شرح علل الترمذي القسم الثاني في ذكر قوم من الثقات، لا
يذكر أكثرهم غالباً في أكثر كتب (الجرح) ، وقد ضعف حديثهم:
إما في بعض الأوقات؛
أو في بعض الأماكن؛
أو عن بعض الشيوخ.
فهذا القسم تحته ثلاثة أنواع كما ذكرنا:
النوع الأول
من ضعف حديثه في بعض الأوقات دون بعض.
وهؤلاء هم الثقات الذين خلطوا في آخر عمرهم.
وهم متفاوتون في تخليطهم، (فمنهم من خلط) تخليطاً فاحشاً،
ومنهم من خلط تخليطاً يسيراً.
ومن أعيان هؤلاء:
(2/732)
عطاء بن السائب
الثقفي الكوفي
يكني أبا زيد.
ذكر الترمذي في باب كراهية التزعفر والخلوق للرجال، من كتاب
الأدب من جامعة هذا، قال:
يقال: إن عطاء بن السائب كان في آخر عمره قد ساء حفظه.
وذكر عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد، قال: من سمع من عطاء
بن السائب قديماً فسماعه صحيح. وسماع شعبة وسفيان من عطاء بن
السائب صحيح، إلا حديثين عن عطاء بن السائب عن زاذان، قال:
شعبة: سمعتهما منه بأخرة.
وذكر العقيلي من طريق عمرو الفلاس عن يحيى بن سعيد، قال: ما
سمعت أحداً من الناس يقول في حديث عطاء بن السائب شيئاً في
حديثه القديم، ثم قلت ليحيى: ما حدث سفيان وشعبة، صحيح هو؟
قال: نعم إلا حديثين كان شعبة يقول: سمعتهما بأخرة.
ومن طريق علي قال: كان يحيى بن سعيد لا يروي من حديث عطاء بن
السائب إلا عن شعبة وسفيان.
(2/734)
ومن طريق أبي النعمان، عن يحيى بن سعيد
القطان، قال: عطاء بن السائب تغير حفظه بعد، وحماد، يعني ابن
زيد سمع منه قبل أن يتغير.
"من سمع من عطاء قبل الاختلاط":
ذكر من سمع منه (قبل أن) يتغير: سفيان وشعبة.
وقد تقدم أن يحيى بن سعيد نقل عن شعبة (أنه سمع منه حديثين)
بعد أن تغير.
ـ (ومنهم حماد بن زيد، كما ذكرناه عن يحيى، وحكاه البخاري عن
علي) .
ـ ومنهم حماد بن سلمة: نقله (ابن الجنيد عن يحيى بن معين) .
ونقل عبد الله بن الدورقي عن ابن معين، قال: حديث سفيان وشعبة
وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم.
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى يقول: شعبة وسفيان وحماد بن
سلمة في عطاء خير من هؤلاء الذين بعدهم.
ونقل ابن المديني عن يحيى بن سعيد أن أبا عوانة وحماد بن سلمة
سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا،
خرجه العقيلي.
(2/735)
ومنهم سفيان بن عيينة: روى الحميدي عن
سفيان، قال: كنت سمعت من عطاء بن السائب قديماً، ثم قدم علينا
قدمة، فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعته منه، فيخلط فيه، فاتقيته
واعتزلته.
قال أبو داود: قال أحمد: سماع ابن عيينة مقارب، يعني من عطاء
بن السائب، سمع بالكوفة.
ومنهم هشام الدستوائي، ذكره أبو داود عن بعضهم، ولم يسمه.
"من سمع من عطاء بعد الاختلاط":
ومن سمع منه بأخرة بعد اضطرابه:
جرير، قاله أحمد ويحيى.
ومنهم خالد بن عبد الله، قاله أحمد وعلي.
ومنهم ابن علية، وعلي بن عاصم، قاله أحمد.
ومنهم محمد بن فضيل، قاله يحيى.
ومنهم وهيب وعبد الوارث، ذكره أبو داود وغيره.
ومنهم هشيم، ذكره العجلي وغيره.
"ضابط التمييز بين السماع قبل الاختلاط وبعده":
وقد اختلفوا في ضابط من سمع منه قديماً، ومن سمع منه بأخرة.
(2/736)
فمنهم من قال: من سمع منه بالكوفة فسماعه
صحيح، ومن سمع منه بالبصرة، فسماعه ضعيف، كذا نقله أبو داود عن
أحمد.
ومنهم من قال: دخل عطاء البصرة مرتين، فمن سمع منه في المرة
الأولى فسماعه صحيح، ومنهم الحمادان والدستوائي، ومن سمع منه
في القدمة الثانية فسماعه ضعيف، منهم وهيب وإسماعيل بن علية
وعبد الوارث، نقله أبو داود عن غير أحمد. وقاله أيضاً النسائي
في سننه إلا أنه لم يسم.
ومنهم من قال: إن حدث عطاء عن رجل واحد بعينه فحديثه جيد، وإن
حدث عن جماعة فحديثه ضعيف.
روى العقيلي بإسناده عن ابن علية، قال: قال لي شعبة ما حدثك
عطاء بن السائب عن رجاله عن زاذان وميسرة وأبي البختري فلا
تكتبه، وما حدثك عن رجل بعينه) فاكتبه.
ومن طريق علي بن المديني عن ابن علية، قال: قدم علينا عطاء بن
السائب البصرة، فكنا نسأله، قال: فكان يتوهم.
قال: فنقول له: من؟ فيقول: أشياخنا ميسرة وزاذان، وفلان،
وفلان.
(2/737)
ومن طريق أبي بكر بن الأسود: سمعت ابن
علية، قال: كان عطاء ابن السائب إذا سئل عن الشيء، قال:
كان أصحابنا يقولون: ويقال له: من؟ فيسكت ساعة، ثم يقول: أبو
البختري وزاذان وميسرة.
قال: فكنت أخاف أن يجيء بهذا على التوهم فلم أحمل منها شيئاً.
ومنهم من قال: إذا حدث عن أبيه فهو صحيح، وإذا حدث عن الشيوخ
(مثل ميسرة) وزاذان، بعد التغير، فهو مضطرب.
قال ابو داود: سمعت أحمد، قال: كان فلان بعض المحدثين سماه
أحمد عند عطاء بن السائب، وكان إذا حدث عن أبيه أحاديثه
المشهورة كتبها، وإذا حدث بأحاديث ميسرة وزاذان يعني الشيوخ،
لا يكتب، يعني حين أنكر عطاء. واتفقوا على أن شعبة وسفيان أصح
حديثاً عنه من غيرهما.
قال أبو داود: قلت لأحمد: يشاكل أحد سفيان وشعبة في عطاء؟ قال:
لا، قلما يختلف عنه سفيان وشعبة.
وقال أحمد بن أبي يحيى عن يحيى بن معين: جميع من روى عن عطاء
ابن السائب روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان.
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: كل شيء من حديث
عطاء بن السائب ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان.
(2/738)
"حصين بن عبد الرحمن"
ومنهم حصين بن عبد الرحمن
السلمي الكوفي، يكنى أبا الهذيل أحد الثقات الأعيان المحتج بهم
في الصحيحين.
قال ابن معين: اختلط بأخرة.
قال أبو حاتم الرازي: في آخر عمره ساء حفظه.
قال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين: ما روى هشيم وسفيان عن
حصين صحيح، ثم أنه اختلط.
وقال أيضاً يزيد: قلت ليحيى بن معين: عطاء بن السائب وحصين
اختلطا؟ قال: نعم.
قلت: من أصحهم سماعاً؟ قال: سفيان أصحهم يعني الثوري وهشيم في
حصين.
قلت: فجرير؟ فكأنه لم يلتفت إليه.
وقال أحمد في رواية الأثرم: هشيم لا يكاد يسقط عليه شيء من
حديث حصين، ولا يكاد يدلس عن حصين.
وقد خرجا في الصحيحين حديث حصين بن عبد الرحمن من رواية جماعة
من أصحابه، منهم شعبة وسفيان، وخالد الواسطي، وعبثر بن القاسم
وهشيم وأبو عوانة ومحمد بن فضيل.
(2/739)
وخرج البخاري ـ أيضاً ـ حديثه من رواية
زائدة وحصين بن نمير، وسليمان بن كثير العبدي، وعبد العزيز بن
مسلم، وعبد العزيز العمي، وأبي بكر بن عياش، وأبي كدينة.
وخرجه مسلم أيضاً ـ من رواية أبي الأحوص سلام بن سليم، وزياد
البكائي، وابن إدريس وعباد بن العوام.
(2/740)
وقد أنكر ابن المديني وغيره أن يكون حصين
اختلط، قالوا: ولكن ساء حفظه، كما قاله أبو حاتم.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: سمعت يزيد بن هارون يقول: طلبت
الحديث، وحصين حي بالمبارك، يقرأ عليه، وكان قد نسي.
وقال الحسن: قلت لعلي بن المديني: حصين؟ قال: حصين حديثه واحد
وهو صحيح.
قلت: فاختلط؟ قال: لا، ساء حفظه، وهو على ذاك ثقة.
قال الحسن: وسمعت يزيد يقول: اختلط.
وقد ذكر العقيلي وابن عدي حصين بن عبد الرحمن هذا في كتابيهما
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
وذكره البخاري أيضاً في كتاب الضعفاء. وذكر حكاية أحمد عن يزيد
بن هارون المتقدمة.
(2/741)
"سعيد بن إياس الجريري"
ومنهم سعيد بن إياس الجريري البصري، يكنى أبا مسعود. أحد
الثقات الأعيان اختلط بأخرة، فكان يلقن فيتلقن.
وقد حدث عنه الأئمة بالكثير قبل الاختلاط.
وحديثه مخرج في الصحيحين من رواية جماعة عنه، وقد سمع منه قوم
بعد الاختلاط، منهم عيسى بن يونس، قاله يحيى بن معين وغيره.
وامتنع عيسى أن يحدث عنه حيث نهاه يحيى بن سعيد أن يحدث عنه.
قال ابن معين: وسمع يزيد بن هارون من الجريري ـ وهو مختلط.
وذكر الفلاس عن يحيى القطان، قال: أتيت الجريري فسمعته يقول:
(ثنا) عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن عمرو قال: "بين كل
آذانين صلاة" فلما خرجت، قال لي رجل: إنما هو عن عبد الله بن
مغفل، فرجعت إليه، فقلت له، فقال: عن عبد الله بن مغفل.
وممن سمع منه بعد الاختلاط محمد بن أبي عدي، وكان يقول: لا
أكذب الله، ما سمعت من الجريري إلا بعدما اختلط.
(2/742)
وممن سمع منه قبل الاختلاط الثوري، وابن
علية، وبشر بن المفضل.
وكان ابن علية ينكر أن يكون الجريري اختلط.
قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، قال: سألت يحيى عن الجريري
أكان اختلط؟.
قال: لا، كبر الشيخ فرق.
"سعيد بن أبي عروبة"
ومنهم سعيد بن أبي عروبة، واسمه مهران البصري، يكنى أبا النضر،
أحد الحفاظ الأعلام.
اختلط في آخر عمره، وقد أكثر الأئمة السماع منه قبل الاختلاط.
منهم: يزيد بن زريع، قاله الإمام أحمد.
وقال ابن معين: يزيد بن هارون صحيح السماع منه، قال: وأثبت
الناس سماعاً منه عبدة بن سليمان.
وقال ابن عدي: اثبت الناس يزيد بن زريع، وخالد بن الحارث ويحيى
بن سعيد.
وقال أحمد: سماع محمد بن بشر وعبدة منه جيد، ومحمد بن بكر
(2/743)
البرساني، قال: وسماع عيسى يعني ابن يونس
منه جيد، سمع منه بالكوفة.
وقال السهمي هو فوق هؤلاء، يعني فوق محمد بن بكر وغيره في
سماعة من سعيد.
قال: وروح حديثه عنه صالح.
قيل لأحمد: فالخفاف؟ قال: ما أقربه منه، إلا أنه كان عالماً
بسعيد.
قيل له: يقولون سماع خالد منه بعد الاختلاط، قال: لا أدري.
وأما من سمع منه بعد الاختلاط فجماعة، منهم: محمد بن جعفر
غندر.
نهى عبد الرحمن بن مهدي أن يكتب حديثه عن سعيد بن أبي عروبة
وقال: إنه سمع منه بعد الاختلاط.
وأنكر ذلك عمرو الفلاس، وقال: سمعت غندراً، يقول: ما أتيت شعبة
حتى فرغت من سعيد، يعني أنه سمع منه قديماً.
ومنهم أبو نعيم الفضل بن دكين:
قال: كتبت عن سعيد بن أبي عروبة حديثين، ثم اختلط، فقمت،
وتركته.
(2/744)
ومنهم ابن أبي عدي:
قال أحمد عن يحيى بن سعيد: جاء ابن أبي عدي إلى ابن أبي عروبة،
بأخرة، يعني وهو مختلط.
وقال العجلي: روى عن ابن أبي عروبة في الاختلاط يزيد بن هارون
وابن المبارك وابن عدي، كلما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو
مختلط، إنما الصحيح حديث حماد بن سلمة، وابن علية، وعبد الأعلى
عنه، والثوري وشعبة صحيح.
وقال أحمد: شعيب بن إسحاق: سمع من سعيد بآخر رمق.
وحكى يزيد بن الهيثم عن ابن معين، أن يزيد سمع من ابن أبي
عروبة بالكوفة قبل أن ينكر، وقد روى عن (يزيد) ما يشهد لذلك،
وأنه (رآه) بعد الاختلاط، فأنكره.
وهذا يدل على أنه لم يسمع منه حينئذ.
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: سماع يزيد بن هارون من ابن
أبي عروبة في الصحة إلا ثلاثة أحاديث، أو أربعة.
قال عبد الله: قلت لأبي: أيما أحب إليك في سعيد: الخفاف
(2/745)
أو أسباط بن محمد؟ قال: أسباط أحب إلي،
لأنه سمع بالكوفة. قلت: أيما أحب إليك الخفاف، أو أبو قطن، في
سعيد؟ قال: الخفاف أقدم سماعاً من أبي قطن.
ومما أنكر على سعيد في حال اختلاطه أنه روى عن قتادة، عن أنس،
انه قال:
"الأذنان من الرأس" أنكره يحيى القطان.
ونقل الأثرم عن أحمد أنه ذكر سماع يزيد بن هارون من سعيد بن
أبي عروبة، فضعفه، وقال: كذا وكذا حديث أخطأ.
قال: وروايات عباد العوام عن سعيد بن أبي عروبة مضطربة.
قيل لأحمد: روى الكوفيون عن سعيد غير شيء خلاف ما روى عنه
البصريون قال: هذا من حفظ سعيد، كان يحدث من حفظه.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: عبد الوهاب الخفاف كان أصحاب
الحديث
(2/746)
يقولون: إنه سمع من سعيد بآخره، (كان شبه
المتروك، ووكيع سمع من سعيد بأخرة، وأبو نعيم سمع من سعيد
بأخرة) .
وزعم أبو أسامة أنه كتب عن سعيد بالكوفة.
وقال ابن عمار الموصلي: سمع وكيع والمعافى بن عمران من سعيد
بعد الاختلاط. قال: وليست روايتهما عنه بشيء.
وقال جعفر الطيالسي: سمعت يحيى بن معين يقول: قلت لعبد الوهاب:
سمعت من سعيد في الاختلاط؟ قال: سمعت منه في الاختلاط وغير
الاختلاط، فليس أميز بين هذا وهذا.
"عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي"
ومنهم عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي
الكوفي اختلط بأخرة.
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كل من سمع من المسعودي
بالكوفة، مثل وكيع وأبي نعيم، وأما يزيد بن هارون وحجاج ومن
سمع منه ببغداد سمع في الاختلاط، إلا من سمع منه بالكوفة، يعني
أن سماع من سمعه منه بالكوفة صحيح، ومن سمع منه ببغداد كيزيد
بن هارون وحجاج فهو بعد الاختلاط.
قال عبد الله أيضاً: قال أبي: سماع (وكيع من) المسعودي بالكوفة
(2/747)
قديماً، وأبو نعيم ـ أيضاً ـ. وإنما اختلط
المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد.
انتهى.
وممن كتب عنه قبل أن يختلط مسلم بن قتيبة، وكتب عنه أبو داود
بعد الاختلاط.
ونقل حنبل عن أحمد، قال: سماع عاصم بن علي، وأبي النضر، وهؤلاء
من المسعودي بعدما اختلط.
وذكر معاذ بن معاذ أن المسعودي قدم عليهم الكوفة مرتين وهو
صحيح، قال: ثم لقيته ببغداد سنة أربع وخمسين ومائة، وهو صحيح،
ثم لقيته ببغداد مرة أخرى سنة إحدى وستين، وقد أنكروه.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: المسعودي كان ثقة، اختلط
بأخرة، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون أحاديث
مختلطة. وما روى (عنه) الشيوخ هو مستقيم.
وليحيى بن معين في المسعودي تفصيل آخر.
ذكر محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن يحيى بن معين، قال: المسعودي
ثقة، وكان يغلط فيما يحدث عن عاصم بن بهدلة وسلمة يعني ابن
كهيل، وكان صحيح الرواية فيما يحدث عن القاسم، ومعن.
ونقل الغلابي عن ابن معين نحوه ـ أيضاً ـ.
(2/748)
"عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي"
ومنهم عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي البصري، أحد الحفاظ
المشهورين.
تغير حفظه في آخر عمره، واختلط.
قال عقبة بن مكرم: كان عبد الوهاب الثقفي قد اختلط قبل موته
بثلاث سنين، أو أربع سنين.
وقال أبو داود جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيراً فحجب
الناس عنهما.
"سفيان بن عيينة"
ومنهم سفيان بن عيينة: قال
ابن عمار الموصلي، عن يحيى القطان: أشهد أن ابن عيينة اختلط
سنة سبع وتسعين، فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا
شيء.
"صالح مولى التوأمة"
ومنهم صالح بن نبهان مولى التوأمة اختلط بأخرة.
فمن سمع منه قديماً فسماعه صحيح، قاله أحمد وغيره.
(2/749)
ومن سمع منه قديماً ابن أبي ذئب، قاله ابن
معين.
قال: وسماع الثوري منه بعد أن خرف.
قال احمد: وروى عنه أكابر أهل المدينة.
قال: وقول مالك بن أنس "ليس بثقة" لأنه إنما أدركه (وقد) كبر
واختلط.
وقال البخاري: موسى بن عقبة سمع من صالح قديماً، نقله عنه
الترمذي في علله.
وذكر ابن حبان أن حديث صالح اختلط قديمه بحديثه ولم يتميز.
"أبان بن صمعة"
ومنهم أبان بن صمعة:
ذكر يحيى وابن مهدي وأحمد وغيرهم أنه اختلط بأخرة.
وذكر ابن عدي أنه مع ذلك لم يجد له حديثاً منكراً.
"محمد بن الفضل السدوسي"
ومنهم محمد بن الفضل السدوسي،
وأبو النعمان ولقبه عارم، أحد الثقات المتفق على تخريج حديثهم.
اختلط في آخر عمره.
(2/750)
قال العقيلي: سمع منه علي بن عبد العزيز
البغوي بعد اختلاطه.
ومما روى في اختلاطه عن حماد بن سلمة عن حميد عن انس أن النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
ورواه قبل اختلاطه عن حميد عن الحسن عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ مرسلاً.
وكذا رواه عفان عن حماد بن سلمة، وهو الصواب.
"أبو قلابة الرقاشي"
ومنهم أبو قلابة الرقاشي:
عبد الملك بن محمد.
كان ابن خزيمة يقول: (ثنا) أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط،
ويخرج إلى بغداد.
قلت: وهو مع هذا كثير الوهم قبل اختلاطه ـ أيضاً ـ.
(2/751)
من يلتحق بالمختلطين
ممن اضر في آخر عمره
يلتحق بهؤلاء من أضر في آخر عمره، وكان لا يحفظ جيداً، فحدث من
حفظه أو كان يلقن فيتلقن.
وقد ذكر أبو خيثمة أن يزيد بن هارون كان يعاب عليه أنه لما أضر
كان يأمر جارية له أن تلقنه الأحاديث من كتاب فيحدث بها، وقد
سبق ذكر ذلك.
فمنهم عبد الرزاق بن همام الصنعاني
أحد أئمة الحديث المشهورين، وإليه كانت الرحلة في زمانه في
الحديث، حتى قيل: إنه لم يرحل إلى أحد بعد رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ما رحل إلى عبد الرزاق.
قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن هانىء: عبد الرزاق لا يعبأ
بحديث من سمع منه، وقد ذهب بصره، كان يلقن أحاديث باطلة وقد
حدث (عن الزهري) أحاديث كتبناها من أصل كتابه وهو ينظر جاؤوا
بخلافها.
ونقل الأثرم عنه معنى ذلك.
وقال في النيسابوري يعني محمد بن يحيى الذهلي: قدم على عبد
الرزاق مرتين: إحداهما بعدما عمي.
وذكر الأثرم عن أحمد أنه ذكر له حديث "النار جبار" فقال: هذا
باطل ليس من هذا شيء.
ثم قال: ومن يحدث (به) عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثني به أحمد بن
(2/752)
شبويه. قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان
يلقن فلقنه، وليس هو في كتابه وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في
كتبه، كان يلقنها بعدما عمي.
قال أبو عبد الله: حكوا عنه عن الحلواني أحاديث أسندها.
وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي
وأهل البيت، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعدما عمي. كما قاله
الإمام أحمد، والله أعلم، وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح
عنه.
وقال النسائي: عبد الرزاق ما حدث عنه بأخرة ففيه نظر.
وذكر عبد الله بن أحمد أنه سمع يحيى بن معين قيل له تحفظ عن
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنه مسح على الجبائر" فقال
يحيى: باطل، ما حدث به معمر قط. ثم قال يحيى: عليه مائة بدنة
مقلدة مجللة إن كان معمر
(2/753)
حدث بهذا قط. هذا باطل ولو حدث بهذا عبد
الرزاق كان حلال الدم. من حدث بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا:
فلان.
وفي بعض النسخ، قالوا: محمد بن يحيى. قال: لا والله ما حدث به
معمر. وعليه حجة من هنا إلى مكة إن كان معمر يحدث بهذا.
قال عبد الله بن أحمد: هذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو
بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه. عن علي، عن النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وعمرو بن خالد لا يساوي شيئاً.
قال عبد الله: وسمعت يحيى يقول: ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً
قط إلا من كتابه، لا والله ما كتبت عنه حديثاً قط إلا من
كتابه. وذكر بعضهم أن سماع الدبري من عبد الرزاق بأخرة.
قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع
سنين.
"أبو حمزة السكري"
ومنهم أبو حمزة السكري.
واسمه محمد بن ميمون، ثقة مشهور من أهل مرو.
قال أحمد في رواية ابن هانىء: كان قد ذهب بصره، وكان ابن شقيق
قد كتب عنه وهو بصير، قال: وابن شقيق أصح حديثاً ممن كتب عنه
من غيره.
وقال النسائي في سننه، في (أبي) حمزة: هو مروزي لا بأس به إلا
أنه كان ذهب بصره في آخر عمره فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه جيد.
(2/754)
"علي بن مسهر"
ومنهم علي بن مسهر، أحد الثقات المشهورين.
قال أحمد في رواية الأثرم: كان ذهب بصره، فكان يحدثهم من حفظه،
وأنكر عليه حديثه عن هشام عن ابيه عن عائشة "كان رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ إذا سمع المؤذن، قال: وانا".
وقال: إنما هو عن هشام عن أبيه مرسل. وعلي بن مسهر له مفاريد.
ومنها في حديث "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليرقه" وقد خرجه
مسلم.
وذكر الأثرم أيضاً عن أحمد أنه أنكر حديثاً فقيل له: رواه علي
بن مسهر، فقال: إن علي بن مسهر
كانت كتبه قد ذهبت فكتب بعد، فإن كان روى هذا غيره، وإلا فليس
بشيء يعتمد.
ويلتحق بهؤلاء من احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فوهم.
كما قاله غير واحد في ابن لهيعة.
(2/755)
وقد سبق ذكر ذلك، وقد كان أحمد يضعف حديث
المتأخرين عنه، وقال: قتيبة ويحيى بن يحيى النيسابوري آخر من
سمع منه، نقله عنه الأثرم.
وقال أبو حاتم الرازي: مروان بن محمد تأخر سماعه من ابن لهيعة
فهو يحدث عنه يعني بمناكير.
"من لا يحدث من كتابه فيهم في
حديثه"
ومن هذا النوع أيضاً قوم ثقات لهم كتاب صحيح وفي حفظهم بعض شيء
فكانوا يحدثون من حفظهم أحياناً فيغلطون، ويحدثون أحياناً من
كتابهم فيضبطون:
"عبد الرزاق بن همام الصنعاني"
فمنهم عبد الرزاق بن همام:
وقد تقدم أنه لما كان بصيراً ويحدث من كتابه كان حديثه جيداً،
وما حدث من حفظه خلط.
قال أحمد في رواية الأثرم: في حديث عبد الرزاق عن معمر عن
الزهري عن سالم عن أبيه: "أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى
على عمر ثوباً جديداً"، فقال: هذا كان يحدث به من حفظه، ولم
يكن في الكتب، وقد
(2/756)
تقدم ذكر هذا الحديث في كتاب اللباس.
وقال يحيى بن معين: ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً واحداً إلا
من كتابه كله.
ومما أنكر على عبد الرزاق حديثه عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة مرفوعاً: "الخيل معقود في نواصيها الخير".
أنكره أحمد ومحمد بن يحيى، وقال: لم يكن في أصل عبد الرزاق.
وذكر الدارقطني أن الصواب إرساله.
وقال الدارقطني عبد الرزاق يخطىء عن معمر في أحاديث لم تكن في
الكتاب.
"عبد العزيز الدراوردي"
ومنهم الدراوردي عبد العزيز بن محمد.
أحد علماء أهل المدينة وثقاتهم.
(2/757)
قال الأثرم: قال أبو عبد الله: الدراوردي
إذا حدث من حفظه فليس بشيء، أو نحو هذا.
فقيل له: في تصنيفه؟ فقال: ليس الشأن في تصنيفه إن كان في أصل
كتابه، وإلا فلا شيء.
(كان يحدث بأحاديث ليس لها أصل في كتابه. قال: ويقولون: إن
حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة "أن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ كان يستعذب له الماء"، ليس له أصل في كتابه) . انتهى.
وقد تقدم عن ابن معين أنه قال في حديثه عن العلاء عن أبيه، عن
أبي هريرة، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "تقتل عماراً
الفئة الباغية" إنه لم يكن في كتابه أيضاً. وقال يحيى بن معين:
الدراوردي ما روى من كتابه فهو أثبت من حفظه.
"همام بن يحيى العوذي"
ومنهم همام بن يحيى العوذي
البصري، أحد الثقات المشهورين.
قال يزيد بن زريع وعبد الرحمن بن مهدي: كتابه صحيح، وحفظه ليس
بشيء.
(2/758)
وكان يحيى بن سعيد لا يرضى كتابه، ولا
حفظه، ثم بعد ذلك قدم معاذ بن هشام، فرآه يحيى يوافق هماماً في
أشياء، فكان يحيى يقول بعد ذلك: كيف قال همام؟
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي قال: قال عفان: (ثنا) يوماً
همام فقلت له: إن يزيد بن زريع حدثنا عن سعيد عن قتادة، ذكر
خلاف ذلك الحديث قال: فذهب فنظر في الكتاب، ثم جاء فقال: يا
عفان ألا تراني أخطىء، وأنا لا أعلم.
قال عفان: وكان همام إذا حدثنا بقرب عهده بالكتاب فقلما كان
يخطىء.
قال عبد الله: وقال أبي: ومن سمع من همام بأخرة فهو أجود، لأن
هماماً كان في آخر عمره أصابته زمانة، فكان يقرب عهده بالكتاب،
فقلما كان يخطىء.
"شريك بن عبد الله النخعي"
ومنهم شريك بن عبد الله النخعي،
قاضي الكوفة. قال يعقوب بن شيبة وغيره: كتبه صحاح، (وحفظه فيه
اضطرب.
وقال محمد بن عمار الموصلي الحافظ: شريك كتبه صحاح) . فمن سمع
منه من كتبه فهو صحيح، قال: ولم يسمع من شريك من كتابه إلا
إسحاق الأزرق.
(2/759)
وقد قيل: إن أصوله كان فيها الخطأ، فذكر
محمد بن يحيى (بن) سعيد القطان، عن ابيه، قال: نظرت في كتب
شريك فإذا الخطأ في أصوله.
وفرق آخرون بين ما حدث به في آخر عمره بعد ولايته القضاء،
فضعفوه، لاشتغاله بالقضاء عن حفظ الحديث، وبين ما حدث به قبل
ذلك فصححوه.
وقال أحمد في رواية الأثرم، وذكر سماع أبي نعيم من شريك، فقال:
سماع قديم، وجعل أحمد يصححه.
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله. قال لي حجاج بن محمد: كتبت
عن شريك نحواً من خمسين حديثاً عن سالم قبل القضاء، يعني قبل
أن يلي القضاء.
قال أبو حاتم: حديث شريك، من حفظه بأخرة، وكان قد ساء حفظه، عن
عاصم الأحول، عن الشعبي عن ابن عباس، "أن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ احتجم وهو صائم محرم" فغلط فيه. ورواه جماعة، ولم
يذكروا صائماً محرماً، إنما قالوا: "احتجم وأعطى الحجام أجره"
وأنكر ذلك يحيى القطان.
قال عبد الجبار بن محمد الخطابي: قلت ليحيى بن سعيد: زعموا أن
(2/760)
شريكاً إنما خلط بأخرة، قال: ما زال
مخلطاً، وبكل حال فهو سيىء الحفظ، كثير الوهم.
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ شريك في أربعمائة حديث.
"حماد بن أبي سليمان"
ومنهم حماد بن أبي سليمان.
فقيه الكوفة، وشيخ أبي حنيفة.
قال أبو داود سمعت أحمد يقول: حماد مقارب الحديث، ما روى عنه
سفيان وشعبة والقدماء، قال: وهشام الدستوائي سمع منه قديماً،
سماعه صالح، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط.
ونقل الأثرم عن أحمد، قال: رواية القدماء عن حماد (مقاربة) :
(شعبة) والثوري وهشام الدستوائي.
وأما غيرهم، فقد جاؤوا عنه بأعاجيب. قلت له: حجاج وحماد بن
سلمة قال: حماد على ذاك، أي لا بأس به. قال: وقد سقط فيه غير
واحد مثل محمد بن جابر وأشار بيده، فظننت أنه سلمة الأحمر.
(2/761)
قال الأثرم: ولعله قد عنى غيره.
قوله: قد سقط فيه يعني رووا عنه ما لا يرتضى.
وقال أبو داود عن احمد، قال: ما روى سفيان وشعبة وحماد، وعن
إبراهيم، أحب إلي من رواية مغيرة عن إبراهيم، إلا أن في حديث
الآخرين عن حماد تخليطاً.
"حفص بن غياث"
ومنهم حفص بن غياث النخعي، أبو عمر قاضي الكوفة.
قال أبو زرعة: ساء حفظه بعدما استقضى، فمن كتب عنه من (كتابه
فهو صالح، وإلا فهو كذا وكذا. وقال ابن المديني حفص ثبت) . قيل
له: إنه يهم. قال: كتابه صحيح.
وقال يعقوب بن شيبة: (وهو ثقة ثبت) إذا حدث من كتابه ويتقي بعض
حفظه.
وقد تكلم في حفظه غير واحد، منهم الإمام أحمد.
(وقال) داود بن رشيد: كان كثير الغلط.
وذكر ذلك لمحمد بن عمار، فقال: لا، ولكن كان لا يحفظ حسناً،
ولكن كان إذا حفظ الحديث، أي فكان يقوم به حسناً.
وقد روي عن ابن معين أن حفصاً لم يكن يحدث إلا من حفظه ببغداد
والكوفة ولم يخرج كتاباً، كتبوا عنه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف
حديث من حفظه.
(2/762)
"شبيب بن سعيد الحبطي"
ومنهم شبيب بن سعيد الحبطي، البصري، أبو أحمد بن شبيب.
خرج حديثه البخاري.
قال علي بن المديني: ثقة. كان من أصحاب يونس بن يزيد. كان
يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه كتاب صحيح، وقد كتبتها عن ابنه
أحمد.
(قال ابن عدي: له نسخة عن يونس بن يزيد، عن الزهري، يرويها عنه
ابنه أحمد) ، وهي أحاديث مستقيمة. وروى عنه ابن وهب أحاديث
مناكير، فلعل شبيباً حدث بمصر في تجارته إليها، كتب عنه ابن
وهب، من حفظه فيغلط ويهم.
"إبراهيم بن سعد الزهري"
ومنهم إبراهيم بن سعد الزهري، أحد الأعيان الثقات، المتفق على
تخريج حديثهم. قال أحمد: كان يحدث من حفظه فيخطىء، وفي كتابه
الصواب.
وقد تكلم فيه يحيى القطان.
روى من حفظه أحاديث أنكرت عليه، منها: روى عن أبيه، عن أنس،
(2/763)
عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
"الأئمة من قريش".
وسئل أحمد عنه، فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم، لا ينبغي أن
يكون له أصل.
"أبو داود الطيالسي"
ومنهم سليمان بن داود، أبو داود الطيالسي البصري.
حدث من حفظه فوهم، وكان حفظه كثيراً جداً. يقال أنه حدث من
حفظه بأصبهان بأربعين ألف حديث فأخطأ فيها في مواضع، (وليس ذلك
يعجب منه.
ويقال أنه أخطأ في ألف حديث) .
ومن جملة ما أخطأ فيه أنه (روى عن شعبة عن سعيد) بن قطن عن أبي
زيد الأنصاري مرفوعاً: "من لم يرحم صغيرنا فليس منا". ويقال
أنه نظر في كتابه فلم يجده.
وقد ذكرنا هذا الحديث والاختلاف فيه في كتاب البر والصلة.
(2/764)
"يونس بن يزيد الأيلي"
ومنهم يونس بن يزيد الأيلي، صاحب الزهري.
قال أحمد: إذا حدث من حفظه يخطىء.
وقال أبو عثمان الرذعي: سألت أبا زرعة عن يونس في غير الزهري،
فقال: ليس بالحافظ.
قال: وقال لي أبو حاتم، وكان شاهداً: سمعت علي بن محمد
الطنافسي يذكر عن وكيع، قال: لقيت يونس بن يزيد بمكة، فجهدت به
الجهد على أن يقيم حديثاً، فلم يقدر عليه.
قال أبو زرعة: كان صاحب كتاب، فإذا حدث من حفظه لم يكن عنده
شيء.
وكذا قال ابن المبارك، وابن مهدي في يونس: إن كتابه صحيح وقال
ابن مهدي: لم أكتب حديث يونس بن يزيد إلا عن ابن المبارك، فإنه
أخبرني أنه كتبها عنه من كتابه.
"عبد الصمد بن حسان"
ومنهم عبد الصمد بن حسان.
ذكر البخاري في تاريخه أنه يهم من حفظه، قال: وأصله صحيح.
وقد ذكر أحمد أن ابا عوانة كان يحدث من حفظه فيخطىء.
(2/765)
وكذلك يحيى بن أيوب المصري ـ قال أحمد: كان
إذا حدث من حفظه يخطىء، وإذا حدث من كتاب فليس به بأس.
وقد حدث يحيى من حفظه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة: في
قراءة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الوتر. فقال أحمد: من
يحتمل هذا؟ يعني أنه خطأ فاحش.
وقال أبو زرعة، في سويد بن سعيد: أما كتبه فصحاح، كنت أتتبع
أصوله، وأكتب منها، فأما إذا حدث من حفظه فلا.
وقال البخاري: أبو أويس المدني ما روى من أصل كتابه فهو أصح.
وقال ابن المبارك في إبراهيم بن طهمان، وأبي حمزة السكري: كانا
صحيحي الكتب. وهذا يدل على أن حفظهما كان فيه شيء عنده.
النوع الثاني من ضعف حديثه في بعض
الأماكن دون بعض وهو على ثلاثة أضرب:
الضرب الأول
من حدث في مكان لم تكن معه فيه كتبه فخلط، وحدث في مكان آخر من
كتبه فضبط أو من سمع في مكان من شيخ فلم يضبط عنه، وسمع منه في
موضع آخر فضبط.
"معمر بن راشد"
فمنهم معمر بن راشد، حديثه بالبصرة فيه اضطراب كثير، وحديثه
باليمن جيد.
قال أحمد في رواية الأثرم: حديث عبد الرزاق عن معمر أحب إلي من
حديث هؤلاء البصريين، كان يتعاهد كتبه وينظر، يعني باليمن،
وكان يحدثهم بخطأ بالبصرة.
وقال يعقوب بن شيبة: سماع أهل البصرة من معمر، حيث قدم عليهم
فيه اضطراب، لأن كتبه لم تكن معه.
فمما اختلف فيه باليمن والبصرة. حديث "أن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ كوى أسعد بن زرارة من الشوكة" رواه باليمن عن
الزهري، عن أبي أمامة بن سهل مرسلاً. ورواه بالبصرة عن الزهري
عن أنس.
(2/766)
والصواب المرسل.
ومنه حديث "إنما الناس كإبل مائة".
رواه باليمن عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً. ورواه بالبصرة
مرة كذلك، ومرة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
ومنه حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه "أن غيلان أسلم وتحته
عشر نسوة" الحديث.
قال أحمد في رواية ابنه صالح: معمر أخطأ بالبصرة (في) إسناد
حديث غيلان، ورجع باليمن، فجعله منقطعاً.
(2/768)
"هشام بن عروة"
ومنهم هشام بن عروة:
وقد سبق قول الإمام أحمد: كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن، أو
قال أصح.
وقال يعقوب بن شيبة: هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف،
وذلك فيما حدث بالعراق خاصة، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما
يفحش، يسند الحديث أحياناً ويرسله أحياناً، لا أنه يقلب إسناده
كأنه على ما يذكر من حفظه يقول: عن أبيه عن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ويقول: عن أبيه عن عائشة عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ. إذا اتقنه أسنده، وإذا هابه أرسله.
وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها،
والله أعلم.
"عبد الرحمن بن أبي الزناد"
ومنهم عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وقد وثقه قوم وضعفه آخرون منهم يحيى بن معين.
(2/769)
وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني
يضعف ما حدث به ابن أبي الزناد (بالعراق) ويصحح ما حدث به
بالمدينة. قال: وسمعت ابن المديني يقول: ما روى سليمان الهاشمي
عنه فهي حسان، نظرت فيها فإذا هي مقاربة وجعل علي يستحسنها.
"يزيد بن هارون"
ومنهم يزيد بن هارون.
قال صالح بن أحمد: قال أبي: يزيد بن هارون من سمع (منه) بواسط
هو اصح ممن سمع (منه) ببغداد، لأنه كان بواسط يلقن فيرجع إلى
ما في الكتب.
"عبد الرزاق بن همام"
ومنهم عبد الرزاق بن همام الصنعاني:
وقد تقدم: (ذكره) .
قال أحمد في رواية الأثرم: سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان
مضطرب جداً، روى عن (عبيد الله) أحاديث مناكير هي من حديث
العمري. وأما سماعه باليمن، فأحاديث صحاح.
قال أبو عبد الله أحمد: قال عبد الرزاق: كان هشام بن يوسف
القاضي
(2/770)
يكتب بيده، وأنا انظر، يعني عن سفيان
باليمن، قال عبد الرزاق: قال سفيان: ائتوني برجل خفيف اليد،
فجاءوه بالقاضي، وكان ثم جماعة يسمعون، لا ينظرون في الكتاب.
قال عبد الرزاق: وكنت أنا أنظر، فإذا قاموا ختم القاضي الكتاب.
قال أبو عبد الله: لا أعلم أني رأيت ثم خطأ إلا في حديث بشير
بن سلمان، عن سيار. قال: أظن أني رأيته عن سيار، عن أبي حمزة،
فأراهم أرادوا عن سيار. أبي حمزة، فغلطوا، فكتبوا: عن سيار؛ عن
أبي حمزة هذا كله كلام أحمد ـ رحمه الله ـ ليبين به صحة سماع
عبد الرزاق باليمن من سفيان وضبط الكتاب الذي كتب هناك عنه.
وذكر لأحمد حديث عبد الرزاق، عن الثوري، عن قيس، عن الحسن بن
محمد عن عائشة قالت: "أهدى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشيقة
لحم، وهو محرم فلم يأكله".
فجعل أحمد ينكره إنكاراً شديداً، وقال: هذا سماع مكة.
(2/771)
"عبيد الله بن عمر العمري"
ومنهم عبيد الله بن عمر العمري.
ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الكوفة منه شيئاً.
"الوليد بن مسلم الدمشقي"
ومنهم الوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي.
ظاهر كلام الإمام أحمد أنه إذا حدث بغير دمشق ففي حديثه شيء.
قال أبو داود: سمعت أبا عبد الله سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء
عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "عليكم
بالباءة".
قال: هذا من الوليد يخاف أن يكون ليس بمحفوظ عن الأوزاعي، لأنه
حدث به الوليد بحمص، ليس هو عند أهل دمشق.
وتكلم أحمد ـ أيضاً ـ فيما حدث به الوليد من حفظه بمكة.
"المسعودي"
ومنهم المسعودي.
وقد سبق قول أحمد فيه أن من سمع منه بالكوفة، فسماعه صحيح، ومن
سمع منه ببغداد فسماعه مختلط.
(2/772)
الضرب الثاني من حدث
عن أهل مصر أو إقليم فحفظ حديثهم، وحدث عن غيرهم
فلم يحفظ
"إسماعيل بن عياش"
فمنهم إسماعيل بن عياش الحمصي أبو
عتبة، إذا حدث عن الشاميين (فحديثه) عنهم (جيد) .
وإذا حدث عن غيرهم فحديثه مضطرب.
هذا مضمون ما قاله الأئمة فيه منهم أحمد ويحيى والبخاري وأبو
زرعة.
وقد ذكر الترمذي ذلك ـ أيضاً ـ في كتاب الوصايا في باب ما جاء
"لا وصية لوارث".
وذكرنا هناك كلام الحفاظ بألفاظهم في هذا المعنى، وذكرنا
كلامهم في إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، في ترجيح أحدهما
على الآخر بما فيه كفاية.
(2/773)
"بقية بن الوليد"
ومنهم بقية بن الوليد
الحمصي:
وهو مع كثرة روايته عن المجهولين الغرائب والمناكير فإنه إذا
حدث عن الثقات المعروفين ولم يدلس فإنما يكون حديثه جيداً عن
أهل الشام، كبحير بن سعيد، ومحمد بن زياد، وغيرهما.
وأما رواياته عن أهل الحجاز وأهل العراق فكثيرة المخالفة
لروايات الثقات، كذا وذكره ابن عدي وغيره.
وذكر سعيد البردعي، قال: قال لي أبو زرعة في حديث أخطأ فيه
بقية عن المسعودي: إذا نقل بقية حديث الكوفة إلى حمص، يكون
هكذا.
"معمر بن راشد"
ومنهم معمر بن راشد ـ أيضاً
ـ كان يضعف حديثه عن أهل العراق خاصة.
قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدثك معمر عن
العراقيين (فخفه) إلا عن الزهري وابن طاوس فإن (حديثه عنهما)
مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا. وما عمل في حديث الأعمش
شيئاً.
(2/774)
"فرج بن فضالة"
ومنهم خرج بن فضالة حمصي؛ قال إسحاق بن هانىء: سئل عنه أبو عبد
الله يعني أحمد، فقال: أما ما روى عن الشاميين فصالح الحديث،
وأما ما روى عن يحيى بن سعيد فمضطرب.
قلت: ومما أنكر من حديثه عن يحيى بن سعيد "إذا عملت أمتي خمس
عشرة خصلة حل بها البلاء".
وقد خرجه الترمذي في كتاب الفتن، وسبق الكلام عليه.
"خالد بن مخلد القطواني"
ومنهم خالد بن مخلد القطواني.
ذكر الغلابي في تاريخه. قال: القطواني يؤخذ عنه مشيخة المدينة،
وابن بلال فقط يريد سليمان بن بلال.
(2/775)
ومعنى هذا أنه لا يؤخذ عنه إلا حديثه عن
أهل المدينة، وسليمان بن بلال منهم، لكنه أفرده بالذكر.
(وقال الإمام أحمد: كان ابن عيينة حافظاً إلا أنه في حديث
الكوفيين له غلط كثير) .
(2/776)
الضرب الثالث من حدث
عنه أهل مصر أو إقليم فحفظوا حديثه، وحدث عنه غيرهم
فلم يقيموا حديثه
"زهير بن محمد الخراساني"
فمنهم زهير بن محمد الخراساني، ثم
المكي، يكنى أبا المنذر، ثقة، متفق على تخريج حديثه؛ مع
أن بعضهم ضعفه.
وفصل الخطاب في حال رواياته أن أهل العراق يروون عنه (أحاديث
مستقيمة، وما خرج عنه في الصحيح فمن رواياتهم عنه. وأهل الشام
يروون عنه) روايات منكرة، وقد بلغ الإمام أحمد بروايات
الشاميين عنه إلى أبلغ من الإنكار.
قال أحمد في رواية (الأثرم: الشاميون يروون عنه أحاديث مناكير،
ثم قال: ترى هذا زهير بن محمد الذي يروي منه عنه أصحابنا؟ ثم
قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة، عبد الرحمن بن مهدي وأبو
عامر، أحاديث مستقيمة صحاح.
(2/777)
وأما أحاديث أبي حفص التنيسي عنه، فتلك
بواطيل موضوعة، أو نحو هذا. أما بواطيل فقد قاله) .
وقال البخاري في زهير: روى عنه ابن مهدي والعقدي، وموسى ابن
مسعود وروى عنه أهل الشام أحاديث مناكير.
قال أحمد: كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر.
وقال البخاري ـ أيضاً ـ: روى عنه الوليد بن مسلم، وعمرو ابن
أبي سلمة مناكير عن ابن المنكدر، وهشام بن عروة، وأبي حازم.
قال أحمد: كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر فقلبوا اسمه.
(وقال أبو حاتم: في حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه
بالعراق لسوء حفظه فما حدث من حفظه ففيه أغاليط، وما حدث من
كتبه فهو صالح) .
قال ابن عدي: لعل الشاميين حيث رووا عنه أخطأوا عليه فإنه إذا
حدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبه مستقيمة، وأرجو أنه لا
بأس به. انتهى.
وقد خرج الترمذي من رواية الشاميين عنه غير حديث، كحديث:
(2/778)
"كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسلم
تسليمة واحدة".
وحديث: قرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أصحابه سورة
الرحمن، الحديث.
والحاكم يخرج من روايات الشاميين عنه كثيراً كالوليد بن مسلم
وعمرو بن أبي سلمة، ثم يقول: صحيح على شرطهما، وليس كما قال:
"محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب"
ومنهم محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ذئب المدني الفقيه الإمام الرباني.
(2/779)
ذكر مسلم في كتاب التمييز أن سماع الحجازين
منه، يعني أنه صحيح.
قال: وفي حديث العراقيين عنه وهم كبير، قال: ولعله كان يلقن
فيتلقن يعني بالعراق.
وذكر أن ذكر الاستسعاء في العتق، في حديث ابن عمر، إنما رواه
عن ابن أبي ذئب، ابن أبي بكير، قال: وسماعه منه بالعراق، فيما
نرى، وأما ابن أبي فديك فلم يذكر عنه السعاية، وهو سماع
الحجازيين.
"أيوب بن عتبة"
ومنهم أيوب بن عتبة
اليمامي.
ذكر أبو عثمان البرذعي، عن أبي زرعة قال: حديث أهل العراق عن
أيوب بن عتبة ضعيف. ويقال: حديثه باليمامة صحيح.
(2/780)
النوع الثالث قوم
ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف بخلاف
حديثهم عن بقية شيوخهم
وهؤلاء جماعة كثيرون:
"حماد بن سلمة"
فمنهم حماد بن سلمة البصري
ـ رضي الله عنهـ ـ.
وقد ذكرنا فيما تقدم أنه أثبت الناس حديثاً عن ثابت.
وكذلك حديثه عن علي بن زيد بن جدعان، هو حافظ له، وقد ذكرنا
ذلك فيما سبق أيضاً.
قال يعقوب بن شيبة: حماد بن سلمة ثقة في حديثه اضطراب شديد،
إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم متقن لحديثهم مقدم على غيره
فيهم.
منهم: ثابت البناني، وعمار بن أبي عمار.
وقال أحمد في رواية الأثرم: لا أعلم أحداً أحسن حديثاً عن حميد
من حماد بن سلمة، سمع منه قديماً، يروي أشياء مرة يرفعها. ومرة
يوقفها. قال: وحميد يختلفون عنه اختلافاً شديداً.
(2/781)
وقال في رواية أبي الحارث: ما أحسن ما روى
حماد عن حميد.
وقال في رواية أبي طالب: حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد
وأصح حديثاً.
وقال أيضاً في روايته: حماد بن سلمة أثبت الناس في حميد
الطويل، سمع منه قديماً، يخالف الناس في حديثه، يعني في حديث
حميد.
وقال أحمد في رواية علي بن سعيد: محمد بن زياد صاحب أبي هريرة
ثقة، وأجاد حماد بن سلمة الرواية عنه.
وأما سماعه من أيوب فسمع منه قديماً، قبل حماد بن زيد ثم تركه
وجالسه حماد بن زيد فأكثر عنه، وكان حماد بن زيد أعلم بحديث
أيوب من حماد بن سلمة، قاله الإمام أحمد أيضاً.
وقال في رواية حنبل: حماد بن سلمة يسند عن أيوب أحاديث لا
يسندها الناس عنه.
وأما الشيوخ الذين تكلم في رواية
حماد عنهم، فمنهم:
قيس بن سعد
قال أحمد: ضاع كتابه عنه فكان يحدث من حفظه فيخطىء.
(2/782)
وضعف يحيى بن سعيد القطان روايات حماد بن
سلمة عن قيس بن سعد ورواياته عن زياد الأعلم.
قال البيهقي: حماد ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون
بما يخالف فيه، ويجتنبون ما تفرد به عن قيس خاصة.
وقد ذكرنا في الزكاة حديث حماد، عن قيس، عن أبي بكر بن حزم، في
فرائض الصلاة.
وقال أحمد في رواية الأثرم: حماد بن سلمة إذا روى عن الصغار
أخطأ وأشار إلى روايته عن داود بن أبي هند.
وقال مسلم في كتاب التمييز: اجتماع أهل الحديث من علمائهم على
أن أثبت الناس في ثابت حماد بن سلمة، كذلك قال يحيى القطان،
ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أهل المعرفة. وحماد
يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت، كحديثه عن قتادة، وأيوب، وداود
بن أبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار،
وأشباههم، فإنه يخطىء في حديثهم كثيراً، وغير حماد في هؤلاء
اثبت عندهم، كحماد بن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع. انتهى.
ومع هذا فقد خرج مسلم في صحيحه لحماد بن سلمة عن أيوب وقتادة
وداود بن أبي هند والجريري ويحيى بن سعيد الأنصاري، ولم يخرج
حديثه عن عمرو بن دينار، ولكن إنما خرج حديثه عن هؤلاء فيما
تابعه عليه غيره من الثقات، ووافقوه عليه، لم يخرج له عن أحد
منهم شيئاً تفرد به عنه، والله أعلم.
(2/783)
وقد قيل: إن من سمع من حماد تصانيفه فليس
حديثه بذاك، ومن سمع منه النسخ التي كانت عنده عن شيوخه فسماعه
جيد.
قال جعفر الطيالسي عن يحيى بن معين: من سمع من حماد بن سلمة
الأصناف ففيها اختلاف، ومن سمع من حماد بن سلمة نسخاً فهو
صحيح.
"جرير بن حازم"
ومنهم جرير بن حازم البصري،
ثقة، متفق على تخريج حديثه، وقد تغير قبل موته بسنة، لكن قال
ابن مهدي حجبه أولاده، فلم يسمع منه في اختلاطه بشيء، ولكن
يضعف في حديثه عن قتادة.
قال أحمد: كان يحدثهم بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها (بواطيل)
.
وقال ـ أيضاً ـ: كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يسند
أشياء، ويوقف أشياء.
وقال عبد الله بن أحمد، عن يحيى بن معين: ليس به بأس.
قال عبد الله: فقلت له: يحدث عن قتادة عن أنس بأحاديث مناكير،
فقال: ليس بشيء هو عن قتادة، ضعيف.
وقد أنكر عليه أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة
يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وذكروا أنت بعضها مراسيل أسندها.
فمنها حديثه بهذا الإسناد "في الذي توضأ وترك على قدمه لمعة لم
يصبها
(2/784)
الماء". ومنها حديثه: "في قبيعة سيف النبي
أنها كانت من فضة".
ومنها حديثه في الحجامة في الأخدعين والكاهل".
ومنها حديثه: "كانت قراءة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مداً".
(2/785)
ومنها حديثه في صفة النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ أنه كان ضخم الكفين والقدمين.
ولكن هذان الحديثان خرجا في الصحيح. وقد تابعه عليهما عمر وأبن
عاصم وغيره.
وقد ذكر ابن عدي لجرير أحاديث أخر، عن قتادة، عن أنس، ذكر أنه
لا يتابع عليها.
وحديثه عن أيوب السختياني، قال أحمد: جرير بن حازم يروي عن
أيوب عجائب.
وحديثه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال مسلم في كتاب التمييز:
لم يمعن في الرواية عنه، إنما روى من حديث نزراً يسيراً، لا
يكاد يأتي بها على التقويم والاستقامة.
وأنكر حديثه عن يحيى عن عمرة عن عائشة "أن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ أمرها بالقضاء لما أفطرت في صيام التطوع". وكذلك
أنكره الإمام أحمد والنسائي وغيرهما.
وقد ذكرنا هذا الحديث في كتاب الصيام.
وروى جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس حديث: "إذا أقيمت
(2/786)
الصلاة فلا تقوموا حتى تروني" فبلغ ذلك
حماد بن زيد فأنكره، وقال: إنما سمعه من حجاج الصواف عن يحيى
بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت،
فظن أنه سمعه من ثابت.
"محمد بن عجلان"
ومنهم محمد بن عجلان، في
رواياته عن سعيد المقبري، وقد سبق حكايتها من قبل.
(2/787)
"عاصم بن بهدلة"
ومنهم عاصم بن بهدلة، وهو
عاصم بن أبي النجود الكوفي، القارىء، كان حفظه سيئاً، وحديثه ـ
خاصة ـ عن زر، وأبي وائل، مضطرب. كان يحدث بالحديث تارة عن زر،
وتارة عن أبي وائل.
قال حنبل بن إسحاق: (ثنا) مسدد، (ثنا) أبو زيد الواسطي، عن
حماد بن سلمة، قال: كان عاصم يحدثنا بالحديث الغداة عن زر،
وبالعشي عن أبي وائل.
قال العجلي: عاصم ثقة في الحديث، لكن يختلف عليه في حديث زر
وأبي وائل.
هشام بن حسان"
ومنهم هشام بن حسان.
قال يعقوب بن شيبة: وهو يعد في أصحاب ابن سيرين، ومن العلماء
به وليس يعد من المتثبتين في غير ابن سيرين.
"سليمان التيمي"
ومنهم سليمان التيمي: أحد
أعيان الأئمة البصريين.
قال أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ: كان التيمي من
الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة.
وقال أيضاً: لم يكن التيمي من الحفاظ، من أصحاب قتادة.
وذكر له أحاديث وهم فيها عن قتادة.
منها حديثه عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان، عن
(2/788)
أبي موسى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
"إنما جعل الإمام ليؤتم به".
قال فيه: "وإذا قرأ فانصتوا".
ولم يذكر هذه اللفظة أحد من أصحاب قتادة (الحفاظ) .
ومنها: إنه روى عن قتادة، عن أنس، عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ أوصى عند موته بالصلاة وما ملكت أيمانكم.
وإنما رواه قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ.
قال: وهذا خطأ فاحش.
ومنها أنه روى عن قتادة عن يونس بن جبير، عن رجل من أصحاب
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صعد
أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فاهتز الجبل ... الحديث".
وإنما رواه عن قتادة عن أنس.
ومنها أنه روى عن قتادة "أن أبا رافع حدثه". ولم يسمع قتادة من
أبي رافع شيئاً.
(2/789)
وقد ذكر الأثرم في العلل أنه عرض هذا
الكلام كله على أحمد، قال: فقال أحمد: هذا اضطراب، هكذا حفظت.
وحديث سليمان التيمي في الأنصات "إذا قرأ الإمام" خرجه مسلم في
صحيحه، وقد أنكر هذه الزيادة غير واحد من الحفاظ، كما ذكرناه
في موضعه من كتاب الصلاة.
وحديث سليمان عن قتادة، "أن أبا رافع حدثه" قد خرجه البخاري في
صحيحه، وهو في حديث "إن الله كتب كتاباً فهو عنده أن رحمتي
سبقت غضبي".
وكان شعبة ينكر سماع قتادة من أبي رافع.
وقال أحمد: لم يسمع قتادة من أبي رافع، نقله عنه الأثرم.
"جعفر بن برقان"
ومنهم جعفر بن برقان،
الجزري، ثقة، مشهور، لكن حديثه عن الزهري خاصة مضطرب.
(2/790)
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن جعفر بن
برقان قال: إذا حدث عن غير الزهري فلا بأس به. ثم قال: في حديث
الزهري يخطىء.
وقال الميموني عن أحمد: جعفر بن برقان ضابط لحديث ميمون، وحديث
يزيد بن الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب ويختلف فيه.
وقال ابن معين: هو ضعيف في الزهري.
وقال يحيى مرة: ليس هو في حديث الزهري بشيء.
ونقل إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين، قال: جعفر بن برقان، ثقة،
فيما يروي عن غير الزهري.
وأما ما روى عن الزهري، فهو فيه ضعيف، وكان أمياً لا يكتب،
وليس هو مستقيم الحديث عن الزهري، وهو في غير الزهري أصح
حديثاً.
وقال يعقوب بن شيبة: قلت لابن معين: أما روايته عن الزهري
فليست مستقيمة؟.
قال: نعم.
وقال ابن نمير: هو ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة.
قال البرقاني: سألت الدارقطني وأبو الحسين بن المظفر حاضر، عن
جعفر بن برقان، قال: فقالا جميعاً: قال أحمد بن حنبل: يؤخذ من
حديثه ما كان عن غير الزهري، فأما عنه فلا.
قلت: لقد لقيه، فما بلاؤه؟ قال: ربما حدث الثقة عن ابن برقان
عن الزهري، ويحدثه الآخر عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري، أو
يقول: بلغني عن الزهري. قال: فأما حديثه عن ميمون بن مهران،
ويزيد بن الأصم فثابت صحيح.
(2/791)
وقال ابن عدي: هو ضعيف في الزهري خاصة،
وكان أمياً، ويقيم روايته عن غير الزهري. ويثبتونه في ميمون بن
مهران وغيره، وكذا قال العقيلي: هو ضعيف في روايته عن الزهري،
وذكر له حديثه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ "أنه نهى عن لبستين وبيعتين ونكاحين وعن
مطعمين"، وذكر "الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر"، "وأن يأكل
الرجل وهو منبطح على وجهه"، وقال: لا يتابع عليه من حديث
الزهري.
(2/792)
وأما الكلام فيروى من غير حديث الزهري
بأسانيد صالحة، ما خلا الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر،
فالرواية فيها لين.
وقال مسلم في كتاب التمييز: جعفر بن برقان، أعلم الناس بميمون
أبن مهران، ويزيد بن الأصم.
فأما روايته عن غيرهما، كالزهري، وعمرو بن دينار، وسائر الرجال
فهو فيها ضعيف الركن، ردىء الضبط في الرواية عنهم.
قلت: لا يبعد أن يكون حديثه عن أهل الجزيرة ـ خاصة ـ محفوظاً ـ
بخلاف حديثه عن غيرهم، وتحقيق ذلك يحتاج إلى سبر أحاديثه عن
غير الجزريين كعكرمة ونافع.
"معقل بن عبيد الله الجزري"
ومنهم معقل بن عبيد الله الجزري،
ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة ويقول: يشبه
حديثه حديث ابن لهيعة.
ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي
الزبير، فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما
يرويها معقل سواء.
(2/793)
ومما أنكر على (معقل) بهذا الإسناد حديث
"الذي توضأ وترك لمعة لم يصبها الماء".
وحديث "النهي عن ثمن السنور" وقد خرجهما مسلم في صحيحه (وكذلك
حديث "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده".
المغيرة بن مسلم
ومنهم المغيرة بن مسلم.
أحاديثه عن أبي الزبير خاصة مستنكرة.
قال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين وسئل عن المغيرة بن
مسلم فقال: ما أنكر حديثه عن أبي الزبير.
وقال النسائي في كتابه: عنده عن أبي الزبير غير حديث منكر.
(2/794)
وخرج حديثه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً:
"إذا استهل الصبي ورث، وصلي عليه".
وخرجه من طريق ابن جريج عن أبي الزبير موقوفاً، وقال: وهو أصح.
وقد ذكرنا له حديثاً آخر في كتاب الأطعمة "في النهي عن بيع
الجلالة" بهذا الإسناد، وهو ـ أيضاً ـ منكر. وقد روي من وجه
آخر عن الزبير مرسلاً، وهو أصح.
"عكرمة بن عمار"
ومنهم عكرمة بن عمار
اليمامي: وهو ثقة، لكن حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة مضطرب
لم يكن عنده في كتاب. قاله يحيى القطان وأحمد والبخاري وغيرهم.
وحديثه عن إياس بن سلمة بن الأكوع متقن، قاله أحمد.
وقال في رواية حرب: هو في غير يحيى ثبت.
وقد أنكر عليه حديثه عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة في "استفتاح
(2/795)
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة
بالليل"، وقد خرجه مسلم في صحيحه وخرجه الترمذي في الدعاء.
وذكرنا هناك كلام الأئمة بألفاظهم في رواية عكرمة عن يحيى،
وأنكر عليه أيضاً حديثه بهذا الإسناد: "لا يقبل الله صلاة بغير
طهور".
وقد ذكرناه في أول الكتاب.
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: هو مضطرب عن غير إياس بن
سلمة وكأن حديثه عن إياس بن سلمة صالح.
"سماك بن حرب"
ومنهم سماك بن حرب.
وقد وثقه جماعة، وخرج حديثه مسلم.
(2/796)
ومن الحفاظ من ضعف حديثه عن عكرمة خاصة،
وقال: يسند عنه عن ابن عباس ما يرسله غيره.
وقال ابن المديني: رواية سماك عن عكرمة مضطربة، سفيان وشعبة
يجعلونها عن عكرمة، وغيرهما يقول عن ابن عباس، إسرائيل، وأبو
الأحوص.
ومنهم من ضعف حديثه في آخر عمره، وقال: كان يلقن حينئذ، وقد
ذكرنا ذلك كله مستوفى في أول الكتاب.
"عمرو بن أبي عمرو"
ومنهم عمرو بن أبي عمرو المدني، مولى المطلب بن حنطب.
وهو ثقة، متفق على تخريج حديثه.
مع أنه تكلم فيه ابن معين، وقال: روى عنه مالك، وكان يستضعفه.
(2/797)
وقال البخاري: هو صدوق، لكن روى عن عكرمة
مناكير، ولم يذكر في شيء منها أنه سمع عكرمة.
نقله عنه الترمذي في كتاب العلل. ولم يخرج له في الصحيح شيء عن
عكرمة، وقد روى عنه حديث: "من وقع على بهيمة فاقتلوه".
وقال أحمد: كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة، لكنه نسب الاضطراب إلى
عكرمة لا إلى عمرو.
"داود بن الحصين"
(ومنهم داود بن الحصين.
روى عنه مالك، وخرجا حديثه في الصحيحين، وتكلم فيه طائفة.
وقال ابن المديني ما روي عن عكرمة فمنكر.
وهذا يقتضي اختصاص نكارة حديثه بما رواه عن عكرمة) .
(2/798)
"الأوزاعي"
ومنهم الأوزاعي إمام أهل
الشام. تكلم طائفة في حديثه عن الزهري خاصة.
وقد ذكرنا ذلك في ذكر أصحاب الزهري.
وتكلم الإمام أحمد في حديثه عن يحيى بن أبي كثير، خاصة، وقال:
لم يكن يحفظه جيداً فيخطىء فيه.
وكان يروي عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، وإنما هو
أبو المهلب.
وذكر له حديث الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل متى كنت نبياً" فأنكره،
وقال: هذا من خطأ الأوزاعي.
وقد ذكرنا ذلك في أول كتاب المناقب.
وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
قال أحمد: كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه،
فكان يحدث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً.
(2/799)
"الأعمش وشعبة
وسفيان"
ومنهم الأعمش، سليمان بن مهران، حافظ أهل الكوفة.
وشعبة بن الحجاج، حافظ أهل البصرة.
وسفيان بن عيينة، محدث الحجاز بعد (مالك) .
حكى ابن البراء في "كتاب العلل" عن علي بن المديني، قال:
الأعمش كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الصغار، مثل الحكم، وسلمة
بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي إسحاق، وما أشبههم.
وقال ابن المديني: الأعمش يضطرب في حديث أبي إسحاق.
قال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: حديث الأعمش عن الصغار
كأبي إسحاق، وحبيب، وسلمة ليس بذلك.
عن ابن المديني عن يحيى بن سعيد قال: كان سفيان الثوري يحفظ عن
الصغار والكبار، يعني أن الأعمش ليس كذلك.
قال يحيى: كان شعبة إذا جاء حديث الصغار لم يحفظ.
قال علي: وكان سفيان بن عيينة ـ أيضاً ـ حديثه عن الصغار ليس
بذاك.
(2/800)
قال يعقوب بن شيبة: الحكم بن عتيبة هو من
صغار شيوخ الأعمش، وليس هو من صغار شيوخ شعبة.
"منصور بن المعتمر"
ومنهم منصور بن المعتمر، هو
من أثبت الناس في مجاهد، كما سبق.
قال أحمد، في رواية ابنه صالح: منصور إذا نزل إلى المشايخ
اضطرب إلى أبي إسحاق، والحكم، وحبيب بن أبي ثابت وسلمة بن
كهيل، روى حديث أم سلمة في الوتر، خالف فيه، وحديث ابن أبزى
خالف فيه.
"حماد بن زيد"
ومنهم حماد بن زيد، كان
يخلط في حديث يحيى بن سعيد، وكان عنده كتاب عنه، لم يكن عنده
كتاب غيره، قاله يحيى بن معين، وقد سبق ذكر كلامه.
"حبيب بن أبي ثابت"
ومنهم حبيب بن أبي ثابت. عالم كبير، ثقة، متفق على حديثه،
أحاديثه عن عطاء خاصة، ليست محفوظه، قال أبو بكر بن خلاد، سمعت
يحيى بن سعيد يقول حبيب بن أبي
ثابت عن عطاء ليست محفوظة.
سمعته يقول: إن كانت محفوظة فقد نزل عنها، يعني عطاء.
(2/801)
وحديث حبيب عن عروة ـ أيضاً ـ قال أحمد
ويحيى: هو منكر، وله عنه حديثان:
أحدهما: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقبل، ثم يصلي،
ولا يتوضأ.
والآخر: "في المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على الحصير".
وقد سبق الكلام عليهما مستوفى في كتاب الطهارة.
وله حديث آخر عن عروة "في الدعاء"، سبق أيضاً في كتاب الدعاء
وقد اختلف في سماعه له من عروة.
ومن أحاديثه عن عطاء عن عائشة، أنها سرق لها شيء، فجعلت تدعو
(2/802)
عليه، فقال لها رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ: "لا تسبخي عنه".
قال العقيلي: له عن عطاء غير حديث لا يتابع عليه.
وهذا الحديث المشار إليه خرجه الترمذي في أواخر الأدعية، وسبق
الكلام عليه هناك. ولم يخرج له في الصحيح شيء عن عطاء بن أبي
رباح.
ومما يستغرب أن حبيب بن أبي ثابت يروي عن عطاء، ويروي عطاء
عنه.
"عبد الكريم بن مالك الجزري"
ومنهم عبد الكريم بن مالك الجزري.
ثقة كبير، روى عنه مالك وغيره. ولكن أحاديثه عن عطاء تكلم
فيها.
قال ابن معين: أحاديثه عن عطاء رديئة.
ومما أنكر من حديثه عن عطاء عن عائشة "أن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ
(2/803)
كان يقبل ثم يخرج إلى الصلاة، ولا يتوضأ".
وحديثه عن عطاء، عن جابر، "كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ".
"معمر بن راشد"
ومنهم معمر بن راشد.
وضعف حديثه عن ثابت خاصة. وقد تقدم ذكر ذلك عن علي ابن المديني
وغيره.
وكذا قال ابن معين: حديث معمر عن ثابت ضعيف.
ومما أنكر عليه أنه حدث عن ثابت، عن أنس، عن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بحديث قصة جليبيب، وأخطأ في إسناده، إنما رواه
ثابت، عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة، عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ وكذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت.
(2/804)
"مطر بن طهمان الوراق"
ومنهم مطر بن طهمان الوراق
البصري.
ضعفه أحمد ويحيى في عطاء، خاصة. قال أحمد: هو مضطرب الحديث عن
عطاء.
"أبو معشر"
ومنهم أبو معشر نجيح
السندي.
قال مضر بن محمد، عن يحيى بن معين، يكتب حديثه، مما روى عن
محمد بن قيس، وعن محمد بن كعب القرظي، وعن مشايخه.
وأما ما روى عن المقبري، وعن نافع، وهشام فهو فيه ضعيف فلا
يكتب.
قال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين: اكتبوا عن أبي معشر حديث
محمد بن كعب في التفسير، وأما أحاديث نافع وغيرها فليس بشيء،
التفسير حسن يعني ما يرويه عن محمد بن كعب القرظي في تفسير
القرآن، وغالبه أو جميعه من كلامه غير مرفوع.
ونظير هذا قول سعيد بن عبد العزيز الدمشقي في سعيد بن بشير:
كان غالب (علمه) التفسير. خذ عنه التفسير ودع ما سوى ذلك، فإنه
كان حاطب ليل، خرجه العقيلي.
(2/805)
وعكس هذا ما قاله الإمام أحمد في إسماعيل
بن عبد الرحمن السدي الكوفي صاحب التفسير، قال: هو حسن الحديث
وحديثه مقارب، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه،
فجعل يستعظمه ويقول: من أين قد جعل له أسانيد؟ ما أدري ما ذاك.
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله في إسماعيل بن مسلم المكي:
ما روى عن الحسن في القراءات، فأما إذا جاء المسند يسند عن
الحسن عن سمرة أحاديث مناكير، وعن عمرو بن دينار، يسند عنه
مناكير.
ونقل البرذعي، عن أبي زرعة، قال: عبد الجبار بن عمر واهي
الحديث وأما مسائله فلا بأس قال البرذعي: كأنه يقول حديثه واه
ومسائله مستقيمة، يعني ما روي من المسائل عن ربيعة وغيره.
ومنهم عمر بن إبراهيم البصري مختلف فيه.
وقال ابن عدي: له عن قتادة خاصة مناكير.
وهو راوي حديث العباس بن عبد المطلب في وقت المغرب. وقد
استنكره الإمام أحمد وسبق الكلام عليه في كتاب الصلاة مستوفى.
(2/806)
ومنهم يزيد بن إبراهيم (التستري) ، البصري.
ثقة متفق على حديثه.
قال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة إنما أنكرت عليه أحاديث رواها عن
قتادة عن أنس، وذكر عن علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد
يقول: يزيد بن إبراهيم عن قتادة ليس بذاك.
ومنهم عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد.
قال ابن عدي، هو ثبت في ابن جريج خاصة، يعني أنه في غيره ليس
بذاك.
وقد ضعفه بعضهم مطلقاً.
ومنهم هشام بن سليمان المخزومي.
قال العقيلي: في حديثه عن غير ابن جريج وهم. ثم خرج له حديثاً
من حديثه عن الثوري عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً:
من حج البيت أو اعتمر فلم يرفث ولم يفسق كان كما ولدته أمه.
قال: ورواه الناس عن الثوري وغيره، عن منصور، عن أبي حازم عن
أبي هريرة، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو الصواب.
ومنهم ورقاء بن عمر اليشكري:
ثقة مشهور. قال العقيلي: تكلموا فيه في حديثه عن منصور، ثم ذكر
من
(2/807)
طريق عباس عن ابن معين، قال: سمعت معاذ بن
معاذ يقول ليحيى ابن سعيد: سمعت حديث منصور. فقال يحيى: ممن
سمعت حديث منصور؟، قال: من ورقاء. قال: لا يساوي شيئاً.
أصحاب الزهري الذين ضعفوا فيه.
ومنهم جماعة من أصحاب الزهري ضعفوا في الزهري خاصة.
منهم سفيان بن (حسين) :
قال ابن معين: هو عن غير الزهري أثبت منه عن الزهري، إنما سمع
من الزهري بالموسم، يعني لم يصحبه، ولم يجتمع به غير أيام
الموسم.
وقال يحيى أيضاً فيه: ليس به بأس. هو صالح. حديثه عن الزهري
فقط ليس بذاك.
ومنهم عبد الرزاق بن عمر الدمشقي.
قال أبو مسهر: ذهب سماعه من الزهري، فيترك حديثه عن الزهري،
ويؤخذ عنه ما سواه.
وقال سعيد البرذعي: أحاديثه عن غير الزهري أشبه، ليس فيها تلك
المناكير. إنما المناكير في حديثه عن الزهري.
قال: وتتبعت أحاديثه، فوجدت حديثه عن إسماعيل بن عبيد الله
مستقيماً.
(2/808)
ومنهم إسحاق بن راشد الجزري:
قال ابن معين: ليس هو في الزهري بذاك.
قيل له: ففي غير الزهري؟ قال: ليس به بأس.
وقال ابن معين: ابن أبي ذئب ثقة، وكانوا يقولون، حديثه عن
الزهري فيه شيء.
وقال ـ أيضاً ـ: حديثه عن الزهري ضعيف. يضعفونه في الزهري.
"أصحاب عبيد الله بن عمر العمري
الذين ضعفوا فيه"
ومنهم جماعة من أصحاب عبيد الله بن عمر العمري، ضعف حديثهم عنه
ـ خاصة ـ.
فمنهم: عبد الرزاق بن همام.
قال ابن أبي مريم: قيل ليحيى بن معين: إن عبد الرزاق كان يحدث
بأحاديث عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، ثم حدث بها عن
(عبيد الله) ، فقال يحيى: لم يزل عبد الرزاق يحدث بها عن عبيد
الله، ولكنها كانت منكرة. يعني أحاديثه عن عبيد الله بن عمر.
ومما أنكر من حديثه عن عبيد الله بن عمر: أنه حدث عنه عن نافع
عن ابن عمر "أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبا بكر وعمر
كانوا ينزلون الأبطح يعني المحصب".
(2/809)
وخالفه خالد بن الحارث، قال: سئل عبيد الله
بن عمر عن المحصب والنزول به، فحدثنا عبيد الله عن نافع. قال:
نزل بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمر وعبد الله بن
عمر. فخالف عبد الرزاق، ولم يصله بل أرسله.
وقد اختلف على عبد الرزاق في لفظ الحديث ـ أيضاً ـ.
فمنهم من روى عنه "أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبا بكر
وعمر لم يكونوا ينزلون الأبطح" فخالف في المتن ـ أيضاً ـ وقد
ذكرناه في كتال الحج.
وقد خرج مسلم والترمذي حديث عبد الرزاق هذا، وخرج البخاري حديث
خالد بن الحارث المرسل.
ومنهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي:
قال أحمد: أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله
بن عمر.
قال أبو حاتم الرازي: ظهر مصداق قول أحمد في حديث الدراوردي عن
(2/810)
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، "من أتى
عرافاً فصدقه بما يقول، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة".
قال: والناس يروونه، عن عبد الله العمري، عن نافع عن ابن عمر،
وليس يشبه هذا حديث عبيد الله.
ورواه الدراوردي عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي
عبيد عن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال: وعن عبيد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله.
قلت: والصحيح أن عبيد الله بن عمر إنما رواه عن نافع، عن صفية
بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا
أصح من حديث أبي بكر بن نافع، قاله ابن المديني.
وقد خرجه مسلم في صحيحه من طريق يحيى القطان عن عبيد الله، كما
ذكرناه.
وقال النسائي: الدراوردي ليس به بأس، حديثه عن عبيد الله بن
عمر منكر.
ومنهم قبيصة بن عقبة:
قال ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: هو ثقة إلا في حديث سفيان
الثوري ليس بذاك القوي.
(2/811)
وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة صدوقاً فاضلاً
تكلموا في روايته عن سفيان خاصة، كان ابن معين يضعف روايته عن
سفيان.
ومنهم يعلى بن عبيد:
قال ابن معين:) كان كثير الخطأ عن سفيان الثوري.
ومنهم أبو معاوية الضرير محمد بن خازم:
قال أحمد: هو في حديث الأعمش أثبت منه في غيره.
وقال ـ أيضاً ـ: هو يضطرب في أحاديث عبيد الله يعني ابن عمر.
وقال ـ أيضاً ـ: هو في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظاً
جيداً.
وقال ابن نمير: كان أبو معاوية (يضطرب) فيما كان عن غير
الأعمش.
وقال عثمان ابن أبي شيبة: أبو معاوية حجة في حديث الأعمش، وفي
غيره لا.
وذكر يعقوب بن شيبة عن ابن المديني، قال: أبو معاوية حسن
الحديث عن الأعمش حافظ له، وكان غير حديث الأعمش، تقرأ عليه
الكتب يعني أنه كان لا يحفظ.
وقد سبق الكلام في الأعمى إذا قرىء عليه حديثه من كتاب وهو لا
يحفظه.
ومنهم محمد بن كثير الصنعاني:
حديثه عن معمر منكر قاله الإمام أحمد وغيره.
قال أحمد: سمع من معمر، ثم أرسل إلى اليمن (أخذ) كتبه فحدث
(2/812)
منها، وقد وصل حديثاً عن معمر لم يصله
غيره. ذكرناه في تفسير سورة سبحان من التفسير.
ومنهم زيد بن الحباب العكلي:
ثقة مشهور.
قال ابن معين: أحاديثه عن الثوري مقلوبة.
وقال أحمد: هو كثير الخطأ ما نفذ في الحديث إلا بصلاحه.
ومنهم سلمة الأحمر:
قال أحمد في رواية حنبل: يحدث عن أبي إسحاق أحاديث صحاحاً، إلا
أنه عن حماد يعني ابن أبي سليمان مختلط الحديث، حدث عن حماد
بأحاديث مضطربة.
ومنهم يونس بن أبي إسحاق:
ففي تاريخ الغلابي: كان يونس بن أبي إسحاق مستوي الحديث في غير
أبي إسحاق، مضطرب في حديث أبيه.
ذكر من ضعف حديثه إذا جمع الشيوخ
دون ما إذا أفردهم.
قد تقدم عن شعبة أنه قال لابن علية: إذا حدثك عطاء بن السائب
عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع فقال: زاذان وميسرة وأبو
البختري فاتقة، كان الشيخ قد تغير.
وقد ذكره يعقوب بن شيبة بهذا اللفظ، وقال: أحسب علي بن طبراخ
حدثني بهذا، عن ابن علية، أو بعضه.
(2/813)
وكذلك قال الدارقطني في ليث بن أبي سليم:
إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد.
(ونقله عن البرقاني، وهذا أصله من قول شعبة لليث بن أبي سليم:
أين اجتمع لك هؤلاء الثلاثة عطاء وطاوس ومجاهد) ؟.
قال أبو نعيم: قال شعبة لليث: كيف سألت عطاء وطاوساً ومجاهداً
كلهم في مجلس واحد؟.
قال ابن أبي حاتم: يعني كالمنكر عليه اجتماعهم.
قال يعقوب بن شيبة: يقال إن ليثاً كان يسأل عطاء وطاوساً
ومجاهداً عن الشيء فيختلفون فيه، فيحكي عنهم في ذلك الاتفاق من
غير تعمد له. قال: وقد طعن بمثل هذا على جابر الجعفي، كان يجمع
الجماعة في المسألة الواحدة وربما سأل بعضهم.
وأما يحيى فضعف ليثاً، وقال: إذا جمع بين الشيوخ ازداد ضعفاً.
قال الميموني: سمعت يحيى ذكر ليث بن أبي سليم، فقال: هو ضعيف
الحديث عن طاوس، فإذا جمع بين طاوس وغيره فزيادة. هو ضعيف.
وكذلك ذكر بعضهم في ابن إسحاق.
قال أحمد في رواية المروذي: ابن إسحاق حسن الحديث، لكن إذا جمع
بين رجلين، قلت: كيف؟ قال: يحدث عن الزهري وآخر، يحمل حديث هذا
على هذا.
(2/814)
وكذلك قيل في حماد بن سلمة:
قال أحمد في رواية الأثرم، في حديث حماد بن سلمة عن أيوب
وقتادة عن أبي اسماء، عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ في آنية المشركين".
قال أحمد: هذا من قبل حماد، كان لا يقوم على مثل هذا يجمع
الرجال، ثم يجعله إسناداً واحداً، وهم يختلفون.
وقال أبو يعلى الخليلي، في كتابه الإرشاد: ذاكرت بعض الحفاظ
قلت: لم لم يدخل البخاري حماد بن سلمة في الصحيح؟ قال: لأنه
يجمع بين جماعة من أصحاب أنس يقول: (ثنا) قتادة وثابت وعبد
العزيز بن صهيب. عن أنس وربما يخالف في بعض ذلك.
فقلت: (أليس) ابن وهب اتفقوا عليه، وهو يجمع بين أسانيد فيقول:
(أنا) مالك وعمرو بن الحارث والأوزاعي، ويجمع بين جماعة غيرهم؟
فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ.
(2/815)
ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث
جماعة، وساق الحديث سياقه واحدة فالظاهر أن لفظهم لم يتفق فلا
يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه، يعرف اتفاق شيوخه
واختلافهم كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك،
وغيره.
وكان الجمع بين الشيوخ ينكر على الواقدي وغيره ممن لا يضبط
هذا، كما أنكر على ابن إسحاق وغيره. وقد أنكر شعبة أيضاً على
عوف الأعرابي.
قال ابن المديني: سمعت يحيى، قال: قال لي شعبة في أحاديث عوف،
عن خلاس.، عن أبي هريرة ومحمد عن أبي هريرة إذا جمعهم قال لي
شعبة: ترى لفظهم واحداً.
قال ابن أبي حاتم: أي كالمنكر على عوف.
وكذلك أنكر يحيى بن معين على عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر
العمري أنه كان يحدث عن أبيه وعمه.
ويقول: مثلاً بمثل سواء بسواء، واستدل بذلك على ضعفه، وعدم
ضبطه.
وقد ذكر يعقوب بن شيبة أن ابن عيينة كان ربما يحدث بحديث واحد
عن اثنين ويسوقه سياقة واحد منهما. فإذا أفرد الحديث عن الآخر
أرسله أو أوقفه.
(2/816)
ومن هؤلاء من كان يجمع (بين) المشايخ
لاختلاطه، وهو لا يشعر كما قيل عن عطاء بن السائب إنه كان يأتي
بذلك على وجه التوهم.
وكذلك قيل في أبي بكر بن أبي مريم، قال أحمد عن إسحاق بن
راهويه، عن عيسى بن يونس: لو أردت أبا بكر بن أبي مريم يجمع لي
فلاناً وفلاناً وفلاناً لفعل، يعني يقول: عن راشد بن سعد،
وضمرة بن حبيب، وحبيب بن عبيد.
ذكر من حدث عن ضعيف وسماه باسم ثقة
رواية أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي.
قال محمد بن عبد الله بن نمير: ليس هو بابن جابر المعروف، إنما
هو رجل يسمى بابن جابر كتب عنه أبو أسامة هذه الأحاديث.
قال ألا ترى روايته لا تشبه شيئاً من حديثه الصحاح الذي يروي
عنه أهل الشام، وأصحابه الثقات؟
وكأن ابن نمير يشير إلى أن أبا أسامة علم ذلك، وتغافل عنه،
فكان يوهن أبا أسامة ويتعجب ممن يحدث عنه. نقله يعقوب الفسوي
عن ابن نمير.
(2/817)
ومما روي عن أبي أسامة، عن ابن جابر، عن
إسماعيل بن عبيد الله عن أبي صالح الأشعري، عن أبي هريرة، حديث
"الحمى حظ المؤمن من النار".
ورواه من الشاميين أبو المغيرة عن ابن تميم عن إسماعيل بهذا
الإسناد فقوي بذلك أن أبا أسامة إنما رواه عن ابن تميم.
وقال أبو عبيد الأجري عن أبي داود: أبو أسامة روى عن عبد
الرحمن بن يزيد بن تميم، وغلط في اسمه فقال: حدثنا عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر. قال: وكلما جاء عن أبي أسامة (ثنا) عبد
الرحمن بن يزيد فهو ابن تميم.
وكذلك روى حسين الجعفي عن ابن جابر عن أبي الأشعث عن أوس بن
أوس عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
"أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة ـ الحديث" فقالت طائفة:
(2/818)
هو حديث منكر، وحسين الجعفي سمع من عبد
الرحمن بن يزيد بن تميم الشامي، وروى عنه أحاديث منكرة فغلط في
نسبته.
وممن ذكر ذلك البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود وابن حبان
وغيرهم.
وأنكر ذلك آخرون، وقالوا: الذي سمع منه حسين هو ابن جابر.
قال العجلي: سمع من ابن جابر حديثين في الجمعة.
وكذا أنكر الدارقطني على من قال: إن حسيناً سمع من ابن تميم
وقال: إنما سمع من ابن جابر، قال: والذي سمع من ابن تميم هو
أبو أسامة وغلط في اسم جده: فقال: ابن جابر، وهو ابن تميم.
وقد ذكرنا هذا الحديث والكلام عليه في أول كتاب الجمعة.
وقد استنكر البخاري روايات الكوفيين جملة عن ابن جابر.
قال البخاري: أهل الكوفة يروون عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
أحاديث مناكير، وإنما أرادوا ـ عندي ـ عبد الرحمن بن يزيد بن
تميم، وهو منكر الحديث. وهو بأحاديثه أشبه منه بأحاديث عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر.
زهير بن معاوية
روى عن واصل بن حبان، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ عدة أحاديث: منها "حديث الكمأة"، وحديث
"الحبة السوداء" وحديث "عرضت علي الجنة".
(2/819)
قال أحمد وأبو داود: انقلب على زهير اسم
صالح بن حيان فقال: واصل بن حبان.
يعني إنما يروي عن صالح بن حيان فسماه واصلاً.
وقال ابن معين: سمع منهما معاً فجعلهما واحداً، وسماه واصل بن
حبان.
قال أبو حاتم: زهير مع اتقانه أخطأ في هذا، ولم يسمع من واصل
بن حبان، ولم يدركه إنما سمع من صالح بن حيان.
(2/820)
وهذا يوافق قول أحمد وأبي داود ويخالف قول
ابن معين، وقد ذكرنا حديثه في الحبة السدوداء، وحديثه الآخر في
الكمأة في كتاب الطب، فعلى قول يحيى يتوقف في رواية زهير، عن
واصل بن حبان، حتى يعرف الحديث عند غيره عن واصل.
وأما على قول أحمد، ومن وافقه، فروايات زهير عن واصل ضعيفه ولا
بد، لأنها عن صالح بن حيان من غير تردد، وصالح بن حيان القرشي
فيه ضعف، وواصل بن حبان ثقة.
وقد اشتبه على كثير من المتأخرين صالح بن حيان القرشي الكوفي
الذي يروي عن ابن بريدة بصالح بن حيان والد الحسن، وعلي، فإنه
يقال له، صالح بن حيان والمشهور في نسبه صالح بن حي الهمذاني
الكوفي، وهو ثقة كبير.
أبو بلج الواسطي
يروي عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ أحاديث منها حديث طويل "في فضل علي" أنكرها الإمام أحمد
في رواية الأثرم، وقيل له: عمرو بن ميمون يروي عن ابن عباس؟
قال: ما أدري، ما أعلمه.
(2/821)
وذكر عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ أن
أبا بلج أخطأ في اسم عمرو بن ميمون هذا، وليس هو بعمرو بن
ميمون المشهور، إنما هو ميمون أبو عبد الله مولى عبد الرحمن بن
سمرة، وهو ضعيف.
وليس هذا ببعيد، والله أعلم.
جرير بن عبد الحميد الضبي
روى عن عاصم الأحول أحاديث.
وكان قد اشتبه عليه حديث عاصم الأحول بحديث أشعث بن سوار فلم
يفصل بينهما، فميزها له بهز، فحدث بها على قول بهز.
قيل ليحيى بن معين: كيف تكتب هذه الأحاديث عن جرير إذا كانت
هكذا؟ قال: ألا تراه قد بين لهم أمرها، كأنه يبين لهم، ثم
يحدثهم بها.
وقال أحمد: لم يكن جرير ذكياً في الحديث، ثم ذكر عنه هذه
الحكاية بالمعنى.
وروايات الشاميين عن زهير بن محمد: قال أحمد ينبغي أن يكون قلب
اسمه أهل الشام، يعني سمواً رجلاً ضعيفاً زهير بن محمد، وليس
بزهير بن محمد الخراساني.
ونقل الترمذي في علله عن البخاري أنه قال: أنا أتقى هذا الشيخ،
كأن حديثه موضوع، ليس هذا عندي ـ زهير بن محمد.
(2/822)
ذكر من روى عن ضعيف
وسماه باسم يتوهم أنه اسم ثقة
منهم: عطية العوفي:
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكر عطية العوفي، فقال: هو
ضعيف الحديث، بلغني أن عطية يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير،
وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد، قال أبو سعيد.
قال عبد الله: و (ثنا) أبي، (ثنا) أبو أحمد الزبيري، سمعت
الثوري، قال: سمعت الكلبي قال: كناني عطية بأبي سعيد، ولكن
الكلبي لا يعتمد على ما يرويه.
وأن صحت هذه الحكاية عن عطية فإنما يقتضي التوقف فيما يحكيه عن
أبي سعيد من التفسير خاصة.
فأما الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد، فإنما يريد
أبا سعيد الخدري، ويصرح في بعضها بنسبته.
ومنهم: الوليد بن مسلم:
كان كثير التدليس، وكان يروي عن الأوزاعي فيقول: (ثنا) : أبو
عمرو ويروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الدمشقي، وهو ضعيف
جداً فيقول: (ثنا) أبو عمرو، وحكى ذلك ابن حبان وغيره.
(2/823)
ومنهم: بقية بن الوليد:
وهو من أكثر الناس تدليساً وأكثر شيوخه الضعفاء مجهولون لا
يعرفون، وكان ربما روى عن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي أو عن
زرعة (بن عمرو) الزبيدي، وكلاهما ضعيف الحديث، فيقول: (ثنا)
الزبيدي فيظن أنه محمد بن الوليد الزبيدي، صاحب الزهري.
وقد تقدم له عنه في كتاب الصيام في باب الكحل للصائم، حديث
رواه عن الزبيدي وظنه بعضهم محمد بن الوليد فنسبه كذلك، وأخطأ،
وإنما هو سعيد بن عبد الجبار.
ومنهم: حسين بن واقد:
يروي عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، وعنده عن أيوب السختياني،
وعن أيوب بن (خوط) . وأيوب بن خوط ضعيف جداً. فالمنكرات التي
عنده عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، إنما هي عن أيوب بن خوط،
ذكره ابن حبان.
(2/824)
"تدليس التسوية"
وأما من روى عن ضعيف فأسقطه من الإسناد بالكلية فهو نوع تدليس.
ومنه ما يسمى التسوية، وهو أن يروي عن شيخ له ثقة، عن رجل
ضعيف، عن ثقة، فيسقط الضعيف من الوسط.
وكان الوليد بن مسلم، وسنيد بن داود وغيرهما يفعلون ذلك.
ذوكر أفراد الأحاديث التي فعل فيها ذلك يطول جداً، لكن نذكر
بعض الأسانيد، التي كان رواتها يسقطون منها الضعيف غالباً:
فمن ذلك رواية عبد الرزاق عن ابن جريج عن صفوان بن سليم:
(قال أبو عثمان البرذعي: سمعت أبا مسعود، أحمد بن الفرات،
يقول: رأيت عند عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن صفوان بن سليم) ـ
أحاديث حساناً، فسألته عنها، فقال: أي شيء تصنع بها؟ هي أحاديث
إبراهيم بن أبي يحيى. قال أبو مسعود: فتركتها، ولم أسمعها.
انتهى.
ويقال: إن ابن جريج كان يدلس أحاديث صفوان، عن ابن أبي يحيى،
وكذلك أحاديث ابن جريج، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب.
قال ابن المديني، لم يسمع منه، وإنما أخذ حديثه عنه عن ابن أبي
يحيى.
وقال ابن المديني ـ أيضاً ـ كل ما في كتاب ابن جريج أخبرت عن
داود بن الحصين، وأخبرت عن صالح مولى التوأمة، فهو من كتب
إبراهيم بن يحيى.
(2/825)
ومنها رواية عباد بن منصور، عن عكرمة، عن
ابن عباس، وقد قيل إنها كلها مأخوذة عن ابن أبي يحيى عن داود
بن الحصين عن عكرمة. وله حديث في اللعان عن عكرمة.
قال أحمد: إنما رواه عن ابن أبي يحيى، وقد ذكرناه في أبواب
اللعان، وله حديث آخر في الحجامة، وحديث في الاكتحال، وقد
ذكرناهما ـ أيضاً ـ وقد سئل عنهما عباد فقال: حدثنيهما ابن أبي
يحيى عن داود، عن عكرمة.
ومنها: أحاديث متعددة يرويها الحسن بن ذكوان، عن حبيب بن
(2/826)
أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي، يرويها
عنه عبد الوارث بن سعيد إنما رواها الحسن بن ذكوان عن عمرو بن
خالد الواسطي، وهو كذاب ـ متهم بالوضع عن حبيب، ثم أسقط عمراً
من إسنادها. وكلها بواطيل قاله الإمام أحمد. وقال ابن المديني
نحو ذلك.
وقال ابن معين: بين الحسن وحبيب رجل غير ثقة، وقال أيضاً: لم
يسمع الحسن من حبيب، إنما سمع حديثه من عمرو بن خالد عنه،
وعمرو متروك.
وقد ذكرنا من هذه الأحاديث أحاديث متعددة متفرقة في الكتاب
وبينا علتها.
وروى ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي
مرفوعاً، حديثاً في كشف الفخذ. قال أبو حاتم: لم يسمعه ابن
جريج من حبيب، فأرى أن ابن جريج أخذه عن الحسن بن ذكوان، عن
عمرو بن خالد، عن حبيب.
(2/827)
وقال ابن المديني: أحاديث حبيب عن عاصم بن
ضمرة لا تصح إنما هي مأخوذة عن عمرو بن خالد الواسطي.
ولكن ذكر يعقوب بن شيبة عن ابن المديني أنه قال في حديث ابن
جريج هذا رأيته في كتب ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن مسلم، عن
حبيب.
وحبيب، قال أبو حاتم: لا تثبت له رواية عن عاصم.
وقد سبق ذكر حديث الفخذ في أبواب الأدب.
ومنها: أحاديث يرويها عبد الرحمن بن زياد الافريقي، عن عتبة بن
حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ عن النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قيل أنها كلها مأخوذة عن محمد بن
سعيد، المصلوب في الزندقة المشهور بالكذب والوضع، وأنه أسقط
اسمه من الإسناد بين عتبة وعبادة. ومن جملتها حديث المنديل بعد
الوضوء، وقد سبق في كتاب الطهارة.
(2/828)
ذكر من سمع من ثقة
مع ضعيف فأخذ حديثه وهو لا يشعر
منهم عثمان بن صالح المصري.
قال البرذعي عن أبي زرعة: لم يكن عثمان عندي ممن يكذب، لكنه
كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح فكان خالد إذا سمعوا من الشيخ
أملى عليهم ما لم يسمعوا فبلوا به، وقد بلي به أبو صالح أيضاً
يعني كاتب الليث في حديث زهير بن معبد عن سعيد بن المسيب عن
جابر، ليس له أصل إنما هو من حديث خالد بن نجيح.
قلت: وهذا الحديث قد ذكرناه في فضائل الصحابة وذكرنا قول أحمد
فيه إنه موضوع.
وكذا ذكر أبو زرعة وأبو حاتم في عبد الله بن صالح بن أبي صالح
أن خالد بن نجيح كان (يدس) له في كتبه أحاديث.
(2/829)
ومنهم: يحيى بن بكير وغيره ممن سمع من مالك
بعرض حبيب كاتبه.
قال عباس وغيره: عن ابن معين: حبيب كان يقرأ على مالك وكان
يخطرف للناس، ويصفح ورقتين وثلاثة.
قال يحيى: سألوني عنه بمصر فقلت: ليس بشيء.
قال: وكان يحيى بن بكير سمع بعرض حبيب، وهو شر العرض.
قال الأثرم عن أحمد: كان مالك إذا حدث من حفظه كان أحسن مما
يعرضون عليه، يقرأون عليه الخطأ، وهو شبه النائم.
قال ابن حبان: امتحن أهل المدينة بحبيب بن أبي حبيب الوراق كان
يدخل عليهم الحديث فمن سمع بقراءته عليهم فسماعه لا شيء انتهى.
وممن كان يستملي استملاء سيئاً إبراهيم بن بشار الرمادي كان
يملي على الناس ما يحدث به سفيان بن عيينة بزيادة وتغيير، قاله
أحمد ويحيى، ولكن لا أعلم من كتب بإملائه.
(2/830)
وقد روى قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد
حديث الجمع بين الصلاتين في السفر. وهو غريب جداً فاستنكره
الحفاظ ويقال: إنه سمعه مع خالد بن الهيثم فأدخله على الليث،
وهو لا يشعر. كذا ذكره الحاكم في علوم الحديث، وقد سبق الكلام
عليه مستوفى في كتاب الصلاة.
"تخريج المتكلم فيه في الصحيح"
تنبيه: اعلم أنه قد يخرج في الصحيح لبعض من تكلم فيه، إما
متابعة واستشهاداً وذلك معلوم. وقد يخرج من حديث بعضهم ما هو
معروف عن شيوخه من طرق أخرى، ولكن لم يكن وقع لصاحب الصحيح ذلك
الحديث إلا من طريقه، إما مطلقاً أو بعلو، فإذا كان الحديث
معروفاً عن الأعمش صحيحاً عنه، ولم يقع لصاحب الصحيح عنه بعلو،
إلا من طريق بعض من تكلم فيه من أصحابه خرجه عنه.
قال أبو عثمان سعيد بن عثمان البرذعي: شهدت أبا زرعة وأنكر على
مسلم تخريجه لحديث أسباط بن نصر، وقطن بن نسير، وروايته عن
أحمد بن عيسى المصري، في كتابه الصحيح، في حكاية طويلة ذكرها.
قال: فلما رجعت إلى نيسابور، ذكرت ذلك لمسلم، فقال: إنما أدخلت
(2/831)
من حديث أسباط، وقطن بن نسير، واحمد ما قد
رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع،
ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول، فاقتصر على أولئك، وأصل
الحديث معروف من رواية الثقات انتهى.
وهذا قسم آخر ممن خرج له في الصحيح على غير وجه المتابعة
والاستشهاد، ودرجته تقصر عن درجة رجال الصحيح عند الإطلاق.
(2/832)
|