الغاية في شرح الهداية في علم الرواية كِتَابَة الحَدِيث وَضَبطه
(35 - (ص) وليحرص فى الضَّبْط كل الضَّبْط ... وليعتنى بشكله
والنقط)
(36 - لَو لم يكن لِلْخَطِّ فى إعجامه ... إِلَّا سَلامَة من
استعجامه)
(37 - لَا سِيمَا مشتبه الأسامى ... فَإِنَّهَا لم تَكُ فى
الأفهام)
(ش) : أى وليحرص الطَّالِب إِذا كتب الحَدِيث على صرف الهمة فى
ضَبطه، وتحقيقه شكلا ونقطا وإيضاحا من غير مشاق وَلَا تَعْلِيق
بِحَيْثُ يُؤمن اللّبْس مَعَه، [فَلَو لم يكن فى إعجام الْخط]
وَهُوَ نقطه وَضَبطه [إِلَّا السَّلامَة من استعجامه] وَهُوَ
التباسه بِحَيْثُ لَا يقدر كل أحد على قِرَاءَته، ثمَّ قيل:
إِنَّمَا يشكل الْمُشكل وَلَا يشْتَغل بتقييد الْوَاضِح فقد
كرهه بعض الْعلمَاء، لَكِن قَالَ القَاضِي عِيَاض: " الصَّوَاب
أَن يشكل الْجَمِيع لأجل الْمُبْتَدِئ، وَغير المعرب " وَقد
وَقع الْخلاف فى مسَائِل مرتبَة على الْإِعْرَاب كَحَدِيث "
ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه " بِرَفْع ذَكَاة ونصبه وَكَذَا "
لَا نورث مَا تركنَا
(1/86)
صَدَقَة " وَهَذَا هُوَ اللَّائِق فى زمننا
بل الذى أرَاهُ الْآن الِاقْتِصَار على رِوَايَة وَاحِدَة، لَا
كَمَا يَفْعَله من يحصل " البخارى " مثلا من نُسْخَة
الْحَافِظ: " اليونينى " لما يحصل بِسَبَب ذَلِك من الْخَلْط
الْفَاحِش الذى سَببه عدم التَّمْيِيز، وينبغى أَن يكون
اعتناؤه بضبطه الملتبس من الْأَسْمَاء أَكثر؛ لِأَنَّهُ نقل
مَحْض، وَلَا مدْخل للأفهام فِيهِ مثل: " يربد " بِضَم
الْمُوَحدَة فَإِنَّهُ شَبيه ب " يزِيد " وَلذَلِك قَالَ
بَعضهم: أولى الْأَشْيَاء بالضبط أَسمَاء النَّاس؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ قبله [/ 35] شَيْء يدل عَلَيْهِ، وَلَا بعده شَيْء يدل
عَلَيْهِ، وَلَا مدْخل للْقِيَاس فِيهِ.
(38 - (ص) ودارة بعد الحَدِيث يفصل ... بَينهمَا، وَالْوسط
مِنْهَا يغْفل)
(39 - فَعِنْدَ عرض وَسطهَا يعلم ... وليحذر اصْطِلَاح من لَا
يفهم)
(ش) : أى وَيجْعَل بعد كل حَدِيث [دارة] أى: حَلقَة يفصل بهَا
بَين الْحَدِيثين، فقد فعل ذَلِك جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين
مِنْهُم الإِمَام أَحْمد، وَابْن جرير، وَاسْتحبَّ الْخَطِيب
أَن يكون [غفلا] أى مُهْملَة من نقطة تداخلها وَإِلَيْهِ
الْإِشَارَة بقوله: [وَالْوسط مِنْهَا يغْفل] أى: يخليه،
فَإِذا عَارض أعلم بنقطه وَسطهَا ليَكُون إِشَارَة إِلَى
الْغَرَض، وليحذر أَن
(1/87)
يصطلحه لنَفسِهِ فِيمَا يعتني بِهِ من جمع
الرِّوَايَات واختلافها رمزا لَا يفهمهُ غَيره من النَّاس،
إِلَّا أَن يبين مُرَاده إِمَّا بِأول الْكتاب وَآخره أَو
نَحْو ذَلِك.
(40 - (ص) وَإِن أَتَى اسْم الله أَو صفته ... وَخيف لبس كرهت
كتبته)
(41 - أول سطر، وليحافظن على ... كتب الصَّلَاة وَالسَّلَام
أكملا)
(ش) : أى لَا يكْتب فى مثل عبد الله ابْن فلَان: عبد فى أول
سطر وَاسم الله تَعَالَى مَعَ ابْن فلَان أول الْأُخَر،
وَكَذَا يتَجَنَّب فى ذَلِك مثل عبد الْقَادِر، وَنَحْوه من
الْأَسْمَاء وَالصِّفَات كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم
بقوله: [أَو صفته] فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالصّفةِ هُنَا
الْمُشْتَقّ لَا الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ، لعدم وجود
مِثَال لَهُ، ويتجنب أَيْضا فى مثل رَسُول الله وَنَحْو ذَلِك
مِمَّا يَقع فِيهِ لبس، فَإِن ذَلِك يكره. وليحافظ الطَّالِب
على كِتَابَة الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] كلما كتبه [/ 36] بِدُونِ رمز كَمَا يَفْعَله
الكسالى، وَلَا يسأم من تكراره سَوَاء كَانَ ثَابتا فى الأَصْل
أم لَا، وَلَكِن فِيمَا إِذا لم يكن ثَابتا الْإِشَارَة بِمَا
تشعر بذلك أخذا من قَول ابْن دَقِيق الْعِيد فى نَظِيره، وَمن
أغفل الصَّلَاة وَالسَّلَام حرم حظا عَظِيما، ويروى عَنهُ [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " من صلى على فى كتاب لم تزل
الْمَلَائِكَة تصلى عَلَيْهِ مَا دَامَ اسمى فى ذَلِك الْكتاب
" وَيسْتَحب التَّلَفُّظ بهَا مَعَ ذَلِك، وَعدم الِاقْتِصَار
على الصَّلَاة دون السَّلَام
(1/88)
كَمَا سلف فى الْخطْبَة، ولمسألتى
الِاقْتِصَار وَالرَّمْز أَشَارَ بقوله: [أكملا] وَكَذَا ينبغى
اسْم الله عز وَجل أَن يتبعهُ بالتعظيم كعز وَجل وَنَحْو
ذَلِك، وَكَذَا أَلا يغْفل الترضى والترحم على الصَّحَابَة
وَالْعُلَمَاء.
(42 - (ص) وَبعد أَن يكْتب فليقابل ... قبل، وَإِلَّا فارم فى
الْمَزَابِل)
(ش) : أى وَبعد فرَاغ الطَّالِب من الْكِتَابَة: عَلَيْهِ
مُقَابلَة كِتَابه بِأَصْل شَيْخه، أَو بِأَصْل أصل شَيْخه
الْمُقَابل بِهِ أصل شَيْخه، أَو بفرع مُقَابل بِأَصْل السماع
الْمُقَابلَة الْمَشْرُوطَة، وَأفضل الْمُقَابلَة أَن يُعَارض
كِتَابه بِنَفسِهِ مَعَ شَيْخه حَال السماع، وَقيل أفضلهَا:
مُقَابلَته مَعَ نَفسه وَالْأول أولى، وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
النَّاظِم من قَول الْقَائِل: اكْتُبْ وَلَا تقَابل وارم فى
الْمَزَابِل قد روينَاهُ عَن وَأحسن النَّاظِم فى سِيَاقه
بِصِيغَة التمريض، فَإِن هَذَا وَإِن علم عدم إِرَادَة فعله
إِنَّمَا أُرِيد بِهِ وبشبهه كالذى روى عَن الأوزاعى وَيحيى بن
أَبى كثير أَنَّهُمَا قَالَا: (مثل الذى يكْتب وَلَا يُعَارض
مثل الذى يدْخل [/ 37] الْخَلَاء وَلَا يستنجى)
(1/89)
للتحريض على عدم ترك الْمُقَابلَة لَكِن
فِيهِ مُبَالغَة فى اللَّفْظ وَأحسن مِنْهُ قَول الْأَخْفَش:
إِذا نسخ الْكتاب وَلم يُقَابل ثمَّ نسخ وَلم يُعَارض خرج
أعجميا.
(43 - (ص) وليعن بالتصحيح والتضبيب ... وَلحق يكْتب بالترتيب)
(1/90)
(ش) : أى وليعتن الطَّالِب بالتصحيح
والتضبيب فَإِن ذَلِك من شَأْن المتقنين. فالتصحيح كِتَابَة:
صَحَّ على كَلَام صَحَّ رِوَايَة وَمعنى، لكَونه عرضة للشَّكّ
وَالْخلاف.
[والتضبيب] وَقد يُسمى التمريض: أَن يمد خطا أَوله كرأس
الصَّاد وَلَا يلصق بالمدود عَلَيْهِ على ثَابت نقلا فَاسد
لفظا أَو معنى، أَو ضَعِيف، أَو نَاقص. وَمن النَّاقِص مَوضِع
الْإِرْسَال أَو الِانْقِطَاع، وَرُبمَا اقْتصر بَعضهم على
الصَّاد فى عَلامَة التَّصْحِيح، فاشبهت [الضبة] وَيُوجد فى
بعض الْأُصُول الْقَدِيمَة فى إِسْنَاد فِيهِ جمَاعَة عطف
بَعضهم على بعض عَلامَة تشبه الضبة بَين أسمائهم وَلَيْسَت ضبة
بل كَأَنَّهَا عَلامَة الِاتِّصَال وَقَوله:
[وَلحق يكْتب بالترتيب] هَذِه مَسْأَلَة اللحق لما يجده
الطَّالِب فى كِتَابه من غلط، وَصفَة كِتَابَته: أَن يخط عِنْد
مَوضِع سُقُوطه خطا صاعدا قَلِيلا مَعْطُوفًا بَين السطرين
عطفة يسيرَة إِلَى جِهَة اللحق. وَقيل يمد العطفة إِلَى أول
اللحق ثمَّ يكْتب اللحق قبالة العطفة فى الْحَاشِيَة من جِهَة
الْيَمين إِلَّا أَن يكون السقط آخر السطر فَمن جِهَة الشمَال،
ويكتبه فى كليهمَا صاعدا إِلَى أَعلَى الورقة لَا إِلَى
أَسْفَلهَا لاحْتِمَال سقط آخر بعده فَإِن [/ 38] زَاد اللحق
على سطر ابْتَدَأَ سطوره من أَعلَى الطرة المجانب لَهُ إِلَى
أَسْفَل، بِحَيْثُ تنتهى سطوره إِلَى أصل الْكتاب إِن كَانَ
التَّخْرِيج فى جِهَة الْيَمين وَإِن كَانَ فى الشمَال
ابْتَدَأَ سطوره من جَانب أصل الْكتاب بِحَيْثُ تنتهى سطوره
إِلَى جِهَة طَرِيق الورقة، وَإِن اتّفق انْتِهَاء الْهَامِش
قبل فرَاغ السقط اسْتَعَانَ بِأَعْلَى الوقة من كلا
الْجِهَتَيْنِ، وكل مِمَّا تقدم إِن لم يضق الْمحل، إِمَّا
بلحق قبله فى السطر، أَو قريب مِنْهُ، وَإِمَّا بِعَدَمِ سلوك
كَاتب النُّسْخَة صِيغ جلّ الْمُتَقَدِّمين فى عرض الطره من
الْجَانِبَيْنِ مَعًا بِحَيْثُ لَا يخْشَى من الْكِتَابَة
فِيهِ من التَّكْلِيف لرؤية الْمَكْتُوب بالتجليد، فَإِن عرض
شَيْء من ذَلِك اجْتهد فِيمَا يكون طَرِيقا للْبَيَان وَزَوَال
(1/91)
الالتباس، ثمَّ يكْتب فى انْتِهَاء اللحق
صَحَّ، وَقيل: يكْتب مَعهَا رَجَعَ، وَقيل: الْكَلِمَة
الْمُتَّصِلَة بِهِ، وَلَيْسَ بمرضى لِأَنَّهُ تَطْوِيل موهم.
(44 - (ص) والحك والمحو وَالْأولَى الضَّرْب ... وَفِيه
تَفْصِيل لنا أحب)
(ش) أى وليعتن الطَّالِب إِذا وَقع فى الْكتاب مَا لَيْسَ
مِنْهُ بإزالته بالحك وَيُسمى أَيْضا: كشطا وبسرا، [بالمحو]
وَهُوَ الْإِزَالَة بِدُونِ سلخ [أَو بِالضَّرْبِ] وَهُوَ
أولاها فقد كره الحك، والمحو أهل الْعلم لاحْتِمَال
التَّغْيِير، وَرُبمَا أفسد الورقة وَمَا ينفذ إِلَيْهِ والمحو
غَالِبا مسود للقرطاس، لَكِن النَّاظِم لَا يرى أَن الضَّرْب
أولى مُطلقًا بل يفصل بَين مَا يتَحَقَّق كَونه غَلطا سبق
الْعلم بِهِ فَيكون الكشط أولى: لِئَلَّا يُوهم بِالضَّرْبِ
عَلَيْهِ أَن لَهُ أصلا وَإِلَّا فالضرب، وَإِلَى [/ 39] هَذَا
أَشَارَ بقوله: [وَفِيه تَفْصِيل لنا أحب] ثمَّ إِذا أزاله
بِالضَّرْبِ، فَاخْتلف فى كيفيته، فَقيل: يخط فَوْقه خطا بَينا
مختلطا بِهِ وبتركه يُمكن الْقِرَاءَة، وَيُسمى الشق، وَقيل:
لَا يخلطه بالمكتوب، بل يكون فَوْقه مَعْطُوفًا على أَوله
وَآخره، وَقيل: يحوق أَوله وَآخره، وَرُبمَا يحوق على أول كل
سطر وَآخره، وَقيل يكْتب " لَا " فى أَوله و " إِلَى " فى
آخِره، وَإِن كَانَ الضَّرْب على مُكَرر فَقيل: على الثانى،
وَقيل: ينتقى أحسنهما وأبينهما صُورَة وَفصل القاضى عِيَاض
فَقَالَ: إِن كَانَ فى أول سطر ضرب على الثانى، أَو فى آخِره
فعلى الأول؛ صِيَانة لأوّل الأسطر وَآخِرهَا أَو فى آخر سطر
وَأول آخر، ضرب على آخر السطر؛ صِيَانة لأوله فَإِن تكَرر
الْمُضَاف، أَو الْمُضَاف إِلَيْهِ، أَو الْمَوْصُوف، أَو
الصّفة، روعى اتصالهما.
(1/92)
الْإِشَارَة بالرمز
(45 - (ص) واختصروا أخبرنَا خطا " أَنا " ... واختصروا حَدثنَا
" ثَنَا "، و " نَا ")
(ش) : غلب على كتبة الحَدِيث اخْتِصَار أخبرنَا، وَحدثنَا،
والاقتصار بالرمز فيهمَا بِحَيْثُ شاع واشتهر حَتَّى صَار لَا
يخفى على أحد مِنْهُم فيكتبون من أخبرنَا ثَلَاثَة أحرف: الأول
والأخيرتين فَيصير: " أَنا "، وَرُبمَا أضافوا لذَلِك الْبَاء
الْمُوَحدَة فَيصير " أنبا "، وَإِن أغفله النَّاظِم لضيق
النّظم. وَمن حَدثنَا ثَلَاثَة أحرف أَيْضا مُتَوَالِيَة من
آخرهَا فَيصير: ثَنَا " وَرُبمَا اقتصروا على الْأَخِيرَتَيْنِ
مِنْهُمَا فَقَط فَيكون " نَا " وَكَذَا اقْتصر [/ 40]
المحدثون على " أرنا " من أخبرنَا وعَلى " دثنا "، واصطلح بعض
الْعَجم على (أَخ) من أخبرنَا، و (ح) من حَدثنَا، وَأما
أَنبأَنَا فَلَا يختصرونها خوفًا (خوفًا) من الالتباس.
(1/93)
(46 - (ص) وتكتب الْحَاء لتحويل السَّنَد
... مُهْملَة، وَالْأَكْثَر الإعجام رد)
(ش) : أى: إِذا كَانَ للْحَدِيث إسنادان فَأكْثر؛ كتب عِنْد
الِانْتِقَال من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد (ح) إِشَارَة إِلَى
التَّحْوِيل، من أَحدهمَا إِلَى الآخر فيتلفظ بهَا المحدثون
عِنْد الْوُصُول إِلَيْهَا فَيَقُول (ح) ويمر فى الْقِرَاءَة،
وَعَلِيهِ الْعَمَل. وَقيل: هى من الْحَيْلُولَة لِأَنَّهَا
تحول بَين الإسنادين وَلَيْسَت من الحَدِيث، فَلَا يتَلَفَّظ
بِشَيْء مَكَانهَا، وَقيل: هِيَ إِشَارَة إِلَى قَوْلنَا:
الحَدِيث، فَلذَلِك تق وَله المغاربة مَكَانهَا فى
الْقِرَاءَة. وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا " خاء " مُعْجمَة ويتلفظ
بهَا كَذَلِك، يُرِيد أَنه إِسْنَاد آخر، أَو خبر، حَكَاهُ
الدمياطى عَن بعض الْمُحدثين، وَالْأَكْثَر على خِلَافه
وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم [وَالْأَكْثَر الإعجام] مفعول رد،
وبقى أَيْضا أَن بعض الْمُتَقَدِّمين من الْحفاظ كتب مَكَانهَا
(صَحَّ) وَالظَّاهِر أَن ذَاك
(1/94)
اجْتِهَاد من الْأَئِمَّة فى شَأْنهَا من
أجل أَنه لم يتَبَيَّن لَهُم فِيهَا شئ من الْمُتَقَدِّمين
وَرَأَيْت بَعضهم يَجْعَل بَينهمَا بَيَاضًا يَسِيرا وَهُوَ
ملبس لغير المميزين.
(47 - (ص) وَبعد مَا يَسُوق الْإِسْنَاد إِلَى ... مُصَنف يعود
عاطفا على)
(48 - ذَلِك الْإِسْنَاد يَقُول وَبِه ... أى وَبِالْإِسْنَادِ
على ذَا نبه)
(ش) : أى إِذا قَرَأَ الطَّالِب إِسْنَاد شَيْخه الْمُحدث
بِالْكتاب أَو لجزء أول الشُّرُوع فى قرأته فَكل مَا انْتهى من
حَدِيث عطف عَلَيْهِ لَهُ فى أول الذى بعده، وَبِه قَالَ: "
ثَنَا "، ليَكُون كَأَنَّهُ قد أسْندهُ إِلَى صَاحب كل حَدِيث،
ثمَّ فى الْمجْلس الثانى يَقُول لشيخه، وبسندك الماضى إِلَى
فلَان وَيُشِير إِلَى صَاحب الْكتاب قَالَ: " ثَنَا " إِلَى
آخِره وَأما مَا جرت الْعَادة بِهِ من إِعَادَة السَّنَد يَوْم
ختم الْكتاب فَذَلِك لأجل من يَتَجَدَّد.
كِتَابَة التسميع وَالْعَمَل بِمَا يسمع وَترك التعصب
(49 - (ص) وَيكْتب الطباق بِالسَّمَاعِ ... بِخَط موثوق وَضبط
واعى)
(ش) : لما انْتهى من كَيْفيَّة السماع نبه على مَا جرت بِهِ
الْعَادة من كِتَابَة السامعين
(1/95)
[والطبقة] الْجَمَاعَة المشتركون فى شئ
خَاص، كسماع كتاب مَخْصُوص، وَنَحْوه، وينبغى أَن يكون كَاتب
الطَّبَقَة موثوقا بِهِ فَإِنَّهُ أَمِين فى ذَلِك وَصورتهَا:
أَن يَقُول مثلا: سمع الْكتاب الفلانى على فلَان، ويسميه ويسوق
نسبه وكنيته بسماعى لَهُ على فلَان، وَيذكر سَنَده إِن لم يكن
بالنسخة بِقِرَاءَة فلَان، ويسرد أَسمَاء الْجَمَاعَة
المكملين، ثمَّ المفوتين مُبينًا لقدر فواتهم. مُمَيّزا
للحاضرين من السامعين من غير إِسْقَاط لأحد مِنْهُم لغَرَض
فَاسد، ويعين التَّارِيخ، وَالْمَكَان، وَعَلِيهِ التحرى فى كل
مَا يُثبتهُ ويجتنب التساهل وَإِذا لم يحضر مَجْلِسا [/ 42]
فَلهُ أَن يعْتَمد فِيمَن شهد إِخْبَار الشَّيْخ، أَو ثِقَة
مِنْهُم.
(50 - (ص) وليجتنى حُلْو الذى يحصل ... فَلَا يزين الْعلم
إِلَّا الْعَمَل)
(ش) : أى وَإِذا سمع الطَّالِب شَيْئا، أَو قَرَأَهُ واعتنى
بضبطه بنقطه وشكله، وَفهم من مَعَانِيه مَا تيَسّر لَهُ،
فليعمل بِمَا علم، فثمرة الْعلم الْعَمَل بِهِ، وليستعمل مَا
يُمكنهُ اسْتِعْمَاله مِمَّا سَمعه فى الحَدِيث من أَنْوَاع
الْعِبَادَات، والآداب، فَذَلِك زَكَاة الحَدِيث، كَمَا صرح
بِهِ بشر الحافى حَيْثُ قَالَ: " يَا أَصْحَاب الحَدِيث أَدّوا
زَكَاة هَذَا الحَدِيث، اعْمَلُوا من كل مائتى حَدِيث
بِخَمْسَة أَحَادِيث "، وَقَالَ عَمْرو بن قيس الملائى: " إِذا
بلغت شئ من الْخَبَر فاعمل بِهِ وَلَو مرّة تكن من أَهله
وَيكون الْعَمَل بِهِ سَببا لحفظه " كَمَا قَالَ وَكِيع: "
إِذا أردْت حفظ الحَدِيث فاعمل بِهِ ".
(1/96)
(51 - (ص) والحذر الحذار من تعصب ... وَأَن
يرد سنة بِمذهب)
(ش) فرغ من التَّرْغِيب فى الْعَمَل بِمَا يعلم، حذر من التعصب
ورد السّنة الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة برأى إِمَامه من غير علم
بِحَال إِمَامه فى تِلْكَ السّنة وَمَا سَبَب عدوله عَنْهَا.
أَنْوَاع الْأَخْذ، والتحمل، وأنواع الْإِجَازَة
(52 - (ص) وَالنَّقْل أَقسَام ثَمَان الأول ... حَدثنَا عَن
لفظ شيخ ينْقل)
(53 - وَبعده أخبرنَا أَن قرا ... عَلَيْهِ أَو سمع ثمَّ أنبا)
(54 - لما يحاز من معِين وَإِن ... عَمت فخلف، والجهالة امنعن)
(ش) لما فرغ النَّاظِم من كَيْفيَّة السماع والتحصيل، شرع فى
أَقسَام النَّقْل الذى هُوَ أَدَاء مَا تحمله، وفى كَيْفيَّة
صِيغَة التأدية فى كل قسم مِنْهَا متقصرا على الشَّائِع
الْغَالِب على أهل الحَدِيث فأولها: وَهُوَ أَعْلَاهَا عِنْد
الْمُحَقِّقين: سَماع الراوى من لفظ الشَّيْخ سَوَاء كَانَ
إملاء أَو تحديثا من غير إملاء، وَسَوَاء كَانَ من حفظه، أَو
من كِتَابه، لَكِن الْإِمْلَاء أَعْلَاهَا، وَصِيغَة الْأَدَاء
فى الِاصْطِلَاح الشَّائِع: " حَدثنَا " يعْنى إِن كَانَ سمع
فى جمَاعَة، وَقد يأتى بنُون الْجمع أَيْضا، وَهُوَ وَحده
للعظمة، لكنه نَادِر وَأكْثر مَا يَقُول الْمُنْفَرد: "
حَدَّثَنى ".
(1/97)
وَكَذَا من صِيغَة سَمِعت إفرادا أَو جمعا
كَذَلِك أَيْضا. وَاخْتلف فى أَيهمَا أصرح؟ فَقَالَ الْخَطِيب
وَتَبعهُ شَيخنَا: " سَمِعت "، لكَونهَا لَا تحْتَمل
الْوَاسِطَة، أى لَا يستعملها الراوى فى تَدْلِيس مَا لم
يسمعهُ، وَلِأَن " حَدَّثَنى " قد تطلق فى الْإِجَازَة.
وَقَالَ بَعضهم: " حَدَّثَنى ". لدلالتها على أَن الشَّيْخ
رَوَاهُ إِيَّاهَا بِخِلَاف " سَمِعت "، ولأول أصح،
وَثَانِيها: الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وتسميها أَكثر القدماء
عرضا لِأَن الْقَارئ يعرضه على الشَّيْخ وَسَوَاء قَرَأَ هُوَ
أَو قَرَأَ غَيره وَهُوَ يسمع وَسَوَاء قَرَأَ من كِتَابه أَو
من حفظه وَسَوَاء كَانَ الشَّيْخ يحفظه، أَو ثِقَة غَيره، أم
لَا، إِذا كَانَ الأَصْل مَعَ وَاحِد مِنْهُمَا، وَالرِّوَايَة
بِهَذَا الْقسم صَحِيحَة بالِاتِّفَاقِ، خلافًا لمن لَا يعْتد
بِهِ، وَيَقُول فِيهِ الْمُحدث عِنْد الْأَدَاء [44] " أخبرنَا
" والأحوط: الإفصاح بِصُورَة الْوَاقِع فَيَقُول إِن كَانَ
قَرَأَ: قَرَأت على فلَان، أَو سمع: قرئَ عَلَيْهِ وَأَنا
أسمع، وَاخْتلف فى هذَيْن الاسمين: أَهما سَوَاء؟ أَو أحدهم
أرجح من الآخر؟ فَنقل التساوى عَن مَالك وأشياخه ومعظم
عُلَمَاء الْحجاز، والكوفة، والبخارى، وَنقل تَرْجِيح الأول
عَن جُمْهُور عُلَمَاء الْمشرق، وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا مَشى
عَلَيْهِ النَّاظِم حَدِيث قدمه، وَحكى تَرْجِيح هَذَا الْقسم
عَن أَبى حنيفَة، لَكِن فِيمَا إِذا كَانَ الشَّيْخ يحدث من
كتاب دون مَا إِذا كَانَ يحدث عَن حفظه، وَعَن مَالك فى
رِوَايَة وَابْن أبي ذِئْب، وَغَيرهمَا مُطلقًا، وَثَالِثهَا:
الْإِجَازَة وَهِي أَنْوَاع: أَعْلَاهَا الْإِجَازَة بِكِتَاب
معِين لشخص
(1/98)
معِين، نَحْو: أجزتك كتاب البخارى مثلا،
وأجزت فلَانا الفلانى، وَلَا يضرّهُ جَهَالَة عينه جَمِيع مَا
اشْتَمَلت عَلَيْهِ فهرستى، وَنَحْو ذَلِك وَإِلَيْهِ
الْإِشَارَة بقوله [لما يجاز] أَي النَّاقِل بِهِ من كتاب
معِين فَهَذَا أَعلَى أَنْوَاع الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة عَن
المناولة. وَالصَّحِيح عِنْد الْجُمْهُور من عُلَمَاء
الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء: جَوَاز الرِّوَايَة بِالْإِجَازَةِ،
وَالْعَمَل بِمَا وَيَقُول الْمُحدث تبعا لعرف الْمُتَأَخِّرين
عِنْد الْأَدَاء: " أَنبأَنَا " و " أنبأنى "، والطبقة
الْوُسْطَى لَا يذكرُونَ الإنباء إِلَّا مُقَيّدا
بِالْإِجَازَةِ، فَلَمَّا كثر واشتهر اسْتغنى الْمُتَأَخّرُونَ
عَن ذكره. أَفَادَهُ شَيخنَا، وَكَذَا يلْتَحق بِهَذَا
النَّوْع فى الصِّحَّة: مَا إِذا لم يعين الْمجَاز بِهِ مثل
أَن يَقُول: مسموعاتى، أَو مروياتى [/ 45] ، وَلَكِن الْخلاف
فى هَذِه أقوى وَيُمكن إخْرَاجهَا من قَول النَّاظِم: [وَإِن
عَمت لخلف] فَإِنَّهَا قد شملها مَعَ مَسْأَلَة التَّعْمِيم فى
الْمجَاز لَهُم، كَأَن يَقُول لَهُم: أجزت للْمُسلمين، أَو لمن
أدْرك زمانى، أَو لمن فى عصرى، أَو لأهل الإقليم الفلانى، أَو
الْبَلَد الفلانى، وَمَا أشبه ذَلِك، وَإِن كَانَ الظَّاهِر
أَنه إِنَّمَا أرادها لقُوَّة الْخلاف فِيهَا، فقد جوزها
الْخَطِيب، وَغَيره واستعملها جمَاعَة لَكِن قَالَ ابْن
الصّلاح: " إِنَّه لم يسمع عَن أحد مِمَّن يقْتَدى بِهِ
اسْتِعْمَالهَا " قَالَ: " وَالْإِجَازَة فى أَصْلهَا ضَعِيف،
وَقد تزداد بِهَذَا التَّوَسُّع والاسترسال ضعفا كثيرا لَا
ينبغى احْتِمَاله " قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَن
الْإِجَازَة الْخَاصَّة الْمعينَة (يخْتَلف فى صِحَّتهَا)
اخْتِلَافا قَوِيا عِنْد القدماء، وَإِن كَانَ الْعَمَل
اسْتَقر على اعْتِبَارهَا عِنْد الْمُتَأَخِّرين، فهى دون
السماع بالِاتِّفَاقِ، فَكيف إِذا حصل فِيهَا الاسترسال
(1/99)
الْمَذْكُور؟ ؟ ! فَإِنَّهَا تزداد ضعفا،
لَكِنَّهَا فى الْجُمْلَة خير من إِيرَاد الحَدِيث (معطلا)
انْتهى. وَمِمَّنْ استعملها: الرافعى فى " تَارِيخ قزوين "،
وَكَذَا النووى قَرَأت بِخَطِّهِ فى آخر بعض تصانيفه: وأجزت
رِوَايَته لجَمِيع الْمُسلمين. وَكَذَا صنع تِلْمِيذه المزى،
وَعمل بهَا العراقى بعد تصريحه بتوقفه عَن الرِّوَايَة بهَا،
وَكَذَا عمل بهَا وَلَده، فَإِن قيدت بِوَصْف خَاص، أَو
بِجَمَاعَة مَحْصُورين، فأقرب إِلَى الْجَوَاز، وَكَذَا اخْتلف
فى الْإِجَازَة للمعدوم كَأَن يَقُول: أجزت [/ 46] لمن سيولد
لفُلَان واستعملها ابْن مَنْدَه، وَغَيره [وَقيل: إِن عطف
ذَلِك على من كَانَ] يَقُول أجزت لَك وَلمن سيولد لَك؟ صَحَّ،
لَكِن قَالَ شَيخنَا: إِن الْأَقْرَب عدم الصِّحَّة، [وَكَذَا
اخْتلف فى الْإِجَازَة الْمُعَلقَة بِالْمَشِيئَةِ] كأجزت لَك
إِن شَاءَ فلَان، أَو أجزت لمن شَاءَ فلَان، لَا أجزت لَك إِن
شِئْت، وَاسْتعْمل الْمُعَلقَة ابْن أَبى خَيْثَمَة، وَجوز
الْخَطِيب الرِّوَايَة بِجَمِيعِ ذَلِك سوى الْمَجْهُول الذى
لم [يبين] ، وَحَكَاهُ عَن جمَاعَة من مشايخه وَمن
أَنْوَاعهَا: الْإِجَازَة للجمهول، أَو بِالْمَجْهُولِ
كَقَوْلِه: أجزت مُحَمَّد بن أَحْمد الدمشقى، وَثمّ جمَاعَة
مسمون بذلك، وَلم يعين المُرَاد مِنْهُم أَو يَقُول: أجزت
فلَانا كتاب " السّنَن " وَهُوَ يرْوى عدَّة كتب تعرف بالسنن،
وَلم يعين، فَتلك إجَازَة بَاطِلَة مَمْنُوع من الْعَمَل بهَا،
وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقول النَّاظِم [والجهالة امنعن] أى
بِلَا خلاف، وهى بِالنّصب مفعول مقدم.
(55 - (ص) وَجَائِز من مسمع يعنعن ... وَإِن يكن كِتَابَة
يبين)
(1/100)
(ش) : أى من صِيغ النَّقْل فى السماع:
المعنعن، وَهُوَ الرِّوَايَة بعن، وهى عِنْد الْمُتَقَدِّمين
مَحْمُولَة عى السماع إِن صدرت من معاصر غير مُدَلّس، وَاشْترط
البخارى فى حملهَا على السماع: ثُبُوت لِقَاء الراوى لمن روى
عَنهُ وَلَو مرّة وَاحِدَة، ليحصل الْأَمْن فى باقى [معنعنه]
عَن كَونه من الْمُرْسل الخفى. قَالَ شَيخنَا: [وَهُوَ ظَاهر]
انْتهى.
وَتوقف بعض الآخذين عَنهُ فى تَرْجِيح " كتاب البخارى "
بِهَذَا الشَّرْط على كتاب " مُسلم "، وَقَالَ: احْتِمَال عدم
سَماع من لقى جَازَ فى مروياته [/ 47] كاحتمال عدم سَماع من
عاصر وَلم يثبت لقاؤه وَلَا عدم لِقَائِه، فَمَا كَانَ رَافعا
للاحتمال الْمَذْكُور فى الأول فَهُوَ كَذَلِك فى الثانى، قلت:
وَلَا يُنَازع فى الأرجحية بِهَذَا إِلَّا مكابر، وَأما فى عرف
الْمُتَأَخِّرين، فالعنعنة للإجازة، ثمَّ إِن كَانَت
الْإِجَازَة لَيست مشافهة بل كِتَابَة كتب بهَا الشَّيْخ إِلَى
الطَّالِب على مَا سيأتى فى الْقسم الْخَامِس، فَلَيْسَ ذَلِك
إفصاحا بالواقع [لَا نبنا] التحديث على الْأَمَانَة وَهَذَا
على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب كَمَا أَنه لَا يجب على السَّامع
أَن يبين: هَل كَانَ من لفظ الشَّيْخ أَو عرضا؟
(1/101)
(56 - (ص) ثمَّ المناولة حَيْثُ قرنت ...
إجَازَة صحت وَإِلَّا بطلت)
(ش) : أى هَذَا هُوَ الْقسم الرَّابِع وَهُوَ " المناولة " وهى
أَعلَى الإجازات وَإِن أوهم التَّعْبِير بثم خِلَافه لما
فِيهَا من التَّعْيِين، والتشخيص بِحَيْثُ سوى بَينهمَا وَبَين
الْقِرَاءَة على الشَّيْخ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة فى
التَّسْمِيَة إِذْ سَموهَا عرضا وَحِينَئِذٍ فينبغى
التَّمْيِيز بِأَن يُقَال فى هَذِه عوض المناولة، وفى ذَلِك
عرض الْقِرَاءَة وَالصَّحِيح أَنَّهَا منحطة عَن السماع
وَالْقِرَاءَة، وَقيل: هى فى الْقُوَّة كالسماع وَمن صورها أَن
يدْفع إِلَيْهِ الشَّيْخ أصل سَمَاعه أَو فرعا مُقَابلا
عَلَيْهِ، وَكَذَا أَن يناوله الطَّالِب سَمَاعه، فيتأمله،
وَهُوَ عَارِف بِهِ، ثمَّ يناوله الطَّالِب وَيَقُول لَهُ فى
الصُّورَتَيْنِ: هَذَا سماعى أَو روايتى عَن فلَان فاروه عَنى،
أَو أجزت لَك
(1/102)
رِوَايَته، ثمَّ يبقيه فى الصُّورَة [/ 48]
فى يَده [تَمْلِيكًا] أَو [إِعَارَة] إِلَى أَن ينسخه،
وَالرِّوَايَة بهَا صَحِيحَة عِنْد الْجُمْهُور. فَلَو لم
يُمكنهُ الشَّيْخ من الْكتاب فهى دون مَا سبق، وَأما إِذا
نَاوَلَهُ الطَّالِب شَيْخه وَأخْبرهُ بِأَنَّهَا سَمَاعه،
ثمَّ نَاوَلَهُ من غير نظر وَلَا تَحْقِيق لروايته فَهَذِهِ
بَاطِلَة، إِلَّا إِن وثق فى الطَّالِب أَو قيد بقوله حدث عَنى
بِمَا فِيهِ إِن كَانَ روايتى مَعَ براءتى من الْغَلَط، وكل
هَذِه الصُّور فِيمَا إِذا كَانَت المناولة مقرونة
بِالْإِجَازَةِ، أما مَعَ خلوها عَنْهَا فهى بَاطِلَة عِنْد
الْجُمْهُور، واعتبرها قوم، وَقَالُوا: إِن مناولته إِيَّاه
تقوم مقَام إرْسَاله إِلَيْهِ بِالْكتاب من بلد إِلَى بلد
وَالصَّحِيح فى هَذَا الْجَوَاز كَمَا سيأتى فَكَذَا فى
المناولة وأيده شَيخنَا بقوله: " لم يظْهر لى فرق [قوى] بَين
مناولة الشَّيْخ الْكتاب من يَده للطَّالِب وَبَين إرْسَاله
إِلَيْهِ بِالْكتاب من مَوضِع إِلَى آخر [إِذا خلى كل وَاحِد
مِنْهُمَا عَن الْإِذْن لَهُ] يعْنى فَإِن صُورَة كل مِنْهُمَا
أَن يُعلمهُ بِأَنَّهُ مسموعه، وَهُوَ ظَاهر بل يُمكن أَن
يُقَال: مناولته إِيَّاه أبعد عَن احْتِمَال طرُو التَّغْيِير
فِيهِ من مَسْأَلَة الْإِرْسَال، إِذا عرف هَذَا، فقد جوز
الزهرى، وَمَالك، وَغَيرهمَا مِمَّن جعلهَا معادلة للسماع
إِطْلَاق " حَدثنَا "، و " أخبرنَا " فى الرِّوَايَة بهَا،
وَلَكِن الصَّحِيح الذى عَلَيْهِ الْجُمْهُور، وَأهل التحرى:
الْمَنْع، وتخصيصها بِعِبَارَة مشعرة بهَا، وَقَوله: [حَيْثُ
قرنت] أى بالمناولة إجَازَة، فإجازة مَرْفُوع مبْنى لما لَهَا
يسم فَاعله [/ 49] وَيجوز النصب بِنَزْع الْخَافِض أى قرنت
المناولة بِالْإِجَازَةِ بالاقتران كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ.
(1/103)
(57 - (ص) ثمَّ الكتابات مثلهَا وَلَو ...
تجردت عَن الْإِجَازَة اكتفوا)
(ش) : هَذَا هُوَ الْقسم الْخَامِس وَهُوَ الْكِتَابَة،
وَذَلِكَ أَن يكْتب مسموعه أَو مقروءه جَمِيعه، أَو بعضه
لغَائِب، أَو حَاضر بِخَطِّهِ، أَو بِإِذْنِهِ، وهى أَيْضا
ضَرْبَان: مقرونة بِالْإِجَازَةِ، ومجردة عَنْهَا، فالمقرونة
فى الصِّحَّة وَالْقُوَّة مثل المناولة المقرونة بهَا، وَإِلَى
ذَلِك أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [مثلهَا] وَأما الْمُجَرَّدَة:
فَإِنَّهَا أَيْضا صَحِيحَة لجَوَاز الرِّوَايَة بهَا على
الصَّحِيح الْمَشْهُور بَين أهل الحَدِيث اكْتِفَاء
بِالْقَرِينَةِ، وهى عِنْدهم مَعْدُودَة فى الْمسند
الْمَوْصُول. وَقَالَ السمعانى: " هى أقوى من الْإِجَازَة "
ويكفى مَعْرفَته خطّ الْكتاب، وَشرط بَعضهم الْبَيِّنَة،
وَهُوَ ضَعِيف، وَأطلق غير وَاحِد من كتاب أهل الحَدِيث،
وَغَيرهَا فى الْمُكَاتبَة: " حَدثنَا "، و " أخبرنَا "،
وَالصَّحِيح أَن يُقَال: " كتب إِلَى فلَان "، و " أخبرنى
مُكَاتبَة، أَو " كِتَابَة "، أَو نَحْو ذَلِك، وَاخْتَارَ
الْمُتَأَخّرُونَ الْمُكَاتبَة فى الْإِجَازَة الْمَكْتُوب
بهَا، والمشافهة فى المتلفظ بهَا.
(58 - (ص) ثمت الْإِعْلَام وَفِيه ... ثمَّ وَصِيَّة لبَعض من
سلف)
(ش) : هَذَا هُوَ الْقسم السَّادِس، وَالسَّابِع، وأولهما:
الْإِعْلَام: وَهُوَ أَن يعلم الشَّيْخ الطَّالِب أَن هَذَا
الْكتاب رِوَايَته أَو سَمَاعه مُقْتَصرا على ذَلِك، من غير
إِذن فى رِوَايَته عَنهُ وَاخْتلف فى الرِّوَايَة بِهِ [/ 50]
وجوازها كثير من أهل الحَدِيث، وَالْفِقْه، وَالْأُصُول،
مِنْهُم: ابْن جريج، وَابْن الصّباغ، وَكَذَلِكَ
الظَّاهِرِيَّة بل زَاد بَعضهم فَقَالَ: " لَو قَالَ لَهُ
هَذَا روايتى وَلَا ترويه عَنى جَازَ لَهُ رِوَايَته "،
وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز لَهُ الرِّوَايَة بِمُجَرَّد
الْإِعْلَام، وَبِه قطع بعض الشَّافِعِيَّة وَاخْتَارَهُ
الْمُحَقِّقُونَ؛ لِأَنَّهُ قد يكون سَمَاعه بِإِذن فى
رِوَايَته
(1/104)
لخلل يعرفهُ، لَكِن يجب الْعَمَل بِهِ إِذْ
صَحَّ سَنَده عِنْد شَرطه الآتى فى الوجادة، وَثَانِيهمَا:
الْوَصِيَّة: وهى أَن يوصى الراوى عِنْد مَوته أَو سَفَره لشخص
بِكِتَاب يرويهِ الْمُوصى، فجوز بعض السّلف، وَهُوَ مُحَمَّد
بن سِيرِين للْمُوصى لَهُ رِوَايَة ذَلِك عَن الْمُوصى
كالإعلام، ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك للسَّائِل لَهُ عَنهُ: لَا
آمُرك وَلَا أَنهَاك. وَعلل القاضى عِيَاض الصِّحَّة: بِأَن فى
ذَلِك نَوْعَيْنِ: الْإِذْن وشبها من الْعرض والمناولة،
وَالصَّحِيح الصَّوَاب: أَنه لَا يجوز إِلَّا إِن كَانَت لَهُ
من الْمُوصى إجَازَة فَيكون رِوَايَته بهَا لَا بِالْوَصِيَّةِ
قَالَ ابْن الصّلاح: " وَقَول من جوزه إِمَّا زلَّة عَالم، أَو
مؤول بِأَنَّهُ قصد بِهِ رِوَايَته على سَبِيل الوجادة [وثمت]
تقدم أَنَّهَا لُغَة من ثمَّ.
(59 - (ص) وثامن وجادة بِخَط من ... تعرفه فَقل وجدت واحكين)
(ش) : هَذَا هُوَ الثَّامِن وَهُوَ: الوجادة بِكَسْر الْوَاو،
وهى مصدر من وجد يجد، يعْنى الَّذين فرعوا قَوْلهم وجادة
فِيمَا أَخذ من الْعلم من صحيفَة [/ 15] غير سَماع، وَلَا
إجَازَة، وَلَا مناولة من تَفْرِيق الْعَرَب بَين مصَادر وجد
للتمييز بَين الْمعَانى الْمُخْتَلفَة حَتَّى يظْهر التغاير
إِذا عرف هَذَا، فالوجادة: أَن يقف على كتاب بِخَط يعرفهُ لشخص
عاصره أَولا فِيهِ أَحَادِيث يَرْوِيهَا ذَلِك الشَّخْص، وَلم
يسْمعهَا مِنْهُ الْوَاجِد، وَلَا لَهُ مِنْهُ إجَازَة أَو
نَحْوهَا، فَلهُ أَن يَقُول: وجدت أَو قَرَأت بِخَط فلَان،
وَمَا أشبه، ثمَّ يَسُوق الْإِسْنَاد والمتن، وَإِلَيْهِ
أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [واحكين] وعَلى هَذَا الْعَمَل
قَدِيما وحديثا، وَهُوَ من بَاب الْمُنْقَطع لَكِن يشوبه شئ من
الِاتِّصَال بقوله: وجدت بِخَط فلَان، وَقد تساهل بَعضهم فى
الْإِتْيَان بِلَفْظ "
(1/105)
عَن " فى الوجادة، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن
الصّلاح: " تَدْلِيس قَبِيح لِأَنَّهُ يُوهم سَمَاعه بل جازف
بَعضهم فَأطلق فى الوجادة: " حَدثنَا "، و " أخبرنَا " وَأنكر
ذَلِك على فَاعله، وَلَعَلَّه كَانَ مِمَّن لَهُ إجَازَة،
وَتوسع فى إِطْلَاق ذَلِك على الْإِجَازَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ
بَعضهم، وَإِلَّا فَهُوَ أقبح تَدْلِيس قَادِح فى الرِّوَايَة،
وَاخْتلف فى الْعَمَل بمضمون الوجادة، فَمَنعه قوم،
وَأَجَازَهُ آخَرُونَ مِنْهُم: الشافعى، بل حكى ابْن الصّلاح
الْقطع بِوُجُوبِهِ عَن بعض محققى الشَّافِعِيَّة فى أصُول
الْفِقْه، وَعند حُصُول الثِّقَة بِهِ قَالَ: وَهُوَ الذى لَا
يتَّجه غَيره. وَكَذَا صَححهُ النووى وَاسْتدلَّ لَهُ ابْن
كثير بِحَدِيث: " أى الْخلق أعجب إِلَيْكُم إِيمَانًا قَالُوا:
الْمَلَائِكَة قَالَ: وَكَيف لَا يُؤمنُونَ [1 / 52] وهم عِنْد
رَبهم؟ وَذكروا الْأَنْبِيَاء، وَكَيف لَا يُؤمنُونَ والوحى
ينزل عَلَيْهِم؟ قَالُوا: فَنحْن قَالَ: كَيفَ لَا تؤمنون
وَأَنا بَين أظْهركُم؟ قَالُوا: فَمن يَا رَسُول الله قَالَ:
قوم يأْتونَ بعدكم يَجدونَ صحفا يُؤمنُونَ بِمَا فِيهَا ".
انْتهى، وينبغى تَقْيِيد هَذَا بِمَا إِذا كَانَ مِمَّن يسوغ
لَهُ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ اَوْ الِاحْتِجَاج بِهِ على مَا
تقرر فى مَحَله.
تَنْبِيه: قد اعْتمد أهل الحَدِيث معرفَة الخطوط فى هَذَا،
وَكَذَا فِيمَا يكْتب بِهِ إِلَيْهِم من يعْرفُونَ خطه
فَيَقُولُونَ: أخبرنَا فلَان كِتَابَة، أَو فى كِتَابه. أَو
كتب إِلَى، واكتفوا فى اعْتِمَاد الراوى فى الرِّوَايَة على
سَمَاعه الْمُثبت بِخَطِّهِ، أَو بِخَط ثِقَة، وَلَو لم نتذكره
وَمنعه الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَغَيره، لِأَنَّهُ مَأْمُور
لَا يَأْمَن التزوير، وَلَكِن الصَّحِيح الْجَوَاز لعمل
(1/106)
الْعلمَاء سلفا وخلفا، وَبَاب الرِّوَايَة
على التَّوسعَة، بل صرح فى " زَوَائِد الرَّوْضَة " باعتماد
خطّ الْمُفْتى إِذا أخبرهُ من نقبل خَبره أَنه خطه، أَو كَانَ
يعرف خطه، وَلم يشكوا فى فروع مِنْهَا لَو وجد بِخَط أَبِيه
الذى لَا يشك فِيهِ دينا على أحد سَاغَ لَهُ الْخلف فِيهِ،
ثمَّ إِن أهل الحَدِيث لم يقتصروا على المعاصرين لَهُم بل
اعتمدوا ذَلِك فى الْأَزْمَان الْبَعِيدَة، وهم فى صنيعهم
بالمالكية أشبه وَحِينَئِذٍ فمحاكماة خطوط الْأَئِمَّة فِيهَا
من الْمَحْذُور مَا لَا يخفى، فَتعين اجتنابه وَإِن فعله
بَعضهم.
تفريعات [53]
(60 - (ص) وَصِحَّة السماع يحْتَاج إِلَى ... حُضُور أصل
الشَّيْخ أَو مَا نقلا)
(61 - مِنْهُ إِذا لم يكن حَافِظًا لما ... يرْوى وَشرط نَاسخ
أَن يفهما)
(ش) : يشْتَرط ل [صِحَة السماع حُضُور أصل الشَّيْخ] أَو
الْفَرْع الْمُقَابل عَلَيْهِ إِمَّا بيد الشَّيْخ، أَو
الْقَارئ، أَو غَيرهمَا وَهُوَ مراع لما يقْرَأ أَهلا لَهُ،
فَإِن كَانَ بيد غير موثوق بِهِ لم يَصح السماع، وَإِن كَانَ
بيد موثوق بِهِ لَكِن الأَصْل غير تَامّ الوثوق بِهِ فلتجيزه
الْإِجَازَة لما خَالف إِن خَالف مَا لم يعلم كَثْرَة
الْمُخَالفَة، هَذَا كُله إِن لم يكن الشَّيْخ حَافِظًا لما
قرئَ عَلَيْهِ، أما إِن كَانَ حَافِظًا فَلَا، وَإِذا كَانَ
السَّامع أَو المستمع ينْسَخ حَال الْقِرَاءَة ففى صِحَة
السماع خلاف، فَذهب ابْن الْمُبَارك، وَأَبُو حَاتِم الرازى،
وَآخَرُونَ إِلَى صِحَّته، وَمنع الصِّحَّة إِبْرَاهِيم
الحربى، والأستاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفراينى، وَقَالَ أَبُو
بكر الصعبى - من الشَّافِعِيَّة - يَقُول: حضرت، وَلَا يَقُول:
حَدثنَا، وَلَا أخبرنَا، وَالأَصَح التَّفْصِيل الَّذِي
أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم، فَإِن منع النّسخ فهمه للمقروء لم
يَصح، وَإِن فهمه، صَحَّ، وَقد حضر الدراقطنى فى حداثته إملاء
بعض شُيُوخه، وَكَانَ ينْسَخ فَقيل لَهُ: لَا يَصح سماعك.
فَقَالَ
(1/107)
للقائل: فهمى للإملاء بِخِلَاف فهمك، ثمَّ
سرد لَهُ جَمِيع مَا أملاه الشَّيْخ سنداً ومتنا فتعجبوا
مِنْهُ، قلت: وَقد كَانَ شَيخنَا يكْتب فى حَال الِاسْتِمَاع
ويطالع وَيرد على الْقَارئ رد واع، وعندى من أخباره فى ذَلِك
جملَة، وَكَذَا حكى ابْن كثير أَن شَيْخه المزى كَانَ يكْتب [/
54] فى مجْلِس السماع وينعس فى بعض الْخطاب وَيرد على الْقَارئ
ردا جيدا بَينا وَاضحا بِحَيْثُ يتعجب الْقَارئ وَمن حضر،
ويجرى هَذَا التَّفْصِيل فِيمَا إِذا كَانَ الشَّيْخ أَو
السَّامع يتحدث، أَو كَانَ الْقَارئ يفرط فى الْإِسْرَاع، أَو
يهينم أَو كَانَ بَعيدا من الْقَارئ بِحَيْثُ لَا يفهم
كَلَامه، وَالظَّاهِر أَنه يُعْفَى عَن الْقدر الْيَسِير
كالكلمة والكلمتين وَأَنه إِذا كَانَ يفهم مَا يقْرَأ مَعَ
النّسخ أَو النعاس أَو التحدث فالسماع صَحِيح ويجيز بعد ذَلِك
مَا لَعَلَّه قد يخفى بِالْإِجَازَةِ، وَقد سُئِلَ الإِمَام
أَحْمد - وناهيك بِهِ ورعا وجلالة - عَن الْحَرْف يدغمه
الشَّيْخ فَلَا يفهم وَهُوَ مَعْرُوف،، هَل يرْوى ذَلِك عَنهُ؟
فَقَالَ: " أرجوا أَن لَا يضيق هَذَا، وَحكى ابْن كثير أَنه
كَانَ يحضر عِنْد المزى من يفهم وَمن لَا يفهم والبعيد من
الْقَارئ، والناعس والمتحدث، وَالصبيان الَّذين لَا يضْبط
أحدهم بل يَلْعَبُونَ غَالِبا، وَلَا يشتغلون بِمُجَرَّد
السماع، وَيكْتب للْجَمِيع بِحُضُور المزى السماع، قَالَ:
وبلغنى عَن البلقينى سُلَيْمَان بن حَمْزَة القاضى أَنه زجر فى
مَجْلِسه الصّبيان عَن اللّعب، فَقَالَ: لَا تزجرهم فَإنَّا
إِنَّمَا سمعنَا مثلهم.
(62 - (ص) وَصِحَّة السماع عَن حجاب ... إِن عرف الصَّوْت
بِلَا ارتياب)
(ش) : أى يَصح السماع من وَرَاء حجاب، إِذا عرف صَوت الْمُحدث
معرفَة لَا ارتياب فِيهَا، سَوَاء كَانَ هَذَا الذى يعرف
الصَّوْت، أَو ثِقَة خَبِير بالمحدث [/ 55] وَإِلَيْهِ
(1/108)
الْإِشَارَة بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول فى قَوْله: [إِن عرف]
وَمنع من ذَلِك شُعْبَة، وَقَالَ: " لَعَلَّه شَيْطَان تصور فى
صورته "، وَهُوَ غَرِيب عَجِيب جدا كَمَا قَالَ ابْن كثير،
وَالْجُمْهُور على خِلَافه، وَقَوله: [وَصِحَّة] مُبْتَدأ
خَبره مَحْذُوف.
(63 - (ص) وَلَو يَقُول الشَّيْخ بعد مَا روى ... رجعت أَو
منعت فَهُوَ كالهوى)
(ش) : إِذا قَالَ الشَّيْخ للطَّالِب بعد مَا سمع مِنْهُ
حَدِيثا أَو كتابا [رجعت أَو منعت] عَن إخبارك بِهِ وَنَحْو
ذَلِك، وَكَذَا إِذا قَالَ: منعتك من الرِّوَايَة عَنى، أَولا
ترو عَنى، فَهَذَا لَا يضر، وَلَا يمْتَنع لأَجله من
الرِّوَايَة إِلَّا أَن يكون مُسْتَندا إِلَى أَنه أَخطَأ فى
مَا حدث بِهِ أَو شكّ فى سَمَاعه وَنَحْو ذَلِك، فَلَيْسَ لَهُ
أَن يرويهِ عَنهُ وَالْحَالة هَذِه، وَكَذَا لَو خص
بِالسَّمَاعِ غَيرهم قوما فَسمع مِنْهُم بِغَيْر علم الشَّيْخ
جَازَت لَهُ الرِّوَايَة عَنهُ، وَلَو قَالَ: أخْبركُم وَلَا
أخبر فلَانا لم يضر، قَالَه الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق. |