اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر معنى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأشْهد أَي أعلم وَأبين، وَعطف الفعلية على الإسمية لَا يخفى
مَا فِيهِ عِنْد أهل الْعَرَبيَّة، أَن لَا إِلَه أَي لَا
معبود بِحَق إِلَّا الله والكلمة للتوحيد إِجْمَاعًا، وَهِي
المُرَاد بِكَلِمَة التَّقْوَى، ثمَّ وضح مَا دلّت عَلَيْهِ
بقوله: وَحده نصب على الْحَال، بِمَعْنى متوحد، أَو هُوَ
تَأْكِيد لتوحيد الذَّات / والمتوحد ذُو الوحدانية.
(1/196)
لَا شريك أَي مشارك لَهُ تَأْكِيد لتوحيد
الْأَفْعَال ردا على نَحْو الْمُعْتَزلَة، ثمَّ زَاد مقَام
الْخطاب بالثناء عَلَيْهِ بالكبرياء بقوله: وأكبره تَكْبِيرا
أَي أعظمه تَعْظِيمًا، وأتى بِهِ امتثالا لقَوْله تَعَالَى:
(وَكبره تَكْبِيرا) ، وأتى بالتشهد لحَدِيث أبي دَاوُد -
وَغَيره -: " كل خطْبَة لَيْسَ فِيهَا تشهد فَهِيَ كَالْيَدِ
الجذماء ". أَي المقطوعة الْبركَة.
معنى الصَّلَاة على رَسُوله الله
ثمَّ أَنه بعد التَّيَمُّن بِالتَّسْمِيَةِ، والتحميد،
وَالثنَاء عَلَيْهِ تَعَالَى بِبَعْض صِفَاته، صلى على رَسُول
لما أَنه الْوَاسِطَة فِي وُصُول الْفَيْض مِنْهُ تَعَالَى
إِلَيْنَا، وَالشَّرْع الصَّحِيح وَالنَّقْل الصَّرِيح، أطبقا
على وجوب شكر الْمُنعم لَا سِيمَا وَقد ورد النَّص بالندب
إِلَى خُصُوص تِلْكَ
(1/197)
الْمَادَّة، حَيْثُ قَالَ عزت قدرته: (يَا
أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا) فَقَالَ: وَأشْهد
أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله صلى الله أَي أنزل الرَّحْمَة
المقرونة بِكَمَال التَّعْظِيم.
على سيدنَا أَي أعظمنا، وأشرفنا، وأعلانا منزلَة، وأسمانا
قدرا.
و (السَّيِّد) الْمُتَوَلِي للسواد أَي الْجَمَاعَة
الْكَثِيرَة، وينسب ذَلِك فَيُقَال: سيد الْقَوْم وَلَا
يُقَال: سيد الثَّوْب، وَلَا سيد الْفرس، وَلما كَانَ من شَرط
الْمُتَوَلِي للْجَمَاعَة الْكَثِيرَة أَن يكون النَّفس مظهر
الطَّبْع / قيل لكل من كَانَ فَاضلا فِي نَفسه.
وَإِطْلَاق السَّيِّد على النَّبِي مُوَافق لما ورد فِي
حَدِيث:
(1/198)
" أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر ". لَكِن
هَذَا مقَام الْإِخْبَار بِنَفسِهِ عَن مرتبته، ليعتقد أَنه
كَذَلِك.
وَأما فِي ذكره وَالسَّلَام عَلَيْهِ فقد علمهمْ الصَّلَاة
عَلَيْهِ لما ورد سَأَلُوهُ عَن كيفيتها أجَاب بقوله: "
قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد ". فَلم يذكر لفظ
السَّيِّد، وَمن ثمَّ تردد ابْن عبد السَّلَام فِي أَن
الْأَفْضَل ذكر السَّيِّد رِعَايَة للأدب؟ أَو عدم ذكره
مُرَاعَاة للوارد، وَمَال بَعضهم إِلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ
فِي حَدِيث: " من قَالَ بعد صَلَاة الْجُمُعَة اللَّهُمَّ صلَّ
على مُحَمَّد عَبدك وَنَبِيك وَرَسُولك النَّبِي
(1/199)
الْأُمِّي ثَمَانِينَ مرّة غفر لَهُ ".
أَنه الْأَفْضَل فِيهِ التَّعَبُّد بِلَفْظِهِ، وَعدم
الزِّيَادَة على الْوَارِد.
وَفصل بَعضهم فَقَالَ: صِيغَة الْوَارِد لَا يُزَاد عَلَيْهَا،
وَأما إِذا أنشأ صلا من عِنْده على غير الصِّيغَة الْوَارِدَة
فيزيد فِيهَا.
مُحَمَّد من التَّحْمِيد وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْحَمد،
يُقَال: حمدت فلَانا أَحْمَده إِذا أثنيت على جَمِيع خصاله،
وَيُقَال: فلَان مَحْمُود. فَإِذا بلغ النِّهَايَة وتكاملت
(1/200)
فِيهِ المحاسن قيل مُحَمَّد.
الَّذِي أرْسلهُ الله للنَّاس كَافَّة فَفِي حَدِيث
الشَّيْخَيْنِ - وَغَيرهمَا: " بعثت إِلَى النَّاس عَامَّة "
وَالْمرَاد نَاس / زَمَنه فَمن بعدهمْ إِلَى آخِرهم، وَلم يذكر
الْجِنّ.
قَالَ أَبُو الْبَقَاء: الكافة بِمَعْنى الْجَمَاعَة، وإضافته
إِلَى مَا بعده خطأ لِأَنَّهُ لَا يَقع إِلَّا حَالا،
وَإِنَّمَا قيل للنَّاس كَافَّة لِأَنَّهُ ينكف بَعضهم إِلَى
بعض، وبالإضافة يصير من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه.
انْتهى.
وأصل ذَلِك لِأَن الْإِنْس أصل، أَو لِأَن النَّاس لفظته تعمهم
لِأَنَّهُ من نَاس ينوس إِذا تحرّك، وَظَاهر هَذَا إِنَّه لم
يُرْسل إِلَى الْمَلَائِكَة وَهُوَ مَا
(1/201)
عَلَيْهِ الْحَلِيمِيّ وَالْبَيْهَقِيّ، بل
حكى الإِمَام الرَّازِيّ والنسفي عَلَيْهِ الْإِجْمَاع. لَكِن
انتصر جمع مِنْهُم السُّبْكِيّ للتعميم بِآيَة: (ليَكُون
للْعَالمين نذيراً) .
إِذْ الْعَالم مَا سوى الله، وبراوية: " وَأرْسلت إِلَى الْخلق
"، وإيثار الْمُؤلف التَّعْبِير بِلَفْظ الرِّوَايَة الأولى
يرشد إِلَى أَنه من الموافقين للأولين.
(1/202)
وبشيراً وَنَذِيرا أَي بَالغا فِي الوصفين
غَايَة الْكَمَال، فَهُوَ بشير للْمُؤْمِنين بِالْجنَّةِ،
ونذير للْكَافِرِينَ وَفِيه من أَنْوَاع البديع الطباق وَهُوَ
إِيرَاد المتضادين، وهما الْبشَارَة والنذارة، وَقدم الْوَصْف
بالبشارة عَلَيْهِ بالنذارة إِشَارَة إِلَى سبق الرَّحْمَة
للغضب.
معنى آل مُحَمَّد
وعَلى آل مُحَمَّد إِضَافَة إِلَى الظَّاهِر دون الضَّمِير
تلذذاً بِتَكَرُّر ذكر اسْم الْمُصْطَفى، وتجنبا لخلاف من منع
إِضَافَة آل إِلَى الضَّمِير كَابْن النّحاس، وَإِن كَانَ
مردوداً بِعَمَل النَّاس. وهم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب عِنْد
/ الشَّافِعِي، وَإِذا أطلق فِي التعارف شَمل الصحب
وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَان.
(1/203)
لكنه صرح بهم زِيَادَة فِي الْبَيَان
فَقَالَ: وَصَحبه اسْم جمع لصَاحب، بِمَعْنى الصَّحَابِيّ
وَهُوَ لُغَة: من صَحبه غَيره مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم
الصُّحْبَة.
وَاصْطِلَاحا: من لَقِي الْمُصْطَفى يقظه بعد النُّبُوَّة
وَقبل وَفَاته مُسلما وَمَات على ذَلِك وَإِن تخللته ردة.
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا، قرن الصَّلَاة بِالسَّلَامِ خُرُوجًا
من كَرَاهَة إِفْرَاد أَحدهمَا عَن الآخر الَّذِي نَقله
النَّوَوِيّ عَن الْعلمَاء، لَكِن نوزع فِي ذَلِك نقلا ودليلا:
1 -) أما الأول: فَقَالَ الشَّيْخ الْجَزرِي: لَا أعلم أحدا
قَالَ بِالْكَرَاهَةِ أصلا.
2 -) وَأما الثَّانِي: فَقَالَ الْمُؤلف لم أَقف على دَلِيل
يَقْتَضِي الْكَرَاهَة.
وَيُجَاب: بِأَن النَّوَوِيّ من أَرْكَان الْمُحدثين، وأعاظم
الْفُقَهَاء، وَهُوَ ثَبت ثَبت فِي النَّقْل ثِقَة بِاتِّفَاق
جَمِيع الطوائف لم يُخَالف فِي ذَلِك
(1/204)
مُخَالف، وَلم يُنَازع فِيهِ مُنَازع مَعَ
الْوَرع التَّام، وَقد جزم بِهَذَا النَّقْل فَلَا يبعد أَن
يكون اطلع على مَا لم يطلع الْجَزرِي وَالْمُصَنّف، وَمن حفظ
حجَّة على من لَا يحفظ.
وَأما حرف فِيهِ معنى الشَّرْط بِدَلِيل لُزُوم الْفَاء لجوابه
غَالِبا، نَحْو: فَأَما زيد فمنطلق.
بعد أَي مهما يَجِيء من شَيْء بعد حمد الله، وَالثنَاء على
صِفَاته الكمالية /، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على خلصته من
خلقه.
البوادر الأولى للتصنيف فِي عُلُوم الحَدِيث
فَإِن التصانيف جمع تصنيف، وأصل التصنيف تَمْيِيز بعض
الْأَشْيَاء عَن بعض، وَمِنْه أَخذ تصنيف الْكتب، وَيُقَال:
صنف الْأَمر تصنيفا أدْرك بعضه دون الْبَعْض، ولون بعضه دون
بعض.
فِي اصْطِلَاح أهل الحَدِيث. الِاصْطِلَاح: اتِّفَاق قوم على
تَسْمِيَة الشَّيْء
(1/205)
باسم مَا ينْقل عَن مَوْضُوعه الأول،
وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا مُجَرّد الِاصْطِلَاح الْمَذْكُور بل
الْمُشْتَمل على أَحْوَال الرِّجَال، والعلل وَنَحْو ذَلِك
مِمَّا يصير بِهِ الرجل نقادا مِمَّا يَأْتِي.
وَلأَهل هَذَا الْعلم اصْطِلَاح يعبرون بِهِ عَن مقاصدهم إِذا
حكمُوا على متن من الْمُتُون بِشَيْء. وَهَذِه النخبة فِي علم
الِاصْطِلَاح الْمَنْسُوب إِلَى أَئِمَّة علم الحَدِيث، وَأهل
الحَدِيث هم المشتغلون بِهِ.
قد كثرت. من الْكَثْرَة ضد الْقلَّة، يُقَال كثر الشَّيْء يكثر
بِالضَّمِّ، كَثْرَة بِالْفَتْح وَالْكَسْر قَلِيل، وَقيل: بل
خطأ. وَيَتَعَدَّى بالتضعيف والهمزة فَيُقَال: كثرته، وأكثرته،
واستكثرته، عَدو بِهِ كثير.
للأئمة أَي أَئِمَّة الحَدِيث، جمع إِمَام وَهُوَ من يؤتم أَي
يقْتَدى بِهِ، سَوَاء كَانَ إنْسَانا يقْتَدى بقوله وَفعله -
وَهُوَ المُرَاد هُنَا - أَو كتابا، أَو غَيرهمَا محقا أَو
مُبْطلًا فَكَذَلِك قَالُوا الإِمَام: الْخَلِيفَة /
وَالسُّلْطَان، والعالم المقتدى بِهِ.
(1/206)
فِي الْقَدِيم والْحَدِيث أَي فِي الزَّمن
الْمُتَقَدّم، والزمن الْمُتَأَخر، وَالْقَدِيم يُطلق على
الْمَوْجُود الَّذِي لَيْسَ وجوده مَسْبُوقا بِالْعدمِ، وَهُوَ
الْقَدِيم بِالذَّاتِ ويقابله الْمُحدث بِالزَّمَانِ وَهُوَ
المُرَاد هُنَا، وَفِيه من أَنْوَاع البديع الطباق ثمَّ أَن
قَوْله فِي الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى مَجْمُوع
الشَّيْئَيْنِ والإلزام كَون الْكَثْرَة فِي كل مِنْهُمَا،
وَهُوَ مُخَالف للْوَاقِع إِذْ هِيَ إِنَّمَا فِي الثَّانِي
كَمَا نبه عَلَيْهِ بعض أَرْبَاب الْمعَانِي فَأول من صنف
فِيهِ - أَي فِي ذَلِك - القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحسن ابْن
عبد الرَّحْمَن الرامَهُرْمُزِي بِفَتْح الرَّاء وَالْمِيم
وَضم الْهَاء وَالْمِيم الثَّانِيَة وَآخره زَاي، نِسْبَة
إِلَى رامهرمز كورة من كور الأهواز من بِلَا خوزستان، يُقَال:
أَن سلمَان الْفَارِسِي الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور مِنْهُ،
وَخرج مِنْهَا جمَاعَة من الْأَعْيَان كَثِيرُونَ مِنْهُم
القَاضِي الْمَذْكُور. ولي الْقَضَاء بِبِلَاد خوزستان، وروى
عَن أَحْمد بن حَمَّاد بن سُفْيَان وعاش قَرِيبا من سنة
سِتِّينَ وثلاثمائة. فِي كِتَابه الْمُحدث الْفَاصِل أَي فِي
الَّذِي أَلفه فِي عُلُوم الحَدِيث، وَسَماهُ
(1/207)
بذلك لكنه لم يستوعب أَنْوَاع عُلُوم
الحَدِيث، لكَونه من أول من اخترع ذَلِك وَوَضعه. /
والاستيعاب أَخذ الشَّيْء جَمِيعه، يُقَال: وعبته وعبا من بَاب
وعد، وأوعبته إيعابا واستوعبته كلهَا بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ
الْأَزْهَرِي: الوعب إيعابك الشَّيْء فِي الشَّيْء حَتَّى
تَأتي عَلَيْهِ أَي تدخله فِيهِ جَمِيعه.
وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن
حَمْدَوَيْه الضَّبِّيّ الإِمَام الرّحال الشَّافِعِي،
الْمَعْرُوف بِابْن البيع أحد الْأَعْلَام، ثِقَة ثَبت لكنه
يتشيع ويحط على مُعَاوِيَة. قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ: وَالله
يحب الْإِنْصَاف مَا الرجل برافضي كَمَا زَعمه ابْن طَاهِر،
وَهُوَ من أعلم الْأَئِمَّة الَّذين حفظ الله بهم
(1/208)
الدّين النَّيْسَابُورِي بِفَتْح النُّون
وَسُكُون الْيَاء وَفتح السِّين الْمُهْملَة، وَضم
الْمُوَحدَة، نِسْبَة إِلَى نيسابور أحسن مدن خُرَاسَان
وأجمعها لِلْخَيْرَاتِ، سميت بذلك لِأَن سَابُور لما رأى
أرْضهَا قَالَ: يصلح أَن يكون هُنَا مَدِينَة، وَكَانَت قصبا
فَقَطعه وبناها. والنّي الْقصب فَقيل: نيسابور. لكنه لم يهذب
كِتَابه الَّذِي أَلفه فِي أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث وَلم يرتب
أَنْوَاعه. والتهذيب التصفية والتخليص، وهذبه نقاه، وخلصه.
وَالتَّرْتِيب لُغَة: جعل كل الشَّيْء فِي مرتبته،
وَاصْطِلَاحا: جعل الْأَشْيَاء الْكَثِيرَة بِحَيْثُ يُطلق
عَلَيْهَا اسْم الْوَاحِد، وَيكون لبَعض أجزاه نِسْبَة / إِلَى
بَعْضهَا بالتقدم والتأخر.
وتلاه أَي جَاءَ بعده الْحَافِظ أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله
بن احْمَد الصُّوفِي، الْفَقِيه، الشَّافِعِي أَخذ عَن
الطَّبَرَانِيّ وَغَيره، وَعنهُ الْخَطِيب وَغَيره
الْأَصْبَهَانِيّ بِكَسْر الْألف وَفتحهَا، وصاد مُهْملَة،
وَآخره نون، نِسْبَة إِلَى بلد هِيَ أشهر بَلْدَة بالجبال،
وَهِي جموع عَسَاكِر الأكاسرة فَعمل على
(1/209)
كِتَابه أَي الْحَاكِم مستخرجا وَجمع
أَشْيَاء كَثِيرَة بِالنِّسْبَةِ لمن تقدمه وَلكنه أبقى شَيْئا
للمتعقب المريد الاسيتعاب.
ثمَّ جَاءَ بعدهمْ جَمِيعهم الْحَافِظ الْخَطِيب أَبُو بكر
أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه،
الشَّافِعِي، أحد أَعْلَام الْحفاظ ومهرة الحَدِيث فصنف فِي
قوانين الرِّوَايَة جمع قانون فَهُوَ أَمر كلي ينطبق على
جَمِيع جزئياته الَّتِي يتعرف أَحْكَامهَا مِنْهُ، كَقَوْل
النُّحَاة: الْفَاعِل مَرْفُوع، وَالْمَفْعُول مَنْصُوب. كتابا
من الْكتب وَهُوَ ضم أَدِيم إِلَى أَدِيم بالخياطة، وَعرفا: ضم
الْحُرُوف بَعْضهَا إِلَى بعض بالخط، وَهُوَ فِي الأَصْل اسْم
للصحيفة مَعَ الْمَكْتُوب فِيهَا سَمَّاهُ الْكِفَايَة وَفِي
آدابها كتابا آخر سَمَّاهُ الْجَامِع لِآدَابِ الشَّيْخ
وَالسَّامِع. أَي سَمَّاهُ بِمَجْمُوع الْمَوْصُوف وَالصّفة
وَقل الْجَامِع لِآدَابِ الشَّيْخ وَالسَّامِع. أَي سَمَّاهُ
بِمَجْمُوع الْمَوْصُوف وَالصّفة وَقل
(1/210)
فن من فنون الحَدِيث والفن من الشَّيْء
هُوَ النَّوْع مِنْهُ إِلَّا وَقد صنف فِيهِ كتابا مُفردا
حَتَّى زَادَت تصانيفه على الْخمسين فَكَانَ كَمَا قَالَ
الْحَافِظ أَبُو بكر ابْن نقطة بِضَم النُّون / وَسُكُون
الْقَاف كل من أنصف، من الْإِنْصَاف وَهُوَ الْعدْل فِي
القَوْل وَالْفِعْل بِأَن لَا يَأْخُذ من صَاحبه الأمثل مَا
يُعْطِيهِ من الْمَنَافِع، وَلَا ينيله من المضار إِلَّا كَمَا
ينيله، علم أَي اعْتقد اعتقادا جَازِمًا مطابقا أَن الْمُحدثين
الَّذين وجدوا بعد الْخَطِيب عِيَال على كتبه، الْعِيَال: أهل
الْبَيْت وَمن يمونه الْإِنْسَان، فَأطلق على الْمُحدثين
عِيَاله لكَونه أَعْطَاهُم مَا يمونهم أَي يقوم بكفايتهم فِي
هَذَا الشَّأْن وكفاهم مُؤنَة ذَلِك، حَيْثُ لم يحتاجوا مَعَ
وجود كتبه إِلَى غَيرهَا. وَيُقَال: عَال الْيَتِيم إِذا قَامَ
بكفايته.
وَفِي تصانيفه قَالَ السلَفِي:
(تصانيف ابْن ثَابت الْخَطِيب ... ألذ من الصِّبَا الغض
الرطيب)
(1/211)
(ترَاهَا إِذا رَوَاهَا من حواها ...
رياضاً للفتى اليقظ اللبيب)
(وَيَأْخُذ حسن مَا قد صاغ مِنْهَا ... بِنَقْل الْحَافِظ
الفطن الأديب)
ثمَّ قد جَاءَ بعض من تَأَخّر عَن الْخَطِيب فِي الزَّمَان
فَأخذ من هَذَا الْعلم بِنَصِيب أَي الْحَظ. والنصيب فِي
الأَصْل اسْم للحظ الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ للْقِسْمَة بَين
الْجَمَاعَة فَجمع من الْجمع وَهُوَ ضم مَا شَأْنه
الِافْتِرَاق والتنافر، وَيُقَال ضم الشَّيْء بتقريب بعضه من
بعض القَاضِي عِيَاض الْمَالِكِي الإِمَام الْمَشْهُور كتابا
صَغِيرا أَي الحجم / حسن النّظم سَمَّاهُ الإلماع.
وَأَبُو حَفْص الميانجي بِفَتْح الْمِيم، ومثناة تحتية
مُخَفّفَة، وَفتح النُّون، وَآخره جِيم نِسْبَة إِلَى ميانة
بلد بِأَذربِيجَان،
(1/212)
وَهُوَ أحد الْفُضَلَاء، الْمَشْهُورين،
وَالْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة المتورعين، تفقه على القَاضِي
أبي الطّيب، وَكَانَ رَفِيق الشَّيْخ أبي إِسْحَق
الشِّيرَازِيّ.
(1/213)
روى عَنهُ ابْن الصَّائِغ، ومدح ماوشان -
وَهُوَ مَوضِع كثير الشّجر وَالْمَاء بهمذان:
(إِذا ذكر الحسان من الْجنان ... فخيهلا بوادي ماوشان)
(تَجِد شعبًا يشعب كل هم ... وملهى ملهيا عَن كل شَأْن)
(ومغنى مغنيا عَن كل ظَبْي ... وغانية تدل على الغواني)
(وتغريد الهزار على ثمار ... ترَاهَا كالعقيق وكالجمان)
(1/214)
(فيا لَك منزلا لَوْلَا اشتياقي ...
أصيحابي بدرب الزَّعْفَرَان)
فَلَمَّا سَمعهَا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَق وَكَانَ مُتكئا جلس
وَقَالَ: أَنا المُرَاد بأصيحابي بدرب الزَّعْفَرَان. جزؤا
لطيفاً أَيْضا سَمَّاهُ: مَا لَا يسع الْمُحدث جَهله. وأمثال
ذَلِك من التصانيف الَّتِي اشتهرت بَين أهل الحَدِيث وَبسطت
ليتوفر علمهَا أَي ليكْثر الْعلم الْمُسْتَفَاد مِنْهَا،
والبسط: نشر الشَّيْء وتوسيعه، فَتَارَة يتَصَوَّر فِيهِ
الْأَمْرَانِ، وَتارَة أَحدهمَا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:
(وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ) / أَي وَسعه.
والتوفر على الشَّيْء صرف الهمة لَهُ واختصرت ليتيسر فهمها
قَالَ الشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ - تلميذ الْمُؤلف: أوردت على
المُصَنّف أَن الِاخْتِصَار
(1/215)
لتيسير الْحِفْظ لَا لتيسير الْفَهم
فَأجَاب: بِأَن المُرَاد فهم متين لَا يَزُول سَرِيعا،
فَإِنَّهَا إِذا اختصرت سهل حفظهَا، وَحِينَئِذٍ يسهل فهمها
بِسَبَب حفظهَا، وَلَا كَذَلِك المبسوطة لِأَنَّهُ إِذا وصل
إِلَى الآخر قد يغْفل عَن الأول. انْتهى.
ولخص لَك بَعضهم فَقَالَ: اختصرت لتيسر الْفَهم الْمعِين
عَلَيْهِ الْحِفْظ، الَّذِي هُوَ فِي نفس الْأَمر عِلّة
اللاختصار فَيكون فهما راسخا لَا يَزُول.
والاختصار إقلال اللَّفْظ بإكثار الْمَعْنى، وَاخْتصرَ ذَلِك
بَعضهم فَقَالَ: إقلال بِلَا إخلال، وَقيل غير ذَلِك.
والتيسير: التسهيل. والفهم: تصور الْمَعْنى من لفظ الْمُخَاطب.
(1/216)
وَيُقَال: هَيئته للنَّفس بهَا يتَحَقَّق
مَعَاني مَا يحسن.
إِلَى أَن جَاءَ من الْمَجِيء وَهُوَ الْإِتْيَان بسهولة
الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي تَقِيّ الدّين أَبُو عَمْرو
عُثْمَان بن الصّلاح صَلَاح الدّين عبد الرَّحْمَن الشهرزوري
بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، وَسُكُون الْهَاء وَضم الرَّاء
وَالزَّاي وَآخره رَاء أُخْرَى نِسْبَة إِلَى شهرزور، بَلْدَة
بَين الْموصل وهمدان بناها زور ابْن الضَّحَّاك فَقيل: شهر زور
مَعْنَاهُ / مَدِينَة زور نزيل دمشق.
ولد ابْن الصّلاح سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة، وتفقه على
أَبِيه،
(1/217)
وَكَانَ وَالِده شيخ تِلْكَ النَّاحِيَة،
وَجمع بَين طريقي الْمَذْهَب قبل أَن يطر شَاربه، وساد، وتفقه،
وارتحل، فَأخذ عَن جمَاعَة، وَسمع الحَدِيث، ودرس بالشامية
الجوانية، والأشرفية، والرواحية بِالشَّام، والصالحية بالقدس،
وَمَات سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة عَن سِتّ وَسِتِّينَ
سنة.
فَجمع لما ولي تدريس الحَدِيث بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية
الَّتِي بِدِمَشْق كِتَابه الْمَشْهُور أَي الفاشي بَين
النَّاس فهذب فنونه أَي نقاها وخلصها من الشوائب وأملاه من
الْإِمْلَاء وَهُوَ إِلْقَاء مَا يشْتَمل عَلَيْهِ الضَّمِير
إِلَى اللِّسَان قولا وعَلى الْكتاب رسماً شَيْئا بعد شَيْء
على حسب الدُّرُوس فَلهَذَا لم يحصل ترتيبه على الْوَضع
المتناسب أَي المتقارب الْمُتَشَابه، وَالْمُنَاسِب الْقَرِيب،
وَبَينهمَا مُنَاسبَة، وَهَذَا يُنَاسب هَذَا أَي يُقَارِبه
شبها واعتنى بتصانيف الْخَطِيب المتفرقة فَجمع شتات مقاصدها،
الاعتناء: الإهتمام بالشَّيْء والاحتفال بِهِ، وَيُقَال: شت
شتا إِذا تفرق وَالِاسْم الشتات
(1/218)
وَضم إِلَيْهَا أَي إِلَى مَا اشْتَمَلت
على تِلْكَ الْكتب من غَيرهَا نخب فوائدها أَي زبد فَوَائِد
تصانيف / غَيرهَا. وَالضَّم: الْجمع بَين شَيْئَيْنِ فَأكْثر.
والنخب: جمع نخبة وَهِي الشَّيْء الْمُخْتَار، وَيُقَال: هُوَ
نخبة قومه أَي خيارهم، وَهُوَ نخيب الْقَوْم. وانتخبه انتزعه.
والفوائد: فواعل غير منصرف جمع فَائِدَة، من الْفَوَائِد
لِأَنَّهَا تفعل بِهِ، أَو من الفيد لَا من الفود وَهِي لُغَة:
مَا اسْتُفِيدَ من علم أَو مَال. وَعبر عَنهُ بَعضهم بقوله:
الزِّيَادَة تحصل للْإنْسَان، اسْم فَاعل من فادت لَهُ
فَائِدَة فيداً، وأفيدته أَعْطيته، وأفدت مِنْهُ أخذت، وَعرفا
كل نَافِع ديني أَو دُنْيَوِيّ.
فَاجْتمع فِي كِتَابه مَا تفرق فِي غَيره فِي الْكتب
الْكَبِيرَة والمتكثرة فَلهَذَا عكفت النَّاس أهل الحَدِيث
عَلَيْهِ أَي أَقبلُوا عَلَيْهِ،
(1/219)
وَاشْتَغلُوا بِهِ والعكوف: لإقبال على
الشَّيْء وملازمته على سَبِيل التَّعْظِيم لَهُ.
وَسَارُوا بسيره أَي مَشوا على طَرِيقَته فَلَا (يُحْصى) كم
ناظم لَهُ كالحافظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ - جدنا الْأَعْلَى
من قبل الْأُم - فِي ألفيته الْمَشْهُورَة، الَّتِي هِيَ
الْمرجع فِي هَذَا الشَّأْن ومختصر لَهُ كالنووي اخْتَصَرَهُ
مرَّتَيْنِ سمى أحد الْكِتَابَيْنِ " التَّقْرِيب " وَالْآخر "
الْإِرْشَاد "، وَابْن كثير
(1/220)
اخْتَصَرَهُ وأضاف إِلَيْهِ الْكثير
ومستدرك عَلَيْهِ كمغلطاي فِي كِتَابه " إصْلَاح ابْن الصّلاح
" وَالْإِمَام البُلْقِينِيّ فِي كِتَابه " محَاسِن
الِاصْطِلَاح " ومقتصر ومعارض لَهُ كالبلقيني ومنتصر كالعراقي
فِي نكته.
فَسَأَلَنِي من السُّؤَال وَهُوَ: طلب الْأَدْنَى من /
الْأَعْلَى بعض الإخوان
(1/221)
جمع أَخ، وَأَصله المشارك لآخر فِي
الْولادَة، ثمَّ استعير للمشارك فِي دين، أَو حِرْفَة، أَو
مَوَدَّة كَمَا هُنَا، أَن ألخص لَهُم من التَّلْخِيص وَهُوَ:
اسْتِيفَاء الْمَقَاصِد بِكَلَام موجز المهم من ذَلِك فلخصته
فِي أوراق لَطِيفَة أَي قَليلَة الحجم، وَلَو عبر بورقات كَانَ
أولى لِأَنَّهَا دون الْعشْرَة، وَالْوَرق: الكاغد كَذَا
ذَكرُوهُ، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: وَهَذَا لم يُوجد فِي
الْكَلَام الْقَدِيم، بل الْوَرق اسْم لجلود رقاق يكْتب فِيهَا
وَهِي مستعارة من ورق الشّجر.
وَقَالَ لخصت وَلم يقل اختصرت لِأَن الِاخْتِصَار أَعم من
التَّلْخِيص، فَتَارَة يكون اختصاراً على بعض الأَصْل مَعَ عدم
اسْتِيفَاء الْمَقَاصِد وَغَيرهَا بِكَلَام موجز، وَتارَة يكون
مَعَ اسْتِيفَاء، وَالْمُصَنّف لم يسْتَوْف.
سميتها نخبة الْفِكر فِي مصطلح أهل الْأَثر أَي سميتها لمجموع
الْمَوْصُوف وَالصّفة. والفكر بِفَتْح فَكسر جمع فكر
بِالْكَسْرِ، وَهُوَ تردد
(1/222)
الْقلب بِالنّظرِ والتدبر لطلب الْمعَانِي،
أَو تَرْتِيب أُمُور فِي الذِّهْن ليتوصل بهَا إِلَى مَطْلُوب.
والأثر بحركة الحَدِيث على تَرْتِيب ابتكرته أَي اخترعته.
والابتكار: اتِّخَاذ الشَّيْء على غير مِثَال سبق وسبيل
انتهجته أَي طَرِيق وضحته وأبنته فَصَارَ متبينا مَعَ مَا ضممت
إِلَيْهِ من شوارد الْفَوَائِد جمع شارد وَهِي النافرة،
وَالْمرَاد بهَا هُنَا: مَا ذكر فِي غير مظنته. وبزوائد
الفرائد جمع فريد، وَهِي وَاسِطَة العقد الْمُنْفَرد فِي
حسنها.
(1/223)
فَرغب إِلَى ثَانِيًا أَي أَرَادَ مني بعد
أَن أَجَبْته / أَولا بِوَضْع الْمَتْن أَن أَضَع عَلَيْهِ
شرحاً يحل رموزها جمع رمز وَهُوَ: التلطف فِي الإفهام
وَالْإِشَارَة إِلَى أصُول الْكَلَام وَيفتح كنوزها أَي يزِيل
المغلق عَن فوائدها المدخرة المستورة ويوضح مَا خَفِي على
الْمُبْتَدِي أَي فِي معرفَة اصْطِلَاح أهل الحَدِيث.
والمبتدي: من حصل شَيْئا مَا من الْفَنّ. والمنتهي: من حصل
مِنْهُ أَكْثَره وَصلح لإفادته، وَقيل: من شرع فِي فن فَإِن لم
يشْتَغل بتصور مسَائِل فمبتد، وَإِلَّا فمنته إِن استحضر غَالب
أَحْكَامه وَأمكنهُ الِاسْتِدْلَال، وَإِلَّا فمتوسط.
وَقيل: الْمُبْتَدِي هُوَ الَّذِي لم يسند شَيْئا والمنتهي
هُوَ الَّذِي يسند. ذكره البقاعي.
(1/224)
من ذَلِك أَي بكشفه لَهُ فأجبته إِلَى
سُؤَاله أَي وافقته عَلَيْهِ، والإجابة الْمُوَافقَة على بذله
الْمَطْلُوب، وَعبارَة المُصَنّف تَقْتَضِي أَنه كتب بعض
الْمَتْن بعد أَن شرع فِي الشَّرْح وَذَلِكَ لَا يغْفل، نبه
عَلَيْهِ الشَّيْخ قَاسم حَيْثُ قَالَ: قَوْله فِي الْمَتْن
فَسَأَلَنِي بعض الإخوان أَن ألخص لَهُم المهم من ذَلِك
وَقَالَ فِي الشَّرْح فلخصته ... ... إِلَى أَن قَالَ: فَرغب
إِلَيّ ثَانِيًا أَن أَضَع عَلَيْهَا شرحاً ثمَّ قَالَ فِي
الْمَتْن: فأجبته إِلَى سُؤَاله ثمَّ قَالَ: فيلوح من هَذَا
كُله تنكيت على المُصَنّف وَهُوَ أَن عبارَة الْمَتْن بِحَسب
مَا شرحت تفِيد أَنه كتب بعض الْمَتْن بعد الشَّرْح / رَجَاء
الاندراج فِي تِلْكَ المسالك أَي فِي مَسْلَك من اختصر
وَاقْتصر والرجاء: توقع حُصُول مَحْبُوب عَن قرب. والاندراج:
الدُّخُول فِي زمرة الْقَوْم. والمسالك: جمع مَسْلَك وَهُوَ
الطَّرِيق.
فبالغت فِي شرحها فِي الْإِيضَاح والتوجيه أَي بذلت الْجهد فِي
(1/225)
ذَلِك ونبهت على خبايا زواياها فَإِن صَاحب
الْبَيْت أدرى بِمَا فِيهِ، وَظهر لي أَن إِيرَاده أَي
الشَّرْح على صُورَة الْبسط أليق من الِاخْتِصَار ودمجها أَي
النخبة الَّتِي هِيَ الْمَتْن ضمن توضيحها وَهُوَ الشَّرْح
أوفق للمشتغل بمطالعتها، وقراءتها، وإقرائها، والدمج: إِدْخَال
الشَّيْء فِي الشَّيْء بِحَيْثُ يحصل الامتزاج فسلكت هَذَا
الطَّرِيق القليلة السالك فَأَقُول طَالبا من الله التَّوْفِيق
فِيمَا هُنَاكَ والتوفيق: جعل الله فعل عَبده مُوَافقا
للصَّوَاب.
وَيفهم من كَلَامه أَنه سمى الشَّرْح توضيح النخبة، وَأَن بعض
الْخطْبَة تقدم على وضع الشَّرْح وَالْبَعْض تَأَخّر.
(1/226)
|