إسبال المطر على قصب السكر [مسألة تعريف
التابعي:]
أشار قولنا أو انتهى فإنه يتعلق به قولنا:
(96) لتابعي وهو من يلاقي ... أي
صحابي مع الوفاق
اللام بمعنى إلى كما في قوله تعالى (سقناه لبلد ميت) أو انتهى
غاية الإسناد إلى التابعي وعرفناه بقولنا وهو من لقي أي صحابي
مع الوفاق أي مع موافقته له في أنه لقيه مؤمنا بالنبي صلى الله
عليه وسلم إلى آخر ما سلف قال الحافظ إن هذا التعريف للتابعي
هو المختار خلافا لمن اشترط في التابعي طول الملازمة أو صحة
السماع أو التمييز قال وبقي بين الصحابة والتابعين طبقة اختلف
في إلحاقهم بأي القسمين وهم المخضرمون الذين أدركوا الجاهلية
والإسلام ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم فعدهم ابن
(1/323)
عبدالبر في الصحابة وادعى عياض وغيره أن
ابن عبدالبر عدهم في الصحابة وفيه نظر لأنه أي ابن عبدالبر
أفصح في خطبة كتابة بأنه إنما أوردهم ليكون كتابه جامعا
مستوعبا لأهل القرن الأول والصحيح أنهم معدودون في كبار
التابعين سواء عرف أن الواحد منهم كان مسلما في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم كالنجاشي أم لا لكن إن ثبت أن النبي ليلة
الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فرآهم فينبغي أن يعد من
كان مؤمنا به في حياته صلى الله عليه وسلم وإن لم يلاقه في
الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلى الله عليه وسلم انتهى قوله
المخضرمون واحدهم مخضرم بفتح الراء وهذا مصطلح أهل الحديث فيه
لأنه متردد بين طبقتين لا يدري من أيهما وهو من قولهم مخضرم لا
يدري أذكر هو أو أنثى كما في المحكم والصحاح وطعام مخضرم لا
حلو ولا مر حكاه ابن الأعرابي وقوله وإن لم يلقه لحصول الرؤية
جانبه صلى الله عليه وسلم فدل على أنه يرى الحافظ رؤيته تكفي
في كون المرئي صحابيا فيرد قوله سابقا أن الأولى لقيه لئلا
يخرج ابن أم مكتوم لأنه يقال قد رآه صلى الله عليه وسلم وإن لم
يره هو واعلم أنه قال النووي إن الحاكم قال إن التابعين خمس
عشرة
(1/324)
طبقة الأولى من أدرك العشرة ثم عد جماعة
منهم وإذا عرفت هذه الثلاثة الأقسام فقد سموا كل قسم باسم يخصه
وقد أشرنا إليه في عنوان المسائل إلا المقطوع فلم نقدم له
مسألة فهذه:
[مسألة المقطوع:]
أتى به قولنا:
(98) فالأول المرفوع والموقوف ...
يدعى به الثاني والمعروف
(99) تسمية الثالث بالمقطوع ...
وفي سواه ليس بالممنوع
الأول ما ينتهي غاية الإسناد إليه يقال له المرفوع سواء كان
ذلك الانتهاء بإسناد متصل أو لا والثاني وهو الذي ينتهي
الإسناد فيه إلى الصحابي يقال له الموقوف والثالث وهو الذي
ينتهي غاية إسناده إلى التابعي يقال له المقطوع قال الحافظ ومن
دون التابعي من أتباع التابعين فمن بعدهم فيه أي في التسمية
مثله أي مثل ما ينتهي إلى التابعي في تسمية جميع ذلك مقطوعا
انتهى وهذا مرادنا بقولنا وفي سواه ليس بالممنوع أي فيما سوى
التابعي وهو تابع التابعي ليس الاسم بالمقطوع ممنوعا عنه بل
يسمى مقطوعا قال وإن شئت قلت موقوف على فلان فحصلت التفرقة في
الاصطلاح بين المقطوع والمنقطع فالمنقطع من مباحث الإسناد
والمقطوع من مباحث المتن كما ترى
(1/325)
وقد أطلق بعضهم هذا في موضع هذا والعكس
تجوزا عن الاصطلاح انتهى.
[مسألة الأثر والمسند:]
ولما كانوا يطلقون على الموقوف والمقطوع اسم الأثر أشار إليه
قولنا:
(100) وقد يسمون الأخيرين الأثر
... والمسند المذكور في نوع الخبر
قولنا والمسند مبتدأ شروع فيما يسمونه مسندا حيث يقولون هذا
حديث مسند وخبره قولنا
(101) ما كان مرفوع الصحابي الذي
... فيه اتصال ظاهر غير خفي
قال الحافظ والمسند مرفوع صحابي مسند ظاهر الاتصال فقولي مرفوع
كالجنس وقولي صحابي كالفصل يخرج ما رفعه التابعي يريد بأن يترك
التابعي الصحابي من الوسط فإنه مرسل أو من دونه يريد دون
التابعي بأن يترك الصحابي والتابعي أيضا من الوسط فإنه معضل أو
معلق وقولي ظاهره الاتصال يخرج ما ظاهره الانقطاع ويدخل ما فيه
الاحتمال وما توجد فيه حقيقة الاتصال من باب الأولى ويفهم من
التقييد بالظهور أن الانقطاع الخفي كعنعنة المدلس والمعاصر
الذي لم يثبت لقيه لا يخرج الحديث عن كونه مسندا لإطباق الأئمة
الذين خرجوا المسانيد على ذلك وهذا التعريف موافق لقول الحاكم
المسند ما رواه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه وكذا شيخه عن
شيخه متصلا إلى صحابي إلى
(1/326)
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الخطيب
فقال المسند المتصل فعلى هذا الموقوف إذا جاء بسند متصل يسمى
عنده مسندا لكن قال إن ذلك قد يأتي بقلة وأبعد ابن عبدالبر حيث
قال المسند المرفوع ولم يتعرض للإسناد فإنه يصدق على المرسل
والمعضل والمنقطع إذا كان المتن مرفوعاً ولا قائل به انتهى قلت
ابن عبدالبر قد قسم المسند إلى متصل ومنقطع حيث قال فأما
المسند فهو ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة فالمتصل
من المسند مثل مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه
وسلم ثم قال والمنقطع من المسند مثل مالك عن يحيى بن سعيد عن
عائشة وعد أمثلة من القسمين.
[مسألة العلو المطلق والعلو النسبي:]
ثم لما كان ينقسم باعتبار قلة عدد الرواة وكثرتهم أشرنا إليه
بقولنا
(102) نعم وإن قل الرواة عددا ...
ثم انتهى إلى الرسول أحمدا
(103) فهو العلو مطلقا أو انتهى
... إلى فتى كشعبة في النبلا
(104) فإنه النسبي وفيه ما ترى ...
من كل قسم بينته الكبرا
قال الحافظ وإن قل عدده فإما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه
وسلم بذلك العدد القليل بالنسبة إلى سند آخر يرد به ذلك الحديث
بعينه بعدد كثير أو ينتهي إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة علية
كالحفظ والضبط والفقه والتصنيف
(1/327)
وغير ذلك من الصفات المقتضية للترجيح كشعبة
ومالك والثوري والشافعي والبخاري ومسلم ونحوهم فالأول وهو ما
ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم العلو المطلق فإن اتفق أن
يكون سنده صحيحا كان الغاية القصوى وإلا فصورة العلو فيه
موجودة ما لم يكن موضوعا فهو كالعدم والثاني العلو النسبي وهو
ما يقل العدد فيه إلى ذلك الإمام ولو كان العدد من ذلك الإمام
إلى منتهاه كثيرا انتهى فعرفت أنه انقسم العلو إلى قسمين علو
مطلق وعلو نسبي واشتمل عليهما النظم ثم انقسم العلو النسبي
عندهم أربعة أقسام الأولان.
[مسألة الموافقة والإبدال:]
تضمنها وفيه ما ترى من كل قسم بينته الكبرا فأول الأقسام
قولنا:
(105) أولها يدعونه الموافقة ...
وبعدها الإبدال فيما حققه
(106) إن وصل الراوي إلى شيخ أحد
... مصنفي الأخبار لكن انفرد
(107) بطرقه عن طرق المصنف ...
فهذه الأولى بلا توقف
(108) ثانيهما الإبدال وهي مثله
... لكن شيخ الشيخ كان وصله
فهذان قسمان بتعريفهما واسمهما قال الحافظ وفيه أي العلو
النسبي الموافقة وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه
(1/328)
أي الطريق التي تصل إلى ذلك المصنف المعين
مثاله روى البخاري في صحيحه عن قتيبة عن مالك حديثا فلو رويناه
من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية ولو روينا ذلك الحديث
بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلا لكان بيننا
وبين قتيبة فيه سبعة فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه
بعينه مع علو الإسناد على الإسناد إليه انتهى فهذا هو القسم
الأول وهذا هو ما أفاده قولنا أولها إلى بلا توقف والثاني من
القسمين هو ما تضمنه ثانيهما 000الخ قال الحافظ وفيه أي العلو
النسبي البدل وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك كأن يقع لنا ذلك
الإسناد على الإسناد بعينه من طريق أخرى عن القعنبي عن مالك
فيكون القعنبي بدلاً فيه من قتيبة وأكثر ما يعتبرون الموافقة
والبدل إذا قارنا العلو وإلا فاسم الموافقة والبدل واقع بدونه
فهذان قسمان من الأربعة والقسمان الآخران هما:
[مسألة المساواة والمصافحة:]
أفادهما قولنا:
(109) أو استوى في عدد الرواة ...
مع واحد مصنف وياتي
(110) فإنهما هي المساواة وما ...
يتبعها مصافحات العلما
(111) وهي المساواة مع تلميذ من
... صنف بالشرط فخذها واسمعن
(1/329)
قال الحافظ وفيه أي العلو النسبي المساواة
وهي استواء عدد الإسناد من راو إلى آخره أي الإسناد مع إسناد
أحد المصنفين كأن يروي النسائي مثلا حديثا يقع بينه وبين النبي
صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفسا فيقع لنا ذلك الحديث بعينه
بإسناد آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقع بيننا وبين النبي
فيه أحد عشر نفسا فنساوي النسائي من حديث العدد مع قطع النظر
عن ملاحظة ذلك الإسناد الخالص وهو إسنادنا للحديث المتساوي من
طريق النسائي فإن طريقه نازلة فلو نظرنا فيها كان الحديث من
طريق نازلا ومن طريقنا عاليا وخرج عن المساواة انتهى قال تلميذ
الحافظ تقدم أن العلو النسبي أن ينتهي الإسناد إلى إمام ذي صفة
علية وهذه المساواة ليست كذلك بالتفسير والتمثيل فحقها أن تكون
من العلو المطلق انتهى وهو كما قال فهذا ثالث أقسام العلو
النسبي ورابعها هو ما أفاده قولنا آنفا يتبعها إلى قولنا فخذها
وقال الحافظ فيها وفيه أي العلو النسبي المصافحة وهي الاستواء
مع تلميذ ذلك المصنف على الوجه المشروح أولا وسميت مصافحة لأن
العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا ونحن في هذه
الصورة كأنا لقينا النسائي فكأنا صافحناه فهذا آخر أقسام العلو
الأربعة ويقابله النزول في أقسامه.
[مسألة النزول:]
أفادها قولنا:
(112) مقابل العلو في أقسامه ...
هو النزول خذه من احكامه
(1/330)
قال الحافظ ويقابل العلو بأقسامه المذكور
النزول فيكون كل قسم من أقسام العلو يقابله قسم من أقسام
النزول.
[مسألة الأقران والمدبج:]
ولما جعل أئمة الحديث من أنواع علومه الأقران والمدبج وجعلوهما
نوعين منه أشرنا إليهما بقولنا:
(113) إن شارك الراوي من عنه روى
... في السن أو كان اشتراكا في اللقا
(114) فسمه الأقران ثم كل إن أتى
... يوري ذا عن ذا وهذا عنه ذا
(115) فإنه مدبج هذا ومن ... يروي
عمن دونه فلتعلمن
هذان نوعان من أنواع علوم الحديث الأول القران قال الحافظ فإن
شارك الراوي ومن روى عنه في أمر من الأمور المتعلقة بالرواية
مثل السن واللقاء وهو الأخذ عن المشائخ فهو النوع الذي يقال له
رواية الأقران لأنه حينئذ يكون راويا عن قرينه انتهى قال
السيوطي من فوائد معرفة هذا النوع أن لا يظن الزيادة في
الإسناد أو إبدال عن بالواو وقال: قال العراقي وأول من سماه
بذلك الدارقطني فيما أعلم قال إلا أنه لم يقيده بكونهما قرينين
بل كل اثنين روى كل منهما عن الآخر يسمى بذلك وإن كان أحدهما
أكبر وذكر منه رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر وعمر
وسعد بن عبادة وروايتهم عنه ورواية عمر بن كعب عنه انتهى
(1/331)
والثاني ما ألم به قولنا ثم كل إن أتى إلى
قولنا مدبج وهو بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء
الموحدة وآخره جيم قال الحافظ وإن روى كل منهما أي القرينين عن
الآخر فهو المدبج وهو أخص من الأول فكل مدبج أقران وليس كل
أقران مدبجا وقد صنف الدارقطني في ذلك وصنف أبو الشيخ
الأصبهاني في الذي قبله وإذا روى الشيخ عن تلميذه صدق أن كلا
منهما يروي عن الآخر فهل يسمى مدبجا فيه بحث والظاهر لا لأنه
من رواية الأكابر عن الأصاغر والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه
فيقتضي أن يكون ذلك مستويا من الجانبين فلا يجيء منه هذا انتهى
فقولنا ثم كل أي من القرينين إن أتى يروي ذا وهو أحدهما عن ذا
وهو الآخر وذا وهو الآخر يروي عنه ذا وهو أحدهما وقال النووي
فإن روى كل واحد منهما عن صاحبه كعائشة وأبي هريرة يريد في
الصحابة قال شارحه والزهري وأبي الزبير في الأتباع ومالك
والأوزاعي يريد في أتباع التابعين فهو المدبج ومن أنواع علوم
الحديث رواية الأكابر عن الأصاغر.
[مسألة عن الأصاغر:]
قد ألم بها قولنا هذا: (ومن يروى عمن دونه فلتعلمن) يتعلق به
قولنا:
(1/332)
(116) بأنه
رواية الأكابر ... كالأب عن ابن عن الأصاغر
قوله عن الأصاغر يتعلق بقوله رواية الأكابر وقوله كالأب عن ابن
اعتراض يفيد تمثيله قال الحافظ وإن روى الراوي عمن هو دونه في
السن أو في اللقاء أو في المقدار فهذا النوع هو رواية الأكابر
عن الأصاغر ومنه أي من هذا النوع وهو أخص من مطلقه رواية
الآباء عن الأبناء والصحابة عن التابعين والشيخ عن تلميذه ونحو
ذلك انتهى قلت ولما أدمج رواية الآباء عن الأبناء في هذا النوع
مع أنه أفرده غيره أدخلناه فيه بالمثال حيث قلنا كالأب عن ابن
قال السيوطي والأصل فيه رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن
تميم الداري حديث الجساسة وهي عند مسلم قال النووي في التقريب
وشارحه ومن فائدته أي فائدة معرفة هذا النوع أن لا يتوهم أن
المروي عنه أفضل وأكبر من الراوي لكونه الأغلب تنزيلا لأهل
العلم منازلهم للأمر بذلك في حديث عائشة أخرجه أبو داود وغيره
ومثله ذكر الحافظ ومنها أن لا يظن في السند انقلابا قالا ثم هو
أقسام أحدها
(1/333)
أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة كالزهري عن مالك وكالأزهري
عن تلميذه الخطيب البغدادي وهو إذ ذاك شاب والثاني أن يكون
الراوي أكبر قدرا لا سنا كحافظ عالم روى عن شيخ مسن لا علم
عنده كمالك في روايته عن عبدالله بن دينار الثالث أن يكون
الراوي أكبر من المروي عنه من الوجهين معا كعبدالغني بن سعيد
الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري تلميذه وكالبرقاني في
روايته عن الخطيب ومنه رواية الصحابة كالعبادلة وغيرهم عن كعب
الأحبار ومنه رواية التابعي عن تابعيه كالزهري والأنصاري عن
مالك وكعمرو بن شعيب ليس تابعيا وروى عنه منهم من التابعين
أكثر من عشرين نفسا وقيل أكثر من سبعين انتهى. |