المقنع في علوم الحديث 1
- النَّوْع الثَّانِي عشر
معرفَة التَّدْلِيس وَحكم المدلس
التَّدْلِيس قِسْمَانِ
أَحدهمَا تَدْلِيس 2 الْإِسْنَاد
بِأَن يروي عَمَّن لقِيه أَو عاصره مَا لم يسمعهُ مِنْهُ موهما
سَمَاعه قَائِلا قَالَ فلَان 3 أَو عَن فلَان وَنَحْوه
وَرُبمَا لم يسْقط شَيْخه وَأسْقط غَيره
قلت فِي جَامع التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن 4 شهَاب عَن أبي
سَلمَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته
يَمِين ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث 5 لَا يَصح لِأَن الزُّهْرِيّ
لم يسمعهُ من أبي سَلمَة سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول رُوِيَ عَن
غير وَاحِد مِنْهُم مُوسر 6 بن عقبَة وَابْن أبي عَتيق عَن
الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن يحيى بن أبي كثير
(1/154)
1 - عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا
قَالَ مُحَمَّدًا والْحَدِيث هُوَ هَذَا
الثَّانِي تَدْلِيس الشُّيُوخ 2
بِأَن يُسَمِّي شَيْخه أَو يكنيه أَو ينْسبهُ أَو يصفه بِمَا
لَا يعرف بِهِ كَيْلا يعرف
مِثَاله مَا فعله 3 أَبُو بكر بن مُجَاهِد الْمُقْرِئ الإِمَام
حَيْثُ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن أبي عبد الله يُرِيد بِهِ 4
عبد الله بن أبي دَاوُد السجسْتانِي
وَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن سَنَد يُرِيد بِهِ النقاش
الْمُفَسّر 5 نسبه إِلَى جد لَهُ
(1/155)
1 - قلت وَمن أمثلته مَا فعله الْخَطِيب
الْحَافِظ حَيْثُ قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن أبي جَعْفَر
الْقطيعِي 2 وَمرَّة الرَّوْيَانِيّ وَهُوَ هُوَ
وَقَالَ حَدثنَا عَليّ بن أبي عَليّ الْمعدل وَمرَّة
الْبَصْرِيّ وَهُوَ هُوَ
وَقَالَ 3 حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي الْحسن الساحلي وَمرَّة
الشِّيرَازِيّ وَهُوَ هُوَ
وَغير ذَلِك
أما الأول فمكروه 4 جدا ذمه أَكثر الْعلمَاء
(1/156)
1 - وَكَانَ شُعْبَة من أَشَّدهم ذما لَهُ
فَقَالَ مرّة التَّدْلِيس أَخُو الْكَذِب وَقَالَ مرّة أُخْرَى
لِأَن أزني 2 أحب إِلَيّ من أَن أدلس
وَهَذَا مِنْهُ إفراط مَحْمُول على الْمُبَالغَة فِي الزّجر
عَنهُ والتنفير
ثمَّ 3 اخْتلفُوا فِي قبُول رِوَايَة من عرف بِهَذَا
التَّدْلِيس فَجعله فريق من أهل الحَدِيث وَالْفُقَهَاء مجروحا
4 بذلك وَقَالُوا لَا تقبل رِوَايَته بِحَال وَإِن بَين السماع
وَالصَّحِيح التَّفْصِيل فَمَا رَوَاهُ بِلَفْظ 5 مُحْتَمل لم
يتَبَيَّن فِيهِ السماع والاتصال حكمه حكم الْمُرْسل وأنواعه
وَمَا بَينه فِيهِ ك سَمِعت 6 وَحدثنَا وَأخْبرنَا وَشبههَا
فمقبول مُحْتَج بِهِ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من هَذَا الضَّرْب كثير 7 جدا
ك قَتَادَة
(1/157)
1 - وَالْأَعْمَش والسفيانين وهشيم بن بشير
وَغَيرهم
وَهَذَا لِأَن التَّدْلِيس لَيْسَ كذبا وَإِنَّمَا 2 هُوَ ضرب
من الْإِيهَام بِلَفْظ مُحْتَمل
وَالْحكم بِأَنَّهُ لَا يقبل من المدلس حَتَّى يبين أجراه
الشَّافِعِي 3 فِيمَن عَرفْنَاهُ دلّس مرّة
قلت وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وشبههما عَن المدلسين ب
عَن فَمَحْمُول 4 على ثُبُوت السماع م جِهَة أُخْرَى
وَأما الثَّانِي فَأمره أخف وَفِيه تَضْييع للمروي عَنهُ
وتوعير 5 لطريق مَعْرفَته على من يطْلب الْوُقُوف على حَاله
وأهليته
(1/158)
1 - وَيخْتَلف الْحَال فِي كراهيته بِحَسب
الْغَرَض الْحَامِل عَلَيْهِ فقد يحملهُ على ذَلِك كَون شَيْخه
2 الَّذِي غير سمته غير ثِقَة أَو كَونه مُتَأَخّر الْوَفَاة
قد شَاركهُ فِي السماع مِنْهُ جمَاعَة دونه 3 أَو كَونه
أَصْغَر سنا من الرَّاوِي عَنهُ أَو كَونه كثير الرِّوَايَة
عَنهُ فَلَا يحب الْإِكْثَار من ذكر 4 شخص وَاحِد على صُورَة
وَاحِدَة وتسمح بذلك جمَاعَة من الروَاة المصنفين مِنْهُم
الْخَطِيب فقد كَانَ 5 لهجا بِهِ فِي تصانيفه
قلت كَمَا أسلفناه عَنهُ
وَمن مَقَاصِد الْمُتَأَخِّرين فِي التَّدْلِيس أَن يذكرُوا 6
لفظا مُشْتَركا يُطلق فِي الْمَشْهُور على غير الْموضع الَّذِي
أَرَادَهُ كَمَا إِذا قَالَ حَدثنِي فلَان 7 بالعراق يُرِيد ب
إخيم أَو ب زبيد يُرِيد موضعا ب قوص أَو ب حلب يُرِيد موضعا
مُتَّصِلا 8 ب الْقَاهِرَة أَو ب مَا وَرَاء النَّهر وَيُرِيد
أَنه انْتقل من أحد جَانِبي بَغْدَاد إِلَى الآخر وَالنّهر 9
دجلة
فَهَذَا كُله إِذا كَانَ صَحِيحا فِي نفس الْأَمر فَلَيْسَ
بكذب إِنَّمَا الْمَقْصُود مِنْهُ الإغراب 10
وَقد يكون التَّدْلِيس خفِيا جدا وَلذَلِك مثالان
أَحدهمَا أَنهم اخْتلفُوا فِي سَماع الْحسن من 11 أبي
هُرَيْرَة فورود فِي
(1/159)
1 - بعض الرِّوَايَات عَن الْحسن حَدثنَا
أَبُو هُرَيْرَة فَقيل إِنَّه أَرَادَ حدث أهل بلدنا وَهَذَا 2
إِن لم يقم دَلِيل قَاطع على أَن الْحسن لم يسمع من أبي
هُرَيْرَة لم يجز أَن يُصَار إِلَيْهِ
(1/160)
1 - الثَّانِي قَول أبي إِسْحَاق لَيْسَ
أَبُو عُبَيْدَة ذكره وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن
أَبِيه 2 فَظَاهره أَن المُرَاد سَمعه من عبد الرَّحْمَن بن
الْأسود عَن أَبِيه بعدوله عَن أبي عُبَيْدَة
(1/161)
1 - فَقيل إِنَّه تَدْلِيس كَمَا لَو قَالَ
ابْتِدَاء عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه وَلم يقل قبله
2 لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره نبه على ذَلِك صَاحب الاقتراح
(1/162)
1 - قَالَ ولتدليس مفْسدَة وَفِيه مصلحَة
أما مفسدته فَإِنَّهُ قد يخفى وَيصير الرَّاوِي مَجْهُولا 2
يسْقط الْعَمَل بِالْحَدِيثِ لكَون الرَّاوِي مَجْهُولا عِنْد
السَّامع مَعَ كَونه عدلا مَعْرُوفا فِي نفس الْأَمر 3 وَهَذِه
جِنَايَة عظمى ومفسدة كبرى وَأما مصْلحَته فامتحان الأذهان فِي
اسْتِخْرَاج التدليسات 4 وإلقاء ذَلِك إِلَى من يُرَاد اختبار
حفظه ومعرفته بِالرِّجَالِ
ووراء ذَلِك مفْسدَة أُخْرَى يراعيها 5 أَرْبَاب الصّلاح
والقلوب وَهُوَ مَا فِي التَّدْلِيس من التزين وَقد تنبه
لذَلِك ياقوتة الْعلمَاء 6 الْمعَافى بن عمرَان الْموصِلِي
وَكَانَ من أكَابِر الْعلمَاء والصلحاء
وَيَنْبَغِي أَن يتَنَبَّه بعد 7 ذَلِك لأمر مُهِمّ وَهُوَ أَن
ثمَّ تَدْلِيس لَهُم خَاص يعرف ب تَدْلِيس التَّسْوِيَة وَهُوَ
لَا يخْتَص بشيخ المدلس 8 بل بشيخ شَيْخه
(1/163)
1 - وَقد رمي بذلك الْوَلِيد بن مُسلم
وَبَقِيَّة بن الْوَلِيد
مِثَاله أَن يكون بَين الْأَوْزَاعِيّ 2 وَنَافِع مثلا من ضعف
مَعَ أَن الْأَوْزَاعِيّ روى عَن نَافِع فَيسْقط بَقِيَّة
الضَّعِيف ويروي الحَدِيث عَن 3 الْأَوْزَاعِيّ عَن نَافِع
فتنبهلذلك
وَفِي كَلَام الشَّيْخ فِي أول النَّوْع إِشَارَة إِلَى هَذَا
(1/164)
1
- النَّوْع الثَّالِث عشر
معرفَة الشاذ
وَهُوَ عِنْد الشَّافِعِي وَجَمَاعَة م عُلَمَاء الْحجاز مَا 2
روى الثِّقَة مُخَالفا لرِوَايَة النَّاس لَا أَن يروي مَا لَا
يروي غَيره
قَالَ الخليلي وَالَّذِي عَلَيْهِ 3 حفاظ الحَدِيث أَن الشاذ
مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد يشذ بِهِ ثِقَة أَو
غَيره فَمَا كَانَ عَن غير 4 ثِقَة فمتروك وَمَا كَانَ عَن
ثِقَة توقف عيه وَلَا يحْتَج بِهِ
وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ مَا انْفَرد بِهِ ثِقَة 5 وَلَيْسَ
لَهُ أصل بمتابع
وَذكر أَنه يغاير الْمُعَلل من حَيْثُ أَن الْمُعَلل وقف على
علته الدَّالَّة 6 على جِهَة الْوَهم فِيهِ والشاذ لم يُوقف
فِيهِ على عِلّة كَذَلِك
وَمَا ذكرَاهُ أَعنِي الخليلي وَالْحَاكِم 7 يشكل بِمَا
ينْفَرد بِهِ الْعدْل الْحَافِظ الضَّابِط كَحَدِيث إِنَّمَا
الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّهُ حَدِيث فَرد 8 تفرد بِهِ
(1/165)
1 - عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ثمَّ تفرد بِهِ عَن عمر عَلْقَمَة بن وَقاص ثمَّ عَن 2
عَلْقَمَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ثمَّ عَنهُ يحيى بن سعيد
على مَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أهل الحَدِيث
وأوضح 3 مِنْهُ حَدِيث النَّهْي عَن بيع الْوَلَاء وَعَن هِبته
تفرد بِهِ عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر
(1/166)
1 -
(1/167)
1 - وَحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن
أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة وعَلى
رَأسه 2 المغفر
تفرد بِهِ مَالك عَن الزُّهْرِيّ
فَكل هَذِه مخرجة فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ أَنه لَيْسَ لَهَا
إِلَّا 3 إِسْنَاد وَاحِد تفرد بِهِ ثِقَة
وَفِي غرائب الصَّحِيح أشباه لذَلِك غير قَليلَة
وَقد قَالَ مُسلم لزهري 4 نَحْو تسعين حرفا يرويهِ كَذَا عَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد
بأسانيد 5 جِيَاد
(1/168)
1 - وَالصَّوَاب التَّفْصِيل
وَهُوَ أَن الرَّاوِي إِذا انْفَرد بِشَيْء فَإِن كَانَ
مُخَالفا لما رَوَاهُ منهو 2 أحفظ مِنْهُ وأضبط كَانَ تفرده
شاذا مردودا وَإِن لم يكن مُخَالفا لغيره فَإِن كَانَ
الْمُنْفَرد 3 عدلا حَافِظًا موثوقا بضبطه قبل تفرده وَكَانَ
صَحِيحا كَمَا سبق من الْأَمْثِلَة وَإِن لم يكن موثوقا 4
بضبطه لَكِن غير بعيد من دَرَجَة الْحَافِظ الضَّابِط كَانَ
حَدِيثه حسنا وَإِن كَانَ بَعيدا من ذَلِك 5 كَانَ تفرده شاذا
مُنْكرا
فَحصل من هَذَا أَن الشاذ الْمَرْدُود هُوَ الْفَرد الْمُخَالف
والفرد الَّذِي 6 لَيْسَ فِي راوية من الثِّقَة والضبط مَا
يجْبر تفرده
مِثَال الحَدِيث الْفَرد الْمُخَالف
مَا رَوَاهُ 7 أَبيض بن أبان الثَّقَفِيّ عَن سُهَيْل بن أبي
صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من كَانَ
مُصَليا 8 فَليصل قبلهَا أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا يَعْنِي
الْجُمُعَة
تفرد بهَا أَبيض
(1/169)
1 - وَمِثَال مَا رَوَاهُ غير الموثوق
بحفظه وإتقانه مُنْفَردا بِهِ
حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي التقاء 2 الْخضر وإلياس كل عَام
(1/170)
1 - قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يحدث بِهِ
غير الْحسن بن رزين عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَنهُ
قلت 2 وَهُوَ صَاحب مَنَاكِير
وَمِثَال الْبعد من دَرَجَة الْحَافِظ الضَّابِط المقبول
حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ 3 فِي الدُّعَاء بعد الْوضُوء ب
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك
(1/171)
1 -
(1/172)
1 -
(1/173)
1 -
(1/174)
1 -
(1/175)
1 - قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تفرد بِهِ
عِيسَى بن شُعَيْب
وَمِثَال مَا تفرد بِهِ الْحَافِظ الضَّابِط المقبول 2
كَحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَنه عَلَيْهِ
السَّلَام دخل مَكَّة وعَلى رَأسه المغفر
فَإِن مَالِكًا 3 تفرد بِهِ عَن الزُّهْرِيّ كَمَا سلف
وَمِثَال المتفرد الَّذِي هُوَ غير بعيد من دَرَجَة الْحَافِظ
الضَّابِط 4 وتفرده حسن
(1/176)
1 - حَدِيث وَاثِلَة مَرْفُوعا الْمَرْأَة
تحوز ثَلَاثَة مَوَارِيث
رَوَاهُ ق ت وَقَالَ حسن غَرِيب لَا نعرفه 2 إِلَّا من حَدِيث
مُحَمَّد بن حَرْب على هَذَا الْوَجْه
(1/177)
1 -
(1/178)
1
- النَّوْع الرَّابِع عشر
معرفَة الْمُنكر
قَالَ البرديجي الْحَافِظ هُوَ الْفَرد الَّذِي لَا يعرف 2
مَتنه من غير رِوَايَته لَا من الْوَجْه الَّذِي رَوَاهُ
مِنْهُ وَلَا من غَيره
وَإِطْلَاق الحكم على التفرد 3 بِالرَّدِّ أَو النكارة أَو
الشذوذ مَوْجُود فِي كَلَام كثير من أهل الحَدِيث
(1/179)
1 - وَالصَّوَاب فِيهِ التَّفْصِيل الَّذِي
بَيناهُ فِي الشاذ
(1/180)
1 - فمثال الْقسم الأول وَهُوَ الْفَرد
الْمُخَالف لما رَوَاهُ الثِّقَات
رِوَايَة مَالك عَن الزُّهْرِيّ 2 عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن
عمر بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن زيد عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم 3 قَالَ لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا
الْكَافِر الْمُسلم
فَخَالف مَالك غَيره من الثِّقَات فِي قَوْله 4 عمر بن
عُثْمَان وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو
قَالَ مُسلم فِي تَمْيِيزه كل من رَوَاهُ من أَصْحَاب
الزُّهْرِيّ قَالَ 5 فِيهِ عَمْرو وَذكر أَن مَالِكًا كَانَ
يُشِير بِيَدِهِ إِلَى دَار عمر بن عُثْمَان كَأَنَّهُ علم
أَنهم يخالفونه 6
وَعمر أَخُو عَمْرو غير أَن هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن
عَمْرو بِفَتْح الْعين
وَحكم مُسلم وَغَيره 7 على مَالك بالوهم فِيهِ
قلت على أَن ابْن الْمُبَارك وَمُعَاوِيَة بن هِشَام روياه عَن
مَالك
(1/181)
1 - كالجماعة وَرَوَاهُ يحيى بن بكير
وَرَوَاهُ يحيى بن بكير فِي موطئِهِ على الشَّك فَقَالَ عَن 2
عَمْرو أَو عمر بن عُثْمَان لَكِن قَالَ النَّسَائِيّ
الصَّوَاب عَن مَالك فِيهِ عمر وَلَا نعلم أحدا تَابعه 3 على
ذَلِك
وَالْمرَاد بالنكارة السَّنَد لَا الْمَتْن
نعم حَدِيث أنس أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا 4 دخل
الْخَلَاء وضع خَاتمه مُنكر كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُد وَفِيه
نظر
(1/182)
1 -
(1/183)
1 - وَمِثَال الْقسم الثَّانِي وَهُوَ
الْفَرد الَّذِي لَيْسَ فِي رَاوِيه من الثِّقَة والضبط مَا
يجْبر تفرده 2
حَدِيث أبي زُكَيْرٍ يحيى بن مُحَمَّد بن قيس عَن هِشَام بن
عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله 3 تَعَالَى
عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كلوا
البلح بِالتَّمْرِ
(1/184)
1 - فَإِن الشَّيْطَان إِذا رأى ذَلِك غاظه
وَيَقُول عَاشَ ابْن آدم حَتَّى أكل الجديج بالخلق
(1/185)
1 - تفرد بِهِ أَبُو زُكَيْرٍ وَهُوَ شيخ
صَالح أخرج لَهُ مُسلم غير أَنه لم يبلغ مبلغ من يحْتَمل 2
تفرده
قلت إِنَّمَا أخرج لَهُ مُسلم فِي المتابعات لَا فِي الْأُصُول
وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ الحَدِيث 3 الْمَذْكُور فِي
مَوْضُوعَاته
وَقَالَ النَّسَائِيّ حَدِيث مُنكر
وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ من أَفْرَاد الْبَصرِيين 4 عَن
الْمَدَنِيين
وَالله أعلم
(1/186)
1
- النَّوْع الْخَامِس عشر
معرفَة الِاعْتِبَار والمتابعات والشواهد
وَهِي أُمُور يتداولونها 2 فِي نظرهم فِي حَال الحَدِيث هَل
تفرد بِهِ رَاوِيه أم لَا وَهل هُوَ مَعْرُوف أَولا
أما الِاعْتِبَار 3
فمثاله مَا ذكره ابْن حبَان أَن يروي حَمَّاد بن سَلمَة
حَدِيثا لَا يُتَابع عَلَيْهِ عَن أَيُّوب عَن 4 ابْن سِيرِين
عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَينْظر هَل رَوَاهُ ثِقَة غير أَيُّوب 5 عَن ابْن سِيرِين
فَإِن وجد علم أَن للْخَبَر أصلا يرجع إِلَيْهِ وَإِن لم يُوجد
ذَلِك فَثِقَة غير ابْن 6 سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَإِلَّا
فصحابي غير أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ 7 وَسلم فَأَي ذَلِك وجد علم أَن للْحَدِيث أصلا يرجع
إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا
وَأما الْمُتَابَعَة
فَمثل أَن 8 يروي ذَلِك الحَدِيث بِعَيْنِه عَن أَيُّوب غير
حَمَّاد وَهِي الْمُتَابَعَة التَّامَّة
(1/187)
1 - فَإِن لم يروه أحد غَيره عَن أَيُّوب
لَكِن رَوَاهُ بَعضهم عَن ابْن سِيرِين أَو عَن أبي هُرَيْرَة
2 أَو رَوَاهُ غير أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك قد يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمُتَابَعَة
3 أَيْضا لَكِن تقصر عَن الْمُتَابَعَة الأولى بِحَسب بعْدهَا
مِنْهَا
وَيجوز أَن يُسمى ذَلِك بِالشَّاهِدِ أَيْضا 4
وَأما الشَّاهِد
فَأن يرْوى حَدِيث آخر بِمَعْنَاهُ وَلم يرو الأول بِوَجْه من
الْوُجُوه فَهَذَا يُسمى 5 شَاهدا من غير مُتَابعَة
فَإِن لم يرو أَيْضا بِمَعْنَاهُ حَدِيث آخر فقد تحقق فِيهِ
التفرد الْمُطلق 6 حِينَئِذٍ
وينقسم عِنْد ذَلِك إِلَى
مَرْدُود مُنكر وَغير مَرْدُود كَمَا سلف
وَإِذا قَالُوا فِي مثل هَذَا 7 تفرد بِهِ أَبُو هُرَيْرَة
وَتفرد بِهِ عَن ابْن سِيرِين أَيُّوب وَتفرد بِهِ عَن أَيُّوب
حَمَّاد بن سَلمَة كَانَ 8 فِي ذَلِك إِشْعَار بِانْتِفَاء
وُجُوه المتابعات فِيهِ
ثمَّ اعْلَم أَنه يدْخل فِي الْمُتَابَعَة والاستشهاد 9
رِوَايَة من لَا يحْتَج بحَديثه وَحده بل يكون معدودا فِي
الضُّعَفَاء
(1/188)
1 - وَفِي الصَّحِيحَيْنِ جمَاعَة من
الضُّعَفَاء ذكرُوا فِي المتابعات والشواهد
وَلَيْسَ كل ضَعِيف 2 يصلح لذَلِك وَلِهَذَا يَقُول
الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره فِي الضُّعَفَاء فلَان يعْتَبر بِهِ
وَفُلَان لَا يعْتَبر 3 بِهِ
مِثَال المتابع وَالشَّاهِد
حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء
بن أبي 4 رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أخذُوا إهابها فدبغوه فانتفعوا 5
بِهِ
وَرَوَاهُ ابْن جريج عَن عَمْرو عَن عَطاء وَلم يذكر الدّباغ
فَذكر الْبَيْهَقِيّ لحَدِيث ابْن عُيَيْنَة 6 مُتَابعًا
وَشَاهدا
أما المتابع فَإِن أُسَامَة بن زيد تَابعه عَن عَطاء عَن ابْن
عَبَّاس أَن
(1/189)
1 - رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَلا نزعتم جلدهَا فدبغتموه فانتفعتم بِهِ
وَأما 2 الشَّاهِد فَحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن وَعلة عَن ابْن
عَبَّاس رَفعه أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر
وَالله 3 أعلم
(1/190)
|