المقنع في علوم الحديث النَّوْع الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ معرفَة
الْمُصحف متْنا وإسنادا
وَهُوَ فن جليل إِنَّمَا ينْهض بأعبائه الحذاق كالدارقطني وَله
فِيهِ تصنيف مُفِيد والخطابي والعسكري أَيْضا
قَالَ الإِمَام أَحْمد من يعرى من الْخَطَأ والتصحيف
فَمن التَّصْحِيف فِي الْإِسْنَاد
الْعَوام بن مراجم بالراء وَالْجِيم الَّذِي فِي إِسْنَاد
حَدِيث عُثْمَان لتؤدن الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا
(2/469)
صحفه ابْن معِين بالزاي والحاء
(2/470)
وَمِنْه
خَالِد بن عَلْقَمَة الرَّاوِي عَن عبد خير عَن عَائِشَة
حَدِيث النَّهْي عَن الدُّبَّاء والمزفت صحفه بِمَالك بن عرفطة
(2/471)
وصحف ابْن جرير عتبَة بن الندر بالنُّون
وَالدَّال الْمُهْملَة بِالْبَاء والذال الْمُعْجَمَة
وَمن التَّصْحِيف فِي الْمَتْن
مَا صحفه ابْن لَهِيعَة فِي حَدِيث زيد أَنه عَلَيْهِ
الصَّلَاة وَالسَّلَام احتجر فِي الْمَسْجِد أَي اتخذ حجرَة من
حَصِير أَو نَحوه يُصَلِّي فِيهَا فقاله احْتجم بِالْمِيم
وَإِنَّمَا هُوَ بالراء
(2/472)
قلت عقد لَهُ تَرْجَمَة الجورقاني فِي
مَوْضُوعَاته وَذكره من غير حَدِيث ابْن لَهِيعَة ثمَّ قَالَ
هَذَا حَدِيث مُنكر وَأعله بِعَبْد الْملك بن مسلمة الْقرشِي
قَالَ أَبُو زرْعَة لَيْسَ بِالْقَوِيّ ثمَّ نقل عَن ابْن صاعد
أَن من قَالَه بِالْمِيم فقد صحف وَأَخْطَأ إِنَّمَا هُوَ
بالراء
وَحَدِيث جَابر قَالَ رمي أبي يَوْم الْأَحْزَاب على أكحله
فكواه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صحفه غنْدر بِأبي
وَإِنَّمَا هُوَ أبي بن كَعْب
(2/473)
وَحَدِيث أنس ثمَّ يخرج من النَّار من
قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا
يزن ذرة صحفه شُعْبَة فقاله بِضَم الذَّال وَالتَّخْفِيف
وَحَدِيث أبي ذَر تعين الصَّانِع صحفه هِشَام بن عُرْوَة فقاله
بالضاد الْمُعْجَمَة
(2/474)
وروى يحيى بن سَلام عَن سعيد بن أبي
عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {سأريكم دَار
الْفَاسِقين} قَالَ مصر فاستعظم أَبُو زرْعَة هَذَا واستقبحه
وَذكر أَنه فِي تَفْسِير سعيد عَن قَتَادَة مصيرهم
وصحف مُحَمَّد بن الْمثنى الْعَنزي حَدِيث الَّذِي فِيهِ أَو
شَاة تَيْعر بالنُّون وَإِنَّمَا هُوَ بِالْمُثَنَّاةِ تَحت
(2/475)
وَأَنه قَالَ يَوْمًا نَحن قوم لنا شرف
نَحن من عنزة صلى إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يُرِيد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صلى إِلَى
عنزة توهم أَنَّهَا قبيلتهم وَإِنَّمَا هِيَ هُنَا حَرْبَة
وأطرف من هَذَا أَن بعض الْأَعْرَاب زعم أَنه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا صلى نصب بَين يَدَيْهِ شَاة أَي
صحفها عنزة بِإِسْكَان النُّون
وَحَدِيث من صَامَ رَمَضَان ثمَّ أتبعه سِتا من شَوَّال صحفه
الصولي فَقَالَ شَيْئا بِالْمُعْجَمَةِ
وَحَدِيث عَائِشَة الْمَرْفُوع فِي الْكُهَّان قر الدَّجَاجَة
صحفه
(2/476)
الْإِسْمَاعِيلِيّ بالزجاجة بالزاي
وَحَدِيث أَنه لعن الَّذين يشققون الْخطب تشقيق الشّعْر صحفه
وَكِيع بِالْحَاء الْمُهْملَة فَرده عَلَيْهِ أَبُو نعيم
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة
وَكَذَا صحفه ابْن شاهين فَقَالَ بَعضهم كَيفَ نعمل يَا قوم
وَالْحَاجة ماسة
(2/477)
وينقسم التَّصْحِيف أَيْضا إِلَى قسمَيْنِ
آخَرين
أَحدهمَا تَصْحِيف الْبَصَر كَمَا سبق عَن ابْن لَهِيعَة
وَذَاكَ هُوَ الْأَكْثَر
وَالثَّانِي تَصْحِيف السّمع كَحَدِيث عَن عَاصِم الْأَحول
رَوَاهُ بَعضهم فَقَالَ وَاصل الأحدب
وينقسم قسْمَة ثَالِثَة إِلَى
تَصْحِيف لفظ وَهُوَ الْأَكْثَر
وَإِلَى
تَصْحِيف معنى كَمَا سبق فِي العنزة
وَتَسْمِيَة بعض مَا ذَكرْنَاهُ تصحيفا مجَاز
وَكثير من التَّصْحِيف الْمَنْقُول عَن الأكابر الجلة لَهُم
فِيهِ أعذار لم ينقلها ناقلوه ونسأل الله الْعِصْمَة
قلت وَمِمَّا ذكر مَنْقُولًا أَن قَاسم بن أصبغ قَرَأَ على بكر
بن حَمَّاد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قدم عَلَيْهِ
قوم من مُضر مجتابي النمار والنمار جمع نمرة فَقَالَ بكر
إِنَّمَا هُوَ مجتابي الثِّمَار ثمَّ رَاجع غَيره فَرجع وَخذ
بِأَنْفِهِ وَقَالَ رغم أَنِّي للحق
(2/478)
وَذكر الْخطابِيّ عَن بعض شُيُوخه فِي
الحَدِيث أَنه قَالَ لما روى حَدِيث الْبَيْهَقِيّ النَّهْي
عَن التحليق يَوْم الْجُمُعَة قبل الصَّلَاة قَالَ مَا
مَعْنَاهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة مَا لحقت رَأْسِي قبل
الصَّلَاة ففهم مِنْهُ الْحلق وَإِنَّمَا أُرِيد تحلق النَّاس
(2/479)
النَّوْع السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ معرفَة
مُخْتَلف الحَدِيث وَحكمه
وَإِنَّمَا يكمل للْقِيَام بِهِ الْأَئِمَّة الجامعون بَين
صناعتي الحَدِيث وَالْفِقْه الغواصون على الْمعَانِي الدقيقة
قلت صنف فِيهِ الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلم
يقْصد استيفاءه بل ذكر جملَة نبه بهَا على طَرِيقه وَلابْن
قُتَيْبَة فِيهِ كتاب وَإِن أحسن فِيهِ من وَجه فقد أَسَاءَ
فِي أَشْيَاء مِنْهُ قصر بَاعه فِيهَا وأتى بِمَا غَيره أولى
وَأقوى
قلت وَترك مُعظم الْمُخْتَلف وَمن جمع مَا ذَكرْنَاهُ لَا يشكل
عَلَيْهِ إِلَّا النَّادِر فِي الأحيان وَهَذَا النَّوْع من
أهم الْأَنْوَاع ويضطر إِلَى مَعْرفَته جَمِيع الْعلمَاء من
الطوائف وَهُوَ أَن يَأْتِي حديثان متضادان فِي الْمَعْنى
ظَاهرا فيوفق بَينهمَا أَو يرجح أَحدهمَا
(2/480)
والمختلف قِسْمَانِ
الأول أَن يُمكن الْجمع بَينهمَا فَيتَعَيَّن الْمصير إِلَيْهِ
وَالْقَوْل بِمَا مَعًا
مِثَاله حَدِيث لَا عدوى وَلَا طيرة مَعَ حَدِيث فر من المجذوم
فرارك من الْأسد وَجه الْجمع بَينهمَا أَن هَذِه الْأَمْرَاض
لَا تعدِي بطبعها وَلَكِن الله عز وَجل جعل مُخَالطَة
الْمَرِيض بهَا للصحيح سَببا لإعدائه مَرضه ثمَّ يخْتَلف ذَلِك
عَن سَببه كَمَا فِي سَائِر الْأَسْبَاب فَالْحَدِيث الأول نفي
الإعداء بالطبع وَلِهَذَا قَالَ فَمن أعدى الأول وَالثَّانِي
أعلم
(2/481)
أَن الله جعل ذَلِك سَببا لذَلِك وحذر من
الضَّرَر الَّذِي يغلب ودوده عِنْد وجوده بِفعل الله تَعَالَى
قَالَ ابْن خُزَيْمَة لَا أعرف أَنه رُوِيَ عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم حديثان بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ
متضادين فَمن كَانَ عِنْده فَليَأْتِنِي بِهِ لأولف بَينهمَا
الثَّانِي أَن يتضادا بِحَيْثُ لَا يُمكن الْجمع بَينهمَا
بِوَجْه وَذَلِكَ على ضَرْبَيْنِ أدهما أَن يظْهر كَون
أَحدهمَا نَاسِخا للْآخر فَيقدم وَالثَّانِي أَن لَا يظْهر
ذَلِك فَيعْمل بالراجح كالترجيح بِصِفَات الروَاة وكثرتهم فِي
خمسين وَجها وَأكْثر ولتفصيلها مَوضِع غير ذَا
(2/482)
|