النكت على مقدمة ابن الصلاح

النَّوْع السَّابِع عشر معرفَة الْأَفْرَاد

ذكر الميانشي أَن الْفَرد مَا انْفَرد بروايته بعض الثِّقَات عَن شَيْخه دون سَائِر الروَاة عَن ذَلِك الشَّيْخ
199 - (قَوْله) وَأما الثَّانِي فَهُوَ فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَة خَاصَّة كتقييد الْفَرد بِجِهَة أَو بلد معِين كمكة وَالْبَصْرَة أَو لكَونه لم يروه من أهل الْبَصْرَة أَو الْكُوفَة مثلا إِلَّا فلَان أَو لم يروه عَن فلَان إِلَّا فلَان
وَفِيه صنف الدَّارَقُطْنِيّ كتاب الْأَفْرَاد ويستعمله الطَّبَرَانِيّ فِي [مُعْجَمه الْأَوْسَط] كثيرا وَيحْتَاج لاتساع الباع فِي الْحِفْظ وَكَثِيرًا مَا يَدعِي الْحَافِظ التفرد بِحَسب علمه ويطلع غَيره على المتابع وَلم يتَعَرَّض المُصَنّف للأمثلة فمثال تَقْيِيد الإنفراد بقوله لم يروه عَن فلَان إِلَّا فلَان حَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن حَمَّاد بن

(2/198)


عِيسَى الْجُهَنِيّ عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء لم يحطهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه

(2/199)


قَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من جِهَة حَمَّاد بن عِيسَى وَقد تفرد بِهِ انْتهى
وَقَالَ الْبَزَّار فِي مُسْنده هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ عَن حَنْظَلَة حَمَّاد بن عِيسَى وَهُوَ لين الحَدِيث وَإِنَّمَا ضعف حَدِيثه بِهَذَا الحَدِيث وَلم نجد بدا من إِخْرَاجه إِذْ كَانَ لَا يرْوى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد أَو من وَجه [آخر] دونه
وَمِثَال تَقْيِيد الِانْفِرَاد بالثقة مَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ

(2/200)


سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْقُنُوت فِي الصَّلَاة قَالَ نعم قلت قبل الرُّكُوع أَو بعده قَالَ قبله
فعاصم ثِقَة وَقد تفرد عَن سَائِر الروَاة عَن أنس فِي مَوضِع الْقُنُوت قَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد يَقُول أحد فِي حَدِيث أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت قبل الرُّكُوع غير عَاصِم الْأَحول فَقَالَ وَمَا علمت أحدا يَقُوله غَيره
وَمِثَال مَا انْفَرد بِهِ أهل بَلْدَة مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن جَابر فِي المشجوج إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَن يتَيَمَّم ويعصب على جرحه خرقَة ثمَّ يمسح عَلَيْهَا وَيغسل سَائِر جسده
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه قَالَ أَبُو بكر ابْن أبي دَاوُد هَذِه سنة تفرد بهَا أهل مَكَّة وَحملهَا أهل الجزيرة
وَحَدِيث عبد خير قَالَ شهِدت عليا فِي الرحبة يتَوَضَّأ فَتَمَضْمَض ثَلَاثًا ثمَّ

(2/201)


غرف غرفَة فَجمع بَين الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فِي مرّة قَالَ ابْن أبي دَاوُد هَذِه سنة تفرد بهَا أهل الْكُوفَة فِي الْجمع بَين الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بكف وَاحِد حَكَاهُ الْخَطِيب عَنهُ فِي كتاب الْفَصْل
وَقسم الْحَاكِم التفرد ثَلَاثَة أَقسَام (أ 112)
الأول تفرد أهل مَدِينَة عَن صَحَابِيّ
الثَّانِي تفرد رجل وَاحِد عَن إِمَام من الْأَئِمَّة

(2/202)


الثَّالِث تفرد أهل مَدِينَة عَن مَدِينَة أُخْرَى
وَالْأول وَالثَّالِث يدخلَانِ تَحت الْفَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَة خَاصَّة
فَائِدَة

قَوْلهم هَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن فلَان غير فلَان
سُئِلَ ابْن الْحَاجِب هَل يجوز رفع غير أَو نصبها
فَأجَاب بِجَوَاز الْوَجْهَيْنِ وَأطَال فِي تَقْرِيره

(2/203)