الغاية في شرح الهداية في علم الرواية الْمَقْطُوع
(133 - (ص) وَالْخَبَر الْمَقْطُوع وَهُوَ مَا وقف ... قولا
وفعلا عَن تَابع وصف)
(ش) : [الْمَقْطُوع] وَهُوَ مَا جَاءَ عَن التَّابِعين من
أَقْوَالهم وأفعالهم مَوْقُوفا عَلَيْهِم، وَاسْتَعْملهُ
الشافعى، وَهُوَ سَابق لاصطلاحهم، والطبرانى وَغَيرهمَا فى
الْمُنْقَطع وَلَيْسَ بِهِ كَمَا
(1/169)
سيأتى. وعَلى كل حَال فكلاهما لَيْسَ
بِحجَّة [/ 110] لَكِن قَالَ الْخَطِيب فى " جَامِعَة ":
الْمَوْقُوفَات على التَّابِعين، وَيلْزم كتبهَا، وَالنَّظَر
فِيهَا ليتخير من مذاهبهم. وَيجمع الْمُنْقَطع على مقاطيع
ومقاطع، وَقَوله: [وصف] ، تَأْكِيد لتابع كَأَنَّهُ قَالَ وصف
بِكَوْنِهِ مَقْطُوعًا، وعَلى كليهمَا فَهُوَ زِيَادَة.
الْمَقْطُوع
(134 - (ص) مُنْقَطع الحَدِيث مَا لم يتَّصل ... أَو كَانَ من
قبل الصحابى لم يصل)
الْمُنْقَطع
(135 - (ص) بساقط ومعضل فاثنان ... مَعًا فَصَاعِدا أَو قيل
ذان)
(1/170)
المعنعن
(136 - (ص) من جملَة الْمُرْسل والمعنعن ... كَمثل عَن فلَان
والمؤنن)
(137 - أَن فلَانا أَو لبَعض مُنْقَطع ... أَو مُرْسل
وَالْقَوْل فيهمَا جمع)
(138 - إِن ثِقَة لقاؤه بِهِ ثَبت ... فَإِنَّهُ مُتَّصِل
بِغَيْر بت)
(ش) : اشْتَمَلت هَذِه الآبيات على عدَّة أَنْوَاع، أَحدهمَا:
الْمُنْقَطع: وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ طوائف من الْفُقَهَاء
وَغَيرهم والخطيب وَابْن عبد الْبر من الْمُحدثين وَمَشى
عَلَيْهِ النَّاظِم مَا لم يتَّصل إِسْنَاده على أى وَجه
كَانَ. حَكَاهُ النووى فى " إرشاده "، فَهُوَ أَعم من
الْمُرْسل والمعضل مُطلقًا، وهما أخص مِنْهُمَا مُطلقًا،
وَلذَلِك قَالَ الْخَطِيب: الْمُنْقَطع هُوَ مثل الْمُرْسل،
إِلَّا أَن هَذِه الْعبارَة تسْتَعْمل غَالِبا فى رِوَايَة من
دون التابعى عَن الصَّحَابَة مثل: مَالك عَن ابْن عمر، أَو
الثورى، عَن جَابر، أَو شُعْبَة، عَن أنس، وَجعل الْحَاكِم من
جملَة صوره مِمَّا سقط مِنْهُ راو قبل الْوُصُول إِلَى التابعى
الذى هُوَ مَحل الْإِرْسَال، ثمَّ ذكر لَهُ مِثَالا فِيهِ
انْقِطَاع من موضِعين قبل الْوُصُول إِلَى التابعى، وَلم يحصر
الْمُنْقَطع فى هَذَا بل جعل ايضا من صوره مَا لم يسم [/ 111]
تَابعه فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فاقتصار من اقْتصر فى الْحِكَايَة
عَنهُ عَن الأول ثمَّ اعتراضه بِأَنَّهُ لَو سقط مِنْهُ
التابعى كَانَ مُنْقَطِعًا أَيْضا وَكَانَ الأولى أَن يَقُول:
مَا سقط مِنْهُ قبل الْوُصُول إِلَى الصحابى شخص وَاحِد، لم
يُلَاحظ فِيهِ مَجْمُوع كَلَامه، لما تبين من أَنَّهَا أَيْضا
من صُورَة، وَإِذا كَانَ يُسَمِّيه مُنْقَطِعًا مَعَ إِبْهَام
تابعيه، فَمَعَ إِسْقَاطه أصلا من بَاب أولى، وَقد أَشَارَ
النَّاظِم إِلَى القَوْل فى تَعْرِيف الْمُنْقَطع: بِأَنَّهُ
مَا سقط مِنْهُ قبل الْوُصُول إِلَى الصحابى وَاحِد بقوله:
[أَو كَانَ من قبل الصحابى لم يصل] سَاقِط، يعْنى لَا
بِأَكْثَرَ، فَهُوَ مباين للْأولِ فَإِنَّهُ لعدم تَقْيِيده
بِوَاحِد معِين
(1/171)
يُسمى مَا سقط مِنْهُ الصحابى مُنْقَطِعًا،
وَلذَلِك قَالَ شَيخنَا: وَإِن كَانَ السقط بِاثْنَيْنِ غير
متواليين فى موضِعين مثلا، فَهُوَ الْمُنْقَطع، وَكَذَا إِن
سقط وَاحِد فَأكْثر أَو أَكثر من اثْنَيْنِ بِشَرْط عدم
التوالى] وَحكى الْخَطِيب عَن بعض عُلَمَاء الحَدِيث: أَنه مَا
روى عَن التَّابِعِيّ أَو من دونه مَوْقُوفا عَلَيْهِ من
قَوْله، أَو فعله، أَو كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: غَرِيب بعيد.
ثَانِيهَا: [المعضل] ، وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: أعضل،
فَهُوَ معضل، وَهُوَ مَا سقط من سَنَده اثْنَان فَصَاعِدا من
أى مَوضِع كَانَ كَقَوْل مَالك: قَالَ النبى [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] وكقول الشافعى: قَالَ ابْن عمر، وَيُسمى
مُنْقَطِعًا عِنْد بعض، ومرسلا عِنْد آخَرين، وَلذَلِك عرف
الْفُقَهَاء والأصوليون الْمُرْسل كَمَا سلف: بقول من دون
التابعى: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، [/
112] يعنون سَوَاء كَانَ مُنْقَطِعًا أَو معضلا، وَإِلَيْهِ
أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [وَقيل ذان] من جملَة الْمُرْسل
فَإِذا روى تَابع التابعى عَن التابعى حَدِيثا وَقفه عَلَيْهِ،
وَهُوَ مَرْفُوع مُتَّصِل عَن ذَلِك التابعى بِأَن تجئ من
طَرِيق أُخْرَى كَذَلِك، فقد جعله الْحَاكِم نوعا من العضل،
قَالَ ابْن الصّلاح: وَهَذَا أحسن لِأَن التابعى أعضله فَسقط
الصحابى وَالرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَعًا.
ثَالِثهَا: [المعنعن] : وَهُوَ قَول الراوى فى السَّنَد كَأَن
عَن فلَان.
وَاخْتلف فِيهِ فَذهب بَعضهم إِلَى أَنه من قبيل الْمُرْسل،
أَو الْمُنْقَطع، حَتَّى يتَبَيَّن بِغَيْرِهِ اتِّصَاله،
وَالصَّحِيح عِنْد محققى الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء والأصوليين
أَنه مُتَّصِل إِذا كَانَ الراوى ثِقَة، وَأمكن لقاؤهما، مَعَ
براءتهما من التَّدْلِيس، وَكَاد ابْن عبد الْبر يدعى
(1/172)
إِجْمَاع أهل الحَدِيث عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ
قَالَ فى مُقَدّمَة " التَّمْهِيد ": (اعْلَم [- وفقك الله -]
أَنى تَأَمَّلت أقاويل [أَئِمَّة] أهل الحَدِيث، وَنظرت فى كتب
من اشْترط الصَّحِيحَيْنِ فى النَّقْل مِنْهُم، وَمن لم
يشْتَرط، فوجدتهم أَجمعُوا على قبُول الْإِسْنَاد المعنعن، لَا
خلاف بَينهم فى ذَلِك إِذا جمع شُرُوطًا، وهى: عَدَالَة
الْمُحدثين. ولقاء بَعضهم بَعْضًا مجالسة ومشاهدة. (" وَأَن
يَكُونُوا برَاء من التَّدْلِيس ") .
والأولان قد أَشَارَ النَّاظِم إِلَيْهِمَا بقوله: [إِن ثِقَة
لقاؤه بِهِ ثَبت] وأخل بالثالث وَلَا بُد من اشْتِرَاطه
وَلَيْسَ اشْتِرَاط الثِّقَة مغنى عَنهُ، ثمَّ إِن اشْتِرَاط
اللِّقَاء هُوَ الذى عَلَيْهِ أَئِمَّة الحَدِيث كالبخارى،
وَابْن المدينى وَغَيرهمَا فِيمَا قيل [/ 113] وَصرح بِهِ
أَبُو بكر الصيرفى وَغَيره. وَنَحْوه قَول الدانى يكون
مَعْرُوفا بالرواية عَنهُ، وَأنكر مُسلم فى خطْبَة صَحِيحه،
وَقَالَ: إِنَّه قَول مخترع، وَإِن الْمُتَّفق عَلَيْهِ
بِإِمْكَان لقائيهما، لِكَوْنِهِمَا فى عصر وَاحِد، وَإِن لم
يَأْتِ فى خبر قطّ أَنَّهُمَا اجْتمعَا ورد بَعضهم عَلَيْهِ
وَقَيده أَبُو الْحسن القابسى بِمَا إِذا أدْركهُ أَو رَآهُ
بَينا، ثمَّ إِنَّمَا يقدم مَحَله فى غير الْمُتَأَخِّرين،
لكَوْنهم كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: كثيرا اسْتِعْمَال (عَن)
بَينهم فى الْإِجَازَة، فَإِذا قَالَ أحدهم: قَرَأت على فلَان،
عَن فلَان وَنَحْو
(1/173)
ذَلِك فيظن بِهِ أَنه رَوَاهُ عَنهُ
إجَازَة.
رَابِعهَا: [المؤنن] وَيُقَال لَهُ المؤنان وَهُوَ: قَول
الراوى أَن فلَان ابْن فلَان. قَالَ كَذَا. أَو ذكر (أَو)
حَدِيث أَو نَحْو ذَلِك.
وَقد اخْتلف فِيهِ أَيْضا فبعض قَالَ: إِنَّه مُنْقَطع، وَبَعض
مُرْسل، والذى حَكَاهُ ابْن عبد الْبر عَن الْجُمْهُور أَن
(عَن) و (أَن) سَوَاء، وَأَنه لَا اعْتِبَار بالحروف والألفاظ،
وَإِنَّمَا هُوَ باللقاء والمجالسة وَالسَّمَاع والمشاهدة،
يعْنى مَعَ السَّلامَة من التَّدْلِيس، وَإِن أخل بِهِ
النَّاظِم فَإِذا صَحَّ سَماع بعض من بعض حمل على الِاتِّصَال،
أى لفظ كَانَ حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع، وَمَا حَكَاهُ
ابْن الصّلاح هُوَ عَن الإِمَام أَحْمد، وَيَعْقُوب بن شيبَة،
مِمَّا يُخَالف هَذَا فالتحقيق أَنه لَيْسَ من هَذَا الوادى
كَمَا قَرَّرَهُ العراقى، ثمَّ إِن الذهبى وَغَيره من
الْمُتَأَخِّرين قد استعملوا (أَن) فى الْإِجَازَة أَيْضا،
فَيَقُولُونَ مثلا: أَن الْفَخر ابْن البخارى، أَن بَرَكَات بن
إِبْرَاهِيم الخشوعى قَالَ: أَنا فلَان [/ 114] وَقَوله: [جمع]
بِكَسْر الْمِيم، أى أَن المعنعن والمؤنن جمع فِيهَا اشْتِرَاط
الثِّقَة واللقاء، وَيحْتَمل أَن يكون بفتحه، لَكِن فى
اسْتِعْمَاله للمثنى الْمُذكر نظر، [ثِقَة] بِالنّصب، إِمَّا
حَال اَوْ خبر ل كَانَ المحذوفة و [بت] أى قطع، وَأَشَارَ بهَا
إِلَى الْخلاف الذى بَيناهُ.
الْمُعَلق
(139 - (ص) ثمَّ الْمُعَلق يُقَال أَو روى ... أَو نَحوه
وَالْكل فى الأَصْل سوى)
(140 - إِن جَاءَ مُسْندًا كَفعل الجعفى ... وخطؤوا ابْن حزمهم
فى الضعْف)
(ش) : [الْمُعَلق] : وَهُوَ مَا (حذف) أول سَنَده أَو جَمِيعه،
وأضيف لمن فَوق الْمَحْذُوف بِصِيغَة الْجَزْم، ك [قَالَ]
وَمِنْه قَول البخارى، وَقَالَ يحيى بن كثير، عَن عمر
(1/174)
بن الحكم بن ثَوْبَان، عَن أَبى هُرَيْرَة
" إِذا أَتَا فافطر " إِذْ روى. وَمِنْه قَول مُسلم فى
التَّيَمُّم: وروى اللَّيْث بن سعيد ثَنَا ربيعَة، عَن عبد
الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج، عَن عُمَيْر مولى ابْن
عَبَّاس، أَنه سَمعه يَقُول: " أَقبلت أَنا وَعبد الله بن
يسَار مولى مَيْمُونَة زوج النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
حَتَّى دَخَلنَا على أَبى الجهم بن الْحَارِث بن الصمَّة
الأنصارى. . الحَدِيث " أَو نَحوه كل وَاحِد من هذَيْن
اللَّفْظَيْنِ، مثل (فعل، وَأمر، وَذكر) ، وَغَيره من صِيغ
الْجَزْم، وَحكمهَا حَسْبَمَا فهم من كَلَام النَّاظِم:
الِانْقِطَاع، إِن لم تجئ مُسندَة، لَكِن إِن وَقع الحَدِيث فى
كتاب التزمت صِحَّته كالبخارى فَمَا أَتَى فِيهِ فى الْجَزْم
دلّ على أَنه ثَبت إِسْنَاده عِنْده، وَإِنَّمَا حذفه لغَرَض
من الْأَغْرَاض وَمَا أَتَى فِيهِ بِغَيْر الْجَزْم فَفِيهِ
مقَال، وَلَكِن إِيرَاده فى كتاب الصَّحِيح مشْعر بِصِحَّة
أَصله، وَقَوله: [كَفعل الجعفى] يعْنى البخارى وَأَشَارَ بِهِ
إِلَى مَا وَقع فى صَحِيحه [/ 115] حَيْثُ قَالَ: قَالَ هِشَام
بن عمار، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن
يزِيد بن جَابر، ثَنَا عَطِيَّة بن قيس ثَنَا عبد الرَّحْمَن
بن غنم، ثَنَا أَبُو عَامر، وَأَبُو مَالك الأشعرى، أَنه سمع
رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: " لَيَكُونن فى
أمتى قوم يسْتَحلُّونَ الْخَزّ الْحَرِير وَالْمَعَازِف "
الحَدِيث، فَإِن هَذَا وَإِن أَتَى بِصِيغَة التَّعْلِيق لَا
انْقِطَاع فِيهِ أصلا
(1/175)
بِكَوْن البخارى لقى هشاما وَسمع مِنْهُ،
وَقد تقرر عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث: أَنه إِذا تحقق اللِّقَاء
وَالسَّمَاع، مَعَ السَّلامَة من التَّدْلِيس، حمل مَا يرويهِ
على السماع، بأى لفظ كَانَ، كَمَا يحمل قَول الصحابى: قَالَ
رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، على سَماع مِنْهُ،
إِذا لم يظْهر خِلَافه، وخطئوا أَبَا مُحَمَّد بن حزم الظاهرى
فى جعله ذَلِك مُنْقَطِعًا، قادحا، فى الصِّحَّة، وَلَيْسَ
بجيد. وَالْمُخْتَار الذى لَا محيد عَنهُ أَن حكمه مثل غَيره
من التَّعَالِيق، فَإِنَّهُ وَإِن قُلْنَا يُفِيد الصِّحَّة
لجزمه بِهِ، فقد يحْتَمل أَنه لم يسمعهُ من شَيْخه الذى علقه
عَنهُ، بِدَلِيل أَنه علق عدَّة أَحَادِيث عَن عدَّة من
شُيُوخه الذى سمع مِنْهُم، ثمَّ أسندها فى مَوَاضِع أُخْرَى من
كِتَابه، بِوَاسِطَة بَينه وَبَين من علق عَنهُ، بل علق فى
تَارِيخه شَيْئا عَن بعض شُيُوخه، وَصرح بِأَنَّهُ لم يسمعهُ
مِنْهُ، فَقَالَ فى تَرْجَمَة مُعَاوِيَة: قَالَ إِبْرَاهِيم
بن مُوسَى فِيمَا حدثونى عَنهُ، عَن هِشَام بن يُوسُف فَذكر
خيرا.
(1/176)
تعَارض الْوَصْل والإرسال وَالرَّفْع
وَالْوَقْف
(141 - (ص) والوصل والإرسال إِن تَعَارضا ... وَالرَّفْع
وَالْوَقْف وَوصل الرِّضَا)
(142 - فاحكم لَهُ وَقيل بل للمرسل ... كَمثل: لَا نِكَاح
إِلَّا بولى)
(ش) : فى [/ 216] هذَيْن الْبَيْتَيْنِ مسئلتان، أدرجهما فى
خلال مَا سرده أَولا من الْأَقْسَام إِحْدَاهمَا إِذا روى
ثِقَة حَدِيثا مُتَّصِلا وَرَوَاهُ ثِقَة غَيره مُرْسلا
كَحَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولى " رَوَاهُ إِسْرَائِيل
وَجَمَاعَة، عَن أَبى إِسْحَاق السبيعى، عَن أَبى دَاوُد، عَن
أَبى مُوسَى، عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن أَبى
بردة، فقد قيل الحكم للمسند إِذا كَانَ عدلا ضابطا، قَالَ
الْخَطِيب: وَهُوَ الصَّحِيح، وَسُئِلَ البخارى عَن هَذَا
الحَدِيث، فَحكم لمن وصل، وَقَالَ: الزِّيَادَة من الثِّقَة
مَقْبُولَة هُنَا مَعَ أَن الْمُرْسل شُعْبَة وسُفْيَان
ودرجتهما من الْحِفْظ والإتقان مَعْلُومَة، وَهُوَ الذى قدمه،
وفى الْمَسْأَلَة مِنْهُ خلاف غير ذَلِك، فَقيل: الحكم للمرسل،
(1/177)
لكَونه جرحا فى الْخَبَر وَالْجرْح مقدم على التَّعْدِيل،
وَقيل: للْأَكْثَر، وَقيل للأحفظ، وَإِذا قُلْنَا بِهِ وَكَانَ
الْمُرْسل الأحفظ فَلَا يقْدَح ذَلِك فى عَدَالَة الْوَاصِل
وأهليته على الصَّحِيح.
الثَّانِيَة: إِذا رفع ثِقَة حَدِيثا وَوَقفه ثِقَة غَيره،
فَالصَّحِيح أَن الحكم للرافع، لِأَنَّهُ مُثبت وَغَيره
سَاكِت، وَلَو كَانَ نافيا، فالمثبت مقدم، وَكَذَا الحكم
فِيمَا إِذا كَانَ وصل أَو رفع، هُوَ الذى أرسل أَو وقف، لَكِن
قد صحّح الأصوليون فِيهَا إِن الِاعْتِبَار بِمَا وَقع مِنْهُ
أَكثر وَقَول النَّاظِم: [وَوصل الرضى] رَاجع إِلَى
الْمُسلمين، وَلَكِن الْحق أَنه لَا اطراد فيهمَا لحكم معِين،
بل التَّرْجِيح مُخْتَلف بِحَسب مَا يظْهر للناقد، كَذَا
قَرَّرَهُ شَيخنَا وبسطته فى مَحل آخر [/ 117] . |