شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي) رِوَايَةُ الأَقْرَانِ
833.... والقُرَنَا مَنِ اسْتَوَوْا في السَّنَدِ ...
والسِّنِّ غَالِباً وقِسْمَينِ اعْدُدِ
... مُدَبَّجاً وَهْوَ إِذَا كُلٌّ أخَذْ ... عَنْ آخَرٍ
وغيرَهُ انْفِرادُ فَذْ
(2/173)
القرينانِ: مَنِ استويا في الإسنادِ
والسِّنِّ غالباً، والمرادُ بالاستواءِ في ذلكَ على المقاربةِ،
كما قالَ الحاكمُ: ((إنما القرينانِ إذا تقاربَ سنُّهما
وإسنادهما)) . وقولي: (غالباً) متعلقٌ بالسنِّ فقطْ، إشارةٌ
إلى أنَّهم قدْ يكتفونَ بالإسنادِ دونَ السنِّ، قالَ ابنُ
الصلاحِ: ((وربما اكتفى الحاكمُ بالتقاربِ في الإسنادِ، وإنْ
لمْ يوجدِ التقاربُ في السنِّ)) .
ثمَّ إنَّ روايةَ الأقرانِ تنقسمُ إلى قسمينِ:
أحدُهما: ما يسمونهُ المُدَبَّجُ - بضمِّ الميمِ وفتح الدالِ
المهملةِ وتشديدِ الباءِ الموحدةِ وآخرَهُ جيمٌ - وذلكَ: أنْ
يرويَ كلُّ واحدٍ منَ القرينينِ عن الآخرِ، وبذلكَ سمَّاهُ
الدارقطنيُ وجمعَ فيهِ كتاباً حافلاً في مجلدٍ.
ومثالُهُ في الصحابةِ: روايةُ أبي هريرةَ عنْ عائشةَ، وروايةُ
عائشةَ عنهُ، وفي التابعينَ: روايةُ الزهريِّ عن أبي الزبيرِ،
وروايةُ أبي الزبيرِ عنهُ، وفي أتباعِ التابعينَ: روايةُ مالكٍ
عَنِ الأوزاعيِّ، وروايةُ الأوزاعيِّ عنهُ، وفي أتباعِ
الأتباعِ: روايةُ أحمدَ عنْ عليِّ بنِ المدينيِّ، وروايةُ ابنِ
المدينيِّ عنهُ. وتمثيلُ الحاكمِ هذا بأحمدَ وعبدِ الرزاقِ
ليسَ بجيدٍ.
والقسمُ الثاني من روايةِ الأقرانِ: ما ليسَ بمدبجٍ، وهو أنْ
يرويَ أحدُ القرينينِ عنِ الآخرِ، ولا يروي الآخرُ عنهُ فيما
يعلمُ، ومثالهُ روايةُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عنْ مِسْعَرٍ،
قالَ الحاكمُ: ولا أحفظُ لِمِسْعرٍ عن سليمانَ روايةً. وقدْ
يجتمعُ جماعةٌ منَ الأقرانِ في
(2/174)
حديثٍ واحدٍ، كحديثٍ رواهُ أحمدُ بنُ حنبلٍ
عن أبي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، عن يحيى بنِ مَعِينٍ،
عن عليِّ بنِ المدينيِّ، عن عبيدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، عنْ
أبيهِ، عن شعبةَ، عن أبي بكرِ بنِ حفصٍ، عن أبي سلمةَ، عن
عائشةَ قالتْ: ((كُنَّ أزواجُ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يأخذنَ من شعورِهِنَّ حتَّى يكونَ كالوفرةِ)) .
وأحمدُ والأربعةُ فوقَهُ خمستُهم أقرانٌ، كما قالَ الخطيبُ.
وقولي: (وقسمين) مفعولٌ مقدَّمٌ لاعْدُدْ، و (مدبجاً) بدل من
قسمينِ، وغيرَهُ منصوبٌ عطفاً على: مدبجاً تقديرهُ. واعْدُدْ
ذلكَ قسمينِ مدبجاً، وغيرَ مدبجٍ، و (انفرادُ) خبرُ مبتدأ
محذوفٍ، أيْ: وهوَ انفرادُ، (فذْ) أيْ: انفرادُ أحدِ القرينينِ
عنِ الآخرِ.
الإِخْوَةُ والأَخَوَاتُ
835.... وَأَفْرَدُوا الأخْوَةَ بالتَّصْنِيفِ ... فَذُوْ
ثَلاَثَةٍ بَنُو حُنَيْفِ
... أَرْبَعَةٌ أَبُوهُمُ السَّمَّانُ ... وخَمْسَةٌ
أَجَلُّهُمْ سُفْيَانُ
(2/175)
837.... وسِتَّةٌ نَحْوُ بَنِي سِيْرِيْنَا
... واجْتَمَعُوا ثَلاَثَةً يَرْوُونا
... وَسَبْعَةٌ بَنُو مُقَرِّنٍ، وَهُمْ ... مُهَاجِرُونَ
لَيْسَ فِيهِمْ عَدُّهُمْ
839.... وَالأَخَوَانِ جُمْلَةٌ كَعُتْبَةِ ... أَخِي ابْنِ
مَسْعُودٍ هُما ذُوْ صُحْبَةِ
قدْ أفردَ أهلُ الحديثِ هذا النوعَ بالتصنيفِ، وهوَ معرفةُ
الأخوةِ منَ العلماءِ
والرواةِ، فصنَّفَ فيهِ عليُّ بنُ المدينيِّ ومسلمُ بنُ
الحجاجِ، وأبو داودَ والنَّسَائيُّ، وأبو العباسِ السَّرَّاجُ
فمثالُ الأخوةِ الثلاثةِ سهلٌ وعبادٌ وعثمانُ بنو حُنيفٍ
مُصَغَّراً ولا يضرُّ عندَ أهلِ العلمِ بالقوافي فتحُ نونِهِ
في مقابلةِ كسرِ نونِ التصنيفِ، قالَ حسَّانُ بنُ ثابتٍ
صَلَّى الإلَهُ عَلَى الَّذِيْنَ تَتَابَعُوْا ... يَوْمَ
الرَّجِيْعِ فأُكْرِمُوا وأُثِيْبُوا
رَأْسُ السَّرِيَّةِ مَرْثَدٌ وَأَمِيْرُهُمْ ... وَابْنُ
البُكَيْرِ أَمَامَهُمْ وَخُبَيْبُ
ومثالُ الأربعةِ أولادُ أبي صالحٍ السَّمَّانِ، وهم سهيلٌ
ومحمدٌ وصالحٌ وعبدُ اللهِ الذي يقالُ له عبَّادٌ، وفي الكاملِ
لابنِ عَدِيٍّ إنَّهُ ليسَ في أولادِ أبي صالحٍ مَنِ اسْمُهُ
محمدٌ؛ إنما هوُ سهيلٌ وعبادٌ وعبدُ اللهِ ويحيى وصالحٌ بنو
أبي صالحٍ وليسَ فيهم محمدٌ انتهى فأَبدَلَ يحيى بمحمدٍ،
وجَعَلَ عَبَّاداً وعبدَ اللهِ اثنينِ، وهو وَهَمٌ، وسيجيء في
فصلِ الألقابِ أنَّ أحمدَ ويحيى وأبا داودَ في آخرينَ، قالوا
إنَّ عبدَ اللهِ هو عبادٌ، ومما
(2/176)
يُستغربُ في الأخوةِ الأربعةِ بنو راشدٍ
أبي إسماعيلَ السُّلَمِيِّ، وُلِدُوا في بَطْنٍ واحِدٍ وكانوا
علماءَ، وهم محمدٌ وعمرُ وإسماعيلُ ولَمْ يسمِّ البخاريُّ
والدارقطنيُّ الرابعَ، ومثالُ الخمسةِ سُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ وأخوتُهُ آدمُ وعِمرانُ ومحمدٌ وإبراهيمُ، وقدْ
حدثوا كلُّهُم
وقولي أجلُّهم أيْ في العلمِ، واقتصر ابنُ الصلاحِ على كونهِم
خمسةً؛ لكونهم همُ الَّذينَ رووا، وإلاَّ فقدْ ذكرَ غيرُ واحدٍ
أنَّ أولادَ عُيينةَ عَشْرَةٌ
ومثالُ الستةِ بنو سِيْرِيْنَ، كلُّهم منَ التابعينَ، وهمْ
محمدٌ وأنسٌ ويحيى ومَعْبَدٌ وحفصةُ وكريمةُ، هكذا سمَّاهم
يحيى بنُ معينٍ، والنسائيُّ في الكنى، والحاكمُ في علومِ
الحديثِ؛ ولكنَّهُ نقلَ في التاريخ عن أبي عليٍّ الحافظِ
تسميتَهم فزادَ فيهم خالدَ بنَ سيرينَ مكانَ كريمةَ، فاللهُ
أعلمُ، وذكرَ ابنُ سعدٍ في الطبقاتِ عمرةَ بنتَ سيرينَ، وسودةَ
بنتَ سيرينَ، أمُهُمَا أمُّ ولدٍ كانتْ لأنسِ بنِ مالكٍ؛ ولكنْ
لم أرَ مَنْ ذكرَ لهاتينِ روايةً، فلا يرِدانِ على ابنِ
الصلاحِ
وقولي واجتمعوا ثلاثةً يروونَ أي اجْتَمَعَ منهم ثلاثةٌ في
إسنادِ حديثٍ واحدٍ، يروي بعضهم عن بعضٍ، وقدْ يطارحُ بذلكَ،
فيقالُ أي ثلاثةُ أخوةٍ روى بعضُهُمْ عَنْ بعضٍ أو يُقيدُ
السؤالُ بكونِهم في حديثٍ واحدٍ وذلكَ فيما رواهُ الدارقطنيُّ
في كتابِ العللِ بإسنادهِ من رِوايةِ هشامِ بنِ حسَّانَ، عنْ
محمدِ بنِ سيرينَ، عنْ أخيهِ يحيى بنِ سيرينَ، عنْ أخيهِ أنسِ
بنِ سيرينَ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لَبَّيْكَ حَجَّاً حقَّاً
تَعَبُّداً وَرِقّاً وذكرَ محمدُ بنُ طاهرٍ المقدسيُّ في بعضِ
تخاريجهِ أنَّ هذا الحديثَ رواهُ محمدُ بنُ سيرينَ عنْ أخيهِ
(2/177)
يحيى بنِ سيرينَ، عنْ أَخيهِ معبدٍ، عنْ
أخيهِ أنسِ بنِ سيرينَ فعلى هذا اجتمعَ منهم أربعةٌ في إسنادٍ
واحدٍ، وهوَ غريبٌ
ومثالُ السبعةِ بنو مُقَرِّنٍ المُزَنيِّ وَهُمْ النَّعْمَانُ،
ومَعْقِلٌ، وعقيلٌ، وسويدٌ، وسنانٌ، وعبدُ الرحمنِ، قالَ ابنُ
الصلاحِ وسابعٌ لم يسمَّ لنا
قلتُ قد سمَّاهُ ابنُ فتحونَ في ذيلِ الاستيعابِ عبدَ اللهِ
بنَ مقرنٍ، وذكرَ أنَّهُ كانَ على ميْسرةِ أبي بكرٍ في قتالِ
الرِّدَّةِ، وأنَّ الطبريَّ ذكرهُ كذلكَ، وذكرَ ابنُ فتحونَ
قولاً أنَّ بني مُقَرِّنٍ عشرةٌ، فاللهُ أعلمُ
وذكرَ الطبريُّ أيضاً في الصحابةِ ضرارَ بنَ مقرنٍ، حضرَ فتحَ
الحيرةِ، وذكرَ ابنُ عبدِ البرِّ ضرارَ بنَ مُقَرِّنٍ خَلَفَ
أخاهُ لما قُتِلَ بنَهَاوَنْدَ
(2/178)
ومثالُ السبعةِ في التابعينَ بنو عبدِ
اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ، وهم سالمٌ،
وعبدُ اللهِ، وحمزةُ، وعبيدُ اللهِ، وزيدٌ، وواقدٌ، وعبدُ
الرحمنِ
ومثالُ الأخوينِ كثيرٌ في الصحابةِ ومَنْ بعدهم، كعبدِ اللهِ
بنِ مسعودٍ، وعتبةَ بنِ مسعودٍ، كلاهما صحابيٌّ
ومما يستغربُ في الأخوينِ أنَّ موسى بنَ عُبيدةَ الرَّبَذيَّ
بينهُ وبينَ أخيهِ عبدِ اللهِ ابنِ عُبيدةَ في العُمرِ ثمانونَ
سنةً
قالَ ابنُ الصلاحِ ولمْ نطوِّلْ بما زادَ على السبعةِ
لندرتِهِ، ولعدمِ الحاجةِ إليهِ في غرضِنا هنا قلتُ وأكثرُ ما
رأيتُ من الأخوةِ الذكورِ المشهورينَ عشرةً، ومنهم بنو
العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ، وهمْ الفَضْلُ، وعبدُ اللهِ،
وعبيدُ اللهِ، وعبدُ الرحمنِ، وقُثَمُ، ومعبدٌ، وعونٌ،
والحارثُ، وكَثيرٌ، وتَمَّامٌ وكانَ أصغرهمْ وكانَ العباسُ
يحملهُ ويقولُ
تَمُّوا بِتَمَّامٍ فَصَارُوا عَشَرَهْ
ياربِّ فاجْعَلهُمْ كِرَامَاً بَرَرَهْ
واجْعَلْ لَهُمْ ذِكْرَاً وانمِ الثَّمَرَهْ
وكانَ لهُ ثلاثُ إناثٍ أمُّ كلثومَ، وأمُّ حبيبٍ، وأميمةُ
(2/179)
ومنهم بنو عبدِ اللهِ بنِ أبي طلحةَ، وقدْ
سمَّاهُم ابنُ عبدِ البرِّ وغيرُهُ عشرةً وسمَّاهُم ابنُ
الجوزيِّ اثني عشرَ، وهم القاسمُ، وعميرٌ، وزيدٌ، وإسماعيلُ،
ويعقوبُ، وإسحاقُ، ومحمدٌ، وعبدُ اللهِ، وإبراهيمُ، وعمرُ،
ويعمرُ، وعُمَارةُ، قالَ أبو نعيمٍ وكلُّهمْ حُمِلَ عنهُ
العلمُ
رِوَايَةُ الآبَاءِ عَنِ الأبْنَاءِ وَعَكْسُهُ
... وَصَنَّفُوا فِيمَا عَنِ ابْنٍ أَخَذَا ... أبٌ كَعَبَّاسٍ
عَنِ الفَضْلِ كَذَا
841.... وائِلُ عَنْ بَكْرِ ابْنِهِ والتَّيْميْ ... عَنِ
ابْنِهِ مُعْتَمِرٍ في قَوْمِ
صنَّفَ أبو بكرٍ الخطيبُ كتاباً في روايةِ الآباءِ عنِ
الأبناءِ، روى فيهِ منْ حديثِ العباسِ بنِ عبدِ المطلبِ عنِ
ابنِهِ الفَضْلِ أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - جَمعَ بينَ الصلاتينِ بالمُزْدَلِفَةِ وذكرَ أبو
الفرجِ ابنُ الجوزيِّ في كتابِ التلقيحِ أنَّ العباسَ روى عنِ
ابنِهِ عبدِ اللهِ حديثاً
(2/180)
وكذلكَ روى وائلُ بنُ داودَ عنِ ابنِهِ
بكرِ بنِ وائلٍ ثمانيةَ أحاديثَ، منها في السننِ الأربعةِ
حديثهُ عنِ ابنِهِ عنِ الزهريِّ عن أنسٍ أنَّ النبيَّ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أولَمَ على صَفِيَّةَ بسَوِيْقٍ
وتَمْرٍ
ومنها ما رواهُ الخطيبُ منْ طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ عنْ وائلِ
بنِ داودَ عنِ ابنِهِ بكرٍ، عنِ الزُّهريِّ، عنْ سعيدِ بنِ
المسيبِ، عنْ أبي هريرةَ، قالَ قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخِّرُوا الأَحمالَ فإنَّ اليدَ
معلَّقةٌ، والرِّجلَ مُوثقةٌ قالَ الخطيبُ لا يُروى عنِ
النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما نعلمُهُ
إلاَّ من جهةِ بكرٍ وأبيهِ
(2/181)
وكذلكَ روى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عنِ
ابنِهِ مُعْتَمِرٍ حديثينِ، وقدْ روى الخطيبُ من روايةِ معتمرِ
بنِ سليمانَ التَّيميِّ، قالَ حَدَّثَنِي أبي، قالَ
حدَّثَتْنِي أنتَ عَنِّي، عنْ أيوبَ، عنِ الحسنِ، قالَ وَيْحٌ
كلمةُ رحمةٍ، قالَ ابنُ الصلاحِ وهذا ظريفٌ يجمَعُ أنواعاً
(2/182)
وقولي في قومٍ أيْ في جماعةٍ رووا عنْ
أبنائهمْ، فروى أنسُ بنُ مالكٍ عنِ ابنِهِ غيرَ مسمَّى حديثاً،
وروى زكريا بنُ أبي زائدةَ عنِ ابنِهِ حديثاً وروى يونسُ بنُ
أبي إسحاقَ، عنِ ابنِهِ إسرائيلَ حديثاً، وروى أبو بكرِ بنُ
عياشٍ عنِ ابنِهِ إبراهيمَ حديثاً وروى شجاعُ بنُ الوليدِ، عن
ابنِهِ أبي هشامٍ الوليدِ حديثاً وروى عمرُ بنُ يونسَ
اليماميُّ، عن ابنهِ حديثاً وروى سعيدُ بنُ الحكمِ المصريُّ،
عنِ ابنِهِ محمدٍ حديثاً وروى إسحاقُ بنُ البهلولِ، عنِ ابنِهِ
يعقوبَ حديثينِ وروى كثيرُ بنُ يعقوبَ البصريُّ، عنِ ابنِهِ
يحيى حديثاً وروى يحيى بنُ جعفرِ بنِ أعينَ، عنِ ابنِهِ
الحسينِ حديثينِ، وروى عليُّ بنُ حربٍ الطائيُّ عنِ ابنِهِ
الحسنِ حديثاً وروى محمدُ بنُ يحيى الذُّهْليُّ، عنِ ابنِهِ
يحيى حديثاً وروى أبو داودَ السجستانيُّ، عنِ ابنِهِ أبي بكرٍ
عبدِ اللهِ حديثينِ وروى عليُّ بنُ الحسنِ بنِ أبي عيسى
الدَّرَابجِرْديُّ، عنِ ابنِهِ الحسنِ حديثاً وروى الحسنُ بنُ
سفيانَ، عنِ ابنِهِ أبي بكرٍ حديثينِ وروى أحمدُ بنُ شاهينَ،
عنِ ابنِهِ محمدٍ حديثاً وروى أبو بكرٍ بنُ أبي عاصمٍ عنِ
ابنِهِ عبدِ الرحمنِ حديثاً وروى عمرُ بنُ محمدٍ
السمرقَنْديُّ، عنِ ابنِهِ محمدٍ حديثاً وروى محمدُ بنُ عبدِ
اللهِ بنِ أحمدَ الصَّفَّارُ، عنِ ابنهِ أبي بكرٍ أبياتاً
قالها وروى أبو الشيخِ ابنُ حيَّانَ، عنِ ابنِهِ عبدِ الرزاقِ
حكايةً وروى الحافظُ أبو سعدِ بنُ السمعانيِّ، عنِ ابنِهِ عبدِ
الرحيمِ في ذيلِ تاريخِ بغدادَ وروى قاضي القضاةِ بدرُ الدينِ
بنُ جماعةَ، عنِ ابنِهِ قاضي القضاةِ عزِّ الدينِ حكايةً
عجيبةً
(2/183)
قالَ ابنُ الصلاحِ وأكثرُ ما رويناهُ لأبٍ
عنِ ابنِهِ، ما روينا في كتابِ الخطيبِ عنِ أبي عمرَ حفصِ بنِ
عمرَ الدوريِّ المقرئ عنِ ابنِهِ أبي جعفرٍ محمدٍ ستةَ عشرَ
حديثاً، أو نحو ذلكَ
... أَمَّا أَبُو بَكْرٍ عَنِ الحَمْرَاءِ ... عَائِشَةٍ في
الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ
843.... فَإنَّهُ لاَبْنُ أَبي عَتِيقِ ... وغُلِّطَ الوَاصِفُ
بالصِّدِّيقِ
قالَ ابنُ الصلاحِ وأما الحديثُ الذي رويناهُ عن أبي بكرٍ
الصدِّيقِ، عنْ عائشةَ، عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قالَ في الحبَّةِ السوداءِ شفاءٌ
منْ كلِّ داءٍ فهوَ غَلَطٌ ممَّنْ رواهُ، إنما هو عن أبي بكرِ
بنِ أبي عتيقٍ، عن عائشةَ، وهو عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ
الرحمنِ ابنِ أبي بكرٍ الصدِّيقِ قلتُ وهكذا رواه البخاريُّ في
صحيحهِ، وفيهِ التصريحُ بأنَّهُ ابنُ أبي عتيقٍ؛ ولكنْ ذكر
ابنُ الجوزيِّ في التلقيحِ أنَّ أبا بكرٍ الصدِّيقَ روى عنِ
ابنتِهِ عائشةَ حديثينِ قالَ وروتْ أُمُّ رومانَ عنِ ابنتها
عائشةَ حديثينِ، وأبو عتيقٍ هذا، وآباؤُهُ همُ الذينَ قالَ
فيهم موسى بنُ عُقْبةَ لا نعلمُ أربعةً أدركوا النبيَّ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا هؤلاءِ الأربعةَ، فذكرَ
أبا بكرٍ الصدِّيقَ وأباهُ وابنَهُ عبدَ الرحمنِ وابنَهُ
محمداً أبا عتيقٍ
(2/184)
.. وَعَكْسُهُ صَنَّفَ فِيهِ الوَائِلي ...
وهوَ مَعَالٍ لِلْحَفِيدِ النَّاقِلِ
صنَّفَ أبو النَّصْرِ الوائليُّ كتاباً في روايةِ الأبناءِ عنِ
الآباءِ. وروايةُ الرجلِ عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ منَ المعالي،
كما أخبرني الحافظُ أبو سعيدٍ خليلُ بنُ العلائيِّ بقراءتي
عليهِ ببيتِ المقدسِ، قالَ: أخبرنا محمدُ بنُ يوسفَ، قالَ:
أخبرنا الإمامُ أبو عمرِو بنُ الصلاحِ، قالَ: حَدَّثَنِي أبو
المُظَفَّر عبدُ الرحيمِ بنُ الحافظِ أبي سعدٍ السمعانيِّ، عنْ
عبدِ الرحمنِ ابنِ عبدِ الجبارِ الفاميِّ، قالَ: سمعتُ أبا
القاسمِ منصورَ بنَ محمدٍ العلويِّ، يقولُ: الإسنادُ بعضُهُ
عوالٍ، وبعضُهُ معالٍ. وقولُ الرجلِ: حَدَّثَنِي أبي عن جدِّي
منَ المعالي.
845.... وَمِنْ أَهَمِّهِ إذا مَا أُبْهِمَا ... الأبُ أَوْ
جَدٌّ وَذَاكَ قُسِمَا
... قِسْمَينِ عَنْ أَبٍ فَقَطْ نَحْوَ أَبِي ... العُشَرَا
عَنْ أَبِهِ عَنِ النَّبِيِّ
847.... واسْمُهُما على الشَّهيرِ فاعْلَمِ ... أُسَامَةُ بنُ
مَالِكِ بنِ قِهْطَمِ
ومنْ أهمِّ هذا النوعِ، وهوَ روايةُ الأبناءِ عنِ الآباءِ، ما
إذا أبهم اسمُ الأبِ أو الجدِّ، فلمْ يُسمَّ بلِ اقتُصِرَ على
كونِهِ أباً للراوي، أو جداً لهُ، فيحتاجُ حينئذٍ إلى معرفةِ
اسمِهِ وينقسمُ ذلكَ إلى قسمينِ
(2/185)
أحدُهما أن تكونَ الروايةُ عن أبيهِ فقطْ
دونَ جدِّهِ كروايةِ أبي العُشَراءِ الدارميِّ، عنْ أبيهِ، عنِ
النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهوَ عندَ أصحابِ
السننِ الأربعةِ، فإنَّ أباهُ لمْ يسمَّ في طرقِ الحديثِ،
واختُلِفَ في اسمِ أبي العشراءِ، واسمِ أبيهِ على أقوالٍ
أحدُها وهو الأشهرُ، كما قالَ ابنُ الصلاحِ إنَّهُ أسامةُ بنُ
مالكِ بنِ قِهْطمٍ وهو بكسرِ القافِ، فيما نقلهُ ابنُ الصلاحِ
من خطِّ البيهقيِّ وغيرِهِ وقيلَ قِحْطَمٌ بالحاءِ المهملةِ
موضعَ الهاءِ
والثاني أنَّ اسمَهُ عُطاردُ بنُ بَرزٍ، بتقديمِ الراءِ على
الزاي، واختُلِفَ في الراءِ، هلْ هيَ ساكنةٌ أو مفتوحةٌ؟ وقيلَ
اسمُ أبيهِ بَلزٍ باللامِ مكانَ الراءِ
والثالثِ اسمهُ يسارُ بنُ بلزِ بنِ مسعودٍ
(2/186)
.. وَالثَّانِ أنْ يَزِيدَ فيهِ بَعْدَهُ
... كَبَهْزٍ اوْ عَمْرٍو أبَاً أَوْ جَدَّهُ
849.... والأَكْثَرُ احْتَجُّوا بِعَمْرٍو حَمْلاَ ... لَهُ
على الجَدِّ الكَبِيرِ الأَعْلَى
أيْ والقسمُ الثاني مِنْ روايةِ الأبناءِ أنْ يزيدَ فيهِ بعدَ
ذكرِ الأبِ أباً آخرَ فيكونَ جَدّاً للأوَّلِ، أو يزيدَ جَدّاً
للأبِ
فمثالُ زيادةِ الأبِ روايةُ بهزِ بنِ حكيمٍ، عنْ أبيهِ، عنْ
جدِّهِ، عنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فحكيمُ هوَ ابنُ معاويةَ بنِ حَيْدةَ القُشَيريُّ فالصحابيُّ
هوَ معاويةُ، وهوَ جدُّ بهزٍ
ومثالُ زيادةِ الجدِّ روايةُ عَمْرِو بنِ شُعَيبٍ، عنْ أبيهِ،
عنْ جدِّهِ، وشُعَيبٌ هو ابنُ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو
بنِ العاصِ، فالصحابيُّ هوَ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو، وهوَ جدُّ
شعيبٍ
وفي البيتِ المذكورِ لفٌّ ونشرٌ وتقديمٌ وتأخيرٌ، تقديرهُ
والثاني أنْ يزيدَ بعدَ الأبِ أباً كبهزِ بنِ حكيمٍ، أو
جَدَّاً كعمرِو بنِ شعيبٍ
ولعمرِو بنِ شعيبٍ عنْ أبيهِ عن جدِّهِ نسخةٌ كبيرةٌ قدِ
اختُلِفَ في الاحتجاجِ بها على أقوالٍ
أحدُها أنَّها حجةٌ مطلقاً إذا صحَّ السندُ إليهِ، قالَ
البخاريُّ رأيتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ، وعليَّ بنَ المدينيِّ،
وإسحاقَ بنَ راهويهِ، وأبا عبيدٍ، وعامةَ أصحابنا، يحتجونَ
بحديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جدِّهِ ما تركهُ أحدٌ
منَ المسلمينَ قالَ البخاريُّ فَمَنِ النَّاسُ بعدهم؟ زادَ في
روايةٍ والحميديُّ وقالَ مرةً اجتمعَ عليٌّ ويحيى
(2/187)
ابنُ معينٍ وأحمدُ، وأبو خَيثمةَ، وشيوخٌ
منْ أهلِ العلمِ، فتذاكروا حديثَ عمرِو بنِ شعيبٍ فثبَّتوهُ
وذكروا أنَّهُ حجةٌ ورُويَ عنْ أحمدَ ويحيى بنِ معينٍ، وعليِّ
بنِ المدينيِّ، خلافُ ما نَقَلَهُ البخاريُّ عنهم، مما يقتضي
تضعيفَ روايتِهِ عن أبيهِ عن جدِّهِ، وقالَ أحمدُ ابنُ سعيدٍ
الدارميُّ احتجَّ أصحابنا بحديثهِ، قالَ ابنُ الصلاحِ احتجَّ
أكثرُ أهلِ الحديثِ بحديثهِ حملاً لمطلقِ الجدِّ على الصحابيِّ
عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو دونَ ابنِهِ محمدٍ والدِ شعيبٍ، لما ظهرَ
لهمْ منْ إطلاقِهِ ذلكَ
والقولُ الثاني تركُ الاحتجاجِ بها، وهوَ قولُ أبي داودَ فيما
رواهُ أبو عُبيدٍ الآجريُّ عنهُ قالَ قيلَ لهُ عمرُو بنُ شعيبٍ
عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ حجةٌ عندكَ؟ قالَ لا، ولا نصفَ حجَّةٍ،
وروى عباسٌ الدوريُّ عن يحيى بنِ معينٍ، قالَ روايتُهُ عن
أبيهِ عن جدِّهِ كتابٌ فمنْ ههنا جاءَ ضعفهُ، وقالَ ابنُ عديٍّ
إنَّ روايتهُ عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ مرسلةٌ؛ لأنَّ جدَّهُ
محمداً لا صحبةَ لهُ وقالَ ابنُ حبانَ في الضعفاءِ بعدَ ذكرِهِ
لعمرٍو إنَّهُ ثقةٌ إذا روى عنِ الثقاتِ غيرِ أبيهِ، وإذا روى
عن أبيهِ عن جدِّهِ، فإنَّ
(2/188)
شعيباً لَمْ يلقَ عبدَ اللهِ فيكونُ
منقطعَاً، وإنْ أرادَ جدَّهُ الأدنى محمداً، فهوَ لا صحبةَ لهُ
فيكونُ مرسلاً قلتُ قدْ صحَّ سماعُ شعيبٍ من عبدِ اللهِ بنِ
عمرٍو، كما صرَّحَ بهِ البخاريُّ في التاريخِ وأحمدُ، وكما
رواهُ الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ في السنن بإسنادٍ صحيحٍ
والقولُ الثالثُ التفرقةُ بينَ أنْ يفصحَ بِجَدِّهِ أنَّهُ
عبدُ اللهِ أو لا وهوَ قولُ الدارقطنيُّ حيثُ قالَ لعمرِو بنِ
شعيبٍ ثلاثةُ أجدادٍ الأدنى منهم محمدٌ، والأوسطُ عبدُ اللهِ،
والأعلى عمرٌو وقدْ سمعَ يعني شعيباً من محمدٍ، ومحمدٌ لمْ
يدركِ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسمعَ من
جدهِ عبدِ اللهِ، فإذا بيَّنهُ وكشفهُ فهوَ صحيحٌ حينئذٍ، ولم
يتركْ حديثهُ أحدٌ منَ الأئمةِ، ولمْ يسمعْ من جدِّهِ عمرٌو
انتهى، فإذا قالَ عن جدهِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو فهوَ صحيحٌ
حينئذٍ، وكذلكَ إذا قالَ عن جدهِ، قالَ سمعتُ النبيَّ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحوَ ذلكَ ممَّا يدلُّ على أنَّ
مرادَهُ عبدُ اللهِ لا محمدٌ وفي السننِ عِدَّةُ أحاديثَ كذلكَ
والقولُ الرابعُ التفرقةُ بينَ أنْ يستوعبَ ذكرَ آبائهِ
بالروايةِ، أو يقتصرَ على
أبيهِ عن جدِّهِ، فإنْ صرَّحَ بهمْ كلِّهِم، فهوَ حجةٌ، وإلاَّ
فلا، وهوَ رأيُ أبي حاتمِ بنِ حبَّانَ البُستيِّ، وروى في
صحيحهِ لهُ حديثاً واحداً، هكذا عن عمرِو بنِ شعيبٍ، عنْ
أبيهِ، عنْ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، عنْ أبيهِ مرفوعاً
ألاَ
(2/189)
أُحَدِّثُكُمْ بأَحَبِّكمْ إليَّ
وأقْرَبِكُمْ مِنِّي مجلساً يومَ القيامةِ؟ ... الحديث
قالَ الحافظُ أبو سعيدٍ العلائيُّ في كتابِ الوَشِي
المُعَلَّمِ فيما قرأتُهُ عليهِ ببيتِ المقدسِ ما جاءَ فيهِ
التصريحُ بروايةِ محمدٍ عن أبيهِ في السندِ، فهوَ شاذٌّ نادرٌ،
قالَ وذكرَ بعضُهم أنَّ محمداً ماتَ في حياةِ أبيهِ، وأنَّ
أباهُ كَفَلَ شعيباً، وربَّاهُ ثمَّ قالَ شيخُنا ولَمْ يذكرْ
أحدٌ منَ المتقدمينَ محمداً في كتابِهِ، ولا ترجمَ لهُ قلتُ
قدْ ترجمَ لهُ ابن يونسَ في تاريخِ مصرَ، وابنُ حبانَ في
الثقاتِ، قالَ ابنُ يونسَ روى عن أبيهِ، وروى عنهُ حكيمُ بنُ
الحارثِ الفهميُّ في أخبارِ سعيدِ بنِ عفيرٍ، وابنهُ شعيبُ بنُ
محمدٍ والقولُ الأولُ أصحُّ والضميرُ في قولي حملاً لهُ، يعودُ
إلى جدِّهِ المذكورِ في آخرِ البيتِ قبلهُ
... وَسَلْسَلَ الآبَا التَّمِيمِيُّ فَعَدّْ ... عَنْ
تِسْعَةٍ قُلْتُ: وَفَوْقَ ذَا وَرَدْ
روى عبدُ الوهابِ التميميُّ عنْ آبائهِ حتَّى عدَّ تسعةَ
آباءٍ؛ وذلكَ فيما رويناهُ في
" تاريخِ الخطيبِ " قالَ: حدثنا عبدُ الوهابِ بنُ عبدِ العزيزِ
بنِ الحارثِ بنِ أسدِ بنِ
(2/190)
الليثِ بنِ سليمانَ بنِ الأسودِ بنِ سفيانَ
بنِ يزيدَ بنِ أُكَيْنَةَ ابنِ عبدِ اللهِ التميميُّ من لفظهِ،
قالَ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ:
سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي
يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ أبي يقولُ:
سمعتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، وقدْ سُئِلَ عن الحنَّانِ
المنَّانِ، فقالَ الحنَّانُ: هوَ الذي يُقبِلُ على مَنْ أعرضَ
عنهُ، والمنَّانُ: الذي يبدأُ بالنوالِ قبلَ السؤالِ. قالَ
الخطيبُ بينَ أبي الفرجِ - يعني: عبدَ الوهابِ - وبينَ عليٍّ
في هذا الإسنادِ تسعةُ آباءٍ آخرُهم أُكَينةُ بنُ عبدِ اللهِ،
وهو الذي ذكرَ أنَّهُ سمعَ عليَّاً - رضي الله عنه -.
وقدِ اقتصرَ ابنُ الصلاحِ فيما ذكرهُ منَ التسلسلِ بالآباءِ
على هذا العددِ، وهوَ تسعةٌ، وقدْ وردَ التسلسلُ بأكثرَ منْ
ذلكَ من هذا الوجهِ ومنْ غيرِهِ:
فأمَّا منْ هذا الوجهِ فوردَ التسلسلُ فيهِ باثني عشرَ أباً في
حديثٍ مرفوعٍ من طريقِ رزقِ اللهِ بنِ عبدِ الوهابِ التميميِّ
المذكورِ. أخبرنا بهِ جماعةٌ منهم: شيخنا العلامةُ برهانُ
الدينِ إبراهيمُ بنُ لاجينَ الرشيديُّ قالَ: أخبرنا أحمدُ بنُ
محمدِ بنِ إسحاقَ الأبرقوهيُّ، قالَ: أخبرنا أبو بكرٍ عبدُ
اللهِ بنُ محمدٍ القلانسيُّ قراءةً عليهِ، وأنا حاضرٌ بشيرازَ،
أخبرنا عبدُ العزيزِ بنُ منصورِ بنِ محمدٍ الآدميُّ قالَ:
حدثنا رزقُ اللهِ بنُ عبدِ الوهابِ التميميُّ، قالَ: سمعتُ أبي
-أبا الفرجِ عبدَ الوهابِ- يقولُ: سمعتُ أبي -أبا الحسنِ عبدَ
العزيزِ- يقولُ: سمعتُ أبي - أبا بكرٍ الحارثَ - يقولُ: سمعتُ
أبي - أسداً - يقولُ: سمعتُ أبي - الليثَ - يقولُ: سمعتُ أبي -
سليمانَ - يقولُ: سمعتُ أبي - الأسودَ - يقولُ: سمعتُ أبي -
سفيانَ - يقولُ: سمعتُ أبي - يزيدَ - يقولُ: سمعتُ أبي -
أكينةَ -
(2/191)
يقولُ: سمعتُ أبي - الهيثمَ - يقولُ: سمعتُ
أبي - عبدَ اللهِ - يقولُ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ((ما اجتمعَ قومٌ على ذكرٍ إلاَّ
حفَّتهمُ الملائكةُ وغَشِيَتْهمُ الرحمةُ)) .
قالَ الحافظُ أبو سعيدٍ العلائيُّ في " الوشي المُعَلَّمِ "
فيما قُرِئَ عليهِ وأنا أسمعُ: هذا إسنادٌ غريبٌ جَدّاً، ورزقُ
اللهِ كانَ إمامَ الحنابلةِ في زمانِهِ من الكبارِ المشهورينَ
متقدماً في عدةِ علومٍ، ماتَ سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وأربعمائة،
وأبوهُ أبو الفرجِ إمامٌ مشهورٌ أيضاً؛ ولكنَّ جدَّهُ عبدَ
العزيزِ مُتَكَلَّمٌ فيهِ كثيراً، على إمامتهِ، واشتهرَ بوضعِ
الحديثِ، وبقيةُ آبائهِ مجهولونَ لا ذكرَ لهمْ في شيءٍ منَ
الكتبِ أصلاً، وقدْ تخبَّطَ فيهم عبدُ العزيزِ أيضاً
بالتغييرِ، أيْ: فزادَ في الثاني أباً لأكينةَ، وهوَ الهيثمُ،
وجعَلَهُ منْ روايتِهِ عنْ أبيهِ عبدِ اللهِ وجعلَهُ صحابياً
فحصلَ التسلسلُ في هذا باثني عشرَ أيضاً.
وقدْ وجدْتُ التسلسلَ في عدةِ أحاديثَ، بأربعةَ عشرَ أباً من
طريقِ أهلِ البيتِ، منها ما رواهُ الحافظُ أبو سعدٍ ابنُ
السمعانيِّ في " الذيلِ " قالَ: أخبرنا أبو شجاعٍ عمرُ بنُ أبي
الحسنِ البِسْطاميُّ الإمامُ بقراءتي عليهِ، وأبو بكرٍ محمدُ
بنُ عليِّ بنِ ياسرٍ الجَيَّانيُّ من لفظهِ، قالا: حدثنا
السَّيِّدُ أبو محمدٍ الحسينُ بنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ من
لفظهِ ببلخَ، قالَ حدَّثني سيدي والدي أبو الحسنِ عليُّ بنُ
أبي طالبٍ سنةَ ستٍ وستينَ وأربعمائةٍ، قالَ: حَدَّثَنِي أبي -
أبو طالبٍ - الحسنُ بنُ عبيدِ اللهِ سنةَ أربعٍ وثلاثينَ
وأربعمائةٍ، قالَ: حَدَّثَنِي والدي أبو عليٍّ عبيدُ اللهِ بنُ
محمدٍ، قالَ: حَدَّثَنِي أبي - محمدُ بنُ عبيدِ اللهِ - قالَ:
حَدَّثَنِي أبي عبيدُ اللهِ بنُ عليٍّ، قالَ حَدَّثَنِي أبي
عليُّ بنُ الحسنِ، قالَ: حَدَّثَنِي أبي - الحسنُ بنُ الحسينِ
- قالَ: حَدَّثَنِي أبي - الحسينُ بنُ جعفرٍ، وهوَ أولُ مَنْ
دخلَ بلخَ من هذهِ الطائفةِ قالَ: حَدَّثَنِي أبي - جعفرٌ
الملقبُ بالحجةِ، قالَ: حَدَّثَنِي أبي - عبيدُ اللهِ -، قالَ:
حَدَّثَنِي أبي - الحسينُ الأصغرُ -، قالَ: حَدَّثَنِي أبي -
عليُّ بنُ الحسينِ بنِ عليٍّ، عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ عليٍّ -
رضي الله عنه -
(2/192)
قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
((ليسَ الخبرُ كالمُعَاينةِ)) . وهذا أكثرُ ما وقعَ لنا في
عدةِ التسلسلِ بالآباءِ، واللهُ أعلمُ. |