تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ط الكتب الحديثة

النوع الخامس والعشرون:كتابة الحديث وضبطه وفيه مسائل:
-------------------
النوع الخامس والعشرون: كتابة الحديث وضبطه وفيه مسائل:

 

ج / 2 ص -65-   إحداها: اختلف السلف في كتابة الحديث فكرهها طائفة وأباحها طائفة ثم أجمعوا على جوازها وجاء في الإباحة والنهي حديثان
-----------------------
إحداها: اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة الحديث فكرهها طائفة منهم ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن عباس وآخرون.
وأباحها طائفة وفعلوها منهم عمر وعلي وابنه الحسن وابن عمرو وأنس وجابر وابن عباس وابن عمر أيضا والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر ابن عبد العزيز.
وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين منهم أبو قلابة وأبو المليح ومن ملح قوله فيه يعيبون علينا أن نكتب العلم وندونه وقد قال الله عز وجل:
{عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى}.
قال البلقيني: وفي المسألة مذهب ثالث حكاه الرامهرمزي وهو الكتابة والمحو بعد الحفظ ثم أجمعوا بعد ذلك على جوازها وزال الخلاف.
قال ابن الصلاح: ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة.
وجاء في الإباحة والنهي حديثان فحديث النهي: ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه. وحديث الإباحة قوله صلى الله

 

ج / 2 ص -66-   . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
-----------------------
عليه وسلم:
" اكتبوا لأبي شاه " متفق عليه.
وروى أبو داود والحاكم وغيرهما عن ابن عمرو قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك الشيء فأكتبه. قال: نعم. قال: في الغضب والرضا ؟ قال:
" نعم فإني لا أقول فيهما إلا حقا ".
قال أبو هريرة: ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عليه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب. رواه البخاري.
وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" استعن بيمينك " وأومأ بيده إلى الخط.
واسند الرامهرمزي عن رافع بن خديج قال: قلت: يا رسول الله إنا نسمع منك اشياء أفنكتبها ؟ قال
: "اكتبوا ذلك ولا حرج ".
وروى الحاكم وغيره من حديث أنس وغيره موقوفا: " قيدوا العلم بالكتاب ".

 

ج / 2 ص -67-   فالإذن لمن خيف نسيانه والنهي لمن أمن وخيف اتكاله أو نهي حين خيف اختلاطه بالقرآن وأذن حين أمن.
------------------------
وأسند الديلمي عن علي مرفوعا:
"إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بسنده " وفي الباب حديث غير ذلك.
وقد اختلف في الجمع بينها وبين حديث أبي سعيد السابق كما أشار إليه المصنف بقوله: فالإذن لمن خيف نسيانه والنهي لمن أمن النسيان ووثق بحفظه وخيف اتكاله على الخط إذا كتب فيكون النهي مخصوصا وقد أسند ابن الصلاح هنا عن الأوزاعي أنه كان يقول كان هذا العلم كريما يتلقاه الرجال بينهم فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله.
أو نهى عنه حين خيف اختلاطه بالقرآن وأذن فيه حين أمن ذلك فيكون النهي منسوخا وقيل: المراد النهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية فربما كتبوه معها فنهوا عن ذلك لخوف الاشتباه.
وقيل: النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه والأذن في غيره ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وقال الصواب وقفه عليه قاله البخاري وغيره.
وقد روى البيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيهاثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال إني كنت أردت أن أكتب السنن وأني ذكرت قوما كانوا قبلكم،

 

ج / 2 ص -68-   ثم على كاتبه صرف الهمة إلى ضبطه وتحقيقه شكلا ونقطا يؤمن اللبس ثم قيل: إنما يشكل المشكل ونقل عن أهل العلم كراهة الإعجام
--------------------
كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا.
ثم على كاتبه صرف الهمة إلى ضبطه وتحقيقه شكلا ونقطا يؤمن معهما اللبس ليؤديه كما سمعه قال الأوزاعي: نور الكتاب إعجامه. قال الرامهرمزي: أي نقطه أن يبين التاء من الياء والحاء من الخاء .قال والشكل تقييد الإعراب.
وقال ابن الصلاح: إعجام المكتوب يمنع من استعجامه وشكله يمنع من إشكاله قال وكثيرا ما يعتمد الواثق على ذهنه وذلك وخيم العاقبة فإن الإنسان معرض للنسيان انتهى.
وقد قيل: إن النصارى كفروا بلفظة أخطؤا في إعجامها وشكلها قال الله في الإنجيل لعيسى أنت نبيى ولدتك من البتول فصحفوها وقالوا أنت بنيي ولدتك – مخففا.
وقيل: أول فتنة وقعت في الإسلام سببها ذلك أيضا وهي فتنة عثمان رضي الله عنه فإنه كتب للذي أرسله أميرا إلى مصر إذا جاءكم فاقبلوه فصفحوها فاقتلوه فجرى ما جرى.
وكتب بعض الخلفاء إلى عامل له ببلد أن أحص المخنثين أي بالعدد فصحفها بالمعجمة فخصاهم.
ثم قيل: إنما يشكل المشكل ونقل عن أهل العلم كراهية الإعجام أي النقط

 

ج / 2 ص -69-   والإعراب إلا في الملتبس وقيل يشكل الجميع الثانية ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر
------------------------
والإعراب أي الشكل إلا في الملتبس إذ لا حاجة إليهما في غيره وقيل يشكل الجميع قال القاضي عياض وهو الصواب لا سيما للمبتدى وغير المتبحر في العلم فإنه لا يميز ما يشكل مما لا يشكل ولا صواب وجه إعراب الكلمة من خطئه.
قال العراقي: وربما ظن أن شىء غير مشكل لوضوحه وهو في الحقيقة محل نظر محتاج إلى الضبط وقد وقع بين العلماء خلاف في مسائل مرتبة على إعراب الحديث كحديث ذكاة الجنين ذكاة أمه فاستدل به الجمهور على أنه لا تجب ذكاة الجنين بناء على رفع ذكاة أمه ورجح الحنفية الفتح على التشبيه أي يذكى مثل ذكاة أمه.
الثانية: ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر فإنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل ولا بعد.
قال أبو إسحاق النجيرمي أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس لأنه لا يدخله القياس ولا قبله ولا بعده شيء يدل عليه.
وذكر أبو علي الغساني أن عبد الله بن إدريس قال لما حدثني شعبة بحديث الحوراء عن الحسن بن علي كتب تحته: حور عين. لئلا أغلط

 

ج / 2 ص -70-   ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته.
ويستحب تحقيق الخط دون مشقة وتعليقه ويكره تدقيقه
----------------------
فأقرأه أبو الجوزاء بالجيم والزاي ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه أيضا مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته فإن ذلك أبلغ لأن المضبوط في نفس الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه أو تحته لا سيما عند ضيقها ودقة الخط.
قال العراقي: وأوضح من ذلك أن يقطع حروف الكلمة المشكلة في الهامش لأنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف كالنون والياء التحتية بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها.
قال ابن دقيق العيد: في الاقتراح ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا.
ويستحب تحقيق الخط دون مشقة وتعليقه قال ابن قتيبة: قال عمر بن الخطاب: شر الكتابة المشق وشر القراءة الهذرمة وأجود الخط أبينه انتهى.
والمشق سرعة الكتابة ويكره تدقيقه أي الخط لأنه لا ينتفع به من في نظره ضعف وربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به.

 

ج / 2 ص -71-   إلا من عذر: كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه وينبغي ضبط الحروف المهملة قيل: تجعل تحت الدال والراء والسين والضاد والطاء والعين النقط التي فوق نظائرها.
وقيل: فوقها كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها وقيل: تحتها حرف صغير مثلها
-------------------------
وقد قال أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق ورآه يكتب خطا دقيقا لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك.
إلا من عذر كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه وينبغي ضبط الحروف المهملة أيضا .
قال البلقيني: يستدل لذلك بما رواه المرزباني وابن عساكر عن عبيد بن أوس الغساني قال: كتبت بين يدي معاوية كتابا فقال لي: يا عبيد أرقش كتابك فإني كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاوية أرقش كتابك. قلت: وما رقشه يا أمير المؤمنين ؟ قال: أعط كل حرف ما ينوبه من النقط.
قال البلقيني: فهذا عام في كل حرف ثم اختلف في كيفية ضبطها قيل: يجعل تحت الدال والراء والسين والصاد والطاء والعين النقط التي فوق نظائرها واختلف على هذا في نقط السين من تحت فقيل: كصورة النقط من فوق وقيل: لا بل يجعل من فوق كالأثافي ومن تحت مبسوطة صفا وقيل: يجعل فوقها أي المهملات المذكورة صورة هلال كقلامة الظفر مضجعة على قفاها ، وقيل: يجعل تحتها حرف صغير مثلها ويتعين ذلك في الحاء ، قال القاضي: عياض وعليه عمل أهل المشرق والأندلس.

 

ج / 2 ص -72-   وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير. وفي بعض تحتها همزة ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه برمز لا يعرفه الناس وإن فعل فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده وأن يعتني بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه على رواية. ثم ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية
-----------------------
أو وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير كفتحة وقيل كهمزة وفي بعضها تحتها همزة فهده خمس علامات.
فائدة:
لم يتعرض أهل هذا لفن للكاف واللام وذكرهما أصحاب التصانيف في الخط فالكاف: إذا لم تكتب مبسوطة تكتب في بطنها كاف صغيرة أو همزة واللام يكتب في بطنها لام أي هذه الكلمة بحروفها الثلاثة لا صورة ل ويوجد ذلك كثيرا في خط الأدباء والهاء آخر الكلمة يكتب عليها هاء مشقوقة تميزها من هاء التأنيث التي في الصفات ونحوها والهمزة المكسورة هل تكتب فوق الألف والكسرة أسفلها أو كلاهما أسفل ؟ اصطلاحان للكتاب والثاني أصح.
ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه في كتابه برمز لا يعرفه الناس فيوقع غيره في حيرة فهم مراده فإن فعل ذلك فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده وينبغي أن يعتنى بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه موصولا على رواية واحدة عند ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية أو

 

ج / 2 ص -73-   نقص أعلم عليه أو خلاف كتبه معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا إلا أن يبين أول الكتاب أو آخره واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة فالزيادة تلحق بحمرة والنقص يحوق عليه بحمرة مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره.
الثالثة: ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة نقل ذلك عن جماعات من المتقدمين واستحب الخطيب أن تكون غفلا فإذا قابل نقط وسطها،
--------------------------
نقص أعلم عليه أو خلاف كتبه معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا له بحرف أو بحرفين من اسمه إلا أن يبين أول الكتاب أو آخره مراده بتلك الرموز واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة فالزيادة تلحق بحمرة والنقص يحوق عليه بحمرة مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره هذا الفرع كله ذكره ابن الصلاح عقب مسألة الضرب والمحو قدمه المصنف هنا للمناسبة مع الاختصار.
الثالثة: ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة للفصل بينهما نقل ذلك عن جماعات من المتقدمين كأبي الزناد وأحمد بن حنبل وإبراهيم الحربي وابن جرير واستحب الخطيب أن تكون الدارات غفلا فإذا قابل نقط وسطها أي نقط وسط كل دائرة عقب الحديث الذي يخلو منه أو خط في وسطها خطا قال وقد كان بعض أهل العلم لا يعتد من سماعه إلا بما كان كذلك أو في معناه.

 

ج / 2 ص -74-   ويكره في مثل عبد الله وعبد الرحمن بن فلان كتابة عبد آخر السطر واسم الله مع ابن فلان أول الآخر وكذا يكره رسول آخره والله صلى الله عليه وسلم أوله وكذا ما أشبهه وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يسأم من تكراره ومن أغفله حرم حظا عظيما
------------------------
ويكره في مثل عبد الله وعبد الرحمن بن فلان وكل اسم مضاف إلى الله تعالى كتابة عبد آخر السطر واسم الله مع ابن فلان أول الآخر وأوجب اجتناب مثل ذلك ابن بطة والخطيب ووافق ابن دقيق العيد على أن ذلك مكروه لا حرام وكذا يكره في رسول الله أن يكتب رسول آخره والله صلى الله عليه وسلم أوله وكذا ما أشبهه من الموهمات والمستشنعات كأن يكتب قاتل من قوله قاتل ابن صفية في النار في آخر السطر وابن صفية في أوله أو يكتب فقال من قوله في حديث شارب الخمر فقال عمر أخزاه الله ما أكثر ما يؤتى به آخره وما بعده أوله ولا يكره فصل المتضايفين إذا لم يكن فيه مثل ذلك كسبحان الله العظيم يكتب سبحان آخر السطر والله العظيم أوله مع أن جمعهما في سطر واحد أولى.
وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما ذكر ولا يسأم من تكراره فإن ذلك من أكثر الفوائد التي يتعجلها طالب الحديث ومن أغفله حرم حظا عظيما فقد قيل في قوله صلى الله عليه وسلم إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة صححه ابن حبان إنهم أهل الحديث لكثرة ما يتكرر ذكره في الرواية فيصلون عليه وقد أوردوا في ذلك حديث من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر

 

ج / 2 ص -75-   ولا يتقيد فيه بما في الأصل إن كان ناقصا
-------------------------
له ما دام اسمي في ذلك الكتاب وهذا الحديث وإن كان ضعيفا فهو مما يحسن إيراده في هذا المعنى ولا يلتفت إلى ذكر ابن الجوزي له في الموضوعات فإن له طرقا تخرجه عن الوضع وتقتضي أن له أصلا في الجملة فأخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة وأبو الشيخ الأصبهاني والديلمي من طريق أخرى عنه وابن عدي من حديث أبي بكر الصديق والأصبهاني في ترغيبه من حديث ابن عباس وأبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديث عائشة.
وذكر البلقيني في محاسن الاصطلاح هنا عن فضل الصلاة للتجيبي قال: جاء بإسناد صحيح من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن أنس يرفعه إذا كان يوم القيامة جاء أصحاب الحديث وبأيديهم المحابر فيرسل الله إليهم جبريل فيسألهم من أنتم وهو أعلم، فيقولون أصحاب الحديث. فيقول: ادخلوا الجنة طالما كنتم تصلون على نبيي في دار الدنيا.
وهذا الحديث رواه الخطيب عن الصوري عن ابن الحسين بن جميع عن محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي عن الطبراني عن الزبير عن عبد الرزاق به وقال إنه موضوع والحمل فيه على الرقي قلت له طريق غير هذه عن أنس أوردها الديلمي في مسند الفردوس وقد ذكرتها في مختصر الموضوعات.
تنبيه:
ينبغي أن يجمع عند ذكره صلى الله عليه وسلم بين الصلاة عليه بلسانه وبنانه ذكره التجيبي ولا يتقيد فيه أي ما ذكر من كتابة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بما في الأصل إن كان ناقصا بل يكتبه ويتلفظ به عند القراءة مطلقا

 

ج / 2 ص -76-   وكذا الثناء على الله سبحانه وتعالى كعز وجل وشبهه وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به أشد ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم
--------------------------
لأنه دعاء لا كلام يرويه وإن وقع في ذلك الإمام أحمد مع أنه كان يصلي نطقا لا خطا فقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين ومال إلى صنيع أحمد وابن دقيق العيد فقال ينبغي أن تصحبها قرينة تدل على ذلك كرفع رأسه عن النظر في الكتاب وينوي بقلبه أنه هو المصلي لا حاك لها عن غيره وقال عباس العنبري وابن المديني ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في حديث حتى نرجع إليه وكذا ينبغي المحافظة على الثناء على الله سبحانه وتعالى كعز وجل وسبحانه وتعالى وشبهه وإن لم يكن في الأصل .
قال المصنف زيادة على ابن الصلاح: وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار قال المصنف في شرح مسلم وغيره ولا يستعمل عز وجل ونحوه في النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان عزيزا جليلا ولا الصلاة والسلام في الصحابة استقلالا ويجوز تبعا وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به في الكتاب أشد وأكثر ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا.
وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى: { صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } وإن وقع ذلك في خط الخطيب وغيره.
قال حمزة الكتاني: كنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة دون السلام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: مالك لا تتم

 

ج / 2 ص -77-   والرمز إليهما في الكتابة بل يكتبهما بكمالهما.
الرابعة: عليه مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة،
------------------------
الصلاة علي و يكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب صلعم بل يكتبهما بكمالهما ويقال إن أول من رمزهما بصلعم قطعت يده.
الرابعة: عليه وجوبا كما قال عياض: مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة فقد روى ابن عبد البر وغيره عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج وقال عروة بن الزبير لابنه هشام كتبت قال نعم قال عرضت كتابك قال لا قال لم تكتب أسنده البيهقي في المدخل.
وقال الأخفش: إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم نسخ ولم يعارض خرج أعجميا قال البلقيني وفي المسألة حديثان مرفوعان:
أحدهما: من طريق عقيل عن ابن شهاب عن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبيه عن جده قال كنت أكتب الوحي عند النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فرغت قال اقرأ فأقرؤه فإن كان فيه سقط أقامه ذكره المرزباني في كتابه.
الحديث الثاني: ذكره السمعاني في أدب الإملاء من حديث عطاء بن يسار قال كتب رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له كتبت ؟ قال: نعم ، قال: عرضت قال: لا ؟ قال: لم تكتب حتى تعرضه فيصح قال: وهذا أصرح في المقصود إلا أنه مرسل انتهى.
قلت: الحديث الأول رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثوقون

 

ج / 2 ص -78-   وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع ويستحب أن ينظر معه من لا نسخة معه لا سيما إن أراد النقل من نسخته وقال يحيى بن معين لا يجوز أن يروي من غيراصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع والصواب الذي قاله الجماهير أنه لا يشترط نظره ولا مقابلته بنفسه بل يكفي مقابله ثقة أي وقت كان ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ فإن لم يقابل أصلا فقد أجاز له الرواية منه
---------------------------
وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع وما لم يكن كذلك فهو أنقص رتبة وقال أبو الفضل الجارودي أصدق المعارضة مع نفسك وقال بعضهم لا يصح مع أحد غير نفسه ولا يقلد غيره حكاه عياض عن بعض أهل التحقيق.
قال ابن الصلاح: وهو مذهب متروك والقول الأول اولى ويستحب أن ينظر معه فيه من لا نسخة معه من الطلبة حال السماع لا سيما إن أراد النقل من نسخته وقال يحيى بن معين لا يجوز للحاضر بلا نسخة أن يروى من غير أصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع.
قال ابن الصلاح: وهذا من مذاهب أهل التشديد والصواب الذي قاله الجمهور أنه لا يشترط في صحة السماع نظره و أنه لا يشترط مقابلته بنفسه بل تكفي مقابلة ثقة له أي وقت كان حال القراءة أو بعدها ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ لأن الغرض مطابقة كتابه لأصل شيخه فسواء حصل ذلك بواسطة أو غيرها فإن لم يقابل كتابه بالأصل ونحوه أصلا فقد أجاز له الرواية منه والحالة

 

ج / 2 ص -79-   الأستاذ أبو إسحاق وآباء بكر الإسماعيلي والبرقاني والخطيب إن كان الناقل صحيح النقل قليل السقط ونقل من الأصل وبين حال الرواية أنه لم يقابل ويراعى في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا في كتابه ولا يكن كطائفة إذا رأوا سماعه لكتاب سمعوا من أي نسخة اتفقت وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي:
الخامسة: المختار في تخريج الساقط وهو اللحق بفتح اللام والحاء أن يخط من موضع سقوطه
-------------------------
هذه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني وآباء بكر بلفظ الجمع في أباء وهم الإسماعيلي والبرقاني والخطيب بشروط ثلاثة إن كان الناقل للنسخة صحيح النقل قليل السقط و إن كان نقل من الأصل و إن بين حال الرواية أنه لم يقابل ذكر الشرط الأخير فقط الإسماعيلي وهو مع الثاني الخطيب والأول ابن الصلاح.
وأما القاضي عياض فجزم بمنع الرواية عند عدم المقابلة وإن اجتمعت الشروط ويراعى في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا أي يراعيه في كتابه ولا يكن كطائفة من الطلبة إذا أرادوا سماعه أي الشيخ لكتاب سمعوا عليه ذلك الكتاب من أي نسخة اتفقت وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي.
الخامسة: المختار في كيفية تخرج الساقط في الحواشي وهو اللحق بفتح اللام والحاء المهملة يسمى بذلك عند أهل الحديث والكتابة أخذا من الإلحاق أو من الزيادة فإنه يطلق على كل منهما لغة أن يخط من موضع سقوطه

 

ج / 2 ص -80-   في السطر خطا صاعدا معطوفا بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة اللحق وقيل يمد العطفة إلى أول اللحق ويكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية اليمنى إن اتسمت إلا أن يسقط في آخر السطر فيخرجه إلى الشمال
--------------------
في السطر خطا صاعدا إلى فوق معطوفا بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق وقيل يمد العطفة من موضع التخريج إلى أول اللحق واختاره ابن خلاد.
قال ابن الصلاح: وهو غير مرضي لأنه وإن كان فيه زيادة بيان فهو تسخيم للكتاب وتسويد له لا سيما عند كثرة الإلحاقات.
قال العراقي: إلا أن لا يكون مقابله خاليا ويكتب في موضع آخر فيتعين حينئذ جر الخط إليه أو يكتب قبالته يتلوه كذا وكذا في الموضع الفلاني ونحو ذلك لزوال اللبس ويكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية اليمنى إن اتسعت له لاحتمال أن يطرأ في بقية السطر سقط آخر فيخرج له إلى جهة اليسار فلو خرج للأولى إلى اليسارثم ظهر في السطر سقط آخر فإن خرج له إلى اليسار أيضا اشتبه موضع هذا بموضع ذاك وإن خرج للثاني إلى اليمين تقابل طرفا التخريجتين وربما التقيا لقربهما فيظن أنه ضرب على ثانيتهما إلا أن يسقط في آخر السطر فيخرجه إلى جهة الشمال.
قال القاضي عياض: لا وجه لذلك لقرب التخريج من اللحق وسرعة لحاق الناظر به ولأنه أمن نقص حديث بعده.
قال العراقي: نعم إن ضاق ما بعد آخر السطر لقرب الكتابة من طرف الورق أو لضيقه بالتجليد بأن يكون السقط في الصفحة اليمنى فلا بأس

 

ج / 2 ص -81-   وليكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة فإن زاد اللحق على سطر ابتدأ سطوره من اعلى إلى أسفل فإن كان في يمين الورقة انتهت إلى باطنها وإن كان في الشمال فإلى طرفها ثم يكتب في انتهاء اللحق صح.
وقيل: يكتب مع صح رجع وقيل يكتب الكلمة المتصلة به داخل الكتاب وليس بمرضي لأنه تطويل موهم.
-------------------------
حينئذ بالتخريج إلى جهة اليمين وقد رأيت ذلك في خط غير واحد من أهل العلم. انتهى.
وليكتبه أي الساقط صاعدا إلى أعلى الورقة من أي جهة كان لاحتمال حدوث سقط حرف آخر فيكتب إلى أسفل فإن زاد اللحق على سطر ابتدأ سطوره من أعلى إلى أسفل فإن كان التخريج في يمنى الورقة انتهت الكتابة إلى باطنها وإن كان في جهة الشمال فإلى طرفها تنتهي الكتابة إذ لو لم يفعل ذلك لا نتقل إلى موضع آخر بكلمة تخريج أو اتصال ثم يكتب في انتهاء اللحق بعده صح فقط وقيل يكتب مع صح رجع وقيل يكتب الكلمة المتصلة داخل الكتاب ليدل على أن الكلام انتظم وليس بمرضي لأنه تطويل موهم لأنه قد يجيء في الكلام ما هو مكرر مرتين وثلاثا لمعنى صحيح فإذا كررنا الحرف لم نأمن أن يوافق ما يتكرر حقيقة أو يشكل أمره فيوجب ارتيابا وزيادة إشكال.
قال عياض: وبعضهم يكتب انتهى اللحق قال والصواب صح هذا كله في التخريج الساقط.

 

ج / 2 ص -82-   وأما الحواشي من غير الأصل كشرح وبيان غلط أو اختلاف رواية أو نسخة ونحوه فقال القاضي عياض لا يخرج له خط والمختار استحباب التخريج من وسط الكلمة المخرج لأجلها.
السادسة: شأن المتقنين التصحيح والتضبيب والتمريض.
فالتصحيح كتابة صح على كلام صح رواية ومعنى وهو عرضة للشك أو الخلاف والتضبيب ويسمى التمريض أن يمد خط أوله كالصاد
--------------------
وأما الحواشي المكتوبة من غير الأصل كشرح وبيان غلط أو اختلاف في رواية أو نسخة ونحوه فقال القاضي عياض الأولى أنه لا يخرج له خط لأنه يدخل اللبس ويحسب من الأصل بل يجعل على الحرف ضبة أو نحوها تدل عليه.
قال ابن الصلاح: والمختار استحباب التخريج لذلك أيضا ولكن من على وسط الكلمة المخرج لأجلها لا بين الكلمتين وبذلك يفارق التخريج للساقط.
السادسة: شأن المتقنين من الحذاق التصحيح والتضبيب والتمريض مبالغة في العناية بضبط الكتاب فالتصحيح كتابة صح على كلام صح رواية ومعنى وهو عرضة للشك فيه او الخلاف فيكتب ذلك الوجه ليعرف أنه لم يغفل عنه وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه والتضبيب ويسمى أيضا التمريض أن يمد على الكلمة خط أوله كالصاد هكذا ص وفرق بين الصحيح والسقيم حيث كتب على الأول حرف كامل لتمامه وعلى الثاني حرف ناقص ليدل نقص الحرف على اختلاف الكلمة ويسمى ذلك ضبة لكون الحرف مقفلا بها،

 

ج / 2 ص -83-   ولا يلزق بالممدود عليه يمد على ثابت نقلا فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو ناقص ومن الناقص موضع الإرسال أو الانقطاع وربما اختصر بعضهم علامة التصحيح فأشبهت الضبة ويوجد في بعض الأصول القديمة في الإسناد الجامع جماعة معطوفا بعضهم على بعض علامة تشبه الضبة بين أسمائهم وليست ضبة وكأنها علامة اتصال.
------------------------
لا يتجه لقراءة كضبة الباب يقفل بها.
نقله ابن الصلاح عن أبي القاسم الإفليلي اللغوي: ولا يلزق التضبيب بالممدود عليه لئلا يظن ضربا، وإنما يمد هذا التضبيب على ثابت نقلا فاسدا لفظا أو معنى أو خطأ من الجهة العربية أو غيرها أو مصحف او ناقص فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل وأن الرواية ثابتة به لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح ومن الناقص الذي يضبب عليه موضع الإرسال أو الانقطاع في الإسناد وربما اختصر بعضهم علامة التصحيح فيكتبها هكذا ص فأشبهت الضبة ويوجد في بعض الأصول القديمة في الإسناد الجامع جماعة من الرواة في طبقة معطوفا بعضهم على بعض علامة تشبه الضبة فيما بين أسمائهم فيتوهم من لا خبرة له أنها ضبة وليست ضبة وكأنها علامة اتصال بينهم أثبت تأكيدا للعطف خوفا من أن يجعل عن مكان الواو

 

ج / 2 ص -84-   السابعة: إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي بالضرب أو الحك أو المحو أو غيره وأولاها الضرب ثم قال الأكثرون: يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله مختلطا به ولا يطمسه بل يكون ممكن القراءة ويسمى هذا الشق وقيل: لا يخلط
-------------------------
السابعة: إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي عنه إما بالضرب عليه أو الحك له أو المحو بأن تكون الكتابة في لوح أو رق أو ورق صقيل جدا في حال طراوة المكتوب.
وقد روي عن سحنون أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه أو غيره وأولاها الضرب.
فقد قال الرامهرمزي: قال أصحابنا: الحك تهمة. وقال غيره: كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر بخلاف ما إذا خط عليه وأوقفه رواية الأول وصح عند الآخر اكتفى بعلامة الآخر عليه بصحته ثم في كيفية هذا الضرب خمسة أقوال.
قال الأكثرون: يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله بكونه مختلطا به أي بأوائل كلماته ولا يطمسه بل يكون ما تحته ممكن القراءة ويسمى هذا الضرب عند أهل المشرق و الشق عند أهل المغرب وهو بفتح المعجمة وتشديد القاف.
من الشق وهو الصدع أو شق العصا وهو التفريق كأنه فرق بين الزائد وما قبله وبعده من الثابت بالضرب وقيل: هو النشق بفتح النون والمعجمة من نشق الظبي في حبالته علق فيها فكأنه أبطل حركة الكلمة وإعمالها بجعلها في وثاق يمنعها من التصرف وقيل: لا يخلط أي الضرب

 

ج / 2 ص -85-   بالمضروب عليه بل يكون فوقه معطوفا على أوله وآخره، وقيل: يحوق على أوله نصف دائرة وكذا آخره وإذا كثر المضروب عليه فقد يكتفى بالتحويق أوله وآخره وقد يحوق أول كل سطر وآخره.
ومنهم من اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ، وقيل: يكتب لا في أوله وإلى في آخره وأما الضرب على المكرر فقيل: يضرب على الثاني وقيل: يبقى أحسنهما صورة وأبينهما،
-------------------
بالمضروب عليه بل يكون فوقه منفصلا عنه معطوفا طرفا الخط على أوله وآخره مثاله هكذا وقيل هذا تسويد بل يحوق على أوله نصف دائرة وكذا على آخره بنصف دائرة أخرى مثاله هكذا و على هذا القول إذا كثر الكلام المضروب عليه فقد يكتفى بالتحويق أوله أو آخره فقط وقد يحوق أول كل سطر وآخره في الأثناء أيضا وهو أوضح ومنهم من استقبح ذلك أيضا و اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها وسماها صفرا لإشعارها بخلو ما بينهما من صحة ومثال ذلك هكذا ه وقيل يكتب لا في أوله او زائدا ومن وإلى آخره.
قال ابن الصلاح: ومثل هذا يحسن فيما سقط في رواية وثبت في رواية وعلى هذين القولين أيضا: إذا كثر المضروب عليه إما يكتفي بعلامة الإبطال أوله وآخره أو يكتب على أول كل سطر وآخره وهو أوضح هذا كله في زائد غير مكرر وأما الضرب على المكرر فقيل: يضرب على الثاني مطلقا دون الأول لأنه كتب على صواب فالخطأ أولى بالإبطال وقيل: يبقى أحسنهما صورة وأبينهما قراءة ويضرب على الآخر هكذا حكى ابن خلاد القولين من غير مراعاة لأوائل السطور وآخرها وللفصل بين المتضايفين ونحو ذلك.

 

ج / 2 ص -86-   وقال القاضي عياض إن كانا أول سطر ضرب على الثاني أو آخره فعلى الأول أو أول سطر وآخر آخر فعلى آخر السطر فإن تكرر المضاف والمضاف إليه أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما وأما الحك والكشط فكرهها أهل العلم.
الثامنة: غلب عليهم الاقتصار على الرمز في حدثنا وأخبرنا وشاع بحيث لا يخفى فيكتبون من حدثنا الثاء والنون والألف وقد تحذف الثاء ،
---------------------
وقال القاضي عياض: هذا إذا تساوت الكلمتان في المنازل بأن كانتا في اثناء السطر أما إن كانا أول سطر ضرب على الثاني أو آخره فعلى الأول يضرب صوتا لأوائل السطور وأواخرها.
 عن الطمس أو الثانية أول سطر و الأولى آخر سطر آخر فعلى آخر السطر لأن مراعاة أول السطر أولى فإن تكرر المضاف والمضاف إليه أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما بأن لا يضرب على المتكرر بينهما بل على الأول والموصوف أو الآخر في المضاف إليه والصفة لأن ذلك مضطر إليه للفهم فمراعاته أولى من مراعاة تحسين الصورة في الخط.
قال ابن الصلاح: وهذا التفصيل من القاضي حسين وأما الحك والكشط والمحو فكرهها أهل العلم كما تقدم.
الثامنة: غلب عليهم الاقتصار في الخط على الرمز في حدثنا وأخبرنا لتكررها وشاع ذلك وظهر بحيث لا يخفى ولا يلتبس فيكتبون من حدثنا الثاء والنون والألف ويحذفون الحاء والدال وقد تحذف الثاء

 

ج / 2 ص -87-   ومن أخبرنا: أنا ولا يحسن زيادة الباء قبل النون وإن فعله البيهقي وقد يزاد راء بعد الألف ودال أول رمز حدثنا ووجدت الدال في خط الحاكم وأبي عبد الرحمن السلمي والبيهقي،
-------------------------
أيضا ويقتصر على الضمير و يكتبون من أخبرنا أنا أي الهمزة والضمير ولا تحسن زيادة الباء قبل النون وإن فعله البيهقي وغيره لئلا تلتبس برمز حدثنا وقد تزاد راء بعد الألف قبل النون أو خاء كما وجد في خط المغاربة و قد تزاد دال أول رمز حدثنا ويحذف الحاء فقط ووجدت الدال المذكورة في خط الحاكم وأبي عبد الرحمن السلمي والبيهقي هكذا قال ابن الصلاح فالمصنف حاك كلامه أو رأى ذلك أيضا أو وجدت في كلامه مبنيا للمفعول.
تنبيه:
يرمز أيضا حدثني فيكتب ثنى أو دثنى دون أخبرني وأنبأنا وأنبأني وأما قال: فقال العراقي: منهم من يرمز لها بقاف ثم اختلفوا فبعضهم يجمعها مع أداة التحديث فيكتب قثنا يريد قال: حدثنا قال: وقد توهم بعض من رآها هكذا أنها لواو التي تأتي بعد حاء التحويل وليس كذلك وبعضهم يفردها فيكتب ق ثنا وهذا اصطلاح متروك.
وقال ابن الصلاح: جرت العادة بحذفها خطا ولا بد من النطق بها حال القراءة

 

ج / 2 ص -88-   وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من إسناد ح ولم يعرف بيانها عمن تقدم وكتب جماعة من الحفاظ موضعها صح فيشعر ذلك بأنها رمز صح وقيل من التحويل من إسناد إلى إسناد وقيل: لأنها تحول بين الإسنادين فلا تكون من الحديث ولا يلفظ عندها بشيء وقيل هي رمز إلى قولنا: الحديث وإن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها: الحديث والمختار أن يقول حاويمر
-------------------------
وسيأتي ذلك في الفرع التاسع من النوع الآتي.
وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر وجمعوا بينهما في متن واحد كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى إسناد [ح] مفردة مهملة ولم يعرف بيانها أي بيان أمرها عمن تقدم وكتب جماعة من الحفاظ كأبي مسلم الليثي وأبي عثمان الصابوني موضعها صح فيشعر ذلك بأنها رمز صح.
قال ابن الصلاح: وحسن إثبات صح هنا لئلا يتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط ولئلا يركب الإسناد الثاني على الإسناد الأول فيجعلا إسنادا واحدا وقيل هي حاء من التحويل من إسناد إلى إسناد وقيل هي حاء من حائل لأنها تحول بين إسنادين فلا تكون من الحديث كما قيل بذلك ولا يلفظ عندها بشيء.
وقيل: هي رمز إلى قولنا الحديث وإن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها الحديث والمختار أنه يقول عند الوصول إليها حاويمر.

 

ج / 2 ص -89-   التاسعة: ينبغي أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ ونسبه وكنيته ثم يسوق المسموع ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين وتاريخ السماع أو يكتبه في حاشية أول ورقة أو آخر الكتاب أو حيث لا يخفى منه وينبغي أن يكون بخط ثقة معروف الخط ولا بأس عند هذا بأن لا يصحح الشيخ عليه ولا بأس أن يكتب سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات،
---------------------------
التاسعة ينبغي في كتابة التسميع أن يكتب الطالب بعد البسملة اسم الشيخ المسمع ونسبته وكنيته.
قال الخطيب: وصورة ذلك حدثنا أبو فلان فلان بن فلان الفلاني قال: حدثنا فلان ثم يسوق المسموع على لفظه ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين وأنسابهم وتاريخ وقت السماع أو يكتبه في حاشية أول ورقة من الكتاب أو آخر الكتاب أو موضع آخر حيث لا يخفى منه والأول أحوط.
قال الخطيب: وإن كان السماع في مجالس عدة كتب عند انتهاء السماع في كل مجلس علامة البلاغ وينبغي أن يكون ذلك بخط ثقة معروف الخط ولا بأس عليه عند هذا بأن لا يصحح الشيخ عليه أي لا يحتاج حينئذ إلى كتابة الشيخ خطه بالتصحيح ولا بأس أن يكتب سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات.
قال ابن الصلاح: وقد قرأ عبد الرحمن بن منده جزءا على أبي أحمد الفرضي وسأله خطه ليكون حجة له فقال له يا بني عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد وتصدق فيما تقول وتنقل وإذا كان غير ذلك فلو قيل لك:

 

ج / 2 ص -90-   وعلى كاتب التسميع التحري وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ وجيز غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبته والحذر من إسقاط بعضهم لغرض فاسد فإن لم يحضر فله أن يعتمد في حضورهم خبر ثقة حضر ومن ثبت في كتابه سماع غيره فقبيح به كتمانه ومنعه نقل سماعه منه أو نسخ الكتاب وإذا أعاره فلا يبطئ عليه فإن منعه فإن كان
--------------------
ما هذا خط الفرضي ماذا تقول لهم وعلى كاتب التسميع التحري في ذلك والاحتياط وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبته والحذر من إسقاط بعضهم أي السامعين لغرض فاسد فإن ذلك مما يؤديه إلى عدم انتفاعه بما سمع فإن لم يحضر مثبت السماع ما سمع فله أن يعتمد في إثباته في حضورهم على خبر ثقة حضر ذلك ومن ثبت في كتابه سماع غيره فقبيح به كتمانه إياه ومنعه نقل سماعه منه أو نسخ الكتاب فقد قال وكيع اول بركة الحديث إعارة الكتب.
وقال سفيان الثوري: من بخل بالعلم ابتلى بإحدى ثلاث أن ينساه أو يموت ولا ينتفع به أو تذهب كتبه.
قلت: وقد ذم الله تعالى في كتابه مانع العارية بقوله ويمنعون الماعون وإعارة الكتب أهم من الماعون وإذا أعاره فلا يبطئ عليه بكتابه إلا بقدر حاجته.
قال الزهري: إياك وغلول الكتب وهو حبسها عن أصحابها، وقال الفضيل: ليس من فعال أهل الورع ولا من فعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتبه فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه فإن منعه إعارته فإن كان

 

ج / 2 ص -91-   سماعه مثبتا برضا صاحب الكتاب لزمه إعارته وإلا فلا كذا قاله أئمة مذاهبهم في أزمابهم منهم القاضي حفص بن غياث الحنفي وإسماعيل القاضي المالكي وأبو عبد الله الزبيري الشافعي وحكم به القاضيان والصواب الأول ،
-------------------------
سماعا مثبتا فيه برضا صاحب الكتاب أو بخطه لزمه إعارته وإلا فلا كذا قاله أئمة مذاهبهم في ازمانهم منهم القاضي حفص بن غياث الحنفي من الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة واسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي إمام أصحاب مالك وأبو عبيد الله الزبيري الشافعي وحكم به القاضيان الأولان أما حكم حفص فروى الرامهرمزي أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منعه إياه فتحا كما إليه فقال جوز الكتاب أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك وما كان بخطه أعفيناك منه.
قال الرامهرمزي: فسألت أبا عبد الله الزبيدي عن هذا فقال لا يجيء في هذا الباب حكم أحسن من هذا لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه واما حكم إسماعيل فروى الخطيب انه تحوكم إليه في ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه إن كان سماعه في كتابك بخط يدك فيلزمك أن تغيره وخالف فيه بعضهم والصواب الأول وهو الوجوب.
قال ابن الصلاح: وقد تعاضدت أقوال هذه الأئمة في ذلك ويرجع حاصلها إلى أن سماع غيره إذا ثبت في كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه، قال: وقد كان لا يلفي له وجه ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أداؤها بما حوته وإن كان فيه بذل ماله كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه

 

ج / 2 ص -92-   فإذا نسخه فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة المرضية ولا ينقل سماع إلى نسخة إلا بعد مقابلة مرضية إلا أن يبين كونها غير مقابلة.
---------------------------
بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحكم لأدائها.
وقال البلقيني: عندي في توجيهه غير هذا وهو أن مثل هذا من المصالح العامة التي يحتاج إليها مع حصول علقة بين المحتاج والمحتاج إليه تقضي إلزامه بإسعافه في مقصده، قال: وأصله إعارة الجدار لوضع جذوع الجار عليه وقد ثبت ذلك في الصحيحين وقال بوجوب ذلك جمع من العلماء وهو أحد قولي الشافعي فإذا كان يلزم الجار بالعارية مع دوام الجذوع في الغالب فلأن يلزم صاحب الكتاب مع عدم دوام العارية أولى فإذا نسخه فلا ينقل سماعه إلى نسخته أي لا يثبته عليها إلا بعد المقابلة المرضية و كذا لا ينقل سماع ما إلى نسخة إلا بعد مقابلة مرضية فلا يغتر بتلك النسخة إلا أن يبين كونها غير مقابلة على ما تقدم.