التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح النوع الثامن: معرفة
المقطوع.
وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ويقال في
جمعه: المقاطع والمقاطيع.
وهو: ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم
قال الخطيب
__________
النوع الثامن
"قوله" قول الصحابى كنا نفعل كذا أو نقول كذا إن لم يضفه إلى
زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل الموقوف انتهى
هكذا جزم به المصنف أنه إن لم يضفه إلى زمنه يكون موقوفا وتبع
المصنف في ذلك الخطيب فإنه كذلك جزم به في الكفاية.
(1/66)
أبو بكر الحافظ في جامعه: من الحديث
المقطوع. وقال: المقاطع هي الموقوفات على التابعين. والله
أعلم.
__________
والخلاف في المسألة مشهور واختلف كلام إلائمة أيضا في الصحيح
وقد حكى النووى الخلاف في مقدمة شرح مسلم وحكي ما جزم به
المصنف عن الجمهور من المحدثين وأصحاب الفقه وإلاصول وقد أطلق
الحاكم في علوم الحديث الحكم برفعه ولم يقيده بإضافته إلى زمنه
وكذا أطلق إلامام فخر الدين الرازي في المحصول والسيف إلامدي
في إلاحكام وقال أبو نصر الصباغ في كتاب العدة إنه الظاهر
ومثله بقول عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشئ
التافه وحكاه النووى في شرح المهذب عن كثير من الفقهاء قال وهو
قوى من حيث المعنى.
قوله وإذا قال الراوى عن التابعى رفع الحديث أو يبلغ به فذلك
أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل انتهى.
ذكر الشيخ فيما يتعلق بالصحابى أربع مسائل إلاولى كنا نفعل كذا
أو كانوا يفعلون كذا ونحوهما والثانية أمرنا بكذا ونحوه
والثالثة من السنة كذا.
والرابعة برفعه ويبلغ به ونحوهما ثم ذكر فيما يتعلق بالتابعى
المسألة الرابعة فقط وسكت عن الحكم في الثلث إلاول إذا قالها
التابعى فأحببت ذكر الحكم فيها فأما المسألة إلاولى فإذا قال
التابعى كنا نفعل فليس بمرفوع قطعا وهل هو موقوف لا يخلو إما
أن يضيفه إلى زمن الصحابة أم لا فيحتمل فإن لم يضفه إلى زمنهم
فليس بموقوف أيضا بل هو مقطوع وإن أضافه إلى زمنهم فيحتمل أن
يقال إنه موقوف لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك وتقريرهم ويحتمل أن
يقال ليس بموقوف أيضا لأن تقرير الصحابى قد لا ينسب إليه بخلاف
تقرير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحد وجوه السنن وأما اذا
قال التابعى كانوا يفعلون كذا فقال النووى في شرح مسلم إنه لا
يدل على فعل جميع إلامة بل على البعض فلا حجة فيه إلا أن يصرح
بنقله عن أهل إلاجماع فيكون نقلا للاجماع وفي ثبوته بخبر
الواحد خلاف.
وأما المسألة الثانية فإذا قال التابعى أمرنا بكذا أو نهينا عن
كذا فجزم أبو نصر
(1/67)
قلت: وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع
غير الموصول في كلام إلامام الشافعي وأبي القاسم الطبراني
وغيرهما والله أعلم.
تفريعات:
أحدها: قول الصحابي: كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا إن لم يضفه
إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل الموقوف.
وإن أضافه إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي قطع به
أبو عبد الله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم: أن
ذلك من قبيل المرفوع.
وبلغني عن أبي بكر البر قاني: أنه سأل أبا بكر إلاسماعيلي
إلامام عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع
وإلاول هو الذي عليه إلاعتماد لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول
__________
ابن الصباغ في كتاب العدة في أصول الفقه أنه مرسل وذكر الغزالى
في المستصفي فيه احتمالين من غير ترجيح هل يكون موقوفا أو
مرفوعا مرسلا.
وحكى ابن الصباغ في العدة وجهين فيما إذا قال ذلك سعيد بن
المسيب هل يكون حجة أم لا.
وأما المسألة الثالثة:
فإذا قال التابعى من السنة كذا كقول عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة السنة تكبير إلامام يوم الفطر ويوم إلاضحى حين يجلس على
المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات رواه البيهقي في سننه فهل هو
مرسل مرفوع أو موقوف متصل فيه وجهان لأصحاب الشافعي حكاهما
النووى في شرح مسلم وشرح المهذب وشرح الوسيط قال والصحيح أنه
موقوف انتهى.
وحكى الداودى في شرح مختصر المزنى أن الشافعي رضى الله عنه كان
يرى في القديم أن ذلك مرفوع اذا صدر من الصحابى أو التابعى ثم
رجع عنه لأنهم قد يطلقونه ويريدون سنة البلد انتهى.
وما حكاه الداودى من رجوع الشافعي عن ذلك فيما إذا قاله
الصحابى لم يوافق عليه فقد احتج به في مواضع من الجديد فيمكن
أن يحمل قوله ثم رجع عنه أى عما إذا قاله التابعى والله أعلم.
(1/68)
الله صلى الله عليه وسلم: اطلع على ذلك
أقررهم عليه. وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة فإنها أنواع:
منها أقواله صلى الله عليه وسلم ومنها أفعاله. ومنها تقريره
وسكوته عن إلانكار بعد اطلاعه ومن هذا القبيل قول الصحابي كنا
لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا أو: كان
يقال كذا وكذا على عهده. أو: كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته
صلى الله عليه وسلم فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند مخرج في كتب
المسانيد.
وذكر الحاكم أبو عبد الله فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال:
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بإلاظافير
أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا يعني مرفوعا لذكر
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليس بمسند بل هو موقوف.
وذكر الخطيب أيضا نحو ذلك في جامعه. قلت: بل هو مرفوع كما سبق
ذكره. وهو بأن يكون مرفوعا أحرى لكونه أحرى باطلاعه صلى الله
عليه وسلم عليه. والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع.
وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه. ثم تأولناه له على أنه
أراد أنه ليس بمسند لفظا بل هو موقوف لفظا وكذلك سائر ما سبق
موقوف لفظا وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى. والله أعلم.
الثاني: قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا من نوع
المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث وهو قول أكثر أهل العلم.
وخالف في ذلك فريق منهم أبو بكر إلاسماعيلي. وإلاول هو الصحيح
لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه إلامر والنهي وهو رسول
الله صلى الله عليه وسلم
وهكذا قول الصحابي: من السنة كذا فالأصح أنه مسند مرفوع لأن
الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما يجب اتباعه وكذلك قول أنس رضي الله عنه:
(1/69)
أمر بلال أن يشفع إلاذان ويوتر إلاقامة.
وسائر ما جانس ذلك. فلا فرق بين أن يقول ذلك في زمان رسول الله
صلى الله عليه وسلم أو بعده صلى الله عليه وسلم.
الثالث: ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في
تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول
جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها
في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ
حَرْثٌ لَكُمْ} إلاية.
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات والله
أعلم.
الرابع: من قبيل المرفوع إلاحاديث التي قيل في أسانيدها عند
ذكر الصحابي: يرفع الحديث أو: يبلغ به أو: ينميه أو: رواية
مثال ذلك: سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن إلاعرج عن أبي
هريرة رواية: "تقاتلون قوما صغار إلاعين" الحديث وبه عن أبي
هريرة يبلغ به قال: "الناس تبع لقريش.." الحديث فكل ذلك
وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا قلت:
وإذا قال الراوي عن التابعي: يرفع الحديث أو: يبلغ به فذلك
أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل. والله أعلم.
(1/70)
النوع التاسع: معرفة
المرسل.
وصورته التي لا خلاف فيها: حديث التابعي الكبير الذي لقي جماعة
من الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدي بن الخيار ثم سعيد بن
المسيب وأمثالهما إذا قال: قال
__________
النوع التاسع: المرسل.
"قوله" وصورته التي لا خلاف فيها حديث التابعي الكبير الذي لقي
جماعة من
(1/70)
رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمشهور:
التسوية بين التابعين أجمعين في ذلك رضي الله عنهم
وله صور اختلف فيها: أهي من المرسل أم لا.
إحداها: إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعي فكان فيه
رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه: فالذي قطع به الحاكم
الحافظ أبو عبد الله وغيره من أهل الحديث: أن ذلك لا يسمى
مرسلا وأن إلارسال مخصوص بالتابعين بل إن كان من سقط ذكره قبل
الوصول إلى التابعي شخصا واحدا سمي منقطعا فحسب وإن كان أكثر
من واحد سمي معضلا ويسمى أيضا منقطعا. وسيأتي مثلا ذلك إن شاء
الله تعالى والمعروف في الفقه وأصوله: أن كل ذلك يسمى مرسلا
وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به وقال: إلا أن
أكثر ما يوصف بإلارسال من حيث إلاستعمال ما رواه التابعي عن
النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي
صلى الله عليه وسلم فيسمونه المعضل والله أعلم.
__________
الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدى بن الخيار إلى آخر كلامه
اعترض عليه بأن عبيد الله ابن عدى ذكر في جملة الصحابة وهذا
إلاعتراض ليس بصحيح لأنهم إنما ذكروه جريا على قاعدتهم في ذكر
من عاصره لأن عبيد الله ولد في حياته صلى الله عليه وسلم ولم
ينقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكروا قيس بن أبى
حازم وأمثاله ممن لم ير النبي صلى الله عليه وسلم لكونهم
عاصروه على القول الضعيف في حد الصحابى وإنما روى عبيد الله بن
عدى عن الصحابة عمر وعثمان وعلى في آخرين ولم يسمع من أبى بكر
فضلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
"قوله" إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعى فكان فيه
رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه فالذي قطع به الحاكم الحافظ
أبو عبد الله وغيره من أهل الحديث أن ذلك لا يسمى مرسلا إلى
آخر كلامه فقوله قبل الوصول إلى التابعى ليس بجيد بل الصواب
قبل الوصول إلى الصحابى فانه لو سقط التابعى أيضا كان منقطعا
لا مرسلا عند هؤلاء ولكن هكذا وقع في عبارة الحاكم فتبعه
المصنف والله أعلم.
(1/71)
الثانية: قول الزهري وأبي حازم ويحيى بن
سعيد الأنصاري وأشباههم من أصاغر التابعين: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم. حكى ابن عبد البر: أن قوما لا يسمونه مرسلا بل
منقطعا لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد وإلاثنين وأكثر
روايتهم عن التابعين".
__________
"قوله الثانية" قول الزهري وأبى حازم ويحيى بن سعيد الأنصاري
وأشباههم من أصاغر التابعين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
حكى ابن عبد البر أن قوما لا يسمونه مرسلا بل منقطعا لكونهم لم
يلقوا من الصحابة إلا الواحد وإلاثنين وأكثر روايتهم عن
التابعين انتهى.
وما ذكر في حق من سمى من صغار التابعين أنهم لم يلقوا من
الصحابة إلا الواحد وإلاثنين ليس بصحيح بالنسبة إلى الزهري فقد
لقي من الصحابة ثلاثة عشر فأكثر وهم عبد الله بن عمر وسهل بن
سعد وأنس بن مالك وعبد الله بن جعفر وربيعة ابن عباد بكسر
العين وتخفيف الموحدة وسنين أبو جميلة والسايب بن يزيد وأبو
الطفيل عامر بن وائلة والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر
وعبد الله ابن عامر بن ربيعة ومحمود بن الربيع وسمع منهم كلهم
إلا عبد الله بن جعفر فرآه رؤية وإلا عبد الله بن عمر فقد قال
أحمد بن حنبل ويحيى بن معين إنه لم يسمع منه وقال على ابن
المدينى إنه سمع منه وقال ابن حزم إنه لم يسمع أيضا من عبد
الرحمن بان أزهر ثم حكى عن أحمد بن صالح المصرى أنه قال لم
يسمع منه فيما أرى ولم يدركه.
قلت وكذا قال أحمد بن حنبل ما أراه سمع منه قال ومعمر وأسامة
يقولان عنه أنه سمع منه ولم يصنعا عندى شيئا وقيل إنه سمع أيضا
من جابر بن عبد الله وسمع من جماعة آخرين مختلف في صحبتهم منهم
محمود بن لبيد وعبد الله بن الحارث بن نوفل وثعلبة بن أبى مالك
القرظى وأبو أمامة بن سهل بن حنيف فهؤلاء سبعة عشر ما بين
صحابى ومختلف في صحبته وقد تنبه المصنف لهذا إلاعتراض فأملى
حاشية على هذا المكان من كتابه فقال قوله الواحد وإلاثنين
كالمثال وإلا فالزهري قد قيل إنه رأى عشرة من الصحابة وسمع
منهم أنا وسهل بن سعد والسايب بن يزيد ومحمود بن الربيع وسنينا
أبا جميلة وغيرهم وهو مع ذلك أكثر روايته عن التابعين والله
أعلم.
(1/72)
قلت: وهذا المذهب فرع لمذهب من لا يسمي
المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلا
والمشهور التسوية بين التابعين في اسم إلارسال كما تقدم والله
أعلم.
الثالثة: إذا قيل في الإسناد: فلان عن رجل أو: عن شيخ عن فلان
أو نحو ذلك فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث: أنه لا
يسمى مرسلا بل منقطعا. وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول
الفقه معدود من أنواع المرسل والله أعلم.
ثم اعلم: أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف إلا أن يصح مخرجه
بمجيئه من وجه آخر كما سبق بيانه في نوع الحسن. ولهذا احتج
الشافعي رضي الله عنه بمرسلات سعيد بن المسيب رضي الله عنهما
فإنها وجدت مسانيد من وجوه أخر ولا يختص ذلك عنده بإرسال ابن
المسيب كما سبق
ومن أنكر ذلك زاعما أن إلاعتماد حينئذ يقع على المسند دون
المرسل فيقع لغوا لا حاجة إليه فجوابه: أنه بالمسند تتبين صحة
الإسناد الذي فيه إلارسال حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد
صحيح تقوم به الحجة على ما مهدنا سبيله في النوع الثاني. وإنما
ينكر هذا من لا مذاق له في هذا الشأن
وما ذكرناه من سقوط إلاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو المذهب
الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ الحديث ونقاد إلاثر وقد
تداولوه في تصانيفهم.
__________
"قوله" الثالثة إذا قيل في الإسناد فلان عن رجل أو عن شيخ عن
فلان أو نحو ذلك فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث أنه
لا يسمى مرسلا بل منقطعا وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول
الفقه معدود في أنواع المرسل انتهى.
اقتصر المصنف من الخلاف على هذين القولين وكل من القولين خلاف
ما عليه ألأكثرون فإن ألأكثرين ذهبوا إلى أن هذا متصل في
إسناده مجهول وقد حكاه عن
(1/73)
.......................................................................
__________
ألأكثرين الحافظ رشيد الدين العطار في الغرر المجموعة واختاره
شيخنا الحافظ صلاح الدين العلائى في كتاب جامع التحصيل.
وما ذكره المصنف عن بعض المصنفات المعتبرة ولم يسمعه فالظاهر
أنه أراد به البرهان لإمام الحرمين فإنه قال فيه وقول الراوى
اخبرنى رجل أو عدل موثوق به من المرسل أيضا وزاد إلامام فخر
الدين في المحصول على هذا فقال إن الراوى إذا سمى الأصل باسم
لا يعرف به فهو كالمرسل.
وما ذكره المصنف عن بعض كتب إلاصول قد فعله أبو داود في كتاب
المراسيل فيروى في بعضها ما أبهم فيه الرجل ويجعله مرسلا بل
زاد البيهقي على هذا في سننه فجعل ما رواه التابعى عن رجل من
الصحابة لم يسم مرسلا وهذا ليس منه بجيد اللهم إلا إن كان
يسميه مرسلا ويجعله حجة كمراسيل الصحابة فهو قريب.
وقد روى البخاري عن الحميدي قال إذا صح الإسناد عن الثقات إلى
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة وإن لم يسم ذلك
الرجل وقال إلاثرم قلت لأبى عبد الله يعنى أحمد بن حنبل إذا
قال رجل من التابعين حدثني رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح قال نعم وقد ذكر المصنف في آخر هذا
النوع التاسع أن الجهالة بالصحابى غير قادحة لأنهم كلهم عدول.
وحكاه الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبى في كتاب القدح المعلى
عن اكثر العلماء نعم فرق أبو بكر الصيرفي من الشافعية في كتاب
الدلائل بين أن يرويه التابعى عن الصحابى معنعنا أو مع التصريح
بالسماع فقال وإذا قال في الحديث بعض التابعين عن رجل من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل لأنى لا أعلم سمع التابعى من
ذلك الرجل إذ قد يحدث التابعى عن رجل وعن رجلين عن الصحابى ولا
أدرى هل أمكن لقاء ذلك الرجل أم لا فلو علمت إمكانه منه لجعلته
كمدرك العصر قال وإذا قال سمعت رجلا من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم قبل لأن الكل عدول انتهى كلام الصيرفي وهو حسن
متجه وكلام من أطلق قبوله محمول على هذا التفصيل والله أعلم.
(1/74)
وفي صدر صحيح مسلم: المرسل في أصل قولنا
وقول أهل العلم بإلاخبار ليس بحجة
وابن عبد البرحافظ المغرب ممن حكى ذلك عن جماعة أصحاب الحديث
وإلاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما رحمهم الله في
طائفة والله أعلم.
ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه:
مرسل الصحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه لأن ذلك في حكم
الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير
قادحة لأن الصحابة كلهم عدول والله أعلم.
__________
"قوله" وفي صدر صحيح مسلم المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم
بإلاخبار ليس بحجة انتهى.
ومسلم رحمه الله إنما قال ذلك حاكيا على لسان خصمه الذي نازعه
في اشتراط اللقى في الإسناد المعنعن فقال فان قال قلته لأنى
وجدت رواة إلاخبار قديما وحديثا يروى أحدهم عن إلاخر الحديث
ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فلما رأيتهم استجادوا رواية
الحديث بينهم هكذا على إلارسال من غير سماع والمرسل من
الروايات في أصل قولنا وقول اهل العلم بإلاخبار ليس بحجة احتجت
لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوى كل خبر عن راويه إلى
آخر كلامه فهذا كما تراه حكاه على لسان خصمه ولكنه لما لم يرد
هذا القدر منه حين رد كلامه كان كأنه قائل به فلهذا عزاه
المصنف إلى كتاب مسلم والله أعلم.
"قوله" ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول
الفقه مرسل الصحابى مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من احداث
الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ذلك في حكم
الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابى غير
قادحة لأن الصحابة كلهم عدول انتهى.
وفيه أمران أحدهما أن قوله لأن روايتهم عن الصحابة ليس بجيد بل
الصواب أن يقال لأن اكثر رواياتهم عن الصحابة إذ قد سمع جماعة
من الصحابة من بعض التابعين وسيأتي
(1/75)
|