نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (كتاب الرَّاء)
وَهُوَ ثَمَانِيَة عشر بَابا: -
(أَبْوَاب الْوَجْهَيْنِ)
(125 - بَاب الرَّجَاء)
قَالَ ابْن فَارس اللّغَوِيّ: الرَّجَاء بِالْمدِّ. الأمل.
يُقَال: رجت المر أرجوه رَجَاء. وارتجيته أرتجيه وترجيته.
والرجا، مَقْصُور: نَاحيَة الْبِئْر، وكل نَاحيَة رجا،
وَالْجمع أرجاء، قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْملك على أرجائها}
. وَرُبمَا عبر عَن الْخَوْف بالرجاء وناس من أهل اللُّغَة
يَقُولُونَ مَا أَرْجُو، أَي: مَا أُبَالِي وأنشدوا: -
(إِذا لسعته النَّحْل لم يرج لسعها)
أَي: لم يكترث لَهُ.
(1/307)
وَذكر أهل التَّفْسِير بِأَن الرَّجَاء فِي
الْقُرْآن على وَجْهَيْن: - أَحدهمَا: الأمل. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله} .
وَفِي بني إِسْرَائِيل: {ويرجون رَحمته} .
وَهُوَ الْأَعَمّ بِالْقُرْآنِ.
وَالثَّانِي: الْخَوْف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس:
{إِن الَّذين لَا يرجون لقاءنا} ، وَفِي الْكَهْف: {فَمن كَانَ
يَرْجُو لِقَاء ربه} ، وَفِي الْفرْقَان: {وَقَالَ الَّذين لَا
يرجون لقاءنا} (وَفِي العنكبوت: {من كَانَ يَرْجُو لِقَاء
الله} ) : وفيهَا: {اعبدوا الله وارجوا الْيَوْم الآخر} ،
وَفِي نوح: {مالكم لَا ترجون لله وقارا} ، وَفِي عَم يتساءلون:
{لَا يرجون حسابا} .
(126 - بَاب الرَّعْد)
الرَّعْد: الصَّوْت المسموع من السَّحَاب وَفِي الحَدِيث:
(إِنَّه صَوت ملك (58 / ب) يزْجر السَّحَاب) .
(1/308)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّعْد فِي
الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الصَّوْت المسموع (من السَّحَاب) . وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فِيهِ ظلمات ورعد وبرق} .
وَالثَّانِي: اسْم الْملك الَّذِي يزْجر السَّحَاب. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الرَّعْد: {ويسبح الرَّعْد
بِحَمْدِهِ} .
(127 - بَاب الرَّقَبَة)
الرَّقَبَة فِي الأَصْل: اسْم [لعضو] مَخْصُوص من الْحَيَوَان.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّقَبَة فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: مَا ذَكرْنَاهُ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين
كفرُوا فَضرب الرّقاب} .
وَالثَّانِي: الْجُمْلَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
النِّسَاء] : (فَتَحْرِير رَقَبَة
(1/309)
مُؤمنَة} ، أَي: عتق مَمْلُوك أَو
مَمْلُوكَة فِي الْكَفَّارَة.
128 - بَاب الرَّقِيب)
الرَّقِيب: فعيل من المراقبة، وَهُوَ اسْم الْفَاعِل. وَتقول:
رقبت الشَّيْء، أرقبه، رَقَبَة، ورقبانا: إِذا انتظرته.
والمرقب: الْمَكَان العالي المشرف يقف عَلَيْهِ الرَّقِيب.
وَتقول: أرقبت فلَانا هَذِه الدَّار، وَهُوَ أَن تعطيه
إِيَّاهَا فيسكنها. وَتقول: إِن مت قبلي رجعت إِلَيّ، وَإِن مت
قبلك فَهِيَ لَك، فَأخذت من المراقبة، لِأَن كل وَاحِد
مِنْهُمَا يرقب موت صَاحبه.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّقِيب فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن:.
أَحدهمَا: الحفيظ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} ، وَفِي سُورَة
الْمَائِدَة: {كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم} ، وَفِي ق:
{إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} .
وَالثَّانِي: (59 / أ) المنتظر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
هود: {وارتقبوا إِنِّي مَعكُمْ رَقِيب} ، وَفِي الدُّخان:
{فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مرتقبون} .
(1/310)
(129 - بَاب الرّكُوب)
الرّكُوب: الْعُلُوّ على الشَّيْء، والركاب: المطايا. وَقَالَ
ابْن فَارس: الركب، والأركوب، والركبان والراكبون لَا يكونُونَ
إِلَّا على جمال. قَالَ الْخَلِيل: والركاب: ركاب السَّفِينَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرّكُوب فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الرّكُوب على الْبَهَائِم والسفن. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي هود: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا (باسم الله مجريها
وَمرْسَاهَا} } وَفِي النَّحْل: {وَالْخَيْل وَالْبِغَال
وَالْحمير لتركبوها} .
وَالثَّانِي: الِانْتِقَال من حَال إِلَى حَال. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى [فِي الانشقاق] : {لتركبن طبقًا عَن طبق} .
(130 - بَاب الرّوح)
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: الرّوح: الرَّاحَة وَطيب النسيم. وَقد
تكون الرّوح فِي الْقُرْآن: الرَّحْمَة، لِأَن الرّوح تكون
بِالرَّحْمَةِ.
قَالَ ابْن فَارس: الرّوح: نسيم الرّيح. والرواح: من زَوَال
(1/311)
الشَّمْس إِلَى اللَّيْل: وَأَرِحْنَا
إبلنا رددناها فِي ذَلِك الْوَقْت. والمراح: حَيْثُ تأوي
الْمَاشِيَة [إِلَيْهِ] بِاللَّيْلِ. وقصعة روحاء: قريبَة
القعر وَهُوَ يراح للمعروف: إِذا أَخَذته [لَهُ أريحة] .
والمروحة: الْموضع الَّذِي تخترق فِيهِ الرّيح، وَنقل عَن عمر
رَضِي الله عَنهُ أَنه ركب نَاقَة فمشت بِهِ مشيا جيدا
فَقَالَ:
(كَأَن راكبها غُصْن بمروحة ... إِذا تدلت بِهِ أَو شَارِب
ثمل)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرّوح فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الرَّحْمَة. (59 / ب) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
يُوسُف: {وَلَا تيأسوا من روح الله إِنَّه لَا ييأس من روح
الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ} .
وَالثَّانِي: الرَّاحَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْوَاقِعَة: {فَروح وَرَيْحَان} ، على قِرَاءَة من فتح
الرَّاء.
(131 - بَاب الريب)
الريب: الشَّك. وريب الدَّهْر: صروفه. وأراب فلَان صَار ذَا
رِيبَة.
(1/312)
والريب فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الشَّك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي الْبَقَرَة) :
{الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ} ، [لَا شكّ فِيهِ] .
وَالثَّانِي: حوادث الدَّهْر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الطّور: {نتربص بِهِ ريب الْمنون} .
(أَبْوَاب الثَّلَاثَة)
(132 - بَاب الرجز)
الأَصْل فِي الرجز: الْعَذَاب. يُقَال لما يُوجب الْعَذَاب
[رجز] على سَبِيل التَّجَوُّز بطرِيق السَّبَب.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الرجز فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْعَذَاب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف:
(لَئِن كشفت عَنَّا الرجز (لنؤمنن لَك) } .
(1/313)
(وَالثَّانِي) : الصَّنَم. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي المدثر: {وَالرجز فاهجر} .
وَالثَّالِث: الكيد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال:
{وَيذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان} ، أَي: كَيده، قَالَ ابْن
قُتَيْبَة: وَسمي كيد الشَّيْطَان: رجزا، لِأَنَّهُ سَبَب
الْعَذَاب. وَكَذَلِكَ سمى الْأَصْنَام: رجزا، لِأَنَّهَا
تُؤدِّي إِلَى الْعَذَاب.
(133 - بَاب الرُّكُوع)
الرُّكُوع فِي اللُّغَة: الانحناء. وكل منحن: رَاكِع.
قَالَ لبيد: -
(أخبر أَخْبَار الْقُرُون الَّتِي مَضَت ... أدب كَأَنِّي كلما
قُمْت رَاكِع)
(60 / أ) وَيُقَال: الرُّكُوع، وَيُرَاد بِهِ: الذل. وأنشدوا
من ذَلِك:
(لَا تذل الضَّعِيف علك أَن ... تركع يَوْمًا والدهر قد رَفعه)
(1/314)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرُّكُوع فِي
الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه: -
أَحدهَا: الصَّلَاة بجملتها. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {واركعوا مَعَ الراكعين} ، أَرَادَ [صلوا] مَعَ
الْمُصَلِّين.
وَالثَّانِي: الانحناء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحَج:
{ارْكَعُوا واسجدوا} .
(وَالثَّالِث: السُّجُود) . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي ص:
{وخر رَاكِعا وأناب} .
(134 - بَاب الرَّمْي)
الأَصْل فِي الرَّمْي إِلْقَاء الْحجر عَن الْيَد، وَالرَّمْي
بِالسِّهَامِ قَذفهَا عَن كبد الْقوس. والرمية: الصَّيْد
(يرْمى. قَالَ ابْن السّكيت: خرجت أترمى إِذا خرجت) ترمي فِي
الْأَغْرَاض.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّمْي فِي الْقُرْآن على
ثَلَاثَة أوجه: -
(1/315)
أَحدهَا: الْإِلْقَاء والنبذ. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي المرسلات: {إِنَّهَا ترمي بشرر كالقصر} ،
وَفِي سُورَة الْفِيل: {ترميهم بحجارة من سجيل}
وَالثَّانِي: الْإِصَابَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْفَال: {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} .
وَالثَّالِث: الْقَذْف بالزنى. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النُّور: {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} ، وفيهَا:
{وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} .
(135 - بَاب الرّيح)
الرّيح: الْهَوَاء المتحرك. وَالروح نسيم الرّيح. والأريحي:
الْوَاسِع الْخلق.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الرّيح فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة
أوجه: -
[أَحدهَا] : الرّيح (60 / ب) نَفسهَا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْبَقَرَة: {وتصريف الرِّيَاح} ، وَفِي الْأَعْرَاف:
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسل
(1/316)
الرِّيَاح بشرا} ، وَفِي الرّوم (وَمن
آيَاته) : {أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات} .
وَالثَّانِي: الرَّائِحَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
يُوسُف: {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف} .
وَالثَّالِث: الْقُوَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْفَال: {وَتذهب ريحكم} .
(أَبْوَاب مَا فَوق الثَّلَاثَة)
(136 - بَاب الرَّجْم)
الرَّجْم فِي الأَصْل: إِلْقَاء الْحجر بِشدَّة الدّفع. ثمَّ
استعير فِي مَوَاضِع مِنْهَا: رمي الْإِنْسَان بِالْقَذْفِ
والشتم وَنَحْو ذَلِك. وَالرَّجم: الْحِجَارَة. وَمِنْه رجم
فلَان، أَي: ضرب بِالْحِجَارَةِ. ورجمت فلَانا: إِذا شتمته.
وَتقول: صَار هَذَا الْأَمر رجما، أَي ظنا: لَا يُوقف على
حَقِيقَة أمره. وَفِي الحَدِيث: (لَا ترجموا قَبْرِي) ، أَي:
دَعوه مستويا لَا تدعوا عَلَيْهِ حِجَارَة. وراجم فلَان عَن
قومه إِذا ناضل.
(1/317)
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّجْم فِي
الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه: -
أَحدهَا: الرَّمْي. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْملك:
{وجعلناها رجوما للشياطين} .
وَالثَّانِي: الْقَتْل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي هود] :
{وَلَوْلَا رهطك لرجمناك} ، وَفِي الدُّخان: {وَإِنِّي عذت
بربي وربكم أَن ترجمون} ، وَفِي يس: {لَئِن لم تنتهوا
لنرجمنكم} . قَالَ ابْن قُتَيْبَة: وَإِنَّمَا استعير الرَّجْم
فِي مَوضِع الْقَتْل: لأَنهم كَانُوا يقتلُون بِالرَّجمِ.
وَالثَّالِث: اللَّعْن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحجر:
{فَاخْرُج مِنْهَا فَإنَّك رجيم} ، وَفِي النَّحْل: {فاستعذ
بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} ، والرجيم بِمَعْنى:
المرجوم.
وَالرَّابِع: (61 / أ) السب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
مَرْيَم: {لَئِن لم تَنْتَهِ لأرجمنك}
(1/318)
وَالْخَامِس: القَوْل بِالظَّنِّ. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي [الْكَهْف] : {رجما بِالْغَيْبِ} ، قَالَه
مقَاتل.
(137 - بَاب الرُّؤْيَة)
الرُّؤْيَة فِي الأَصْل: إِدْرَاك المرئي بِالْعينِ. والرواء:
حسن المنظر. والروية غير مَهْمُوزَة: وَأَصلهَا من روأت فِي
الْأَمر إِذا دَبرته. والروي: حرف قافية الشّعْر اللَّازِم.
وَتقول: رَأَيْت الشَّيْء رُؤْيَة. وَرَأَيْت من الْفِكر
رَأيا. وَرويت من المَاء ريا. وَرويت الحَدِيث رِوَايَة.
وراءيت بِالْعَمَلِ رِيَاء.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرُّؤْيَة فِي الْقُرْآن على
سِتَّة أوجه: -
أَحدهَا: النّظر والمعاينة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الزمر: {وَيَوْم الْقِيَامَة ترى الَّذين كذبُوا على الله
وُجُوههم مسودة} .
وَفِي الْمُنَافِقين: {وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم} ،
وَفِي هَل
(1/319)
أَتَى: {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيما
وملكا كَبِيرا} .
وَالثَّانِي: الْعلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{وأرنا مناسكنا} ، أَي: علمنَا، وَفِي سُورَة النِّسَاء:
{لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} ، وَفِي
الْأَنْبِيَاء: {أَو لم ير الَّذين كفرُوا أَن السَّمَوَات
وَالْأَرْض كَانَتَا رتقا [ففتقناهما] } ، وَفِي سبأ: {وَيرى
الَّذين أُوتُوا الْعلم} ، وَفِي نوح: {ألم تروا كَيفَ خلق
الله سبع سموات طباقا} .
وَالثَّالِث: الِاعْتِبَار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النَّحْل: {ألم يرَوا إِلَى الطير مسخرات فِي جو السَّمَاء} .
وَالرَّابِع: السماع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا
فَأَعْرض عَنْهُم} . (61 / ب) .
وَالْخَامِس: التَّعَجُّب. وَمِنْه [قَوْله] تَعَالَى فِي
سُورَة النِّسَاء: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم}
{وفيهَا} (ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا
بِمَا أنزل إِلَيْك} ، أَي: ألم تعجب من هَؤُلَاءِ.
وَالسَّادِس: الْإِخْبَار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {ألم تَرَ إِلَى الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي
ربه} {وَمثله} (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك
(1/320)
بأصحاب الْفِيل} ، مَعْنَاهُ ألم تخبر.
وَألْحق قوم هَذَا الْوَجْه وَالَّذِي قبله بقسم الْعلم
فَقَالُوا: مَعْنَاهُ ألم ينْتَه علمك إِلَى هَؤُلَاءِ ومقصود
الْكَلَام أعرفهم.
(138 - بَاب الرّوح)
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: الرّوح وَالروح وَالرِّيح: من أصل
وَاحِد اكتنفته معَان تقاربت، فَبنِي لكل معنى اسْم من ذَلِك
الأَصْل، وخولف بَينهَا فِي حَرَكَة الْبناء. وَالنَّار والنور
من أصل وَاحِد، كَمَا قَالُوا: الْميل والميل، [وهما] جَمِيعًا
من مَال. فَجعلُوا الْميل - بِفَتْح الْيَاء - فِيمَا كَانَ
خلقَة فَقَالُوا: فِي عُنُقه ميل، وَفِي الشَّجَرَة ميل
وَجعلُوا الْميل بِسُكُون الْيَاء - فِيمَا كَانَ فعلا
فَقَالُوا: مَال عَن الْحق ميلًا، وَقَالُوا: اللسن واللسن
اللسن، وَكله من اللِّسَان، فاللسن: جودة اللِّسَان. واللسن:
العذل واللوم. يُقَال: لسنت فلَانا لسنا: أَي عذلته، وأخذته
بلساني. واللسن: اللُّغَة. يُقَال: لكل قوم لسن. وَقَالُوا:
حمل الشَّجَرَة، وَحمل الْمَرْأَة - بِفَتْح [الْحَاء]-
وَقَالُوا لما كَانَ على الظّهْر: حمل، وَالْأَصْل وَاحِد.
وَيُقَال للنفخ [روح] لِأَنَّهُ ريح خرج عَن الرّوح. قَالَ (62
/ أ) ذُو الرمة: يذكر نَارا قدحها: -
(1/321)
(فَلَمَّا بَدَت كفنتها وَهِي طفلة ...
بطلساء لم تكمل ذِرَاعا وَلَا شبْرًا)
(فَقلت لَهُ ارفعها إِلَيْك وأحيها ... بروحك واقتته لَهَا
قيتة قدرا)
(وَظَاهر لَهَا من يَابِس الشخت واستعن ... عَلَيْهَا الصِّبَا
وَاجعَل يَديك لَهَا سترا)
(فَلَمَّا جرت فِي الجزل جَريا كَأَنَّهُ ... سنا الْبَرْق
أحدثنا لخالقها شكرا)
والطلساء: خرقَة وسخة، وَهِي الحراق. وَالروح: النفخ. واقتته،
أَي: اجْعَل النفخ قوتا لَا يكون قَوِيا وَلَا ضَعِيفا والشخت:
دقائق الْحَطب والجزل الْحَطب الغليظ. " وَذكر أهل التَّفْسِير
[أَن] الرّوح فِي الْقُرْآن على ثَمَانِيَة أوجه: -
أَحدهَا: روح الْحَيَوَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بني
إِسْرَائِيل: {ويسئلونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي}
، وَفِي تَنْزِيل السَّجْدَة: {ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من
روحه} .
(1/322)
وَالثَّانِي: جِبْرَائِيل [عَلَيْهِ
السَّلَام] . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّحْل: {قل نزله
روح الْقُدس من رَبك بِالْحَقِّ} ، وَفِي مَرْيَم:
{فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} ، وَفِي الشُّعَرَاء: {نزل
بِهِ الرّوح الْأمين} ، وَفِي الْقدر: {تنزل الْمَلَائِكَة
وَالروح فِيهَا} .
وَالثَّالِث: ملك عَظِيم من الْمَلَائِكَة. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي عَم يتساءلون: {يَوْم يقوم الرّوح
وَالْمَلَائِكَة صفا} .
وَالرَّابِع: الْوَحْي. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
النَّحْل] : {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ من أمره} ، وَفِي
عسق: {وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا} .
وَالْخَامِس: الرَّحْمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
المجادلة: {وأيدهم بِروح مِنْهُ} .
وَالسَّادِس: الْأَمر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} . (62 / ب)
.
وَالسَّابِع: الرّيح الَّتِي تكون عَن النفخ. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي التَّحْرِيم: {الَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهِ
من رُوحنَا} ، وَهِي نفخة جِبْرَائِيل فِي درعها.
وَالثَّامِن: الْحَيَاة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْوَاقِعَة: (فَروح
(1/323)
وَرَيْحَان} ، على قِرَاءَة من ضم الرَّاء.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَروح، أَي: حَيَاة وَبَقَاء لَا موت
فِيهِ. وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: فَروح، أَي: فرحمة.
(139 - بَاب الرزق)
والرزق: الْعَطاء، وَجمعه أرزاق. وارتزق الْجند: أخذُوا
أَرْزَاقهم. والرزقة الْمرة الْوَاحِدَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرزق فِي الْقُرْآن على عشرَة
أوجه: -
أَحدهَا: الْعَطاء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} {وفيهَا} (أَنْفقُوا
مِمَّا رزقناكم} .
وَالثَّانِي: الطَّعَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {كلما [رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا] } ، أَي:
أطعموا. ( {قَالُوا هَذَا الَّذِي] رزقنا من قبل} ، أَي:
أطعمنَا.
(1/324)
وَالثَّالِث: الْغَدَاء وَالْعشَاء.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي مَرْيَم: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا
بكرَة وعشيا} .
وَالرَّابِع: الْمَطَر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الجاثية:
{مَا أنزل الله من السَّمَاء من رزق} ، فِي الذاريات: {وَفِي
السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون} .
وَالْخَامِس: النَّفَقَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن} .
وَالسَّادِس: الْفَاكِهَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {وجد عِنْدهَا رزقا} .
وَالسَّابِع: الثَّوَاب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {بل أَحيَاء عِنْد (63 / أ} رَبهم يرْزقُونَ} ، وَفِي
حم الْمُؤمن: {يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب} ، وَفِي
الطَّلَاق: {قد أحسن الله لَهُ رزقا} .
وَالثَّامِن: الْجنَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي طه: {ورزق
رَبك خير وَأبقى} ، قَالَه مقَاتل.
وَالتَّاسِع: الْحَرْث والأنعام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
يُونُس: {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم
مِنْهُ حَرَامًا وحلالا} .
(1/325)
والعاشر: الشُّكْر. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْوَاقِعَة: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} .
قَالَ ابْن السّكيت: الرزق بلغَة أزدشنوءة الشُّكْر، وَمِنْه
فِي هَذِه الْآيَة. وَتقول رَزَقَنِي فلَان، أَي: شكرني.
(140 - بَاب الرِّجَال)
الرِّجَال جمع: رجل، فَهُوَ اسْم لذكور بني آدم بعد الْبلُوغ.
وَقيل: انه اسْم مَأْخُوذ من الْقُوَّة، يُقَال: رجل رجيل
وَامْرَأَة رجلة إِذا كَانَا قويين وَرجل ذُو رجلة، أَي: قوي
على الْمَشْي، وارتجلت الْكَلَام: إِذا قلته من غير تدبر.
ورجلت الشّعْر: سرحته، وَالرجل الرجالة. وَالرجلَانِ: الراجل
الْوَاحِد. وَالرجل بِكَسْر الرَّاء: الْقطعَة من الْجَرَاد.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الرِّجَال فِي الْقُرْآن على أحد
عشر وَجها: -
أَحدهَا: الرُّسُل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاء:
{وَمَا أرسلنَا قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم} .
(1/326)
وَالثَّانِي: الْمَلَائِكَة. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى (فِي الْأَعْرَاف) : {وعَلى الْأَعْرَاف رجال
يعرفن كلا بِسِيمَاهُمْ} .
وَالثَّالِث: الصَّابِرُونَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم (63 / ب) فِي الْغَزَوَات. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْأَحْزَاب: {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله
عَلَيْهِ} .
وَالرَّابِع: أهل قبَاء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
بَرَاءَة: {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} .
وَالْخَامِس: المحافظون على أَوْقَات الصَّلَاة. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى فِي النُّور: {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة
وَلَا بيع عَن ذكر الله} .
وَالسَّادِس: المقهورون من مؤمني أهل مَكَّة. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْفَتْح: {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء
مؤمنات} .
وَالسَّابِع: فُقَرَاء الْمُسلمين. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي صَاد: ( {وَقَالُوا} مالنا لَا نرى رجَالًا كُنَّا نعدهم
من الأشرار} .
وَالثَّامِن: المشاة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{فَإِن خِفْتُمْ فرجالا أَو ركبانا} ، وَفِي الْحَج: {يأتوك
رجَالًا} .
وَالتَّاسِع: الْأزْوَاج. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْبَقَرَة: (وللرجال عَلَيْهِنَّ
(1/327)
دَرَجَة} ، وَفِي سُورَة النِّسَاء:
{الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} .
والعاشر: الذُّكُور. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النِّسَاء:
{وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا} ، وَفِي الْأَحْزَاب: {مَا
كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} .
وَالْحَادِي عشر: الْكفَّار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَعْرَاف: {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف رجَالًا يعرفونهم
بِسِيمَاهُمْ} .
(141 - بَاب الرجل)
الرجل: وَاحِد الرِّجَال.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَنه فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة عشر
وَجها: -
أَحدهَا: مِثَال ضربه الله (عز وَجل) لنَفسِهِ. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الزمر: {ورجلا سلما لرجل} ، فالرجل (64 / أ)
الثَّانِي (ضربه مثلا لنَفسِهِ عز وَجل، وَالْأول
الْمُؤْمِنُونَ) .
(1/328)
وَالثَّانِي: النَّبِي مُحَمَّد صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس: {أَكَانَ للنَّاس عجبا
أَن أَوْحَينَا إِلَى رجل مِنْهُم} ، وَفِي سبأ: {هَل ندلكم
على رجل ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق} ] .
وَالثَّالِث: نوح عَلَيْهِ السَّلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْأَعْرَاف: {أوعجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم على رجل
مِنْكُم لينذركم ولتتقوا} .
وَالرَّابِع: هود. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف:
{أوعجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم على رجل مِنْكُم لينذركم
واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح} .
وَالْخَامِس: مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي حم الْمُؤمن: {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي
الله} .
وَالسَّادِس: يُوشَع بن نون (وكالب بن يوحنا) . وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي الْمَائِدَة: {قَالَ رجلَانِ من الَّذين
يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} .
(1/329)
وَالسَّابِع: حزقيل [مُؤمن فِرْعَوْن وَقيل
شرْوَان] . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْقَصَص: {وَجَاء رجل
من أقصا الْمَدِينَة يسْعَى} ، وَفِي الْمُؤمن: {وَقَالَ رجل
مُؤمن من آل فِرْعَوْن يكتم إيمَانه}
وَالثَّامِن: حبيب النجار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يس:
{وَجَاء من أقصا الْمَدِينَة رجل يسْعَى} .
وَالتَّاسِع: يمليخا وفرطس. وَقيل فطرس. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى [فِي الْكَهْف: {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا رجلَيْنِ
جعلنَا لأَحَدهمَا جنتين من أعناب} . وَقَالَ مقَاتل: يمليخيا
مُؤمن وفرطس كَافِر.
والعاشر: أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ أَو الْوَلِيد بن
الْمُغيرَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزخرف: {وَقَالُوا
لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} ،
أَي: لَوْلَا نزل على أحد هذَيْن.
وَالْحَادِي عشر: جميل بن معمر الفِهري. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى (64 / ب) فِي الْأَحْزَاب: {مَا جعل الله لرجل من
قلبين فِي جَوْفه} . وَالْآيَة عَامَّة وَإِن كَانَت نزلت فِي
حق شخص معِين.
وَالثَّانِي عشر: الوثن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
النَّحْل: (وَضرب الله
(1/330)
مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم} ، يَعْنِي
بِهِ الوثن.
وَالثَّالِث عشر: الشَّيْطَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الزمر: {ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون} ، قيل:
هُوَ الشَّيْطَان لِأَنَّهُ يزين لقوم الْمعاصِي فيتبعهم
غَيرهم فيختصم التَّابِع والمتبوع.
(142 - بَاب الرَّحْمَة)
الرَّحْمَة: النِّعْمَة على الْمُحْتَاج.
قَالَ ابْن فَارس: يُقَال رحم يرحم إِذا رق. وَالرحم والمرحمة
وَالرَّحْمَة بِمَعْنى وَاحِد.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الرَّحْمَة فِي الْقُرْآن على
سِتَّة عشر وَجها: -
أَحدهَا: الْجنَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة:
{أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله} ، وَفِي آل عمرَان: {وَأما
الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم فَفِي رَحْمَة الله} ، وَفِي
سُورَة النِّسَاء: (فسيدخلهم فِي رَحْمَة مِنْهُ
(1/331)
وَفضل} ، وَفِي بني إِسْرَائِيل: {يرجون
رَحمته (وَيَخَافُونَ عَذَابه} } ، وَفِي العنكبوت: {
(أُولَئِكَ} يئسوا من رَحْمَتي} ، وَفِي الجاثية: {فيدخلهم
رَبهم فِي رَحمته} .
وَالثَّانِي: الْإِسْلَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
الْبَقَرَة: { (وَالله} يخْتَص برحمته من يَشَاء} ، وَفِي هَل
أَتَى: {يدْخل من يَشَاء فِي رَحمته} .
وَالثَّالِث: الْإِيمَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود:
{إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني رَحْمَة من عِنْده}
{وفيهَا} (وآتاني مِنْهُ رَحْمَة} ، (65 / أ) .
وَالرَّابِع: النُّبُوَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الزخرف: {أهم يقسمون رَحْمَة رَبك} ، وَفِي ص: {أم عِنْدهم
خَزَائِن رَحْمَة رَبك (الْعَزِيز الْوَهَّاب} } .
وَالْخَامِس: الْقُرْآن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس:
{قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} ، (وَفِي بني
إِسْرَائِيل: {وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة
للْمُؤْمِنين} ) .
وَالسَّادِس: الْمَطَر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَعْرَاف: (وَهُوَ الَّذِي
(1/332)
يُرْسل الرِّيَاح بشرا بَين يَدي رَحمته} ،
وَفِي الرّوم: {فَانْظُر إِلَى آثَار رَحْمَة الله} {وفيهَا}
(وليذيقكم من رَحمته} .
وَالسَّابِع: الرزق. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بني
إِسْرَائِيل: {قل لَو أَنْتُم تَمْلِكُونَ خَزَائِن رَحْمَة
رَبِّي} ، وَفِي الْكَهْف: {آتنا من لَدُنْك رَحْمَة} {وفيهَا}
(ينشر لكم ربكُم من رَحمته} .
وَالثَّامِن: النِّعْمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة
النِّسَاء: {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته} ، وَفِي
الْكَهْف: {آتيناه رَحْمَة من عندنَا} .
وَالتَّاسِع: الْعَافِيَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الزمر:
{أَو أرادني برحمة هَل هن ممسكات رَحمته} .
والعاشر: النَّصْر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَحْزَاب:
{إِن أَرَادَ بكم سوءا أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة} .
وَالْحَادِي عشر: الْمِنَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْقَصَص: {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا وَلَكِن
رَحْمَة من رَبك} .
وَالثَّانِي عشر: الرقة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْحَدِيد: {وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين أتبعوه رأفة
وَرَحْمَة} .
وَالثَّالِث عشر: الْمَغْفِرَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: (كتب ربكُم
(1/333)
(65 / ب) على نَفسه الرَّحْمَة} .
وَالرَّابِع عشر: السعَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي سُورَة
الْبَقَرَة] {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} .
وَالْخَامِس عشر: الْمَوَدَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْفَتْح: {وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم}
.
وَالسَّادِس عشر: الْعِصْمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
يُوسُف: {إِن النَّفس لأمارة بالسوء إِلَّا مَا رحم رَبِّي} .
وَقد ألحق بَعضهم وَجها سَابِع عشر فَقَالَ: الرَّحْمَة:
الشَّمْس، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة عسق: {وَهُوَ
الَّذِي ينزل الْغَيْث من بعد مَا قَنطُوا وينشر رَحمته}
(1/334)
|