إسبال المطر على قصب السكر

 [مسألة المكاتبة:]
هي ما اشتمل عليه قولنا:

(141) وإنما يقال فيها كتبا ... فاحفظ هديت ما تراه رتبا
قال الحافظ ثم كتب إلي أي بالإجازة وهي السابعة قلت قال النووي القسم الخامس من أقسام التحمل الكتابة وهو أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب قال وهي ضربان مجردة عن الإجازة ومقرونة بأجزتك ما كتبت لك أو إليك ونحوه من عبارات الإجازة قال وهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة أي بالإجازة وأما المجردة أي عن الإجازة فمنعها قوم ثم قال وأجازها كثير من المتقدمين والمتأخرين وغير واحد من الشافعيين وأصحاب الأصول وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ويوجد في مصنفاتهم كتب إلي فلان قال حدثني فلان والمراد به هذا وهو معمول به عندهم معدود في الموصول لإشعاره معنى الإجازة وزاد السمعاني فقال هي أقوى من الإجازة قال السيوطي في شرحه قلت وهو المختار بل وأقوى من أكثر صور المناولة وفي صحيح البخاري في الأيمان والنذور وكتب إلي محمد بن بشار وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غيره قال النووي

(1/351)


ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها كتب إلي فلان قال حدثنا فلان أو أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة أو نحوه ولا يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا انتهى وهذا كما تراه مخالف لما قاله الحافظ إنه الأصح وأشرنا إليه بقولنا هذا أصح القول في العلوم ثم إنه جعل الكتابة الرتبة السابعة وجعلها النووي خامسة وجعل السادسة إعلام الشيخ الطالب وجعل السابعة الوصية وجعل الثامنة الوجادة وأما الحافظ فإنه لم يصرح بالثامنة ثم عد الوجادة والوصية والإعلام مما يشترط فيه الإذن ولم يذكر لها رتبا والأمر هين هذه اصطلاحات تتميز بها المرويات وقد بسطنا القول في هذه الصيغ في شرحنا على تنقيح الأنظار.

[مسألة في الوجادة والوصية والإعلام:]
ولما كان الإذن شرطا في الوجادة والوصية والإعلام قلنا:

(142) هذا وشرط الإذن أيضا لازم ... فيما أتى مما يراه العالم
(143) وجادة وصية إعلامه ... ما لم فلا كمن أجاز العامه
فقولنا هذا إشارة إلى ما سلف من قوله أرفع أنواع أي هذا وهو أن

(1/352)


أرفع أنواع الإجازة المناولة مع الإذن من الشيخ ولك أن تجعله استئنافا نحويا أي خذ هذا وقولنا وشرط الإذن مبتدأ ولازم خبره وقولنا فيما أتى يتعلق بـ - لازم وقولنا مما يراه العالم من بيانية لما وقولنا وجادة مفعول يراه ووصية وإعلامه معطوفان عليه والمراد أنه لابد من الإذن في الرواية بالوجادة أو الوصية أو بالإعلام ويأتي تحقيقها فإن خلا أيها عن الإذن فلا عبرة بها وصارت كالإجازة العامة ويتضح بكلام الحافظ فإنه قال وكذلك اشترطوا الإذن في الوجادة وهي أن يجد بخط يعرف كاتبه فيقول وجدت بخط فلان ولا يسوغ فيه إطلاق أخبرني لمجرد ذلك إلا إذا كان منه إذن بالرواية عنه وأطلق قوم ذلك فغلطوا وكذا الوصية بالكتاب وهو أن يوصي عند موته أو سفره لشخص معين بأصله أو أصوله فقد قال قوم من المتقدمين يجوز له أن يروي تلك الأصول عنه بمجرد هذه الوصية وأبى ذلك الجمهور إلا إن كان له منه إجازة واعلم أنه قد ذكر المصنف الحافظ أنواعا من صيغ الأداء واشترط الإذن وهو الإجازة من المناول وهي في الوجادة والوصية والإعلام والإذن هو الإجازة من المناول وقد تكلم النووي في وجه اشتقاقها وأقسامها فإنه لا غنى عن معرفة ذلك قال قال أبو الحسين بن فارس الإجازة مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال استجزته وأجازني إذا أسقاك ماءا لماشيتك وأرضك كذا طالب العلم

(1/353)


يستجيز العالم علمه فيجيزه فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ومن جعل الإجازة إذنا وهو المعروف يقول أجزت له رواية مسموعاتي ومتى قال أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف انتهى قال والإجازة أضرب وعدها سبعة الأول إجازة معين لمعين كأجزتك البخاري وهذا أعلى أضرب المجردة عن المناولة قال والصحيح جواز الرواية والعمل بها قال شارحه وادعى أبو الوليد الباجي وعياض الإجماع عليها وأبطلها جماعات من الطوائف وقالوا من قال لغيره أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه قال أجزت لك أن تكذب علي لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع وقال ابن حزم إنها بدعة غير جائزة نقله عنه السيوطي قال وقال ابن الصلاح وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ويتجه أن يقال إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته فقد أخبره بها جملة وقال الخطيب احتج العلماء لجوازها بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب

(1/354)


سورة براءة في صحيفة ودفعها لأبي بكر ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس انتهى قلت واستدل الميانجي على صحتها بأنهصلى الله عليه وسلم بعث عبدالله بن جحش وبعث معه ثمانية من المهاجرين وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي كما أمره فامتثل أمره وعمل بمضمونه قال فهذا وشبهه حجة في المناولة والإجازة ذكره ابن عبدالبر في كتاب العلم قال والضرب الثاني أن يجيز معينا غيره أي معين كأجزتك مسموعاتي فالخلاف فيه أقوى وأكثر والجمهور من الطوائف على جواز الرواية وأوجبوا العمل بها الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين فإن قيده بوصف خاص كأجزت طلبة العلم ببلد كذا فأقرب إلى الجواز من غير المقيدة قال القاضي عياض ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقولك لأولاد فلان الرابع إجازة بمجهول أي من الكتب أو المجهول من الناس

(1/355)


كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا في السنن أو أجزتك بعض مسموعاتي فهي باطلة الخامس الإجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان ومن يولد له أولك ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز مما إذا أفرده بالإجازة قياسا على الوقف فإنه يصح عليه وفعل الثاني ابن أبي داود وأجاز الخطيب الأول وألف فيه جزءا وقال إنه أجاز أصحاب مالك وأبي حنيفة الوقف على المعدوم وإن لم يكن أصله موجودا السادس إجازة ما لم يتحمله المجيز بوجه من سماع أو إجازة ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز قال القاضي عياض إنه منعه قاضي قرطبة أبو الوليد قال وهو أي المنع الصحيح فإنه يأذن له بالتحديث بما لم يحدث به ويبيح له ما لم يعلم أنه لا يصح له الإذن فيه قال النووي وهذا هو الصواب السابع إجازة المجاز كأجزتك مجازاتي قال النووي والصحيح الذي عليه العمل جوازه وبه قطع الحفاظ انتهى بتلخيص وبعض زيادة من شرحه للسيوطي وقولنا ما لم فلا أي ما لم يأذن له فلا يصح ما ذكر ويكون كالإجازة العامة قال الحافظ في المجاز له لا في المجاز به كأن يقول أجزت لجميع المسلمين أو من أدرك حياتي أو لأهل الإقليم الفلاني أو لأهل البلدة الفلانية وهو أقرب إلى الصحة لقرب الانحصار انتهى

(1/356)


[مسألة الإجازة للمجهول والمعدوم:]
تضمنها قولنا:

(144) أو كان للمجهول والمعدوم ... هذا أصح القول في العلوم
عطف على قولنا كمن أجاز العامة قال الحافظ وإلا فلا عبرة بذلك كالإجازة العامة وكذا الإجازة للمجهول كأن يكون مبهما أو مهملا وكذا الإجازة للمعدوم كأن يقول وكذا الإجازة للمعدوم كأن يقول أجزت لمن سيولد لفلان وقيل إن عطفه على موجود صح كأن يقول أجزت لك ولمن سيولد لك والأقرب عدم الصحة أيضا وكذا الإجازة لموجود أو معدوم علقت بشرط مشيئة الغير كأن يقول أجزت لك إن شاء فلان أو أن يقول أجزت لمن شاء فلان لا أن يقول أجزت لك إن شئت انتهى وقد دخلت هذه الصورة فيما نقلناه عن النووي بزيادة وقولنا هذا أصح القول في العلوم إلمام بقول الحافظ على الأصح في جميع ذلك قال وقد جوز الراوية بجميع ذلك سوى المجهول ما لم يتبين المراد منه الخطيب وحكاه عن جماعة من مشائخه قلت قد قدمنا من كلام النووي وشارحه أنه ألف في جوازها جزءا وقوله جماعة من مشائخه ذكر منهم ابن الفراء وابن عمروس الأول حنبلي والثاني مالكي ونسبه عياض لمعظم الشيوخ قال الحافظ واستعمل الإجازة للمعدوم أبو بكر بن أبي داود

(1/357)


قلت قال السيوطي وإنه قال وقد سئل الإجازة قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة يعني الذين لم يولدوا بعد قال وأبو عبدالله بن منده واستعمل المعلقة منهم أيضا أبو بكر بن خيثمة قلت هو صاحب التاريخ حفيد يعقوب بن شيبة ويريد الحافظ بالمعلقة أجزت إن شاء فلان قال النووي إن فيها جهالة وتعليقا قال والأظهر بطلانه وبه قطع أبو الطيب الشافعي قال الخطيب وحجتهم القياس على تعليق الوكالة قال وصححه ابن الفراء الحنبلي وابن عمروس المالكي وقالا إن الجهالة ترتفع عند وجود المشيئة ويتعين المجاز له عندها قال الخطيب وسمعت ابن الفراء يحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لما أمر زيدا على غزوة مؤتة فإن قتل زيد فجعفر فإن قتل جعفر فابن رواحة فعلق التأمير قال وسمعت أبا عبدالله الدامغاني يفرق بينهما وبين الوكالة بأن الوكيل ينعزل بعزل الموكل بخلاف المجاز قال الحافظ وروى بالإجازة العامة جمع كثير جمعهم بعض الحفاظ في كتاب ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم وكل ذلك كما قال ابن الصلاح توسع غير مرضي لأن الإجازة الخاصة المعينة بلا قراءة شيء عليه مختلف في صحتها

(1/358)


اختلافا قويا عند القدماء وإن كان العمل استقر على اعتبارها عند المتأخرين فهي دون السماع بالاتفاق فكيف إذا حصل فيها الاسترسال المذكور فإنها تزداد ضعفا لكنها في الجملة خير من إيراد الحديث معضلا والله أعلم انتهى قال البلقيني وما قيل من أن أصل الإجازة العامة ما ذكره ابن سعد في الطبقات ثنا عفان ثنا حماد ثنا علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر ليس فيه دلالة لأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث بخلاف الإجازة ففيها تحديث وعمل وضبط فلا يصح أن يكون ذلك دليلا لهذا ولو جعل دليله ما صح من قول النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني الحديث لكان له وجه قوي انتهى واعلم أن الحافظ جمع صيغ الأداء أولا لفا ثم نشرها وذكر شرائط ما له شرط منها ونحن في النظم لم نسلك ذلك بل جمعنا فأتبعنا كل لف نشره رأيناه أقرب إلى الفهم قال الحافظ وإلى هنا انتهى الكلام في أقسام صيغ الأداء قال ثم الرواة إن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم فصاعدا واختلفت أشخاصهم فهو المتفق والمفترق

(1/359)


[مسألة المتفق والمفترق:]
(145) ثم أسامي من روى إن تتفق ... باسم آباء لهم فالمتفق
(146) يدعونه في عرفهم والمفترق ... .....................
قال الحافظ سواء اتفق في ذلك اثنان أو أكثر وكذلك إذا اتفق اثنان فصاعدا في الكنية والنسبة فهو النوع الذي يقال له المتفق والمفترق وفائدة معرفته خشية أن يظن الشخصان شخصا واحدا وقد صنف فيه الخطيب كتابا حافلا وقد لخصته وزدت عليه شيئا كثيرا وهذا عكس ما تقدم من النوع المسمى بالمهمل لأنه يخشى منه أن يظن الواحد اثنين وهذا يخشى منه أن يظن الاثنان واحدا انتهى قال النووي وهو أقسام الأول من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم كالخليل بن أحمد ستة أولهم شيخ سيبويه وعدهم ثم قال والثاني من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم كأحمد بن جعفر بن أحمد أربعة كلهم يروون عمن يسمى عبدالله وكلهم في عصر واحد وعدهم الثالث ما اتفق في الكنية والنسبة كأبي عمران الجوني اثنان وأبوبكر بن عياش ثلاثة الرابع عكسه أي اتفق الاسم وكنى الأب كصالح ابن أبي صالح أربعة

(1/360)


الخامس من اتفقت أسماءهم وأسماء آبائهم وأنسابهم كمحمد بن عبدالله الأنصاري اثنان السادس في الاسم أو الكنية فقط كحماد قال السيوطي لا ندري هو ابن زيد أو ابن سلمة ويعرف بحسب من روى عنه قال النووي ومن ذلك عبدالله يعني إذا أطلق وشبهه قال سلمة بن سليمان إذا قيل بمكة عبدالله فهو ابن الزبير وبالمدينة فابن عمر وبالكوفة فابن مسعود وبالبصرة فابن عباس وبخراسان فابن المبارك قال السيوطي فائدة صنف الخطيب في هذا كتابا مفيدا سماه المكمل في بيان المهمل وأفرد الناس التصنيف فيما وقع في صحيح البخاري من ذلك السابع أن يتفقا في النسبة كالآملي قال السمعاني أكثر علماء طبرستان من آملها وشهر بالنسبة إلى آمل جيحون عبدالله بن حماد شيخ البخاري ومن ذلك الحنفي إلى بني حنيفة وإلى المذهب وكثير من المحدثين ينسبون إلى المذهب الحنفي بزيادة ياء ووافقهم من النحويين ابن الأنباري وحده أي وأباه غير من النحويين قال السيوطي إن الصواب مع ابن الأنباري قال وقد اخترته في كتاب جمع الجوامع في العربية فقد قال صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة فأثبت الياء في اللفظة المنسوبة إلى الحنيف فلا مانع من ذلك انتهى ما ذكره النووي من أقسام المتفق والمفترق

(1/361)


[مسألة في المؤتلف والمختلف:]
يشملها قولنا:

() ............................. ... أو تتفق خطا ولما تتفق
(147) لفظا فهذا سمه بالمؤتلف ... في عرفهم أيضا وضم المختلف
وإلمام بقول الحافظ وإن اتفقت الأسماء خطا واختلف لفظا فهو المؤتلف والمختلف ومعرفته من مهمات هذا الفن حتى قال علي بن المديني أشد التصحيف ما يقع في الأسماء ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده وقد صنف فيه أبو أحمد العكسري لكن أضافه إلى كتاب التصحيف له ثم أفرده بالتأليف عبدالغني بن سعيد فجمع فيه كتابين كتابا في مشتبه الأسماء وكتابا في مشتبه النسبة وجمع شيخه الدارقطني في ذلك كتابا حافلا ثم جمع الخطيب ذيلا مفردا ثم جمع الجميع أبو نصر بن ماكولا في كتابه الإكمال واستدرك عليهم في كتاب آخر جمع فيه أوهامهم وبينها وكتابه من أجمع ما جمع في ذلك وهو عمدة عند كل محدث بعده وقد استدرك عليه أبو بكر بن نقطة ما فاته وتجدد بعده في مجلد ضخم ثم ذيل عليه منصور بن سليم بفتح السين في مجلد لطيف وكذلك أبو حامد ابن الصابوني وجمع الذهبي في ذلك كتابا مختصرا جدا اعتمد فيه على الضبط بالقلم فكثر فيه الغلط والتصحيف المغاير لموضوع الكتاب وقد يسر الله تعالى توضيحه بكتاب سميته تبصير المنتبه بتحرير المشتبه وهو مجلد واحد وضبطته بالحروف على الطريقة المرضية وزدت عليه شيئا كثيرا مما أهمله أو لم يقف عليه ولله الحمد على ذلك انتهى

(1/362)


قال النووي بعد ذكر نحو ما ذكره الحافظ وهو منتشر لا ضابط في أكثره وما ضبط منه قسمان أحدهما على العموم كسلام كله مشدد إلا خمسة عبدالله بن سلام ومحمدبن سلام شيخ البخاري الصحيح تخفيفه وقيل مشدد قال وعمارة قال ليس فيه بكسر العين إلا أبي بن عمارة الصحابي ومنهم من ضمه ومن عداه جمهورهم بالضم وفيهم جماعة بالفتح وتشديد الميم ثم عد أسماء من هذا النحو وقد ذكر في مقدمات شرحه على مسلم نحو هذا وعد جماعة من هذا النوع.

[مسألة المتشابه:]
قال الحافظ فإن اتفقت الأسماء واختلفت الآباء أو بالعكس فهو المتشابه وإليه أشار قولنا:

(148) هذا وإن تتفق الأسماء ... واختلفت في ذلك الآباء
(149) وعكسه فهو الذي تشابها ... في عرفهم فافهمه فهما نابها
والمراد اتفقت الأسماء خطا ونطقا واختلفت الآباء نطقا مع اتفاقهما خطا كمحمد بن عقيل بفتح العين ومحمد بن عقيل بضمها فالأول نيسابوري والثاني فريابي وهما مشهوران وطبقتهما واحدة متقاربة

(1/363)


وقولنا وعكسه وذلك بأن تختلف الأسماء نطقا وتتآلف خطا وتتفق الآباء خطا ونطقا كشريح بن النعمان وسريج بن النعمان الأول بالشين المعجمة والحاء المهملة وهو تابعي يروي عن علي رضي الله عنه والثاني بالسين المهملة والجيم وهو من شيوخ البخاري فهو النوع الذي يقال له التشابه وقولنا

(150) وإن تجد اسم البنين والأب ... متفقا مختلفا في النسب
(151) فإنه منه ومنه يخرج ... مع الذي من قبله تستخرج
يتضمن قول الحافظ وكذا إن وقع الاتفاق في الاسم واسم الأب والاختلاف في النسبة وقد صنف فيه الخطيب كتابا حافلا سماه تلخيص المتشابه ثم ذيل عليه هو أيضا بما فاته أولا وهو كثير الفائدة انتهى فهذا أيضا من المتشابه كما عرفت من قوله وكذا إن وقع فإنه منه أي فإن هذا القسم من المتشابه وقولنا

(152) عدة أنواع على الحروف ... تبنى وفيه العد بالألوف
فاعل تستخرج عدة أنواع معنى قول الحافظ ويتركب منه أي من نوع المتشابه وما قبله أي من المؤتلف والمختلف أنواع منها أن يحصل الاتفاق والاشتباه في الاسم واسم الأب مثلا إلا في حرف أو حرفين فأكثر من أحدهما أو منهما ثم إنه بينه في شرحه وقسمه فقال وهو قسمان إما أن يكون الاختلاف بالتغيير مع نقصان بعض الأسماء عن بعض

(1/364)


فمن أمثلة الأول محمد بن سنان بكسر السين المهملة ونونين بينهما ألف وهم جماعة منهم العوقي بفتح العين والواو ثم القاف شيخ البخاري ومحمد بن سيار بفتح السين المهلمة وتشديد التحتانية وبعد الألف راء وهم أيضا جماعة منهم اليمامي شيخ عمرو بن يونس ومنهم محمد بن حنين بضم الحاء المهملة ونونين أولهما مفتوحة بينهما ياء تحتانية تابعي يروي عن ابن عباس وغيره ومحمد بن جبير بالجيم بعدها باء موحدة وآخره راء وهو محمد بن جبير بن مطعم تابعي مشهور أيضا ومن ذلك معرف بن واصل كوفي مشهور ومطرف بن واصل بالطاء بدل العين شيخ آخر يروي عنه أبو حذيفة النهدي ومنه أيضا أحمد بن حسين صاحب إبراهيم بن سعيد وآخرون وأحيد بن حسين مثله لكن بدل الميم ياء تحتانية وهو شيخ بخاري يروي عنه عبدالله بن محمد البيكندي ومن ذلك حفص بن ميسرة شيخ مشهور من طبقة مالك وجعفر بن مسيرة شيخ لعبيد الله بن موسى الكوفي الأول بالحاء المهملة والفاء بعدها صاد مهملة والثاني بالجيم والعين المهملة بعدها فاء ثم راء ومن أمثلة الثاني عبدالله بن زيد جماعة منهم في الصحابة صاحب الأذان واسم جده عبد ربه وراوي حديث الوضوء واسم جده عاصم وهما أنصاريان وعبدالله بن يزيد بزيادة ياء في أول اسم الأب والزاي مكسروة وهم

(1/365)


أيضا جماعة منهم أيضا في الصحابة الحطمي يكنى أبا موسى وحديثه في الصحيحين ومنهم القاري له ذكر في حديث عائشة وقد زعم بعضهم أنه الحطمي وفيه نظر ومنها عبدالله بن يحيى وهم جماعة وعبدالله بن نجي بضم النون وفتح الجيم وتشديد الياء تابعي معروف يروي عن علي أو يحصل بالتقديم والتأخير ونحو ذلك انتهى كلام الحافظ وقد أطال النووي هنا في التقريب بذكر شيء كثير من ذلك ثم لما فرغ الحافظ من هذه الأبحاث ذكر خاتمة.

[مسألة في الخاتمة:]
تضمنها قولنا:

(153) خاتمة عدوا من المهم ... لمن له أنس بهذا العلم
(154) عرفان ما يعزى إلى الرواة ... من طبقات وكذا الوفاة
قال الحافظ خاتمة ومن المهم عند المحدثين معرفة طبقات الرواة قال في شرحه وفائدته الأمن من تداخل المشتبهين وإمكان الاطلاع على تبيين المدلسين والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة والطبقة في اصطلاحهم عبارة عن جماعة اشتركوا في السن ولقاء

(1/366)


المشائخ وقد يكون الشخص الواحد من طبقتين باعتبارين كأنس بن مالك فإنه من حيث صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم يعد في طبقة العشرة مثلا ومن حيث صغر السن يعد في طبقة من بعدهم فمن نظر إلى الصحابة رضي الله تعالى عنهم من حيث الصحبة جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان وغيره ومن نظر باعتبار قدر زائد كالسبق إلى الإسلام وشهود المشاهد الفاضلة جعلهم طبقات وإلى ذلك جنح صاحب الطبقات أبو عبدالله محمد بن سعد البغدادي وكتابه أجمع ما جمع في ذلك وكذلك من جاء بعد الصحابة وهم التابعون من نظر إليهم باعتبار الأخذ من بعض الصحابة فقط جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان أيضا ومن نظر إليهم باعتبار اللقاء قسمهم كما فعل محمد بن سعد ولكل منهما وجه قال ومن المهم أيضا معرفة مواليدهم ووفياتهم لأن بمعرفتهما يحصل الأمن من دعوى المدعي للقاء بعضهم وهو في نفس الأمر ليس كذلك قال النووي وقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين قال السيوطي كما سأل إسماعيل بن عياش رجلا اختبارا أي سنة كتبت عن خالد بن معدان قال سنة ثلاث عشرة ومائة فقال أنت تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع سنين وسأل الحاكم محمد بن حاتم الكسي عن مولده لما حدث عن عبد بن حميد فقال سنة ستين ومائتين

(1/367)


فقال هذا سمع من عبد بعد موته بثلاث عشرة سنة قال سفيان الثوري لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ.