نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر (" كتاب الْغَيْن ")
وَهُوَ أَرْبَعَة أَبْوَاب:
(218 - بَاب غَد)
الْغَد: هُوَ الْيَوْم الَّذِي يَلِي يَوْمك، الَّذِي أَنْت
[فِيهِ] .
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَنه فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: مَا ذكرنَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي لُقْمَان:
{وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ
أَرض تَمُوت} .
وَالثَّانِي: يَوْم الْقِيَامَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْقَمَر: {سيعلمون غَدا من الْكذَّاب الأشر} .
(219 - بَاب الْغم)
الْغم: حزن يُغطي على الْقلب، وَحده بَعضهم فَقَالَ: الْغم:
حَال
(1/454)
مؤذية للنَّفس سريعة الزَّوَال. وَالْفرق
بَينه بَين الْخَوْف، (أَن الْخَوْف) مجاهدة الْأَمر الْمخوف
قبل وُقُوعه - وَالْغَم مَا يلْحق الْإِنْسَان من وُقُوعه
بِهِ، والهموم: غموم مترادفة متأكدة الزَّمَان عسرة
الِانْصِرَاف. وَيُقَال: غممت الشَّيْء، إِذا غطيته. والغمم:
أَن يُغطي الشّعْر الْقَفَا والجبهة، يُقَال: رجل أغم وجبهة
غماء. واشتقاق الْغَمَام من التغطية، وَعم الْهلَال إِذا لم
ير.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْغم فِي الْقُرْآن على
وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْغم نَفسه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {فأثابكم غما بغم} .
وَالثَّانِي: الْقَتْل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (94 / ب) .
فِي طه: {فنجيناك من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا} .
(220 - بَاب الْغَلَبَة)
الْغَلَبَة: الْقَهْر. وَيُقَال: اغلولب العشب فِي الأَرْض،
إِذا بلغ كل مبلغ.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْغَلَبَة فِي الْقُرْآن على
أَرْبَعَة أوجه: -
(1/455)
أَحدهَا: الْقَهْر. وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى فِي يُوسُف: {وَالله غَالب على أمره} ، وَفِي
الصافات: {وَإِن جندنا لَهُم الغالبون} .
وَالثَّانِي: الْقَتْل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل
عمرَان: {قل للَّذين كفرُوا ستغلبون} .
وَالثَّالِث: الظُّهُور. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْكَهْف: {قَالَ الَّذين غلبوا على أَمرهم} .
وَالرَّابِع: الْهَزِيمَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْفَال: {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ بغلبوا
مئتين} ، وَفِي الرّوم: {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} .
(221 - بَاب الْغَيْب)
الْغَيْب: مَا غَابَ عَنْك. يُقَال: غَابَتْ الشَّمْس مغيبا.
وَغَابَتْ الْمَرْأَة، فَهِيَ مغيبة، إِذا غَابَ بَعْلهَا.
وَفِي الحَدِيث: " لَا تدْخلُوا على المغيبات ". وَيُقَال:
وقعنا فِي غيبَة وغيابة، أَي: فِي هبطة من الأَرْض. والغابة:
الأجمة.
(1/456)
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْغَيْب فِي
الْقُرْآن على أحد عشر وَجها: -
أَحدهَا: الله عز وَجل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي
الْبَقَرَة] : {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ ويقيمون
الصَّلَاة} .
وَالثَّانِي: الْوَحْي. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي التكوير:
{وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} .
وَالثَّالِث: حوادث الْقدر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الآعراف: {وَلَو كنت أعلم الْغَيْب لاستكثرت من الْخَيْر} .
وَالرَّابِع: الظَّن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْكَهْف:
{رجما بِالْغَيْبِ} ، وَفِي سبأ: {ويقذفون بِالْغَيْبِ} .
وَالْخَامِس: الْمَطَر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
الْأَنْعَام: {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب} .
وَالسَّادِس: موت سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام (95 / أ) ،
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سبأ: {أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ
الْغَيْب} .
وَالسَّابِع: اللَّوْح الْمَحْفُوظ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي مَرْيَم: (أطلع
(1/457)
الْغَيْب} ، (وَفِي الطّور: {أم عِنْدهم
الْغَيْب} ) .
وَالثَّامِن: حَال الْغَيْبَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي
سُورَة النِّسَاء: { [فالصالحات] قانتات حافظات للغيب (بِمَا
حفظ الله} } ، أَي: لما غَابَتْ عَنهُ الْأزْوَاج من مَالهم
وَمن أَنْفسهنَّ. وَفِي يُوسُف: {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه
بِالْغَيْبِ} .
وَالتَّاسِع: وَقت نزُول الْعَذَاب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْجِنّ: {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا} .
والعاشر: القعر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُوسُف: {وألقوه
فِي غيابة الْجب} ، أَي: فِي قَعْره.
(1/458)
|