدُوا
خِيَانَتك فقد خانوا الله من قبل} ، وَفِي التَّحْرِيم:
{كَانَتَا تَحت عَبْدَيْنِ من عبادنَا صالحين فَخَانَتَاهُمَا}
.
(1/282)
وَالْخَامِس: (52 / ب) الزِّنَى، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي يُوسُف: {أَن الله لَا يهدي كيد الخائنين}
.
(أَبْوَاب مَا فَوق الْخَمْسَة)
(117 - بَاب الْخلق)
الْخلق: الإيجاد والإحداث. [وَقيل] الْخلق: الإيجاد على
تَقْدِير وترتيب.
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: أصل الْخلق: التَّقْدِير، قَالَ
زُهَيْر: -
(ولأنت تفري مَا خلقت ... وَبَعض الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفري)
وَقَالَ ابْن فَارس: يُقَال: خلقت الْأَدِيم للسقاء: إِذا
قدرته. والخلق: اختراع الْكَذِب واختلاقه. واخلولق السَّحَاب:
اسْتَوَى. ورسم مخلولق إِذا اسْتَوَى بِالْأَرْضِ. وَرجل
مختلق: تَامّ الْخلق.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْخلق فِي الْقُرْآن على
ثَمَانِيَة أوجه: -
(1/283)
أَحدهَا: الايجاد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي سُورَة النِّسَاء: {الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} ،
وَفِي الْأَعْرَاف: {الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي
سِتَّة أَيَّام} ، وَفِي يس: {أَو لَيْسَ الَّذِي خلق
السَّمَاوَات الأَرْض بِقَادِر على أَن يخلق مثلهم (بلَى} } ،
وَفِي الصافات: {فاستفتهم أهم أَشد خلقا أم من خلقنَا إِنَّا
خلقناهم من طين لازب} .
وَالثَّانِي: التخرص وَالْكذب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الشُّعَرَاء: {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} ، وَفِي
العنكبوت: {وتخلقون إفكا} ، وَفِي ص: {إِن هَذَا إِلَّا
اخْتِلَاق} .
وَالثَّالِث: التَّصْوِير. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْمَائِدَة: {وَإِذ تخلق من الطين} ، وَفِي النَّحْل: {لَا
يخلقون شَيْئا وهم يخلقون} .
وَالرَّابِع: الْجعل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الشُّعَرَاء: {وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم} .
وَالْخَامِس: النُّطْق. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي فصلت:
{قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء وَهُوَ خَلقكُم
(53 / أ} أول مرّة} ، أَي: أنطقكم.
(1/284)
وَالسَّادِس: الْبناء. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى: [فِي الْفجْر: {الَّتِي لم يخلق مثلهَا فِي
الْبِلَاد} .
وَالسَّابِع: الْمَوْت. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بني
إِسْرَائِيل: {قل كونُوا حِجَارَة أَو حديدا أَو خلقا مِمَّا
يكبر فِي صدوركم} .
وَالثَّامِن: الدّين. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ، وَفِي الرّوم: {لَا
تَبْدِيل لخلق الله} .
(118 - بَاب الْخَيْر)
الْخَيْر: اسْم لكل ممدوح ومرغوب فِيهِ. وَالْخَيْر: الْكَرم.
والاستخارة أَن تسْأَل الله تَعَالَى] خير الْأَمريْنِ، وَذكر
أهل التَّفْسِير أَن الْخَيْر فِي الْقُرْآن على اثْنَيْنِ
وَعشْرين وَجها: -
أَحدهَا: الْإِيمَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْفَال: (وَلَو علم الله فيهم
(1/285)
خيرا لأسمعهم) {وفيهَا} (إِن يعلم الله فِي
قُلُوبكُمْ خيرا} ، وَفِي هود: {لن يُؤْتِيهم الله خيرا} .
وَالثَّانِي: الْإِسْلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي نون:
{مناع للخير مُعْتَد أثيم} ، قيل إِنَّهَا نزلت فِي الْوَلِيد
بن الْمُغيرَة منع ابْني أَخِيه من الدُّخُول فِي الْإِسْلَام.
وَالثَّالِث: المَال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{إِن ترك خيرا} {وفيهَا} (قل مَا أنفقتم من خير} ، (قَالُوا
الدّين) .
وَالرَّابِع: الْعَافِيَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {وَإِن يمسسك بِخَير} ، وَفِي يُونُس: {وَإِن
يردك بِخَير} .
الْخَامِس: الْأجر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحَج:
{وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله لكم فِيهَا خير} .
(1/286)
وَالسَّادِس: الْأَفْضَل. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى [فِي الْمُؤمنِينَ] : {اغْفِر وَارْحَمْ وَأَنت خير
الرَّاحِمِينَ} ، وَمثله: {خير الرازقين} ، و: {خير
الْحَاكِمين} .
وَالسَّابِع: الطَّعَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْقَصَص: {رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} .
وَالثَّامِن: الظفر. (53 / ب) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَحْزَاب: {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم لم ينالوا خيرا}
.
وَالتَّاسِع: الْخَيل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي ص: {إِنِّي
أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي} ، (أَي: حب الْخَيل) .
والعاشر: الْقُرْآن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{أَن ينزل عَلَيْكُم من خير من ربكُم} .
وَالْحَادِي عشر: الأنفع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} ، أَي: أَنْفَع.
وَالثَّانِي عشر: رخص الأسعار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
هود: {إِنِّي أَرَاكُم بِخَير} .
وَالثَّالِث عشر: الصّلاح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} ، أَرَادَ صلاحا،
وَقيل المَال
(1/287)
وَالرَّابِع عشر: الْقُوَّة وَالْقُدْرَة.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الدُّخان: {أهم خير أم قوم تبع} .
وَالْخَامِس عشر: الدُّنْيَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
العاديات: {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد} .
وَالسَّادِس عشر: الاصلاح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر} .
وَالسَّابِع عشر: الْوَلَد الصَّالح. [وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي سُورَة النِّسَاء] : {فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا
وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} ، أَي: بِمَا رزقتم من
الزَّوْجَات المكروهات أَوْلَادًا صالحين.
وَالثَّامِن عشر: الْعِفَّة والصيانة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي النُّور: {لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا} .
وَالتَّاسِع عشر: حسن الْأَدَب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الحجرات: {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ
خيرا لَهُم} ، أَي: أحسن لأدبهم.
وَالْعشْرُونَ: النَّوَافِل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (54 / أ)
فِي الْأَنْبِيَاء: {وأوحينا إِلَيْهِم فعل الْخيرَات} .
وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ: النافع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْأَعْرَاف: {لاستكثرت من الْخَيْر} .
(1/288)
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لأعددت من السّنة
المخصبة للسّنة المجدبة.
وَالثَّانِي وَالْعشْرُونَ: الْخَيْر الَّذِي هُوَ ضد الشَّرّ.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {بِيَدِك الْخَيْر} .
(1/289)
|