المقنع في علوم الحديث

1
- النَّوْع الثَّالِث
الضَّعِيف
وَهُوَ كل حَدِيث لم تَجْتَمِع فِيهِ صِفَات الصَّحِيح وَلَا الْحسن ويتفاوت 2 ضعفه كصحيح الصَّحِيح
وَمِنْه مَاله لقب ك الْمَوْضُوع والمقلوب وَغَيرهمَا مِمَّا سَيَأْتِي
وَهِي 3 كَثِيرَة وَأَطْنَبَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فَبلغ أقسامه خمسين إِلَّا وَاحِد
والملحوظ فِيمَا نورده 4 من الْأَلْفَاظ عُمُوم أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث لَا خُصُوص أَنْوَاع التَّقْسِيم الَّتِي فَرغْنَا الْآن من أقسامه 5
فرع إِذا رَأَيْت حَدِيثا بِإِسْنَاد ضَعِيف فلك أَن تَقول هَذَا ضَعِيف وتريد ضعف إِسْنَاده وَلَا يجوز 6 أَن تطلق وتريد ضعف مَتنه بِنَاء على مُجَرّد ضعف ذَلِك الْإِسْنَاد فقد يكون مرويا بِإِسْنَاد آخر 7 صَحِيح
فَإِن قَالَ إِمَام إِنَّه لم يرو من وَجه صَحِيح أَو إِنَّه حَدِيث ضَعِيف مُفَسرًا ضعفه جَازَ فَإِن 8 أطلق فَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ
فرع إِذا أردْت رِوَايَة الضَّعِيف بِغَيْر إِسْنَاد فَلَا تقل فِيهِ قَالَ 9 رَسُول

(1/103)


1 - الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أشبهه من صِيغ الْجَزْم بل قل رُوِيَ كَذَا أَو بلغنَا أَو 2 ورد أَو جَاءَ أَو روى بَعضهم وَمَا أشبهه وَكَذَا مَا يشك فِي صِحَّته وَضَعفه
فرع الضَّعِيف لَا يحْتَج 3 بِهِ فِي الْأَحْكَام والعقائد
وَيجوز رِوَايَته وَالْعَمَل بِهِ فِي غير الْأَحْكَام كالقصص وفضائل الْأَعْمَال 4 وَالتَّرْغِيب والترهيب كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَغَيره وَفِيه وَقْفَة فَإِنَّهُ لم يثبت فإسناد الْعَمَل إِلَيْهِ 5 يُوهم ثُبُوته ويوقع من لَا معرفَة لَهُ فِي ذَلِك فيحتج بِهِ
وَقل عَن ابْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي أَن 6 الحَدِيث الضَّعِيف لَا يعْمل بِهِ مُطلقًا
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي فِي شرح الْإِلْمَام يعْمل 7 بِهِ فِيمَا ذكر من الْفَضَائِل وَنَحْوهَا إِذا كَانَ ثمَّ أصل شَاهد لذَلِك كاندراجه فِي عُمُوم أَو قَاعِدَة 8 كُلية وَأما فِي غير ذَلِك فَلَا يحْتَج بِهِ
وَحَاصِل مَا ذكره أَن الْعَمَل يكون بِتِلْكَ الْقَاعِدَة أَو 9 الْعُمُوم وَهَذَا مقو مُرَجّح
وَنقل عَن أَحْمد أَنه يعْمل بالضعيف إِذا لم يُوجد غَيره وَلم يكن 10 ثمَّ مَا يُعَارضهُ
وَقَالَ مرّة اللضعيف عندنَا أولى من الْقيَاس
وَقد يحمل على الْحسن فَإِن 11 الْمُتَقَدِّمين يطلقون عَلَيْهِ

(1/104)


1 - الضَّعِيف
فَائِدَة لم يذكرهَا الشَّيْخ أَيْضا وَذكرهَا الْحَاكِم وَغَيره
وَهِي الْكَلَام على أَوْهَى 2 الْأَسَانِيد وَهِي نَظِير مَا تقدم فِي أصح الْأَسَانِيد
فأوهى أَسَانِيد أهل الْبَيْت عَمْرو بن شمر 3 عَن جَابر الْجعْفِيّ عَن الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ

(1/105)


1 - وأوهى أَسَانِيد الصّديق صَدَقَة الدقيقي عَن فرقد السبخي عَن مرّة الطّيب عَن أبي بكر 2
وأوهى أَسَانِيد العمريين مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عبد الله بن عَمْرو بن حَفْص بن عَاصِم عَن أَبِيه 3 عَن جده
فَإِن مُحَمَّدًا وَالقَاسِم وَعبد الله لَا يحْتَج بهم
وأوهى أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة السّري 4 بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن يزِيد الأودي عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
وأوهى أَسَانِيد عَائِشَة نُسْخَة 5 عِنْد الْبَصرِيين عَن الْحَارِث بن شبْل عَن أم النُّعْمَان عَن عَائِشَة

(1/106)


1 - وأوهى أَسَانِيد عبد الله بن مَسْعُود شريك عَن أبي فَزَارَة عَن أبي زيد عَن عبد الله 2 إِلَّا أَن أَبَا فَزَارَة رَاشد بن كيسَان كُوفِي ثِقَة
وأوهى أَسَانِيد أنس بن مَالك دَاوُد بن المحبر 3 بن قحذم عَن أَبِيه عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أنس
وأوهى أَسَانِيد المكيين عبد الله بن 4 مَيْمُون القداح عَن شهَاب بن خرَاش عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى 5 أَسَانِيد اليمانيين حَفْص بن عمر الْعَدنِي عَن الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى 6 أَسَانِيد المصريين أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشدين عَن أَبِيه عَن جده عَن قُرَّة بن عبد 7 الرَّحْمَن بن حَيْوِيل عَن كل من روى عَنهُ فَإِنَّهَا نُسْخَة كَبِيرَة
وأوهى أَسَانِيد الشاميين مُحَمَّد 8 بن قيس المصلوب عَن عبيد الله بن زحر عَن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة
وأوهى 9 أَسَانِيد الخراسانيين عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بِمَ مليحة عَن نهشل بن سعيد عَن الضَّحَّاك 10 عَن ابْن عَبَّاس
وَابْن مليحة ونهشل نيسابوريان

(1/107)


1 -

(1/108)


1
- النَّوْع الرَّابِع
الْمسند
قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ هُوَ عِنْد أهل الحَدِيث مَا اتَّصل سَنَده 2 إِلَى منتهاه وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِيمَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون غَيره
وَقَالَ 3 ابْن عبد الْبر هُوَ كل مَا جَاءَ عَن الني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا 4 كمالك عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن عَبَّاس فَإِن الزُّهْرِيّ لم يسمع من ابْن عَبَّاس
وَقَالَ الْحَاكِم لَا يسْتَعْمل 5 إِلَّا فِي الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل وَحَكَاهُ ابْن عبد الْبر أَيْضا
فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقْوَال مُخْتَلفَة قلت وَظَاهر 6 كَلَام صَاحب الاقتراح تَرْجِيح الْأَخير فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ مَا اتَّصل سَنَده إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ 7 وَسلم ثمَّ حكى قَول ابْن عبد الْبر

(1/109)


1 - وَصرح بِهِ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي المعتصر من المخلص من كتاب ابْن الصّلاح هَذَا حَيْثُ قَالَ 2 الْمسند هُوَ الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل وَقيل الْمَرْفُوع وَإِن لم يتَّصل وَقيل الْمُتَّصِل وَإِن لم يرفع وَالْأول 3 أصح إِذْ لَا تَمْيِيز إِلَّا بِهِ
فَائِدَة
الْإِسْنَاد رفع الحَدِيث إِلَى قَائِله
والسند الْإِخْبَار عَن 4 طَرِيق الْمَتْن مَأْخُوذ من السَّنَد وَهُوَ مَا ارْتَفع وَعلا عَن سفح الْجَبَل لِأَن الْمسند يرفعهُ إِلَى 5 قَائِله وَيجوز أَن يكون مأخوذا من قَوْلهم فلَان سَنَد أَي مُعْتَمد فَسمى الْإِخْبَار عَن طَرِيق الْمَتْن 6 سندا لاعتماد النقاد فِي الصِّحَّة والضعف عَلَيْهِ
والمحدثون يستعملون السَّنَد والإسناد لشَيْء 7 وَاحِد
وَفِي أدب الرِّوَايَة لحفيد القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر يُقَال أسندت 8 الحَدِيث أسْندهُ إِسْنَادًا وأشيده أشيده إشادة وعزوته وعزيته أعزوه وأعزيه عزوا وعزيا 9 وَذَلِكَ إِذا رفعته تَقول أسندت الشَّيْء إِلَى الشَّيْء إِذا وصلته وَجَعَلته عمادا لَهُ
وَمِنْه قو 10 الْأَعْشَى ... لَو أسندت مَيتا إِلَى صدرها ... عَاشَ وَلم ينْقل إِلَى قابر ...

وَالْأَصْل فِي الْحَرْف رَاجع 11 إِلَى الْمسند وَهُوَ الدَّهْر

(1/110)


1 - فَيكون معنى إِسْنَاد الحَدِيث اتِّصَاله فِي الرِّوَايَة اتِّصَال أزمنة الدَّهْر بَعْضهَا بِبَعْض
فَائِدَة 2 ثَانِيَة
مَا انْتهى إِلَيْهِ السَّنَد من الْكَلَام هُوَ الْمَتْن
مَأْخُوذ إِمَّا من المماتنة وَهِي المباعدة 3 فِي الْغَايَة لِأَن الْمَتْن السَّنَد
وَإِمَّا من متنت الْكَبْش إِذا شققت جلدَة بيضه واستخرجتها فَكَأَن 4 الْمسند استخرج الْمَتْن بِسَنَدِهِ
وَإِمَّا من الْمَتْن وَهُوَ مَا صلب وارتفع من الأَرْض لِأَن الْمسند 5 يقويه بالسند وَيَرْفَعهُ إِلَى قَائِله
وَإِمَّا من تمتين الْقوس بالعصب وَهُوَ شدها بِهِ وإصلاحها 6 لِأَن الْمسند يُقَوي الحَدِيث بِسَنَدِهِ

(1/111)


1
- النَّوْع الْخَامِس
الْمُتَّصِل
وَيُسمى الْمَوْصُول
وَهُوَ مَا اتَّصل إِسْنَاده مَرْفُوعا كَانَ أَو مَوْقُوفا

(1/112)


1
- النَّوْع السَّادِس
الْمَرْفُوع
وَهُوَ مَا أضيف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة لَا 2 يَقع مطلقه على غَيره مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا أَو مُرْسلا
وَقَالَ الْخَطِيب هُوَ مَا أخبر بِهِ الصَّحَابِيّ 3 عَن فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَوْله
فخصصه بالصحابة فَيخرج مُرْسل التَّابِعِيّ

(1/113)