التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث

النوع الثاني والثلاثون:
غريب الحديث
هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها، وهو فن مهم، والخوض فيه صعب، فليتحر خائضه، وكان السلف يتثبتون فيه أشد تثبت، وقد أكثر العلماء التصنيف فيه، قيل أول من صنفه النضر بن شميل، وقيل أبو عبيدة معمر، وبعدهما أبو عبيدة فاستقصى وأجاد، ثم ابن قتيبة ما فات أبا عبيد، ثم الخطابي ما فاتهما فهذه أمهاته، ثم بعدها كتب كثيرة فيها زوائد وفوائد كثيرة، ولا يقلد منها إلا ما كان مصنفوها أئمة جلة، وأجود تفسير ما جاء مفسراً في رواية والله أعلم.

النوع الثالث والثلاثون:
المسلسل
هو ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة للرواة تارة وللرواية تارة، وصفات الروات أقوال وأفعال وأنواع كثيرة غيرها كمسلسل التشبيك باليد والعد فيها، وكاتفاق أسماء الرواة أو صفاتهم أو نسبتهم كأحاديث رويناها كل رجال دمشقيون، وكمسلسل الفقهاء، وصفاة الرواية كالمسلسل بسمعت، أو بأخبرنا، أو أخبرنا فلان والله، وأفضله ما دل على الاتصال، ومن فوائده زيادة الضبط، وقلما يسلم عن خلل

(1/87)


في التسلسل، وقد ينقطع تسلسله في وسطه كمسلسل أول حديث سمعته على ما هو الصحيح فيه، والله أعلم.

النوع الرابع والثلاثون:
ناسخ الحديث ومنسوخه
هو فن مهم صعب وكان للشافعي رحمة الله فيه يد طولى، وسابقة أولى، وأدخل فيه بعضهم بعض أهل الحديث ما ليس منه لخفاء معناه والمختار أن النسخ رفع الشارع حكما منه متقدماً بحكم منه متأخر، فمنه ما عرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم " ككان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار " ومنه ما عرف بالتاريخ، ومنه ماعرف بدلالة الاجماع كحديث قتل شارب الخمر في الرابعة والاجماع لا يَنسَخ ولا يُنسخ لكن يدل على ناسخ والله أعلم.

(1/88)