نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر

 (" كتاب الْمِيم ")

وَهُوَ أحد وَعِشْرُونَ بَابا: -
(أَبْوَاب الْوَجْهَيْنِ)

(266 - بَاب الْمِصْبَاح)

الْمِصْبَاح: اسْم لما يستضاء بِهِ فِي الْعَادة من ضوء النَّهَار.
قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ " مفعال " من الصَّباح، وَهُوَ الضياء. يُقَال للْوَجْه إِذا كَانَ مضيئا بالْحسنِ: صبيح.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمِصْبَاح فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْكَوْكَب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْملك] : {وَلَقَد زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بمصابيح} .
وَالثَّانِي: السراج. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (115 / ب) فِي النُّور:

(1/540)


{كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح} .
(267 - بَاب الْمَطَر)

الْمَطَر: اسْم للْمَاء الَّذِي ينزل من السَّمَاء. وتمطر الرجل، إِذا تعرض للمطر. والمستمطر: طَالب الْخَيْر.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَطَر فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْمَطَر الْمَعْرُوف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {كَانَ بكم أَذَى من مطر} .
وَالثَّانِي: الْحِجَارَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة قوم لوط: {وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا} .
(268 - بَاب الْمعِين)

قَالَ ابْن قُتَيْبَة: الْمعِين: المَاء الظَّاهِر، وَهُوَ مفعول من الْعين،
وَقَالَ ابْن فَارس: يُقَال: معن المَاء: جرى. وَهُوَ معِين وأمعن الْفرس: تبَاعد فِي عدوه.

(1/541)


وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمعِين فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْخمر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْوَاقِعَة: {وكأس من معِين} .
وَالثَّانِي: المَاء الظَّاهِر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْملك: {إِن أصبح ماؤكم غورا فَمن يأتيكم بِمَاء معِين} .
(269 - بَاب الْمَكَان)

قَالَ بعض الْعلمَاء: الْمَكَان عبارَة عَن مُنْتَهى الْجِسْم الَّذِي يُحِيط بِهِ من جوانبه ويتحرك (نَحوه ويسكن) إِلَيْهِ. وَقَالَ غَيره: الْمَكَان عبارَة عَن مَوضِع الِاسْتِقْرَار. والمكن: بيض الضَّب، وَهِي ضبة مكون. وَمكن الضباب: طَعَام الْأَعْرَاب، وَلَا تشتهيه نفوس الْأَعَاجِم. قَالَ الراجز:
(وَمكن الضباب طَعَام العريب ... وَلَا تشتهيه نفوس الْعَجم)

(1/542)


وأنشدوا:
(إِنَّك لَو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضَّب يعدو بالواد)

والكشى: شَحم الضَّب.
قَالَ أَبُو عبيد: المكنات: بيض الضباب، وَاحِدهَا مكنة. وَأما مكنات الطير، فَهُوَ على معنى الِاسْتِعَارَة، وَيُقَال: المكنات أَيْضا - بِكَسْر الْكَاف. (116 / أ) وَإِنَّمَا المكن للضباب، وَمِنْه: (أقرُّوا الطير على مكناتها) .
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَكَان فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الْموضع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي هود: {اعْمَلُوا على مكانتكم} ، أَي: على مواضعكم.
وَالثَّانِي: الصَّنِيع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُوسُف: {أَنْتُم شَرّ مَكَانا} .
(أَي: صنيعا) .

(1/543)


(270 - بَاب الْمُنكر)

الْمُنكر: اسْم مُشْتَقّ من النكرَة. وَهُوَ فِي الشَّرِيعَة عبارَة عَن ارْتِكَاب مَحْظُورَات الشَّرْع. وضده: الْمَعْرُوف. وَيُقَال: نكرت الشَّيْء وأنكرته. والتنكر: التنقل عَن حَال تسر إِلَى أُخْرَى.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمُنكر فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن: -
أَحدهمَا: الشّرك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر} ، وَفِي لُقْمَان: {وانه عَن الْمُنكر} .
وَالثَّانِي: التَّكْذِيب بِالنَّبِيِّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان {يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} ، وَفِي بَرَاءَة: {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} .
(" أَبْوَاب الثَّلَاثَة ")

(271 - بَاب الْمَرَض)

الْمَرَض: إحساس بالمنافي. وَالصِّحَّة: إحساس بالملائم. وَقَالَ

(1/544)


بَعضهم: الْمَرَض: فَسَاد يعرض للبدن فيخرجه عَن الِاعْتِدَال وَالصِّحَّة ويستعار فِي مَوَاضِع، فَيُقَال: أَرض مَرِيضَة، إِذا فَسدتْ.
قَالَت ليلى الأخيلية تمدح الْحجَّاج [فِي بَيت شعر] : ... [إِذا هَبَط الْحجَّاج] أَرضًا مَرِيضَة ... تتبع أقْصَى دائها فشفاها)

وأنشدوا مِنْهُ أَيْضا: -
(ألم تَرَ أَن الأَرْض أضحت مَرِيضَة ... لفقد الْحُسَيْن والبلاد اقشعرت)

وَيُقَال: قلب مَرِيض، إِذا خرج عَن الصِّحَّة فِي الدّين، مثل أَن يحصل الشَّك (116 / ب) أَو نَحْو ذَلِك. وَقَالَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس - يَعْنِي ثعلبا - يَقُول: يكون الْمَرَض بِمَعْنى: الظلمَة، وأنشدوا:
(وَلَيْلَة مَرضت من كل نَاحيَة ... فَمَا يضيء لَهَا شمس وَلَا قمر)

وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمَرَض فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه: -

(1/545)


أَحدهَا: مرض الْبدن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه} ، وَفِي بَرَاءَة: {لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى} ، وَفِي الْفَتْح: {وَلَا على الْمَرِيض حرج} .
وَالثَّانِي: الشَّك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا} ، وَفِي بَرَاءَة: {وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم رجسا إِلَى رجسهم} ، وَفِي سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {رَأَيْت الَّذين فِي قُلُوبهم مرض ينظرُونَ إِلَيْك} .
وَالثَّالِث: الْفُجُور. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَحْزَاب: {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} ، وفيهَا: {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} .
وَقد الْحق بَعضهم وَجها رَابِعا فَقَالَ: وَالْمَرَض: الْجراح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} وَمثله فِي الْمَائِدَة سَوَاء. وألحقه بَعضهم بالقسم الأول، وَقَالَ الْجراح: من جملَة الْأَمْرَاض.
(272 - بَاب الْمقَام)

الْمقَام: بِفَتْح الْمِيم: مَوضِع الْقيام. . وَبِضَمِّهَا: الْإِقَامَة. . وَقد

(1/546)


يَنُوب كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الآخر.
قَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي فِي كتاب " صِحَاح اللُّغَة ": الْمقَام وَالْمقَام: قد يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْنى: الْإِقَامَة وَيكون بِمَعْنى: مَوضِع الْقيام.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمقَام فِي الْقُرْآن على ثَلَاثَة أوجه: -
أَحدهَا: الْمَكَان. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّمْل: {قبل أَن تقوم من مقامك} ، وَفِي الصافات: {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} .
وَالثَّانِي: الْمنزلَة. وَمِنْه قَوْله (117 / أ) تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيم: {ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد} ، وَفِي سُورَة الرَّحْمَن: {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} ، أَي: منزلَة ربه وعظمته وَمَا يجب لَهُ.
وَذكر مقَاتل: أَن المُرَاد بِهَذَا الْوَجْه قيام العَبْد بَين يَدي ربه يَوْم الْقِيَامَة.
وَالثَّالِث: الْإِقَامَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس: {إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي} ، قَالَ مقَاتل: طول مكثي.

(1/547)


(" أَبْوَاب الْأَرْبَعَة ")

(273 - مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم)

مَا بَين أَيْديهم: هُوَ القدام. وَمَا خَلفهم: هُوَ الوراء وَالْخلف وَالْأَصْل معرفَة هَذَا بالذوات. وَقد يذكر فِي غير ذَلِك على سَبِيل الِاسْتِعَارَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَنه فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: كَونه على حَقِيقَته الْمَعْرُوفَة فِي الذوات. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سبأ: {أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض} ، وَفِي يس: {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا وَمن خَلفهم سدا} .
وَالثَّانِي: مَا بَين أَيْديهم: مَا قبل خَلفهم. وَمَا خَلفهم: مَا بعد خَلفهم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم} .
وَالثَّالِث: مَا بَين أَيْديهم: الْآخِرَة. وَمَا خَلفهم: الدُّنْيَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْأَعْرَاف] : (ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم وَمن

(1/548)


خَلفهم} ، فإتيانه إيَّاهُم من قبل الدُّنْيَا بتزيين الْمعاصِي. وَمن قبل الْآخِرَة يَقُول لَهُم: إِنَّكُم لَا تبعثون. وَمثله فِي مَرْيَم: {لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا وَمَا خلفنا} ، وَفِي حم السَّجْدَة: {وقيضنا لَهُم قرناء فزينوا لَهُم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم} .
وَالرَّابِع: الْقبل والبعد فِي الدُّنْيَا. وَمن قَوْله تَعَالَى فِي الْأَحْقَاف: {وَقد خلت النّذر من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه} ، وَفِي حم السَّجْدَة: {إِذْ جَاءَتْهُم الرُّسُل من بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم} {وفيهَا} (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه) {117 / ب} أَي: لم يكذبهُ قبله كتاب، وَلَا يَجِيء بعده كتاب يكذبهُ.
(274 - بَاب المَاء)

المَاء: جَوْهَر سيال بِهِ قوام الْحَيَوَان، وَمَعَهُ يتَحَصَّل ريه. وَحده بَعضهم فَقَالَ: المَاء: جَوْهَر لطيف متخلخل سيال يطْلب بطبعه الْقَرار، يروي العطشان. وأصل المَاء: موه. وتصغيره: مويه. وَجمعه: مياه وأمواه. وَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَيْهِ مائي وماوي.

(1/549)


وَذكر أهل التَّفْسِير أَنه فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: مَاء الْعُيُون والأنهار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمُؤمنِينَ: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر فأسكناه فِي الأَرْض} ، وَفِي الزمر: {أنزل من السَّمَاء مَاء فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} .
وَالثَّانِي: الْمَطَر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال: {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ} ، وَفِي الْحجر: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} ، {فأنزلنا من السَّمَاء مَاء فأسقيناكموه} ، وَفِي الْفرْقَان: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} ، وَفِي عَم يتسألون: {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجا} .
وَالثَّالِث: النُّطْفَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النُّور: {وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء} ، وَفِي الْفرْقَان: {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا} ، وَفِي تَنْزِيل السَّجْدَة: {من سلالة من مَاء مهين} .
وَالرَّابِع: الْقُرْآن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الرَّعْد: (وَأنزل من السَّمَاء

(1/550)


مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} ، أَرَادَ الْقُرْآن: وَهُوَ مثل ضربه الله تَعَالَى فَكَمَا أَن المَاء حَيَاة النُّفُوس. فالقرآن حَيَاة الْقُلُوب وَهَذَا الْوَجْه مَذْكُور عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان. وَيُقَال: إِنَّه انْفَرد بِهِ.
وَقد الْحق بَعضهم وَجها خَامِسًا فَقَالَ: وَالْمَاء: المَال الْكثير. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْجِنّ: (118 / أ) . {لأسقيناهم مَاء غدقا لنفتنهم فِيهِ} ، أَي: أعطيناهم مَالا كثيرا.
(275 - بَاب الْمثل)

قَالَ ابْن قُتَيْبَة: الْمثل: الشّبَه، يُقَال: هَذَا مثل هَذَا وَمثله، كَمَا يُقَال: شبه الشَّيْء وَشبهه. والمثل: الْعبْرَة. والمثل: الصّفة.
وَقَالَ بعض أهل الْمعَانِي: الْمثل المشابه وحد المثلين مَا قَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مقَام صَاحبه وسد مسده. وَأما الْمثل فَلَا يشبه الممثل بِهِ فِي ذَاته، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود مِنْهُ أَن يفهم السَّامع معنى الممثل بِالْمثلِ، كَمَا تَقول: الْملك على سَرِيره مثل الْقَمَر. وَقَالَ ثَعْلَب: الْأَمْثَال: حِكْمَة الْعَرَب كَانَ يوحي بَعضهم بهَا إِلَى بعض بِلَا تَصْرِيح، فيفهم الرجل عَن صَاحبه مَا حاول بِاخْتِصَار وايجاز، وَاعْلَم ان فَائِدَة الْمثل أَن تبين للمضروب لَهُ الْأَمر الَّذِي ضرب لأَجله فينجلي غامضه.

(1/551)


وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمثل فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه:
أَحدهَا: الشّبَه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيم: {ضرب الله مثلا كلمة طيبَة} ، وَفِي الْحَج: {ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ} وفيهَا: {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس} ، وَفِي الْجُمُعَة: {مثل الَّذين حملُوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفارا} .
حصانا. وَيُقَال: امْرَأَة حصان: بَيِّنَة الحصانة والحصن: وَفرس حصان: بَين التحصين. وَسمعت الْقطَّان يَقُول: سَمِعت ثعلبا يَقُول: كل امْرَأَة عفيفة فَهِيَ مُحصنَة ومحصنة. وكل امْرَأَة متزوجة فَهِيَ مُحصنَة لَا غير.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمُحْصنَات فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه.
أَحدهَا: العفائف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {محصنات غير مسافحات} ، وَفِي الْمَائِدَة: {محصنين غير مسافحين} وَفِي الْأَنْبِيَاء: {وَالَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا} وَفِي

(1/552)


النُّور: {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} ، فِي موضِعين مِنْهَا وَفِي التَّحْرِيم: {وَمَرْيَم ابنت عمرَان الَّتِي أحصنت فرجهَا} أَي: عفت.
وَالثَّانِي: الْحَرَائِر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النِّسَاء: {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات} ، وفيهَا: {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} ، وَفِي الْمَائِدَة: {وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} .
وَالثَّالِث: المسلمات. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {فَإِذا أحصن} أَي: فَإِذا (119 / أ) أسلمن. وَهَذَا على قِرَاءَة من فتح الْألف من أحصن.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدِّمَشْقِي: من قَرَأَ بِفَتْح الْألف فَمَعْنَاه: أسلمن. وَمن قَرَأَ برفعها فَمَعْنَاه: تَزَوَّجن.
وَالرَّابِع: ذَوَات الْأزْوَاج. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النِّسَاء: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} ، أَي: ذَوَات

(1/553)


الْأزْوَاج. قَالَه ابْن عَبَّاس، وَابْن الْمسيب، وَالْحسن، وَابْن زيد وَاخْتَارَهُ الْفراء، وَأَبُو عُبَيْدَة، وَابْن قُتَيْبَة، والزجاج. فَمَعْنَى الْآيَة عِنْد الْأَكْثَرين إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم من السبايا فِي الحروب، وعَلى هَذَا تَأَول الْآيَة عَليّ وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعبد الرَّحْمَن [بن عَوْف] .
وَقَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: أصبْنَا سَبَايَا يَوْم أَوْطَاس لَهُنَّ أَزوَاج وكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ فسألنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنزلت: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} فاستحللناهن.
وَفِي الْآيَة قَول آخر قد ذكرته فِي التَّفْسِير.

(1/554)


(277 - بَاب الْمَدّ)

الأَصْل فِي الْمَدّ: بسط الشَّيْء إِلَى نِهَايَة طوله. ويستعار فِي مَوَاضِع تدل عَلَيْهَا الْقَرِينَة.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمَدّ فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه
أَحدهَا: الامتهال والإطالة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {ويمدهم فِي طغيانهم يعمهون} ، وَفِي الْأَعْرَاف: {وإخوانهم يمدونهم فِي الغي} .
فَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: يطيلون لَهُم فِيهِ.
وَالثَّانِي: الدَّوَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي مَرْيَم: {ونمد لَهُ من الْعَذَاب مدا} ، وَفِي الْوَاقِعَة: {وظل مَمْدُود} .
وَالثَّالِث: الْبسط - وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الرَّعْد: {وَهُوَ الَّذِي مد الأَرْض} ، وَفِي الْفرْقَان: {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} .

(1/555)


وَالرَّابِع: التَّسْوِيَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الانشقاق: {وَإِذا الأَرْض مدت} ، أَي: سويت فَدخل مَا على ظهرهَا فِي بَطنهَا. (119 / ب) .
(278 - بَاب الْمس)

الْمس: فِي أصل التعارف: التقاء البشرتين.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَنه فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه: -
أَحدهَا: مَا ذكرنَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا مساس} .
وَمثله: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} .
وَالثَّانِي: الْجِمَاع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {وَلم يمسسني بشر} ، وَمثله فِي مَرْيَم سَوَاء، وَفِي الْأَحْزَاب: {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} .
وَالثَّالِث: الْإِصَابَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {إِن تمسسكم حَسَنَة تسؤهم} ، وَفِي الْأَعْرَاف: (قد مس آبَاءَنَا الضراء

(1/556)


والسراء} ، وَفِي الْحجر: {لَا يمسهم فِيهَا نصب} ، وَفِي فاطر، وق [ذكر الْمس] مثله، وَفِي ص: {مسني الشَّيْطَان} .
وَالرَّابِع: الْجُنُون. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} .

(1/557)


(" أَبْوَاب الْخَمْسَة ")

(279 - بَاب الْمَتَاع)

الْمَتَاع: اسْم لما يحصل بِهِ الْإِنْسَان مَقْصُودا أَو مرَادا، تَقول: استمتعت بالشَّيْء إِذا حصلت للنَّفس مِنْهُ مَقْصُودا.
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: وَالْمَتَاع: الْمدَّة. وَمِنْه [يُقَال] متع النَّهَار إِذا امْتَدَّ، وَالْمَتَاع: الْآلَات الَّتِي ينْتَفع بهَا، وَالْمَتَاع: الْمَنْفَعَة، وَمِنْه مُتْعَة الْمُطلقَة.
قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ: ومتعة الْحَج أَن يَأْتِي بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحَج قبل الْحَج ويفصل بَينهمَا بِزَمَان يسْتَمْتع فِيهِ باللباس وَالطّيب وَالنِّكَاح. ومتعة الْمَرْأَة مَا يَدْفَعهُ إِلَيْهَا إِذا طَلقهَا وَلم يكن فرض لَهَا مهْرا وَلَا دخل بهَا.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمَتَاع فِي الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه: -
أَحدهَا: الْبَلَاغ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: (وَلكم فِي

(1/558)


الأَرْض (120 / أ) مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين} ، وَفِي الْأَنْبِيَاء: {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم ومتاع إِلَى حِين} .
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: المُرَاد بالمتاع فِي الْآيَتَيْنِ الْمدَّة.
وَالثَّانِي: الْمَنْفَعَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْمَائِدَة:
{أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم وللسيارة} وَفِي النُّور: {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم} .
قَالَ ابْن قُتَيْبَة: مَعْنَاهُ: ينفعكم ويقيكم الْحر وَالْبرد وَهِي الْخَانَات.
وَمثله فِي الْوَاقِعَة: {ومتاعا للمقوين} ، وَفِي النازعات: {مَتَاعا لكم ولأنعامكم} .
وَالثَّالِث: مَا يتَّخذ للاستمتاع من حَدِيد ورصاص وصفر وَنَحْو ذَلِك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الرَّعْد: {أَو مَتَاع زبد مثله} .
وَالرَّابِع: مُتْعَة الْمُطلقَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ} {وفيهَا} (ومتعوهن على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره (مَتَاعا بِالْمَعْرُوفِ) } .

(1/559)


وَالْخَامِس: الرحل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي يُوسُف] : {وَلما فتحُوا مَتَاعهمْ} .
(280 - بَاب الْمَدِينَة)

الْمَدِينَة: على " فعيلة " الْجمع: مدن. قَالَ قطرب: هِيَ من دَان، أَي أطَاع.
وَقَالَ ابْن فَارس: قَالَ قوم: الْمَدِينَة من الدّين. وَالدّين: الطَّاعَة وَإِنَّمَا سميت مَدِينَة [لِأَنَّهَا تُقَام فِيهَا طَاعَة واليها، وَقَالَ آخَرُونَ سميت مَدِينَة] لِأَنَّهَا دين أَهلهَا. أَي: ملكوا. يُقَال: دَان فلَان بني فلَان، أَي: ملكهم. وَفُلَان فِي دين فلَان. أَي: فِي طَاعَته. قَالَ النَّابِغَة:
(بعثت على الْبَريَّة خير رَاع ... فَأَنت إمامها وَالنَّاس دين)

وويقال: دين فلَان أمره، أَي ملكه. وَيَقُول الْفُقَهَاء فِي الْحَالِف: يدين، [أَي] يملك أمره (120 / ب) فَيُقَال: أَنْت أعلم بِمَا أردْت فَانْظُر فِيمَا بَيْنك وَبَين رَبك، وَقَالَ الحطيئة: -
(لقد دينت أمهر بنيك حَتَّى ... تَركتهم أدق من الطحين)

(1/560)


وَيُقَال للْأمة: الْمَدِينَة، لِأَنَّهَا مَمْلُوكَة مذللة، قَالَ الأخطل:
(ربت وَربا فِي حجرها ابْن مَدِينَة ... يظل على مسحاته يتركل)

يُرِيد ابْن أمة.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَنَّهَا فِي الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه
أَحدهَا: مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {وَمن أهل الْمَدِينَة مَرَدُوا على النِّفَاق} ، وفيهَا: {مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ من الْأَعْرَاب أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله} .
الثَّانِي: مصر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْقَصَص: {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة من أَهلهَا} .
وَالثَّالِث: الْحجر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّمْل: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} .
وَالرَّابِع: انطاكية. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْكَهْف: {وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة} .
وَالْخَامِس: مَدِينَة أَصْحَاب الْكَهْف. قَالَ مقَاتل: وَاسْمهَا أفسوس. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة} .

(1/561)


(281 - بَاب (مَعَ))

(مَعَ) : حرف يُرَاد بِهِ الاقتران. تَقول: جَاءَ زيد مَعَ عَمْرو وَهُوَ حرف متحرك الْعين.
قَالَ الزّجاج: وَيجوز فِي الِاضْطِرَار اسكان الْعين.
قَالَ الشَّاعِر: -
(وريشي مِنْكُم وهواي مَعكُمْ ... وَإِن كَانَت زيارتكم لماما)

وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: " مَعَ " على ضَرْبَيْنِ: إِذا دَخلهَا " من " كَانَت اسْما، وَإِذا لم تدْخلهَا " من " كَانَت حرفا.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن " مَعَ " فِي الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه (121 / أ) : -
أَحدهَا: بِمَعْنى الصُّحْبَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْفَتْح: {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار} .
وَالثَّانِي: بِمَعْنى النَّصْر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: (إِذْ يَقُول

(1/562)


لصَاحبه لَا تحزن) إِن الله مَعنا} ، وَفِي الشُّعَرَاء: {إِن معي رَبِّي} .
وَالثَّالِث: بِمَعْنى الْعلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي المجادلة: {وَلَا أدنى من ذَلِك وَلَا أَكثر إِلَّا هُوَ مَعَهم (أَيْنَمَا كَانُوا} } .
وَالرَّابِع: بِمَعْنى " عِنْد ". وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وآمنوا بِمَا أنزلت مُصدقا لما مَعكُمْ} .
وَالْخَامِس: بِمَعْنى " على ". وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف: {وَاتبعُوا النُّور الَّذِي أنزل مَعَه} .
(" أَبْوَاب السَّبْعَة ")

(282 - بَاب " مَا ")

قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: " مَا " فِي الْكَلَام على ضَرْبَيْنِ: اسْم وحرف، فَإِذا كَانَت اسْما فَهِيَ على خَمْسَة أَقسَام: -
أَحدهَا: أَن تكون خَبرا فِي التَّعَجُّب لَا صلَة لَهَا، كَقَوْلِك: مَا أحسن زيدا وَمَا أعلم بكرا. وَقد وَقعت خَبرا لَا صلَة فِي قَوْله

(1/563)


[تَعَالَى] {فَنعما هِيَ} .
وَالثَّانِي: أَن تكون خَبرا بِمَعْنى الَّذِي مَوْصُولَة. كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا عنْدكُمْ ينْفد وَمَا عِنْد الله بَاقٍ} .
وَالثَّالِث: أَن تكون استفهاما. نَحْو: مَا عنْدك؟
وَالرَّابِع: أَن تكون للشّرط وَالْجَزَاء. كَقَوْلِك: مَا تفعل أفعل.
وَالْخَامِس: أَن تكون نكرَة مَوْصُوفَة. نَحْو قَوْله [تَعَالَى: {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة} ، وَيجوز أَن تكون " مَا " فِي هَذَا الْموضع. زَائِدَة.
وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي فِي قِرَاءَة من رفع بعوضة. وَكَذَلِكَ مَا فِي قَوْله [تَعَالَى] : {هَذَا مَا لدي عتيد} ، أَي: هَذَا شَيْء عتيد لدي.
وَإِذا كَانَت حرفا فَهِيَ على أَرْبَعَة أَقسَام: -
أَحدهَا: أَن تكون زَائِدَة.
وَالثَّانِي: أَن تكون نَافِيَة.
وَالثَّالِث: أَن تكون مَصْدَرِيَّة نَحْو قَوْله [تَعَالَى] : (بِمَا كَانُوا

(1/564)


يكذبُون) {121 / ب} ، أَي: بكذبهم: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} .
وَالرَّابِع: أَن تكون كَافَّة عَن الْعَمَل. نَحْو: {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا} . فقد كفت " أَن " و " رب عَن الْعَمَل.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: " مَا " و " من " أَصْلهَا وَاحِد فَجعلت " من " للنَّاس، و " مَا " لغير النَّاس. تَقول: من مر بك من الْقَوْم.
وَمَا مر بك من الْإِبِل؟
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن " مَا " فِي الْقُرْآن على سَبْعَة أوجه: -
أَحدهَا: أَن تكون صلَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} ، وَفِي آل عمرَان: {فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم} ، وَفِي سُورَة النِّسَاء: {فبمَا نقضهم ميثاقهم} .

(1/565)


وَالثَّانِي: بِمَعْنى النَّفْي. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَمَا ظلمونا} ، وَفِي الْأَنْعَام: {مَا كُنَّا مُشْرِكين} ، وَفِي الْأَعْرَاف: {وَمَا كُنَّا غائبين} ، وَفِي يُوسُف: {مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك} ، وَفِي الْمُؤمنِينَ: {مَا اتخذ الله من ولد وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه} ، وَفِي النَّمْل: {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا} ، وَفِي حم السَّجْدَة: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} ، وَفِي ق: {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} .
وَالثَّالِث: بِمَعْنى التَّعَجُّب وَتَقْدِيره أَي شَيْء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فَمَا أصبرهم على النَّار} ، وَفِي عبس: {قتل الْإِنْسَان مَا أكفره} .
وَالرَّابِع: بِمَعْنى " الَّذِي ". وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْبَقَرَة] : {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} ، وَفِي الْمُؤمنِينَ: {أم جَاءَهُم مَا لم يَأْتِ آبَاءَهُم الْأَوَّلين} ، وَفِي سبأ: {قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم} ، وَفِي حم السَّجْدَة: {مَا يُقَال لَك إِلَّا مَا قد قيل للرسل من قبلك} ، وَفِي الزخرف: {وَجعل لكم من الْفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ}

(1/566)


وَالْخَامِس: بِمَعْنى " كَمَا " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (122 / أ) تَعَالَى: [فِي يس] : {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} . والحقه قوم بقسم " الَّذِي ".
وَالسَّادِس: بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {مَا تَعْبدُونَ من بعدِي} .
وَالسَّابِع: بِمَعْنى " من ". وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الشَّمْس: {وَالسَّمَاء وَمَا بناها وَالْأَرْض وَمَا طحاها وَنَفس وَمَا سواهَا} ، وَفِي اللَّيْل: {وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} . وَقد جعله قوم بقسم (الَّذِي) أَيْضا، فَذكر ابْن قُتَيْبَة: عَن أبي عَمْرو أَنه قَالَ: هِيَ بِمَعْنى " الَّذِي "، قَالَ: وَأهل مَكَّة يَقُولُونَ إِذا سمعُوا الرَّعْد: سُبْحَانَ مَا سبحت لَهُ.
(283 - بَاب الْمَسْجِد)

الْمَسْجِد: اسْم لموْضِع السُّجُود. وَجمعه: مَسَاجِد، وَهُوَ فِي التعارف اسْم للأبنية المتخذة فِي الْإِسْلَام للصَّلَاة وَمثله الْكَنَائِس للْيَهُود وَالْبيع لِلنَّصَارَى.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَسْجِد فِي الْقُرْآن على سَبْعَة أوجه:

(1/567)


أَحدهَا: الْبَيْت الْمُقَدّس. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله أَن يذكر فِيهَا اسْمه} .
وَالثَّانِي: الْمَسْجِد الْحَرَام. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله} ، وفيهَا: {وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} .
وَالثَّالِث: مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى} ، وَقيل هُوَ مَسْجِد قبَاء.
وَالرَّابِع: مَسْجِد الضرار. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي بَرَاءَة: {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا} .
وَالْخَامِس: مَكَّة وَالْحرم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهله مِنْهُ أكبر عِنْد الله} ، وَفِي الْفَتْح: {وصدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} .
وَالسَّادِس: [جَمِيع] الْمَسَاجِد. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْحَج: {لهدمت صوامع وَبيع وصلوات ومساجد} .
وَالسَّابِع: أَعْضَاء الْإِنْسَان الَّتِي يسْجد عَلَيْهَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى

(1/568)


فِي سُورَة الْجِنّ: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} وَقد ألحق هَذَا قوم بالقسم الَّذِي قبله.
(284 - بَاب الْمَوْت)

الْمَوْت: حَادث تَزُول مَعَه الْحَيَاة. والموتة: الْوَاحِدَة من الْمَوْت. والموتان: الْمَوْت أَيْضا، يُقَال: وَقع فِي الْإِبِل موتان شَدِيد. والموتة: شبه الْجُنُون يعتري الْإِنْسَان. ومؤته - بِالْهَمْز. أَرض بهَا قتل جعفربن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام. والموتان: الأَرْض لم تحي بعد بزرع وَلَا إصْلَاح وَكَذَلِكَ الْموَات.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَوْت فِي الْقُرْآن على سَبْعَة أوجه: -
أَحدهَا: الْمَوْت نَفسه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {كل نفس ذائقة الْمَوْت} ، وَفِي الزمر: {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ، وَفِي الْجُمُعَة: {قل إِن الْمَوْت الَّذِي تفرون مِنْهُ فَإِنَّهُ ملاقيكم} .

(1/569)


وَالثَّانِي: النُّطْفَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم} ، وَفِي الْمُؤمن: {رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ (وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} )
، فالموتة الأولى كَونهم نطفا.
وَالثَّالِث: الضلال. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} ، وَفِي النَّمْل: {فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} ، وَفِي الْمَلَائِكَة: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات} .
وَالرَّابِع: الجدب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَعْرَاف: {فسقناه لبلد ميت فأنزلنا بِهِ المَاء} ، وَفِي فاطر: {فسقناه إِلَى بلد ميت فأحيينا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا} ، وَفِي يس: {وَآيَة لَهُم الأَرْض الْميتَة أحييناها} ، وَفِي الزخرف: {فأنشرنا بِهِ بَلْدَة مَيتا} ، كل بلد [ميت] فِي الْقُرْآن فَالْمُرَاد بِهِ الأَرْض المجدبة.
وَالْخَامِسَة: الْحَرْب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ} .
وَالسَّادِس: الجماد - وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّحْل: {أموات غير أَحيَاء} ، يَعْنِي الْأَوْثَان.
وَالسَّابِع: الْكفْر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} ، فالميت هَا هُنَا

(1/570)


الْكَافِر. [وَبَعْضهمْ يلْحقهُ بقسم النُّطْفَة] ، وَقد ألحق بَعضهم وَجها ثامنا فَقَالُوا: وَالْمَوْت: الطَّاعُون. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (فِي الْبَقَرَة) : {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت} ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ حذر الْمَوْت بالطاعون، لِأَنَّهُ كَانَ قد نزل بهم، وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس.
(" أَبْوَاب الثَّمَانِية ")

(285 - بَاب الْمَرْأَة)

الْمَرْأَة: اسْم للْأُنْثَى الْبَالِغَة من أَوْلَاد آدم وَالرجل: الْمَرْء.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَرْأَة فِي الْقُرْآن على ثَمَانِيَة أوجه: -
أَحدهَا: آسِيَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي التَّحْرِيم: {وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن} .
وَالثَّانِي: زليخا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُوسُف: {امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه} .

(1/571)


وَالثَّالِث: بلقيس. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي النَّمْل: {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم} .
وَالرَّابِع: سارة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى، فِي هود: {وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت} .
وَالْخَامِس: حنة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي [آل عمرَان] : {إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان} .
وَالسَّادِس: خَوْلَة. وَمِنْه قَوْله فِي سُورَة النِّسَاء: {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} ، نزلت الْآيَة فِي خَوْلَة وَحكمهَا عَام.
وَالسَّابِع: أم شريك. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَحْزَاب: {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} .

(1/572)


وَالثَّامِن: إبنتا شُعَيْب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْقَصَص] : {وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان} .
قَالَ مقَاتل: وَاسم الْكُبْرَى، مِنْهُمَا صبورا. وَالصُّغْرَى [عبرا] وكانتا توأما.
وَالْحق بَعضهم ثَلَاثَة أوجه: -
فَقَالَ: وَالْمَرْأَة تذكر وَالْمرَاد بهَا: والهة ووالعة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي التَّحْرِيم: {ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا امْرَأَة نوح} وَاسْمهَا والهة {وَامْرَأَة لوط} وَاسْمهَا والعة.
وَالثَّانِي: [أم جميل] أُخْت أبي سُفْيَان بن حَرْب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} .
وَالثَّالِث: امْرَأَة مَجْهُولَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي الْبَقَرَة] : {فَرجل وَامْرَأَتَانِ} .

(1/573)


(286 - بَاب الْمَعْرُوف)

الْمَعْرُوف: اسْم مُشْتَقّ من الْمعرفَة و [هُوَ] فِي الشَّرِيعَة عبارَة عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَمر الشَّرْع من وجوب أَو ندب. وضده: الْمُنكر. وَالْعرْف: الرَّائِحَة الطّيبَة الْمعرفَة لعنصر مَا صدرت عَنهُ.
وَذكر أهل التَّفْسِير أَن الْمَعْرُوف فِي الْقُرْآن على ثَمَانِيَة أوجه:
أَحدهَا: التَّوْحِيد. وَمِنْه قَوْله [تَعَالَى] فِي بَرَاءَة: {يأمرون بِالْمَعْرُوفِ} وفيهَا: {الآمرون بِالْمَعْرُوفِ} . وَفِي لُقْمَان: {وَأمر بِالْمَعْرُوفِ} .
وَالثَّانِي: اتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي آل عمرَان: {يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ} .
وَالثَّالِث: الْقَرْض. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: (وَمن كَانَ

(1/574)


فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ) {وفيهَا} (لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف} .
وَالرَّابِع: تَزْيِين الْمَرْأَة نَفسهَا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فَلَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
وَالْخَامِس: التَّعْرِيض بِالْخطْبَةِ فِي الْعدة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} .
وَالسَّادِس القَوْل الْجَمِيل. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {قَول مَعْرُوف ومغفرة خير من صَدَقَة يتبعهَا أَذَى} .
وَالسَّابِع: مَا يَتَيَسَّر للْإنْسَان فِي الْعَادة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة {مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} .
وَالثَّامِن: الْعدة الْحَسَنَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: {وارزقوهم فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} وكشف هَذَا أَنه إِذا حضر الْقِسْمَة من الْقَرَابَة من لَا يَرث قَالَ لَهُم أَوْلِيَاء الْوَرَثَة إِن هَؤُلَاءِ الْوَرَثَة صغَار فَإِذا بلغُوا أمرناهم أَن يعرفوا حقكم ويتبعوا وَصِيَّة رَبهم فِيكُم. هَذَا معنى قَول سعيد بن جُبَير وَأبي زيد.

(1/575)


(287 - بَاب " من ")

" من " حرف من حُرُوف الْخَفْض يرد للتَّبْعِيض. تَقول: هَذَا الذِّرَاع من هَذَا الثَّوْب.
وَيرد لابتداء الْغَايَة. تَقول: سرت من الْكُوفَة إِلَى الْبَصْرَة.
وَيرد لبَيَان الْجِنْس؛ ويستعار فِي مَوَاضِع تدل عَلَيْهَا الْقَرِينَة.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن " من " فِي الْقُرْآن على ثَمَانِيَة أوجه:
أَحدهَا: أَن تكون صلَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} ، وَفِي يُوسُف: {رَبِّي قد آتيتني من الْملك} وَفِي الْمُؤمنِينَ: {وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه} ، وَفِي النُّور: {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} ، و: {قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} وَفِي نوح: {يغْفر لكم ذنوبكم} .
وَالثَّانِي: بِمَعْنى " الْبَاء " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي يُونُس: (مَاذَا يستعجل

(1/576)


مِنْهُ المجرمون} ، وَفِي الرَّعْد: {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} ، وَفِي النَّحْل: {يلقِي الرّوح من أمره} . وَفِي الْقدر: {بِإِذن رَبهم من كل أَمر} .
وَالثَّالِث: بِمَعْنى " فِي " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} ، وَفِي سُورَة الْمَلَائِكَة: {أروني مَاذَا خلقُوا من الأَرْض} .
وَالرَّابِع: بِمَعْنى " على " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاء: {ونصرناه من الْقَوْم الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا} .
وَالْخَامِس: بِمَعْنى التَّبْعِيض. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} {وفيهَا} (وَيكفر عَنْكُم من سَيِّئَاتكُمْ} ، قيل: نكفر مَا بَيْنكُم وَبَين الله تَعَالَى دون الْمَظَالِم. وَفِي يس: {وَإِذا قيل لَهُم انفقوا مِمَّا رزقكم الله} .
وَالسَّادِس: بِمَعْنى " عَن " وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [فِي سُورَة يُوسُف] : {إذهبوا فتحسسوا من يُوسُف وأخيه} ، وَفِي ق: {ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} .
وَالسَّابِع: لبَيَان الْجِنْس. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {من بقلها وقثائها} وَفِي بني إِسْرَائِيل: (وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء

(1/577)


وَرَحْمَة} وَفِي عسق: {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} .
وَالثَّامِن: بِمَعْنى الظّرْف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجا} وَبَعْضهمْ يَجْعَل [هَذَا] من قسم الْبَاء.

(1/578)