المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي الطَّرِيق الثَّالِث الْإِجَازَة
الْمُجَرَّدَة وَهِي أَنْوَاع
الأول أَعْلَاهَا إجَازَة معِين لمُعين ك أجزتك كتاب
البُخَارِيّ مثلا أَو أجزت فلَانا جَمِيع مَا اشْتَمَلت
عَلَيْهِ فهرستي وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا أَعلَى أَنْوَاع
الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة عَن المناولة وَالصَّحِيح عِنْد
الْجُمْهُور من عُلَمَاء الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء جَوَاز
الرِّوَايَة بهَا وَادّعى أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ
الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَغلط فِيهِ وَحكى الْخلاف فِي الْعَمَل
بهَا ومنعها جمَاعَة من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول
وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الشَّافِعِي وَقطع بِهِ
أَصْحَابه القاضيان حُسَيْن
(1/84)
وَالْمَاوَرْدِيّ وَمن الْمُحدثين
إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو الشَّيْخ الاصبهاني وَاحْتج
الْمُجِيز بِأَنَّهَا إِخْبَار بمروياته جملَة فصح كَمَا لَو
أخبر بِهِ تَفْصِيلًا وإخباره لَا يفْتَقر إِلَى النُّطْق
صَرِيحًا كالقراءة عَلَيْهِ وَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر هُوَ
كالمرسل تجوز الرِّوَايَة بهَا وَلَا يجب الْعَمَل وَهُوَ
مَرْدُود عَلَيْهِم
الثَّانِي إجَازَة معِين فِي غير معِين كَقَوْلِه أجزتك
مسموعاتي أَو مروياتي وَالْجُمْهُور على جَوَاز الرِّوَايَة
بهَا وَوُجُوب الْعَمَل وَمن منع النَّوْع الأول فههنا أولى
وَالْخلاف أقوى
الثَّالِث إجَازَة الْعُمُوم كَقَوْلِه أجزت للْمُسلمين أَو
لمن أدْرك زماني وَمَا أشبهه فَمن منع مَا تقدم فَهَذَا أولى
وَمن جوزه اخْتلفُوا فِي هَذِه فجوزها الْخَطِيب مُطلقًا فَإِن
قيدت بِوَصْف خَاص فَأولى بِالْجَوَازِ وَجوز القَاضِي أَبُو
الطّيب الْإِجَازَة لجَمِيع الْمُسلمين الْمَوْجُودين عِنْدهَا
وَأَجَازَ ابْن عتاب لمن دخل قرطبة من طلبة الْعلم قَالَ ابْن
الصّلاح لم يسمع عَن أحد مِمَّن يقْتَدى بِهِ أَنه اسْتعْمل
هَذِه الْإِجَازَة فروى بهَا وَفِي أصل الْإِجَازَة ضعف فتزداد
بهَا ضعفا لَا يَنْبَغِي احْتِمَاله وَفِيمَا قَالَه نظر
الرَّابِع إجَازَة مَجْهُول أَو فِي مَجْهُول كَقَوْلِه أجزت
أَحْمد بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي وَثمّ جمَاعَة مسمون بذلك
وَلم يعين المُرَاد مِنْهُم أَو يَقُول أجزت
(1/85)
فلَانا كتاب السّنَن وَهُوَ يروي عدَّة كتب
تعرف بالسنن وَلم يعين فَهَذِهِ إجَازَة بَاطِلَة لَا فَائِدَة
فِيهَا
الْخَامِس الْإِجَازَة الْمُعَلقَة مثل أجزت من شَاءَ فلَان
أَو إِن شَاءَ زيد إجَازَة أحد أجزته فههنا جَهَالَة
وَتَعْلِيق وَالْأَظْهَر أَنَّهَا لَا تصح وَبِه أفتى القَاضِي
أَبُو الطّيب لِأَنَّهُ كَقَوْلِه أجزت بعض النَّاس وَقَالَ
أَبُو يعلى بن الْفراء الْحَنْبَلِيّ وَابْن عمروس الْمَالِكِي
يَصح لِأَن الْجَهَالَة ترْتَفع بِالْمَشِيئَةِ بِخِلَاف بعض
النَّاس وَلَو قَالَ أجزت لمن شَاءَ الْإِجَازَة فَهُوَ
كَقَوْلِه لمن شَاءَ فلَان وَهَذَا أولى بِالْبُطْلَانِ
لتعليقها على مَشِيئَة من لَا ينْحَصر أما لَو قَالَ أجزت لمن
شَاءَ الرِّوَايَة عني فَهُوَ أولى بِالْجَوَازِ لِأَن ذَلِك
هُوَ مُقْتَضى الْإِجَازَة فَهُوَ تَصْرِيح بِمَا يَقْتَضِيهِ
إِطْلَاقهَا لَا تَعْلِيقه وَلَو قَالَ أجزت فلَانا كَذَا إِن
شَاءَ رِوَايَته عني فَأولى بِالصِّحَّةِ لانْتِفَاء
الْجَهَالَة وَالتَّعْلِيق
السَّادِس إجَازَة الْمَعْدُوم كَقَوْلِه أجزت لمن يُولد
لفُلَان وفيهَا خلاف فأجازها الْخَطِيب وَحَكَاهُ عَن ابْن
الْفراء الْحَنْبَلِيّ وَابْن عمروس لِأَنَّهَا إِذن وأبطلها
القَاضِي أَبُو الطّيب وَابْن الصّباغ وَهُوَ الصَّحِيح
لِأَنَّهَا فِي حكم الْإِخْبَار وَلَا يَصح إِخْبَار مَعْدُوم
وَقَوْلهمْ إِنَّهَا إِذن وَإِن سلمناه فَلَا تصح أَيْضا كَمَا
لَا تصح الْوكَالَة للمعدوم أما لَو عطفه على الْمَوْجُود
فَقَالَ أجزت لفُلَان وَلمن يُولد لَهُ أَو أجزت لَك ولعقبك
ولنسلك فقد جوزه ابْن أبي دَاوُد وَهُوَ أولى بِالْجَوَازِ من
الْمَعْدُوم الْمُجَرّد عِنْد من أجَازه وَأَجَازَ مَالك
وَأَبُو حنيفَة فِي الْوَقْف الْقسمَيْنِ وَأَجَازَ
الشَّافِعِي الثَّانِي دون الأول وَالْإِجَازَة للطفل الَّذِي
لَا يُمَيّز صَحِيحَة قطع بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب والخطيب
قَالَ الْخَطِيب وَعَلِيهِ عهدنا شُيُوخنَا يجيزون الْأَطْفَال
الْغَيْب وَلَا يسْأَلُون عَن أسنانهم وتميزهم وَلِأَنَّهَا
إِبَاحَة للرواية وَالْإِبَاحَة تصح للعاقل ولغير الْعَاقِل
(1/86)
السَّابِع إجَازَة مَا لم يتحمله الْمُجِيز
ليرويه الْمجَاز إِذا تحمله الْمُجِيز قَالَ القَاضِي عِيَاض
لم نر من تكلم عَلَيْهِ من الْمَشَايِخ وَضعه بعض
الْمُتَأَخِّرين وَمنعه بَعضهم وَهُوَ الصَّحِيح فعلى هَذَا
يتَعَيَّن الْعلم بِمَا تحمله قبل الْإِجَازَة إِذا أَرَادَ
الرِّوَايَة عَنهُ بهَا ليرويه دون غَيره وَلَيْسَ قَوْله أجزت
لَك مَا صَحَّ أَو يَصح عنْدك من مروياتي من ذَلِك فَيجوز لَهُ
الرِّوَايَة بِمَا تحمله قبل الْإِجَازَة وَقد فعل ذَلِك
الدَّارَقُطْنِيّ
الثَّامِن إجَازَة الْمجَاز مثل أجزت لَك مجازاتي وَالصَّحِيح
جَوَازه قطع بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم وَأَبُو
الْفَتْح الْمَقْدِسِي وَكَانَ يروي بِالْإِجَازَةِ عَن
الْإِجَازَة وَرُبمَا والى بَين ثَلَاث إجازات وَمن يروي بهَا
تَأمل كَيْفيَّة إجَازَة شَيْخه كَيْلا يروي مَا لم ينْدَرج
تحتهَا حَتَّى لَو كَانَت صورتهَا أجزت لَهُ مَا صَحَّ عِنْده
من مسموعاتي فَلَيْسَ لَهُ أَن يروي سَماع شيخ شَيْخه حَتَّى
يتَبَيَّن أَنه صَحَّ عِنْد شَيْخه أَنه من سَماع شَيْخه
الْمُجِيز
فروع
الأول قَالَ ابْن فَارس الْإِجَازَة مَأْخُوذَة من جَوَاز
المَاء الَّذِي تسقاه الْمَاشِيَة يُقَال استجزته فأجازني إِذا
أسقاك مَاء لماشيتك أَو أَرْضك فَكَذَا طَالب الْعلم يستجيز
الْعَالم علمه فيجيزوه لَهُ فعلى هَذَا يجوز أَن يعدى الْفِعْل
بِغَيْر حرف جر وَلَا ذكر رِوَايَة فَيَقُول أجزت فلَانا
مسموعاتي وَقيل الْإِجَازَة إِذن فعلى هَذَا يَقُول أجزت لَهُ
رِوَايَة مسموعاتي وَإِذا قَالَ أجزت لَهُ مسموعاتي فَهُوَ على
حذف الْمُضَاف
(1/87)
الثَّانِي إِنَّمَا تستحسن الْإِجَازَة
إِذا كَانَ الْمُجِيز عَالما بِمَا يُجِيزهُ وَالْمجَاز من أهل
الْعلم لِأَنَّهَا توسع يحْتَاج إِلَيْهِ أهل الْعلم وَشَرطه
بَعضهم وَحكي عَن مَالك وَقَالَ ابْن عبد الْبر الصَّحِيح
أَنَّهَا لَا تجوز إِلَّا لماهر فِي الصِّنَاعَة وَفِي معِين
لَا يشكل إِسْنَاده
الثَّالِث يَنْبَغِي للمجيز بِالْكِتَابَةِ أَن يتَلَفَّظ بهَا
فَإِن أقتصر على الْكِتَابَة مَعَ قصد الْإِجَازَة صحت كَمَا
أَن سُكُوته عِنْد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ إِخْبَار وَإِن لم
يتَلَفَّظ لَكِنَّهَا دون الملفوظ بهَا فَلذَلِك يَنْبَغِي
كِتَابَة تلفظ بهَا
الطَّرِيق الرَّابِع المناولة وَهِي نَوْعَانِ
أَحدهمَا المقرونة بِالْإِجَازَةِ وَهِي أَعلَى أَنْوَاع
الْإِجَازَة كَمَا تقدم ثمَّ لَهَا صور مِنْهَا أَن يدْفع
إِلَيْهِ أصل سَمَاعه أَو فرعا مُقَابلا بِهِ وَيَقُول هَذَا
سَمَاعي أَو روايتي عَن فلَان فاروه عني أَو أجزت لَك
رِوَايَته ثمَّ يبقيه فِي يَدَيْهِ تَمْلِيكًا أَو إِلَى أَن
ينسخه وَمِنْهَا أَن يناوله الطَّالِب سَمَاعه فيتأمله وَهُوَ
عَارِف متيقظ ثمَّ يناوله الطَّالِب وَيَقُول هُوَ حَدِيثي أَو
سَمَاعي أَو روايتي فاروه عني وَسمي غير وَاحِد من أَئِمَّة
الحَدِيث هَذَا عرضا وَقد تقدم أَن الْقِرَاءَة على الشَّيْخ
تسمى عرضا أَيْضا فلنسم هَذَا عرض المناولة وَذَاكَ عرض
الْقِرَاءَة وَهَذِه المناولة كالسماع فِي الْقُوَّة عِنْد
الزُّهْرِيّ وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمُجاهد
وَالشعْبِيّ وعلقمة وَإِبْرَاهِيم وَمَالك وَابْن وهب وَابْن
الْقَاسِم وَغَيرهم وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ
وَابْن الْمُبَارك وَأَبُو حنيفَة والبويطي والمزني وَأحمد
وَإِسْحَاق وَيحيى بن يحيى إِنَّهَا منحطة عَن السماع وَهُوَ
الصَّحِيح قَالَ الْحَاكِم وَعَلِيهِ عهدنا أَئِمَّتنَا
وَإِلَيْهِ نَذْهَب وَمِنْهَا أَن يناوله الشَّيْخ سَمَاعه
ويجيزه ثمَّ يمسِكهُ الشَّيْخ وَهُوَ دون
(1/88)
مَا سبق فَإِذا وجد ذَلِك الأَصْل أَو
مُقَابلا بِهِ موثوقا بموافقته جَازَ لَهُ رِوَايَته وَلَا
يظْهر فِي هَذِه كَبِير مزية على الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة
فِي معِين وَصرح بذلك جمَاعَة من أهل الْفِقْه وَالْأُصُول
وَأما شُيُوخ الحَدِيث قَدِيما وحديثا فيرون لَهَا مزية
مُعْتَبرَة وَمِنْهَا أَن يَأْتِيهِ الطَّالِب بنسخة وَيَقُول
هَذِه روايتك فناولنيه وأجز لي رِوَايَته فَيُجِيبهُ إِلَيْهِ
من غير نظر وَتحقّق لروايته فَهَذَا بَاطِل فَإِن وثق بِخَبَر
الطَّالِب ومعرفته اعْتَمدهُ وَصحت الْإِجَازَة كَمَا يعْتَمد
قِرَاءَته وَلَو قَالَ لَهُ حدث عني بِمَا فِيهِ إِن كَانَ
روايتي مَعَ براءتي من الْغَلَط كَانَ جَائِزا حسنا
النَّوْع الثَّانِي المناولة الْمُجَرَّدَة عَن الْإِجَازَة
وَهُوَ أَن يناوله كتابا وَيَقُول هَذَا سَمَاعي مُقْتَصرا
عَلَيْهِ وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز الرِّوَايَة بهَا وَبِه
قَالَ الْفُقَهَاء وَأهل الْأُصُول وعابوا من جوزه من
الْمُحدثين
فرع جوز الزُّهْرِيّ وَمَالك إِطْلَاق حَدثنَا وَأخْبرنَا فِي
المناولة وَهُوَ مُقْتَضى من جعله سَمَاعا وَعَن أبي نعيم
الْأَصْفَهَانِي والمرزباني وَغَيرهمَا جَوَازه فِي
الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ
الْجُمْهُور وَأهل التَّحَرِّي الْمَنْع من ذَلِك وتخصيصه
بِمَا يشْعر بهَا ك حَدثنَا إجَازَة أَو مناولة أَو إِذْنا أَو
أجازني أَو ناولني أَو شبه ذَلِك وَعَن الْأَوْزَاعِيّ
تَخْصِيص الْإِجَازَة ب خبرنَا وَالْقِرَاءَة ب أخبرنَا واصطلح
قوم من الْمُتَأَخِّرين على إِطْلَاق أَنبأَنَا فِي
الْإِجَازَة وَاخْتَارَهُ قوم ونحا إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ
قَالَ الْحَاكِم الَّذِي أختاره وعهدت عَلَيْهِ أَكثر مشايخي
وأئمة عصري أَن نقُول فِيمَا عرض على الْمُحدث فَأَجَازَهُ
لَهُ شفاها أنبأني وَفِيمَا كتب إِلَيْهِ كتب إِلَيّ وَقَالَ
ابْن حمدَان كل قَول البُخَارِيّ قَالَ لي فَهُوَ عرض ومناولة
وَعبر قوم عَن الْإِجَازَة ب أخبرنَا فلَان أَن فلَانا أخبرهُ
وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ أَو حَكَاهُ وَهُوَ ضَعِيف وَاسْتعْمل
الْمُتَأَخّرُونَ فِي الْإِجَازَة
(1/89)
الَّتِي فَوق الشَّيْخ حرف عَن فَيَقُول
قَرَأت على فلَان عَن فلَان وَاعْلَم أَن الْمَنْع من إِطْلَاق
حَدثنَا وَأخْبرنَا لَا يَزُول بِإِجَازَة الْمُجِيز ذَلِك
كَمَا اعتاده بعض الْمَشَايِخ فِي قَوْله لمن يُجِيزهُ إِن
شَاءَ قَالَ حَدثنَا وَإِن شَاءَ قَالَ أخبرنَا
الطَّرِيق الْخَامِس كِتَابَة
وَهِي أَن يكْتب مسموعه لغَائِب أَو حَاضر بِخَطِّهِ أَو
بِإِذْنِهِ وَهِي أَيْضا ضَرْبَان مقرونة بِالْإِجَازَةِ
ومجردة عَنْهَا فالمقرونة بِالْإِجَازَةِ فِي الصِّحَّة
وَالْقُوَّة كالمناولة المقرونة بهَا وَأما الْمُجَرَّدَة
فَمنع الرِّوَايَة بهَا القَاضِي المارودي وأجازها كثير من
الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين مِنْهُم أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ
وَمَنْصُور وَاللَّيْث وَغير وَاحِد من الشَّافِعِيَّة وَأهل
الْأُصُول وَهُوَ الْمَشْهُور بَين أهل الحَدِيث وَكثير فِي
مصنفاتهم كتب إِلَيّ فلَان قَالَ حَدثنَا فلَان وَالْمرَاد
هَذَا وَهُوَ عِنْدهم مَعْمُول بِهِ مَعْدُود فِي الْمَوْصُول
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ هِيَ أقوى من الْإِجَازَة وَيَكْفِي
معرفَة خطّ الْكَاتِب وَشرط بَعضهم الْبَيِّنَة وَهُوَ ضَعِيف
فرع الصَّحِيح أَن يَقُول فِي الرِّوَايَة بهَا كتب إِلَى
فلَان أَو أَخْبرنِي فلَان كِتَابه وَنَحْوه وَلَا يجوز
إِطْلَاق حَدثنَا وَأخْبرنَا وَقَالَ اللَّيْث وَمَنْصُور
وَغير وَاحِد من عُلَمَاء الْمُحدثين يجوز
الطَّرِيق السَّادِس الْإِعْلَام
وَهُوَ أَن يعلم الشَّيْخ الطَّالِب أَن هَذَا الْكتاب
رِوَايَته أَو سَمَاعه مُقْتَصرا على ذَلِك فجوز الرِّوَايَة
بِهِ كثير من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَالظَّاهِر
مِنْهُم ابْن جريج وَابْن الصّباغ حَتَّى زَاد بعض
الظَّاهِرِيَّة فَقَالَ لَو قَالَ لَهُ الشَّيْخ هَذِه روايتي
لَا تَرَوْهَا عني جَازَ لَهُ رِوَايَتهَا عَنهُ كَمَا تقدم
فِي السماع وَالصَّحِيح أَنه لَا تجوز الرِّوَايَة لمُجَرّد
الْإِعْلَام وَبِه قطع بعض
(1/90)
الشَّافِعِيَّة وَاخْتَارَهُ
الْمُحَقِّقُونَ لِأَنَّهُ قد يكون سَمَاعه وَلَا يَأْذَن فِي
رِوَايَته لخلل يعرفهُ لَكِن يجب الْعَمَل بِهِ إِذا صَحَّ
سَنَده عِنْده
الطَّرِيق السَّابِع الْوَصِيَّة
وَهِي أَن يُوصي الرَّاوِي عِنْد مَوته أَو سَفَره لشخص
بِكِتَاب يرويهِ فجوز بعض السّلف للْمُوصى لَهُ رِوَايَة ذَلِك
عَن الْمُوصي كالإعلام وَالصَّحِيح الصَّوَاب أَنه لَا يجوز
وَقَول من جوزه إِمَّا زلَّة عَالم أَو مؤول بِأَنَّهُ قصد
رِوَايَته على سَبِيل الوجادة كَمَا ستأتي
الطَّرِيق الثَّامِن الوجادة
وَهِي مصدر وجد يجد وَهُوَ مولد غير مسموع وَهُوَ أَن يقف على
كتاب بِخَط شخص فِيهِ أَحَادِيث يَرْوِيهَا ذَلِك الشَّخْص
وَلم يسْمعهَا مِنْهُ الْوَاجِد وَلَا لَهُ مِنْهُ إجَازَة أَو
نَحْوهَا فَلهُ أَن يَقُول وجدت بِخَط فلَان أَو قَرَأت وَمَا
أشبهه وعَلى هَذَا الْعَمَل وَهُوَ من بَاب الْمُرْسل ويشوبه
شَيْء من الِاتِّصَال بقوله وجدت بِخَط فلَان وَرُبمَا دلّس
بَعضهم فَذكر الَّذِي وجد بِخَطِّهِ وَقَالَ فِيهِ عَن فلَان
أَو قَالَ فلَان وَهُوَ قَبِيح إِن أوهم سَمَاعه وَقد جازف
بَعضهم فَأطلق فِي الوجادة حَدثنَا وَأخْبرنَا وَأنكر ذَلِك
على فَاعله
فرع إِذا وجد حَدثنَا فِي تأليف شخص وَلَيْسَ بِخَطِّهِ فَلهُ
أَن يَقُول قَالَ فلَان أَو ذكر فلَان أَو أخبرنَا فلَان
وَهَذَا مُنْقَطع لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ شوبا من الِاتِّصَال
فَإِن لم يَثِق بِكَوْنِهِ خطه فَلْيقل بَلغنِي أَو وجدت عَن
فلَان أَو قَرَأت فِي كتاب أَظُنهُ خطّ فلَان أَو أَخْبرنِي
فلَان أَنه خطّ فلَان وَإِذا نقل من كتاب فَلَا يقل قَالَ
فلَان إِلَّا إِذا وثق بِصِحَّة النُّسْخَة ومقابلتها بأصلها
فَإِن لم يكن كَذَلِك قَالَ بَلغنِي عَنهُ وَأما إِطْلَاق
اللَّفْظ الْجَازِم
(1/91)
فتسامح وَقد قيل إِن كَانَ الْمطَالع عَالما متقنا لَا يخفى
عَلَيْهِ السَّاقِط والمغير رُجي لَهُ جَوَاز الْجَزْم وَإِلَى
هَذَا استروح كثير من المصنفين
فرع الْعَمَل بالوجادة قيل لَا يجوز نقل ذَلِك عَن مُعظم
الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة وَغَيرهم وَقيل يجوز
نقل ذَلِك عَن الشَّافِعِي ونظار أَصْحَابه وَقطع بعض
الشَّافِعِيَّة بِوُجُوب الْعَمَل عِنْد حُصُول الثِّقَة
وَهُوَ صَحِيح قَالَ ابْن الصّلاح لَا يتَّجه فِي هَذِه
الْأَزْمَان غَيره |