المقنع في علوم الحديث 1
- النَّوْع الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
معرفَة كَيْفيَّة سَماع الحَدِيث وتحميله وَصفَة ضَبطه
ولنقدم 2 على بَيَانهَا بَيَان أُمُور
أَحدهمَا يَصح التحميل قبل وجود الْأَهْلِيَّة
فَتقبل رِوَايَة من تحمل 3 قبل الْإِسْلَام وروى بعده
وَكَذَا رِوَايَة من سمع قبل الْبلُوغ وروى بعده
قلت وَالْفَاسِق أولى 4 من الْكَافِر
وَمِمَّا علم أَن الصَّحَابِيّ تحمله فِي حَال الْكفْر ثمَّ
رَوَاهُ بعد إِسْلَامه حَدِيث جُبَير 5 بن مطعم أَنه سمع
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب ب الطّور
أفادة فِي الاقتراح وَهُوَ حَدِيث أخرجه 6 الشَّيْخَانِ
وَكَانَ قد جَاءَ فِي فدَاء أُسَارَى بدر قبل ان يسلم
(1/288)
1 - وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَذَلِكَ
أول مَا وقر الْإِيمَان فِي قلبِي
وَمنع الثَّانِي أَي رِوَايَة 2 من سمع قبل الْبلُوغ وَأدّى
بعده قوم فأخطأوا لِأَن النَّاس قبلوا رِوَايَة أَحْدَاث
الصَّحَابَة كالحسن 3 بن عَليّ وأخيه الْحُسَيْن وَابْن
عَبَّاس وَابْن الزبير والنعمان بن بشير وأشباهم من غير فرق 4
من غير فرق بَين مَا تَحملُوهُ قبل الْبلُوغ أَو بعده وَلم
يزَالُوا قَدِيما وحديثا يحْضرُون الصّبيان 5 مجَالِس الحَدِيث
وَالسَّمَاع ويعتدون برواياتهم لذَلِك
قلت وقاس من قبل رِوَايَته على شَهَادَته 6
وَقد يفرق بِأَن الرِّوَايَة تَقْتَضِي شرعا عَاما فاحتيط
فِيهَا بِخِلَاف الشَّهَادَة وَقد يُجيب الْمَانِع 7 عَن
إِحْضَار الصّبيان مجَالِس الحَدِيث بِأَن الْإِحْضَار قد يكون
للتبرك أَو سهولة الْحِفْظ أَو الاعتياد 8 مُلَازمَة الْخَيْر
الثَّانِي قَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء يسْتَحبّ أَن يبتدي
بِسَمَاع الحَدِيث بعد عشْرين 9 سنة لِأَنَّهَا مجمع الْعقل
قَالَ مُوسَى بن هَارُون أهل الْبَصْرَة يَكْتُبُونَ لعشر
وَأهل الْكُوفَة لعشرين 10 وَأهل الشَّام لثلاثين
(1/289)
1 - وَالصَّوَاب فِي هَذِه الْأَزْمَان
التبكير بِهِ من حِين يَصح سَمَاعه إِذْ الْمَقْصُود إبْقَاء
سلسة 2 الْإِسْنَاد وَأما كِتَابَته وتقييده فَمن حِين أَهله
لَهُ
وَيخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص وَلَا يتَقَيَّد 3 بسن
مَخْصُوص
فَقَالَ مُوسَى بن هَارُون إِذا فرق بَين الْبَقَرَة
وَالدَّابَّة
وَقَالَ أَحْمد إِذا عقل 4 وَضبط فَذكر لَهُ عَن رجل أَنه
قَالَ لَا يجوز سَمَاعه حَتَّى يكون لَهُ خمس عشرَة سنة
فَأنْكر قَوْله 5 وَقَالَ بئس القَوْل
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض حدد أهل الصَّنْعَة ذَلِك أَن أَقَله
سنّ مَحْمُود بن الرّبيع 6 الَّذِي قَالَ عقلت من النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم مجة مجها فِي وَجْهي وَإِنِّي ابْن خمس
سِنِين من دلو وَفِي رِوَايَة 7 أُخْرَى أَنه كَانَ ابْن أَربع
تراجم عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه مَتى يَصح سَماع
(1/290)
1 - الصَّغِير
قَالَ ابْن الصّلاح والتحديد بِخمْس هُوَ الَّذِي اسْتَقر
عَلَيْهِ عمل أهل الحَدِيث 2 من الْمُتَأَخِّرين فيكتبون
لِابْنِ خمس فَصَاعِدا سمع ودونه حضر أَو أحضر
وَالَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِك 3 اعْتِبَار التَّمْيِيز فَإِن
فهم الْخطاب ورد الْجَواب كَانَ مُمَيّزا صَحِيح السماع وَإِن
كَانَ دون خمس 4 وَإِن لم يكن كَذَلِك لم يَصح سَمَاعه وَإِن
كَانَ ابْن خمس با ابْن خمسين
وَقد بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم 5 بن سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ
رَأَيْت صَبيا ابْن أَربع سِنِين قد حمل إِلَى الْمَأْمُون قد
الْقُرْآن وَنظر 6 فِي الرَّأْي غير أَنه إِذا جَاع بَكَى
(1/291)
1
- وَحفظ الْقُرْآن أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد
الْأَصْبَهَانِيّ وَله خمس سِنِين فامتحنه فِيهِ 2 أَبُو بكر
ابْن الْمقري وَكتب لَهُ بِالسَّمَاعِ وَهُوَ ابْن أَربع
سِنِين
وَحَدِيث مَحْمُود لَا يدل على 3 التحديث بِمثل سنه
بَيَان أَقسَام طرق الحَدِيث وتحمله
ومجامعها ثَمَانِيَة
الأول
السماع 4 من لفظ الشيج وَهُوَ إملاء وَغَيره من حفظه وَمن كتاب
(1/292)
1
- وَهَذَا الْقسم أرفع الْأَقْسَام عِنْد الجماهير
قَالَ القَاضِي عِيَاض لَا خلاف أَنه يجوز 2 فِي هَذَا أَن
يَقُول السَّامع مِنْهُ حَدثنَا وَأخْبرنَا وأنبأنا وَسمعت
فلَانا يَقُول وَقَالَ لنا فلَان 3 وَذكر لنا فلَان
قَالَ ابْن الصّلاح وَفِي هَذَا نظر
وَيَنْبَغِي فِيمَا شاع اسْتِعْمَاله من هَذِه الْأَلْفَاظ 4
مَخْصُوصًا بِمَا سمع من غير لفظ الشَّيْخ على مَا سَيَأْتِي
أَن لَا يُطلق فِيمَا سمع من لفظ الشَّيْخ 5 لما فِيهِ من
الْإِبْهَام والإلباس
قَالَ الْخَطِيب وَأَرْفَع الْعبارَات سَمِعت ثمَّ حَدثنَا
وحَدثني 6 فَإِنَّهُ لَا يكَاد أحد يَقُول سَمِعت فِي
الْإِجَازَة وَالْمُكَاتبَة لِأَنَّهُ تَدْلِيس مَا لم يسمعهُ
وَكَانَ بعض 7 أهل الْعلم يَقُول فِيمَا أُجِيز لَهُ حَدثنَا
وَرُوِيَ عَن الْحسن إِذْ ذَاك بهَا إِلَّا أَنه لم يسمع
مِنْهُ 8 شَيْئا
وَأثبت بَعضهم سَمَاعه مِنْهُ
قلت وَذكر عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَول الْحسن أَيْضا خَطَبنَا
ابْن 9 عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ كَقَوْل
ثَابت قدم علينا عمرَان بن حُصَيْن
(1/293)
1 - وَمثل قَول مُجَاهِد خرج علينا عَليّ
وَالْحسن لم يسمع من ابْن عَبَّاس وَمَا رَآهُ قطّ كَانَ
بِالْمَدِينَةِ 2 أَيَّام كَانَ ابْن عَبَّاس على الْبَصْرَة
قَالَ ابْن الْقطَّان وَحدثنَا لَيست بِنَصّ فِي أَن قَائِلهَا
سمع 3 فَفِي صَحِيح مُسلم حَدِيث الَّذِي يقْتله الدَّجَّال
فَيَقُول أَنْت الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا بِهِ رَسُول الله 4
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَمَعْلُوم أَن ذَلِك الرجل
متأجر الْمِيقَات أَي فَالْمُرَاد حدث أمته وَهُوَ مِنْهُم
وَقد قَالَ 5 قوم إِنَّه الْخضر فَحِينَئِذٍ لَا مَانع من
سَمَاعه
ثمَّ يَتْلُو ذَلِك قَوْله أخبرنَا وَهُوَ كثير فِي
الِاسْتِعْمَال 6 وَكَانَ هَذَا قبل أَن يشيع تَخْصِيص أخبرنَا
بِالْقِرَاءَةِ على الشَّيْخ
(1/294)
1 - كَانَ عبد الرَّزَّاق يَقُول أخبرنَا
حَتَّى قدم الإِمَام أَحْمد وَابْن رَاهْوَيْةِ فَقَالَا لَهُ
قل حَدثنَا 2
ثمَّ يَتْلُو ذَلِك قَوْله أَنبأَنَا ونبأنا وَهُوَ قَلِيل فِي
الِاسْتِعْمَال
قَالَ ابْن الصّلاح وَحدثنَا 3 وَأخْبرنَا أرفع من سَمِعت من
جِهَة أَنه لَيْسَ فِي سَمِعت ذلالة على أَن الشَّيْخ خاطبه
وَفِي حَدثنَا 4 وَأخْبرنَا دلَالَة على ذَلِك أَو هُوَ مِمَّن
فعل بِهِ ذَلِك كَمَا وَقع للبرقاني مَعَ شَيْخه أبي الْقَاسِم
5 الآبندوني فَإِنَّهُ كَانَ عسر الرِّوَايَة فَكَانَ البرقاني
يجلس بِحَيْثُ لَا يرَاهُ ابو الْقَاسِم وَلَا 6 يعلم
بِحُضُورِهِ فَيسمع مِنْهُ مَا يحدث بِهِ فَكَانَ يَقُول
سَمِعت وَلَا يَقُول حَدثنَا أَو أخبرنَا لِأَن 7 قَصده
الرِّوَايَة للداخل عَلَيْهِ وَحده
وَقد يرد مَا ذكره ابْن الصّلاح بِأَن سَمِعت صَرِيح فِي
سَمَاعه 8 بِخِلَاف حَدثنَا لاستعماله فِي الْإِجَازَة بَعضهم
وَأما قَوْله قَالَ لنا فلَان أَو ذكر لنا فكحدثنا 9 غير أَنه
لَائِق بِسَمَاع المذاكرة وَهُوَ أشبه من حَدثنَا
(1/295)
1
- قلت خَالف ابْن مَنْدَه فِي جُزْء لَهُ فَقَالَ إِن
البُخَارِيّ حيق قَالَ قَالَ فلَان فَهُوَ تَدْلِيس 2 وَهُوَ
يعبد فقد قَالَ ابْن الْقطَّان لما ذكر تَدْلِيس الشُّيُوخ
قَالَ لم يَصح ذَلِك عَن البُخَارِيّ قطّ 3
وأوضع الْعبارَات فِي ذَلِك أَن يَقُول قَالَ فلَان اَوْ ذكر
فلَان من غير قَوْله لي وَلنَا وَنَحْو 4 ذَلِك
وَهُوَ أَيْضا مَحْمُول على السماع إِذا عرف اللِّقَاء أَي
وَسلم الرَّاوِي من التَّدْلِيس على 5 مَا تقدم فِي فرع المعضل
لَا سِيمَا إِن عرف أَنه لَا يَقُول قَالَ إِلَّا فِيمَا سَمعه
مِنْهُ وَقد خصص 6 الْخَطِيب القَوْل
(1/296)
1 - بِحمْل ذَلِك على السماع مِمَّن عرف من
عَادَته مثل ذَلِك وَالْمَحْفُوظ الْمَعْرُوف أَنه لَيْسَ
بِشَرْط 2
الْقسم الثَّانِي
الْقِرَاءَة على الشَّيْخ
ويسميها أَكثر الْمُحدثين عرضا
كَقِرَاءَة القارىء 3 على المقرىء
وَسَوَاء قَرَأت أَو قَرَأَ غَيْرك وَأَنت تسمع من كتاب أَو
حفظ حفظ الشَّيْخ مَا يقْرَأ 4 عَلَيْهِ أم لَا لَكِن يمسك
أَصله إِلَّا مَا حُكيَ عَن بعض من لَا يعْتد بِخِلَافِهِ
(1/297)
1
- وَاخْتلفُوا فِي مساواتها للسماع من لفظ الشَّيْخ فِي
الرُّتْبَة أَو دونه أَو فَوْقه
فَعَن 2 أبي حنيفَة وَابْن أبي ذِئْب وَغَيرهَا وَرِوَايَة عَن
مَالك تَرْجِيح الْقِرَاءَة على الشَّيْخ على السماع 3 من
لَفظه
وروى عَن مَالك وَغَيره أَنَّهُمَا سَوَاء وَقيل إِنَّه
مَذْهَب مُعظم عُلَمَاء الْحجاز والكوفة 4 وَمذهب مَالك
وأشياخه من عُلَمَاء الْمَدِينَة وَمذهب البُخَارِيّ وَغَيرهم
قلت وَحَكَاهُ الصَّيْرَفِي فِي 5 دلائله عَن الشَّافِعِي
وَالصَّحِيح تَرْجِيح السماع من لفظ الشَّيْخ وَالْقِرَاءَة
رُتْبَة ثَانِيَة
وروينا 6 إِلَى ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ سَأَلت
مَالِكًا وَعبيد الله الْعمريّ وَعبد ارحمن بن 7 أبي الزِّنَاد
وَعبد الحكم بن عبد الله بن أبي فَرْوَة وَعبد الرَّحْمَن بن
وثاب وَأَبا بكر بن 8 عبد الله بن ابي سُبْرَة عَن قِرَاءَة
الحَدِيث على الْمُحدث أَو حَدِيثه هُوَ بِهِ فَقَالُوا هُوَ
سَوَاء 9 وَهُوَ علم بلدنا
(1/298)
1
- والأجود الأسلم فِي الرِّوَايَة بهَا قَرَأت على فلَان أَو
قرئَ على فلَان وَأَنا أسمع فَأقر 2 بِهِ
ثمَّ عِبَارَات السماع مُقَيّدَة ك حَدِيث أَو اُخْبُرْنَا
قِرَاءَة عَلَيْهِ وأنشدنا فِي الشّعْر قِرَاءَة 3 عَلَيْهِ
قلت وَلَا يجوز فِي الْعرض سَمِعت على الْأَصَح خلافًا فِيهِ
على مَذَاهِب
أَحدهمَا الْمَنْع 4 فيهمَا
وَقيل إِنَّه قَول ابْن الْمُبَارك وَيحيى بن يحيى التَّمِيمِي
وَأحمد بن الْمُتَكَلِّمين
الثَّانِي 5 الْجَوَاز فيهمَا وَأَنه كالسماع من لفظ الشَّيْخ
فِي جَوَاز إِطْلَاق
(1/299)
1 - حَدثنَا وَأخْبرنَا وأنبأنا
وَقد قيل إِن هَذَا مَذْهَب مُعظم الْحِجَازِيِّينَ والكوفيين
وَقَول 2 الزُّهْرِيّ وَمَالك وَابْن عُيَيْنَة وَيحيى
الْقطَّان وَالْبُخَارِيّ فِي آخَرين
وَمن هَؤُلَاءِ من اجاز فِيهَا 3 أَيْضا أَن يَقُول سَمِعت
فلَانا
قلت وَصحح هَذَا الْمَذْهَب ابْن الْحَاجِب وَنقل هُوَ وَغَيره
عَن الْحَاكِم 4 أَنه مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة
وصنف فِيهِ الطَّحَاوِيّ جُزْءا
وَحَكَاهُ عِيَاض عَن الْأَكْثَرين
وَكَذَا 5 قَالَ ابْن فَارس ذهب إِلَيْهِ أَكثر عُلَمَائِنَا
الثَّالِث الْفرق فالمنع فِي حَدثنَا وَالْجَوَاز فِي 6
أخبرنَا
وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَابه وَمُسلم بن الْحجَّاج
وَجُمْهُور أهل الْمشرق
وَنقل عَن 7 أَكثر الْمُحدثين أَيْضا مِنْهُم ابْن جريح كَذَا
نَقله ابْن الصّلاح عَنهُ وَالَّذِي حَكَاهُ الْخَطِيب عَنهُ 8
الأول وَالْأَوْزَاعِيّ
(1/300)
1 - فَإِن كَانَ بيد الْقَارئ وَهُوَ موثوق
بِهِ دينا وَمَعْرِفَة فَكَذَلِك الحكم فِيهِ وَأولى بالتصحيح
2
وَأما إِذا كَانَ الأَصْل بيد من لَا يوثق بإمساكه لَهُ وَلَا
يُؤمن إهماله لما يقْرَأ فَسَوَاء 3 كَانَ بيد الْقَارئ أَو
غَيره فِي أَنه سَماع غير مُعْتَد بِهِ إِذا كَانَ الشَّيْخ
غير حَافظ للمقروء 4 عَلَيْهِ
الثَّانِي
إِذا قَرَأَ الْقَارئ على الشَّيْخ قَائِلا أخْبرك فلَان أَو
قلت أخبرنَا فلَان 5 وَنَحْو ذَلِك وَالشَّيْخ سَاكِت ومضغ
إِلَيْهِ فاهم لذَلِك غير مُنكر لَهُ فَهَذَا كَاف فِي ذَلِك
وَاشْترط 6 بعض أهل الظَّاهِر وَغَيرهم إِقْرَار الشَّيْخ نطقا
وَبِه قطع صَاحب الْمُهَذّب وَابْن الصّباغ وسليم 7
قَالَ أَبُو نصر لَيْسَ لَهُ ان يَقُول حَدثنِي وَأَخْبرنِي
وَله أَن يعْمل بِمَا قرئَ عَلَيْهِ وَإِذا أَرَادَ 8
رِوَايَته قَالَ قَرَأت عَلَيْهِ أَو قرىء عَلَيْهِ وَهُوَ
يسمع
وَفِي حِكَايَة بعض المصنفين للْخلاف فِي 9 ذَلِك أَن بعض
الظَّاهِرِيَّة اعْتبر إِقْرَار الشَّيْخ عِنْد تَمام السماع
بِأَن يَقُول الْقَارئ للشَّيْخ وَهُوَ 10 كَمَا قرأته عَلَيْك
فَيَقُول نعم
وَالصَّحِيح أَن ذَلِك غير لَازم وَأَن سكُوت الشَّيْخ على
الْوَجْه 11 الْمَذْكُور نَازل منزلَة تصريحه بِتَصْدِيق
القارىء اكْتِفَاء بالقرائن الظَّاهِرَة
(1/302)
1 - وَهَذَا مَذْهَب الجماهير من
الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم
وَمَا قَالَه ابْن الصّباغ من 2 أنهلا يُطلق فِيهِ حَدثنَا
وَلَا أخبرنَا هُوَ مَا صَححهُ الْغَزالِيّ وَحَكَاهُ
الْآمِدِيّ عَن الْمُتَكَلِّمين 3 وَصَححهُ وَحكى تجويزه عَن
الْفُقَهَاء والمحدثين وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَحكى عَن
الْحَاكِم أَنه مَذْهَب 4 الْأَرْبَعَة
وَإِن أَشَارَ الشَّيْخ بِرَأْسِهِ أَو أُصْبُعه للإقرار بِهِ
وَلم يتَلَفَّظ فَجزم صَاحب الْمَحْصُول 5 بِأَنَّهُ لَا
يَقُول فِي الْأَدَاء حَدثنِي وَلَا أَخْبرنِي وَلَا سَمِعت
وَفِيه نظر
الثَّالِث
قَالَ الْحَاكِم 6 الَّذِي أختاره فِي الرِّوَايَة وعهدت
عَلَيْهِ أَكثر مشايخي وأئمة عصري أَن يَقُول فِيمَا سَمعه
وَحده 7 من لفظ الشَّيْخ حَدثنِي وَمَعَ غَيره حَدثنَا
وَفِيمَا قَرَأَ عَلَيْهِ أَخْبرنِي وَفِيمَا قرىء عَلَيْهِ
بِحَضْرَتِهِ 8 أخبرنَا
وروينا نَحوه عَن ابْن وهب صَاحب مَالك وَهُوَ حسن رائق
(1/303)
1
- قلت وَفِي علل التِّرْمِذِيّ عَن ابْن وهب قَالَ مَا قلت
حَدثنَا فَهُوَ مَا سَمِعت مَعَ النَّاس وَمَا 2 قلت حَدثنِي
فَهُوَ مَا سَمِعت وحدي وَمَا قلت أخبرنَا فَهُوَ مَا قرىء على
الْعَالم وَأَنا شَاهد وَمَا 3 قلت اخبرني فَهُوَ مَا قَرَأت
على الْعَالم
وَفِي كَلَام الْحَاكِم وَابْن وهب أَن الْقَارئ إِذا كَانَ 4
مَعَه غَيره يَقُول أخبرنَا
فسوى بَين مَسْأَلَتي التحديث والإخبار فِي ذَلِك
فَإِن شكّ هَل كَانَ 5 وَحده أَو مَعَ غَيره فَيحْتَمل أَن
يَقُول حَدثنِي وَأَخْبرنِي لِأَن عدم غَيره هُوَ الأَصْل
لَكِن قَالَ يحيى 6 الْقطَّان فِيمَا إِذا شكّ أَن الشَّيْخ
قَالَ حَدثنَا أَو حَدثنِي أَنه يَقُول حَدثنَا
وَهَذَا يَقْتَضِي فِيمَا 7 إِذا شكّ فِي سَماع نَفسه مثل
ذَلِك أَن يَقُول حَدثنَا
وَهُوَ عِنْدِي يتَوَجَّه بِأَن حَدثنِي أكمل مرتبَة 8 من
حَدثنَا فَيقْتَصر على النَّاقِص لِأَن عدم الزَّائِد هُوَ
الأَصْل
(1/304)
1 - وَهَذَا لطف
ثمَّ وجدت الْبَيْهَقِيّ اخْتَارَهُ
وَفِي الْكِفَايَة للخطيب عَن البرقاني أَنه رُبمَا 2 شكّ فِي
الحَدِيث هَل قَرَأَهُ أَو قرئَ وَهُوَ يسمع فَيَقُول فِيهِ
قَرَأنَا على فلَان
وَهُوَ حسن بل لَا 3 بَأْس بقوله قَرَأنَا على فلَان إِذا تحقق
أَنه سمع بِقِرَاءَة غَيره صرح بِهِ احْمَد بن صَالح حِين 4
سُئِلَ عَنهُ وَقَالَ النُّفَيْلِي قَرَأنَا على مَالك
وَإِنَّمَا قرئَ عَلَيْهِ وَهُوَ يسمع
ثمَّ إِن هَذَا التَّفْصِيل 5 من أَصله مُسْتَحبّ كَمَا
حَكَاهُ الْخَطِيب عَن أهل الْعلم كَافَّة فَجَائِز إِذا سمع
أَن يَقُول حَدثنَا وَنَحْوه 6 لجَوَاز ذَلِك لوَاحِد فِي
كَلَام الْعَرَب وَجَائِز إِذا سمع فِي جمَاعَة أَن يَقُول
حَدثنِي لِأَن الْمُحدث 7 حَدثهُ وَحدث غَيره
الرَّابِع
قَالَ الإِمَام أَحْمد اتبع لفظ الشَّيْخ فِي حَدثنَا وحَدثني
وَسمعت 8 وَأخْبرنَا وَلَا تعده
(1/305)
1
- قَالَ الشَّيْخ وَلَيْسَ لَك إِبْدَال أخبرنَا ب حَدثنَا
وَنَحْوه فِي الْكتب الْمُؤَلّفَة وَإِن كَانَ 2 فِي إِقَامَة
الآخر خلاف وتفصيل سبق لاحْتِمَال أَن يكون قَائِل ذَلِك لَا
يرى التَّسْوِيَة بَينهمَا 3
وَلَو وجدت من ذَلِك إِسْنَادًا عرفت عَن مَذْهَب رِجَاله
التَّسْوِيَة بَينهمَا فإقامتك أَحدهمَا مقَام 4 الآخر من بَاب
تَجْوِيز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
وَالَّذِي نرى أَن الْخلاف فِيهِ لَا يجْرِي هُنَا وَمَا 5
ذكره الْخَطِيب فِي كِفَايَته من إِجْزَاء ذَلِك الْخلاف هُنَا
مَحْمُول عندنَا على مَا يسمعهُ الطَّالِب 6 من لفظ الْمُحدث
غير مَوْضُوع فِي كتاب مؤلف
وَاعْتِرَاض صَاحب الاقتراح فَقَالَ هَذَا كَلَام فِيهِ 7 ضعف
وَأَقل مَا فِيهِ أَنه يَقْتَضِي تَجْوِيز هَذَا فِيمَا ينْقل
من المصنفات الْمُتَقَدّمَة إِلَى أجزائنا 8 وتخاريجنا
فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِير التصنيف الْمُتَقَدّم قَالَ
وَلَيْسَ
(1/306)
1 - هَذَا جَارِيا على الِاصْطِلَاح
وَلَا نسلم أَنه يَقْتَضِيهِ بل كَلَام الشَّيْخ يشْعر
بِأَنَّهُ إِذا 2 نقل حَدِيث من كتاب وعزي إِلَيْهِ لَا يجوز
فِيهِ الْإِبْدَال سَوَاء نقلنا فِي تأليف لنا أَو لفظا 3
وَعبارَة صَاحب الاقتراح الِاصْطِلَاح على أَن لَا يُغير
الْأَلْفَاظ بعد الأنتهاء إِلَى الْكتب 4 المصنفة سَوَاء
رويناها فِيهَا أَو نقلناها مِنْهَا
وَفِي كَلَام بَعضهم مَا يدل على امْتِنَاعه 5 وَفِيه ضعف
وَقبل الِانْتِهَاء إِلَيْهَا يَنْبَغِي أَن يحفظ فِي أَسمَاء
رِوَايَتهَا إِذا تصرف فِيهَا شُرُوط 6 الرِّوَايَة
بِالْمَعْنَى فَلَا يزِيد فِي تَعْرِيف الرَّاوِي بِمَا لَو
عرض عَلَيْهِ لم يختره
قَالَ وَبَعض الْمُحدثين 7 لَا يلْتَزم عدم الزِّيَادَة
وَالنَّقْص فيزيد تَارِيخ السماع وَتَعْيِين الْقَارئ والمخرج
قَالَ وَلَا 8 يجْرِي ذَلِك على قانون الْأُصُول
الْخَامِس
اخْتلف أهل الْعلم فِي صِحَة سَماع من ينْسَخ عِنْد
الْقِرَاءَة 9
فال إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَابْن عدي والأستاذ أَبُو
إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ لَا يَصح السماع
(1/307)
1
- وَقَالَ أَبُو بكر الصبغي يَقُول حضرت وَلَا يَقُول حَدثنَا
وَلَا أخبرنَا
وَورد عَن الْحَافِظ 2 مُوسَى بن هَارُون تَجْوِيز ذَلِك
وَكتب ابْن الْمُبَارك وَهُوَ ينْسَخ شَيْئا آخر مَا يقْرَأ
وَلَا فرق 3 بَين النّسخ من السَّامع وَمن المسمع
قَالَ الشَّيْخ وَخير من هَذَا الْإِطْلَاق التَّفْصِيل فَإِن
فهم 4 المقروء صَحَّ كالحكاية الْمَشْهُورَة عَن
الدَّارَقُطْنِيّ وَإِلَّا فَلَا
(1/308)
1
- قلت مثلهَا عَن أبي مَسْعُود الضَّبِّيّ الرَّازِيّ أَنه حضر
مجْلِس يزِيد بن هَارُون على شاطىء 2 نهر وَهُوَ يغيب الْمجْلس
كُله
السَّادِس
مَا ذَكرْنَاهُ فِي النّسخ من التَّفْصِيل يجْرِي مثله فِيمَا
3 إِذا تحدث الشَّيْخ أَو السَّامع أَو أفراط الْقَارئ فِي
الْإِسْرَاع أَو هينم بِحَيْثُ يخفي بعض الْكَلَام 4 أَو بعد
السَّامع عَن الْقَارئ وَمَا أشبه ذَلِك
ثمَّ الظَّاهِر أَنه يُعْفَى فِي ذَلِك عَن الْقدر الْيَسِير 5
نَحْو الْكَلِمَة والكلمتين
وَيسْتَحب للشَّيْخ أَن يُجِيز لجَمِيع السامعين رِوَايَة
ذَلِك الْجُزْء أَو 6 الْكتاب وَإِن جرى على كُله اسْم السماع
وَإِن كتب لأَحَدهم كتب سَمعه مني وأجزت لَهُ رِوَايَته 7 عني
أَو نَحْو ذَلِك كَمَا كَانَ بعض الشُّيُوخ يفعل
(1/309)
1
- قلت وَأول من كتب الْإِجَازَة فِي طَبَقَات السماع أَبُو
الطَّاهِر الْأنمَاطِي وَهُوَ حسن بَالغ 2 فقد يحصل فَوت فَلَا
يقدر على رِوَايَته إِلَّا بذلك كَمَا وَقع لِابْنِ الصَّواف
شيخ شُيُوخنَا رَاوِي 3 غَالب النَّسَائِيّ عَن ابْن باقا
وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد بن أبي عبد الله بن عتاب
الأندلسي 4 عَن أَبِيه أَنه قَالَ لَا غنى فِي السماع عَن
الْإِجَازَة لِأَنَّهُ قد يغلط الْقَارئ ويغفل الشَّيْخ إِن 5
كَانَ الْقَارئ ويغفل السَّامع فينجبر لَهُ مَا فَاتَهُ
بِالْإِجَازَةِ
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد فِي الْحَرْف 6 يدغمه الشَّيْخ فَلَا
يفهم أَرْجُو أَن لَا
(1/310)
1 - تضيق رِوَايَته عَنهُ
قلت وَأما أَبُو نعيم الدكيني فَكَانَ يرى فِيمَا سقط عَنهُ من
الْحَرْف 2 الْوَاحِد وَالِاسْم مِمَّا سَمعه من سُفْيَان
وَالْأَعْمَش واستفهم من أَصْحَابه أَن يرويهِ عَن أَصْحَابه 3
لَا يرى غير ذَلِك وَاسِعًا
وَكَانَ ابْن عُيَيْنَة يَقُول ثَنَا عَمْرو بن دِينَار يُرِيد
حَدثنَا نه لم 4 يسمع مِنْهُ إِلَّا الثَّاء وَالنُّون
لِكَثْرَة الزحام
(1/311)
1
- ومجلس الْإِمْلَاء كَانَ عَظِيما أَولا حَتَّى رُبمَا يبلغ
ألوفا فَإِذا بلغ عَنهُ الْمُسْتَمْلِي 2 فَذهب جمَاعَة من
الْمُتَقَدِّمين وَغَيرهم إِلَى أَنه يجوز لمن سمع
الْمُسْتَمْلِي أَن يروي ذَلِك عَن المملي 3 حَتَّى قَالَ ابْن
مَنْدَه لبَعض أَصْحَابه يَا فلَان يَكْفِيك من السماع شمة
وأباه آخَرُونَ
قَالَ النَّوَوِيّ 4 وَهُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَه
الْمُحَقِّقُونَ
قَالَ الشَّيْخ وَالْأول فِيهِ تساهل بعيد
وَقد روى خلف 5 بن تَمِيم عَن زَائِدَة قَالَ لَا تحدث لَا مَا
تحفظ بقلبك وَتسمع بأذنك
السَّابِع
يَصح السماع 6 من وَرَاء حجاب إِذا عرف صَوته إِن حدث
بِلَفْظِهِ أَو حُضُوره بمسمع مِنْهُ إِن قرئَ عَلَيْهِ
وَيَنْبَغِي 7 أَن يجوز الِاعْتِمَاد فِي الْمعرفَة على خبر
ثِقَة
(1/312)
1
- وَقد كَانُوا يسمعُونَ من عَائِشَة وَغَيرهَا من أُمَّهَات
الْمُؤمنِينَ من وَرَاء حجاب ويروونه 2 عَنْهُن على الصَّوْت
وَاحْتج عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْحَافِظ فِي ذَلِك بقوله
عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام 3 إِن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل
الحَدِيث وَشَرطه شُعْبَة الْحَافِظ رُؤْيَته وَقَالَ إِذا
حَدثَك الْمُحدث فَلم تَرَ 4 وَجهه فَلَا ترو عَنهُ
فَلَعَلَّهُ شَيْطَان قد تصور بصورته وَيَقُول حَدثنَا
وَأخْبرنَا
الثَّامِن
من 5 سمع من شيخ حَدثنَا ثمَّ قَالَ لَهُ لَا تروه عني أَو لَا
آذن لَك فِي رِوَايَته أَو لست أخْبرك بِهِ 6 أَو رجعت عَن
إخباري إياك بِهِ فَلَا تروه عني غير مُسْند ذَلِك إِلَى أَنه
أَخطَأ فِيهِ أَو شكّ وَنَحْوه 7 لم تمْتَنع رِوَايَته
وَلَو خص بِالسَّمَاعِ قوما فَسمع غَيرهم بِغَيْر علمه جَازَ
لَهُم الرِّوَايَة عَنهُ 8 قَالَه الأسناد أَبُو إِسْحَاق
(1/313)
1
- قَالَ وَلَو قَالَ أخْبركُم وَلَا أخبر فلَانا لم يضرّهُ
الْقسم الثَّالِث من أَقسَام نقل الحَدِيث 2 وتحمله
الْإِجَازَة وَهِي أَنْوَاع
أَولهَا
أَن يُجِيز لمُعين فِي معِين
كأجزتك البُخَارِيّ أَو 3 مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ فهرستي
وَهَذَا أَعلَى أَنْوَاعهَا الْمُجَرَّدَة عَن المناولة
وَزعم بَعضهم أَنه 4 لَا خلاف فِي جَوَازهَا وَزَاد الْبَاجِيّ
فَقَالَ لَا خلاف فِي جَوَاز الرِّوَايَة بهَا وَادّعى
الْإِجْمَاع 5 وَحكى الْخلاف فِي الْعَمَل بهَا
وَفِي هَذَا نظر فقد خَالف فِي جَوَاز الرِّوَايَة بهَا
جمَاعَة من 6 أهل الحَدِيث وَالْفُقَهَاء والأصوليين وَذَلِكَ
إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الشَّافِعِي وَخَالفهُ الرّبيع
وَقَالَ 7 بإبطالها أَيْضا القَاضِي حُسَيْن وَالْمَاوَرْدِيّ
من أَصْحَابنَا وعزياه إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَا وَلَو
8 جَازَت الْإِجَازَة لبطلت الرحلة
وَحكي أَيْضا عَن شُعْبَة وَجَمَاعَة من الْمُحدثين حَتَّى قيل
إِذا قَالَ
(1/314)
1 - أجزت لَك أَن تروي عَنهُ تَقْدِيره
أجزت لَك مَا لَا يجوز شرعا أَو أجزت لَك أَن تكذب عَليّ 2
لِأَن الشَّرْع لَا يُبِيح رِوَايَة مالم يسمع
ثمَّ إِن الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الْعَمَل وَقَالَ بِهِ
جَمَاهِير 3 الْمُحدثين وَغَيرهم القَوْل بجوازها وَإِبَاحَة
الرِّوَايَة بهَا
وَفِي الِاحْتِجَاج لذَلِك غموض وَيتَّجه 4 أَن تَقول إِذا
أجَاز لَهُ أَن يروي مروياته فقد أخبرهُ بهَا جملَة فَهُوَ
كَمَا لَو اخبره بهَا تَفْصِيلًا 5
وإخباره بهَا غير مُتَوَقف على التَّصْرِيح نطقا كَمَا فِي
الْقِرَاءَة على الشَّيْخ كَمَا سلف وَالْغَرَض 6 حَاصِل
بِالْإِجَازَةِ المفهمة
ثمَّ أَنه كَمَا تجَاوز الرِّوَايَة بِالْإِجَازَةِ يجب الْعلم
بالمروي بهَا 7 خلافًا لمن قَالَ من أهل الظَّاهِر وَمن
تَابعهمْ إِنَّه لَا يجب الْعَمَل بِهِ وَإنَّهُ جَار مجْرى
الْمُرْسل 8 وَهَذَا بَاطِل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِجَازَة
مَا يقْدَح فِي اتِّصَال الْمَنْقُول بهَا وَفِي الثِّقَة بِهِ
النَّوْع 9 الثَّانِي
أَن يُجِيز لمُعين فِي غير معِين
كأجزتك مسموعاتي أَو مروياتي
فَالْخِلَاف فِيهِ أقوى 10 وَكثر
وَالْجُمْهُور من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم جوزوا
الرِّوَايَة بهَا وأوجبوا الْعَمَل 11 بِمَا رُوِيَ بهَا
بِشَرْطِهِ
(1/315)
1
- الثَّالِث
أَن يُجِيز لغير معِين بِوَصْف الْعُمُوم
كأجزت للْمُسلمين أَو كل أحد أَو لمن 2 أدْرك زماني وَمَا أشبه
ذَلِك
وَفِيه خلاف للمتأخرين مِمَّن جوز الْإِجَازَة
فَإِن قيد بِوَصْف خَاص 3 أَو نَحوه فَهُوَ إِلَى الْجَوَاز
أقرب
وَمثله القَاضِي عِيَاض بقوله أجزت لمن هُوَ الْآن من طلبه 4
الْعم بِبَلَد كَذَا أَو من قَرَأَ عَليّ قبل هَذَا قَالَ
فَمَا أحسبهم اخْتلفُوا فِي جَوَازه فِيمَن تصح 5 عَنهُ
الْإِجَازَة وَلَا رَأَيْت فِيهِ خلاف لأحد لِأَنَّهُ مَحْصُور
مَوْصُوف كَقَوْلِه لأَوْلَاد فلَان أَو إخْوَة 6 فلَان
وَمن المجوزين القَاضِي أَبُو الطّيب والخطيب وَأَبُو عبد الله
بن مَنْدَه وَابْن عتاب 7 والحافظ أَبُو الْعَلَاء وَآخَرُونَ
قلت وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَالنَّوَوِيّ فِي زوائده فِي
(1/316)
1 - الرَّوْضَة وَجمع الْحَافِظ أَبُو
جَعْفَر بن الْحُسَيْن بن أبي الندر الْبَغْدَادِيّ كتابا فِي
ذكر 2 من جوزها وَكتب بهَا
قَالَ الشَّيْخ وَلم نر وَلم نسْمع عَن أحد يقْتَدى بِهِ
الرِّوَايَة بِهَذِهِ وَلَا 3 عَن الشرذمة المجوزة
وَالْإِجَازَة فِي أَصْلهَا ضعف وتزداد بِهَذَا التَّوَسُّع
والاسترسال ضعفا 4 كثيرا لَا يَنْبَغِي احْتِمَاله
قَالَ النَّوَوِيّ وَالظَّاهِر من كَلَام مصححها جَوَاز
الرِّوَايَة بهَا وَهَذَا 5 مُقْتَضى صِحَّتهَا وَأي فَائِدَة
لَهَا غير الرِّوَايَة بهَا
قلت وَحدث بهَا خلق من الْمُتَأَخِّرين أدركناهم 6 وقرأت بهَا
على الْوَجِيه الْعَوْفِيّ فِي رحلتي الأولى الْإسْكَنْدَريَّة
عَن الكاشغري وَابْن رواج 7 والسبط وَابْن القبيطي
(1/317)
1
- الرَّابِع
الْإِجَازَة لمجهول أَو بِمَجْهُول
ويتشبث بذيلها الْإِجَازَة الْمُعَلقَة بِالشّرطِ 2 وَذَلِكَ
مثل أَن يَقُول أجزت لمُحَمد بن خَالِد الدِّمَشْقِي وَهُنَاكَ
جمَاعَة مشتركون فِي هَذَا الِاسْم 3 وَالنّسب
أَو أجزتك كتاب السّنَن وَهُوَ يروي كتبا فِي السّنَن
وَهَذِه إجَازَة لجَماعَة مسمين 4 مُعينين بأنسابهم والمجيز
جَاهِل بأعيانهم غير عَارِف بهم صحت الْإِجَازَة كَمَا لَا يضر
عدم 5 مَعْرفَته بِهِ إِذا حضر شخصيته فِي السماع
وَإِن أجَاز لجَماعَة مسمين فِي الاستجازة وَلم يعرفهُمْ 6
وَلَا تصفح أَسْمَاءَهُم فَيَنْبَغِي الصِّحَّة ايضا كسماعهم
مِنْهُ وَالْحَالة هَذِه
وَإِذا قَالَ لجَماعَة 7 مسمين أجزت لمن يَشَاء فلَان أَو
نَحْو ذَلِك فَهَذَا فِيهِ جَهَالَة وَتَعْلِيق فَالظَّاهِر
بُطْلَانه وَبِه 8 أفتى القَاضِي أَبُو الطّيب مُعَللا
بِأَنَّهَا إجَازَة لمجهول وَأَجَازَ ذَلِك ابْن الْفراء
الْحَنْبَلِيّ وَابْن 9 عمروس
(1/318)
1 - الْمَالِكِي
وَلَو قَالَ أجزت لمن شَاءَ الْإِجَازَة فَهُوَ كَمَا لَو
قَالَ اجزت لمن شَاءَ فلَان وَأكْثر 2 جَهَالَة من حَيْثُ
أَنَّهَا معلقَة بِمَشِيئَة من لَا يحصر عَددهمْ
ثمَّ هَذَا فِيمَا إِذا أجَاز لمن شَاءَ 3 الْإِجَازَة مِنْهُ
لَهُ فَإِن أجَاز لمن شَاءَ الرِّوَايَة عَنهُ فَهَذَا أولى
بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ تَصْرِيح بِمُقْتَضى 4 الْحَال لَا
تَعْلِيق حَقِيقَة وَلِهَذَا أجَاز بعض أَصْحَابنَا أَن يَقُول
بِعْتُك هَذَا بِكَذَا إِن شِئْت فَيَقُول 5 قبلت
قلت وَهُوَ الْأَصَح فِي الْمَذْهَب
(1/319)
1
- وَوجد بِخَط أبي الْفَتْح ألزدي الْحَافِظ أجزت رِوَايَة
ذَلِك لجَمِيع من أحب ان يروي ذَلِك 2 عني
أما إِذا قَالَ أجزت لفُلَان كَذَا إِن شَاءَ رِوَايَته عني
أَو لَك إِن شِئْت أَو أَحْبَبْت لَو أردْت 3 فَالْأَظْهر
الْأَقْوَى جَوَازه لانْتِفَاء الْجَهَالَة وَحَقِيقَة
التَّعْلِيق وَلم يبْق سوى صيغته
الْخَامِس 4
الْإِجَازَة للمعدوم
كأجزت لمن يُولد لفُلَان
فَإِن عطفه على مَوْجُود كأجزت لفُلَان وَمن 5 يُولد لَهُ أَو
لَك ولعقبك مَا تَنَاسَلُوا فَأولى بِالْجَوَازِ
ولمثل ذَلِك أجَاز أَصْحَابنَا فِي الْوَقْف 6 الْقسم
الثَّانِي دون الأول وَأَجَازَ أَصْحَاب مَالك وَأبي حنيفَة
كِلَاهُمَا
وَفعل الثَّانِي فِي الْإِجَازَة 7 أَبُو بكر بن أبي دَاوُد
وَأَجَازَ الْخَطِيب
(1/320)
1 - الأول وَحَكَاهُ عَن ابْن الْفراء
وَابْن عمروس وأبطلها القَاضِي أَبُو الطّيب وَابْن الصّباغ 2
وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيره
فرع
الْإِجَازَة للطفل الَّذِي لَا يُمَيّز صَحِيحه
وَبِه 3 قطع القَاضِي أَبُو الطّيب والخطيب وَخَالف بَعضهم
قلت وَقِيَاس سَماع الْكَافِر فِي حَال كفره 4 صِحَة بَعضهم
وَالْفَاسِق والمبتدع أولى مِنْهُ وَالْمَجْنُون وَصرح بهَا
الْخَطِيب وَالْحمل وَهُوَ أولى 5 من الْمَعْدُوم
السَّادِس
إجَازَة مَا لم يسمعهُ الْمُجِيز وَلم يتحمله أصلا بعد ليرويه
الْمجَاز 6 لَهُ إِذا تحمله الْمُجِيز بعد ذَلِك
قَالَ القَاضِي عِيَاض لم أر مُتَكَلم فِيهِ وَرَأَيْت بَعضهم
يصنعه 7 ثمَّ حكى عَن قَاضِي قرطبة أبي الْوَلِيد يوني بن مغيث
منع ذَلِك
(1/321)
1
- قَالَ القَاضِي وَهُوَ صَحِيح
قَالَ الشَّيْخ وَيَنْبَغِي أَن يبْنى هَذَا على أَن
الْإِجَازَة فِي حكم 2 الْإِخْبَار فَلَا تصح أَو فِي حكم
الْإِذْن فَيَنْبَغِي على الْخلاف فِيمَا إِذا وَكله بِبيع عبد
سيملكه 3 وَقد اجازه بَعضهم
وَالصَّحِيح بطلَان هَذِه الْإِجَازَة
وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه الصَّوَاب
وعَلى هَذَا 4 يتَعَيَّن على من أَرَادَ أَن يروي عَن شيخ
أجَاز لَهُ جَمِيع مسموعاته أَنه يبْحَث حَتَّى يعلم أَن هَذَا
5 مِمَّا تحمله شَيْخه قبل الْإِجَازَة
وَأما قَوْله أجزت لَك مَا صَحَّ وَيصِح عنْدك من مسموعاتي
فَلَيْسَ 6 من هَذَا الْقَبِيل وَقد فعله الدراقطني وَغَيره
وَتجوز الرِّوَايَة بِهِ لما صَحَّ عِنْده سَمَاعه لَهُ 7 قبل
الْإِجَازَة وَيجوز ذَلِك وَإِن اقْتصر على قَوْله مَا صَحَّ
عنْدك وَلم يقل وَمَا يَصح لِأَن المُرَاد 8 أجزت لَك أَن تروي
عني مَا يَصح عنْدك فَالْمُعْتَبر فِيهِ إِذا صحه ذَلِك عِنْده
حَالَة الرِّوَايَة
السَّابِع
9
- إجَازَة الْمجَاز كأجزتك مجازاتي أَو مَا أُجِيز لي فَمَنعه
بعض من لَا يعْتد بِهِ من الْمُتَأَخِّرين 10 وَالصَّحِيح
الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل جَوَازه
(1/322)
1 - وَلَا يشبه ذَلِك مَا امْتنع من
تَوْكِيل الْوَكِيل بِغَيْر أذن الْمُوكل
وَمِمَّنْ جوزه الدارقطتي 2 وَابْن عقدَة وَأَبُو نعيم وَأَبُو
الْفَتْح نصر الْمَقْدِسِي وَكَانَ أَبُو الْفَتْح رُبمَا والى
فِي رِوَايَته 3 بَين إجازات ثَلَاث وَكَذَا ابْن فَارس وروى
شَيخنَا عبد الْكَرِيم الْحلَبِي فِي تَارِيخ مصر عَن
الْحَافِظ 4 عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْأَزْدِيّ بِخمْس أجايز
مُتَوَالِيَة فِي عدَّة مَوَاضِع
وَيَنْبَغِي لمن يروي بهَا 5 أَن يتَأَمَّل كَيْفيَّة إجَازَة
شيخ شَيْخه ومقتضاها لِئَلَّا يروي مَا لم يدْخل تحتهَا فَإِن
كَانَت إجَازَة 6 شيخ شَيْخه أجزت لَهُ مَا صَحَّ عِنْده من
سَمَاعي فَرَأى سَماع شيخ شَيْخه كَونه من مسموعات شَيْخه 7
الَّذِي تِلْكَ إِجَازَته وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّد صِحَة
ذَلِك عِنْده الْآن عملا بِلَفْظِهِ وتقييده
(1/323)
1 - وَمن لَا يتفطن لهَذَا وَأَمْثَاله
يكثر عثاره
هَذَا آخر أَنْوَاع الْإِجَازَة الَّتِي تمس الْحَاجة 2 إِلَى
بَيَانهَا ويتركب مِنْهَا أَنْوَاع أخر يعرف المتأمل حكمهَا
ثمَّ هُنَا أُمُور
أَحدهَا قَالَ 3 ابْن فَارس الْإِجَازَة مَأْخُوذَة من جَوَاز
المَاء الَّذِي يسقاه الْمَاشِيَة والحرث يُقَال استجزته 4
فأجازتي إِذا سقاك مَاء لماشيتك وأرضك كَذَا طَالب يستجيز
الْعَالم علمه فيجيزه
فعلى هَذَا 5 يجوز أَن يَقُول أجزت فلَانا مسموعاتي أَو
مروياتي فيعديه بِغَيْر حرف جر
وَمن جعل الْإِجَازَة 6 إدنا وَهُوَ الْمَعْرُوف احْتَاجَ
لذَلِك فَيَقُول سَبِيل الْحَذف الَّذِي لَا يخفي نَظِيره
ثَانِيهَا إِنَّمَا 7 تستحسن الْإِجَازَة إِذا علم الْمُجِيز
مَا يُجِيزهُ وَكَانَ الْمجَاز من أهل الْعلم لِأَنَّهَا توسع
يتأهل 8 لَهُ أهل الْعلم لمسيس حَاجتهم إِلَيْهَا
(1/324)
1
- وَبَالغ بَعضهم فَجعل ذَلِك شرطا وَحكي عَن مَالك وَقَالَ
ابْن عبد الْبر إِنَّهَا لَا تجوز إِلَّا 2 لماهر بالصناعة
وَفِي شَيْء معِين لَا يشكل إِسْنَاده
ثالثهما يَنْبَغِي للمجيز كِتَابَة أَن يتَلَفَّظ 3 بهَا فَإِن
اقْتصر على الْكِتَابَة مَعَ قصد الْإِجَازَة صحت دون الأولى
الْقسم الرَّابِع من أَقسَام 4 طرق تحمل الحَدِيث وتلقيه
المناولة وَهِي على نَوْعَيْنِ
مقرونة بِالْإِجَازَةِ ومجردة
5
- فَالْأولى أَعلَى الْأَنْوَاع الْإِجَازَة مُطلقًا وَلها صور
مِنْهَا أَن يدْفع الشَّيْخ إِلَى الطَّالِب 6 أصل سَمَاعه أَو
فرعا مُقَابلا بِهِ وَيَقُول هَذَا سَمَاعي أَو روايتي عَن
فلَان فاروه أَو أجزت لَك 7 رِوَايَته عني ثمَّ يملكهُ لَهُ
أَو يَأْذَن لَهُ فِي نسخه ويقابله بِهِ
وَمِنْهَا أَن يدْفع إِلَيْهِ الطَّالِب 8 سَمَاعه فيتأمله
وَهُوَ عَارِف متيقظ ثمَّ يُعِيدهُ إِلَيْهِ وَيَقُول هُوَ
حَدِيثي أَو روايتي فاروه عني 9 أَو أجزت لَك رِوَايَته
وَهَذَا سَمَّاهُ غير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث عرضا وَقد
سبق أَن الْقِرَاءَة 10 عَلَيْهِ تسمى عرضا أَيْضا فليسم هَذَا
عرض المناولة وَذَلِكَ عرض الْقِرَاءَة
(1/325)
1 - وَهَذِه المناولة كالسماع فِي
الْقُوَّة عِنْد الزُّهْرِيّ وَمَالك وَخلق
وَالصَّحِيح أَنَّهَا منحطة 2 عَن السماع وَالْقِرَاءَة
وَهُوَ قَول جمَاعَة مِنْهُم بَاقِي الْأَرْبَعَة قَالَ
الْحَاكِم وَعَلِيهِ عهدنا أَئِمَّتنَا 3 وَإِلَيْهِ ذَهَبُوا
نَذْهَب
وَمِنْهَا أَن يتَنَاوَل الشَّيْخ الطَّالِب سَمَاعه ويجيز
لَهُ ثمَّ يمسِكهُ الشَّيْخ 4 عِنْده وَلَا يُمكنهُ مِنْهُ
وَهَذَا دون مَا سبق وَتجوز رِوَايَته إِذا وجد الْكتاب أَو
فرعا مُقَابلا 5 بِهِ موثوقا بموافقته لما تناولته الْإِجَازَة
على مَا هُوَ مُعْتَبر فِي الإجازات الْمُجَرَّدَة عَن 6
المناولة
ثمَّ أَن المناولة فِي مثل هَذَا لَا يكَاد يظْهر حُصُول مزية
بهَا على الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة 7 فِي معِين وَقد صَار غير
وَاحِد من الْفُقَهَاء الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنه لَا
تَأْثِير لَهَا وَلَا فَائِدَة 8 غير أَن شُيُوخ الحَدِيث
قَدِيما وحديثا يرَوْنَ لَهَا مزية مُعْتَبرَة
وَمِنْهَا أَن يَأْتِيهِ الطَّالِب 9 بِكِتَاب أَو جُزْء
وَيَقُول هَذَا روايتك فناولنيه وأجزني رِوَايَته فَيُجِيبهُ
إِلَيْهِ من غير نظر فِيهِ 10 وَتَحْقِيق لروايته فَهَذَا لَا
يَصح
فَإِن وثق بِخَبَر الطَّالِب ومعرفته اعْتَمدهُ وَصحت
الْإِجَازَة 11 كَمَا يعْتَمد فِي الْقِرَاءَة
(1/326)
1
- وَلَو قَالَ حدث عني بِمَا فِيهِ إِن كَانَ حَدِيثي مَعَ
الْبَرَاءَة من الْغَلَط كَانَ جَائِزا حسنا 2 قَالَه
الْخَطِيب
النَّوْع الثَّانِي المناولة الْمُجَرَّدَة عَن الْإِجَازَة
بِأَن الرِّوَايَة يناوله 3 مُقْتَصرا على هَذَا سَمَاعي فَلَا
تصح الرِّوَايَة بهَا وعابها غير وَاحِد من الْفُقَهَاء
والأصوليين 4 على الْمُحدثين الَّذين أجازوها وسوغوا
الرِّوَايَة بهَا وَحكى الْخَطِيب عَن طَائِفَة من أهل الْعلم
5 أَنهم صححوها وأجازوا الرِّوَايَة بهَا وَسَيَأْتِي إِن
شَاءَ الله قَول من أجَاز الرِّوَايَة بِمُجَرَّد 6 إِعْلَام
الشَّيْخ الطَّالِب أَن هَذَا الْكتاب سَمَاعه من فلَان
وَهَذَا يزِيد على ذَلِك ويترجح بِمَا 7 فِيهِ من المناولة
فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو من إِشْعَار بِالْإِذْنِ فِي
الرِّوَايَة بهَا على الصَّحِيح الَّذِي 8 قَالَه الْفُقَهَاء
والأصوليون
قلت وَلم يشْتَرط صَاحب الْمَحْصُول الْإِذْن بل وَلَا
المناولة بل 9 الْإِشَارَة كَافِيَة خلافًا لبَعض الْمُحدثين
نعم كَلَام الْآمِدِيّ يَقْتَضِي اشْتِرَاط الْإِذْن فِيهَا
(1/327)
1 - فرغ: فِي عبارَة الرَّاوِي بطرِيق
المناولة وَالْإِجَازَة:
جوز الزُّهْرِيّ وَمَالك وَغَيرهمَا 2 إِطْلَاق (حَدثنَا) و
(أخبرنَا) فِي الرِّوَايَة بالمناولة، وَهُوَ لَائِق بقول من
جعلهَا سماءا (1) . 3
وَحكي عَن أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيره جَوَازه فِي
الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة، وَفعله أَبُو نعيم (2) . 4
وعيب على أبي عبيد الله المزرباني (3) فعل ذَلِك.
وَالصَّحِيح الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور 5 وَأهل
التَّحَرِّي والورع الْمَنْع، وتخصيصهما بِعِبَارَة مشعرة بهاك
(حَدثنَا أَو: أخبرنَا إجَازَة، 6 أَو: مناولة، أَو: إِذْنا)
وَشبه ذَلِك.
ودلس جمَاعَة فَقَالُوا فِي الْإِجَازَة: (أخبرنَا مشافهة، 7
أَو: كِتَابَة، أَو: فِي كِتَابه، أَو: فِيمَا كتب إِلَيّ) .
(1/328)
1
- وَعَن الْأَوْزَاعِيّ تَخْصِيص الْإِجَازَة ب (خبرنَا)
بِالتَّشْدِيدِ، وَالْقِرَاءَة ب (أخبرنَا) (1) . 2
واصطلح قوم من الْمُتَأَخِّرين على إِطْلَاق (أَنبأَنَا) فِي
الْإِجَازَة، وَهُوَ اخْتِيَار الْوَلِيد بن 3 بكر الغمري -
بالغين الْمُعْجَمَة - الْمَالِكِي (3) ، صَاحب الوجازة فِي
الْإِجَازَة (3) وَقد كَانَ 4 (أَنبأَنَا) عِنْد الْقَوْم -
فِيمَا تقدم - ك (أخبرنَا) وَإِلَى هَذَا نحا الْبَيْهَقِيّ
إِذا كَانَ يَقُول: أَنبأَنَا 5 إنجازة وَفِيه أَيْضا رِعَايَة
لاصطلاح الْمُتَأَخِّرين.
وَقَالَ الْحَاكِم: الَّذِي أختاره وعهدت عَلَيْهِ 6 أَكثر
مشايخي وأئمة عصري أَن يَقُول فِيمَا عرض على الْمُحدث
فَأَجَازَهُ شفاها: (أنبأني) وَفِيمَا 7 كتب إِلَيْهِ: (كتب
إِلَيّ) (4) .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر بن حمدَان: كل قَول البُخَارِيّ: (قَالَ
لي فلَان} عرض ومناولة (5) .
وَعبر قوم عَن الْإِجَازَة ب (أخبرنَا فلَان أَن فلَانا
حَدثهُ، أَو: أخبرهُ)
(1/329)
1 - وَهُوَ بعيد عَن الْإِشْعَار
بِالْإِجَازَةِ.
وَاسْتعْمل الْمُتَأَخّرُونَ فِي الْإِجَازَة الْوَاقِعَة فِي
2 رِوَايَة من فَوق الشَّيْخ حرف (عَن) فَيَقُول من سمع شَيخا
بإجازته عَن شيخ: (قَرَأت على فلَان عَن 3 فلَان) .
وَذَلِكَ قريب فِيمَا إِذا كَانَ قد سمع مِنْهُ بإجازته عَن
شَيْخه، إِن لم يكن سَمَاعا فَإِنَّهُ 4 شَاك، وحرف (عَن)
مُشْتَرك بَين السماع وَالْإِجَازَة، صَادِق عَلَيْهِمَا.
ثمَّ إِن الْمَنْع من إِطْلَاق (حَدثنَا) 5 و (أخبرنَا) لَا
يَزُول بِإِبَاحَة الْمُجِيز ذَلِك، كَمَا اعتاده قوم من
الْمَشَايِخ فِي إجازتهم لمن 6 يجيزون لَهُ، إِن شَاءَ قَالَ:
(حَدثنَا) وَإِن شَاءَ قَالَ: (أخبرنَا) .
الْقسم الثَّانِي
الْمُكَاتبَة
7
- وَهِي: أَن يكْتب مسموعه لغَائِب أَو حَاضر، بِخَطِّهِ، أَو
بأَمْره.
وَهِي أَيْضا نَوْعَانِ:
مُجَرّدَة 8 عَن الْإِجَازَة، ومقرونة [بهَا] .
ك (أجزتك مَا كتبت لَك، أَو: بِهِ إِلَيْك) وَنَحْوه من
عِبَارَات 9 الْإِجَازَة.
(1/330)
1 - وَهَذِه فِي الصِّحَّة وَالْقُوَّة
شَبيهَة بالمناولة المقرونة بِالْإِجَازَةِ.
وَأما الْمُجَرَّدَة فَمنع 2 الرِّوَايَة بهَا قوم، مِنْهُم:
الْمَاوَرْدِيّ (1) ، وأجازها كثير من الْمُتَقَدِّمين
والمتأخرين، مِنْهُم: 3 اللَّيْث (2) ، وَغير وَاحِد من
أَصْحَابنَا، وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور بَين أهل الحَدِيث،
كثيرا مَا 4 يُوجد فِي مصنفاتهم: (كتب إبي فلَان قَالَ:
حَدثنَا فلَان) وَالْمرَاد بِهِ هَذَا، وَهُوَ مَعْمُول بِهِ 5
عِنْدهم، مَعْدُود فِي الْمَوْصُول، لإشعاره بِمَعْنى
الْإِجَازَة.
وَزَاد أَبُو المظفر السَّمْعَانِيّ، فَقَالَ: (6 هِيَ أقوى من
الْإِجَازَة) .
قلت: وَإِلَيْهِ صَار جمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ، مِنْهُم:
الإِمَام فَخر الدّين 7 فِي (محصوله) (3) .
وَفِي الصَّحِيح أَحَادِيث من هَذَا النَّوْع.
مِنْهَا: عِنْد مُسلم حَدِيث عَامر بن 8 سعد بن أبي وَقاص
قَالَ: (كتبت إِلَى جَابر بن سَمُرَة مَعَ غلامي نَافِع: أَن
أَخْبرنِي بِشَيْء سمعته 9 من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم. قَالَ: فَكتب إِلَيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة، عَشِيَّة رجمه
الْأَسْلَمِيّ) 10 فَذكر الحَدِيث.
(1/331)
1 - وَقَالَ خَ فِي كتاب (الْأَيْمَان
وَالنُّذُور) : كتب إِلَيّ مُحَمَّد بن بشار.
وَقَالَ السَّيْف الْآمِدِيّ: (2 لَا يرويهِ إِلَّا بتسلط من
الشَّيْخ، كَقَوْلِه: (فاروه عني) أَو: (أجزت لَك رِوَايَته) .
وَذهب 3 ابْن الْقطَّان إِلَى انْقِطَاع الرِّوَايَة يالكتابة،
قَالَ عقب حَدِيث جَابر بن سَمُرَة الْمَذْكُور، ورد 4 ذَلِك
عَلَيْهِ أَبُو بكر بن الْمواق.
ثمَّ يَكْفِي معرفَة خطّ الْكَاتِب، وَقيل: لَا بُد من
الْبَيِّنَة، 5 لأجل اشْتِبَاه الْخط.
ثمَّ الصَّحِيح أَنه يَقُول فِي الرِّوَايَة بِالْكِتَابَةِ:
(كتب إِلَيّ فلَان قَالَ: 6 حَدثنَا فلَان) أَو: (أَخْبرنِي
فلَان كِتَابَة، أَو: مُكَاتبَة) وَنَحْوه.
وَلَا يجوز إِطْلَاق (حَدثنَا) 7 و (أخبرنَا) .
(1/332)
1 - وَجوزهُ اللَّيْث وَمَنْصُور، وَغير
وَاحِد من عُلَمَاء الْمُحدثين وأكابرهم.
الْقسم السَّادِس
2
- إِعْلَام الرَّاوِي الطَّالِب أَن هَذَا الحَدِيث، أَو
الْكتاب سَمَاعه، أَو رِوَايَته مُقْتَصرا عَلَيْهِ، من 3 غير
أَن يَقُول: (اروه عني) أَو: (أَذِنت لَك فِي رِوَايَته) :
فجوز الرِّوَايَة بِهِ كثير من أَصْحَاب 4 الْفُنُون.
وَزَاد بعض الظَّاهِر فَقَالَ: لَو قَالَ: (هَذِه روايتي لَا
تَرَوْهَا) كَانَ لَهُ رِوَايَتهَا 5 عَنهُ، كَمَا فِي السماع.
وَالْمُخْتَار أَنه لَا يجوز الرِّوَايَة لَهُ بِهِ، لعدم
الْإِذْن، وَصَارَ كالشاهد 6 إِذا ذكر فِي غير مجْلِس الحكم
شَهَادَته بِشَيْء، فَلَيْسَ لمن يسمعهُ أَن يشْهد على
شَهَادَته إِذا 7 لم يَأْذَن لَهُ وَلم يشهده على شَهَادَته،
وَذَلِكَ مِمَّا تَسَاوَت فِيهِ الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة
وَإِن افْتَرقَا 8 فِي غَيره.
ثمَّ أَنه يجب الْعَمَل بِهِ إِن صَحَّ سَنَده، وَإِن لم يجز
لَهُ رِوَايَته، لِأَن ذَلِك يَكْفِي 9 فِيهِ صِحَّته فِي
نَفسه.
الْقسم الرَّابِع
الْوَصِيَّة
بِأَن يُوصي عِنْد مَوته، أَو سَفَره، بِكِتَاب 10 يرويهِ
لشخص.
(1/333)
1
- فجوز بعض السّلف للْمُوصى لَهُ رِوَايَته عَنهُ، وَهُوَ
بَاطِل، أَو متأول على أَنه أَرَادَ الرِّوَايَة 2 على سَبِيل
(الوجادة) الْآتِيَة، وَلَا يَصح تشبيهه بقسم (الْإِعْلَام)
وَلَا بقسم (المناولة) . 3
الْقسم الثَّامِن
الوجادة
وَهُوَ: مصدرل (وجد، يجد) مولد غير مسموع من الْعَرَب.
وَهِي: 4 أَن يقف على أَحَادِيث بِخَط راويها، لَا يَرْوِيهَا
الْوَاجِد، فَلهُ أَن يَقُول: (وجدت) أَو: (قَرَأت 5 بِخَط
فلَان) أَو: (فِي كِتَابه بِخَطِّهِ: حَدثنَا فلَان) ويسوق
الْإِسْنَاد والمتن، أَو: (قَرَأت بِخَط 6 فلَان عَن فلَان) .
هَذَا الَّذِي اسْتمرّ عَلَيْهِ الْعَمَل.
وَهُوَ من بَاب (الْمُنْقَطع) وَفِيه شوب اتِّصَال 7 بقوله:
(وجدت بِخَط فلَان) .
وَرُبمَا دلّس بَعضهم فَذكر الَّذِي وجد خطه، وَقَالَ فِيهِ:
(عَن فلَان} أَو: (قَالَ فلَان) وَذَلِكَ تَدْلِيس قَبِيح.
وجازف بَعضهم فَأطلق [فِيهَا] (حَدثنَا) و (أخبرنَا) 9 وانتقد
عَلَيْهِ.
وَإِذا وجد (حَدثنَا) فِي تأليف شخص وَلَيْسَ بِخَطِّهِ قَالَ:
(ذكر فلَان) أَو: (قَالَ 10 فلَان: أخبرنَا فلَان) وَهَذَا
مُنْقَطع لم يَأْخُذ شوبا مِمَّن الِاتِّصَال.
(1/334)
1
- وَهَذَا كُله إِذا وثق بِأَنَّهُ خطه، أَو كِتَابه، وَإِلَّا
فَلْيقل: (بَلغنِي عَن فلَان) أَو: (وجدت عَنهُ) وَنَحْوه،
أَو: (قَرَأت فِي كتاب فلَان) و: (أَخْبرنِي فلَان أَنه خطه)
أَو: (ظَنَنْت 3 أَنه خطّ فلَان) أَو قَالَ: (ذكر كَاتبه أَنه
خطّ فلَان) أَو: (قيل: إِنَّه بِخَط فلَان) .
وَإِذا 4 نقل من تصنيف فَلَا يقل: (قَالَ فلَان) إِلَّا إِذا
وثق بِصِحَّة النُّسْخَة، بمقابلته أَو ثِقَة لَهَا، 5 على مَا
سبق فِي آخر النَّوْع الأول.
فَإِن لم يُوجد هَذَا وَلَا نَحوه فَلْيقل: (بَلغنِي عَن
فلَان) 6 أَو: (وجدت فِي نُسْخَة من كِتَابه) وَنَحْوه.
وتسامح أَكثر النَّاس فِي هَذِه الْأَعْصَار بِالْجَزْمِ 7 فِي
ذَلِك من غير تَحْرِير، وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ.
فَإِن كَانَ الْمطَالع متقنا لَا يخفى عَلَيْهِ 8 غَالِبا
السَّاقِط والمغير رجونا جَوَاز الْجَزْم لَهُ، وَإِلَى هَذَا
استروح كثير من المصنفين فِي 9 نقلهم - فِيمَا أَحسب -.
هَذَا كُله فِي كَيْفيَّة نقل الوجادة.
وَأما الْعَمَل بهَا فَنقل عَن 10 مُعظم الْمُحدثين
وَالْفُقَهَاء المالكيين وَغَيرهم أَنهم لَا يرَوْنَ الْعَمَل
بهَا، وَعَن الشَّافِعِي 11 ونظار أَصْحَابه جَوَازه، وَقطع
بعض أَصْحَابه الْأُصُولِيِّينَ الْمُحَقِّقين بِوُجُوب
الْعَمَل بهَا عِنْد 12 حُصُول الثِّقَة.
(1/335)
1
- قَالَ الشَّيْخ: وَلَا يتَّجه غَيره فِي الْأَعْصَار
الْمُتَأَخِّرَة، فَإِنَّهُ لَو توقف الْعَمَل فِيهَا 2 على
الرِّوَايَة، لَا نسد بَاب الْعَمَل بالمنقول، لتعذر شَرط
الرِّوَايَة فِيهَا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: 3 إِنَّه الصَّحِيح.
(1/336)
1
- النَّوْع الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
فِي كِتَابَة الحَدِيث، وَكَيْفِيَّة ضبط الْكتاب وتقييده
2 - وَفِيه مُقَدّمَة، وتنبيهات:
أما الْمُقدمَة، فَاخْتلف الصَّدْر الأول فِي كِتَابَة
الحَدِيث:
فَمنهمْ 3 من كره كِتَابَته، وَكِتَابَة الْعلم، وَأمرُوا
بحفظه.
وَمِنْهُم من جوز ذَلِك.
[وَجَاء] فِي النَّهْي 4 حَدِيث: وَلَا تكْتبُوا عني شَيْئا
إِلَّا الْقُرْآن، وَمن كتب عني شَيْئا غير الْقُرْآن فليمحه
رَوَاهُ 5 مُسلم.
(1/337)
1 - 0000000000000
(1/338)
1 - وَفِي الْإِبَاحَة: اكتبوا لأبي شاه.
قلت: وَفِي أبي دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن 2 عَمْرو قَالَ:
كنت أكتب كل شَيْء أسمعهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم، فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: أَنه ذكر
(1/339)
1 - ذَلِك لرَسُول الله فَقَالَ لَهُ:
اكْتُبْ.
(1/340)
1
- وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ:
لَيْسَ أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَكثر 2 حَدِيث [عَنهُ] مني، إِلَّا مَا كَانَ من عبد الله بن
عَمْرو، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب.
وَذكر 3 ابْن عبد الْبر فِي كِتَابه بَيَان آدَاب الْعلم أَن
أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يكْتب، قَالَ وَالرِّوَايَة 4 الأولى
أصح.
وَلَعَلَّ الْإِذْن لمن خيف نسيانه، وَالنَّهْي لمن أَمن،
وَخيف اتكاله،
(1/341)
1
- وَعَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه كَانَ يَقُول: كَانَ هَذَا الْعلم
كَرِيمًا، تتلاقاه الرِّجَال مِنْهُم، 2 فَلَمَّا دخل فِي
الْكتب دخل فِيهِ غير أَهله.
ثمَّ إِنَّه زَالَ ذَلِك الْخلاف، وَأَجْمعُوا على الْجَوَاز.
3
وَلَوْلَا تدوينه لدرس فِي الأعصر الْأَخِيرَة.
ثمَّ على كَاتبه ومحصله صرف الهمة إِلَى ضَبطه 4 وتحقيقه شكلا
ونقطا يُؤمن اللّبْس، فالإنسان معرض للنسيان، وَأول نَاس أول
النَّاس،
(1/342)
1 - وإعجام الْمَكْتُوب يمْنَع من
استعجامه، وشكله يمْنَع من إشكاله، وَقد أحسن من قَالَ: 2
إِنَّمَا يشكل مَا يشكل.
وَنقل عَن أهل الْعلم كَرَاهَة الإعجام وَالْإِعْرَاب إِلَّا
فِي اللّبْس. 3
وَقيل: يشكل الْجَمِيع لأجل الْمُبْتَدِي، وَغير المعرب.
قلت: وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: إِنَّه 4 الصَّوَاب.
وَيُؤَيِّدهُ أَنه قد وَقع الْخلاف فِي مسَائِل مرتبَة على
الْإِعْرَاب، كَحَدِيث: ذكاه 5 الْجَنِين ذَكَاة أمه بِرَفْع
(ذَكَاة) وفتحه.
(1/343)
1 - 000000000000000
(1/344)
1 - 00000000000000
(1/345)
1 - 00000000000000
(1/346)
1
- تَنْبِيهَات
أَحدهَا
يَنْبَغِي أَن يكون اعتناؤه [بضبط] الملتبس من الْأَسْمَاء
أَكثر، 2 فَإِنَّهَا لَا تستدرك بِالْمَعْنَى، وَلَا يسْتَدلّ
عَلَيْهَا بِمَا قبل وَبعد.
ثَانِيهَا:
يسْتَحبّ ضبط 3 الْمُشكل فِي متن الْكتاب، وَكتبه مضبوطا
وَاضحا فِي الْحَاشِيَة قبالته، لِأَنَّهُ أبلغ فِي إبانتها، 4
وَمَا ضَبطه فِي أثْنَاء الأسطر رُبمَا دَاخِلَة نقط غَيره
وشكله، لَا سِيمَا عِنْد دقة الْخط، وضيق 5 الأسطر.
(1/347)
1
- قَالَ صاحبالاقتراح: (وَمن عَادَة المتقنين أَن يبالغوا فِي
إِيضَاح الْمُشكل، فيفرقوا 2 حُرُوف الْكَلِمَة فِي
الْحَاشِيَة، ويضبطوها حرفا حرفا.
ثَالِثهَا
يكره تَدْقِيقه من غير عذر، 3 كضيق الْوَرق، وتخفيفه للْحَمْل
فِي السّفر، وَنَحْوه.
وَرَأى الإِمَام أَحْمد حَنْبَل بن إِسْحَاق وَهُوَ 4 يكْتب
خطا دَقِيقًا، فَقَالَ: لَا تفعل، أحْوج مَا تكون إِلَيْهِ
يخونك أَي: عِنْد الْكبر، وَضعف 5 الْبَصَر.
رَابِعهَا
يخْتَار لَهُ فِي خطه التَّحْقِيق، دون الشق وَالتَّعْلِيق.
وَقد قَالَ عمر (شَرّ 6 الْكتاب الْمشق وَشر الْقِرَاءَة
الْهَذْرَمَةُ وَخير الْخط أبينه.
(1/348)
1
- قلت: وَالْكِتَابَة بالحبر أولى من المداد، لِأَنَّهُ أثبت.
قَالُوا: وَلَا يكون الْقَلَم 2 صلبا جدا فَلَا يجْرِي
بِسُرْعَة وَلَا رخوا فيحفى سَرِيعا.
قَالَ بَعضهم: إِذا جودة خطك فأطل 3 جلفتك و [أ] سمنها وحرف
قطتك وأيمنها.
وَليكن مَا تقط عَلَيْهِ صلبا جدا ويحمد الْقصب 4 الْفَارِسِي،
وخشب الأبنوس.
خَامِسهَا:
يَنْبَغِي أَن يضْبط الْحُرُوف الْمُهْملَة.
فَمن النَّاس 5 من يَجْعَل تَحت (الدَّال، وَالرَّاء،
وَالسِّين، وَالصَّاد، والطاء، وَالْعين) النقط الَّتِي فَوق
نظائرها. 6
وَمن هَؤُلَاءِ من ذكر أَن النقط الَّتِي تَحت (السِّين)
الْمُهْملَة، تكون مبسوطة صفا، خلاف الْمُعْجَمَة. 7
وَمِنْهُم من يَجْعَل عَلامَة الإهمال كقلامة الظّهْر مضجعة
على قفاها.
(1/349)
1
- وَمِنْهُم من يَجْعَل تَحت (الْحَاء) الْمُهْملَة حاء
صَغِيرَة.
وَكَذَا بَاقِي الْحُرُوف الْمُهْملَة 2 يعْمل تحتهَا مثلهَا.
وَفِي بعض الْكتب الْقَدِيمَة من يَجْعَل فَوق الْحَرْف المهمل
حرفا صَغِيرا، 3 وَفِي بَعْضهَا تَحْتَهُ همزَة.
سادسها
لَا يَنْبَغِي أَن يصطلح مَعَ نَفسه فِي كِتَابه برمز لَا
يعرفهُ 4 غَيره، فَإِن فَلَعَلَّ فليبين فِي أول الْكتاب، أَو
آخِره مُرَاده.
وَمَعَ ذَلِك فَالْأولى اجْتِنَاب 5 الرَّمْز، وَيكْتب عِنْد
كل رِوَايَة مثلا اسْم راويها، وَلَا يقْتَصر على الْعَلامَة.
سادسها:
6 - وَلَا يَنْبَغِي أَن يصطلح مَعَ نَفسه فِي كِتَابه برمز
لَا يعرفهُ غَيره، فَإِن فعل فليبين فِي أول 7 الْكتاب، أَو
آخِره مُرَاده.
وَمَعَ ذَلِك فَالْأولى اجْتِنَاب الرَّمْز، وَيكْتب عِنْد كل
رِوَايَة مثلا 8 اسْم راويها، وَلَا يقْتَصر على الْعَلامَة.
سابعها:
ذكره الشَّيْخ بعد بأوراق: يَنْبَغِي 9 أَن يعتني بضبط
مُخْتَلف الرِّوَايَات، وتمييزها، فَيجْعَل كِتَابه على
رِوَايَة، ثمَّ مَا كَانَ فِي غَيرهَا 10 من زِيَادَة ألحقها
فِي الْحَاشِيَة، أَو نقص أعلم عَلَيْهِ، أَو خلاف كتبه، معينا
فِي كل ذَلِك 11 من رَوَاهُ بِتمَام اسْمه، لَا رامزا، إِلَّا
أَن يبين أول الْكتاب، أَو آخِره، ليعرفه وَغَيره، 12 وَقد
ينساه هُوَ أَيْضا لطول عَهده بِهِ.
وَاكْتفى كَثِيرُونَ بالتمييز بحمرة، فَالزِّيَادَة تلْحق 13
بحمرة، وَالنَّقْص يحوق عَلَيْهِ بحمرة، مُبينًا اسْم صَاحبهَا
أول الْكتاب أَو آخِره - كَمَا سلف -.
(1/350)
1
- ثامنها:
يَنْبَغِي أَن يَجْعَل بَين كل حديثين دَائِرَة تفصل بَينهمَا.
نقل عَن جماعات 2 من الْمُتَقَدِّمين، مِنْهُم: الإِمَام
أَحْمد، وَابْن جرير، وَاسْتحبَّ الْخَطِيب أَن تكون غفلا،
فَإِذا 3 قَابل نقط وَسطهَا، أَو خطّ خطا.
تاسعها:
يكره فِي مثل: (عبد الله) و (عبد الرحمن بن فلَان) 4 كِتَابَة
(عبد) آخر السطر، وَاسم (الله) مَعَ (بن فلَان) أول الآخر.
قلت: وَظَاهر إِيرَاد 5 الْخَطِيب مَنعه، فَإِنَّهُ روى فِي
جَامِعَة عَن ابْن بطة أَنه قَالَ: هَذَا كُله غلط قَبِيح،
فَيجب على 6 الْكَاتِب أَن يتوقاه ويتأمله، ويتحفظ مِنْهُ
قَالَ الْخَطِيب: وَمَا ذكره صَحِيح فَيجب اجتنابه. 7
وَجعله صاحبالاقتراح من الْآدَاب.
(1/351)
1
- وَكَذَا يكره أَن يكْتب (رَسُول) آخِره، و (الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) أَوله.
وَكَذَا مَا أشبهه.
يَنْبَغِي أَن 2 يحافظ على كِتَابَة الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم،
وَلَا يسأم من تكرره، وَمن أغفله حرم حظا وافرا. 3
وَلَا يتَقَيَّد فِيهِ بِمَا فِي الأَصْل إِن كَانَ نَاقِصا.
وَهَكَذَا الثَّنَاء على الله عز وَجل، وَشبهه.
(1/352)
1
- قلت: كَذَا الترضي والترحم على الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء،
وَسَائِر الأخيار.
وَإِذا جَاءَت 2 الرِّوَايَة بِشَيْء مِنْهُ، كَانَت
الْعِنَايَة بِهِ أَشد.
وَمَا وجد فِي خطّ الإِمَام أَحْمد من إغفال ذَلِك، 3
فَلَعَلَّ سَببه أَنه كَانَ يرى التَّقْيِيد فِي ذَلِك
بالرواية، وَلِهَذَا كَانَ يتَلَفَّظ بِالصَّلَاةِ نطقا. 4
وَخَالفهُ غَيره من الْأَئِمَّة فِي ذَلِك.
وَيكرهُ الِاقْتِصَار على الصَّلَاة، أَو التَّسْلِيم،
وَالرَّمْز 5 إِلَيْهِمَا فِي الْكِتَابَة، بل يكتبهما
بكمالهما، فقد قَالَ حَمْزَة الْكِنَانِي: كنت أكتب عِنْد ذكر
6 رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ) لَا أكتب (وَسلم) فرأيته
فِي النّوم، فَقَالَ لي: مَالك لَا تتمّ 7 الصَّلَاة عَليّ
قَالَ: فَمَا كتبت بعد ذَلِك (صلى الله عَلَيْهِ) إِلَّا كتبت
(وَسلم) .
حادي عشرهَا:
8
- عَلَيْهِ مُقَابلَة كِتَابه بِأَصْل شَيْخه - وَإِن كَانَ
إجَازَة - فقد قَالَ عُرْوَة بن الزبير لِابْنِهِ هشامكتبت 9
قَالَ: نعم، قَالَ: عرضت كتابك قَالَ: لَا، قَالَ: لم تكْتب.
(1/353)
1
- وَقَالَ الشَّافِعِي، وَيحيى بن أبي كثير: من كتب وَلم
يُعَارض، كمن دخل الْخَلَاء وَلم 2 يسْتَنْج.
وَقيل: إِذا نسخ الْكتاب وَلم يُعَارض، ثمَّ نسخ وَلم يُعَارض،
خرج
(1/354)
1 - أعجميا.
وَأفضل الْمُعَارضَة أَن يمسك هُوَ وَشَيْخه كِتَابَيْهِمَا
حَال التسميع، وَيسْتَحب 2 أَن ينظر مَعَه من لَا نُسْخَة
مَعَه، لَا سِيمَا إِن أَرَادَ النَّقْل من نسخته.
وَقَالَ أَبُو الْفضل 3 الْهَرَوِيّ: أصدق الْمُعَارضَة من
نَفسك.
وَهَذَا فِيهِ إِطْلَاق، وَالْأولَى مَا قدمْنَاهُ.
وَقَالَ 4 يحيى بن معِين: لَا يجوز أَن يروي من غير أصل
الشَّيْخ، إِلَّا أَن ينظر فِيهِ الشَّيْخ فِي حَال 5 السماع.
وَالصَّحِيح أَنه لَا يشْتَرط نظره وَلَا مُقَابلَته
بِنَفسِهِ، بل تَكْفِي مُقَابلَة ثِقَة أَي 6 وَقت كَانَ.
(1/355)
1
- قَالَ الشَّيْخ: وتكفي مُقَابلَته بفرع قوبل بِأَصْل
الشَّيْخ، ومقابلته بِأَصْل أصل الشَّيْخ 2 الْمُقَابل بِهِ
أصل الشَّيْخ، لحُصُول الْمُطَابقَة.
وَلَا يجزىء ذَلِك عِنْد من قَالَ: لَا تصح مُقَابلَته 3 مَعَ
أحد غير نَفسه، وَلَا يُقَلّد غَيره، وَلَا يكون بَينه وَبَين
كتاب الشَّيْخ وَاسِطَة.
وَهَذَا 4 مَذْهَب مَتْرُوك.
أما إِذا لم يُقَابل كِتَابه أصلا، فقد أجَاز الرِّوَايَة
مِنْهُ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق، 5 والإسماعيلي
وَالْبرْقَانِي، والخطيب، إِن كَانَ النَّاقِل صَحِيح
النَّقْل، قَلِيل السقط، وَنقل من 6 الأَصْل، وَبَين حَال
الرِّوَايَة أَنه لم يُقَابل.
ذكر هَذَا الشَّرْط وَالَّذِي قبله الْخَطِيب، وَالْبَاقِي 7
الشَّيْخ - أَعنِي ابْن الصّلاح -.
ثمَّ إِنَّه يُرَاعِي فِي كِتَابه شَيْخه مَعَ من فَوْقه مَا
ذكرنَا فِي 8 كِتَابه، وَلَا يكن كطائفة إِذا رَأَوْا سَماع
شَيْخه لكتاب قرأوا عَلَيْهِ من أَي نُسْخَة اتّفقت.
9 - وَسَيَأْتِي فِيهِ خلاف وَكَلَام آخر فِي آخر النَّوْع
الْآتِي.
(1/356)
1
- فرع:
لَو وجد فِي كِتَابه كلمة مُهْملَة فأشكلت عَلَيْهِ، جَازَ أَن
يعْتَمد فِي ضَبطهَا وروايتها 2 على خبر أهل الْعلم بهَا،
فَإِن كَانَ فِيهَا لُغَات أَو رِوَايَات بَين الْحَال
وَاحْترز عِنْد الرِّوَايَة. 3
ثَانِي عشرهَا:
الْمُخْتَار فِي تَخْرِيج السَّاقِط - وَهُوَ اللحق بِفَتْح
اللَّام والحاء - أَن يخط 4 من مَوضِع سُقُوطه من سطر خطا
صاعدا مَعْطُوفًا بَين السطرين، عطفة يسيرَة إِلَى جِهَة
اللحق، 5 لِئَلَّا يخرج بعده نقص آخر، وَيكْتب اللحق قبالة
العطفة فِي الْحَاشِيَة الْيُمْنَى [إِن اتسعت، 6 إِلَّا] أَن
[يسْقط] فِي آخر السطر فيخرجه إِلَى الشمَال لقُرْبه مِنْهَا،
ولانتفاء الْمَعْنى السالف. 7
وليكتبه صاعدا إِلَى أَعلَى الورقة.
فَإِن زَاد اللحق على سطر، فَقَالَ الشَّيْخ: فَلَا يبتدي 8
بسطوره من أَسْفَل إِلَى أَعلَى، بل من أَعلَى إِلَى أَسْفَل،
فَإِن كَانَ فِي يَمِين [الورقة] انْتَهَت إِلَى 9 بَاطِنهَا،
لِأَنَّهُ رُبمَا ظهر بعده فِي السطر نَفسه نقص آخر، فَإِن
كَانَ فِي الشمَال فَإلَى طرفها، 10 ثمَّ يكْتب عِنْد
انْتِهَاء اللحق (صَحَّ) ، وَمِنْهُم من يكْتب مَعَ (صَحَّ) :
(رَجَعَ) وَمِنْهُم من يكْتب فِي آخِره 11 الْكَلِمَة
(1/357)
1 - الْمُتَّصِلَة بِهِ دَاخل الْكتاب فِي
مَوضِع التَّخْرِيج ليؤذن باتصال الْكَلَام، وَلَيْسَ بجيد،
إِذْ 2 رب كلمة تَجِيء فِي الْكَلَام مكررة حَقِيقَة.
وَاخْتَارَ الرامَهُرْمُزِي أَن يمد عطفة خطّ التَّخْرِيج 3 من
مَوْضِعه حَتَّى يلْحق أول اللحق فِي الْحَاشِيَة، وَلَيْسَ
بجيد أَيْضا، لِأَنَّهُ تسويد للْكتاب، لَا 4 سِيمَا عِنْد
كَثْرَة الإلحاقات.
وَأما مَا يخرج فِي الْحَوَاشِي من شرح وتنبيه، على غلط أَو 5
اخْتِلَاف رِوَايَة أَو نُسْخَة، أَو نَحْو ذَلِك، فَقَالَ
القَاضِي عِيَاض: لَا يخرج لَهُ خطّ خوف اللّبْس، 6 وَرُبمَا
جعل على الْحَرْف الْمَقْصُود بذلك [التَّخْرِيج] عَلامَة
كالضبة، أَو التَّصْحِيح، إِيذَانًا بِهِ. 7
قَالَ الشَّيْخ: والتخريج أولى، لَكِن من وسط الْكَلِمَة
الْمخْرج لأَجلهَا.
فَائِدَة:
اشتقاق (اللحق} من (الْإِلْحَاق) أَو الزِّيَادَة.
قَالَ الْجَوْهَرِي: (اللحق) بِالتَّحْرِيكِ: شَيْء يلْحق
بِالْأولِ. 9
وَقَالَ ابْن سَيّده: (اللحق) : كل شَيْء لحق شَيْئا، أَو ألحق
بِهِ، من الْحَيَوَان والنبات، وَحمل 10 النّخل.
(1/358)
1 - قَالَ: و (اللحق) : الشَّيْء
الزَّائِد.
وَوَقع فِي شعر نسب لِأَحْمَد، بِإِسْكَان الْحَاء، وَلَعَلَّه
2 للضَّرُورَة.
فرع:
لَا بَأْس بِكِتَابَة الْحَوَاشِي والفوائد على حَاشِيَة
الْكتاب، يملكهُ، أَو 3 لَا يملكهُ بِالْإِذْنِ، وَيكْتب
عَلَيْهِ (حَاشِيَة) أَو: (فَائِدَة) وَلَا يكْتب الْحَوَاشِي
بَين الأسطر.
ثَالِث 4 عشرهَا:)
من شَأْن الحذاق التَّصْحِيح، والتضبيب، والتمريض.
فالتصحيح: كِتَابَة (صَحَّ) على 5 كَلَام صَحَّ رِوَايَة
وَمعنى، وَهُوَ عرضة للشَّكّ أَو الْخلاف، فَيكْتب عَلَيْهِ
(صَحَّ) ليعرف أَنه لم يغْفل 6 عَنهُ، وَأَنه قد ضبط وَصَحَّ
على ذَلِك الْوَجْه.
فَأَما التضبيب، وَيُسمى أَيْضا التمريض: فَيجْعَل 7 على مَا
صَحَّ نقلا وَفَسَد لفظا أَو معنى، أَو ضَعِيف، أَو كَانَ
نَاقِصا، مثل أَن يكون غير جَائِز 8 من جِهَة الْعَرَبيَّة،
أَو يكون شاذا عِنْد أَهلهَا يأباه أَكْثَرهم، أَو
(1/359)
1 - مُصحفا، أَو ينقص من جملَة الْكَلَام
كلمة أَو أَكثر، وَمَا أشبه ذَلِك، فيمد على هَذَا سَبيله 2
خطّ: أَوله كالصاد، وَلَا يلزق بالممدود عَلَيْهِ، لِئَلَّا
يظنّ ضربا، وَكَأَنَّهُ صَاد التَّصْحِيح بمدتها 3 دون حائها،
ليفرق بَين مَا صَحَّ مُطلقًا وَمن جِهَة الرِّوَايَة فَقَط.
وَسميت (ضبة) لِأَنَّهَا على كَلَام 4 فِيهِ خلل، تَشْبِيها
بِالَّتِي تجْعَل على كسر أَو خلل، قَالَه الشَّيْخ.
وَقَالَ ابْن الإفليلي اللّغَوِيّ: سميت 5 بذلك لكَون الْحَرْف
مقفلا لَا يتَّجه لقِرَاءَة، كَمَا أَن الضبة يقفل بهَا.
وَمن مَوَاضِع التضبيب 6 أَن يَقع فِي الْإِسْنَاد إرْسَال أَو
انْقِطَاع.
وَيُوجد فِي بعض الْأُصُول الْقَدِيمَة فِي الْإِسْنَاد
الْجَامِع 7 جمَاعَة مَعْطُوفًا بَعضهم على بعض عَلامَة تشبه
الضبة بَين أسمائهم، وَلَيْسَت ضبة، وَكَأَنَّهَا عَلامَة 8
اتِّصَال.
ثمَّ إِن بَعضهم رُبمَا اختصر عَلامَة التَّصْحِيح فَأَشْبَهت
الضبة، والفطنة من خير مَا 9 أوتيه الْإِنْسَان.
رَابِع عشرهَا:
إِذا وَقع فِي الْكتاب مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ ينفى
عَنهُ بِالضَّرْبِ، 10 أَو الحك، أَو المحو.
(1/360)
1 - وَالضَّرْب خير مِنْهُمَا، فقد قَالَ
بَعضهم: الحك تُهْمَة.
وَيكرهُ بَعضهم حُضُور السكين 2 مجْلِس السماع لِئَلَّا يحك،
ثمَّ تظهر صِحَّته فِي رِوَايَة أُخْرَى فَيلْحق، بِخِلَاف
الْخط عَلَيْهِ.
ثمَّ 3 قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يخط فَوق الْمَضْرُوب عَلَيْهِ
خطا بَينا دَالا على إِبْطَاله، مختلطا بِهِ، وَلَا 4 يطمسه بل
يكون مُمكن الْقِرَاءَة، وَيُسمى (الشق) أَيْضا.
وَمِنْه من لَا يخلطه بالمضروب عَلَيْهِ، 5 بل يكون فَوْقه،
مَعْطُوفًا على أَوله وَآخره.
وَمِنْهُم من يرى هَذَا تسويدا، بل يحوق على أَوله 6 نصف
دَائِرَة، وَكَذَا آخِره.
وَإِذا كثر الْمَضْرُوب عَلَيْهِ، فقد يفعل ذَلِك أول كل سطر
مِنْهُ وَآخره، 7 وَقد يَكْتَفِي بالتحويق على أول الْكَلَام
آخِره.
وَمِنْهُم من اكْتفى بدائرة صَغِيرَة أول الزِّيَادَة 8
وَآخِرهَا، ويسميها (صفرا) كَمَا يسميها أهل الْحساب.
وَرُبمَا كتب عَلَيْهِ بَعضهم (لَا) فِي أَوله، 9 و (إِلَى)
فِي آخِره.
وَمثل هَذَا يحسن فِيمَا صَحَّ فِي رِوَايَة، وَسقط فِي
أُخْرَى.
(1/361)
1
- وَأما الضَّرْب على الْحَرْف المكرر، فَقيل: يضْرب على
الثَّانِي، لِأَن الأول كتب على صَوَاب، 2 وَقيل: يبقي أحسنهما
صُورَة وأبينهما، لِأَن الْكتاب عَلامَة لما يقْرَأ.
وَفصل القَاضِي عِيَاض 3 تَفْصِيلًا حسنا، فَقَالَ: إِن كَانَا
أول سطر ضرب على الثَّانِي، صِيَانة لأوّل السطر عَن التسويد،
4 وَإِن كَانَا آخر سطر فعلى الأول صِيَانة لآخره أَيْضا،
وَإِن اتّفق أَحدهمَا فِي آخر سطر [وَالْآخر] 5 فِي أول سطر
آخر، فعلى آخر السطر، فَإِن أول السطر أولى بالمراعاة، فَإِن
كَانَ التكرير 6 فِي الْمُضَاف أَو الْمُضَاف إِلَيْهِ، أَو
فِي الصّفة، أَو فِي الْمَوْصُوف، أَو نَحْو ذَلِك، لم يراع
حِينَئِذٍ 7 أول السطر وَآخره، بل يُرَاعى الِاتِّصَال
بَينهمَا، فَلَا يفصل بِالضَّرْبِ بَينهمَا، وَيضْرب على
الْحَرْف 8 الْمطرف من المتكرر دون الْمُتَوَسّط.
وَأما المحو فيقارب الكشط فِي حكمه الَّذِي تقدم ذكره. 9
وتتنوع طرقه، وَمن أغربها - مَعَ أَنه أسلمها - مَا رُوِيَ عَن
سَحْنُون الْمَالِكِي أَنه رُبمَا كتب 10 الشَّيْء، ثمَّ لعقه.
(1/362)
1
- وَإِلَى هَذَا يومىء مَا قَالَه النَّخعِيّ: من الْمُرُوءَة
أَن يرى فِي ثوب الرجل، أَو شفته 2 مداد.
قلت: وَإِذا أصلح شَيْئا، فقد قَالَ الْخَطِيب: ينشره بنحاتة
السلج، وَيَتَّقِي التتريب. 3
خَامِس عشرهَا:
غلب على كتبة الحَدِيث الِاقْتِصَار على الرَّمْز فِي
(حَدثنَا) و (أخبرنَا) وشاع 4 بِحَيْثُ لَا يلتبس، فيكتبون من
(حَدثنَا) النُّون والثاء وَالْألف، وَقد تحذف الثَّاء، وَمن
(أخبرنَا) 5 (أَنا) وَلَا يحسن زِيَادَة الْبَاء قبل النُّون
وَإِن فعله الْبَيْهَقِيّ وَغَيره.
وَقد يُزَاد فِي عَلامَة (ثَنَا) 6 دَال فِي أَوله، وَفِي
(أخبرنَا) رَاء بعد الْألف.
وَوجدت الدَّال فِي خطّ الْحَاكِم والسلمي وَالْبَيْهَقِيّ.
(1/363)
1
- وَإِذا كَانَ للْحَدِيث إسنادان أَو أَكثر فَإِنَّهُم
يَكْتُبُونَ عِنْد الِانْتِقَال من إِسْنَاد إِلَى 2 إِسْنَاد
(ح) وَهِي مُهْملَة، وَلم يأتنا عَن أحد مِمَّن يعْتَمد بَيَان
لأمرها، نعم كتب جمَاعَة من 3 الْحفاظ موضها (صَحَّ) فيشعر
بِأَنَّهَا من (صَحَّ) لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن حَدِيث هَذَا
الأسناد سقط.
وَقيل: 4 إِنَّهَا حاء التَّحْوِيل من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد
آخر، وَقَالَ الرهاوي: لِأَنَّهَا تحول بَين الإسنادين 5،
فَلَا تكون من الحَدِيث، فَلَا يلفظ بِشَيْء عِنْد
الِانْتِهَاء إِلَيْهَا فِي الْقِرَاءَة وَأنكر كَونهَا 6 من
الحَدِيث.
وَقيل: هِيَ رمز إِلَى قَوْلنَا: (الحَدِيث) وَإِن أهل الْمغرب
كلهم يَقُولُونَ إِذا 7 وصلوا إِلَيْهَا: (الحَدِيث) .
وَالْمُخْتَار أَنه يَقُول: (ح) ويمر، فَإِنَّهُ أحوط
الْوُجُوه، وَحكي 8 عَن بعض البغداديين أَيْضا.
(1/364)
1
- سادسها عشرهَا:
يَنْبَغِي للطَّالِب أَن يكْتب بعد الْبَسْمَلَة اسْم
الشَّيْخ، وَنسبه، وكنيته. 2
وَيكْتب فَوق الْبَسْمَلَة أَسمَاء السامعين، وتاريخ السماع،
أَو يَكْتُبهُ فِي حَاشِيَة أول ورقة، 3 أَو آخر الْكتاب، أَو
ظَهره، أَو حَيْثُ يخفى مِنْهُ.
وَيَنْبَغِي أَن يكون بِخَط ثِقَة مَعْرُوف الْخط. 4
وَلَا بَأْس عِنْد هَذَا بِأَن لَا يصحح الشَّيْخ عَلَيْهِ.
وَلَا بَأْس بِأَن يكْتب سَمَاعه بِخَط نَفسه إِذا 5 كَانَ
موثوقا بِهِ، فطالما فعل الثِّقَات ذَلِك.
وَلما قَرَأَ ابْن مَنْدَه على أبي أَحْمد الفرضي 6 جُزْءا،
سَأَلَهُ خطه ليَكُون حجَّة لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا بني
عَلَيْك بِالصّدقِ، فَإنَّك إِذا عرفت بِهِ لَا 7 يكذبك أحد،
وَإِذا كَانَ غير ذَلِك، فَلَو قيل لَك: مَا هَذَا خطّ أبي
أَحْمد الفرضي، مَاذَا تَقول 8 لَهُم.
(1/365)
1
- ثمَّ على كَاتب التسميع التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاط،
وَبَيَان السَّامع والمسمع والمسموع مِنْهُ 2 بِلَفْظ غير
مُحْتَمل، ومجانبة التساهل فِيمَن يثبت اسْمه، والحذر من
إِسْقَاط بَعضهم لغَرَض فَاسد، 3 فَإِن لم يحضر فَلَا بَأْس
باعتماد خبر ثِقَة حضر.
ثمَّ إِن من ثَبت فِي كِتَابه سَماع غَيره فقبيح 4 بِهِ
كِتْمَانه وَمنعه نقل سَمَاعه، أَو نسخ الْكتاب، وَإِذا
أَعَارَهُ فَلَا يبطىء عَلَيْهِ، فقد قَالَ 5 الزُّهْرِيّ:
إياك وَغُلُول الْكتب قيل: وَمَا غلولها قَالَ: حَبسهَا عَن
أَصْحَابهَا.
فَإِن مَنعه 6 فَإِن كَانَ سَمَاعه مثبتا برضى صَاحب الْكتاب
لزمَه إعارته، وَإِلَّا فَلَا.
كَذَا قَالَه أَئِمَّة مذاهبهم 7 فِي أزمانهم: قَاضِي
الْكُوفَة حَفْص بن غياث الْحَنَفِيّ، وَإِسْمَاعِيل بن
إِسْحَاق الْمَالِكِي القَاضِي، 8 وَحكما بِهِ، وَأَبُو عبد
الله الزبيرِي الشَّافِعِي، وَخَالف فِيهِ بَعضهم.
(1/366)
1
- وَوجه الأول أَن ذَلِك بِمَنْزِلَة شَهَادَة لَهُ عِنْده،
فَعَلَيهِ أَدَاؤُهَا، وَإِن كَانَ فِيهِ بذل مَاله، 2 كَمَا
يبْذل المتحمل نَفسه بالسعي.
ثمَّ إِذا نسخه فَلَا ينْقل سَمَاعه إِلَى نسخته إِلَّا بعد 3
الْمُقَابلَة المرضية.
وَلَا ينْقل سَمَاعا إِلَى نُسْخَة أَو يُثبتهُ فِيهَا عِنْد
السماع ابْتِدَاء إِلَّا 4 بعد الْمُقَابلَة المرضية إِلَّا
أَن يبين كَونهَا غير مُقَابلَة.
قلت وَإِذا قَابل علم عَلامَة 5 لذَلِك وَإِن كَانَ فِي السماع
كتب (بلغ فِي الْمجْلس الأول، أَو: الثَّانِي) إِلَى آخرهَا.
وَالله 6 أعلم.
(1/367)
1
- النَّوْع السَّادِس وَالْعشْرُونَ
فِي صفة رِوَايَة الحَدِيث وَشرط أَدَائِهِ وَمَا يتَعَلَّق
بذلك
قد 2 سبق بَيَان كثير مِنْهُ فِي ضمن النَّوْعَيْنِ قبله
وَغَيرهمَا
وَقد شدد قوم فِي الرِّوَايَة فأفرطوا 3 وتساهل آخَرُونَ
ففرطوا
فَمن المشددين من قَالَ لَا حجَّة إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ
الرَّاوِي من حفظَة 4 وتذكره
رُوِيَ عَن مَالك وَأبي حنيفَة وَأبي بكر الصيدلاني
الشَّافِعِي
وَمِنْهُم من جوزها من 5 كِتَابه إِلَّا إِذا خرج من يَده
لغيبته عَنهُ
وَأما المتساهلون فَتقدم بَيَان جمل عَنْهُم فِي النَّوْع 6
الرَّابِع وَالْعِشْرين
وَمِنْهُم قوم سمعُوا كتبا مصنفة وتهاونوا حَتَّى إِذا طعنوا
فِي السن
(1/368)
1 - واحتيج إِلَيْهِم حملهمْ الْجَهْل
والشره بِالتَّخْفِيفِ على أَن رووها من نسخ غير مُقَابلَة 2
أَي بأصولهم فعدهم الْحَاكِم فِي طَبَقَات الْمَجْرُوحين قَالَ
وَهَذَا كثير تعاطاه قوم من أكَابِر 3 الْعلمَاء والصرحاء
قَالَ الشَّيْخ وَمِنْهُم نظر فَإِنَّهُ إِمَام حَافظ وَقد سلف
فِي التَّنْبِيه الْحَادِي 4 عشر من النَّوْع الَّذِي قبله أَن
النُّسْخَة الَّتِي لم تقَابل تجوز الرِّوَايَة مِنْهَا
بِشُرُوط
فَيحْتَمل 5 أَن الْحَاكِم يُخَالف فِيهِ وَيحْتَمل أَنه
أَرَادَ إِذا لم تُوجد الشَّرْط
وَالصَّوَاب التَّوَسُّط بَين الإفراط 6 والتفريط
فَإِذا قَامَ الرَّاوِي فِي الْأَخْذ والتحمل بِالشّرطِ
الَّذِي تقدم شَرحه
(1/369)
1 - وقابل كِتَابه وَضبط سَمَاعه على
الْوَجْه السَّابِق جَازَت لَهُ رِوَايَته مِنْهُ
وَإِن أَعَارَهُ وَغَابَ 2 عَنهُ إِذا كَانَ الْغَالِب
سَلَامَته من التَّغْيِير لَا سِيمَا إِن كَانَ مِمَّن لَا
يخفى عَلَيْهِ التَّغْيِير 3 غَالِبا
فروع
أَحدهمَا
الضَّرِير إِذا لم يحفظ مَا يسمعهُ فاستعان بِثِقَة فِي ضَبطه
وَحفظ كِتَابه 4 واحتاط عِنْد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ بِحَيْثُ
يغلب على ظَنّه سَلَامَته من التَّغْيِير صحت رِوَايَته وَهُوَ
أولى 5 بِالْمَنْعِ من مثله من الْبَصِير
قَالَ الْخَطِيب والبصير الْأُمِّي كالضرير رخص فِيهِ بَعضهم
وَمنعه 6 غير وَاحِد
ثَانِيهَا
إِذا أَرَادَ الرِّوَايَة من نُسْخَة لَيْسَ فِيهَا سَمَاعه
وَلَا هِيَ مُقَابلَة بِهِ لَكِن 7 سَمِعت على شَيْخه لم يجز
لَهُ ذَلِك قطع بِهِ ابْن الصّباغ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِيهَا سَماع شَيْخه أَو 8 روى مِنْهَا
ثِقَة عَن شَيْخه فَلَا يجوز لَهُ الرِّوَايَة مِنْهَا
اعْتِمَادًا على مُجَرّد ذَلِك إِذْ لَا يُؤمن 9 أَن تكون
فِيهَا زَوَائِد لَيست فِي نُسْخَة سَمَاعه
وَقد ذكر الْخَطِيب فِيمَا إِذا وجد أصل الْمُحدث 10 وَلم
يكْتب فِيهِ
(1/370)
1 - سَمَاعه أَو وجد نُسْخَة كتبت على
الشَّيْخ تسكن نَفسه إِلَى صِحَّتهَا أَن عَامَّة أَصْحَاب
الحَدِيث 2 منعُوا من رِوَايَته من ذَلِك وَرخّص فِيهِ أَيُّوب
السّخْتِيَانِيّ وَمُحَمّد بن بكر البرْسَانِي
قَالَ الْخَطِيب 3 وَالَّذِي يُوجِبهُ النّظر أَنه مَتى عرف
أَن هَذِه الْأَحَادِيث هِيَ الَّتِي سَمعهَا من الشَّيْخ
جَازَ أَن يَرْوِيهَا 4 إِذا سكنت نَفسه إِلَى صِحَّتهَا
وسلامتها
قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا إِذا لم يكن لَهُ إجَازَة عَامَّة من 5
شَيْخه لمروياته أَو هَذَا كَانَت جَازَ لَهُ الرِّوَايَة
مِنْهَا إِذْ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من رِوَايَة تِلْكَ
الزِّيَادَة 6 بِالْإِجَازَةِ بِلَفْظ حَدثنَا أَو أخبرنَا من
غير بَيَان للإجازة فِيهَا وَالْأَمر فِي ذَلِك قريب وَقد 7
تقدم أَنه لَا غنى فِي كل سَماع من الْإِجَازَة لأجل السَّهْو
وَإِن كَانَ الَّذِي فِي النُّسْخَة سَماع 8 شيخ شَيْخه أَو
مسموعه على شيخ شَيْخه أَو مرويه عَن شيخ شَيْخه فَيحْتَاج أَن
تكون لَهُ إجَازَة 9 عَامَّة من شَيْخه ولشيخه مثلهَا من
شَيْخه
ثَالِثهَا
إِذا وجد فِي كِتَابه خلاف حفظه فَإِن كَانَ 10 حفظه مِنْهُ
رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِن كَانَ حفظ من فَم الشَّيْخ اعْتمد على
حفظه إِن لم يشك وَحسن أَن يجمعهما 11 فَيَقُول حفظي كَذَا
وَفِي كتابي كَذَا كَذَا فعل شُعْبَة وَغَيره وَإِن خَالفه
غَيره قَالَ حفظي كَذَا 12 وَقَالَ فِيهِ غَيْرِي أَو قَالَ
فِيهِ فلَان كَذَا وَشبهه كَذَا فعله سُفْيَان الثَّوْريّ
وَغَيره
(1/371)
1
- رَابِعهَا
إِذا وجد سَمَاعه فِي كِتَابه وَلَا يذكرهُ فَعَن أبي حنيفَة
وَبَعض الشَّافِعِيَّة أَنه 2 لَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَمذهب
الشَّافِعِي وَأكْثر أَصْحَابه وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
جَوَازهَا
قَالَ الشَّيْخ 3 وَهَذَا الْخلاف يَنْبَغِي أَن يبْنى على
الْخلاف السَّابِق قَرِيبا فِي جَوَاز اعْتِمَاد الرَّاوِي على
كِتَابه 4 فِي ضبط مَا سَمعه فَإِن ضبط أصل السماع كضبط أصل
المسموع فَكَمَا كَانَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ 5
الْأَكْثَر جَوَاز الِاعْتِمَاد على كِتَابه المصون وَإِن لم
يذكر مَا فِيهِ ليكن هَذَا إِذا وجد شَرطه 6 وَهُوَ أَن يكون
السماع بِخَطِّهِ أَو بِخَط من يَثِق بِهِ وَالْكتاب مصون يغلب
على الظَّن سَلَامَته من 7 التَّغْيِير وتسكن إِلَيْهِ نَفسه
فَإِن شكّ فِيهِ لم يجز الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ
الْخَامِس
إِذا أَرَادَ رِوَايَة 8 مَا سَمعه على مَعْنَاهُ دون لَفظه
فَإِن لم يكن عَالما بالألفاظ ومقاصدها خَبِيرا يحِيل
مَعَانِيهَا 9 بَصيرًا بمقادير التَّفَاوُت بَينهَا فَلَا خلاف
أَنه لَا يجوز لَهُ ذَلِك بل يتَعَيَّن رِوَايَة اللَّفْظ 10
الَّذِي سَمعه مِنْهُ فَإِن كَانَ عَالما بذلك فأقوال
أَحدهَا الْمَنْع أَيْضا
وَبِه قَالَت طَائِفَة من 11 الْمُحدثين والأصوليين
وَالْفُقَهَاء
(1/372)
1 - وَثَانِيها لَا يجوز فِي حَدِيثه
عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَيجوز فِي غَيره
وأصحها 2 عِنْد جمهورهم الْجَوَاز إِذا قطع بأَدَاء الْمَعْنى
وَهُوَ الَّذِي يشْهد بِهِ أَحْوَال الصَّحَابَة وَالسَّلَف 3
قلت وروى ابْن مَنْدَه فِي معرفَة الصَّحَابَة من حَدِيث عبد
الله بن سُلَيْمَان بن أكيمَة اللَّيْثِيّ 4 عَن أَبِيه قَالَ
قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع مِنْك الحَدِيث لَا
أَسْتَطِيع أَن أؤديه كَمَا أسمع 5 مِنْك يزِيد حرفا أَو ينقص
حرفا فَقَالَ إِذا لم تحلوا حَرَامًا وَلم تحرموا حَلَالا
وأصبتم الْمَعْنى 6 فَلَا بَأْس فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ
لَوْلَا هَذَا مَا حَدثنَا وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر
معاجمه 7 من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن
أكمية اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أَتَيْنَا 8
رَسُول الله فَقُلْنَا بِآبَائِنَا أَنْت وَأُمَّهَاتنَا يَا
رَسُول الله إِنَّا نسْمع مِنْك الحَدِيث فَلَا نقدر 9 أَن
نؤديه كَمَا سمعناه قَالَ إِذا لم تحلوا الحَدِيث إِلَى قَوْله
فَلَا بَأْس وَعبد الله ذكر فِي 10 الصَّحَابَة وَكَذَا
وَالِده وجده
(1/373)
1 - ثمَّ الْخلاف فِي غير المصنفات أما
فِيهَا فَلَا يجوز تغييرها وَإِن كَانَ بِالْمَعْنَى فَإِن 2
من رخص ثمَّ إِنَّمَا رخص لما فِي الجمود على الْأَلْفَاظ من
الْحَرج وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا
قَالَ الشَّيْخ 3 تَقِيّ الدّين الْقشيرِي هَذَا كَلَام فِيهِ
ضعف وَأَقل مَا فِيهِ أَنه يَقْتَضِي تَجْوِيز هَذَا فِيمَا
ينْقل 4 من المصنفات فِي أجرائنا وتخاريجنا فَإِنَّهُ لَيْسَ
فِيهِ تَغْيِير التصنيف
قَالَ وَلَيْسَ هَذَا جَارِيا 5 على الِاصْطِلَاح فَإِن على
أَن لَا تغير الْأَلْفَاظ بعد الِانْتِهَاء إِلَى الْكتب
المصنفة سَوَاء رويناها 6 فِيهَا أَو نقلناها مِنْهَا
وَلقَائِل أَن يَقُول لَا نسلم أَنه يَقْتَضِي جَوَاز
التَّغْيِير فِيمَا نَقَلْنَاهُ 7 إِلَى تخاريجنا بل لَا يجوز
نَقله عَن ذَلِك الْكتاب إِلَّا بِلَفْظَة دون مَعْنَاهُ
سَوَاء فِي مصنفاتنا 8 وَغَيرهَا
(1/374)
1
- السَّادِس
يَنْبَغِي للراوي بِالْمَعْنَى أَن يَقُول عقبه أَو كَمَا
قَالَ أَو نَحوه أَو شبهه من 2 الْأَلْفَاظ
رُوِيَ ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم ابْن
مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الله 3 عَنهُ
وَإِذا اشْتبهَ على الْقَارئ لَفْظَة بعد قراءاتها على الشَّك
فَقَالَ أَو كَمَا قَالَ فَحسن لتَضَمّنه 4 إجَازَة من
الرَّاوِي وإذنا فِي رِوَايَة صوابها عَنهُ إِذا بَان
السَّابِع
هَل يجوز اخْتِصَار الحَدِيث 5 الْوَاحِد وَرِوَايَة بعضه دون
بعض
فِيهِ أَقْوَال
أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا بِنَاء على منع الرِّوَايَة 6
بالمعني وَقيل مَعَ جَوَازهَا إِذا لم يكن رَوَاهُ هُوَ أَو
غَيره بِتَمَامِهِ مرّة أُخْرَى
ثَانِيهَا الْجَوَاز 7 مُطلقًا
وَقَالَ مُجَاهِد أنقص من الحَدِيث مَا شِئْت وَلَا تزد فِيهِ
(1/375)
1 - ولابد من تَقْيِيد ذَلِك بِمَا إِذا لم
يكن الْمَحْذُوف مُتَعَلقا بالمأتي بِهِ تعلقا يخل
بِالْمَعْنَى 2 حذفه كالاستثناء وَالْحَال وَنَحْو ذَلِك كَمَا
سَيَأْتِي
فَإِن كَانَ كَذَلِك لم يجز قطعا
وَبِه جزم 3 أَبُو بكر الصَّيْرَفِي وَغَيره وَهُوَ لائح
وأصحها جَوَازه من الْعَارِف إِذا كَانَ مَا تَركه غير
مُتَعَلق 4 بِمَا رَوَاهُ بِحَيْثُ لَا يخْتل الْبَيَان وَلَا
تخْتَلف الدّلَالَة بِتَرْكِهِ وَسَوَاء جوزناها بِالْمَعْنَى
أم 5 لَا رَوَاهُ قبل تَاما أم لَا
هَذَا إِن ارْتَفَعت مَنْزِلَته عَن التُّهْمَة
فَأَما من رَوَاهُ تَاما فخاف 6 إِن رَوَاهُ ثَانِيًا نَاقِصا
أَن يتهم بِزِيَادَة أَولا أَو نِسْيَان لغفلة وَقلة ضبط
ثَانِيًا فَوَاجِب عَلَيْهِ 7 أَن يَنْفِي هَذِه الظنة عَن
نَفسه قَالَه الْخَطِيب
(1/376)
1 - وَقَالَ سليم الرَّازِيّ إِن من روى
بعض الْخَبَر وَأَرَادَ أَن ينْقل بِتَمَامِهِ وَكَانَ مِمَّن
يتهم 2 بِأَنَّهُ زَاد فِي حَدِيثه كَانَ ذَلِك عذرا لَهُ فِي
تَركه الزِّيَادَة
قَالَ الشَّيْخ من كَانَ هَذَا حَاله 3 فَلَيْسَ لَهُ من
الِابْتِدَاء أَن يروي الحَدِيث غير تَامّ إِذا كَانَ قد تعين
عَلَيْهِ أَدَاء تَمَامه
وَأما 4 تقطيع المُصَنّف الحَدِيث وتفريقه فِي الْأَبْوَاب
فَهُوَ إِلَى الْجَوَاز أقرب وَمن الْمَنْع أبعد وَقد 5 فعله
مَالك وَالْبُخَارِيّ وَغير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث
قَالَ الشَّيْخ وَلَا يَخْلُو من كَرَاهَة
قَالَ 6 النَّوَوِيّ وَمَا أَظُنهُ يُوَافق عَلَيْهِ
وحرر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي الْمَسْأَلَة فَقَالَ
إِن كَانَ 7 يُغير الْمَعْنى لَو اختصر لم يجز اختصاره وَإِن
لم يُغير مثل أَن يذكر لفظين مستقلين فِي 8 مَعْنيين فَيقْتَصر
على أَحدهمَا فَالْأَقْرَب الْجَوَاز لِأَن عُهْدَة
الرِّوَايَة فِي التجويز هُوَ الصدْق 9 وَفِي التَّحْرِيم هُوَ
الْكَذِب والصدق حَاصِل فَلَا وَجه للْمَنْع فَإِن احْتَاجَ
ذَلِك إِلَى تَغْيِير لَا يخل 10 بِالْمَعْنَى فَهُوَ خَارج
على جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
(1/377)
1
- الثَّامِن
يَنْبَغِي أَن لَا يروي بِقِرَاءَة لحان أَو مصحف
قَالَ الْأَصْمَعِي إِن أخوف مَا أَخَاف 2 على طَالب الْعلم
إِذا لم يعرف النَّحْو أَن يدْخل فِي جملَة قَوْله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من كذب 3 عَليّ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من
النَّار لِأَنَّهُ لم يكن يلحن فمهما رويت عَنهُ ولحنت فِيهِ
كذبت فِيهِ 4
قَالَ الشَّيْخ فَحق على طَالب الحَدِيث أَن يتَعَلَّم من
النَّحْو واللغة مَا يسلم بِهِ من اللّحن والتصحيف 5
قَالَ شُعْبَة من طلب الحَدِيث وَلم يبصر الْعَرَبيَّة فَمثله
مثل رجل عَلَيْهِ برنس لَيْسَ لَهُ رَأس أَو 6 كَمَا قَالَ
وَقَالَ حَمَّاد بن سَلمَة مثل الَّذِي يطْلب الحَدِيث وَلَا
يعرف النَّحْو مثل الْحمار عَلَيْهِ 7 مخلاة لَا شعير فِيهَا
وَأما التَّصْحِيف فسبيل السَّلامَة مِنْهُ الْأَخْذ من
أَفْوَاه أهل الْعلم والضبط
(1/378)
1
- التَّاسِع
إِذا وَقع فِي رِوَايَته لحن أَو تَحْرِيف فَقيل يرويهِ كَمَا
سَمعه وَالْأَكْثَر على 2 رِوَايَته على الصَّوَاب
قلت وَنقل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي عَن الشَّيْخ عز
الدّين بن عبد 3 السَّلَام أَنه كَانَ يرى فِي هَذِه
الْمَسْأَلَة مَا لم أره لأحد وَهُوَ أَنه لَا يجوز رِوَايَته
بِوَاحِد 4 مِنْهُمَا أما الصَّوَاب فَلِأَنَّهُ لم يسمعهُ من
الشَّيْخ كَذَلِك وَأما الْخَطَأ فَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ
الصَّلَاة وَالسَّلَام 5 لم يقلهُ
وَأما إِصْلَاحه فِي الْكتاب فَالصَّوَاب تَركه وَتَقْرِيره
فِي الأَصْل على حَاله مَعَ التضبيب 6 عَلَيْهِ وَبَيَان
الصَّوَاب فِي الْحَاشِيَة
وَقد روينَا أَن بعض الْمُحدثين رئي فِي الْمَنَام وَكَأَنَّهُ
قد 7 مر من شفته أَو لِسَانه شَيْء فَقيل لَهُ فِي ذَلِك
فَقَالَ لَفْظَة من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ 8
وَسلم غيرتها برأيي فَفعل بِي هَذَا
وَرُبمَا يُغير وَله وَجه صَحِيح وَإِن خَفِي لَا سِيمَا
فِيمَا يعدونه 9 خطأ من جِهَة الْعَرَبيَّة ذَلِك لِكَثْرَة
لُغَات الْعَرَب وتشعبها
قَالَ عبد الله بن أَحْمد كَانَ إِذا 10 مر بِأبي لحن فَاحش
غَيره وَإِذا كَانَ سهلا تَركه
(1/379)
1 - وَقَالَ عِيَاض الْأَكْثَر على عدم
التَّغَيُّر وَأهل الْمعرفَة ينهبون على الْخَطَأ عِنْد السماع
2 وَالْقِرَاءَة وَفِي الْحَوَاشِي وَمِنْهُم من جسر على
الْإِصْلَاح فغلط فِي أَشْيَاء وَالْأولَى سَده لِئَلَّا 3
يَجْسُر على ذَلِك من لَا يحسن فيذكره عِنْد السماع كَمَا وَقع
ثمَّ يذكر صَوَابه من جِهَة الْعَرَبيَّة 4 أَو من جِهَة
الرِّوَايَة وَإِن شَاءَ قَرَأَهُ أَولا على الصَّوَاب ثمَّ
قَالَ وَقع فِي روايتنا أَو عِنْد شَيخنَا 5 أَو صَحَّ من
طَرِيق فلَان كَذَا وَهَذَا أولى من الأول لِئَلَّا يتقول على
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ 6 وَسلم مَا لم يقل وَأحسن
الْإِصْلَاح بِمَا جَاءَ فِي حَدِيث آخر
الْعَاشِر
إِذا كَانَ الْإِصْلَاح بِزِيَادَة 7 سَاقِط فَإِن لم يغاير
معنى الأَصْل فَهُوَ على مَا سبق
كنحو مَا رُوِيَ عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن زِيَادَة 8 الْوَاو
وَالْألف مَعَ اتِّفَاق الْمَعْنى فَقَالَ أَرْجُو أَن يكون
خَفِيفا
(1/380)
1 - وَإِن غاير تَأَكد الحكم بِذكر الأَصْل
مَقْرُونا بِالْبَيَانِ ليسلم من معرة الْخَطَأ وَمن أَن 2
يَقُول على شَيْخه مَا لم يقل
حدث أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن شيخ لَهُ بِحَدِيث قَالَ
فِيهِ عَن 3 بُحَيْنَة فَقَالَ أَبُو نعيم إِنَّمَا هُوَ ابْن
بُحَيْنَة وَلكنه قَالَ بُحَيْنَة
فَإِن علم أَن بعض الروَاة 4 أسْقطه وَحده فَلهُ أَيْضا أَن
يلْحقهُ فِي نفس الْكتاب مَعَ كلمة يَعْنِي كَمَا فعله
الْخَطِيب فِي حَدِيث 5 عمْرَة يَعْنِي كَمَا فعله الْخَطِيب
فِي حَدِيث عمْرَة يَعْنِي عَن عَائِشَة فِي الترجيل فَإِنَّهُ
كَانَ فِي أصل 6 ابْن مهْدي عَن الْمحَامِلِي إِسْقَاط
عَائِشَة والمحاملي رَوَاهُ بإثباتها
وَقَالَ وَكِيع أَنا أستعين 7 فِي الحَدِيث ب يَعْنِي
قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا إِذا علم أَن شَيْخه رَوَاهُ على
الْخَطَأ
فَأَما إِذا وجد 8 ذَلِك فِي كتاب نَفسه وَغلب على ظَنّه أَنه
من كِتَابه لَا من شَيْخه فَيتَّجه إِصْلَاحه فِي كِتَابه
وَرِوَايَته 9 كَمَا إِذا درس من كِتَابه بعض الْإِسْنَاد أَو
الْمَتْن فَإِنَّهُ يجوز استدراكه من كتاب غَيره إِذا 10 عرف
صِحَّته وسكنت نَفسه إِلَى أَن ذَلِك هُوَ السَّاقِط وَإِن
كَانَ بَعضهم منع من ذَلِك
قَالَ الْخَطِيب 11 وَلَو بَين ذَلِك حَال الرِّوَايَة كَانَ
أولى
(1/381)
1 - وَهَكَذَا الحكم فِي استثبات الْحَافِظ
مَا شكّ فِيهِ من كتاب غَيره أَو حفظه
وَقد فعله غير 2 وَاحِد مِنْهُم الإِمَام أَحْمد
وَكَانَ بَعضهم يَقُول حَدثنَا فلَان وثبتني فِيهِ فلَان
وَهَكَذَا الْأَمر 3 فِيمَا إِذا وجد فِي كِتَابه كلمة غير
مضبوطة أشكلت عَلَيْهِ جَازَ أَن يسْأَل عَنْهَا أهل الْعلم
بهَا 4 ويرويها على مَا يخبرونه رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن
رَاهَوَيْه وَغَيره
(1/382)
1
- الْحَادِي عشر
إِذا كَانَ الحَدِيث عِنْده عَن اثْنَيْنِ أَو أَكثر واتفقا
فِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ 2 فَلهُ جَمعهمَا فِي الْإِسْنَاد
ثمَّ يَسُوق الحَدِيث على لفظ أَحدهمَا فَيَقُول أخبرنَا فلَان
وَفُلَان وَاللَّفْظ 3 لفُلَان أَو هَذَا لفظ فلَان قَالَ أَو
قَالَا أخبرنَا فلَان وَنَحْوه من الْعبارَات
وَلمُسلم فِي صَحِيحه 4 عبارَة أُخْرَى حَسَنَة كَقَوْلِه
حَدثنَا أَبُو بكر وَأَبُو سعيد الْأَشَج كِلَاهُمَا عَن أبي
خَالِد قَالَ أبوبكر 5 حَدثنَا أَبُو خَالِد عَن الْأَعْمَش
فظاهرة أَن اللَّفْظ لأبي بكر
فَإِن لم يخص فَقَالَ أخبرنَا فلَان 6 وَفُلَان وتقاربا فِي
اللَّفْظ قَالَا حَدثنَا فلَان جَازَ على جَوَاز الرِّوَايَة
بِالْمَعْنَى
وَقَول أبي 7 دَاوُد حَدثنَا مُسَدّد وَأَبُو تَوْبَة
الْمَعْنى قَالَا حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص مَعَ أشباه لهَذَا
يحْتَمل أَن 8 يكون من قبيل الأول وَمن قبيل الثَّانِي
(1/383)
1 - وَإِذا جمع بَين جمَاعَة رُوَاة قد
اتَّفقُوا فِي الْمَعْنى وَلَيْسَ مَا أوردهُ لفظ كل وَاحِد
مِنْهُم 2 وَسكت عَن الْبَيَان لذَلِك فَهَذَا مِمَّا عيب بِهِ
البُخَارِيّ أَو غَيره وَلَا بَأْس بِهِ على جَوَاز
الرِّوَايَة 3 بِالْمَعْنَى
وَإِذا سمع من جمَاعَة مصنفا فقابل نسخته بِأَصْل بَعضهم ثمَّ
رَوَاهُ عَنْهُم وَقَالَ اللَّفْظ 4 لفُلَان فَيحْتَمل
الْجَوَاز وَعَدَمه لِأَنَّهُ لَا علم عِنْده بكيفية رِوَايَة
الآخرين
وَقَالَ غير الشَّيْخ 5 من الْمُتَأَخِّرين يحْتَمل تَفْصِيلًا
آخر وَهُوَ النّظر إِلَى الطّرق فَإِن كَانَت متباينة
بِأَحَادِيث مُسْتَقلَّة 6 لم يجز وَإِن كَانَ تفاوتها فِي
أَلْفَاظ أَو لُغَات أَو اخْتِلَاف ضبط جَازَ
الثَّانِي عشر
لَيْسَ لَهُ 7 أَن يزِيد فِي نسب من فَوق شَيْخه من رجال
الْإِسْنَاد على مَا ذكره شَيْخه إِلَّا أَن يميزه فَيَقُول 8
هُوَ ابْن فلَان الْفُلَانِيّ أَو يَعْنِي ابْن فلَان وَنَحْوه
فَإِن ذكر شَيْخه نسب شَيْخه أَو صفته فِي 9 أول حَدِيث ثمَّ
اقْتصر فِي بَاقِي أَحَادِيث الْكتاب على اسْمه أَو بعض نسبه
فالأكثر على جَوَاز 10 رِوَايَة تِلْكَ الْأَحَادِيث مفصولة
عَن الأول مُسْتَوْفيا نسب شيخ شَيْخه وَقيل الأولى أَن يَقُول
11 يَعْنِي ابْن فلَان
وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيره يَقُول حَدثنِي شيخ أَن
فلَان بن فلَان
(1/384)
1 - فلَان حَدثهُ
وَقيل يَقُول أخبرنَا فلَان هُوَ ابْن فلَان واستحبه الْخَطِيب
لِأَن قوما من 2 الروَاة كَانُوا يَقُولُونَ فِيمَا أُجِيز
لَهُم أخبرنَا فلَان أَن فلَانا حَدثهمْ
قَالَ الشَّيْخ وَكله 3 جَائِز وأولاه هُوَ ابْن فلَان أَو
يَعْنِي ابْن فلَان ثمَّ قَوْله أَن فلَان بن فلَان ثمَّ أَن
يذكر بِكَمَالِهِ 4 من غير فصل
الثَّالِث عشر
جرت الْعَادة بِحَذْف قَالَ وَنَحْوه من رجال الْإِسْنَاد خطا
وَلَا بُد 5 للقارئ أَن يتَلَفَّظ بهَا
وَإِذا كَانَ فِيهِ قرئَ على فلَان أخْبرك فلَان أَو قرئَ على
فلَان حَدثنَا 6 فلَان فَلْيقل الْقَارئ فِي الأول قيل لَهُ
أخْبرك فلَان وَفِي الثَّانِي قَالَ حَدثنَا فلَان
وَإِذا 7 تَكَرَّرت كلمة قَالَ كَقَوْلِه فِي كتاب البُخَارِيّ
حَدثنَا صَالح قَالَ قَالَ الشّعبِيّ فَإِنَّهُم يحذفون
أَحدهمَا 8 خطا وعَلى الْقَارئ أَن يتَلَفَّظ بهما
(1/385)
1 - قلت فَإِن لم يتَلَفَّظ ب قَالَ فِي
هَذَا كُله فقد أَخطَأ وَالظَّاهِر صِحَة السماع كَمَا قَالَه
2 النَّوَوِيّ وَسَبقه إِلَيْهِ ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ
فَقَالَ وَقد سُئِلَ عَن ترك الْقَارئ قَالَ إِنَّه خطأ 3 من
فَاعله قَالَ وَالْأَظْهَر أَنه لَا يبطل السماع بِهِ لِأَن
حذف القَوْل جَائِز اختصارا فقد جَاءَ 4 بِهِ الْقُرْآن
الْعَظِيم
الرَّابِع عشر
النّسخ والأجزاء الْمُشْتَملَة على أَحَادِيث بِإِسْنَاد
وَاحِد 5 كنسخة همام عَن أبي هُرَيْرَة مِنْهُم من يجدد
الْإِسْنَاد أول كل حَدِيث وَهُوَ أحوط وَمِنْهُم من يَكْتَفِي
6 بِهِ أول حَدِيث أَو أول كل مجْلِس ويدرج الْبَاقِي عَلَيْهِ
قَائِلا فِي كل حَدِيث وَبِالْإِسْنَادِ أَو وَبِه 7 وَهُوَ
الْأَغْلَب الْأَكْثَر
فَمن سمع هَكَذَا فَأَرَادَ رِوَايَة غير الأول بِإِسْنَادِهِ
جَازَ عِنْد الأكثرية 8 وَهُوَ بِمَثَابَة تقطيع الْمَتْن
الْوَاحِد فِي أَبْوَاب بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور فِي أَوله
وَمنعه أَبُو إِسْحَاق 9 الإِسْفِرَايِينِيّ وَغَيره
فعلى هَذَا طَرِيقه أَن يبين كَقَوْل مُسلم حَدثنَا مُحَمَّد
بن رَافع حَدثنَا 10 عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن همام
قَالَ هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة
(1/386)
1 - وَذكر أَحَادِيث مِنْهَا وَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أدنى مقْعد أحدكُم
فِي 2 الْجنَّة أَن يَقُول لَهُ تمن الحَدِيث
وَهَكَذَا فعل كثير من المؤلفين
وَأما إِعَادَة بَعضهم الْإِسْنَاد 3 آخر الْكتاب فَلَا يرفع
هَذَا الْخلاف لكَونه لَا يَقع مُتَّصِلا بِكُل وَاحِد مِنْهَا
إِلَّا أَنه يُفِيد 4 احْتِيَاطًا وإجازة بَالِغَة فِي أَعلَى
أَنْوَاعهَا
الْخَامِس عشر
إِذا قدم الْمَتْن على الْإِسْنَاد ك 5 قَالَ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا ثمَّ يَقُول أخبرنَا بِهِ فلَان عَن
فلَان حَتَّى يتَّصل صَحَّ وَكَانَ 6 مُتَّصِلا
فَلَو أَرَادَ من سَمعه هَكَذَا أَن يقدم الْإِسْنَاد وَيُؤَخر
الْمَتْن فجوزه بَعضهم وَيَنْبَغِي أَن 7 يكون فِيهِ خلاف
كتقديم بعض الْمَتْن على بعض بِنَاء على الرِّوَايَة
بِالْمَعْنَى
السَّادِس عشر
إِذا 8 روى حَدِيثا بِإِسْنَاد ثمَّ أتبعه إِسْنَادًا قَالَ
فِي آخِره مثله فَأَرَادَ السَّامع رِوَايَة الْمَتْن
بِإِسْنَاد 9 الثَّانِي فَالْأَظْهر مَنعه وَهُوَ قَول شُعْبَة
وَأَجَازَهُ الثَّوْريّ وَابْن معِين إِذا كَانَ الْمُحدث
متحفظا 10 مُمَيّزا بَين الْأَلْفَاظ
(1/387)
1 - وَكَانَ جمَاعَة من الْعلمَاء إِذْ روى
أحدهم مثل هَذَا ذكر الْإِسْنَاد ثمَّ قَالَ مثل حَدِيث قبله 2
مَتنه كَذَا ثمَّ يَسُوقهُ
وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمُحدث قد قَالَ نَحوه
وَاخْتَارَ الْخَطِيب هَذَا وَأَجَازَهُ 3 النَّوَوِيّ فِي
نَحوه وَمنعه شُعْبَة وَابْن معِين
قَالَ الْخَطِيب فرق ابْن معِين بَين مثله وَنَحْوه على 4
مَذْهَب من لم يجز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَأَما على
جَوَازهَا فَلَا فرق
قَالَ الْحَاكِم وَمِمَّا يلْزم 5 الحديثي من الضَّبْط
والإتقان أَن يفرق بَين مثله وَنَحْوه فَلَا يحل لَهُ أَن
يَقُول مثله إِلَّا 6 بعد أَن يعلم أَنَّهُمَا على لفظ وَاحِد
وَيحل نَحوه إِذا كَانَ بِمَعْنَاهُ
السَّابِع عشر
إِذا ذكر 7 الشَّيْخ إِسْنَادًا وَلم يذكر من مَتنه إِلَّا
طرفا ثمَّ قَالَ وَذكر الحَدِيث أَو ذكره بِطُولِهِ فَأَرَادَ
8 السَّامع رِوَايَته بِكَمَالِهِ وبطوله فَهُوَ أولى
بِالْمَنْعِ من مثله وَنَحْوه
(1/388)
1 - وَصرح بِالْمَنْعِ الْأُسْتَاذ أَبُو
إِسْحَاق
وَخَالف الْإِسْمَاعِيلِيّ وَقَالَ إِذا عرف الْمُحدث والقارئ
2 ذَلِك الحَدِيث فأرجو أَن يجوز ذَلِك وَالْبَيَان أولى أَن
يَقُول كَمَا كَانَ
قَالَ الشَّيْخ وَالطَّرِيق 3 أَن يقْتَصر على الْمَذْكُور
ثمَّ يَقُول قَالَ وَذكر الحَدِيث وَهُوَ كَذَا ويسوقه
بِكَمَالِهِ
قَالَ وَإِذا 4 جوز الْإِطْلَاق فالتحقيق أَنه بطرِيق
الْإِجَازَة القوية فِيمَا لم يذكرهُ الشَّيْخ وَلَا يفْتَقر
إِلَى 5 إِفْرَاده بِالْإِجَازَةِ
الثَّامِن عشر
الظَّاهِر أَنه لَا يجوز تَغْيِير قَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ 6 وَسلم إِلَى الرَّسُول وَلَا عَكسه وَإِن جَازَت
الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لاختلافه
وَسَهل فِي ذَلِك أَحْمد 7 وَحَمَّاد بن سَلمَة والخطيب
قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب وَالله أعلم جَوَازه لِأَنَّهُ
لَا يخْتَلف بِهِ هُنَا 8 معنى
(1/389)
1 - وَقَالَ غَيره لَو قيل يجوز تَغْيِير
النَّبِي إِلَى الرَّسُول دون عَكسه لما بعد لِأَن فِي
الرَّسُول 2 معنى زَائِدا على النَّبِي وَهُوَ الرسَالَة فَإِن
كل رَسُول نَبِي دون عَكسه
وَفِي حَدِيث الْبَراء فِي 3 الصَّحِيح وبنبيك الَّذِي أرْسلت
فَقلت وبرسولك الَّذِي أرْسلت فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام لَا 4 وبنبيك الَّذِي أرْسلت وَهُوَ يرد على هَذَا
لَكِن أَلْفَاظ الْأَذْكَار توفيقية وَرُبمَا كَانَ فِي
اللَّفْظ 5 سر لَا يحصل بِغَيْرِهِ وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن
يجمع بَين اللَّفْظَيْنِ فِي مَوضِع وَاحِد
التَّاسِع عشر
إِذا 6 كَانَ فِي سَمَاعه بعض الوهن فَعَلَيهِ بَيَانه حَال
الرِّوَايَة فَإِن فِي إغفاله نوعا من التَّدْلِيس 7
وَمن ذَلِك مَا إِذا حَدثهُ مذاكرة فَلْيقل حَدثنَا مذاكرة
كَمَا فعله الْأَئِمَّة
(1/390)
1 - وَمنع جمَاعَة مِنْهُم الْحمل عَنْهُم
فِي المذاكرة مِنْهُم ابْن الْمهْدي وَغَيره خوف التساهل 2
فَإِن الْحِفْظ خوان
وَلذَلِك امْتنع جمَاعَة من الْحفاظ من رِوَايَة مَا
يَحْفَظُونَهُ إِلَّا من كتاب مِنْهُم 3 الإِمَام أَحْمد
وَفِي كَلَام الْخَطِيب أَنه لَيْسَ بحتم فَإِنَّهُ قَالَ
وأستحب أَن يَقُول حدّثنَاهُ فِي المذاكرة 4
الْعشْرُونَ
إِذا كَانَ الحَدِيث عَن ثِقَة ومجروح فَلَا يستحسن إِسْقَاط
الْمَجْرُوح خوفًا من أَن يكون 5 فِيهِ عَن الْمَجْرُوح شَيْء
لم يذكرهُ الثِّقَة قَالَ نَحوا من ذَلِك أَحْمد والخطيب
قَالَ الْخَطِيب وَكَانَ 6 مُسلم فِي مثل هَذَا رُبمَا أسقط
الْمَجْرُوح وَيذكر الثِّقَة ثمَّ يَقُول وَآخر كِنَايَة عَن
الْمَجْرُوح قَالَ 7 وَهَذَا القَوْل لَا فَائِدَة فِيهِ
(1/391)
1 - قَالَ الشَّيْخ وَهَكَذَا يَنْبَغِي
إِذا كَانَ الحَدِيث عَن رجلَيْنِ ثقتين أَن لَا يسْقط
أَحدهمَا مِنْهُ 2 لتطرق مثل الِاحْتِمَال الْمَذْكُور
إِلَيْهِ وَإِن كَانَ مَحْذُور الْإِسْقَاط فِيهِ أقل ثمَّ لَا
يمْتَنع ذَلِك 3 فِي الصُّورَتَيْنِ امْتنَاع تَحْرِيم لِأَن
الظَّاهِر اتِّفَاق الراويين وَمَا ذكره من الِاحْتِمَال
نَادِر 4 بعيد فَإِنَّهُ من الإدراج الَّذِي لَا يجوز تَعَمّده
كَمَا سلف فِي نوع المدرج
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ 5
إِذا سمع بعض حَدِيث من شيخ وَبَعضه من آخر فروى جملَته
عَنْهُمَا مُبينًا أَن بعضه عَن أَحدهمَا 6 وَبَعضه عَن الآخر
جَازَ كَمَا فعل الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث الْإِفْك ثمَّ يصير كل
جُزْء مِنْهُ كَأَنَّهُ رَوَاهُ 7 عَن أَحدهمَا مُبْهما فَلَا
يحْتَج بِشَيْء مِنْهُ إِن كَانَ فيهمَا مَجْرُوح وَيجب
ذكرهمَا جَمِيعًا مُبينًا 8 أَن عَن أَحدهمَا بعضه وَعَن الآخر
بعضه
(1/392)
|