المقنع في علوم الحديث

1
- النَّوْع السَّادِس عشر
معرفَة زيادات الثِّقَات وَحكمهَا
وَهُوَ فن لطيف تستحسن الْعِنَايَة 2 بِهِ
وَقد كَانَ أَبُو بكر بن زِيَاد النَّيْسَابُورِي وَأَبُو نعيم الْجِرْجَانِيّ وَأَبُو الْوَلِيد الْقرشِي 3 الْأَئِمَّة مذكورين بِمَعْرِِفَة زيادات الْأَلْفَاظ الْفِقْهِيَّة
وَمذهب الْجُمْهُور من الْفُقَهَاء والمحدثين 4 قبُول زِيَادَة الثِّقَة مُطلقًا
قلت وَادّعى ابْن طَاهِر فِي مَسْأَلَة الِانْتِصَار الِاتِّفَاق عَلَيْهِ
وَشرط 5 الصَّيْرَفِي والخطيب كَون من رَوَاهَا حَافِظًا
وَابْن الصّباغ فِي الْعدة أَن لَا يكون من نقلهَا 6 وَاحِد وَمن أسقطها

(1/191)


1 - جمَاعَة لَا يجوز عَلَيْهِم الْوَهم فَإِن كَانَ كَذَلِك سَقَطت
وَقَالَ ذَاك فِيمَا إِذا روياه فِي 2 مجْلِس وَاحِد فَإِن كَانَا فِي مجلسين كَانَا خبرين وَعمل بهما
وَقيل لَا مُطلقًا
وَقيل إِن زَادهَا 3 غير من رَوَاهُ نَاقِصا قبلت وَإِلَّا فَلَا
وَقَالَ ابْن الصّباغ فِي الْعدة إِذا زَاد ثَانِيًا فَإِن تعدد 4 الْمجْلس قبلنَا وَإِلَّا فَإِن ادّعى نسيانها قبلت وَإِلَّا توقف
وَحكى عَن بعض الْمُتَكَلِّمين أَنه 5 إِن كَانَت الزِّيَادَة مُغيرَة للإعراب تَعَارضا وَإِلَّا قبلت
وَقيل لَا تقبل إِلَّا إِذا أفادت حكما 6
وَقيل تقبل فِي اللَّفْظ دون الْمَعْنى
حَكَاهُمَا الْخَطِيب
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح 7
وَقد رَأَيْت تَقْسِيم مَا ينْفَرد بِهِ الثِّقَة ثَلَاثَة أَقسَام
أَحدهمَا زِيَادَة تخَالف الثِّقَات فَترد 8 كَمَا سبق فِي نوع الشاذ
ثَانِيهمَا مَالا مُخَالفَة فِيهِ كتفرد بجملة حَدِيث فَتقبل

(1/192)


1 - وَقد ادّعى الْخَطِيب فِيهِ اتِّفَاق الْعلمَاء
وَقد سبق مِثَاله فِي نوع الشاذ
ثالثهما زِيَادَة 2 لَفْظَة فِي حَدِيث لم يذكرهَا سَائِر رُوَاته
كَحَدِيث جعلت لنا الأَرْض مَسْجِدا طهُورا تفرد أَبُو 3 مَالك الْأَشْجَعِيّ فَقَالَ وتربتها طهُورا

(1/193)


1 -

(1/194)


1 -

(1/195)


1 - فَهَذَا يشبه الْقسم الأول من حَيْثُ أَن مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَام وَمَا رَوَاهُ الْمُنْفَرد بِالزِّيَادَةِ 2 مَخْصُوص وَفِي ذَلِك مُغَايرَة فِي الصّفة وَنَوع من الْمُخَالفَة يخْتَلف بِهِ الحكم
وَيُشبه أَيْضا الْقسم 3 الثَّانِي من حَيْثُ أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا
قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح قبُول هَذَا الْأَخير
وَمثله 4 الشَّيْخ أَيْضا بِزِيَادَة مَالك عَن نَافِع عَن عمر فِي حَدِيث الْفطْرَة من الْمُسلمين وَنقل عَن التِّرْمِذِيّ 5 أَنه تفرد بهَا من بَين

(1/196)


1 - الثِّقَات وَأَن عبيد الله بن عمر وَأَيوب وَغَيرهمَا رووا هَذَا الحَدِيث عَن نَافِع عَن ابْن 2 عمر بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة
وَاعْترض عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فَقَالَ لَا يَصح التَّمْثِيل بِهِ فقد وَافق مَالِكًا

(1/197)


1 - عمر بن نَافِع أَي فِي البُخَارِيّ وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان أَي فِي مُسلم
قلت وَوَافَقَهُ عشرَة أنفس 2 أَيْضا
أَوَّلهمْ عبيد الله بن عمر

(1/198)


1 -

(1/199)


1 -

(1/200)


1 -

(1/201)


1 - ثانيهم كثير بن فرقد
كِلَاهُمَا عَن نَافِع صححهما الْحَاكِم
ثالثهم الْمُعَلَّى بن إِسْمَاعِيل 2
صَححهُ ابْن حبَان

(1/202)


1 - رابعهم عبد الله بن عمر الْعمريّ
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَابْن الْجَارُود فِي منتقاه 2
خامسهم أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة
صَححهُ ابْن خُزَيْمَة

(1/203)


1 - سادسهم ابْن أبي ليلى

(1/204)


1 - رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه
سابعهم يُونُس بن يزِيد
رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي مشكله وَذكره 2 الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه
ثامنهم وتاسعهم وعاشرهم يحيى بن سعيد ومُوسَى بن عقبَة وَأَيوب بن 3 مُوسَى روى حَدِيثهمْ الْبَيْهَقِيّ

(1/205)


1 - فَهَؤُلَاءِ اثْنَا عشر نفسا تابعوا مَالِكًا فاستفده فَإِنَّهُ من الْمُهِمَّات
وَقَول التِّرْمِذِيّ 2 إِن عبيد الله بن عمر وَأَيوب روياه بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة فِيهِ نظر فقد علمت أَنَّهُمَا روياه 3 بهَا
ثمَّ اعْلَم بعد ذَلِك أَن أهل الْأُصُول قسموا الْمَسْأَلَة تقسيما حسنا غير مَا سلف فَقَالُوا 4
إِذا زَاد أحد الروَاة وتعدد الْمجْلس قبلت الزِّيَادَة وَإِن اتَّحد وَجَاز الذهول على الآخرين 5 وَلم يُغير إِعْرَاب الْبَاقِي فَكَذَلِك خلافًا لأبي حنيفَة
وَإِن لم يجز الذهول لم تقبل
207 - وَإِن 6 غير الْإِعْرَاب مثل فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وروى الآخر نصف شَاة طلب التَّرْجِيح
فَإِن جهل الِاتِّحَاد 7 والتعدد فَالْحكم كَمَا فِي الِاتِّحَاد
قَالَه الْآمِدِيّ
وَأما فَشرط فِي الْقبُول مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ 8 أَن لَا يكون الممسك عَن الزِّيَادَة أضبط من الرَّاوِي لَهَا وَأَن لَا يُصَرح بنفيها فَإِن صرح بِهِ 9 فَقَالَ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام وقف على قَوْله ذكر أَو أُنْثَى فِي حَدِيث الْفطْرَة وَلم يَأْتِ بعده بِكَلَام 10 آخر مَعَ انتظاري لَهُ فَإِنَّهُمَا متعارضان وَنَصّ الشَّافِعِي على قبُول الزِّيَادَة من غير تعرض لهَذِهِ 11 الشُّرُوط وَمِمَّنْ نَقله عَنهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي برهانه
وَفصل بَعضهم فَقَالَ إِن كَانَ رَاوِي الزِّيَادَة 12 وَاحِدًا والساكت عَنْهَا أَيْضا وَاحِدًا قبلت وَإِن كَانَ جمَاعَة فَلَا
وَاخْتَارَ الأبياري شَارِح الْبُرْهَان 13 أَن الرَّاوِي إِن اشْتهر بِنَقْل

(1/206)


1 - الزِّيَادَات فِي وقائع فَلَا تقبل رِوَايَته لِأَنَّهُ مُتَّهم وَإِن كَانَ على سَبِيل الشذوذ قبلت 2
قَالَ ابْن الْحَاجِب وَإِذا أسْند الحَدِيث وأرسلوه أَو رَفعه ووقفوه أَو وَصله وقطعوه فَحكمه 3 حكم الزِّيَادَة فِي التَّفْصِيل السالف
قَالُوا وَإِذا زَاد الرَّاوِي الْوَاحِد فِي الحَدِيث مرّة وَحذف 4 أُخْرَى وَالْحَال كَمَا تقدم من اتِّحَاد الْمجْلس وَالْإِعْرَاب فالاعتبار بِكَثْرَة المرات إِلَّا أَن يَقُول 5 الرَّاوِي سَهَوْت فِيهَا ثمَّ تذكرت فَيَأْخُذ بِالْأَقَلِّ فَإِن تَسَاويا فبالزيادة
وَالله أعلم

(1/208)


1
- النَّوْع السَّابِع عشر
معرفَة الْأَفْرَاد
وَقد سبق بَيَان المهم م هَذَا النَّوْع فِي الْأَنْوَاع 2 الَّتِي تليه قبله لَكِن أفردته بترجمة تبعا للْحَاكِم وَلما بَقِي مِنْهُ فَنَقُول
الْأَفْرَاد قِسْمَانِ 3
أَحدهمَا فَرد عَن جَمِيع الروَاة وَقد تقدم
وَالثَّانِي فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَة خَاصَّة وَهُوَ قريب 4 من الأول
وَمثل مَا يُقَال فِيهِ هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ أهل مَكَّة أَو الشَّام أَو فلَان عَن فلَان 5 أَو أهل الْبَصْرَة عَن أهل الْكُوفَة وَشبه ذَلِك
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي الحكم بِضعْف الحَدِيث 6 إِلَّا أَن يُرَاد بتفرد الْمَدَنِيين مثلا انْفِرَاد وَاحِد مِنْهُم فَتكون إِضَافَته إِلَيْهِم كإضافة الْوَاحِد 7 من الْقَبِيلَة إِلَيْهَا مجَازًا فَيكون كالقسم الأول
قلت وَقسم الْحَاكِم هَذَا النَّوْع ثَلَاثَة أَقسَام 8
أَحدهمَا مَا تفرد بِهِ أهل مَدِينَة عَن صَحَابِيّ

(1/209)


1 - وَثَانِيهمَا مَا تفرد بِهِ رجل وَاحِد عَن إِمَام من الْأَئِمَّة
ثالثهما مَا تفرد بِهِ أهل مَدِينَة 2 عَن أُخْرَى
وَالله أعلم

(1/210)


1
- النَّوْع الثَّامِن عشر
معرفَة الْمُعَلل
ويسميه أهل الحَدِيث الْمَعْلُول
وَذَلِكَ مِنْهُم وَمن 2 الْفُقَهَاء فِي قَوْلهم فِي بَاب الْقيَاس الْعلَّة والمعلول مرذول عِنْد أهل اللُّغَة والعربية
قلت 3 وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه لحن وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ المعل كَمَا عبر بِهِ بَعضهم وَالْفِعْل مِنْهُ أعل 4 فَهُوَ معل قِيَاسا
قَالَ ابْن سَيّده فِي محكمه اسْتعْمل أَبُو إِسْحَاق لفظ الْمَعْلُول فِي المتقارب 5 من الْعرُوض
قَالَ والمتكلمون يستعملون لفظ الْمَعْلُول فِي مثل هَذَا كثير
قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ 6 فلست فِيهَا على ثِقَة وَلَا ثلج لِأَن الْمَعْرُوف أعله الله فَهُوَ معل اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون على 7 مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم مَجْنُون ومسلول من أَنَّهُمَا جَاءَا على جننته وسللته وَإِن لم 8 يستعملا فِي الْكَلَام استغني عَنْهُمَا ب أفعلت قَالُوا وَإِذا قَالُوا جن

(1/211)


1 - وسل فَإِنَّمَا يَقُولُونَ جعل فِيهِ الْجُنُون والسل كَمَا قَالُوا حرق ونسل
وَهَذَا النَّوْع من 2 أجل عُلُوم الحَدِيث وأدقها وَإِنَّمَا يضطلع بذلك أهل الْحِفْظ والخبرة والفهم الثاقب
وَهِي 3 عبارَة عَن أَسبَاب خُفْيَة غامضة قادحة فِيهِ
فَالْحَدِيث المعل هُوَ الحَدِيث الَّذِي يطلع على عِلّة 4 قادحة تقدح فِي صِحَّته مَعَ أَن ظَاهِرَة السَّلامَة مِنْهَا ويتطرق ذَلِك إِلَى الْإِسْنَاد الْجَامِع شُرُوط 5 الصِّحَّة ظَاهرا
ويستعان على إِدْرَاكهَا ب
تفرد الرَّاوِي
وبمخالفة غَيره لَهُ
مَعَ قَرَائِن 6 تنضم إِلَى ذَلِك تنبه الْعَارِف بِهَذَا الشَّأْن على إرْسَال فِي الْمَوْصُول أَو وقف فِي الْمَرْفُوع أَو 7 دُخُول حَدِيث فِي حَدِيث أَو وهم واهم بِغَيْر ذَلِك بِحَيْثُ يغلب على ظَنّه ذَلِك فَيحكم بِهِ أَو يتَرَدَّد 8 فَيتَوَقَّف فِيهِ
وكل ذَلِك مَانع من الحكم بِصِحَّة مَا وجد ذَلِك فِيهِ
وَكَثِيرًا مَا يعللون الْمَوْصُول 9 بالمرسل مثل أَن يَجِيء الحَدِيث

(1/212)


1 - بِإِسْنَاد مَوْصُول وَيَجِيء أَيْضا بِإِسْنَاد مُنْقَطع أقوى من إِسْنَاد الْمَوْصُول وَلِهَذَا اشْتَمَلت 2 كتب علل الحَدِيث على جمع طرقه
قلت وَذكر ابْن خشيش فِي كِتَابه عُلُوم الحَدِيث أَن الْمُعَلل 3 أَن يروي عَمَّن لم يجْتَمع بِهِ إِمَّا بطرِيق التَّارِيخ كَمَا تقدم كمن تتقدم وَفَاته عَن مِيلَاد من 4 يروي عَنهُ وَإِمَّا بطرِيق الْجِهَة بِأَن يروي الْخُرَاسَانِي عَن المغربي وَلم ينْقل أَن الْخُرَاسَانِي 5 انْتقل من خُرَاسَان وَلَا أَن المغربي انْتقل من الْمغرب
وَهَذَا يرجع إِلَى قَول الشَّيْخ أَو إرْسَال 6 فِي الْمَوْصُول
قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ والسبيل إِلَى معرفَة عِلّة الحَدِيث أَن تجمع طرقه وَينظر 7 فِي اخْتِلَاف رُوَاته وَيعْتَبر بمكانهم من الْحِفْظ ومنزلتهم فِي الإتقان والضبط
قَالَ عَليّ بن 8 الْمَدِينِيّ إِذا لم تجمع طرقه لم يتَبَيَّن خَطؤُهُ
ثمَّ قد تقع الْعلَّة فِي الْإِسْنَاد وَهُوَ الْأَكْثَر 9 وَقد تقع فِي الْمَتْن

(1/213)


1 - ثمَّ مَا يَقع فِي الْإِسْنَاد قد يقْدَح فِي صِحَة الْإِسْنَاد والمتن جَمِيعًا كَمَا فِي التَّعْلِيل 2 بِالْإِرْسَال وَالْوَقْف وَقد يقْدَح فِي صِحَة الْإِسْنَاد والمتن جَمِيعًا كَمَا فِي التَّعْلِيل بِالْإِرْسَال 3 وَالْوَقْف وَقد يقْدَح فِي صِحَة الْإِسْنَاد خَاصَّة من غير قدح فِي الْمَتْن كَحَدِيث الثِّقَة يعلى بن عبيد 4 عَن الثَّوْريّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البيعان بِالْخِيَارِ 5 الحَدِيث فَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل بِنَقْل الْعدْل عَن الْعدْل وَهُوَ مُعَلل غير صَحِيح والمتن على كل حَال 6 صَحِيح وَالْعلَّة فِي قَوْله عَن عَمْرو بن دِينَار إِنَّمَا هُوَ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر 7 هَكَذَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة من أَصْحَاب سُفْيَان عَنهُ فَوَهم يعلى بن عبيد وَعدل عَن عبد الله بن دِينَار 8 إِلَى عَمْرو بن دِينَار وَكِلَاهُمَا ثِقَة

(1/214)


1 - وَمِثَال الْعلَّة فِي الْمَتْن
مَا انْفَرد مُسلم بِإِخْرَاجِهِ فِي حَدِيث أنس من اللَّفْظ الْمُصَرّح 2 بِنَفْي قِرَاءَة الْبَسْمَلَة
فعلل قوم رِوَايَة اللَّفْظ الْمَذْكُور لما رَأَوْا الْأَكْثَرين إِنَّمَا قَالُوا 3 فِيهِ فَكَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين من غير تعرض لذكر

(1/215)


1 - الْبَسْمَلَة وَهُوَ الَّذِي اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على إِخْرَاجه فِي الصَّحِيح
وَرَأَوا أَن من رَوَاهُ 2 بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَقع لَهُ ففهم من قَوْله كَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد أَنهم 3 كَانُوا لَا يسلمُونَ فَرَوَاهُ على مَا فهم وَأَخْطَأ لِأَن مَعْنَاهُ أَن السُّورَة الَّتِي كَانُوا يستفتحون 4 بهَا من السُّور هِيَ الْفَاتِحَة وَلَيْسَ فِيهَا تعرض لذكر الْبَسْمَلَة
قلت وَرَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ 5 بِلَفْظ لَا يجهرون مَكَان لَا يقرأون
قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح

(1/216)


1 - قَالَ الشَّيْخ وانضم إِلَى ذَلِك أُمُور مِنْهَا
أَنه ثَبت عَن أنس أَنه سُئِلَ عَن الِافْتِتَاح بالبسملة 2 فَذكر أَنه لَا يحفظ فِيهِ شَيْئا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت وَفِي إِسْنَاده أَيْضا 3 عِلّة خُفْيَة وَهِي أَن مُسلما رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن مهْرَان حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ 4 عَن عَبده أَن عمر كَانَ يجْهر بهؤلاء الْكَلِمَات يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تبَارك اسْمك وَتَعَالَى 5 جدك وَلَا إِلَه غَيْرك
وَعَن قَتَادَة أَنه كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ عَن أنس بن مَالك أَنه حَدثهُ قَالَ صليت 6 خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة 7 بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي 8 أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا

(1/217)


1 - وَأخرجه البُخَارِيّ إِلَى قَوْله رب الْعَالمين
ثمَّ قَالَ مُسلم حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان حَدثنَا 2 الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ أَخْبرنِي إِسْحَاق بنم عبد الله بن أبي طَلْحَة أَنه سمع 3 أنس بن مَالك يذكر انْتهى
وَفِيه عِلَّتَانِ
الأولى أَن فِي إِسْنَاده كِتَابَة لَا يعلم من كتبهَا 4 وَلَا من حملهَا وَقَتَادَة ولد أكمه
الثَّانِيَة أَنه استحمل على عنعنة مُدَلّس وَهُوَ الْوَلِيد وَلَا 5 يَنْفَعهُ تصريحه بِالتَّحْدِيثِ فَإِنَّهُ اشْتهر بتدليس التَّسْوِيَة وَهُوَ أَن لَا يُدَلس شيخ نَفسه وَلَكِن 6 شيخ شَيْخه
فَهَذَا الْمِثَال الَّذِي ذكره ابْن الصّلاح رَحمَه الله للمتن يصلح أَن يكون مِثَالا 7 لِلْعِلَّةِ فِي الْإِسْنَاد أَيْضا كَمَا قَرّرته وَهُوَ مُهِمّ عَزِيز

(1/218)


1 - وَقَول ابْن الْجَوْزِيّ فِي تَحْقِيقه اتّفق الْأَئِمَّة على حَدِيث أنس فِيهِ نظر فَإِن الشَّافِعِي ضعفه 2 وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيّ وَالتِّرْمِذِيّ
ثمَّ اعْلَم أَنه قد يُطلق اسْم الْعلَّة على غير مقتضاها الْمُتَقَدّم 3 لكذب الرَّاوِي وغفلته وَسُوء حفظه وَنَحْوهَا من أَسبَاب ضعف الحَدِيث

(1/219)


1 - وسمى التِّرْمِذِيّ النّسخ عِلّة
وَلَعَلَّ مُرَاده لترك الْعَمَل بِهِ
وَأطلق بَعضهم الْعلَّة على 2 مُخَالفَة لَا تقدح كإرسال مَا وَصله الثِّقَة الضَّابِط حَتَّى قَالَ من أَقسَام الصَّحِيح صَحِيح مُعَلل 3 كَمَا قَالَ بَعضهم من الصَّحِيح مَا هُوَ شَاذ وَالله أعلم

(1/220)


1
- النَّوْع التَّاسِع عشر
المضطرب
وَهُوَ الَّذِي يرْوى على أوجه مُخْتَلفَة مُتَسَاوِيَة
فَإِن رجحت 2 إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِحِفْظ راويها أَو كَثْرَة صحبته للمروي عَنهُ أَو غير ذَلِك من وُجُوه الترجيحات 3 الْمُعْتَمدَة فَالْحكم للراجحة وَلَا يكون مضطربا
وَإِنَّمَا يُسمى مضطربا عِنْد تساويهما
وَقد 4 يَقع الِاضْطِرَاب فِي متن الحَدِيث وَقد يَقع فِي الْإِسْنَاد من راو أَو جمَاعَة
وَالِاضْطِرَاب مُوجب 5 ضعف الحَدِيث لإشعاره بِأَنَّهُ لم يضْبط
وَمثله ابْن الصّلاح بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله 6 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمُصَلِّي إِذا لم يجد عَصا ينصبها بَين يَدَيْهِ فليخلط خطا
وَهَذَا 7 الحَدِيث قد صَححهُ الإِمَام أَحْمد وَابْن حبَان وَغَيرهمَا وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ لَا بَأْس بِهِ فِي مثل هَذَا 8 الحكم إِن شَاءَ اله
وَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَن هَذَا الِاضْطِرَاب لَيْسَ قادحا

(1/221)


1 - فَفِيمَا ذكره ابْن الصّلاح حِينَئِذٍ نظر

(1/222)


1 -

(1/223)


1 -

(1/224)


1 -

(1/225)


1 -

(1/226)