التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح النوع الرابع والأربعون- معرفة رواية
الآباء عن لأبناء.
وللخطيب الحافظ في ذلك كتاب روينا فيه: عن العباس بن عبد
المطلب عن ابنه الفضل رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة وروينا فيه: عن وائل بن
داود عن ابنه بكر بن وائل وهما ثقتان أحاديث منها: عن ابن
عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أخروا الأحمال فإن اليد مغلقة والرجل موثقة" قال الخطيب: لا
يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلمه إلا من جهة بكر
وأبيه وروينا فيه: عن معتمر بن سليمان التيمي قال: حدثني أبي
قال: حدثتني أنت عني عن أيوب عن الحسن قال: ويح كلمة رحمة.
وهذا طريف يجمع أنواعا وروينا فيه: عن أبي عمر حفص بن عمر
الدوري المقري عن ابنه أبي جعفر محمد بن حفص: ستة عشر حديثا أو
نحو ذلك. وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه.
(1/344)
وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا:
ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد المروزي
رحمها الله بها من لفظه قال: أنبأني والدي عني فيما قرأت بخطه
قال: حدثني ولدي أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر
بإسناده عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية".
__________
النوع الرابع والأربعون- معرفة رواية الآباء عن الأبناء.
قوله وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا ما حدثنيه أبو
المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعيد المروزى رحمه الله بها
من لفظه قال أنبأنى والدى عنى فيما قرأت بخطه قال حدثني ولدى
أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي
أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احضروا موائدكم البقل
فإنه مطردة للشيطان مع التسمية" انتهى.
وقد أبهم المصنف ذكر إسناده والسمعانى رواه في الذيل من رواية
العلاء بن مسلمة الرواس عن إسماعيل بن مغر الكرمانى عن ابن
عياش وهو إسمعيل عن برد عن مكحول عن أبي أمامة وهو حديث موضوع
فأبهم المصنف منه موضع العلة وسكت عليه وقد ذكر المصنف في
النوع الحادى والعشرين أنه لا يحمل رواية الحديث الموضوع لأحد
علم حاله في أى معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه وهذا الحديث
ذكر غير واحد من الحفاظ أنه موضوع وقد رواه أبو حاتم بن حبان
في تاريخ الضعفاء في ترجمة العلاء
(1/345)
وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق
عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء". فهو غلط ممن رواه.
إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد
بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
وهؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة: لا نعرف أربعة أدركوا
النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة فذكر
أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمد أبا عتيق
والله أعلم.
__________
ابن مسلمة الرواس بهذا الإسناد وقال فيه يروى عن الثقات
الموضوعات به بحال وقال أبو الفتح الأزدي كان رجل سوء لا يبالى
ما روى وعلى ما أقدم لا يحل لمن عرفه أن يروى عنه وقال محمد بن
طاهر كان يضع الحديث وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات
وقال هذا حديث لا أصل له وقد يجاب عن المصنف بأنه لا يرى أنه
موضوع وإن كان في إسناده وضاع فكأنه ما أعترف بوضعه وقد تقدم
أن المصنف أنكر على من جمع الموضوعات في عصره فأدخل فيها ما
ليس بموضوع يشير بذاك إلى ابن الجوزي والله أعلم.
قوله وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي
الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحبة
السوداء شفاء من كل داء فهو غلط ممن رواه إلى آخر كلامه هو كما
ذكره المصنف من أن من وصف أبا بكر الراوى لهذا الحديث عن عائشة
بأنه الصديق فقد غلط فإنه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد
الرحمن ابن أبي بكر وهكذا رواه البخاري في صحيحه ولكن ذكر ابن
الجوزي في كتاب التلقيح أن أبا بكر الصديق روى عن ابنته عائشة
رضي الله عنها حديثين والله أعلم.
قوله هؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة لا نعرف أربعة
أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء
الأربعة فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وأبنه
محمدا أبا عتيق والله أعلم.
وقد يعترض على هذا الإطلاق بصورة أخرى وهى أبو قحافة وابنه أبو
بكر وابنته أسماء وابنها عبد الله بن الزبير فإنه عبر بقوله هم
وأبناؤهم وهذا صادق عليه ولا يرد
(1/346)
........................................................................
__________
ذلك عن عبارة أبي عمر بن عبد البر فإنه قال يقال إنه لم يدرك
النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولا أب وبنوه إلا هؤلاء فذكرهم
وقد ذكر ابن منده في معرفة الصحابة كلا من موسى بن عقبة بصيغة
لا يرد على إطلاقها هذه الصورة فقال ما نعلم أربعة في الإسلام
ادركوا النبي صلى الله عليه وسلم الآباء مع الأبناء إلا أبو
قحافة فذكرهم فالتعبير بالآباء يخرج الأمهات ولكن من عبر
بأربعة صحابة بعضهم أولاد بعض فالأحسن التمثيل بعبد الله بن
الزبير وأمه وأبيها وجدها لأن لعبد الله بن الزبير صحبة.
وأما محمد بن عبد الرحمن فقال ابن حبان في الصحابة أن له رؤية
وقد مضى في كلام أهل هذا الشأن عند ذكر الصح أبي أن المعتبر مع
التمييز والله أعلم.
(1/347)
النوع الخامس والأربعون- معرفة رواية
الأبناء عن الآباء.
ولأبي نصر الوايلي الحافظ في ذلك كتاب وأهمه ما لم يسم فيه
إلاب أو الجد وهو نوعان:
أحدهما: رواية إلابن عن إلاب عن الجد نحو: عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده. وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد.
وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص وقد احتج أكثر
أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله
بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك.
ونحو: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. روي بهذا الإسناد نسخة
كبيرة حسنة وجده هو معاوية بن حيدة القشيري وطلحة بن مصر ف عن
أبيه عن جده. وجده عمرو بن كعب اليامي ويقال: كعب بن عمرو.
ومن أظرف ذلك: رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه
الحنبلي وكانت له ببغداد في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى
عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا.
__________
النوع الخامس والأربعون- معرفة رواية الأبناء عن الآباء.
"قوله" ومن أظرف ذلك رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي
الفقيه الحنبلي عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا فرواها من تاريخ
بغداد لأثر موقوف على علي بن أبي طالب.
(1/347)
أخبرني بذلك الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد
بن علي النيسابوري بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا أبو منصور عبد
الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا قال: أخبرنا الحافظ
أبو بكر أحمد بن علي: حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن
الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن إلاسود بن سفيان بن يزيد
بن أكينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال: سمعت أبي يقول:
سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت علي بن أبي طالب وقد سئل عن الحنان المنان؟ فقال: الحنان
الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل
السؤال آخرهم أكينة بالنون وهو السامع عليا رضي الله عنه.
__________
في تفسير الحنان المنان قلت وقد وقع لنا حديث مرفوع من هذا
الوجه وقع فيه التسلسل باثنى عشر أبا وهو أعجب مما ذكره المصنف
أخبرنا به جماعة من شيوخنا منهم شيخنا العلامة برهان الدين
إبراهيم بن لاجين الرشيدى قال انبأنا أحمد بن محمد بن إسحق
الهمذاني قال أنبأنا عبد الله بن أحمد بن محمد القلانسى قراءة
عليه وانا حاضر بشيراز انبأنا عبد العزيز بن منصور الآدمى
حدثنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمى سمعت أبي أبا الفرج عبد
الوهاب يقول سمعت أبي أبا الحسن عبد العزيز يقول سمعت أبي أبا
بكر الحرث يقول سمعت أبي أسدا يقول سمعت أبي الليث يقول سمعت
أبي سليمان يقول سمعت أبي الأسود يقول سمعت أبي سفيان يقول
سمعت أبي يزيد يقول سمعت أبي أكينة يقول سمعت أبي الهيثم يقول
سمعت أبي عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "ما اجتمع قوم على ذكر إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم
الرحمة" أخبرنا الحافظ أبو سعيد بن العلائى في كتاب الوشى
المعلم قال هذا إسناد غريب جدا ورزق الله كان إمام الحنابلة في
زمانه من الكبار المشهورين متقدما في عدة علوم مات سنة ثمانى
وثمانين وأربع مائة وأبوه أبو الفرج إمام مشهور أيضا ولكن جده
عبد العزيز متكلم فيه كثيرا على إمامته واشتهر بوضع الحديث
وبقية آبائه مجهولون لا ذكر لهم في شيء من الكتب أصلا وقد تخبط
فيهم عبد العزيز أيضا بالتعبير انتهى.
وأكثر ما وقع لنا بتسلسل رواية الأبناء عن الآباء أربعة عشر
رجلا من رواية
(1/348)
حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي
سعد السمعاني بمرو الشاهان عن أبي النضر عبد الرحمن بن عبد
الجبار الفاشي قال: سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد
العلوي يقول: الإسناد بعضه عوال وبعضه معال وقول الرجل حدثني
أبي عن جدي من المعالي.
الثاني: رواية إلابن عن أبيه دون الجد وذلك باب واسع
وهو نحو: رواية أبي العشراء الدارمي عن أبيه عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وحديثه معروف.
وقد اختلفوا فيه: فإلاشهر أن أبا العشراء هو أسامة بن مالك بن
قهطم وهو فيما نقتله من خط البيهقي وغيره: بكسر القاف وقيل:
قحطم بالحاء وقيل: هو عطارد بن برز بتسكين الراء وقيل:
بتحريكها أيضا وقيل: بن بلز باللام. وفي اسمه واسم أبيه من
الخلاف غير ذلك والله أعلم.
__________
أبى محمد الحسن بن على قال حدثنى والدى على بن أبى طالب قال
حدثنى والدى أبو طالب الحسن بن عبيد الله قال حدثنى والدى عبيد
الله بن محمد قال حدثنى محمد بن عبيد الله قال حدثنى والدى
عبيد الله بن على قال حدثنى والدى على بن الحسن قال حدثنى
والدى الحسن بن الحسين قال حدثنى والدى الحسين بن جعفر أول من
دخل بلخ من هذه الطائفة قال حدثنى والدى جعفر بن عبد الله قال
حدثنى والدى عبيد الله قال حدثنى والدى الحسين الأصغر قال
حدثنى والدى على زين العابدين قال حدثنى والدى الحسين حدثنى
والدى على بن أبى طالب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم المجالس بالأمانة رواه الحافظ أبو سعيد بن
السمعانى في الذيل قال أنبأنا أبو شجاع عمر ابن أبى الحسن
البسطامى الإمام بقراءتى وأبو بكر محمد بن على بن ياسر الجيانى
من لفظه قالا حدثنا السيد أبو محمد الحسن بن على بن أبى طالب
فذكره.
أورده في ترجمة الحسن بن على هذا وقال كان أحد الكبار
المشهورين بالجود والسخاء وفعل الخيرات ومحبة أهل العلم
والصلاح وداره كانت مجمع الفقهاء والفضلاء إلى أن قال توفي في
رجب سنة اثنتين وخمسمائة قلت وفي آبائه من لا يعرف حاله وهذا
الحديث من جملة أربعين حديثا منها مناكير والله أعلم.
(1/349)
|