المجلد الثالث
التلخيص الحبير ط العلمية - كتاب البيوع
باب ما يصح به البيع
...
بسم الله الرحمن الرحيم
17-كِتَابُ الْبُيُوعِ1
1- بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ
1122 - حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَطْيَبِ الْكَسْبِ2 فَقَالَ: "عَمَلُ
__________
1 معناه لغة: مقابلة شيء بشيء، على وجه المعاوضة، فيدخل فيه ما لا يصح تملكه كاختصاص، وما إذا لم تكن صيغة، وخرج بوجه المعاوضة رد السلام في مقابلة ابتدائه، فيطلق على مطلق المعاوضة قال الشاعر [البسيط]:
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم ... ولا أسلمها إلا يدا بيد
فإن وفيتم بما قلتم وفيت أنا ... وإن غدرتم فإن الرهن تحت يدي
ولفظه في الأصل مصدر، فلذا أفرد، وإن كان تحته أنواع، ثم صار اسما لما فيه مقابلة، ثم هو مصدر باع.
قال صاحب "المختار": "باع الشيء، يبيعه بيعا "بَيْعا" و"بِيْعا" شراه، وهو شاذ، وقياسه مباعا، و"باعه" اشتراه فهو من الأضداد، وي الحديث: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه" أي لا يشتري على شراء أخيه؛ لأن النهي وقع على المشتري لا على البائع، والشيء "مبيع" و"مبيوع" مثل: مخيط ومخيوط، ويقال للبائع والمشتري: "بيِّعان" بتشديد الياء، و"أباع" الشيء عرضه للبيع و"الابتياع" الاشتراء، ويقال: "بيع" الشيء على ما لم يسم فاعله بكسر الباء، ومنهم من يقلب الياء واوا فيقول: "بوع" الشيء".
ينظر: "لسان العرب" 8/23، "الصحاح" 3/1189، "المغرب 6/96، "المصباح المنير" 1/110.
واصطلاحا: عرفه الحنفية بأنه: مبادلة المال بالمال بالتراضي. عرفه الشافعية بأنه: عقد يتضمن مقابلة مال بمال بشرطه لاستفادة ملك عين، أو منفعة مؤبدة.
عرفه المالكية بأنه: دفع عوض في معوض، وبتعريف آخر: هو عقد معاوضة على غير منافع، ولا متعة لذة. عرفه الحنابلة بأنه: مبادلة المال بالمال تمليكا وتملكا.
انظر: "كشف القناع" 3/146، "فتح القدير" 6/246، "الاختيار" 3، "نهاية المحتاج" 3/372، "مغني المحتاج" 2/2، "مواهب الجليل" 4/222، "شرح الخرشي" 5/4، "حاشية الدسوقي على الكبير" 3/2، "المغني" 3/560.
2 هل البيوع الجائزة من أجل المكاسب وأطيبها، أو غيرها من المكاسب أجل منها، اختلف الناس في ذلك.
فقال قوم: الزراعات أجل المكاسب كلها وأطيب من البيوع وغيرها، لأن الإنسان في الاكتساب بها أعظم توكلا وأقوى إخلاصا وأكثر لأمر الله تفويضا وتسليما.
وقال آخرون: إن الصناعات أجل كسبا منها وأطيب من البيوع وغيرها لأنها اكتساب ينال بكد الجسم وإجهاد النفس، وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إن الله تعالى يجب العبد المحترف" فظاهر الاحتراف بالنفس دون المال.
وقال آخرون:=

(3/3)


الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ" الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُد عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ صَوَابٌ فَإِنَّهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعِ بْنُ خَدِيجٍ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِيهِ فِيهِ تَجَوُّزٌ1 وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى وَائِلِ بْنِ دَاوُد فَقَالَ شَرِيكٌ عَنْهُ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ2.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمِّهِ رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ أَيْضًا3 وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ الْأَوَّلَ لَكِنْ قَالَ عَنْ عَمِّهِ4 قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّ عَمَّ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ،
__________
= البيوع أجل المكاسب كلها وأطيب من الزراعات وغيرها وهو أشبه بمذهب الشافعي والعراقيين حتى أن محمد بن الحسن قيل له: هلا صنعت كتابا في الزهد فقال: فعلت، قيل فما ذلك الكاب قال: هو كتاب "البيوع".
والدليل على أن البيوع أجل المكاسب كلها إذا وقعت على الوجه المأذون فيه، أن الله عز وجل صرح في كتابه بإحلالها فقال: {وأحل الله البيع} ، ولم يصرح بإحلال غيرها، وروت عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أطيب ما أكل الرجل من كسبه" ، والكسب في كتاب الله التجارة، وروى راعل بن خديج قال: قال رجل: يا رسول الله أي العمل أطيب فقال: "عمل الرجل وكل بيع مبرور" . ولأن البيوع أكثر مكاسب الصحابة وهي أظهر فيهم من الزراعة والصناعة. ولأن المنفعة بها أعم والحاجة إليها أكثر؛ لأنه ليس أحد يستغني عن ابتياع مأكول أو ملبوس، وقد يستغني عن صناعة وزراعة.
فإن قيل: فقد روى سلمان فقال: "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنه فيها باض الشيطان وفرخ" فاقتضى أن يكون مكروها.
نقول هذا غلط: كيف يصح أن يكره ما صرح الله بإحلاله في كتابه، وإنما المراد بذلك أنه لا يصرف أكثر زمانه إلى الاكتساب ويشتغل به عن العبادة، حتى يصير إليه منقطعا، وبه متشاغلا.
كما روي عن علي بن أبي طالب كرم اله وجهه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نهى عن السوم قبل طلوع الشمس" يريد أن الرجل لا يجعله أكثر همه حتى يبتدئ به في صدر يومه لا أنه حرام.
فإن قيل: فقد وري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "يا تجار كلكم فجار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق" ، فجعل الفجور فيهم عموما ومعاطاة الحق خصوصا، وليست هذه صفات أجل المكاسب.
قيل: إنما قال ذلك؛ لأن من البيوع ما يحل، ومنها ما يحرم ومنها ما يكره. كما روي عنه أنه قال: "لو اتجر أهل الجنة، ما اتجروا إلا في البر؛ ولو اتجر أهل النار في النار ما اتجروا إلا في الصرف" قال ذلك استحبابا في التجارة في البر، وكراهة التجارة في الصرف.
ينظر: "الحصن المنيع في أركان البيع" لشيخنا فرج علوان.
1 أخرجه أحمد 4/141، والحاكم 2/10، والطبراني في "الكبير" 4/276-277، رقم 4211، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/263، من طريق المسعودي به، وذكره الهيثمي في "المجمع" 3/63، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه المسعودي وهو ثقة لكنه اختلط وبقية رجال أحمد رجال "الصحيح".
2 أخرجه الحاكم 2/10، والبزار 2/83، كشف، رقم 1258.
3 أخرجه الحاكم 2/10.
4 قال الهيثمي في "المجمع" 3/63، رواه أحمد والطبراني في "الكبير" باختصار، وقال عن خاله أبي بردة بن نيار والبزار كأحمد إلا أنه قال: عن جميع بن عمير عن عمه وجميع وثقه أبو حاتم، وقال

(3/4)


قَالَ وَإِذَا اخْتَلَفَ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ فَالْحُكْمُ لِلثَّوْرِيِّ1
قُلْت وَقَوْلُهُ جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيدٌ وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ وَائِلٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا قَالَهُ الْبَيْهَقِيّ2 وَقَالَهُ قَبْلَهُ الْبُخَارِيُّ3.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ الْمُرْسَلُ أَشْبَهُ4، وَفِيهِ عَلَى الْمَسْعُودِيِّ اخْتِلَافٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ عن وائل عن5 عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَخْلِيطِ الْمَسْعُودِيِّ فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ أَخَذَ عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ6.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ7 وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ وَرِجَالُهُ لَا بَأْسَ بِهِمْ8.
__________
البخاري: فيه نظر.
1 حيث أن سفيان بن سعيد الثوري ثقة جبل من جبال الحفظ والإتقان فكيف لو خالفه في حاله كحال شريك في سوء الحفظ.
2 ينظر: "السنن الكبرى" 5/263.
3 قال البخاري في "التاريخ الكبير" 3/503، في ترجمة سعيد بن عمير الأنصاري: روى عنه وائل بن داود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أطيب الكسب عمل الرجل بيده" وأسنده بعضهم وهو خطأ.
4 ينظر: "علل الحديث" 1/390-391.
5 في ط: بن وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
6 أخرجه البزار 2/83 – كشف. رقم 1257، وقال: لا نعلم أحدا أسنده عن المسعودي إلا إسماعيل، وقد رواه غيره عن عبيد بن رفاعة ولم يقل عن أبيه اهـ.
وأعله الهيثمي في "المجمع" 3/63، باختلاط المسعودي.
7 حديث علي:
قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/390، رقم 1168: سألت أبي عن حديث رواه بهلول بن عبيد عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الأعمال أزكى؟ قال: "كسب المرء بيده وكل بيع مبرور" . قال أبي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل بهلول ذاهب الحديث اهـ.
حديث ابن عمر:
قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/391، رقم 1172: سألت أبي عن حديث رواه قدامة بن شهاب المازني عن إسماعيل بن أبي خالد عن وبرة عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أطيب الكسب؟ قال: "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور" ، فقال أبي: هذا حديث باطل قدامة ليس بالقوي.
8 أخرجه الطبراني في "الأوسط" 3/82، رقم 2161، من طريق الحسين بن عرفة قال: ثنا قدامة بن شهاب المازني قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن وبرة بن عبد الرحمن عن ابن عمر به.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل إلا قدامة تفرد به الحسن بن عرفة.
وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/63-64، وعزاه إلى "الكبير" أيضا. وقال: ورجاله ثقات.
قلت: كيف؟ وقدامة بن شهاب ليس بالقوي كما قال أبو حاتم.

(3/5)


1123 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ1، وَعَنْ جَابِرٍ2، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي مُسْلِمٍ3، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ وَالْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ ثُمَّ قَالَ هَذَا مُنْكَرٌ4.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أبي هريرة5، ابن عُمَرَ6، وَابْنِ عَبَّاسٍ7، أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَ أَبُو
__________
1 أخرجه البخاري 4/426، كتاب البيوع: باب ثمن الكلب حديث 2237، ومسلم 3/1198، كتاب المساقاة: باب تحريم ثمن الكب وحلوان الكاهن ومهر البغي، حديث 39/1567، وأبو داود 3/753، كتاب البيوع: باب ما جاء في ثمن الكلب، حديث 3481، والترمذي 3/575، كتاب البيوع: باب ما جاء في ثمن الكلب ، حديث 1276، والنسائي 7/309، كتاب البيوع: باب بيع الكلب، وابن ماجة 2/730، كتاب التجارات: باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن، حديث 2159، وأحمد 4/118، 119، 120، والدارمي 2/170-171، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/51، والبيهقي 6/126، والبغوي في "شرح السنة" 4/215 بتحقيقنا، من حديث أبي مسعود البدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 أخرجه مسلم 3/1199، كتاب المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي، حديث 42/1569، من طريق أبي الزبير قال: سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور قال: زجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.
وأخرجه أبو داود 2/300، كتاب البيوع: باب في ثمن السنور حديث 3479، والترمذي 3/577، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية ثمن الكلب والسنور، حديث 1279، وابن الجارود 580، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/52، والحاكم 2/34، من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ثمن الكلب والسنور.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
أما الترمذي فحكم عليه بالاضطراب في سنده، فقال: في إسناده اضطراب ولا يصح في ثمن السنور وقد روي هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر واضطربوا على الأعمش في رواية هذا الحديث اهـ.
3 أخرجه مسلم 3/1199، كتاب المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي حديث 1568.
4 أخرجه النسائي 7/309، كتاب البيوع: باب ما استثني حديث 4668.
5 أخرجه أبو داود 2/301، كتاب البيوع: باب في أثمان الكلاب، حديث 3484، والنسائي 7/190، كتاب الصيد: باب النهي عن ثمن الكلب، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/52، والبيهقي 6/6، كتاب البيوع: باب النهي عن ثمن الكلب كلهم من طريق علي بن رباح اللخمي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يحل ثمن الكلب ولا حلوان الكاهن ولا مهر البغي" .
وأخرجه النسائي 7/311، كتاب البيوع: باب بيع ضراب الجمل، وابن ماجة 2/731، كتاب التجارات: باب النهي عن ثمن الكلب، ومهر البغي حديث 2160، والدارمي 2/272، كتاب البيوع: باب في النهي عن عسب الفحل، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، وأبو يعلى 11/73-74، رقم 6210 من طريق الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن=

(3/6)


دَاوُد حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ الْحَدِيثَ وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.
تَنْبِيهٌ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اسْتِثْنَاءَ كَلْبِ الصَّيْدِ لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمُهَزَّمِ عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ1، وَوَرَدَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
__________
== ثمن الكلب وعسب الفحل.
6 أخرجه الحاكم 2/33.
7 وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/94، بلفظ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وعزاه للطبراني في "الأوسط" وقال: وفيه ضرار بن صرد أبو نعيم وهو ضعيف جدا.
أخرجه أحمد 1/278، 289، وأبو داود 2/301، كتاب البيوع: باب في أثمان الكلاب، حديث 3482، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/52، والبيهقي 6/6، كتاب البيوع: باب النهي عن ثمن الكلب، وأبو يعلى 4/468، رقم 2600، من طريق قيس بن حبتر عن ابن عباس قال: نهى رسول الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا.
وأخرجه أبو داود الطيالسي 1/263- منحة، رقم 1317 من طريق عبد الكريم الجزري عن رجل من بني تميم عن ابن عباس به.
وأخرجه أيضا النسائي 7/309، كتاب البيوع: باب بيع الكلب من طريق ابن جريج أخبرني عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أشياء حرمها وثمن الكلب.
وفي الباب عن البراء بن عازب وأبي جحيفة وعبادة بن الصامت وميمونة.
حديث البراء:
أخرجه الطبراني في "الكبير" 2/25-26، رقم 1176، من طريق يحيى بن قيس عن عبد الملك بن عمير عن أبي جحيفة عن البراء بن عازب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام وحلوان الكاهن وعسب الفحل. وكان للبراء تيس يطرقه من طلبه لا يمنعه أحدا ولا يعطي أجر الفحل. والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع" 4/90، وقال: وفيه يحيى بن عباد بن دينار ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات.
حديث أبي جحيفة:
أخرجه البخاري 4/426، كتاب البيوع: باب ثمن الكلب حديث 2238، وأحمد 4/309، وأبو داود 2/301، كتاب البيوع: باب في أثمان الكلاب حديث 2483، من طريق عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور.
حديث ميمونة:
قالت: يا رسول الله أفتنا عن الكلب فقال: "طعمة جاهلية وقد أغنى الله تعالى عنها" .
قال الهيثمي في "المجمع" 4/95، رواه الطبراني في "الكبير" وإسناده ضعيف وفيه من لا يعرف.
1 أخرجه الترمذي 3/578، كتاب البيوع، حديث 1281.
وقال: هذا الحديث لا يصح من هذا الوجه وأبو المهزم اسمه يزيد بن سفيان تكلم فيه شعبة بن الحجاج وضعفه.

(3/7)


1124 - حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ" . وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاللَّفْظَيْنِ1 وَلِأَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْنَامَ وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ وَزَادَ وَإِنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ2.
1125 - حَدِيثُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ: "إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَأَرِيقُوهُ" . ابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ "وَكُلُوهُ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَلَا تَقْرَبُوهُ" 3.
وَأُمًّا قَوْلُهُ فَأَرِيقُوهُ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهَا جَاءَتْ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَلَمْ يُسْنِدْهَا4، وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنَكُمْ وَفِي لَفْظٍ أَلْقُوهَا5. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ
__________
1 أخرجه البخاري 4/424، كتاب البيوع: باب بيع الميتة والأصنام حديث 2236، ومسلم 3/1207، كتاب المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام حديث 71/1581، وأحمد 3/324، 326، وأبو داود 3/756 – 757، كتاب البيوع: باب في ثمن الخمر والميتة حديث 3486، والترمذي 3/591، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام حديث 1297، والنسائي 7/309 – 310، كتاب البيوع: باب بيع الخنزير، وابن ماجة 2/732، كتاب التجارات: باب ما لا يحل بيعه حديث 2167.
وأبو يعلى 3/395-396، رقم 1873، وابن الجارود 578، والبيهقي 6/12، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، والبغوي في "شرح السنة" 4/218 بتحقيقنا، من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 أخرجه أحمد 1/347، 293، وأبو داود 20/302، كتاب البيوع: باب ثمن الخمر والميتة حديث 3488، والبيهقي 6/13، كتاب البيوع: باب تحريم بيع ما يكون نجسا لا يحل أكله كلهم من طريق أبي الوليد عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا عند الركن قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك، فقال: "لعن الله اليهود ثلاثا إن الله تعالى حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله تعالى إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" .
3 أخرجه ابن حبان في "صحيحه" 1390، قال الترمذي في "سننه" 4/256، وروى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حديث غير محفوظ وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: وحديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكر فيه: أنه سئل عنه فقال: " إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه" . هذا خطأ أخطأ فيه معمر والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة اهـ.
4 ينظر: "معالم السنن" 4/257 – 258.
5 أخرجه البخاري 9/667، كتاب الذبائح والصيد: باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب حديث 5538، ومالك 2/971 – 972، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في الفأرة تقع في السمن=

(3/8)


سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُفَصَّلًا1، لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَمِعْت الْبُخَارِيُّ يَقُولُ هُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ انْتَهَى2، وَمِمَّنْ خَطَّأَ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ أَيْضًا الرَّازِيَّانِ3، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَأُمًّا الذُّهْلِيُّ فَقَالَ طَرِيقُ مَعْمَرٍ مَحْفُوظَةٌ لَكِنَّ طَرِيقَ مَالِكٍ أَشْهَرُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ وَأَبَا دَاوُد ذَكَرَا فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ مَعْمَرٍ الْوَجْهَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَهِمْ فِيهِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ4، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْأَيْلِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ5.
__________
= حديث 20، والطيالسي 1/43-44، كتاب الطهارة: باب تطهير إهاب الميتة وآنية الكفار وما يؤكل إذا وقعت فيه نجاسة حديث 126، وأحمد 6/329، وأبو داود 4/180، كتاب الأطعمة: باب في الفأرة تقع في السمن حديث 3841، والترمذي 4/256، كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن حديث 1798، النسائي 7/178، كتاب الفرع والعتيرة: باب الفأرة تقع في السمن، وابن الجارود 872، وابن طهمان في "مشيخته" ص 129 رقم 71 والحميدي 1/ 149، رقم 312، والدارمي 1/188، كتاب الوضوء: باب الفأرة تقع في السمن، وعبد الرزاق 1/84، رقم 279، وأبو يعلى 12/506، رقم 7078، وابن حبان 1389 – الإحسان، والطبراني 24/15، رقم 25، والبيهقي 9/353، كتاب الضحايا: باب السمن أو الزيت تموت فيه الفأرة.
من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن ميمونة: إن فأرة وقعت في سمن فماتت فسئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه" .
1 أخرجه أبو داود 4/181-182، كتاب الأطعمة: باب الفأرة تقع في السمن من حديث 3842، وأحمد 2/232، 233، 265، وأبو يعلى 10/216، رقم 5841، وابن حبان 1390، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/353، والبغوي في "شرح السنة" 6/49 – بتحقيقنا، كلهم من طريق عبد الرزاق وهو في "مصنفه" 278 عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
وقد تقدم كلام الترمذي والبخاري في إعلال هذا الطريق وقال الحافظ في "تخريج المختصر" 1/153، هذا حديث غريب تفرد به معمر عن الزهري وخالفه أصحاب الزهري في إسناده اهـ.
2 ينظر: "سنن الترمذي" 4/256.
3 ينظر: "علل الحديث" 2/120.
4 قال الحافظ في "تخريج المختصر" 1/154، عن حديث ميمونة:
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن الحميدي وأبو داود عن مسدد والترمذي عن أبي عمار والنسائي عن قتيبة كلهم عن سفيان بن عيينة، فوقع لنا بدلا عاليا ولا سيما من الطريق الثاني، زاد الحميدي في روايته، قيل لسفيان: أن معمرا حدث به عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، فقال: لم أسمعه من الزهري إلا عن عبيد الله، ولقد سمعته منه مرارا، وهكذا حكم بخطأ معمر فيه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدار قطني وغير واحد، ومال الذهلي إلى تصحيح الطريقين وأيد ذلك بأن معمرا كان يحدث به على الوجهين.
5 أخرجه الدار قطني 2/92، من طريق يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الفأرة تقع في السمن والودك قال: "اطرحوا ما حولها إن كان جامدا وإن كان =

(3/9)


قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ فَرَوَوْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ1، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ التَّفْصِيلَ اعْتِمَادًا عَلَى عَدَمِ وُرُودِهِ فِي طَرِيقِ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ لَكِنْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّانِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ النَّسَائِيُّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ مُقَيَّدًا بِالْجَامِدِ وَأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُقَوَّرَ وَمَا حَوْلَهَا فَيُرْمَى بِهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مُقَيَّدًا بِالْجَامِدِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَوَهِمَ مَنْ غَلَّطَهُ فِيهِ وَنَسَبَهُ إلَى التَّغَيُّرِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَقَدْ تَابَعَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِيمَا رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ2.
1126 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : "لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك" أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفِ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَصَرَّحَ هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ يُوسُفَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَأَبَانْ الْعَطَّارُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَأَدْخَلُوا بَيْنَ يُوسُفَ وَحَكِيمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُصْمَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ حَكِيمٍ وَرَوَاهُ عَوْفٌ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ حَكِيمٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ سِيرِينَ مِنْهُ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَيُّوبَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمٍ مَيَّزَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ3، وَزَعَمَ عَبْدُ
__________
= مائعا فانتفعوا به ولا تأكلوا" .
وقد وهم أبو حاتم هذا الطريق في "العلل" 2/12، وقال الحافظ في "الفتح" 9/586، لكن السند إلى ابن جريج ضعيف والمحفوظ من قول ابن عمر، وقال في "تخريج المختصر" 1/155، هذا حديث غيرب ويحيى بن أيوب صدوق له أوهام اهـ.
وقد توبع يحيى على هذا الحديث تابعه عبد الجبار بن عمر الأيلي.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/292، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عبد الجبار بن عمر قال محمد بن سعد: كان بإفريقية وكان ثقة وضعفه جماعة.
1 أخرجه أبو داود الطيالسي 1/43 – منحة، رقم 126 من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.
2 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/352-353، وتوبع الحجاج بن منهال تابعه أبو داود الطيالسي كما تقدم وتابعه أيضا إسحاق بن راهوية.
3 أخرجه أبو داود 3/868-869، كتاب البيوع: باب في الرجل يبيع ما ليس عنده حديث 3503، والترمذي 3/534، كتاب البيوع: باب كراهية بيع ما ليس عندك حديث 1232، والنسائي 7/289، كتاب البيوع: باب بيع ما ليس عند البائع، وابن ماجة 2/737، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع ما ليس عندك حديث 2187، وأحمد 3/402، 434، وابن الجارود رقم 602، والبيهقي 5/317، كتاب البيوع: باب ما ورد في كراهية التبايع بالعينة، والطبراني في "الصغير" 2/4، من حديث حكيم بن حزام.

(3/10)


الْحَقِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُصْمَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا1، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بَلْ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَالَ هُوَ مَجْهُولٌ وَهُوَ جَرْحٌ مَرْدُودٌ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ثَلَاثَةٌ وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ2.
1127 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ دِينَارًا إلَى عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَقَالَ "بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك" أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ3، وَفِي إسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ4، عَنْ أَبِي لَبِيَدٍ لِمَازَةَ بْنِ زَبَّارٍ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ مَجْهُولٌ لَكِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَالَ حَرْبٌ سَمِعْت أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَيْهِ5، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ لمجيئه من وجهي6،ن وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ سَمِعْت الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ بِهِ7، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ إنْ صَحَّ قُلْت بِهِ وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ إنَّ صَحَّ حَدِيثُ عُرْوَةَ فَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ رَضِيَ فَالْبَيْعُ وَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَهُ8. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنَّمَا ضَعَّفَهُ لِأَنَّ الْحَيَّ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ شَبِيبَ بْنَ غَرْقَدَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْحَيِّ9.
__________
1 ينظر: "الأحكام الوسطي" 3/238.
2 عبد الله بن عصمة.
ذكره الذهبي في "الميزان" 2/461، وقال: لا يعرف قال الحافظ في "التقريب": مقبول.
يعني عند المتابعة وإلا فهو لين كما نص على ذلك الحافظ في مقدمة "التقريب".
3 أخرجه أحمد 4/375، 376، وأبو داود 3/677، كتاب البيوع والإجازات: باب في المضارب يخالف، الحديث 3384، والترمذي 3/ 559، كتاب البيوع: باب 34، الحديث 1258، وابن ماجة 2/803، باب الأمين يتجر فيه فيربح، الحديث 2402، والدار قطني 3/10، كتاب البيوع الحديث 29، و30، والبيهقي 6/112، كتاب القراض: باب المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه من حديث عروة بن أبي الجعد البارقي.
4 سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، روى له الإمام مسلم في "صحيحه" وقال يحيى: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس به بأس، وقال الجوزجاني: ليس بحجة يضعون حديثه، وقال الحافظ في "التقريب" صدوق له أوهام.
ينظر: "الميزان" 3/203، "التقريب" 1/296.
5 أبو لبيد المازة بن زياد.
ذكره ابن حبان في "الثقات" 5/345، وقال الحافظ في "التقريب" صدوق ناصبي.
6 ينظر: "المجموع" 9/316.
7 أخرجه البخاري 6/632، كتاب المناقب: باب 28 حديث 3642.
8 ينظر: "الأم" 3/312، و"معرفة السنن والآثار" 4/336.
9 ينظر: "السنن الكبرى" 6/112، كتاب القراض: باب المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه.

(3/11)


وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ الْحَيَّ حَدَّثُوهُ عَنْ عُرْوَةَ1، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ هُوَ مُرْسَلٌ
قُلْت وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي إسْنَادِهِ مُبْهَمٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ نَحْوَهُ2، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ هَذَا الشَّيْخِ3، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ فِيهِ مَجْهُولًا لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ4.
1128 - حَدِيثُ أَنَّهُ نَهَى عن5 الثُّنْيَا فِي الْبَيْعِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ6، وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ7،وَلَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الثُّنْيَا.
1129 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ8،مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ9، وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وعده تَفْسِيرَ الْغَرَرِ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ
__________
1 ينظر: "معالم السنن" 3/90.
2 أخرجه أبو داود 3/256، كتاب البيوع: باب في المضارب يخالف حديث 3386.
3 ينظر: "السنن الكبرى" 6/112.
4 ينظر: معالم السنن" 3/90.
5 سقط في ط.
6 أخرجه مسلم 3/1175، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة حديث 85/1536، والترمذي 3/585، كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي عن الثنيا حديث 1290، والنسائي 7/296، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم وابن حبان 4950.
7 اتفق البخاري ومسلم على حديث آخر لجابر أخرجه البخاري 5/50، كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل حديث 2381، ومسلم 3/1174، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، حديث 18/1536، عنه قال: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمخابرة وعن المزابنة وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
8 الغرر: التردد بين أمرين، أحدهما على الفرض، والثاني على خلافه؛ كبيع السلعة بقيمتها التي ستظهر في السوق، أو التي يقولها أهل الخبرة؛ وإنما نهي عنه للجهل بالعوض وقت العقد، فيفضي إلى المنازعة؛ لعدم الاتفاق على الثمن، وقد جعل العقد لقطعها، وكذلك إن باع بما يحكم به، أو بما يحكم به المشتري أو الأجنبي من الثمن، أو بما يرضى به، وإنما يفسد العقد في هذه الصورة ونحوها، إن عقداه على صفة اللزوم لهما أو لأحدهما، فإن كان على الخيار صح، إذ لا يفضي إلى المنازعة وقتئذ.
9 أخرجه مسلم 3/1154، كتاب البيوع، : باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر حديث 4/1513، وأبو داود 3/254، كتاب البيوع: باب في بيع الغرر، حديث 3376، والترمذي 3/532، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية بيع الغرر، حديث 1230، والنسائي 7/739، كتاب البيوع: باب بيع الحصاة، وابن ماجة 2/739، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع الحصاة حديث 2194، وأحمد 2/376، 436، 439، والدارمي 2/251، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع=

(3/12)


أَبِي كَثِيرٍ1 وَفِي الْبَابِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ2، وَأَنَسٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى3، وَعَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد4، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ كَمَا سَيَأْتِي وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عمر وإسناده حَسَنٌ صَحِيحٌ5، وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا6
__________
= الغرر 2/254، كتاب البيوع: باب في بيع الحصاة، وابن الجارود في "المنتقى" رقم 590، والدار قطني 3/15، 16، كتاب البيوع: باب رقم 47، والبيهقي 5/266، كتاب البيوع: باب من قال لا يجوز بيع العين الغائبة والبغوي في "شرح السنة" 4/297 – بتحقيقنا، كلهم من طريق عبيد الله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال البغوي: هذا حديث صحيح.
1 أخرجه ابن ماجة 2/739، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر حديث 2195، وأحمد 1/302، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/3، كلهم من طريق أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن عطاء عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الغرر.
ومن طريق أيوب أخرجه الطبراني في "الكبير" 11/154، رقم 11341.
وقال البوصيري في "الزوائد" 2/171: هذا إسناد ضعيف لضعف أيوب بن عتبة قاضي اليمامي.
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس.
أخرجه الطبراني في "الكبير" 11/254، رقم 11655 من طريق النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الغرر.
قال الهيثمي في "المجمع" 4/83، رواه الطبراني في "الكبير" وفيه النضر أبو عمر وهو متروك.
2 أخرجه الطبراني في "الكبير" 6/172، رقم 5899، وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/83، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح، خلا إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي وثقه أبو حاتم ولم يتكلم فيه أحد اهـ.
3 أخرجه أبو يعلى 5/154 – 155، رقم 2767 من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تلامسوا ولا تناجشوا ولا تبايعوا الغرر ولا يبيعن حاضر لباد" .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/81، وقال: رواه أبو يعلى وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
وذكره الحافظ في "المطالب العالية" 1/399، رقم 1337 وعزاه لأبي يعلى.
4 أخرجه أحمد 1/116، وأبو داود 3/ 255، كتاب البيوع: باب في بيع المضطر حديث 3382.
5 أخرجه ابن حبان 1115 – موارد، والبيهقي 5/338، كتاب البيوع: باب كلاهما من طريق معمر عن أبيه عن نافع عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الغرر.
وأخرجه أبو نعيم 7/94، من طريق معاوية عن سفيان عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به.
وقال أبو نعيم: تفرد به معاوية عن سفيان.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/365-366، من طريق إسحاق بن حاتم العلاف ثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به.
6 أخرجه مالك 2/664، كتاب البيوع: باب بيع الغرر حديث 75، والبيهقي 5/338، كتاب البيوع، والبغوي في "شرح السنة" 4/297، من طريق أبي حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الغرر.=

(3/13)


فَائِدَةٌ: قِيلَ الْمُرَادُ بِالْغَرَرِ الْخَطَرُ. وَقِيلَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ جَانِبَيْنِ الْأَغْلَبُ مِنْهُمَا أَخْوَفُهُمَا وَقِيلَ الَّذِي يَنْطَوِي عَنْ الشَّخْصِ عَاقِبَتُهُ1.
1130 - حَدِيثُ "مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيُّ مَذْكُورٌ بِالْوَضْعِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمَعْرُوفُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ2، وَجَاءَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُرْسَلَةٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالرَّاوِي عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ضَعِيفٌ3، وَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ اتِّفَاقَ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِهِ4، وَطَرِيقُ مَكْحُولٍ الْمُرْسَلَةِ عَلَى ضَعْفِهَا أَمْثَلُ مِنْ الْمَوْصُولَةِ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ أَنَّ طَلْحَةَ اشْتَرَى مِنْ عُثْمَانَ مَالًا فَقِيلَ لِعُثْمَانَ إنَّك قَدْ غُبِنْت فَقَالَ عُثْمَانُ لِي الْخِيَارُ لِأَنِّي بِعْت مَا لَمْ أَرَهُ وَقَالَ طَلْحَةُ لِي الْخِيَارُ لِأَنِّي اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ فحكما بَيْنَهُمَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ فَقَضَى أَنَّ الْخِيَارَ لِطَلْحَةَ ولا خير لِعُثْمَانَ5.
فَائِدَةٌ: يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ لَا تَنْعَتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا6، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ يَقُومُ مَقَامَ الْعِيَانِ قُلْت وَأَخْذُ هَذَا من هذا في غَايَةِ الْبُعْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
1131 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ" الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ7، قُلْت وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ8،
__________
=قال البيهقي: هذا مرسل.
وقال البغوي: هكذا رواه مالك مرسلا وقد صح موصولا.
1 ينظر: "النهاية في غريب الحديث" مادة غرر.
2 أخرجه الدار قطني 3/ 4-5، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/268.
وقال الدار قطني: هذا باطل لا يصح لم يروها غير عمر بن إبراهيم الكردي وإنما يروى عن ابن سيرين موقوفا.
3 أخرجه الدار قطني 3/ 4، والبيهقي 5/268، وقال الدار قطني: هذا مرسل وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف.
4 ينظر: "المجموع" 9/365.
5 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/268.
6 سيأتي تخريجه في النكاح.
7 أخرجه الدار قطني 3/ 14، البيهقي فقي "السنن الكبرى" 5/340.
8 عمر بن فروخ:
وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن شاهين ورضيه أبو داود، وقال البيهقي: ليس بالقوي.=

(3/14)


قَالَ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ مُرْسَلًا قُلْت كَذَا فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُد وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ1، قَالَ وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ قُلْت وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ2، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ الْمُرْسَلَةِ ذِكْرُ اللَّبَنِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَقَالَ لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ4.
1132 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ "لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ إنَّهُ غَرَرٌ" مَوْقُوفٌ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ إرْسَالٌ بَيْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ5، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ6، وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ7.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ لَهُ وَلَفْظُهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِ الْمَاشِيَةِ قَبْلَ أَنْ تُحْلَبَ وَعَنْ الْجَنِينِ فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَعَنْ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَعَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
__________
=ينظر: "الثقات" لابن شاهين 714، والتهذيب 7/488، و"التقريب" 2/61.
1 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 168 رقم 183، وابن أبي شيبة في المصنف 6/534 – 535، رقم 1959 عن عكرمة مرسلا.
2 أخرجه أبو داود في المراسيل ص 168 رقم 182.
3 أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار 4/377، كتاب البيوع: من طريق الشافعي.
4 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين في زوائد المعجمين 2000.
5 أخرجه أحمد 1/288، والبيهقي في السنن الكبرى 5/340.
6 قال الدار قطني في العلل 5/275 – 276: يرويه يزيد بن أبي زياد عن المسيب بن رافع واختلف عنه فرفعه أحمد بن حنبل عن أبي العباس محمد بن السماك عن يزيد ووقفه غيره كزائدة وهشيم عن يزيد بن أبي زياد والموقوف أصح اهـ.
وممن رجح الوقف أيضا البيهقي فقال في السنن الكبرى 5/340: وهكذا روي مرفوعا وفيه إرسال بين المسيب وابن مسعود، والصحيح ما رواه هشيم عن يزيد موقوفا على عبد الله، ورواه أيضا سفيان الثوري عن يزيد موقوفا على عبد الله أنه كره بيع السمك في الماء اهـ.
7 ورجح الوقف أيضا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/369: كذا رواه زائدة عن قدامة عن يزيد بن أبي زياد موقوفا عن ابن مسعود وهو الصحيح اهـ.
تنبيه: قد ذكر الطبراني في الروايتين المرفوعة والموقوفة فأخرجه في الكبير 10/258 رقم 10491 مرفوعا وأخرجه 9/373 – 374، رقم 9607 موقوفا.

(3/15)


بَابُ الرِّبَا1
1133 - حَدِيثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَكِنْ قَالَ وَشَاهِدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَزَادَ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ2،وَلَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ
__________
1 قال صاحب المصباح الربا: الفضل والزيادة، وهو مقصور على الأشهر، ويثنى فيقال: رَبَوان، بالواو على الأصل، وقد يقال: رَبَيا على التخفيف، وينسب إليه على لفظه، فيقال: رَبَوي، قاله أ[و عبيد وغيره وزاد المطرزي فقال: الفتح في النسبة خطأ.
وربا الشيء يربو إذا زاد أو نما، وأربى الرجل بالألف دخل في الربا، وأبى على الخمسين زاد عليها.
وفي اللسان: ربا الشيء يربو رُبُوا ورِباء، زاد ونما، وأربيته: نميته.
وفي التنزيل العزيز: {ويربي الصدقات} البقرة 276، ومنه: أخذ الربا الحرام. وأربى الرجل في الربا: يربى، وقد تكرر ذكره في الحديث. والأصل فيه الزيادة من ربا المال إذا زاد وارتفع، والاسم: الربا مقصور، وأربى الرجل على الخمسين ونحوها زاد وفي حديث الأنصار يوم أحد: لئن أصبحنا منهم يوما، مثل هذا لنربين عليهم. أي: لنزيدن ولنضاعفن.
وفي حديث الصدقة: "وتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل" وربا السويق ونحوه رُبُوا: صب عليه الماء، فانتفخ، وقوله عز وجل في صفة الأرض: {اهتزت وربت} الحج 5، فصلت: 39: قيل: معناه عظمت وانتفخت.
وقرئ: "وربأت"؛ فمن قرأ: "وربت" فهو ربا يربو إذا زاد على أي الجهات زاد.
ومن قرأ: "وربأت" بالهمز فمعناه: ارتفعت، وساب فلان فلانا، فأربأ عليه في السباب، إذا زاد عليه.
وقوله عز وجل: {فأخذهم أخذة رابية} الحاقة 10: أخذة تزيد على الأخذات.
قال الجوهري: أي: زائدة، كقولك: أربيت إذا أخذت أكثر مما أعطيت.
انظر: الصحاح 6/2350، المصباح المنير 1/333، والمطلع 239.
واصطلاحا:
عرفه الحنفية بأنه: فضل مال خال، عن عوض، شرط لأحد العاقدين، في معاوضة مال بمال.
وعرفه الشافعية بأنه: عقد على عوض مخصوص، غير معلوم التماثل من معيار حالة العقد، أي: مع تأخير في البدلين، أو أحدهما.
وعرفه المالكية بأنه: عقد معاوضة على نقد أو طعام مخصوص بجنسه، مع التفاضل، أو مع التأخير مطلقا.
وعرفه الحنابلة بأنه: الزيادة في أشياء مخصوصة.
وقد قسم الفقهاء الربا إلى قسمين، وزاد الشافعية قسما ثالثا:
1- ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر.
2- ربا النساء: وهو البيع لأجل، أو تأخير أحد العوضين عن الآخر.
3- ربا اليد: وهو البيع مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما.
انظر: شرح فتح القدير 7/3، تبيين الحقائق شرح كنز الحقائق 4/85، تحفة الفقهاء للسمرقندي 2/31، مغني المحتاج 2/21، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب 1/161، المغني 4/122، مجمع الأنهر 2/83، كشاف القناع 3/251.
2 أخرجه مسلم 11/36 – نووي، كتاب المساقاة: باب لعن آكل الربا وموكله حديث 1598.

(3/16)


بِبَعْضِهِ1 وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد وَشَاهِدَهُ وَلِلْبَيْهَقِيِّ وَشَاهِدَيْهِ أَوْ شَاهِدَهُ2، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ نَحْوُهُ3، وَلِلْبُخَارِيِّ فِي بَابِ ثَمَنِ الْكَلْبِ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْن أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ أَوَّلُهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَفِيهِ وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ4.
1134 - حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ" الْحَدِيثُ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِلشَّافِعِيِّ بِسَنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قلابة عن [أبي]5 الْأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ وَقَدْ قِيلَ إنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُبَادَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ كُنْت بِالشَّامِ فِي حَلَقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ فَجَلَسَ فَقَالُوا لَهُ حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيثَ عُبَادَةَ فَذَكَرَهُ6.
قَوْلُهُ وَفِي آخِرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ ذِكْرِ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا إلَّا يَدًا بِيَدٍ قُلْت هُوَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ7.
__________
1 ينظر: صحيح مسلم 1597.
2 أخرجه أبو داود 2/264، كتاب البيوع: باب في أكل الربا وموكله حديث 3333، والترمذي 3/512، كتاب البيوع: باب ما جاء في أكل الربا حديث 1206، وابن ماجة 2/764، كتاب التجارات: باب التغليظ في الربا حديث 2277، وأحمد 1/393، 394، 402، 453، والطيالسي 1/268، منحة، رقم 1351، وأبو يعلى 8/396، رقم 4981، وابن حبان 1112 موارد، وأبو نعيم في الحلية 9/61، والبيهقي 5/275، كتاب البيوع: باب ما جاء في التشديد في تحريم الربا في مطريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعا.
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان.
وصححه النووي في المجموع 9/487.
3 أخرجه النسائي 8/147، كتاب الزينة: باب الموتشمات وذكره الاختلاف على عبد الله بن مرة الشعبي في هذا حديث 5103، من طريق مغيرة وابن عون عن الشعبي عن الحارث عن علي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه ومانع الصدقة وكان ينهى عن النوح" .
قال النسائي: أرسله ابن عون وعطاء بن السائب ثم أخرجه من طريق ابن عون عن الشعبي عن الحارث مرسلا.
4 تقدم تخريجه شاهدا لحديث أبي مسعود البدري في تحريم ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
5 سقط في ط.
6 أخرجه أحمد 5/320، ومسلم 3/1211، كتاب المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا حديث 8/1587، وأبو داود 3/643 – 644، كتاب البيوع: باب في الصرف حديث 3349، والنسائي 7/276، كتاب البيوع: باب بيع الشعير بالشعير، والترمذي 3/541، كتاب البيوع: باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل حديث 1240 وابن ماجة 2/757 –758، كتاب التجارات: باب الصرف حديث 2254، والشافعي في المسند 2/157، رقم 545.
7 ينظر: الحديث السابق.

(3/17)


قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ إلَى آخِرِهِ قُلْت رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ وَزَادَ الْآخِذُ وَالْمُعْطِي سَوَاءٌ1. وَهَذَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ فِي السِّتَّةِ2، وَعَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُسْتَدْرَكِ3، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُسْلِمٍ4، وَعَنْ أَنَسٍ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَنْ بِلَالٍ فِي الْبَزَّارِ5، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ6، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ مَعْلُولٌ7، وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي الْفَضْلِ وَفِي النَّسِيئَةِ وَفِي الْيَدِ8، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 أخرجه مسلم 3/1215، كتاب المساقاة: باب بيع الطعام مثلا بمثل حديث 1596.
2 أخرجه مالك 2/636 –637، كتاب البيوع: باب ما جاء في الصرف حديث 38، والبخاري 4/377، كتاب البيوع: باب بيع الشعير بالشعير حديث 2174، ومسلم 3/ 1210، كتاب المساقاة: باب الصرف حديث 79/1586، وأ[و داود 3/643، كتاب البيوع: باب في الصرف حديث 3348، والترمذي 3/545، كتاب البيوع: باب ما جاء في الصرف حديث 1243، والنسائي 7/273، كتاب البيوع: باب بيع التمر بالتمر، ابن ماجة 2/757، كتاب التجارات: باب الصرف حديث 2253، وأحمد 1/24، 45، والدارمي 2/258، كتاب البيوع: باب في النهي عن الصرف، والحميدي 1/8، رقم 12 وعبد الرزاق 8/116، رقم 14541، وابن الجارود 651، وأبو يعلى 1/139، 202، رقم 149، 234، والبيهقي 5/283، والبغوي في شرح السنة 4/345 بتحقيقنا.
3 أخرجه الحاكم 2/49.
4 أخرجه مسلم 3/1212، كتاب المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا حديث 84/1588، والنسائي 7/278، كتاب البيوع: باب بيع الدرهم بالدرهم حديث 4569، وابن ماجة 2/758، كتاب التجارات: باب الصرف وما لا يجوز متفاضلا يدا بيد حديث 2255، وأحمد 2/261، 437، كلهم من طريق ابن أبي نعم عن أبي هريرة به.
5 أخرجه البزار 4/200-201، رقم 1362- 1362.
6 أخرجه البخاري 4/443، كتاب البيوع: باب بيع الذهب بالذهب حديث 2175، ومسلم 3/1211، كتاب البيوع:باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينا حديث 1590.
7 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/279.
8 لا خلاف بين العلماء في أن الربا يكون في البيع، أو السلم، أو القرض، غير أن جمهور الصحابة والتابعين، وفقهاء الأمصار يرون أن الربا نوعان:
أحدهما: ربا النسيئة، كبيع ذهب بفضة إلى أجل، أو بيع أردب قمح بمثله إلى أجل كذلك.
ثانيهما: ربا الفضل، وهو ما يسمى ربا النقد كبيع إردب من البر بإردب ونصف منه يدا بيد.
وخالف في ذلك ابن عباس، وأسامة بن زيد من الصحابة، وكذلك ابن عمر، حيث قالوا: إنه لا ربا إلا في النسيئة، فيحل عندهم أخذ درهم بدرهمين، إذا كان يدا بيد، وليس التفاضل عندهم بمحرم حينئذ.
هكذا كانوا يقولون: ثم صح عنهم أنهم رجعوا عن ذلك إلى قول الجمهور.
استدل الجمهور بالكتاب والسنة.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وحرم الربا} البقرة 275، ووجه الدلالة فيه أن لفظ الربا عام يتناول جميع أفراد ما يصدق عليه اسم الربا فيكون الكل محرما.==

(3/18)


1135 - حَدِيثُ "الرَّاشِي أَوْ الْمُرْتَشِي فِي النَّارِ" كَذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ أَوْ وَلَمْ أَرَهُ وَإِنَّمَا رَوَاهُ
__________
==وأما السنة: فما ثبت في الصحاح من كتاب السنة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد، والفضل راب، والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد، والفضل ربا، والحنطة بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد، والفضل ربا والملح بالملح مثل بمثل، يدا بيد، والفضل ربا، والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد، والفضل ربا، والتمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا" .
وهذا حديث مشهور تلقاه العلماء بالقبول أو العمل به، ومثله حجة في الأحكام، ومداره على أربعة من الصحابة رضوان الله عليهم، وهم: عمر بن الخطاب، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو سعيد الخدري مع اختلاف ألفاظهم.
ووجه الدلالة فيه: أن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مثلا بمثل" يدل بمفهومه على أن الزيادة لا تحل، سواء أكانت حالة أو مؤجلة، ثم تأكد هذا المعنى بتصريحه عليه الصلاة والسلام بقوله: "والفضل ربا" فصار ربا الفضل مندرجا تحت أنواع الراب. وقد حرم الله الربا في كتابه، فكان هذا حراما. ومثل ذلك ما جاء في بعض الروايات من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فمن زاد أو استزاد فقد أربى" هذا نص في الموضوع
دليل المروي عن ابن عباس ومن معه
استدل لهم الفخر الرازي بما يأتي:
أولا: بالكتاب: وهو قوله تعالى: {وأحل الله البيع} البقرة 275، ووجه الدلالة فيه أن الفظ البيع عام، يتناول بيع الدرهم بالدرهمين، والربا خاص بربا النسيئة، الذي كان مشهورا في الجاهلية، والحديث عنده خبر آحاد لا ينهض مخصصا للآية.
ثانيا: بالسنة: وهي حديث أسامة عند الشيخين وغيرهما بلفظ: "إنما الربا في النسيئة" ، وزاد مسلم عن ابن عباس: "لا ربا فيما كان يدا بيد" .
وأخرج الشيخان عن أبي المنهال، قال: سألت زيد بن أرقم، والبراء بن عازب عن الصرف فقالا: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الذهب بالورق دينا، ووجه الدلالة في هذه الأحاديث:
إن الرواية الألوى قد قصرت الربا المحرم على ربا النسيئة فقط. والرواية الثانية نصت على نفي الربا عما إذا كان يدا بيد، أما الرواية الثالثة قد صرحت بأن النهي عن الربا في حالة الدين فقط، ويؤخذ منه بطريق المفهوم إباحته عند المناجزة.
وقد ناقش الجمهور أدلة المنسوب إلى ابن عباس ومن معه، لعدة مناقشات منها:
1- لا نسلم أن لفظ الربا في الآية خاص، بل عام أيضا، فكما أحلت الآية كل بيع إلا ما أخرجه الدليل، حرمت كل ربا كذلك. ولا شك أن في ربا الفضل زيادة كربا النسيئة، بل هي فيه أوضح، ولذا سماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راب بقوله: "فمن زاد أو استزاد فقد أربى" فيكون مشمولا بالآية.
2- لو سلمنا أن لفظ الراب خاص بربا النسيئة، فقد ألحقت السنة المشهورة به ربا الفضل، وليس صحيحا كون الحديث خبر آحاد –كما يقول الرازي- بل هو مشهور يصح الاحتجاج به في الأحكام، وتجوز الزيادة به على الكتاب عند الحنفية.
3- وأما رواية مسلم عن ابن عباس فموقوفة عليه.
4- وراية الشيخين عن أبي المنهال لا دلالة فيها على حل ربال الفضل. أما عند القائلين بعدم حجية المفهوم، فظاهر، وأما القائلون بحجيته فيخصصونه بحديث أبي سعيد السابق على أن هذا في كلام الراوي.
5- أجابوا عن حديث أسامة بعدة إجابات منها:==

(3/19)


الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ أَيُّوبَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
__________
==أولا: إنه منسوخ، وهذه إجابة ضعيفة، لأن النسخ لا يثبت إلا بدليل تاريخي، ولم يوجد.
وأقوى من هذه الأجوبة التالية وهي:
ثانيا: أن لفظ الربا في حديث أسامة محمول على الربا الأغلظ، فليس القصر حقيقا، بل هو إضافي، أو ادعائي.
ثالثا: أن مفهوم حديث أسامة عام يشمل حل التفاضل في هذه الأصناف، وغيرها، وحديث أبي سعيد خصص هذا المفهوم فمنع بمنطوقه التفاضل في الأصناف الربوية.
وقريب من هذا ما أجاب به الشافعي رضي اله عنه من حديث أسامة مجمل، وحديث أبي سعيد وعبادة مبين، فوجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه.
رابعا: وهناك تأويل آخر لحديث أسامة يجيب به بعض الفقهاء. وهو أنه كان إجابة لمن سأل عن بيع الحنطة بالشعير، أو الذهب بالفضة، فنقل الراوي الإجابة، ولم ينقل السؤال، إما لعدم علمه، أو لعدم اشتغاله بنقله.
قال صاحب المبسوط: وتأويل حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن مبادلة الحنطة بالشعير والذهب بالفضة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ربا إلا في النسيئة" فهذا بناء على ما تقدم من السؤال، فكأن الراوي سمع قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع ما تقدم من السؤال أو لم ينشغل بنقله.
يتبين جليا من الأدلة السابقة، وتوجيهها ومناقشاتها –رجحان مذهب الجمهور، على أن ما نسب إلى ابن عباس، ومن معه ثبت رجوعهم عنه، ولم يصدر ابن عباس في هذا الرأي الذي رآه أولا فيما ينسبه إليه الناسبون. عن سنة عملية رآها بنفسه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو حفظها منه. بل كان اجتهادا منه، ولذا لما بين له أبو سعيد الخدري خطأه في ذلك لم يقو على الدفاع عن رأيه، ولم يبين لأبي سعيد سنة حفظها عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لم يحفظ. ورجع عن رأيه، بل استغفر الله منه وعده ذنبا أذنبه، فلا يليق بفقيه عنده مسكة من دين أن يرتب ثمرة على رأي رجع عنه صاحبه، ولا بعده خلافا. بل يجب المصير إلى رأي الجمهور، فيد الله مع الجماعة.
ويحسن أن نذكر هنا نصوص بعض العلماء والمصنفين في الموضوع: قال الترمذي على حديث أبي سعيد: العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم. قال البيهقي في المعرفة بأنه يحتمل أن الراوي اختصره فيكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة أو تمر بحنطة فقال: "إنما الربا في النسيئة" فأداه دون مسألة السائل قال: وكبار الصحابة كلهم يقولون بربا الفضل. وعثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أقدم صحبة من أسامة، وأبو هريرة، وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد وردت أحاديثهم بذلك، فالحجة فيما رواه الأكبر، والأحفظ، والأقدم أولى.
والذي روى رجوع ابن عباس أشخاص كثيرون منهم جابر بن زيد وابن سيرين والحازمي في الناسخ والمنسوخ ومسلم، أخرج مسلم عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن الصرف، فقال: إلا يدا بيد، فقلت: نعم، قال: فلا بأس فأخبرت أبا سعيد فقال: أو قال ذلك إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه، وله من وجه آخر عن أبي نضرة سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف، فلم يريا به بأسا، وإني لقاعد عند أبي سعيد فسألته عن الصرف فقال: ما زاد فهو ربا، فأنكرت ذلك لقولهما. فذكر الحديث: قال: فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عن الصرف فكرهه. وقد روى الحازمي أنه سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يدل على تحريم ربا الفضل فقال حفظتما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم أحفظ =

(3/20)


الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَنْ يُنْظَرُ فِي أَمْرِهِ سِوَى شَيْخِهِ وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَقَدْ قَوَّاهُ النَّسَائِيُّ1 وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي أَوَاخِرِ الْفَضَائِلِ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَنْ وُلِّيَ عَلَى عَشْرَةٍ فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدُهُ إلَى عُنُقِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَمْ يَرْتَشِ فِي حُكْمِهِ وَلَمْ يَحِفْ الْحَدِيثَ وَفِي إسْنَادِهِ سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَجَلِيُّ كُوفِيٌّ قَلِيلُ الْحَدِيثِ قَالَهُ الْحَاكِمُ2.
1136 - حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كُنْت أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ". مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ قِصَّةٌ3.
1137 - حَدِيثُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ الْبَيْهَقِيّ بِهَذَا اللَّفْظِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ النَّسَائِيّ بِزِيَادَةٍ فِيهِ كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ4.
__________
=ورجع عن قوله: وروي أيضا أنه قال: كان ذلك لأبي وهذا أبو سعيد الخدري يحدثني عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال في المبسوط روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يجوز التفاضل في هذه الأموال ولا معتبر بهذا القول فإن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يسوغوا له هذا الاجتهاد على ما روي أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه – مشى إليه فقال: يا ابن عباس إلى متى تؤكل الناس الربا أصحبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم نصحب؟ أسمعت منه ما لم نسمع؟ فقال: لا، ولكن حدثني أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ربا إلا في النسيئة" فقال: والله لا آواني وإياك ظل بيت ما دمت على هذا القول.
وقال جابر بن زيد رضي الله تعالى عنه: ما خرج ابن عباس رضي الله تعالى عنه من الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف، والمتعة، فإن لم يثبت رجوعه، فإجماع التابعين رحمهم الله بعده يرفع قوله. قال محمد بن سيرين: كنا في بيت ومعنا عكرمة فقال رجل: يا عكرمة تذكر ونحن في بيت فلان، ومعنا ابن عباس، فقال: إنما كنت استحللت الصرف برأيي، ثم بلغني أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمه فاشهدوا أني حرمته وبرئت منه إلى الله.
ينظر: الربا لشيخنا سليمان محمد، وينظر: المبسوط 12/110، 112، والمغني للحنابلة 4/ 123، ونيل الأوطار 5/163، والفخر الرازي 2/358، نصب الراية 4/ 37.
1 أخرجه الطبراني في الصغير 1/57، وقال: لم يروه من حديث ابن جريج إلا علي بن بحر عن هشام.
2 أخرجه الحاكم 4/103، وسعدان بن الوليد البجلي لم يخرجا له وفي الإسناد أيضا الحسين بن بشير.
قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن خراش: منكر الحديث.
3 أخرجه مسلم 3/1214، كتاب المساقاة: باب بيع الطعام مثلا بمثل حديث 93/1592، وأحمد 6/400، والدار قطني 3/24، كتاب البيوع، والبيهقي 5/283، كتاب البيوع: باب جواز التفاضل في الجنسين.
4 أخرجه النسائي 7/276-277، كتاب البيوع: باب بيع الشعير بالشعير حديث 4563، والبيهقي في السنن الكبرى 5/276-277.

(3/21)


1138 - حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَفِيهِ قِصَّةٌ وَفِي الْإِسْنَادِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَكِنْ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ وَفِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَصَحَّحَهُ1.
1139 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَامِلَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يَبْتَاعَ بِهَا جَنِيبًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ2.
تَنْبِيهٌ الْجَنِيبُ نَوْعٌ مِنْ التَّمْرِ وَهُوَ أَجْوَدُهُ وَالْجَمْعُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ تَمْرٌ رَدِيءٌ مُخْتَلَطٌ لِرَدَاءَتِهِ3 وَعَامِلُ خَيْبَرَ هُوَ سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ حَكَاهُ مَحَلِّيٌّ عَنْ الدَّارَقُطْنِيِّ وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي مُبْهَمَاتِهِ قَالَ وَقِيلَ مَالِكُ بْنُ صَعْصَعَةَ
__________
1 أخرجه أبو داود 3/652 –653، كتاب البيوع: باب في الرخصة في بيع الحيوان بالحيوان حديث 3357، وأحمد 2/171، 216، والدار قطني 3/70، كتاب البيوع، حديث 263، والحاكم 2/56-57، كتاب البيوع، والبيهقي 5/287، كتاب البيوع: باب الحيوان وغيره مما لا ربا فيه من حديث عبد الله بن عمرو به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقد ضعف ابن القطان هذا الحديث فقال الزيلعي في نصب الراية 4/47: قال ابن القطان: في كتابه: هذا حديث ضعيف مضطرب الإسناد، فرواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن ابن عمرو، هكذا أورده أبو داود، ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق، فأسقط يزيد بن أبي حبيب، وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير فقال فيه، ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن حريش، ذكر هذه الرواية الدارقطني، ورواه عفان عن حماد بن سلمة، فقال فيه: عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن أبي سفيان عن عمرو بن حريش، ورواه عبد الأعلى بن أبي شيبة، فأسقط يزيد بن أبي حبيب، وقدم أبا سفيان، كما فعل جرير بن حازم، إلا أنه قال في مسلم بن جبير: مسلم بن كثير، ومع هذا الاضطراب فعمرو بن حريش مجهول الحال، ومسلم بن جبير لم أجد له ذكرا، ولا أعلمه في غير هذا الإسناد، وكذلك مسلم مجهول الحال، أيضا إذا كان عن أبي سفيان، وأبو سفيان فيه نظر.
لكن للحديث طريق آخر:
أخرجه الدار قطني 3/69، كتاب البيوع رقم 261، والبيهقي 5/287-288، كتاب البيوع: باب الحيوان وغيرها مما لا ربا فيه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وهذا الطريق صححه البيهقي.
2 أخرجه البخاري 13/317، كتاب الاعتصام: باب إذا اجتهد العامل حديث 7350، ومسلم 3/1215، كتاب المساقاة: باب بيع الطعام مثلا بمثل حديث 94/1593، والبيهقي في السنن الكبرى 5/285، كتاب البيوع: باب من قال بجريان الربا في كل ما يكال ويوزن.
3 ينظر: النهاية في غريب الحديث 1/304.

(3/22)


1140 - حَدِيثُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ1 مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَهُ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ لَا تُبَاعُ الصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ بِالصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَلَا الصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ الطَّعَامِ2.
1141 - حَدِيثُ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ الْحَدِيثَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَعَزَى الْبَيْهَقِيّ لَفْظَ أَبِي دَاوُد لِتَخْرِيجِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَصْلَ الْحَدِيثِ3، وَلَهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي بَعْضِهَا قِلَادَةٌ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَفِي بَعْضِهَا ذَهَبٌ وَجَوْهَرٌ وَفِي بَعْضِهَا خَرَزُ ذَهَبٍ وَفِي بعضها خرز معلق بِذَهَبٍ وَفِي بَعْضِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَفِي أُخْرَى بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ وَفِي أُخْرَى بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ4، وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بُيُوعًا شَهِدَهَا فُضَالَةُ5، قُلْت وَالْجَوَابُ الْمُسَدَّدُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يُوجِبُ ضَعْفًا بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مَحْفُوظٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُفْصَلْ وَأَمَّا جِنْسُهَا وَقَدْرُ ثَمَنِهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالِاضْطِرَابِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي التَّرْجِيحُ بَيْنَ رُوَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ ثِقَاتٍ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ
__________
1 واحدة صبر الطعام تقول: اشتريت الشيء صبرة، أي بلا كيل ولا وزن. الصحاح 2/707، المصباح المنير 1/507.
2 أخرجه بهذا اللفظ: لا تباع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام، النسائي 7/270، كتاب البيوع: باب بيع الصبرة من الطعام حديث 4548، من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله فذكره مرفوعا.
قال السبكي في تكملة المجموع 10/199، وسنده على شرط مسلم.
وقد أخرجه مسلم 3/1162، كتاب البيوع: باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر حديث 42/1530، والنسائي 7/269، كتاب البيوع: باب بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر، من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الصبرة من التمر لا تعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر.
واستدركه الحاكم 2/38. فوهم.
3 أخرجه مسلم 3/1213، كتاب المساقاة: باب بيع القلادة فيها خروز ذهب حديث 89/1591، وأبو داود 3/647 –650، كتاب البيوع: باب في حلية السيف تباع بالدراهم حديث 3351، 3352، 3353، والترمذي 3/556، كتاب البيوع: باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز حديث 1255، والنسائي 7/279، كتاب البيوع: باب بيع القلادة فيها الخرز، وابن الجارود في المنتقى 654، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/73، وفي المشكل 4/243 – 244، والدار قطني 3/3، كتاب البيوع، حديث 2،1، والبيهقي في السنن الكبرى 5/292، كتاب البيوع: باب لا يباع ذهب مع أحد الذهبين، من حديث فضالة بن عبيد.
4 ينظر: المعجم الكبير للطبراني 18/302، 303، 312، 313، 314، 315، رقم 774، 775، 776، 807، 809، 810، 811، 812، 813، 814.
5 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 5/292، كتاب البيوع: باب لا يباع ذهب بذهب مع أحد الذهبين.

(3/23)


رِوَايَةِ أَحْفَظِهِمْ وَأَضْبَطِهِمْ وَيَكُونُ رِوَايَةُ الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ شَاذَّةً وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي يُجَابُ بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَقِصَّةِ جَمَلِهِ وَمِقْدَارِ ثَمَنِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ
1142 - حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ : "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا" إِذا وَيُرْوَى نَهَى عَنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشٍ أَنَّهُ سَأَلَ سعدا بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ فَقَالَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْبَيْضَاءُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ مُخْتَصَرَةً نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً1 وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ وَدَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ وَالضَّحَّاكَ بْنَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَافَقُوا مَالِكًا عَلَى إسْنَادِهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ قَالَ وَسَمَاعُ أَبِي مِنْ مَالِكٍ قَدِيمٌ قَالَ فَكَأَنَّ مَالِكًا كَانَ عَلَّقَهُ عَنْ دَاوُد ثم لقي شيخه فحدثه بِهِ مَرَّةً عَنْ دَاوُد ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى التَّحْدِيثِ بِهِ عَنْ شَيْخِهِ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَهُوَ مُرْسَلٌ قَوِيٌّ3، وَقَدْ أَعَلَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الطَّحَاوِيُّ4، وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ كُلُّهُمْ أَعَلَّهُ بِجَهَالَةِ حَالِ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ إنَّهُ ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
__________
1 أخرجه مالك 2/624، كتاب البيوع: باب ما يكره من بيع التمر حديث 22، والشافعي 2/159، كتاب البيوع: باب في الربا وأبو داود 3/654-655، كتاب البيوع: باب في التمر بالتمر حديث 3359، والترمذي 3/528، كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي عن المحاقلة والمزابنة حديث 1225، والنسائي 7/269، كتاب البيوع: باب اشتراء التمر بالرطب، وابن ماجة 2/761، كتاب التجارات: باب بيع الرطب بالتمر حديث 2264، وأحمد 1/179، والطيالسي 214، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/6، كتاب البيوع: باب بيع الرطب بالتمر، والدار قطني 3/49، كتاب البيوع: باب: 204، 205، والحاكم 2/38، والبيهقي 5/294، كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي عن بيع الرطب بالتمر، عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال سعد: أيتهما أفضل قال: البيضاء فنهاه عن ذلك وقال سعد: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أينقص الرطب إذا جف" فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.
2 ينظر: العلل للدار قطني 4/399-401.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/295، كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي عن بيع الرطب بالتمر.
4 ينظر: شرح معاني الآثار 4/6.

(3/24)


وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَدْ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ ثِقَتَانِ1 وَقَدْ اعْتَمَدَهُ مَالِكٌ مَعَ شِدَّةِ نَقْدِهِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ وَجَزَمَ الطَّحَاوِيُّ بِوَهْمِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ أَبُو عَيَّاشَ الزُّرَقِيُّ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ وَقِيلَ زَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَصَحَّحَ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ2.
فَائِدَةٌ: رَوَى أَبُو دَاوُد وَالطَّحَاوِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً قَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا هُوَ أَصْلُ الْحَدِيثِ فِيهِ ذِكْرُ النَّسِيئَةِ وَرَدَّ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ خَالَفَ يَحْيَى ملاكا وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ وَالضَّحَّاكَ بْنَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا النَّسِيئَةَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ3 أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْغَرِيبَيْنِ الْبَيْضَاءُ حَبٌّ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَفِي الصِّحَاحِ إنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الشَّعِيرِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ4.
1143 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مَالِكٌ وَعَنْهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَحَكَمَ بِضَعْفِهِ وَصَوَّبَ الرِّوَايَةَ الْمُرْسَلَةَ الَّتِي فِي الْمُوَطَّأِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ5 وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
__________
1 قال المنذري في مختصر سنن أبي داود 5/34، حكى بعضهم أنه قال: زيد أبي عياش مجهول قال: وكيف يكون مجهولا وقد روى عنه اثنان ثقتان عبد الله بن زيد وعمران بن أبي أنس.
2 جزم الحافظ في التقريب 1/275، بأنهما واحد.
3 ينظر: طرق الحديث السابق.
4 ينظر: النهاية في غريب الحديث 1/173.
5 أخرجه مالك 2/655، كتاب البيوع: باب بيع الحيوان باللحم حديث 64، وأبو داود في المراسيل ص 21، والدار قطني 3/71، كتاب البيوع، حديث 266، والحاكم 2/35، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الشاة باللحم، والبيهقي 5/296، كتاب البيوع: باب بيع الحيوان باللحم.
قال السيوطي في تنوير الحوالك 2/105: قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه ثابت، وأحسن أسانيده مرسل سعيد هذا إلا ما حدث خلف بن القاسم ثنا محمد بن عبد الله بن أحمد ثنا أبي ثنا أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي ثنا يزيد بن عمرو الغنوي ثنا يزيد بن مروان ثنا مالك عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع اللحم بالحيوان.
وهذا حديث إسناده موضوع لا يصح عن مالك ولا أصل له في حديثه اهـ.
ومن هذا الوجه أخرجه الدار قطني 3/71، كتاب البيوع حديث 265.
وقال: تفرد به يزيد بن مروان عن مالك ولم يتابع عليه وصوابه في الموطأ عن ابن المسيب مرسلا اهـ..

(3/25)


عُمَرَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ ثَابِتُ بْنُ زُهَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ1 وَأَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى عَنْ نَافِعٍ أَيْضًا وَأَبُو أُمَيَّةَ ضَعِيفٌ وَلَهُ شَاهِدٌ أَقْوَى مِنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ2.
قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ فَقَالَ أَعْطُونِي مِنْهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَصْلُحُ هَذَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ إبْرَاهِيمِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3.
__________
1 أخرجه البزار 2/86 – كشف، من طريق ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع اللحم بالحيوان. وقال الهيثمي في المجمع 4/108، وفيه ثابت بن زهير وهو ضعيف.
2 أخرجه الحاكم 2/435، كتاب البيوع، والبيهقي 5/296، كتاب البيوع: باب بيع اللحم بالحيوان من طريق الحسن عن سمرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الشاة باللحم.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح.
3 أخرجه الشافعي في الأم 4/215.

(3/26)


بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك تَقَدَّمَ قَبْلُ بِبَابَيْنِ
1144 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ وَرُوِيَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ عَسْبِ الْفَحْلِ وَهِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَهُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ بِاللَّفْظِ الثَّانِي1، وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالسُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ مِنْ حَدِيثِ شَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ بِالْوَقْفِ قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا2 وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
__________
1 أخرجه أحمد 2/14، والبخاري 4/461، كتاب الإجارة: باب عسب الفحل حديث 2284، وأبو داود 3/711 – 712، كتاب البيوع: باب في عسب الفحل حديث 3429، والترمذي 3/572، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية عسب الفحل حديث 1273، والنسائي 7/310، كتاب البيوع: باب ضراب الجمل، والحاكم 2/42، كتاب البيوع: باب النهي عن عسب الفحل وابن الجارود 582، كتاب البيوع: باب النهي عن عسب الفحل، وابن الجارود 582، والبيهقي 5/339، كتاب البيوع: باب – النهي عن عسب الفحل من حديث ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن عسب الفحل. وقال الترمذي: حسن صحيح.
2 أخرجه الترمذي 3/573، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية عسب الفحل حديث 1274، والنسائي 7/310، كتاب البيوع: باب ضراب الفحل، والبيهقي 5/339/ كتاب البيوع: باب النهي عن عسب الفحل، والطبراني في الصغير 2/95، من طريق يحيى بن آدم ثنا إبراهيم بن حميد عن هشام بن عروة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أنس بن مالك أن رجلا من كلاب سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عسب الفحل فنهاه فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنكرم فرخص له في الكرامة.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد عن هشام بن عروة.
وللحديث طريق آخر:
أخرجه أحمد 3/145، وأبو داود 6/280، رقم 3592 من طريق ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب وعقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يبيع الرجل فحله فرسه، وسنده ضعيف لضعف ابن لهيعة.

(3/26)


أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ1، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ التَّيْسِ وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2، قَالَ ابْنُ أَبِي3 حَاتِمٍ سَأَلَتْ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ فُضَيْلٍ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْأَعْمَشَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ4، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كَالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ الْقَطَّانِ6.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَزَّارُ7،
__________
1 أخرجه مسلم 3/1197، كتاب المساقاة: باب تحريم فضل الماء حديث 1565، والنسائي 7/310، كتاب البيوع: باب ضراب الجمل.
2 أخرجه النسائي 7/311، كتاب البيوع: باب ضراب الجمل، وابن ماجة 2/730، كتاب التجارات: باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغير وحلوان الكاهن وعسب الفحل حديث 2160، والدارمي 2/272، كتاب البيوع: باب في النهي عن عسب الفحل، من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ثمن الكلب وعسب الفحل.
وأخرجه أحمد 2/500، وأبو يعلى 11/257، رقم 6371، من طريق عطاء عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عسب الفحل.
وأخرجه أحمد 2/299، والنسائي 7/311، كتاب البيوع: باب ضراب الجمل، من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن المغيرة قال: سمعت ابن أبي نعيم قال: سمعت أبا هريرة يقول: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كسب الحجام وعن ثمن الكلب وعن عسب الفحل.
3 سقط في ط.
4 ينظر: العلل لابن أبي حاتم 1/383.
5 سقط في ط.
6 أخرجه أبو يعلى في مسنده 2/301، حديث 1024، والطحاوي في مشكل الآثار 1/307، باب بيان مشكل ما روي عن نهيه عن قفيز الطحان، والدار قطني 3/47، كتاب البيوع، حديث 195، والبيهقي 5/339، كتاب البيوع: باب النهي عن عسب الفحل من طريق سفيان الثوري عن هشام أبي كليب عن ابن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان، ووقع عند الدار قطني نهي بدون ذكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال البيهقي: ورواه ابن المبارك عن سفيان كما رواه عبيد الله. وقال: نهى وكذلك قاله إسحاق الحنظلي عن وكيع نهى عن عسب الفحل، ورواه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي نعيم قال: نهى رسول الله عليه وسلم فذكره.
7 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/90، عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن كل ذي ناب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير وعن ثمن الميتة، وعن لحم الحمر الأهلية، وعن مهر البغي وعن عسب الفحل وعن مياشر الأرجون.==

(3/27)


وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ1 وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ2.
1145 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَفْسِيرُهُ وَفَصَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وَهُوَ فِي الْمُدْرَجِ لِلْخَطِيبِ وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ3.
__________
=وقال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات.
1 أخرجه الطبراني في الكبير 2/25-26، رقم 1177.
وذكره أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد 4/90، عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام وحلوان الكاهن وعسب الفحل وكان للبراء تيس يطرقه ولا يمنعه أحدا ولا يعطى أجر الفحل.
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن عباد الخرشي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات.
2 أخرجه الطبراني في الحامع المعجم الكبير 11/267، رقم 11692.
3 أخرجه مالك 2/653 –654، كتاب البيوع: باب ما لا يجوز من بيع الحيوان حديث 62، والبخاري 4/356، كتاب البيوع: باب بيع الغرر وحبل الحبلة حديث 2143، ومسلم 3/1153-1154، كتاب البيوع: باب تحريم بيع حبل الحبلة حديث 5،6/1514، والترمذي 3/531، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع حبل الحبلة حديث 1229، وأحمد 2/63، 180، وأبو داود 2/275، كتاب البيوع: باب في بيع الغرر حديث 3380، والنسائي 7/294، كتاب البيوع: باب تفسير ذلك، وأبو يعلى 10/191، رقم 5821، وأبو نعيم في الحلية 6/352، والبيهقي 5/340، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع حبل الحبلة، والبغوي في شرح السنة 4/- بتحقيقنا. من طريق نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع حبل الحبلة.
وقال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.
وزاد البخاري: وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها، وهذا من كلام نافع.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر:
أخرجه أحمد 2/11، والحميدي 2/303، رقم 689، والنسائي 7/293، كتاب البيوع: باب بيع الحبلة، وابن ماجة 2/740، كتاب التجارات: باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها حديث 2197، من طريق سفيان حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به.
وأخرجه أبو يعلى 10/22، رقم 5653، من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن سعيد بن جبير ونافع عن ابن عمر.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عباس.
حديث أبي سعيد:
أخرجه ابن أبي شيبة 6/131، وأحمد 3/42، وابن ماجة 2/740، كتاب التجارات: باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها حديث 2196، وأبو يعلى 2/345، رقم 1093، والدار قطني 3/15، كتاب البيوع، رقم 44، والبيهقي 5/338، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الغرر وإسحاق بن راهوية والبزار في مسنديهما كما في نصب الراية 4/15، كلهم من طريق محمد بن إبراهيم الباهلي عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع وعن بيع ما في ضروعها وعن شراء العبد وهو آبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى تقبض وعن ضربة الغائص.
وهذا إسناد ضعيف جدا محمد بن إبراهيم مجهول.
ومحمد بن زيد ضعفه الدار قطني انظر: الضعفاء والمتروكين للدار قطني 470.
وقال البيهقي: إسناد غير قوي.
قال الزيلعي في نصب الراية 4/15، ورواه عبد الرزاق في مصنفه إلا أنه لم يذكر في إسناده محمد بن إبراهيم ومن جهة عبد الرزاق ذكره عبد الحق في أحكامه وقال: إسناد لا يحتج به وشهر مختلف فيه ويحيى بن العلاء الرازي شيخ عبد الرزاق ضعيف وهو يروي عن جهضم به. وقال ابن القطان: وسند الدار قطني يبين أن سند عبد الرزاق منقطع اهـ.
والحديث ذكره ابن أبي حاتم في العلل 1/373، رقم 1108 وقال:
سألت أبي عن حديث رواه حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله اليمامي عن محمد بن إبراهيم الباهلي عن محمد بن زيد عن شهر بن حوشب عن أبي سعيدالخدري أن=

(3/28)


تَنْبِيهٌ: الْحَبَلُ وَالْحَبَلَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ فِيهِمَا وَغَلَطَ مَنْ سَكَّنَهَا وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَوَافَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِبَيْعِ وَلَدِ النَّاقَةِ الْحَامِلِ فِي الْحَالِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَيُؤَيِّد الْأَوَّلَ رِوَايَةُ الْبَزَّارِ قَالَ فِيهَا وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ وَأَغْرَبَ ابْنُ كَيْسَانَ فَقَالَ الْمُرَادُ بَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ وَالْحَبَلَةُ الْكَرْمُ حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ وَادَّعَى تَفَرُّدَهُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الْأَلْفَاظِ وَنَسَبَهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ إلَى الْمُبَرِّدِ1.
1146 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ2،وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
__________
= النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع وعن ما في ضروعها إلا بكيل وعن شراء العبد الآبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى تقبض وعن ضربة الغائص، قلت لأبي: من محمد هذا؟ قال: هو محمد بن إبراهيم شيخ مجهول.
حديث ابن عباس:
أخرجه البزار 2/87 – كشف، رقم 1268 والطبراني في الكبير كما في نصب الراية 4/10، من طريق إراهيم بن إسماعيل بن ابي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الملاقيح والمضامين وحبل الحبلة.
قال البزار: لا نعلمه عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/107، وقال: رواه الطبراني في الكبير، والبزار وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه جمهور الأئمة.
1 ينظر: النهاية 1/334.
2 أخرجه البزار 2/87 – كشف، رقم 1267، وقال البزار: صالح بن أبي الأخضر ليس بالحافظ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 107، وقال: وفيه صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف.

(3/29)


الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا1.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَوَصَلَهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَالِكٍ2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَهُوَ فِي الْبُيُوعِ لِابْنِ أَبِي عَاصِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ3، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ وَالْبَزَّارِ4، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ5.
1147 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ6 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ7 وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ8، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ9 وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ ابْنِ عمر نحوه10.
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ 2/654، كتاب البيوع: باب ما لا يجوز في بيع الحيوان حديث 63، بلفظ: لا ربا في الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، والمضامين: بيع ما في بطون الإبل، والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال.
2 ينظر: العلل للدار قطني 9/183.
3 لم أقف على كتاب البيوع لابن أبي عاصم.
4 أخرجه البزار 2/87 – كشف، رقم 1268.
5 أخرجه عبد الرزاق 8/21، كتاب البيوع: باب بيع الحيوان بالحيوان حديث 14138.
6 بأن يتفق البائع مع المشتري على أن يبيع له الثوب مثلا قبل تأمله فيه بكذا، وأنه بمجرد لمس المشتري له يلزم البيع دون أن ينشره ويعلم ما فيه أو أنه بمجرد أن يطرحه للمشتري يلزم البيع، فاللمس في المشتري، والنبذ من البائع والنهي عنهما للجهل بالمبيع.
7 سيأتي تخريجه في موضعه.
8 أخرجه البخاري 4/358، كتاب البيوع: باب بيع الملامسة، الحديث 2144، ومسلم 3/1152، كتاب البيوع: بب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، الحديث 3/1512، وأبو داود 2/275، كتاب البيوع: باب في بيع الغرر حديث 3377، 3378، 3379، والنسائي 7/260، كتاب البيوع: باب بيع المنابذة، وابن ماجة 2/733، كتاب التجارات: باب ما جاء في النهي عن المنابذة والملامسة، حديث 2170، والدارمي 2/169، والحميدي 2/320، رقم 730، وابن الجارود 592، وعبد الرزاق 8/226 – 227، رقم 14987، وأبو يعلى 2/265، رقم 976، والبيهقي 5/342، من حديث أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار ولا يقلبه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه، وينبذ الآخر بثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض.
9 أخرجه البخاري 4/404، كتاب البيوع: باب في بيع المخاضرة، حديث 2207، بلفظ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة.
10 لابن عمر حديث أخرجه البخاري 4/384، كتاب البيوع: باب بيع المزابنة حديث 2185، ومسلم 3/1171، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر حديث 72/1542، وأبو داود 3/658، والنسائي 7/266، كتاب البيوع: باب بيع الكرم بالزبيب، وابن ماجة 2/761-762، كتاب التجارات: باب المزابنة والمحاقلة، حديث 2265، عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المزابنة.

(3/30)


1148 - حَدِيثُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلِلْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ يَعْنِي إذَا قَذَفَ الْحَصَاةَ فَقَدْ وجب البيع1.
1149 - حديثه أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ2، الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ وَهُوَ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ3، وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ4، وَابْنِ عَمْرٍو5، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ6، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ7 مَعِينٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ،8 وَحَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي أَثْنَاءِ
__________
1 تقدم تخريجه عند حديث نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
2 كأن يبيع السلعة بألزام بعشرة نقدا أو أكثر إلى أجل ويختار بعد ذلك، أو يبيع بألزام إحدى سلعتين مختلفتين جنسا كثوب ودابة، أو صنعا كرداء وكساء، وإنما نهى عنه للجهل بالثمن في الصورة الأولى، والجهل بالمثمن أو بهما في الصورة الثانية.
3 أخرجه أحمد 2/432، 475، 503، والترمذي 3/533، كتاب البيوع: باب النهي عن بيعتين في بيعة، الحديث 1231، والنسائي 7/295-296، كتاب البيوع: باب بيعتين في بيعة، وابن الجارود ص 205، باب المبايعات المنهي عنها من الغرر وغيره، الحديث 600، والبيهقي 5/343، كتاب البيوع: باب النهي عن بيعتين في بيعة، وأبو يعلى 10/507، رقم 6124، وابن حبان 1109 – موارد، من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه مالك في الموطأ 2/663، بلاغا.
4 أخرجه أحمد 2/71، والبزار 2/100 – كشف، رقم 1299، من طريق هشيم عن يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: "مطل الغني ظلم وإذا أحلت على مليء فاتبعه ولا بيعتين في واحدة" لفظ أحمد.
وأما البزار فرواه بلفظ: نهى عن بيعتين في بيعة.
والحديث ذكره الهيثمي في المجمع 4/131، وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن عرفة وهو ثقة اهـ.
وفاته أن يعزوه إلى أحمد.
5 أخرجه أحمد 2/174-175، وأبو داود 3/769، كتاب البيوع: باب في الرجل يبيع ما ليس عنده حديث 3504، والترمذي 3/535 –536، كتاب البيوع: باب كراهية بيع ما ليس عندك حديث 1234، والنسائي 7/288، كتاب البيوع: باب بيع ما ليس عند البائع، وابن ماجة 2/737، حديث 738، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع ما ليس عندك حديث 2188، وابن الجارود 601، والحاكم 2/17، بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيعتين في بيعة.
6 أخرجه أحمد 1/398، والبزار 2/90 – كشف، رقم 1277، وأخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع 4/87، عن ابن مسعود مرفوعا: لا تحل صفقتان في صفقة.
7 سقط في ط.
8 عزاه المصنف هنا لمصدر نازل وقد قدمنا تخريجه من مصدر عال وهو عند أحمد والبزار وقد تقدم.

(3/31)


حَدِيثٍ1.
1150 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ بَيَّضَ لَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ وَاسْتَغْرَبَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى وَالْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الذُّهْلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِهِ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ مَشْهُورَةٍ وَرَوَيْنَاهُ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ مَشْيَخَةِ بَغْدَادَ لَلدِّمْيَاطِيِّ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ أَنَّهُ قَالَ غَرِيبٌ2، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَابْنَ حِبَّانَ وَالْحَاكِمَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ3.
1151 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ4.
__________
1 الأولى في حديث عبد الله بن عمرو ما تقدم تخريجه بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيعتين في بيعة وهو عند أحمد وأصحاب السنن وغيرهم.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 4/85، والخطابي في معالم السنن 3/145-146، والحاكم في علوم الحديث 128، ذكر النوع التاسع والعشرين في معرفة سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعارضها مثلها، وابن حزم في المحلى 8/415-416، عن عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة، فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعا، وشرط شرطا، فقال: البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة، فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن بيع وشرط البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا: حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أشتري بريرة فأعتقها. البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر، قال: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقة وشرط لي حملانها إلى المدينة البيع جائز والشرط جائز.
3 أخرجه أبو داود 3/769، كتاب البيوع: باب الرجل يبيع ما ليس عنده، حديث 3504، والترمذي 3/535 –536، كتاب البيوع: باب كراهية بيع ما ليس عندك حديث 1234، والنسائي 7/837- 738، كتاب التجارات باب النهي عن بيع ما ليس عندك حديث 2188، وأحمد 2/178-179، والدارمي 2/253، كتاب البيوع: باب النهي عن شرطين في بيع، وابن الجارود في المنتقى حديث 601، والدار قطني 3/57، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع ما ليس عندك، كلهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الحاكم: هذا حديث على شرط جماعة من أئمة المسلمين صحيح، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه مالك 2/780، كتاب العتق والولاء: باب مصير الولاء لمن أعتق حديث 17، والبخاري 4/376، كتاب البيوع: باب إذا اشترط شروطا في اليبع لا تحل حديث 2168، ومسلم=

(3/32)


1152 - حَدِيثُ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تَعْتِقَهَا وَيَكُونَ وَلَاؤُهَا لَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ وَقَالَ شَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا الْعِتْقَ إلَّا أَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ الْوَلَاءَ1.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ2.
1153 - حَدِيثُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مواليها يَبِيعُونَهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ فَقَالَ لَهَا: " اشْتَرِي وَاشْتَرِطِي لَهُمْ" . الْوَلَاءَ الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا بِهَذَا اللَّفْظِ قَالَ الرافعي قالوا إنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ سَائِرُ الرُّوَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قِيلَ إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ نَمِرٍ تَابَعَ هِشَامًا عَلَى هَذَا فَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ،
__________
= 2/1142، كتاب العتق: باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث 8/1504، وأبو داود 4/245-246، كتاب العتق: باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، حديث 3929، والترمذي 4/436، كتاب الوصايا: باب في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت حديث 2124، والنسائي 6/164، كتاب الطلاق: باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك، وابن ماجة 2/842، كتاب العتق: باب المكاتب حديث 2521، وأحمد 6/81-82، 183، 206، 213، 281، 282، وعبد الرزاق 16161، 16164، وأبو يعلى 7/411، رقم 4435، وابن حبان 4258، الإحسان، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/43- 45، وابن الجارود 981، والدار قطني 3/22، كتاب البيوع، والبيهقي 5/336، والخطيب في تاريخ بغداد 3/32، من طرق عن عروة عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسعة أواق، في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عنك، عددتها ويكون لي ولاؤك، فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها، وجاءت من عند أهلها ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس فقالت لعائشة: إني عرضت عليهم ذلك فأبوا علي إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألها فأخبرته عائشة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق" ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق" .
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من طريق عمرو بن يحيى بن غفرة ثنا حماج بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط"
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/208، وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه عمرو بن يحيى بن غفرة ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات.
1 ينظر: الحديث السابق.
2 تقدم تخريجه.

(3/33)


عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ1.
1154 - حَدِيثُ "الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ" وَفِي رِوَايَةٍ "مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِاللَّفْظَيْنِ2.
1155 - حَدِيثُ "لَا يَحْتَكِرُ3 إلَّا خَاطِئٌ" مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الله بن نصلة الْعَدَوِيِّ4.
__________
1 تقدم تخريجه.
2 أخرجه مالك في الموطأ 2/671، كتاب البيوع: باب بيع الخيار، الحديث 79، وأحمد 1/56، والبخاري 4/328، كتاب البيوع: باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، الحديث 2111، ومسلم 3/1163، كتاب البيوع: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، الحديث 43، 1531، وأبو داود 3/732-735، كتاب البيوع والإجارات: باب في خيار المتبايعين، الحديث 3454، و3455، والترمذي 3/547، كتاب البيوع: باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا، الحديث 1245، والنسائي 7/248، كتاب البيوع: باب وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما، وابن ماجة 2/736، كتاب التجارات: باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، الحديث 2181.
والشافعي 2/9154، كتاب البيوع: باب في خيار المجلس، رقم 531، 534، وابن طهمان في مشيخته رقم 180 – 181، وعبد الرزاق 8/50-51، والحميدي 645، والطيالسي 1/266 – منحة، رقم 1338، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر رقم 79، وأبو يعلى 10/ 192، رقم 5822، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/12، والدار قطني 3/5، كتاب البيوع، والطبراني في المعجم الصغير 2/27، والبيهقي 5/268 –269، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 1/220، والخطيب في تاريخ بغداد 3/104-105، والبغوي في شرح السنة 4/326 بتحقيقنا، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر به.
3 الاحتكار لغة: قال الجوهري: احتكار الطعام: جمعه وحبسه، يتربص به الغلاء، قال: وهو الحكرة بضم الحاء.
وقال ابن فارس: الحكرة حبس الطعام إرادة غلائه. قال: وهو الحكر، والحكر يعني بفتح الحاء وفتح الكاف وإسكانها.
انظر: تحير التنبيه 208، والمصباح المنير 1/226.
واصطلاحا:
عرفه الحنفيه بأنه: اشتراء طعام ونموه، وحبسه إلى الغلاء أربعين يوما.
عرفه الشافعية بنه: شراء القوت في وقت الغلاء ليمسكه، ويبيعه بعد ذلك بأكثر من ثمنه للتضييق حينئذ.
عرفه المالكية بأنه: حبس الطعام إرادة الغلاء.
عرفه الحنابلة بأنه: أن يشتري القوت للتجارة، ويحبسه ليقل ويغلو.
انظر: حشية ابن عابدين 5/282، نهاية المحتاج 3/75، شرح الزرقاني على موطأ مالك 3/199، كشاف القناع 2/35.
4 أخرجه مسلم 3/1227، كتاب المساقاة: باب تحريم الاحتكار في الأقوات حديث 129/1605، وأبو داود 2/271، كتاب البيوع: باب في النهي عن الحكرة حديث 3447، والترمذي 3/567، كتاب البيوع: باب ما جاء في الاحتكار حديث 1267، وابن ماجة 2/728، كتاب التجارات:=

(3/34)


وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ مَنْ احْتَكَرَ يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ1.
1156 - حَدِيثُ الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَإِسْحَاقُ وَالدَّارِمِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ2 وَأَبُو يَعْلَى وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ3.
1157 - حَدِيثُ مَنْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ زاد والحاكم وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَفِي إسْنَادِهِ أَصَبْغُ بْنُ زَيْدٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةٍ جَهَّلَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَعَرَّفَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ وثقه بن سعد ورواه عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ4، وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي
__________
= باب الحكرة والجلب حديث 2154، والدارمي 2/248-249، كتاب البيوع: باب في النهي عن الاحتكار، وأحمد 3/453، 6/400، والبيهقي 6/29، كتاب البيوع: باب ما جاء في الاحتكار، والبغوي في شرح السنة 4/331 بتحقيقنا، من طرق عن سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من احتكر فهو خاطئ" فقيل لسعيد: فإنك تحتكر قال سعيد: إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر.
وقال الترمذي: وحديث معمر حديث حسن صحيح.
1 أخرجه الحاكم 2/12.
2 سقط في ط.
3 أخرجه ابن ماجة 2/728، كتاب التجارات: باب الحكرة والجلب، حديث 2153، والدارمي 2/249، كتاب البيوع: باب في النهي عن الاحتكار والعقيلي 3/231-232، والبيهقي 6/30، كتاب البيوع: باب ما جاء في الاحتكار، وفي شعب الإيمان 7/525، رقم 11213، كلهم عن طريق علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عمر مرفوعا.
وقال البيهقي: تفرد به علي بن سالم عن علي بن زيد قال بخاري لا يتابع في حديثه.
وقال البوصيري في الزوائد 2/163: هذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
والحديث ذكره الزيلعي في نصب الراية 4/261، وزاد نسبته إلى إسحاق بن راهوية والدارمي وعبد بن حميد، وأبي يعلى الموصلي في مسانيدهم.
قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص 170، أخرجه ابن ماجة في سننه والحاكم في صحيحه وإسحاق والدارمي وعبد وأبو يعلى في مسانيدهم والعقيلي في الضعفاء من حديث عمر به مرفوعا وسنده ضعيف اهـ.
تنبيه: وقع في الأصل: من حديث ابن عمر وهو خطأ ولعله وهم من الناسخ.
4 أخرجه أحمد 2/33، والحاكم 2/11-12، وابن أبي شيبة 6/104، رقم 437، والبزار 1311 – كشف، وأبو يعلى 10/115-117، رقم 5746، وأصبغ بن زيد وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس.==

(3/35)


الْمَوْضُوعَاتِ1، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَحَكَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ2.
1158 - حَدِيثُ أَنَّ السِّعْرَ غَلَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَزَّارُ وأبو عيلى مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ3.
وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ: "بَلْ أَدْعُو" ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ فَقَالَ: "بَلْ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ" الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ4، وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أيضا5، وللبزار مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوُهُ6، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ الصَّغِيرِ7، وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي الْكَبِيرِ8، وَأَغْرَبَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ
__________
=وقال الدار قطني: ثقة، وقال ابن عدي: له أحاديث غير محفوطة ولا أعلم روى عنه غير يزيد.
وتعقبه الذهبي بأن روى عنه عشرة أنفس.
ينظر: الميزان 1/270.
1 ينظر: الموضوعات لابن الجوزي 2/242.
2 ينظر: علل الحديث لابن أبي حاتم 1/392.
3 أخرجه أحمد 3/156، 286، وأبو داود 3/272، كتاب الإجارة: باب التسعير حديث 3451، والترمذي 3/605-606، كتاب البيوع: باب ما جاء في التسعير حديث 1314، وابن ماجة 2/741، كتاب التجارات: باب من كره أن يسعر حديث 2/741، كتاب التجارات: باب من كره أن يسعر حديث 2200، والدارمي 2/249، كتاب البيوع: باب في النهي عن أن يسعر، وأبو يعلى 5/245، رقم 2861، والبيهقي في السنن الكبرى 6/29، كتاب البيوع: باب التسعير.
وذكره الزيلعي في نصب الراية 4/256، وزاد نسبته إلى ابن حبان والبزار.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وله طريق آخر عن أنس لكنه ضعيف.
أخرجه أبو يعلى 5/160، رقم 2774، من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس مرفوعا ومبارك والحسن مدلسان وقد عنعنا فضلا عن ضعف مبارك.
4 أخرجه أحمد 2/337، 372، وأبو داود 3/272، كتاب البيوع: باب التسعير حديث 3450.
5 أخرجه ابن ماجة 2/742، كتاب التجارات: باب من كره أن يسعر حديث 2201.
وينظر: مجمع الزوائد 3/364، رقم 1968.
6 أخرجه البزار 3/113- البحر الزخار رقم 899.
7 أخرجه الطبراني في الصغير 2/7، من طريق يحيى بن صالح الوحاظي ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس.
وقال الطبراني: لم يروه عن الأعمش إلا عيسى تفرد به يحيى.
8 أخرجه الطبراني في الكبير 22/125، رقم 322.

(3/36)


فَأَخْرَجَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فَقَالَ إنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ1.
1159 - حَدِيثُ جَابِرٍ "لَا يبيع حَاضِرٌ لِبَادٍ" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ2.
1160 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ4، وَابْنِ عَبَّاسٍ5، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ6.
1161 - حَدِيثُ "دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ7.
1162 - حَدِيثُ "لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ" 8 قَالَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا
__________
1 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/238-239.
2 أخرجه مسلم 3/1157، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للباد، الحديث 20، 1522، وأبو داود 3/721، كتاب البيوع والإجارات: باب في النهي أن يبيع حاضر لباد، الحديث 3442، والطيالسي ص 241 في مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه الحديث 1752، وأحمد 3/307، 312، 386، 392، في مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، والترمذي 3/526، كتاب البيوع: باب ما جاء لا يبيع حاضر لباد، الحديث 1223، والنسائي 7/256، كتاب البيوع: باب بيع الحاضر للبادي، وابن ماجة 2/734، كتاب التجارات: باب النهي أن يبيع حاضر لباد، الحديث 2176، وابن الجارود 574، والحميدي 2/534، رقم 1270، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/11، والبيهقي 5/346، والبغوي في شرح السنة 4/292، بتحقيقنا، من طريق أبي الزبير عن جابر به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
3 أخرجه البخاري 4/353، كتاب البيوع: باب لا يبيع على بيع أخيه، حديث 2140، ومسلم 3/1155، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه حديث 11/1515.
قلت: وسيأتي تخريجه قريبا بأوسع من هذا.
4 أخرجه البخاري 4/436، كتاب البيوع: باب لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة حديث 2161، ومسلم 3/1157، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي حديث 19/1523.
5 أخرجه البخاري 4/370، كتاب البيوع: باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ حديث 2158، ومسلم 3/1157، كتاب البيوع باب تحريم بيع الحاضر للبادي حديث 19/1521، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد.
6 أخرجه البخاري 4/373، كتاب البيوع: باب النهي عن تلقي الركبان حديث 2165، بلفظ: "لا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى السوق" .
7 تقدم تخريجه من حديث جابر لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض.
8 الركبان: جمع راكب ضد الراجل، وهو الماشي، والتعبير به جرى على الغالب، وإلا فمثل الراكب الماشي فيما يذكر ويسمى أيضا خيار تلقي الجلب مصدر بمعنى المجلوب. ومعناه ثبوت الخيار للجالبين وإذا باعوا شيئا ممن تلقاهم ثم هبطوا البلد فوجدوا أنهم قد باعوا بأقل من سعر السوق.
وقد ذهب بعضهم إلى بطلان هذا البيع، للنهي عنه، ولكنهم محجوجون بالحديث نفسه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام جعلهم بالخيار إذا هبطوا السوق، ولا يكون الخيار إلا في بيع صحيح. ==

(3/37)


...................................................................................
__________
==وقد اختلف في علة النهي، هل المقصود منه دفع الضرر عن الجالب؛ لأنه في الغالب يبيع بسعر أقل من سعر السوق، أم المقصود هو دفع الضرر عن أهل البلد بحرمانهم من اشتراكهم في السلع المجلوبة؛ ولأنها تباع لهم بسعر أعلى فيما لو هبط الجالبون أنفسهم السوق وتولوا بيعها، أم أن هذا النهي لا علة له أصلا، بل هو حكم تعبدي.
بالأخير قال الظاهرية، فأحكام الشريعة عندهم تعبد محض لا تعلل، ولا يقاس عليها، ولذلك فهم يجعلون الخيار للجلاب، مطلقا إذا هبطوا السوق سواء غبنوا في البيع، أو لم يغبنوا عملا بإطلاق الحديث.
وبالتالي قال المالكية، فالمنع عندهم من التلقي مقصود منه مصلحة أهل الأسواق الذين جلسوا يبتغون فضل الله، ورحمته، ويترقبون ورود أهل البضاعات إليهم، ليتسابقوا في الشراء منهم.
والنتيجة الحتمية لهذا الرأي أن الجالب لا حق له فيه فسخ البيع، إذا هبط السوق، وتبين أنه قد غبن، وهذا هو مذهب المالكية بعينه.
إلا أنهم اختلفوا هل يجبر المتلقي على شراكة أهل السوق في السلعة وفقا للضرر بهم بقدر الإمكان أم لا يجبر، لأن البيع قد وقع صحيحا، ولا ينزع من أحد ملكه قهرا عنه.
روايتان: وبمثل قول المالكية قال الحنفية، إلا أنهم يفترقون عن المالكية من جهة أن البائع لا يجبر على إشراك أهل السوق عندهم قولا واحدا.
وهذا آت من جهة، أنهم راعوا مصلحة المستهلكين من أهل البلد لا مصلحة التجار والممولين، كما هو رأي المالكية.
وبالأول قال الشافعية، فالمنع عندهم مقصود منه مصلحة الجالب نفسه، فلو هبط السوق، وتبين أنه قد غبن في السعر، ولو غبنا يسيرا، فهو بالخيار، إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أمضاه بالثمن المتفق عليه، فلو لم يكن هناك غبن، فلا خيار، ولا حرمة.
وحجتهم على هذا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل للجالب الخيار إذا هبط السوق، وما ذاك إلا لمعرفته بالسعر حينئذ، فلا يفسخ إلا إذا عرف أنه مغبون، وإلا لم يكن لهذا التقييد من فائدة.
ويفرق بعض الشافعية بين ثبوت الخيار للبائع إذا تلقاه المشتري، فاشترى منه بغبن، وبين عدم ثبوته له إذا اشترى منه المشتري بغبن في الحضر، بأن المشتري في الحالة الأولى غرر بالبائع، حيث أخبره بالسعر على غير حقيقته، وهذا فرق غير وجيه، لأنه لو اشترى منه فغبنه كان له الخيار، ولو لم يخبره بسعر السوق، وأيضا لو دلس البائع على المشتري في السعر في الحضر، فقال: أعطيت في هذه السلعة كذا وكذا، فصدق المشتري فلا خيار له، كالبخس سواء بسواء وإذا فالتغرير غير معتبر عندهم في إثبات الخيار للمغبون، وأما الحنابلة فالظاهر من شأنهم أنهم يجعلون المقصود من النهي عن تلقي الجلب هو مراعاة المصلحتين معا مصلحة الجلاب، ومصلحة أهل الأمصار، فجعلوا الجالب بالخيار إذا غبن غبنا فاحشا، وحرموا التلقي إذا تضرر به أهل المصر، وهذا كما هو ظاهر.
أعدل المذاهب، والنص لا يفيد سوى قصر الخيار على الجلاب، والحرمة أمر وراء ذلك.
هذا مذهب الحنفية، والمالكية القائل: إنه لا خيار للجلاب، إذا باعوا بغبن، فهبطوا السقو، وتبينوا الحقيقة مخالف لصريح النص.
ومحاولة استخراج علة خاصة من النص تتنافى وثبوت الخيار لهم محاولة تهدم النص، وهي في الوقت نفسه عكس ما هو المعروف لدى جميع العلماء من أنه يؤخذ النص بعد ثبوت صحته على أنه مسلم=

(3/38)


فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ يَقْدَمَ السُّوقَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا1، وَلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا طُرُقٌ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2، وَابْنِ مَسْعُودٍ3، وَابْنِ عَبَّاسٍ4، وَالزِّيَادَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ5، لَكِنْ حَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَوْمَأَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ.
__________
= الحكم، ثم يبحث بعد ذلك عن العلة التي تتفق وحكمه.
وقد ذهب قلة من العلماء إلى أن تلقي الركبان للشراء منهم غير محرم بحال محتمين بما روي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام، فنهانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نبيعه حتى يبلغ به سوق الطعام. حيث عبر بكذا نتلقى، وهي صيغة دالة على التكرار، والنبي عليه الصلاة والسلام مع معرفته بهذا لم ينكره عليهم، وإنما أنكر على المشترين أن يبيعوا الطعام حيث شروه وأوجب عليهم أن يهبطوا به السوق أولا، وهذا أمر وراء التلقي للركبان للشراء منهم.
وهذا مذهب ضعيف غاية الضعف؛ لأن النهي عن التلقي للشراء قد ثبت بأحاديث أخر أصح وأصرح على أنه لا مانع من العمل بموجب الحديثين معا، فيكون التلقي للشراء منهم حرام، والبيع حيث الشراء حرام مراعاة للجانبين جانب الركبان، وجانب أهل الأمصار.
والذي يظهر أن هذا الحديث يصلح متمسكا للحنفية والمالكية في قصرهم علة النهي عن تلقي الركبان على دفع الضرر عن أهل المصر، لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاهم عن بيع ما شروا من الجلب، حتى يهبطوا السوق، وهذا طبعا مقصود منه مصلحة أهل الأمصار، فيكون النهي عن تلقي الركبان للشراء منهم مقصودا منه مصلحة أهل الأمصار أيضا.
ولكنه مع ذلك متمسك ضعيف؛ لأنه إثبات الخيار للركبان إذا هبطوا السوق يجعلهم مقصودين من النهي أيضا.
ينظر: الخيارات في البيع لشيخنا محمد عبد الرحمن مندور، وينظر: المحلى 8/450، مغني المحتاج 2/37، تكملة المجموع 12/327.
1 أخرجه مسلم 3/1157، كتاب البيوع: باب تحريم تلقي الجلب حديث 17/1519، وأحمد 2/487-488، وأبو داود 3/718، كتاب البيوع: باب في التلقي حديث 3437، والترمذي 3/524، كاب البيوع: باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع حديث 1221، والنسائي 7/257، كتاب البيوع: باب التلقي، وابن ماجة 2/775، كتاب: التجارات: باب النهي عن تلقي السلع والبيهقي في السنن الكبرى 5/348، كتاب البيوع: باب النهي عن تلقي السلع.
وأخرجه البخاري 4/373، كتاب البيوع: باب النهي عن تلقي الركبان حديث 2162، عنه بلفظ: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد.
2 أخرجه البخاري 4/375، كتاب البيوع: باب منتهى التلقي حديث 2166، 2167، ومسلم 3/1156، كتاب البيوع: باب تحريم تلقي الجلب، حديث 14/1517.
3 أخرجه البخاري 4/373، كتاب البيوع: باب النهي عن تلقي الر كبان حديث 2164، ومسلم 3/1156، كتاب البيوع: باب تحريم تلقي الجلب حديث 15/1518، عن ابن مسعود قال: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تلقي البيوع.
4 تقدم تخريج حديث ابن عباس.
5 تقدم.

(3/39)


1163 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ1.
1164 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي حَدِيثٍ بِمَعْنَاهُ وَفِي الرِّسَالَةِ لِلشَّافِعِيِّ لَا أَحْفَظُهُ ثَابِتًا وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيّ بِأَنَّهُ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ فَذَكَرَهَا2.
1165 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى عَلَى قَدَحٍ وَحِلْسٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَقَالَ "رَجُلٌ هُمَا عَلَيَّ بِدِرْهَمٍ" ثُمَّ قَالَ "آخَرُ عَلَيَّ بِدِرْهَمَيْنِ" الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ الْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهْلِ حَالِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ وَنَقَلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ3.
__________
1 أخرجه البخاري 4/353، كتاب البيوع: باب لا يبيع على بيع أخيه، الحديث 2140، وفي 4/361، باب النهي للبائع أن لا يحمل الإبل والبقر والنعم، الحديث 2150، ومسلم 3/1155، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، الحديث 12/1515.
والنسائي 7/258، كتاب البيوع: باب سوم الرجل على سوم أخيه، والترمذي 3/495، كتاب الطلاق: باب ما جاء لا تسأل المرأة طلاق أختها 1190 مختصرا وابن ماجة 2/734، كتاب التجارات: باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه حديث 2172، وأحمد 2/274، 487، وعبد الرزاق 8/198-199، والحميدي 2/445، رقم 1026، وابن الجارود 563، والطبراني في المعجم الصغير 1/167، 168، والبيهقي 5/344، والبغوي في شرح السنة 4/291 بتحقيقنا، من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به وقد اقتصر بعضهم على ذكر فقرات من الحديث.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه البخاري 5/382، كتاب الشروط: باب الشروط في الطلاق، حديث 2727، ومسلم 3/1155، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه حديث 12/1515، والنسائي 7/255، كتاب البيوع: باب بيع المهاجر للأعرابي حديث 4491، من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التلقي وأن يبيع مهاجر للأعرابي وعن التصرية والنجش وأن يستام الرجل على سوم أخيه وا، تسأل المرأة طلاق أختها.
2 سيأتي بطرقه في كتاب النكاح.
3 أخرجه أحمد 3/114، وأبو داود 2/120 –121، كتاب الزكاة: باب ما تجوز فيه المسألة حديث 1641، والترمذي 3/522، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع من يزيد حديث 1218، والنسائي 7/259، كتاب البيوع: باب البيع فيمن يزيد حديث 4508، والأخضر بن عجلان.
وثقه ابن معين، وضعفه الأزدي، قال أبو حاتم يكتب حديثه.
ينظر: الميزان 1/168.
ولبعض الحديث شاهد من حديث قبيصة بن مخارق.
أخرج مسلم 2/722، كتاب الزكاة: باب من تحل له المسألة حديث 109/1044، وأبو داود 2/120، كتاب الزكاة: باب ما تجوز فيه المسألة، حديث 1640، والنسائي 6/88-89، كتاب=

(3/40)


تَنْبِيهٌ الْحِلْسُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ بَرْذعَةِ الْبَعِيرِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ1.
1166 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2، وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ3، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ4، وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يذر قوله وفي معناه الشرى على الشرى قُلْت وَرَدَ فِيهِ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَتِهِ5.
1167 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى النَّجْشِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ6.
1168 - حَدِيثُ لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْرٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ7، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ وَرَاوِيهِ عَنْهُ ضَعِيفٌ8، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكبير من حديث نقادة فِي حَدِيثٍ طَوِيلِ وَقَدْ ذكر ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي
__________
= = الزكاة: باب الصدقة لمن تحمل بحمالة حديث 2579، 2580، وابن أبي شيبة 3/210-211، وابن خزيمة 2361، وابن حبان 8/189-190، رقم 3395، 3396، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/18، والبيهقي 7/21، 23، والبغوي في شرح السنة 3/294، بتحقيقنا، من حديث قبيصة بن المخارق.
1 ينظر: النهاية في غريب الحديث 1/423.
2 سيأتي في النكاح.
3 تقدم تخريجه.
4 سيأتي تخريجه في النكاح.
5 سيأتي تخريجه في النكاح.
6 أخرجه البخاري 4/355، كتاب البيوع: باب النجش حديث 2142، ومسلم 3/1156، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، حديث 13/1516، ومالك في الموطأ 2/683، كتاب البيوع:باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة حديث 95، والشافعي في الأم 3/9ب1، والنسائي 7/258، كتاب البيوع: باب النجش وابن ماجة 2/734، كتاب التجارات: باب ما جاء في النهي عن النجش حديث 2173، وأحمد 2/108، وأبو يعلى 10/171، رقم 5796، والبيهقي 5/343، كتاب البيوع: باب النهي عن النجش، والبغوي في شرح السنة 4/290 بتحقيقنا، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النجش.
7 أخرجه البيهقي 8/5، كتاب النفقات: باب الأم تتزوج فيسقط حقها من حضانة الولد، من طريق زيد بن إسحاق بن جارية أن عمر بن الخطاب حين خاصم إلى أبي بكر في ابنه فقضى به أبو بكر رضي الله عنه لأمه، ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا توله والدة عن ولدها". وضعفه ابن الملقن في خلاصة البدر المنير 2/62.
8 وهو الحجاج بن أرطاة وهو يدلس أيضا وقد تقدم ترجمته.

(3/41)


سَعِيدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ كَذَا قَالَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ ثَابِتٌ قُلْت عَزَاهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد وعزاه الحيلي1 فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِرَزِينٍ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ وَرَوَاهُ فِي تَرْجَمَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ لَا يُوَلَّهَنَّ وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ قَالَ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي غَيْرِ الشَّامِيِّينَ2.
1169 - حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي سِيَاقِ أَحْمَدَ عَنْهُ قِصَّةٌ وَفِي إسْنَادِهِمْ حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ3، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ؛
__________
1 عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الكافي، صائن الدين الجيلي شارح التنبيه قال السبكي: ذكر في آخر شرحه أنه فرغ من تصنيفه في ربيع الأول سنة تسع وعشرين وستمائة. وهذا الشرح المشهور له شرح أطول منه، لخص منه هذا، وشرح الوجيز أيضا، وقال الإسنوي، كان عالما مدققا، شرح التنبيه شرحا حسنا، خاليا عن الحشو ... لو ما أفسده من النقول الباطلة.. توفي سنة 632.
انظر: ط. ابن قاضي شهبة 2/74، ط. السبكي 5/107، ط. الإسنوي ص 131.
2 أخرجه ابن عدي في الكامل 6/418، من طريق مبشر بن عبيد عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا توله والدة عن ولدها".
ومبشر بن عبيد:
قال أحمد: ليس بشيء يضع الحديث.
وقال البخاري منكر الحديث.
وقال ابن عدي: ومبشر بين الأمر في الضعف وعامة ما يرويه غير محفوظ.
وقال الدار قطني: متروك وضعفه ابن عدي وابن معين.
نيظر: الكامل 6/417، والتهذيب 10/30.
3 أخرجه أحمد 5/413، والدارمي 2/227-228، كتاب: السير باب النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها، والترمذي 43/580، كتاب البيوع: باب في كراهية الفرق بين الأخوين، أو بين الوالدة وولدها في البيع، الحديث 1283، والدار قطني 3/67، كتاب البيوع، الحديث 256، والحاكم 2/55، كتاب البيوع: باب من فرق بين والدة وولدها، والبيهقي في الشعب 11081، والقضاعي في مسند الشهاب 1/289، الحديث 456.
والطبراني في الكبير 4/217، والبغوي في شرح السنة 5/239 – بتحقيقنا، من حديث أبي أيوب الأنصاري به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وللحديث شاهد من حديث حريث بن سليم العدوي.
أخرجه الدار قطني 3/68، كتاب البيوع، رقم 257، وفيه الواقدي وهو كذاب.==

(3/42)


لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ الإسْكَنْدراني عَنْ أَبِي أَيُّوبَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ1، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارِمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْهُ2.
1170 - حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَا يُفَرَّقُ بين الم وَوَلَدِهَا قِيلَ إلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي سَنَدِهِ عِنْدَهُمَا عَبْدُ الله بن عمر والواقفي3، وَهُوَ ضَعِيفٌ رَمَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِالْكَذِبِ وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عبد العزيز قال الدارقطني4، وفي الصحيح مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي أَوَّلُهُ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَنَفَلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا5. فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد بَابَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُدْرَكَاتِ
1171 - حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ الْبَيْعَ أَبُو دَاوُد وَأَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ بَيْنَ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبِ وَعَلِيٍّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ لِشَوَاهِدِهِ لَكِنْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ6، وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ
__________
=قلت: أما كون حديث أبي أيوب على شرط مسلم فهو وهم من الحاكم حيث أن مسلما لم يخرج ليحيى بن عبد الله شيئا، وقال البخاري: فيه نظر.
وقال أحمد: أحاديثه مناكير.
ووثقه ابن معين.
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/126.
2 أخرجه الدارمي 2/299.
3 في ط: الواقفي وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
4 أخرجه الدار قطني 3/68، والحاكم 2/55، والبيهقي في السنن الكبرى 9/128، وصححه الحاكم.
وتعقبه الذهبي فقال: موضوع.
وعبد الله بن عمرو الواقعي.
قال ابن المديني: كان يضع الحديث.
وكذبه الدار قطني.
وقال ابن عدي: هو إلى الضعف أقرب أحاديثه مقلوبة.
وقال أبو زرعة: ليس بشيء ضعيف كان لا يصدق.
ينظر: الجرح والتعديل 5/119، والضعفاء والمتروكين 2/134، والضعفاء الكبير 2/284، والمغني 1/349، ولسان الميزان 3/374.
5 أخرجه مسلم 12/100- نووي، كتاب الجهاد والسير: باب التنفل وفداء المسلمين، حديث 1755.
6 أخرجه أبو داود 3/63-64، كتاب الجهاد: باب التفريق بين السبي حديث 2696، والترمذي 3/580، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين حديث 1284، وابن ماجة 2/755-756، كتاب التجارات: باب النهي عن التفريق بين السبي حديث 2249، والحاكم 2/55، والبيهقي في السنن الكبرى 5/126-127.

(3/43)


الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ بلفظ قدم عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ فَأَمَرَنِي بِبَيْعِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتهمَا الْحَدِيثَ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ رِوَايَةَ الْحَكَمِ هَذِهِ1، لَكِنْ حَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْعِلَلِ أَنَّ الْحَكَمَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ عَلِيٍّ2.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمُ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمِنْ مَيْمُونٍ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا وَمَرَّةً عَنْ هَذَا3.
1172 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَجْرِ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَقَالَ إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَإِنَّهُ ضَعُفَ بِسَبَبِهِ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ وَالْمَجْرُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَأَشَارَ إلَى تَفَرُّدِ مُوسَى بِهِ4، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ بِمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ لَكِنَّ الْأَسْلَمِيَّ أَضْعَفُ مِنْ مُوسَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا5.
تَنْبِيهٌ الْمَجْرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ آخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ أَنْ يُبَاعَ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ6.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ اشْتِرَاءُ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ خَاصَّةً7 .
1173 - قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ وَسُمِّيَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ ضَعِيفَةٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ وَقِيلَ هُوَ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ الْهَيْثَمِ بْنِ الْيَمَانِ عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ
__________
1 أخرجه أحمد 1/126-127، والدار قطني 3/65-66.
2 ينظر: علل ابن أبي حاتم 1/386، رقم 1154.
3 ينظر: العلل للدار قطني 3/272-273.
4 أخرجه البيهقي 5/341، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع حبل الحبلة، والبغوي في شرح السنة 4/302 – بتحقيقنا، من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
قال البيهقي: وهذا الحديث بهذا اللفظ تفرد به موسى بن عبيدة.
قال يحيى بن معين: فأنكر على موسى هذا وكان من أسباب تضعيفه.
قلت: من طريق موسى أخرجه أيضا البزار 1280 – كشف.
5 ينظر السنن الكبرى 5/341.
6 ينظر: النهاية في غريب الحديث 4/298.
7 ينظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/134.

(3/44)


عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ثِقَةٌ وَالْهَيْثَمُ ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ يُقَالُ إنَّ مَالِكًا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ1، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أنا الْأَسْلَمِيَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعُرْبَانِ فِي الْبَيْعِ فَأَحَلَّهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ مَعَ الاساله وَالْأَسْلَمِيُّ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى2.
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ أَوْ يَكْتَرِيَ ثُمَّ يَقُولُ الَّذِي اشْتَرَى أَوْ اكْتَرَى أُعْطِيك دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا عَلَى إنْ أَخَذْت السِّلْعَةَ فَهُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَك وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
1174 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ3.
1175 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ رَوَاهُ مَالِكٌ بَلَاغًا وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ4، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ النَّسَائِيّ فِي
__________
1 أخرجه مالك 2/609، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع العربان حديث 1، عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.
وأخرجه أبو داود 3/283، كتاب البيوع: باب في العربان حديث 3502، وابن ماجة 2/738، كتاب التجارات: باب بيع العربان حديث 2192، من طريق مالك به.
قال ابن عبد البر في الاستذكار 19/8-9، وقد تكلم الناس في الثقة عند مالك في هذا الموضع وأشبه ما قيل فيه نه ابن لهيعة لأن هذا الحديث أكثر ما يعرف عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب اهـ.
وقد أخرجه البيهقي 5/343، من هذا الوجه.
وأخرجه ابن ماجة 2/739، كتاب التجارات: باب بيع الرعبان حديث 2193، من طريق حبيب بن أبي حبيب عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.
قال ابن عبد البر في الاستذكار 19/9: لكن حبيبا متروك لا يشتغل بحديثه ويقولون: إنه كذاب فيما يحدث به.
2 إبراهيم بن ابي يحيى تقدمت ترجمته.
3 أخرجه مسلم 3/1175، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة حديث 85/1536، وأبو داود 3/354، كتاب البيوع: باب في بيع السنين حديث 3404، والترمذي 3/605، كتاب البيوع: باب ما جاء في المخابرة والمعاومة حديث 1313، والنسائي 7/296، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم، وابن ماجة 2/747، كتاب التجارات: باب بيع الثمار سنين حديث 2218، وابن الجارود رقم 598، وأحمد 3/364، وابن حبان 4974، والبيهقي في السنن الكبرى 5/304.
4 تقدم تخريجه.

(3/45)


الْعِتْقِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْمَعُ مِنْك أَحَادِيثَ أَفَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَكْتُبَهَا قَالَ: " نَعَمْ" فَكَانَ أَوَّلُ مَا كَتَبَ كِتَابَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أَهْلَ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَمِيعًا وَلَا بَيْعٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَقَضَاهَا إلَّا أُوقِيَّةً فَهُوَ عَبْدٌ قَالَ النَّسَائِيُّ عَطَاءٌ هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو1، وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِسَنَدٍ ضَعِيفِ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ2.
1176 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْهِرَّةِ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عن جابر وأبو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ وَهِيَ طَرِيقٌ مَعْلُولَةٌ وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُصِبْ فَهُوَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلٍ عَنْهُ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حديث عمر بن يزيد الصَّنْعَانِيِّ عَنْهُ وَأَوْمَأَ الْخَطَّابِيُّ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ النَّسَائِيَّ قَالَ إنَّهُ مُنْكَرٌ وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ فِي طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ الْأَعْمَشُ يَغْلَطُ فِيهِ وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ3.
قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ قُلْت قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ كُنْت قَيْنًا بِمَكَّةَ فَعَمِلْت لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا فَجِئْت أَتَقَاضَاهُ الْحَدِيثَ إبَاحَةُ بَيْعِ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَهُوَ فَهْمٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ4، انْتَهَى وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ5، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا6.
1177 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يُفْرَكَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ حَمَّادٍ بِلَفْظِ حَتَّى يَشْتَدَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ حَتَّى يُفْرَكَ إنْ كَانَ بِخَفْضِ الرَّاءِ عَلَى إضَافَةِ الْإِفْرَاكِ إلَى الْحَبِّ كَانَ بِمَعْنَى حَتَّى يَشْتَدَّ
__________
1 أخرجه النسائي في السنن الكبرى 3/197، كتاب العتق: باب الاختلاف على: في المكاتب ويؤدي بعض كتابته حديث 5027، والحاكم 2/17.
2 تقدم تخريجه.
3 تقدم تخريجه في زوائل كتاب البيوع، من طرق عن جابر وقد تكلمنا على أسانيده هناك فلينظر.
4 ينظر: صحيح بن حبان.
5 أخرجه ابن عدي في الكامل 6/266، والبيهقي في السنن الكبرى 5/327، من حديث عمران بن حصين مرفوعا.
وصوب البيهقي ووقفه.
6 أخرجه البخاري 4/378، كتاب البيوع: باب بيع السلاح في الفتنة.

(3/46)


وَإِنْ كَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ خَالَفَ ذَلِكَ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ1، قُلْت الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حَتَّى يَشْتَدَّ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَغَيْرِهِمْ2.
1178 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادٌ3.
1179 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرَةَ وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ4 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث عمر لا تبيعوا التمر حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَلِلدُّولَابِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ قَالَ فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ مَتَى ذَاكَ قَالَ طُلُوعُ الثُّرَيَّا
1180 - حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ مِنْ عَاصِرِهِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ 1 مَرْفُوعًا مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ حَتَّى يَبِيعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فَقَدْ تَقَحَّمَ النَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ5، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا يَعْنِي سُمْرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا الْحَدِيثَ6.
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/301، كتاب البيوع: باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار.
2 ينظر: التعليق الآتي.
3 أخرجه أحمد 3/221، 250، وأبو داود 3/668، كتاب البيوع: باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، الحديث 3381، والترمذي 3/530، باب: كراهية بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، الحديث 1228، وابن ماجة 2/747، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، الحديث 2217، والحاكم 2/19، والبيهقي 5/301، كتاب البيوع: باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار، من حديث أنس : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد.
وقال الترمذي: حديث صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
4 أخرجه مالك 2/621، كتاب البيوع: باب الجائحة في بيع الثمار والزرع حديث 15، وعنه الشافعي 2/149، عن أبي الرجال عن عمرة مرسلا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة، وقد ورد هذا الحديث موصولا من طريق أبي الرجال عن عمرة عن عائشة.
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/22.
5 أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين 3/373-374، رقم 1984.
6 أخرجه البخاري 4/483، كتاب البيوع: باب لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه حديث 2223، ومسلم 11/10 – نووي، كتاب المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام حديث 1582.

(3/47)


وَفِي الْبَابِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي لَعْنِ بَائِعِ الْخَمْرِ وَمُبْتَاعِهَا وَحَامِلِهَا وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ
1181 - قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ الْعَيْنَةِ يَعْنِي لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ الْمَنَاهِي وَإِلَّا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ عَقَدَ لَهَا الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنِهِ بَابًا سَاقَ فِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِعِلَلِهِ1، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ بَيْعِ الْعِينَةِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَمَا يَرَى أَحَدُنَا أَنَّهُ أَحَقُّ بالدنيار وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَصْبَحَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبَّ إلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ وَتَبِعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ ذُلًّا فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ" صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الزُّهْدِ لِأَحْمَدَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمُسْنَدِ2، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَأَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ3.
قُلْت وَعِنْدِي أَنَّ إسْنَادَ الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مَعْلُولٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِأَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يُنْكِرْ سَمَاعَهُ مِنْ عَطَاءٍ وَعَطَاءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فَيَكُونُ فِيهِ تَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ4 بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَابْنِ عُمَرَ فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ لَنَا اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ رَوَى الْبَيْهَقِيّ
__________
1 ينظر السنن الكبرى 5/316-317.
2 أخرجه أحمد 4825 – شاكر، والطبراني في الكبير من طريق أبي بكر بن عياش به، وسنده ضعيف.
أبو بكر بن عياش لما كبر ساء حفظه. تقريب – 7985، والأعمش مدلس وعطاء في سماعه من ابن عمر كلام.
وأخرجه أحمد 2/42، 84، من طريق شهر بن حوشب عن ابن عمر.
وشهر بن حوشب ضعيف وقد تقدمت ترجمته.
3 أخرجه أبو داود 3/274 – 275، كتاب البيوع: باب في النهي عن العينة حديث 3462، والبيهقي في السنن الكبرى 5/316، من طريق إسحاق أبي عبد الرحمن عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر وهذا إسناد ضعيف.
إسحاق. قال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور ولا يشتغل به. وقال ابن عدي: مجهول، وقال يحيى بن بكير: لا أدري حاله.
وقال أبو أحمد الحاكم: مجهول.
وقال الأزدي: منكر الحديث تهذيب 1/227، وقد أشار البيهقي إلى ضعف طرق الحديث عن ابن عمر. فقال: روى من وجهين ضعيفين عن ابن عمر.
4 تدليس التسوية أو التجويد: هو أن يذكر شيخه ويعمد لشيخ شيخه أو أعلى منه فيسقطه لكونه ضعيفا أو صغيرا ويرويه عن شيخ المحذوف الثقة بلفظ محتمل تحسينا للحديث.

(3/48)


عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ1، وأن بن الزُّبَيْرَ اشْتَرَى حُجْرَةَ سَوْدَةَ2، وَأَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بَاعَ دَارَ النَّدْوَةِ3، وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دُورِهَا وَبَيَّنَ عِلَلَهَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَقْلِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى الدُّورَ مِنْ أَصْحَابِهَا حَتَّى وَسَّعَ الْمَسْجِدَ وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ وَكَانَ الصَّحَابَةُ فِي زَمَانِهِمَا مُتَوَافِرِينَ وَلَمْ يُنْقَلْ إنْكَارُ ذَلِكَ.4
__________
أخرجه البيهقي 6/34، كتاب البيوع.
2 أخرجه البيهقي 6/34 – 35، كتاب البيوع.
3 أخرجه البيهقي 6/35، كتاب البيوع.
4 ينظر: الخلافيات بتحقيقنا وهو تحت الطبع.

(3/49)


بَابُ تفرق الصفقة
...
باب تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي.

(3/49)


بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ5 وَالشَّرْطِ6
1182حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا
__________
1هو من إضافة الشيء إلى ظرفه أي الخيار الثابت ما دام مجلس العقد قائما، والسبب فيه هو العقد نفسه وحكمه تدارك ما قد يكون لحق أحد العاقدين من غبن أو خديعة، ومجلس العقد هو مكان البيع، والمراد به هنا العاقدان ما داما مجتمعين، ولو جاوزوا مكان البيع فلو تفرقا بأبدانهما، قيل: إن مجلس العقد قد انفض.
ويعرف خيار المجلس بأنه حق كل من العاقدين في فسخ البيع، أو إمضائه بسبب العقد ما داما مجتمعين أو لم يختر أحدهما البيع، فإذا اختار أحدهما البيع فقد لزم في حقه، ولو لم يفاق صاحبه.
وإذا فخيار المجلس ينتهي بأحد الشيئين التفرق بالأبدان، واختيار البيع.
والذي يؤخذ من هذا التعريف أن كل بيع ينعقد جائزا فيثبت لكل من العاقدين حق فسخه استقلالا.
وأن هذا الجواز ينتهي، ويخلفه اللزوم بأحد الشيئين المتقدمين.
وهذا هو مذهب الشافعية، والحنابلة، وجماهير الصحابة، والتابعين، وفقهاء الأمصار، وهو أيضا مذهب الظاهرية فقد جعلوا لكل من العاقدين حق فسخ البيع ما دام مجلس العقد قائما، ولكن على معنى آخر غير الذي ذهب إليه الجمهور. وهذا المعنى هو أن عقد البيع لا يتم عندهم إلا بالتفرق أو التخاير فما لم يوجد أحدهما فالعقد غير تام بل وغير صحيح، فلكل منهما فسخه لذلك. بينما هو عند الجمهور عقد تام، ولكنه متصف بصفة الجواز.
ويقابل هذا المذهب أعني مذهب الجمهور مذهب الحنفية والمالكية وإبراهيم النخعي، فإنهم يرون أن عقد البيع ينعقد لازما فليس يجوز لواحد منهما ما دامت صيغة العقد تمت بالإيجاب والقبول أن يفسخ البيع استقلالا كما هو مذهب الأولين.

(3/49)


بَيْعَ الْخِيَارِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَهُ عِنْدَهُمْ أَلْفَاظٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هَذِهِ
__________
= 5/464، الأصل لمحمد بن الحسن الشيبان 5/118، الجامع الصغير ص 341، تحفة الفقهاء 2/50-51 الاختيار 2/5، الحجة على أهل المدينة 2/683، الكافي لابن عبد البر ص 343، الخرشي على مختصر سيدي خليل 5/109، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/91، المغني لابن قدامة 6/10، كشاف القناع 3/198، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4/363، بداية المجتهد لابن رشد 2/140، 172، نيل الأوطار 5/207، 209، فتح العلام ص 435، سبل السلام 3/42.
6 هو أن يكون للعاقدين أو لأحدهما حق فسخ البيع أو إمضائه بسبب اشتراطهما أو أحدهما بالخيار مثاله أن يتبايعا على أن الخيار لهما أو للبائع أو للمشتري.
والفقهاء على أنه يشترط فيه في المعقود عليه أن يكون معلوما فلو قال: بعتك هذين الثوبين على أن تكون بالخيار في أحدهما فالبيع فاسد للغرر لجهالة اللازم منهما بسبب جهالة ما فيه الخيار، أو يكون معينا فلا يدخل المسلم فيه لعدم تعينه لأنه شرع للحاجة، ولا حاجة في المسلم فيه قبل قبضه تستدعي شرعية هذا الخيار لعدم الوقوف عليه، والاشتراط قبضه في المجلس كالربوي، ورأس مال السلم، لاختلاف اللوازم، لأنه لازم وجوب القبض في المجلس عدم جواز تأخيره، ولازم خيار الشرط جواز تأخير القبض حتى يتبين له وجه المصلحة، وهذان لازمان متنافيان.
وكذلك شرطوا فيه أن يكون من هو له معلوما فلو قال: بعتكما هذه السلعة على أن أحدكما بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أمضاه، فالبيع غير صحيح، لجهالة من يلزمه البيع منهما.
وجماهير العلماء، وأعيان الفقهاء قائلون بمشروطية خيار الشرط وجوازه في الجملة، ولم نقف على مخالف لهم في هذا إلا ابن حزم وحده، وأما الثوري، وعبد الله بن شبرمة فادعى ابن رشد أنهما مثل ابن حزم، ولكن النقل عنهما مضطرب فبينا نرى ابن حزم يقول في موضع: وقال ابن شبرمة وسفيان الثوري لا يجوز البيع إذا شرط فيه الخيار للبائع أو لهما. وقال سفيان: البيع فاسد بذلك فإن شرط الخيار للمشتري عشرة أيام أو أكثر جاز. نراه يقول في موضع آخر: وتفريق سفيان وابن شبرمة من كون الخيار للبائع أو لهما فلم يجيزاه، وبين أن يكون للمشتري وحده فأجازه سفيان لا معنى له، فالنص الأول دال على عدم مشروعية خيار الشرط للبائع وحده أو مع المشتري وأما المشتري وحده ففيه احتمالان:
الاحتمال الأول: أنهما متفقان على جوازه له؛ وإن اختلفا من حيث المدة التي تضرب له.
والاحتمال الثاني: أن يكون سيان هو القائل بالجواز وحده بدليل إفراده بالذكر آخرا. والنص الثاني وإن احتمل هذين التأويلين إلا أنه في الثاني أظهر بخلاف النص الأول، فهو في الأول منهما أظهر فهذان نصان متعاكسان في حد ذاتهما وإن كانا من حيث السياق لا يحتملان إلا المعنى الأول وإلا لما جعلهما ابن حزم من جملة أخصامه.
ويقول النووي: فرع في مذاهب العلماء في شرط الخيار وهو جائز بالإجماع، واختلفوا في ضبطه فمذهبنا أنه يجوز ثلاثة أيام فما دونها وبه قال أبو حنيفة، وعبد الله بن شبرمة.
وهذا النقل يؤخذ منه أن ابن شبرمة موافق للجمهور. وإذا فقد ظهر اضطراب النقل عن هذين الإمامين فلم يجز لدينا أن نقرنهما مع ابن حزم، ونجعهلم على رأي واحد.
تنظر المسألة في: حلية العلماء من معرفة مذاهب الفقهاء 4/19، فتح الوهاب للشيخ زكريا 1/169، الحاوي للماوردي 5/65، روضة الطالبين 3/101، بدائع الصنائع القاهرة 7/3085، 3086، المبسوط 13/17، الهداية 3/27، شرح فتح القدير 5/498، 499، الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني 5/117، الجامع الصغير ص 343، 344، تحفة الفقهاء==

(3/50)


الْأَسَاطِينِ وَلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ طُرُقٌ1، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَادَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ2.
تَنْبِيهٌ لَمْ يَبْلُغْ ابْنَ عُمَرَ النَّهْيُ الْمَذْكُورُ فَكَانَ إذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّ بَيْعَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا3، وَلِلتِّرْمِذِيِّ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا ابْتَاعَ بَيْعًا وَهُوَ قَاعِدٌ قَامَ لِيَجِبَ لَهُ وَلِلْبُخَارِيِّ قِصَّةٌ لِابْنِ عُمَرَ مَعَ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ4.
وَفِي الْبَابِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ5، وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد6، وَعَنْ سُمْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ7، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى8،
__________
= 2/93، الاختيار 2/12، الحجة على أهل المدينة 2/679، الكافي لابن عبد البر ص 343، الخرشي على مختصر سيدي خليل 5/109-110، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/91،92، المغني لابن قدامة 6/38، كشاف القناع 3/204، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4/373، بداية المجتهد لابن رشد 2/172، 173، نيل الأوطار 5/208، فتح العلام ص 436، سبل السلام 3/44.
1 أخرجه مالك في الموطأ2/671، كتاب البيوع: باب بيع الخيار، الحديث 79، وأحمد 1/56، والبخاري 4/328، كتاب البيوع:باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، الحديث 2111، ومسلم 3م1163، كتاب البيوع: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، الحديث 43/1531، وأبو داود 3/732-735 كتاب البيوع والإجارات: باب في خيار المتبايعين، الحديث 3454، و3455، والترمذي 3/547، كتاب البيوع: باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا، الحديث 1245، والنسائي 7/248، كتاب البيوع: باب وجوب الخيار للمتبايعين، قبل افتراقهما، وابن ماجة 2/736، كتاب التجارات: باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا الحديث 2181، والشافعي 2/180، 181، وعبد الرزاق 8/50-51، والحميدي 645، والطيالسي 1/226-منحة، رقم 1338، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر رقم 79، وأبو يعلى 10/192، رقم 5822، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/12، والدار قطني 3/5، كتاب البيوع، والطبراني في المعجم الصغير 2/27، والبيهقي 5/268-269، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 1/220، والخطيب في تاريخ بغداد 3/104-105، والبغوي في شرح السنة 4/326- بتحقيقنا، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر به.
2 أخرجه أبو داود 3/273، كتاب البيوع: باب في خيار المتبايعين حديث 3456، والبيهقي في السنن الكبرى 5/271.
3 ينظر: طرق تخريج حديث ابن عمر.
4 تقدم تخريجه.
5 أخرجه البخاري 4/362، كتاب البيوع: باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا حديث 2079، ومسلم 1532، وأبو داود 3459، والترمذي 1246، والنسائي 4464.
6 أخرجه أبو داود 3/273، كتاب البيوع: باب خيار البيوع حديث 3457، وابن ماجة 2182.
7 أخرجه النسائي 7/251، رقم 4481، 4482.
8 أخرجه ابن حبان 4894، والحاكم 2/14، والبيهقي 5/270.

(3/51)


وَعَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ1.
1183 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ عَنْ وَالِدِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ مُسْلِمٌ" بِلَفْظِ لَا يَجْزِي2.
1184 - حَدِيثُ الْخِيَارِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ3.
1185 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4، وَلِأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يُبَايِعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ الْحَدِيثَ5.
تَنْبِيهٌ الْعُقْدَةُ الرَّأْيُ وَالْخِلَابَةُ كَالْخِدَاعِ وَمِنْهُ بَرْقٌ خَالِبٌ لَا مَطَرَ فِيهِ6.
1186 - قَوْلُهُ وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ أَصَابَتْهُ آفَةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ الْحَدِيثَ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْجَارُودِ
__________
1 أخرجه الحاكم 2/14.
2 أخرجه مسلم 2/1148، كتاب العتق: باب فضل عتق الوالد حديث 25/1510، والبخاري في الأدب المفرد حديث 10، وأبو داود 5/349، كتاب الأدب: بب بر الوالدين حديث 5137، والترمذي 4/315، كتاب البر والصلة: باب في حق الوالدين، حديث 1906، والنسائي في الكبرى 3/173، كتاب العتق: باب أي الرقاب أفضل حديث 4896، وابن ماجة 2/1207، كتاب الأدب: باب بر الوالدين، حديث 3659، وأحمد 2/230، وابن الجارود في المنتقى رقم 971، والطيالسي 2405، وابن حبان 425- الإحسان، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/109، كتاب العتاق: باب الرجل يملك ذا رحم محرم منه، وابن عدي في الكامل 3/57-58، والبيهقي 10/289، وأبو نعيم في الحلية 6/345، والخطيب في تاريخ بغداد 14/306، والبغوي في شرح السنة 5/261-بتحقيقنا، كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يجزئ ولد والدا إلا أن يجده مملوكان فيشتريه فيعتقه " .
3 تقدم تخريجه من حديث ابن عمر.
4 أخرجه البخاري 4/337، كتاب البيوع: باب ما يكره من الخداع في البيع حديث 2117، ومسلم 3/1165، كتاب البيوع: باب من يخدع في البيع حديث 48/1533، من حديث ابن عمر.
5 أخرجه أحمد في المسند 3/217، من مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، وأبو داود 3/767، كتاب البيوع والإجارات: باب في الرجل يقول في البيع: لا خلابة، الحدث 3501، والترمذي 3/552، كتاب البيوع: باب ما جاء فيمن يخدع في البيع، الحديث 1250، والنسائي 7/252، كتاب البيوع: باب الخديعة في البيع، وابن ماجة 2/788، كتاب الأحكام: باب الحجر على من يفسد ماله، الحديث 2354، وابن الجارود، المنتقى ص 197 باب في التجارات، الحديث 568، والدار قطني السنن 3/55، كتاب البيوع، الحديث 218، و219، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
6 ينظر: النهاية في غريب الحديث 2/58.

(3/52)


وَالْحَاكِمِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمْ1، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2، وَقِيلَ إنَّ الْقِصَّةَ لِمُنْقِذٍ وَالِدِ حِبَّانَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قُلْت وَهُوَ فِي ابْنِ مَاجَهْ وَتَارِيخِ الْبُخَارِيِّ3، وَبِهِ جَزَمَ عَبْدُ الْحَقِّ وَجَزَمَ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْأَوَّلِ وَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ
1187 - قَوْلُهُ وَجُعِلَ لَك ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَةٍ قُلْ لَا خِلَابَةَ وَاشْتَرِطْ الْخِيَارَ ثَلَاثًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ
__________
1 أخرجه ابن الجارود في المنتقى 197، باب في التجارات، الحديث 567، والدار قطني، السنن 3/54-55، كتاب البيوع، الحديث 217، والحاكم في المستدرك 2/22، كتاب البيوع: باب ما من عبد كانت له نية في أداء دينه ... والبيهقي في السنن الكبرى 5/273، كتاب البيوع: باب الدليل على أنه لا يجوز شرط الخيار من طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن حبان بن منقذ كا سفع في رأسه مأمومة فثقلت لسانه وكان يخدع في البيع، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما ابتاع فهو بالخيار ثلاثا، وقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بايع وقل لا خلابة ثم أنت بالخيار ثلاثا" .
2 أخرجه الدار قطني 3/54، رقم 216، والطبراني في الأوسط كما في نصب الراية 4/8، من طريق ابن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن كلم عمر بن الخطاب في البيوع فقال عمر: ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحبان بن منقذ أنه كان ضرير البصر فجعل له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهدة ثلاثة أيام فيما اشترى فإن رضي أخذ وإن سخط ترك.
قال الطبراني: لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن لهيعة.
قلت: وهو ضعيف.
3 أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/17-18، وابن ماجة 2/789، كتاب الأحكام: باب الحجر على من يفسد ماله حديث 2355، والدار قطني 3/55، كتاب البيوع، حديث 220، والبيهقي 5/273، كتاب البيوع: باب الدليل على أنه لا يجوز شرط الخيار، من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: كان جدي منقذ بن عمرو أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه ونازعت عقله، وكان لا يدع التتجارة ولا يزال يغبن، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "إن بعت فقل: لا خلابة" وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال وعاش ثلاثين ومائة سنة، وكان في زمن عثمان حين كثر الناس يبتاع في السوق فيغبن فيصير إلى أهله فيلزمونه فيرده ويقول: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعلني بالخيار ثلاثا، حتى يحضر الرجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: صدق.
وقد أعل الزيلعي في نصب الراية 4/7، هذا الطريق بالإرسال.
وقال البوصيري في الزوائد 2/226: هذا إسناد ضعيف لتدليس ابن إسحاق.
قلت: وهذا فيه نظر فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في روايات أخرى.

(3/53)


سِوَى قَوْلِهِ لَا خِلَابَةَ انْتَهَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا فَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ إذَا بِعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَأَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَصَرَّحَ بِسَمَاعِ ابْنِ إِسْحَاقَ1.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّهُ كَلَّمَهُ عُمَرَ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَا أَجِدُ لَكُمْ شَيْئًا أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ إنَّهُ كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهدة ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ2، وَكَذَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ قَالَ كَانَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ3.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الِاشْتِرَاطِ فَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مُنْكَرَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا انْتَهَى وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ وَقَالَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ4.
1188 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُتَخَايِرَيْنِ " لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا" تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ بَيْعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ5"
1189 - حَدِيثُ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى غُلَامًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَدْ اسْتَغَلَّهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ" الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ6، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَصِحُّ
__________
1 تقدم تخريج هذه الرواية.
2 رواه أيضا الطبراني في الأوسط وقد تقدم تخريجه.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه ابن حزم في المحلى 7/262، وذكره عبد الحق في الأحكام الوسطى 3/266، من طريق عبد الرزاق من حديث أبان عن أنس وقال عبد الحق: أبان لا يحتج أحد بحديثه وكان رجلا صالحا.
ينظر: نصب الراية 4/8.
5 تقدم تخريجه.
6 أخرجه الشافعي 2/143-144، كتاب البيوع: باب فيما نهى عنه من البيوع، الحديث 479، والطيالسي ص 206، الحديث 1464، وأحمد 6/49، 161، 208، 237، وأبو داود==

(3/54)


1190 - حَدِيثُ "لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا مُسْلِمٌ" وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ قِصَّةٌ وَادَّعَى أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخْرِجْهَا فَلَمْ يُصِبْ1.
__________
= 3/777-779، كتاب البيوع والإجارات: باب فيمن اشترى عبدا فاستعمله ثم يجد به عيبا، الحديث 3508، والنسائي 7/254-255، كتاب البيوع: باب الخراج بالضمان، وابن ماجة 2/754، كتاب التجارات: باب الخراج بالضمان، الحديث 2242، وابن الجارود ص 212-213، أبواب القضاء في البيوع، الحديث 627، والدار قطني 3/53، كتاب البيوع، الحديث 214، والحاكم 2/15، كتاب البيوع: باب الخراج بالضمان، والبيهقي 5/321، كتاب البيوع: باب المشتري يجد بما اشتراه عيبا، والعقيلي في الضعفاء 4/231، والبغوي في شرح السنة 4/321 بتحقيقنا، من رواية ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف الغفاري عن عروة، عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقد توبع مخلد بن خفاف تابع هشام بن عروة.
أخرجه أحمد 6/80، 116، وأبو داود 3/780، كتاب البيوع والإجارات: باب فيمن اشترى عبدا فاستعمله ثم وجد به عيبا، الحديث 3510، وابن ماجة 2/754، كتاب التجارات: باب الخراج بالضمان، الحديث 2243، وابن الجارود في المنتقى ص 212، أبواب القضاء في البيوع، الحديث 626، والعقيلي في الضعفاء 4/231، وأبو يعلى 8/82-83، رقم 4614، وابن حبان 1126- موارد، والدار قطني 3/53، كتاب البيوع الحديث 213، والحاكم 2/15، كتاب البيوع: باب الخراج بالضمان، والبغوي في شرح السنة 4/320- بتحقيقنا، من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة: أن رجلا اشترى غلاما في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبه عيب لم يعلم به، فاستغسله، ثم علم العيب فرده، فخاصمه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إنه استغسله منذ زمن. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخراج بالضمان" وقال بعضهم: "الغلة بالضمان" قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ومسلم بن خالد الزنجي فيه ضعف لكنه توبع تابعه خالد بن مهران.
أخرجه الخطيب 8/297-298، وتابعه أيضا عمر بن علي.
أخرجه ابن عدي في الكامل 5/1702، والبيهقي 5/322.
1 أخرجه مسلم 1/348، الأبي، كتاب الإيمان: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من غشنا فليس منا" حديث 164/102، وأبو داود 2/294، كتاب البيوع: باب في النهي عن الغش حديث 3452، والترمذي 3/597، كتاب البيوع: باب ما جاء في كراهية الغش في البيوع، حديث 1315، وابن ماجة 2/749، كتاب التجارات: باب النهي عن الغش، حديث 2224، وأبو عوانة 1/57، وأحمد 2/242، والحميدي 2/447، رقم 1033، وابن الجارود في المنتقى رقم 564، وابن حبان 4905- الإحسان، وابن منده في الإيمان رقم 550، 551، 552، والطحاوي في مشكل الآثار 2/134، والحاكم 2/8-9، والبيهقي 5/320، كتاب البيوع، كلهم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قلت: وقد وهم رحمه الله في ذلك فالحديث في صحيح مسلم كما تقدم في التخريج.

(3/55)


وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ1، وَعَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ2، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ3، وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا بِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ4، وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمِّهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ5.
1191 - حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمُسْلِمُ "أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمَنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا يَعْلَمُ
__________
1 أخرجه أحمد 2/50، والبزار 2/82- كشف، رقم 1255، من طريق أبي معشر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من غشنا فليس منا" .
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 2/288، وقال: رواه أحمد والبزار الطبراني في الأوسط، وفيه أبو معشر وهو صدوق وضعفه جماعة.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر.
أخرجه الدارمي 2/248، كتاب البيوع: باب في النهي عن الغش، والقضاعي في مسند الشهاب 351، من طريق يحيى بن المتوكل ثنا القاسم بن عبيد الله عن عمه سالم بن عبد الله عن ابن عمر به.
ويحيى بن المتوكل قال الحافظ في التقريب 2/256: ضعيف.
2 أخرجه ابن ماجة 2/749، كتاب التجارات: باب النهي عن الغش حديث 2225، من طريق أبي داود عن أبي الحمراء به مرفوعا.
وأبو داود وهو نفيع بن الحارث الأعمى متروك كذبه ابن معين وغيره.
3 أخرجه ابن حبان 567، والطبراني في الكبير 10234، وفي الصغير 1/261، وأبو نعيم في حلية الأولياء، والقضاعي في مسند الشهاب 253، كلهم من طريق عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من غشنا فليس منا والمكر والخديعة في النار" .
4 أخرجه أحمد 3/466، والبزار 1/68-كشف، رقم 68، والطبراني في الكبير 22/198، رقم 521، وابن أبي شيبة 7/290، كلهم من طريق جميع بن عمير عن عمه يعني أبا هريرة مرفوعا.
وقال الهيثمي في المجمع 2/31: رواه البزار وفيه جميع بن عمير وثقه أبو حاتم وضعفه البخاري وغيره.
5 أخرجه الحاكم 2/9.
وفي الباب عن عائشة وقيس بن أبي غرزة.
حديث عائشة:
أخرجه البزار 2/83-كشف، رقم 1256، وقال البزار: لا نعلمه عن عائشة إلا بهذا الإسناد، والحديث ذكره الهيثمي في المجمع 4/81، وقال: رجاله ثقات.
حديث قيس بن أبي غرزة.
أخرجه أبو يعلى 2/233، رقم 933، من طريق الحكم بن عتبة عن قيس بن أبي غرزة مرفوعا بلفظ من غش المسلمين فليس منهم.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/82، وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات، وذكره الحافظ في المطالب العالية 1361 وعزاه إلى أبي يعلى.

(3/56)


فِيهِ عَيْبًا إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِمَاسَةَ عَنْهُ وَمَدَارُهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ1.
وَفِي الْبَابِ عَنْ وَاثِلَةَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2، وَابْنِ مَاجَهْ3.
حَدِيثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا بَاعَ شَيْئًا وَأَرَادَ أَنْ يُوجِبَ الْبَيْعَ قَامَ وَمَشَى قَلِيلًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
______________________
1أخرجه ابن ماجة 2/755، كتاب التجارات: باب من باع عيبا فليبينه حديث 2246، والحاكم 2/8، والطبراني في الكبير 17/317، رقم 877 من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وتعقبه السبكي في تكملة المجموع 11/299، فقال: فأما حكمه بصحته، فصحيح لأن رواته كلهم ثقات من رجال الصحيح ولا يظهر فيه علة مانعة وأما قوله: إنه على شرط الشيخين ففيه نظر لأن في رواته يحيى بن أيوب وهو الغافقي وشيخ شيخه عبد الرحمن بن شماسة وكلاهما لم يرو عنه البخاري وإنما هما من أفراد مسلم.
2 ينظر: المستدرك 2/9-10.
3 أخرجه ابن ماجة 2/755، كتاب التجارات: باب من باع عيبا فليبينه حديث 2247، من طريق بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن مكحول وسليمان بن موسى عن واثلة بن الأسقع.
قال البوصيري في الزوائد 2/192: هذا إسناد ضعيف لتدليس بقية بن الوليد وضعف شيخه.

(3/57)


بَابُ الْمُصَرَّاةِ4، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ5.
1192 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ
__________
4 قال أبو عبيد: المصراة: هي الناقة، أو البقرة أو الشاة يصري اللبن في ضرعها، أي يجمع، ومنه يقال: صريت اللبن وصريته بالتخفيف والتشديد.
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: التصرية أن تربط أخلاف الناقة أو الشاة وتترك من الحلب اليومين والثلاثة، حتى يجتمع لها لبن، فيراه مشتريها كثيرا، فيزيد في ثمنها.
قالوا: فظاهر قول أبي عبيد: أن المصراء فأخوذ من التصرية، وهي الجمع.
وظاهر قول الشافعي: أنها مأخوذة من الصر وهو الربط، ثم ضعفوا قول الشافعي: بأنه لو كانت مأخوذة من الصر، لكان يقال لها: المصررة، لأن لامها حينئذ راء لا ياء، والذي يتراءى في نظري أن قول الشافعي: لا يخالف قول أبي عبيد بدليل أنه قال: التصرية أن تربط أخلاف الناقة، حتى يجتمع لها لبن، فبين أن معنى التصرية هو الجمع.
غاية ما في الأمر تكفل بزيادة بيان طريقهم في هذا الجمع، وعادتهم السائدة فيه بينهم فقال: أن تربط الأخلاف اليومين والثلاثة، وفي معنى التصرية: التحقيل، وقد وردت بعض الروايات الصحيحة مصرحة بهذا اللفظ أيضا، ومنه قيه لمجامع الناس محافل.
والفقهاء كلهم على أن التصرية للبيع حرام، لأنها غش وخداع، ومكر سيء واحتيال على أكل أموال الناس بالباطل، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "من غشنا فليس منا" .==

(3/57)


النَّظَرَيْنِ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَحْلِبَهَا إنَّ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
__________
=وكلهم كذلك على أن بيع المصراة مع ذلك صحيح، لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحكم ببطلان بيعها، وإنما جعل فقط الخيار لمبتاعها، وهو لا يكون إلا في عقد صحيح.
وإنما اختلفوا في هل يثبت لمشتريها الخيار أم لا يثبت، فأبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وبقولهما يفتى في المذهب الحنفي على أنه لا خيار للمشتري في شرائه المصراء، بل البيع لازم له، وعليه الإمساك بالثمن المتفق عليه، والشافعية، والمالكية، والحنابلة والظاهرية، وزفر وأبو يوسف من الحنفية، وبعد ذلك جماهير العلماء على أن للمشتري الخيار بين الرد، وبين الإمساك بالثمن المتفق عليه، إذا كانت المصراة من بهيمة الأنعام ولم يكن المشتري عالما بالتصرية وقت الشراء.
ينظر في: الأم للشافعي 3/82-83، حلية العلماء من معرفة مذاهب الفقهاء 4/226، فتح الوهاب للشيخ زكريا 1/170، الحاوي للماوردي 5/236، روضة الطالبين 3/126، المبسوط 13/38-39، الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني 5/117، 94، الكافي لابن عبد البر ص 346، الخرشي على مختصر سيدي خليل 5/133، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/115-116، المغني لابن قدامة 6/216، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4/299، بداية المجتهد لابن رشد 2/144، نيل الأوطار 5/241-242، فتح العلام ص 432، سبل السلام 3/33-34.
5 العيب والعيبة والعاب بمعنى واحد، وهو ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة مما يعد نقصا.
ويقال: عاب المتاع، وعابه زيد يتعدى ويلزم، وإضافة الخيار إليه من إضافة الشيء إلى سببه، أي خيار سببه ومنشؤه ظهور عيب بالمبيع.
ومعناه في الاصطلاح: ثبوت حق فسخ البيع، وإمضائه بظهور عيب بالمبيع كان عند البائع، ولم يعلم به المشتري وقت البيع. والكتاب في الغالب قصروا التعريف على المشتري، لأن الغالب في العيب أن يكون بالمبيع، وكذلك فعلنا وسننهج هذا النهج بالنسبة للأحكام والآثار أيضا منعا من تشعب الكلام مع الأعلام بأن كافة الأحكام التي تجري في جانب المشتري إذا ظهر عيب بالمبيع تجري أيضا إذا ظهر عيب بالثمن في جانب البائع وأن العيب في الثمن كالعيب في المبيع سواء بسواء.
وثبوت حق الفسخ للمشتري بسبب العيب أعم من أن يكون دلس به البائع عليه أي: كتم عنه، أو لم يدلس به بأن كان هو الآخر غير عالم ب؛ لأنه إنما شرح ودفعا للضرر عن المشتري والضرر ثابت في الحالين على السواء، إلا أنه في حال التدليس يكون البائع آثما ومرتكبا وزرا عظيما؛ لأن التدليس غش وخداع، ومكر سيء، وكل ذلك حرام يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من غشنا فليس منا" ويقول: "الدين النصيحة" .
ولكن الحرمة شيء، وصحة البيع شيء آخر، فالفقهاء كلهم متفقون على صحة بيع المعيب الذي لا يعلم المشتري بعيبه، سواء كان البائع عالما بالعيب، أو غير عالم به.
أما إذا كان غير عالم به، فالأمر ظاهر، وأما إذا كان عالما به فقاسوه على بيع المصراء، صح بيعها مع التدليس بالتصرية بنص الحديث، وظهور قلة اللبن في موطن ظن كثرته، إن لم يكن عيبا، فهو قريب منه، وأيضا قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البيعان بالخيار، ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" ، دال على الصحة؛ حيث مسمى البيع مع الكتمان بيعا، وهو دليل الصحة؛ إلا أنه ممحوق البركة وهو دليل الحرمة، ثم النهي مع ذلك راجع إلى معنى في العاقد خاصة هو غشه وتدليسه، لا إلى معنى في العقد، أو المقصود عليه، حتى يكون البيع فاسدا.==

(3/58)


مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْهُ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ
__________
=وللمشتري الخيار مع ذلك، قياسا على بيع المصراة ؛ حيث ثبت للمشتري حق فسخ البيع بالتصرية؛ ليدفع عن نفسه الغبن، بل الخيار يثبت للمشتري هنا من باب أولى؛ لأن التصرية ليست بعيب، أعني: قلة اللبن، بل من باب فوت كما مظنون، وأيضا فقد روى أبو داود بسنده إلى عائشة رضي الله عنها: أن رجلا ابتاع غلاما، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به عيبا، فخاصمه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله، قد استغل غلامي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخراج بالضمان" . وهو نص في المطلوب، ولأن مقتضى العقد هو السلامة، لأنها الأصل في المبيع، والعيب طارئ عليه، والعقد عند الإطلاق ينصرف إلى ما هو الأصل أو الشأن في المبيع، سيما تأيد هذا الأصل بالعرف، فالناس في بياعاتهم على أن المبيع يجب أن يكون خاليا من كل عيب ينقص القيمة، أو يحدث خللا بأوجه النفع منه، فالمشتري حين دخل في البيع دخل على هذا الأساس، فلو ألزمناه البيع مع ظهور عدم تحقيق هذا الأساس لكان إلزاما له بغير ما رضي به في حقيقة الأمر.
ويدل على أن الأصل في المبيع هو السلامة من العيوب، ما روي عن العداء بن خالد بن هوذة –وهو صحابي أسلم بعد حنين- قال: كتب لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اشترى منه عبدة أو أمة، لا داء، ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم لمسلم" ، والداء هو العلة. والغائلة من الاغتيال، وهو الاحتيال على العاقد من حيث لا يشعر، ليبتز منه ماله بالباطل، والخبثة من الخبث ضد الطيب، وهو الحرام: كما أن الطيب هو الحلال. دل قوله عليه الصلاة والسلام: "بيع المسلم المسلم" على أن شأن بيوع المسلمين فأخلت عن العيوب المذكورة، والمراد من قوله: لا دواء، أي: يجهله المشتري بخلاف ما لو علمه، فإنه من البيع الحلال.
ثم الخيار بين رد المبيع واسترداد الثمن إن كان قد دفعه، وبين إمساكه بدون أرش العيب، وهذا عند الشافعية، والحنفية، والظاهرية، والمالكية، إلا أنه عند الآخرين إذا كان العيب يسيرا لا ينقص من الثمن، إلا قليلا، وكان في الدور والعقار، فليس للمشتري في هذه الحالة إلا حق المطالبة بأرش العيب، مع إمساك المبيع، لأن موضوع العقد مما يراد للقنية في العادة فلا يفسخ العقد فيه من أجل هذا النقص اليسير.
وعند الحنابلة مخير بين هذين، وبين إمساكه مع أرش العيب أيضا.
وهذا كله إذا لم يتعذر الرد، فإما إن تعذر فله أخذ الأرش باتفاق، تعويضا عما فوته عليه العيب من حقه في سلامة المبيع.
وجه مذهب الجمهور: هو قياس العيب على التصرية، فكما أنه ليس للمشتري في المصراء إلا الإمساك بالثمن، أو الرد فكذلك ليس له في العيب إلا الخيرة بين هذين، وأيضا البائع لم يرض بخروج المبيع عن ملكه إلا بالثمن الذي أخذه فيه، فلو أجيز للمشتري الإمساك مع المطالبة بالأرش لنقص الثمن عما رضيه البائع. ومع ذلك ، فضرر المشتري يزول بالرد، فلا يمكن من الإمساك مع الأرش؛ لأن فيه إضرارا بالبائع، وقد أمكن رفع الضرر عنه، بدون ما إضرار بالبائع، فلا يصار إلى الحالة الضارة مع إمكان غيرها، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "لا ضرر ولا ضرار" . ولأن بظهور العيب يتبين أن رضا المشتري بالبيع لم يكن قائما على أساس صحيح، فيمكن من الرضا من جديد بإعطائه الخيار في البيع، والنتيجة المنطقية لهذا أن يمسك بالثمن المتفق عليه، أو يرد المبيع إن شاء كحاله في ابتداء البيع، ولأن العيب فوت وصفا هو السلامة، والأوصاف كما يقول الحنفية لا يقابلها شيء من الثمن، لكونها لم تقصد إلا تبيانا لقصد العين، فلا تزاحمها في تقسيط الثمن.==

(3/59)


بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَيْسَ فِيهِ مَنْ وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ وَاخْتِلَافٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِيهِ بَيَّنَهُ
__________
=ووجه مذهب الحنابلة – هو ان المبيع بظهور تعيبه قد نقص عن الثمن الذي قدره له المشتري، وارتضاه، فوجب أن يعرض عنه إن اختار إمساك المبيع طالبا تعويضه والبائع إما أن يكون عالما بالعيب حين البيع، فيكون هو المقصر بتدليسه على المشتري، وإما ألا يكون عالما، فيكون الثمن الذي قبضه في مقابل السليم في ظنه كذلك، لا في مقابل المعيب، والوفاء بالعقود مطلوب شرعا، وقد أمكن الوفاء بالبيع على هذا الوجه بدون ما كبير ضرر على البائع ولأن العيب عبارة عن فوات جزء من المبيع، فكان للمشتري حق المطالبة بأرشه، كما لو اشترى عشرة أقفزة فباتت تسعة، حيث يكون له حق المطالبة بقيمة القفيزة العاشرة.
والتعويض: الذي يستحقه المشتري من جراء العيب، وهو المسمى بالأرش- جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة ما نقص العيب من القيمة. فإذا كانت قيمة السلعة مائة، واشتراها بثمانين، فظهرت معيبة بعيب، فإنها تقوم معيبة بهذا العيب، فإذا قومت بخمس وسبعين فقد نقص العيب من قيمتها الربع، فينقص من الثمن كذلك، ويعطاه المشتري وهو عشرون، ويصير كأنه اشتراها بستين.
ويشترط في المبيع الذي يثبت فيه خيار العيب أن يكون معينا بالتعيين، فلا يثبت في المبيع في الذمة، لأن الذي التزمه الذمة هو السليم، فالمعيب ليس بمبيع، ولذا فالبائع يجبر على آخر سليم بدله، ولا في المعين الغائب الموصوف؛ لأنه موضوع خيار الرؤية، نعم لو قبضه المشتري، ورضي به، ثم ظهر به عيب قديم، فله الخيار للعيب، لكونه بالقبض، صار معينا بالتعيين.
ويشترط في العيب الذي يرد به المبيع:
أولا: أن يكون قديما موجودا بالمبيع، وهو بيد البائع سواء كان موجودا به قبل العقد، أو حدث بعده، وقبل القبض لكون المبيع حينئذ من ضمان البائع، بخلاف ما لو حدث بعد القبض لكون حينئذ من ضمان المشتري، نعم إن استند العيب الحادث عند المشتري إلى سبب متقدم والمبيع بيد البائع كقطع يده عنده لسرقة بيد البائع، كان له الرد، لأن هذا العيب تقدم سببه، كالمقدم، وهذا هو مذهب الشافعية.
ثانيا: ألا يكون المشتري عالما به وقت العقد، أو وقت القبض، وإلا فليس له الخيار لرضاه بالعيب حينئذ.
ثالثا: ألا يكون البائع قد شرط البراءة من كل عيب يوجد به، فإن شرط شرطا كهذا، فلا خيار للمشتري عملا بموجب الشرط الذي قبله وارتضاه.
رابعا: ألا يمكن مع ذلك إزالة العيب بسهولة بدون كلفة، فإن أمكن ذلك، أو كان العيب يسيرا لا ينقص القيمة في العادة، أو كان المبيع لا يخلو عن مثله في العادة، فلا خيار للمشتري أيضا.
خامسا: وأن يكون العيب مع هذا كله باقيا، فلو زال قبل أن يعلم به المشتري، فليس له الرد لزوال سببه.
وقالت الظاهرية له الرد؛ لأن العبرة بوجود العيب، وسواء بعد هذا في ثبوت الخيار للمشتري أكان العيب جسيما، أو غير جسيم ما دام ينقص القيمة، أو يفوت به غرض صحيح أو كان ظاهرا أو خفيا ما دام قد ثبت أن المشتري لم يكن عالما به وقت البيع، وسواء مع هذا علمه البائع ودلس به على المشتري أو لم يعلم به.==

(3/60)


...................................................................................
__________
=والعيب أعم من أن يكون راجعا إلى نقص ووصف كفساد حنطة، وعرج حصان، أو نقص تصرف ككون العبد أعسر أي يعمل بيده الشمال دون اليمين، وككون الأرض عليها حق ارتفاق للغير لا يعلم به المشتري، وهلم جرا من كل عيب ينقص القيمة، أو يفوت به غرض من الأغراض التي يقصد المبيع من أجلها في العادة، وسواء أكانت هذه العيوب جبلية طبيعية، أو طارئة عارضة قضاء وقدرا، أو بفعل فاعل لا فرق بين هذا كله في أن المشتري يثبت له حق فسخ المبيع، أو المطالبة بالعوض من أجله.
والعيب الذي يرد به المبيع فسره الشافعية بما ينقص القيمة، أو العين نقصا يفوت به غرض صحيح.
وفسره المالكية: بما ينقص الثمن، أو المبيع، أو التصرف، أو تخاف عاقبته كجذام الأبوين، وهو قريب بما لا يتغابن به التجار في العادة، ومن هذا يتضح أن نقص القيمة محل وفاق بين المذاهب.
غاية الأمر شرط الظاهرية أن يكون النقص جسيما لا يسيرا، وأما نقص العين، وإن لم ينقص القيمة ما دام يفوت به غرض صحيح، فهو مما انفرد به الشافعية، والمالكية، وقد اختلفت المذاهب كثيرا في التطبيق تبعا لاختلاف وجهة النظر في تفسير العيب، وللعرف الساري في العصور الذي وضعت فيه هذه المسائل المختلف عليها؛ لأن المرجع فيها أولا وأخيرا إلى العرف، وما دام العرف هو الحكم فلنترك الخوض فيها تاركين الأمر لعرف التجار وأرباب البياعات.
والفسخ بالعيب: هل هو فور الاطلاع على العيب، أم أنه يمتد حتى يوجد دليل الرضا بالبيع.
مذهب الشافعية: أن الرد بالعيب على الفور، فليبادر المشتري بالرد على العادة، فلو كان يأكل فعلم بالعيب، فهو ممهل، حتى يفرغ منه، أو كان في صلاة، فحتى يتمها، وإن علم ليلا وشق عليه الرد فيه، فحتى يصبح، فالمراد من الفورية عندهم هو المبادرة بالرد على العادة، بحيث لا يعذر إذا تأخر، فلو أراد أن يرفع الأمر إلى القاضي فعليه أن يشهد على أنه يريد الفسخ، ولا يكتفي بمجرد إبداء رغبته في إنهاء الأمر إلى القاضي.
وإنمما ذهبوا هذا المذهب؛ لأن الأصل في البيع هو اللزوم، وجواز الفسخ عارض له للحاجة، فيتقدر بقدرها، وهي تندفع بمضي وقت يتمكن فيه من الفسخ، فإذا لم يفسخ لزمه البيع، لأن عدم الفسخ حينئذ دليل الرغبة في إمساك البيع، ولأن خيار العيب ثبت بالشرع، لدفع الضرر عن المال، وكان فوريا كخيار الأخير بالشفعة، فإنه إن لم يطالب بها عقب علمه بالبيع سقط حقه.
ومذهب المالكية به أن السكوت لعذر لا يمنع من الرد مطلقا ولغيره إن كان أقل من يوم رد بلا يمين وإن كان يوما أو يومين رد مع يمينه أنه ما رضي البيع في هذه المدة فإن كان أكثر من ذلك، فلا رد له؛ لأنه في العادة لا يؤخر مثل هذا الزمن إلا وقد رضي البيع، فلا تسمع منه دعوى عدم الرضا فيما بعد، لأن الظاهر يكذبه.
ومذهب الحنفية، والحنابلة على الصحيح عندهم: أن الفسخ بالعيب يستمر حقا للمشتري من وقت العلم بالعيب إلى أن يرضى بالبيع صراحة كرضيت البيع، أو دلالة لبسه الثوب المبيع لأنه خيار شرع، لدفع ضرر محقق عمن شرع له، فكان على التراضي كخيار القصاص لولي القتيل الخيار بينه وبين الدية، أو العفو على سبيل التراضي.==

(3/61)


الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1.
قَوْلُهُ وَرُوِيَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا ثَلَاثًا هَذَا اللَّفْظُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ نَقْلًا عَنْ ابْنِ دَاوُد شَارِحِ الْمُخْتَصَرِ وَتَبِعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَتَبِعَهُمْ الْغَزَالِيُّ وَكَأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لَا تُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى وَزْنِ لَا تُزَكُّوا وَالْإِبِلُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَالْمُصَرَّاةُ هِيَ الَّتِي تُرْبَطُ أَخْلَافُهَا فَيُجْمَعُ اللَّبَنُ
1193 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ" مُسْلِمٌ مِنْ حديث ابن سيرين عنه2،
__________
=ومذهب الظاهرية قريب من مذهب الحنفية، بل هو في الواقع أوسع منه، لأنه استخدام المبيع، أو التصرف فيه بما لا يخرجه عن ملكه لا يمنع من الرد على البائع عندهم؛ لأن التصرف كما يزعم ابن حزم لا يدل على الرضا، وإنما الذي يدل عليه صريح القول.
ومن هذا يظهر أن الشافعية غلبوا جانب البائع فحظروا على المشتري التأخير في الرد؛ لأن فيه إضرارا به، وقد يكون مع هذا حسن النية حين البيع، وأن الحنفيه ومن حذا حذوهم غلبوا جانب المشتري، فوسعوا عليه؛ لأنه المظلوم.
وأما المالكية: فقد التزموا خطة وسطى، فرأوا في الإلزم بالمبادرة إجحافا بحق المشتري، وفي الإمهال بدون توقيت إضرار بالبائع، فضربوا للرد مهلة يسيرة يوما أو يومين، فإن لم يرد فيها بطل حقه في الرد وألزم بالبيع بالثمن المتفق عليه، وهذا مذهب معقول معتدل.
هذا، والاتفاق حاصل على أنه في أي وقت ظهر العيب جاز للمشتري الرد، أعني أن الفقهاء لم يخيروا ما بين العقد، وبين ظهور العيب بوقت معلوم لا يجوز للمشتري الرد بعده، فله الرد، ولو ظهر العيب بعد سنة من تاريخ التعاقد ما دام لم توجد منه، أو عنده حالة تمنع الرد شرعا.
ينظر: الخيارات في البيع، لشيخنا محمد مندور، وينظر: المحلى 9/73،81، الخرشي 5/137.
1 أخرجه مالك 2/683، كتاب البيوع: باب ما ينهى عن المساومة والمبايعة، الحديث 96، والبخاري 4/361، كتاب البيوع: باب النهي للبائع أن لا يحقل الإبل والبقر والغنم، الحديث 50/2، ومسلم 3/1155، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، الحديث 11/1515، وفي 3/1158-1159، باب حكم بيع المصراة، الحديث 26/1524، وأبو داود 3/722، كتاب البيوع الإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها، الحديث 3443، والنسائي 7/253، كتاب البيوع: باب النهي عن المصراة، والحميدي 2/446، رقم 1028، والدار قطني 3/75، رقم 283، والبيهقي 5/318، كتاب البيوع: باب الحكم فيمن اشترى مصراة، وأحمد 2/242، 394، 410، 465، من طريق عن أبي هريرة به.
2 أخرجه مسلم 3/1158، كتاب البيوع: باب حكم بيع المصراة حديث 26/1524، وعبد الرزاق 8/197، رقم 14858، والحميدي 2/446، رقم 1029، وأحمد 2/248، وأبو داود 3/827، كتاب البيوع والإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها حديث 3444، والترمذي 3/53-554،==

(3/62)


وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ1.
1194 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "مَنْ ابْتَاعَ مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا" أَبُو دَاوُد بِهِ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ مِثْلَ وَضَعَّفَهُ بِجَمِيعِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ2.
حَدِيثُ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ تَقَدَّمَ قَرِيبًا
1195 - حَدِيثُ "الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ" أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ3، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَزَادَ إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ
__________
= كتاب البيوع: باب ما جاء في المصراة حديث 1252، وابن ماجة 2/753، كتاب التجارات: باب بيع المصراة حديث 2239، وابن الجارود 565، 566، وأبو يعلى 10/435، رقم 6049، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/19، باب بيع المصراة، والبيهقي 5/318، كتاب البيوع: باب الحكم فيمن اشترى مصراة، كلهم من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أن يمسكها أمسكها، وإن شاء أن يردها ردها ومعها صاع من تمر لا سمراء" .
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 ينظر: الفتح 4/431، كتاب البيوع: باب إن شاء رد المصرة وفي حلبتها صاع من تمر.
2 أخرجه أبو داود 3/271، كتاب البيوع: باب من اشترى مصراة فكرهها حديث 3446، وابن ماجة 2/753، كتاب البيوع: باب بيع المصراة حديث 2240، والبيهقي في السنن الكبرى 5/319، وجميع بن عمر صدوق يخطئ ويتشيع.
ينظر: التقريب 968.
3 أخرجه أحمد 2/366، وأبو داود 4/19، كتاب الأقضية: باب في الصلح حديث 3594، وابن الجارود رقم 638، وابن حبان 1199 – موارد، والدار قطني 3/27، كتاب البيوع، حديث 96، والحاكم 2/49، والبيهقي 6/64، كتاب الصلح: باب صلح المعاوضة، كلهم من طريق كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "المسلمون على شروطهم والصلح جائز بين المسلمين" .
قال الحاكم: رواة هذا الحديث كلهم مدنيون.
وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: لم يصححه، وكثير ضعفه النسائي وقواه غيره.
وقال في موضع آخر 4/101: حديث منكر.
لكن للحديث طريق آخر عن أبي هريرة.
أخرجه الدار قطني 3/27، كتاب البيوع الحديث 97، والحاكم 2/50، من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصلح جائز بين المسلمين" .
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة.
وتعقبه الذهبي بقول ابن حبان في عبد الله بن الحسين فقال: قال ابن حبان يسرق الحديث.

(3/63)


حَرَامًا وَهُوَ ضَعِيفٌ1، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَلَفْظُهُ فِي الزِّيَادَةِ ما وافق مِنْ ذَلِكَ وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ2، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عائشة وهو واهي أَيْضًا3، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا4.
تَنْبِيهٌ الَّذِي وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الْمُسْلِمُونَ بَدَلَ الْمُؤْمِنُونَ
1196 - حَدِيثُ أَنَّ مَخْلَدَ بْنَ خُفَافٍ ابْتَاعَ غُلَامًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ أَصَابَ بِهِ عَيْبًا فَقَضَى لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِرَدِّهِ وَرَدِّ غَلَّتِهِ فَأَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَرَدَّ عُمَرُ قضاه وَقَضَى لِمَخْلَدٍ بِالْخَرَاجِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد
__________
1 أخرجه الترمذي 3/634، كتاب الأحكام: باب الصلح بين الناس حديث 1352، وابن ماجة 2/788، كتاب الأحكام: باب الصلح حديث 2353، والدار قطني 3/27، كتاب البيوع، حديث 98، والحاكم 4/ 101، والبيهقي 6/65، كتاب الصلح: باب صلح المعاوضة كلهم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما" لفظ الترمذي.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: واه.
وكثير بن عبد الله.
قال النسائي في الضعفاء والمتروكين رقم 529: متروك الحديث، وذكره الدار قطني أيضا في الضعفاء والمتروكين 446.
وقال الحافظ في التقريب 2/132، رقم 17: ضعيف منهم من نسبه إلى الكذب.
وقد عقب الذهبي في الميزان 3/406، على تصحيح الترمذي لهذا الحديث فقال: وأما الترمذي فروى من حديثه –أي كثير بن عمرو بن عوف-: الصلح جائز بين المسلمين" وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي اهـ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي 4/487: وفي تصحيح الترمذي هذا الحديث نظر، فإن في إسناده كثير بن عبد الله بن عوف وهو ضعيف جدا، قال فيه الشافعي، وأبو داود: هو ركن من أركان الكذب، وقال النسائي: ليس بثقة وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، وتركه أحمد، وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه قال الذهبي: أما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيحه. وقال ابن كثير في إرشاده، وقد نوقش أبو عيسى يعني الترمذي في تصحيحه هذا الحديث وما شاكله اهـ.
2 أخرجه الدار قطني 3/ 28، رقم 100، والحاكم 2/50.
وسكت عنه الحاكم والذهبي.
3 أخرجه الدار قطني 3/27، كتاب البيوع رقم 99، والحاكم 2/49.
قال أبو الطيب آبادي في التعليق المغني 3/27: عبد العزيز بن عبد الرحمن ضعفه أحمد والنسائي وابن حبان.
4 أخرجه ابن أبي شيبة 6/567.

(3/64)


الطَّيَالِسِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مُخْتَصَرًا أَيْضًا1.
0 1197 ] حَدِيثُ مَنْ أَقَالَ2 أَخَاهُ الْمُسْلِمَ صَفْقَةً كَرِهَهَا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ أقال مسلما أقاله اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مَا رَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ إلَّا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَلَا عَنْ حَفْصٍ إلَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَرَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ أَيْضًا مالك بن شعير تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْفَرْوِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِلَفْظِ مَنْ أقال لي نَادِمًا وَقَالَ إنَّ إِسْحَاقَ تَفَرَّدَ بِهِ وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعْمَرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ وَلَا مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِي صَالِحٍ3.
__________
1 تقدم تخريجه من طريقين عن عائشة.
2 والإقالة: قيل: مأخوذة من القول، فهمزتها حينئذ للسلب، أي: أزال القول السابق.
وقيل: مأخوذة من القيل، وعلى هذا فعينها ياء لا واو. ويدل له قولهم: قلت: البيع بكسر القاف –وقال البيع قيلا. وأقال البيع بمعنى فسخه، وبناء على أن الهمزة للسلب يكون الفسخ لازما للمعنى الوضعي؛ لأن إزالة القول –وهو العقد- يلزمه رفع البيع.
فالإقالة مصدر أقال، واسم مصدر قال: بمعنى فسخ؛ لأنه يقال أيضا: قال البيع إقالة.
ومعناها في الاصطلاح: رفع البيع برضا العاقدين كتقايلنا البيع، أو يقول أحدهما: أقلته، ويقيل الآخر، وإذا، فلا بد في الإقالة من رضا العاقدين معا بها، فليس لأحدهما أن يستبد بها وحده. وهي في هذا تخالف الفسخ بالخيار، إذ لمن هو له أن يفسخ البيع إن شاء من غير توقف على رضا صاحبه. الفرق بينهما أن الخيار يجعل العقد غير لازم في حق من هو له.
وأما الإقالة فلا تكون إلا حيث يكون العقد لازما لهما.
نعم تشبه الإقالة الخيار، من جهة أنهما لا يدخلان إلا عقود المفاوضات المالية اللازمة القابلة للنسخ، ثم الإقالة جائزة شرعا؛ لأن العقد حقهما، وآثاره المترتبة عليه وقف عليهما –فلهما رفعه. بل هي مندوبة، لأنها غالبا لا تكون، إلا تحت ضغط الحاجة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "من أقال نادما بيعته – أقال الله عثرته" .
3 أخرجه أحمد 2/252، وأبو داود 3/738، كتاب البيوع والإجارات: باب في فضل الإقالة، حديث 3460، وأبو يعلى في معجم شيوخه ص 344 رقم 326، وابن حبان 1103-موارد، والحاكم 2/45، والبيهقي 6/27، كتاب البيوع: باب من أقال المسلم إليه بعض المسلم وفي شعب الإيمان 6/314-315 رقم 8310، والخطيب في تاريخ بغداد 8/196، من طريق يحيى بن معين ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال مسلما عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة"
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وصححه ابن حبان.==

(3/65)


1198 - حَدِيثُ أَنَّ ابْنُ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ فَأَصَابَ زَيْدٌ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَتَرَافَعَا إلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لِابْنِ عُمَرَ أَتَحْلِفُ أَنَّك لَمْ تَعْلَمْ بِهَذَا الْعَيْبِ فَقَالَ لَا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَبَاعَهُ ابْنُ عُمَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يُسَمِّ زَيْدَ بْنُ ثَابِتٍ وَفِيهِ أَنَّهُ
__________
=وأخرجه ابن حبان 1104 – موارد، والبيهقي 6/27، كتاب البيوع: باب من أقال المسلم إليه بعض المال وفي شعب الإيمان 6/260، رقم 8076، الطبراني في مكارم الأخلاق رقم 60، وقاسم بن أصبغ في مصنفه والبزار كما في المقاصد الحسنة ص 339، رقم 1065، من طريق إسحاق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال نادما عثرته أقاله الله عز وجل عثرته يوم القيامة"
وقال البزار: تفرد به إسحاق عن مالك.
وصححه ابن حبان.
وأخرجه ابن ماجة 2م741، كتاب التجارات: باب الإقالة، حديث 2199، من طريق مالك بن سعير ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة" .
قال البوصيري في الزوائد 2/173: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم اهـ.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية 6/345، والبيهقي 6/27، من طريق مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به.
قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص 399: وهي أصح من طريق مالك عن سمي بل قيل: إن تلك خطأ.
وأخرجه الحاكم في علوم الحديث ص 18، والبيهقي 6/27، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال نادما أقاله الله نفسه يوم القيامة ومن كشف عن مسلم كربة كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" .
قال الحاكم: هذا إسناد من نظر فيه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وليس كذلك فإن معمر بن راشد الصنعاني ثقة مأمون ولم يسمع من محمد بن واسع ومحمد بن واسع ثقة مأمون ولم يسمع من أبي صالح. وللحديث شواهد من حديث أبي شريح ويحيى بن أبي كثير مرسلا.
حديث أبي شريح:
أخرجه الطبراني في الأوسط كما مجمع الزوائد 4/113، عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال أخاه بيعا أقاله الله عثرته يوم القيامة" .
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، وصححه المنذري في الترغيب والترهيب 2/555.
حديث يحيى بن أبي كثير.
أخرجه عبد الرزاق 2/56، رقم 2468، عنه مرسلا.
تنبيه: صحح حديث أبي هريرة جماعة من الأئمة والحافظ منهم على سبيل المثال، الحاكم وابن حبان والبيهقي وابن دقيق العيد كما في المقاصد ص 398، والمنذري والذهبي والبوصيري وغيرهم.

(3/66)


بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ1،وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ2، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْهُ3، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَالِمٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْمُشْتَرِيَ4، وَتَعْيِينُ هَذَا الْمُبْهَمِ ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ وَفِي الشَّامِلِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ5 بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَزَادَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا.
__________
1 أخرجه مالك 2/6313، كتاب البيوع: باب العيب في الرقيق حديث 4.
2 ينظر السنن الكبرى للبيهقي 5/238.
3 أخرجه بن أبي شيبة 6/300-301.
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف 8/162-163، رقم 14721، 14722.
5 هو الإمام العلامة شيخ الشافعية أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد الفقيه المعروف بابن الصباغ مصنف كتاب الشامل وكتاب الكامل وكتاب تذكرة العالم والطريق السالم.
ولد سنة أربع مئة.
قال ابن خلكان: كان تقيا صالحا وشامله من أصح كتب أصحابنا...
توفي سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
ينظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/299، وفيات الأعيان 3/217-218، وسير أعلام النبلاء 18/464.

(3/67)


بَابُ الْقَبْضِ6 وَأَحْكَامِهِ
1199 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ "مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَغَيْرِهِ زَادَ ابْنُ حِبَّانَ نَهَى أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ7، وَلِلْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِلَفْظِ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ بِحَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ8.
1200 - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى
__________
6 القبض في اللغة: الإمساك والتناول، يقال: قبضه بيده يقبضه: تناوله، وقبض عليه بيده: أمسكه، وفي الشرع يرجع فيه إلى العرف، وهو يختلف باختلاف المال.
2 أخرجه مالك 2/640، كتاب البيوع: باب العينة وما يشبهها حديث 40، والبخاري 5/69، كتاب البيوع: باب ما ذكر في الأسواق حديث 2124، وباب الكيل على البائع والمعطي حديث 2126، وباب بيع الطعام قبل أن يقبض حديث 2136، ومسلم 3/1160، كتاب البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض حديث 32/1526، وأبو داود 3/281، كتاب البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي حديث 3492، وابن ماجة 2/749، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض حديث 2226، وأحمد 2/63-64، والدارمي 2/252-253، وابن أبي شيبة 6/366، وابن حبان 4986، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/37، والبيهقي 5/311-312.
3 تقدم تخريجه.

(3/67)


يُسْتَوْفَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ1.
تَنْبِيهٌ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قِيَاسِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ2.
1201 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَرِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ لَا يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدِيثٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ3.
1202 - حَدِيثُ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ قال له أنهم عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا وَرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ بن إسحاق عن عطا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ إنِّي أَمَّرْتُك عَلَى أَهْلِ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ لَا يَأْكُلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَانْهَهُمْ عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَعَنْ الصَّفْقَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ الْوَاحِدِ وَأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ4.
وَمِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ5. وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ نَهَاهُ عَنْ سَلَفٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ6، فَهَذَا قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَطَاءٍ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي حَدِيثٍ7.
__________
1 أخرجه البخاري 5/82، كتاب البيوع: باب بيع الطعام قبل أ، يقبض وبيع ما ليس عندك حديث 2135، ومسلم 3/1159، كتاب البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض حديث 29/1525، والنسائي 7/285، كتاب البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، وأبو داود 3497، والترمذي 1291، وابن ماجة 2227، وأحمد 2/270، 356، 368، 370، وعبد الرزاق 14211، وابن أبي شيبة 6/368-369، وابن الجارود في المنتقى 606، والبيهقي في السنن الكبرى 5/312-313، من حديث ابن عباس.
2 تقدم تخريجه.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/313، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع ما لم يقبض.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/313، وقال: تفرد به يحيى بن صالح الأيلي وهو منكر بهذا الإسناد.
6 أخرجه ابن ماجة 2/738، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع ما ليس عندك حديث 2189، قال البوصيري في الزوائد 2/170: هذا إسناد ضعيف رواه أبو يعلى الموصلي وليث هو ابن أبي سليم ضعفه الجمهور وعطاء هو ابن أبي رباح لم يدرك عتاب.
7 أخرجه الحاكم 2/17، من طريق عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

(3/68)


1203 - حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ بِالضَّعْفِ وَالِاضْطِرَابِ1.
1204 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذَ مَكَانَهَا الْوَرِقَ وَأَبِيعُ بِالْوَرِقِ وَآخُذَ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيمَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ.
أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيمَةِ وَلَفْظُ النَّسَائِيّ لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ وَفِي لَفْظٍ لَهُ مَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ سِمَاكٍ وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ2.
__________
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/313، من طريق محمد بن عجلان وعبد الملك بن أبي سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
1 أخرجه أبو داود الحديث 3468، وابن ماجة 2/767، كتاب التجارات: باب إذا أسلم في نخل بعينه لم يطلع حديث 2283، والدار قطني 3/45، رقم 187، والبيهقي 6/30، كتاب البيوع: باب من سلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد به.
وقال البيهقي: عطية بن سعد لا يحتج به.
قال ابن أبي حاتم في العلل 1/387، رقم 1158: سألت أبي عن حديث رواه أبو بدر شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن سعد الطائي عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أسلم على شيء فلا يصرفه على غيره" قال أبي: إنما هو سعد الطائي عن عطية عن ابن عباس قوله اهـ.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى 3/278: عطية هو العوفي لا يحتج بحديثه وإن كان قد روى عنه الجلسة.
2 أخرجه أبو داود 3/650-651، كتاب البيوع: باب في اقتضاء الذهب من الورق الحديث 3354، وأحمد 2/139، والترمذي 3/544، كتاب البيوع: باب ما جاء في الصرف الحديث 1242، والنسائي 7/283، كتاب البيوع: باب أخذ الورق من الذهب، وابن ماجة 2/760، كتاب التجارات: باب اقتضاء الذهب من الورق، الحديث 2262، وابن حبان 1128- موارد، وابن الجارود ص 220: باب ما جاء في الربا، الحديث 655، والدار قطني 3/23-24، كتاب البيوع، الحديث 81، والحاكم 2/44، كتاب البيوع، البيهقي 5/284، كتاب البيوع: باب اقتضاء الذهب من الورق، كلهم من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به بزيادة: "ما لم تفترقا وبينكما شيء" .
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفا. وقال البيهقي: تفرد برفعه سماك بن حرب عن سعيد بن جبير من أصحاب ابن عمر.==

(3/69)


وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ قَالَ سُئِلَ شُعْبَةُ عَنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ هَذَا فَقَالَ شُعْبَةُ سَمِعْت أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ولم يرفعه ونا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ولم يرفعه ونا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرَفَعَهُ لَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَنَا أُفَرِّقُهُ1.
تَنْبِيهٌ الْبَقِيعُ الْمَذْكُورُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَمْ تَكُنْ كَثُرَتْ إذْ ذَاكَ فِيهِ الْقُبُورُ2.
وَقَالَ ابْنُ بَاطِيشٍ3: لَمْ أَرَ مَنْ ضَبَطَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالنُّونِ
1205 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ طَرِيقِ ذُؤَيْبِ بْنِ عِمَامَةَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَوَهِمَ فَإِنَّ رَاوِيَهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ لَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ4.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِنَا الْحَاكِمِ كَيْفَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِ عَصْرِهِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بَشْرَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ شَيْخِ الدَّارَقُطْنِيِّ
__________
=وقد تعقب النووي في المجموع 9/329-330، قول البيهقي فقال: وهذا لا يقدح في رفعه وقد قدمنا مرات أن الحديث إذا رواه بعضهم مرسلا وبعضهم متصلا وبعضهم موقوفا وبعضهم مرفوعا، كان محكوما بوصله ورفعه على المذهب الصحيح الذي قاله الفقهاء والأصوليين ومحققوا المحدثين من المتقدمين والمتأخرين.
1 ينظر: السنن الكبرى 5/284.
2 ينظر: المجموع 9/329-330.
3 هو العلامة المتفنن عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن هبة الله بن باطيش الموصلي الشافعي.
سمع ابن الجوزي وسكينة وحنبل. له كتاب طبقات الشافعية، ومشتبه النسبة، والمغني في لغات المهذب، ورجاله. وكان أصوليا متقنا.
توفي سنة خمس وخمسين وست مئة.
ينظر: شذرات الذهب 5/267، وسير أعلام النبلاء 23/319.
4 أخرجه الدار قطني 3/71، كتاب البيوع: الحديث 269، والحاكم 2/57، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع اللآلئ، والبيهقي 5/290، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الدين بالدين، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع اللآلئ. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وأخرجه الدار قطني 3/72، الحديث 270، والحاكم، والبيهقي من طريق ذؤيب بن عمامة ثنا حمزة بن عبد الواحد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وزاد: هو النسيئة بالنسيئة. وسكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بأن ذؤيبا واه. وقد ضعف البيهقي الطريقين.

(3/70)


فِيهِ فَقَالَ عَنْ مُوسَى غَيْرِ مَنْسُوبٍ ثُمَّ رَوَاهُ الْمِصْرِيُّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ فَقَالَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ وَهُوَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ1، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ2. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا تَحِلُّ عِنْدِي الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِهِ3.
وَقَالَ أَيْضًا لَيْسَ فِي هَذَا حَدِيثٌ يَصِحُّ لَكِنَّ إجْمَاعَ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدِينٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ يُوهِنُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ تَفَرَّدَ بِهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَهْمَ فِي قَوْلِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَنَهَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَبِيعُ هَذَا بِنَقْدٍ وَأَشْتَرِيهِ بِنَسِيئَةٍ حَتَّى يَبْتَاعَهُ وَيُحْرِزَهُ وَنَهَى عَنْ كَالِئٍ بِكَالِئٍ دَيْنٍ بِدِينٍ وَهَذَا لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَيْضًا عَنْ عِيسَى بْنِ سَهْلٍ وَكَانَ الْوَهْمُ فِيهِ مِنْ الرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْلَى زُنْبُورٍ4.
تَنْبِيهٌ الْكَالِئُ مَهْمُوزٌ قَالَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانَ هُوَ بيع النسيئة بالنيسئة وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدَ فِي الْغَرِيبِ وَكَذَا نَقَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ5.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ هُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ6، وَيُؤَيِّدُ هَذَا نَقْلُ أَحْمَدَ الْإِجْمَاعَ الْمَاضِيَ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِلَافُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ الْبَيْعُ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ الدَّيْن بِالدَّيْنِ7.
1206 - حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جُزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَهُ طُرُقٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ8.
__________
1 ينظر: البيهقي في السنن الكبرى 5/290.
2 أخرجه ابن عدي في الكامل 6/2335، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 5/290.
وقال البيهقي: وقد رواه عبيد الله بن موسى وزيد بن الحباب وغيرهما عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
3 ينظر: الكامل لابن عدي 6/2335.
4 ينظر: نصب الراية 4/40.
5 ينظر النهاية في غريب الحديث 4/194.
6 ينظر البيهقي في السنن الكبرى 5/290.
7 توبع موسى بن عبيدة الربذي على هذا الحديث لكن قد تابعه من هو أسوأ حالا منه وهو إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي الكذاب شيخ الشافعي.
أخرجه عبد الرزاق 8/90، رقم 14440.
8 تقدم تخريجه.

(3/71)


1207 - قَوْلُهُ رُوِيَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ1، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ فِي الْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ لَا نَعْلَمُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ2.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُمَا ابْنُ عَدِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ جِدًّا3، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عُثْمَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ كَانَا يَبْتَاعَانِ التَّمْرَ وَيَخْلِطَانِهِ فِي غَرَائِرَ ثُمَّ يَبِيعَانِهِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ فَنَهَاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَا حَتَّى يَكِيلَاهُ لِمَنْ ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا4، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَيَكُونُ لَهُ زِيَادَتُهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُهُ5.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ أَوْجُهٍ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ6.
__________
1 أخرجه ابن ماجة 2/750، كتاب التجارات: باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض، الحديث 2228، والدار قطني 3/8، كتاب البيوع، الحديث 24، والبيهقي 5/316، كتاب البيوع: باب الرجل يبتاع طعاما كيلا فلا يبيعه حتى يكتاله لنفسه، من حديث ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري.
وقال البوصيري في الزوائد 2/183: هذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن الأنصاري اهـ.
2 أخرجه البزار 2/86، الحديث 1265، والبيهقي 5/316، كتاب البيوع: باب الرجل يبتاع طعاما كيلا فلا يبيعه حتى يكتاله لنفسه من حديث مسلم بن أبي مسلم عن مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع طعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون للبائع الزيادة وعليه النقصان.
وقال البيهقي: إنه غير قوي.
وقال الهيثمي في المجمع 4/101، رواه البزار وفيه مسلم بن أبي مسلم الجرمي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ.
وكلام الهيثمي فيه نظر فإن مسلما ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ.
3 أخرجه ابن عدي في الكامل 3/886، من طريق خالد بن يزيد القسري عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك بلفظ: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون لك زيادته وعليك نقصانه.
وقال ابن عدي في ترجمه خالد: أحاديثه كلها لا يتابع عليها لا إسنادا ولا متنا ولم أر لهم فيه قولا بل غفلوا عنه وهو عندي ضعيف.
4 أخرجه عبد الرزاق 8/38-39، رقم 14213.
5 أخرجه ابن أبي شيبة 7/197، رقم 2874، والبيهقي في السنن الكبرى 5/316.
6 ينظر: البيهقي في السنن الكبرى 5/316.

(3/72)


بَابُ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ
1208 - حَدِيثُ "مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ1، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ" الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ قَدْ أُبِّرَتْ وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ عِنْدَنَا وَبِهِ نَأْخُذُ2.
__________
1 تأبير النخل: تلقيحه، يقال: نخلة مؤبرة ومأبورة، والاسم منه: الإبار، على وزن الإزار، يقال: تأبر الفسيل: إذا قبل الإبار.
2 أخرجهالبخاري 4/401، كتاب البيوع: باب من باع مخلا قد أبرت... الحديث 2204، ومسلم 3/1172، كتاب البيوع: باب من باع نخلا عليها ثمر، الحديث 77/1543. وأبو داود 2/289، كتاب البيوع: باب في العبد يباع وله مال حديث 3433، والنسائي 7/297، كتاب البيوع: باب العبد يباع ويستثني المشتري ماله ، والترمذي 3/546، كتاب البيوع: باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير والعبد له مال حديث 1244، وابن ماجة 2/745-746، كتاب التجارات: باب ما جاء فيمن باع نخلا مؤبرا أو عبدا له مال، حديث 2211، والدارمي 2/253، كتاب البيوع: باب فيمن باع عبدا وله مال، وعبد الرزاق 8/135، رقم 14620، وأبو داود الطيالسي 1/266-منحة رقم 1334، وابن طهمان في مشيخته رقم 179، وابن الجارود 628، وأبو يعلى 9/307-308، رقم 5427، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/53، والحميدي في مسنده 2/277، رقم 613، والبيهقي 5/324، والبغوي في شرح السنة 4/274- بتحقيقنا، من طريق الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ومن ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع" .
وقال الترمذي: حديث ابن عمر: حديث حسن صحيح.
هكذا روي من غير وجه عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من ابتاع نخلا بعد أن يؤبر فثمرته للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن باع عبدا وله مال فماله للذي باعه، إلا أن يشترك المبتاع" .
وقد روي عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أنه قال: من باع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط الممبتاع. هكذا رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع، الحديثين.
وقد روى عكرمة بن خالد عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو حديث سالم، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
قال محمد بن إسماعيل: حديث الزهري عن سالم، عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصح ما جاء في هذا الباب.
قلت: أما طريق نافع عن ابن عمر.
أخرجه مالك 2/617، كتاب البيوع: باب ما جاء في ثمر المال يباع أصله حديث 9، والشافعي في الأم 3/41، وأحمد 2/63، والبخاري 5/369-370، كتاب الشروط: باب إذا باع نخلا==

(3/73)


تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ قَبْلَ أَنْ تُؤَبَّرَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ النَّاسِخِ وَكَذَا عَزَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ في المطلب للمختصر فَوَهِمَ وَقَدْ ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الصَّوَابِ
1209 - حَدِيثُ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ نَخْلًا مِنْ آخَرَ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُبْتَاعُ أَنَا أَبَّرْتُهُ بَعْدَ مَا ابْتَعْتُ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَبَّرْتُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتَحَاكَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى بِالثَّمَرَةِ لِمَنْ أَبَّرَ مِنْهُمَا الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءٍ1 وَعَزَاهُ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي الْأَحْكَامِ إلَى الدَّلَائِلِ لِلْأَصِيلِيِّ مُسْنَدًا عن ابْنِ عُمَرَ
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ
1210 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ حَتَّى يَبْدُوَ
__________
== قد أبرت حديث 2716، ومسلم 3/1172، كتاب البيوع: باب من باع نخلا عليها ثمر حديث 78/1543، وأبو داود 2/289، كتاب البيوع: باب في العبد يباع وله مال، حديث 3434، وابن ماجة 2/745، كتاب التجارات: باب ما جاء فيمن باع نخلا مؤبرا أو عبدا له مال حديث 2210، والبيهقي 5/324، كلهم من طريق نافع عن ابن عمر به وأما طريق نافع عن ابن عمر عن عمر أنه قالك من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
فأخرجه البخاري 5/60، كتاب الشرط والمساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب ... حديث 2379،
وقد روي هذا مرفوعا.
فقال ابن أبي حاتم في العلل 1/392، رقم 1175، سمعت أبا زرعة وحدثنا عن إبراهيم بن أبي موسى، عن هشيم عن سفيان بن حسين عن الزهري، عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع" فقال أبو زرعة: ليس هذا الحديث بمحفوظ والصحيح سالم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما طريق عكرمة بن خالد:
أخرجه عبد الرزاق 8/135، رقم 14621، والبيهقي 5/325، من طريق عكرمة بن خالد عن ابن عمر.
قال ابن أبي حاتم في العلل 1/377، رقم 1122.
سألت أبي عن حديث رواه قتادة وحماد بن سلمة عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع" قال: إني كنت أستحسن هذا الحديث من هذا الطريق حتى رأيت من حديث بعض الثقات عن عكرمة بن خالد عن الزهري عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبي: فإذا الحديث قد عاد إلى الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1 أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار 4/318، كتاب البيوع: باب ثمر الحائط يباع أصله حديث 3383، من طريق الشافعي وهو في الأم 4/42.

(3/74)


صَلَاحُهُ حُمْرَتُهُ وَصُفْرَتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ مَا صَلَاحُهُ قَالَ تَذْهَبُ عَاهَتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ1، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ2، وَأَبِي هُرَيْرَةَ3، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ4، وَغَيْرِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ5.
1211 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرَأَيْت إذَا منع الله الثمرة فبم يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ6، وَقَدْ بَيَّنْت فِي الْمُدْرَجِ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَوْقُوفَةٌ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ وَأَنَّ رَفْعَهَا وَهْمٌ7 وَبَيَانُهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ
1212 - حَدِيثُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِي قَالَ: " تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرُّ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ حَتَّى تَحْمَارَّ وَتَصْفَارَّ8، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ حَتَّى تُشَقِّحَ قِيلَ وَمَا تُشَقِّحُ قَالَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا9، وَبَيَّنَ فِي
__________
1 أخرجه البخاري 4/394، كتاب البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، حديث 2194، ومسلم 3/1165، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها حديث 49، 50/1534، 1535، من حديث ابن عمر.
2 أخرجه مسلم 3/1167، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، حديث 53، 54/1536.
3 أخرجه مسلم 3/1167، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، حديث 56/1538.
4 أخرجه البخاري 5/130، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة حديث 2191.
5 أخرجه البخاري 5/130، كتاب البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها حديث 2193.
6 تقدم تخريجه.
7 وقد رجح هذا أيضا أبو زرعة وأبو حاتم فقال ابن أبي حاتم في العلل 1/378-379، رقم 1129: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن عباد عن عبد العزيز الدراوردي عن حميد عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن لم يثمرها الله فيم يستحل أحدكم مال أخيه" فقالا: هذا خطأ إنما هو كلام أنس، قال أبو زرعة كذا يرويه الدراوردي ومالك بن أنس مرفوع والناس يروونه موقوف من كلام أنس اهـ.
8 أخرجه البخاري 4/398، كتاب البيوع: باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، الحديث 2198، ومسلم 3/1190، كتاب المساقاة: باب وضع الجوائح، الحديث 15/1555.
ومالك 2/618، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها حديث 11، والنسائي 7/264، كتاب البيوع: باب شراء الثمار حتى يبدو صلاحها، وابن الجارود رقم 604، وأحمد 3/115، وأبو يعلى 10/392، رقم 3740، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/24، والبيهقي 5/300، كتاب البيوع: باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار، وأبو نعيم في الحلية 6/340، والبغوي في شرح السنة 4/269- بتحقيقنا، من طريق حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر.
9 أخرجه البخاري 5/139، كتاب البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، حديث 2196.

(3/75)


مُسْلِمٍ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ رَاوِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَلِلْبَزَّارِ بإسناد صحيح عن طاوس عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُطْعِمَ.
تَنْبِيهٌ تُزْهَى مِنْ أَزْهَى وَتَزْهُو مِنْ زَهَا وَكِلَاهُمَا مَسْمُوعٌ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ1.
حَدِيثُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ عَنْ أَنَسٍ
حَدِيثُ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ يَأْتِي
1213 - حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الزَّرْعَ بِمِائَةٍ فَرَقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ التَّمْرَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِمِائَةِ فَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ أَفَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ نَعَمْ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ نَحْوُهُ2، وَاتَّفَقَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ التَّمْرِ
__________
1 بعض اللغويين يفرق بين زها وأزهى في المعنى، فيرون أن زها بمعنى نبتت ثمرته، وأزهى بمعنى أحمر أو أصفر، وبعضهم على أن المعنى واحد فمن فرق بينهما قال: لا يصح إلا تزهي من أزهى، وقد فسره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يحمر. انظر سنن النسائي 7/264، وإليه ذهب أبو عبيد الأصمعي والأخفش وابن الأعرابي والخليل. ومن رأى أنهما بمعنى صحيح الروايتين، تزهو، وتزهي، ومنهم أبو زيد والزجاج وابن الأعرابي في رواية ثعلب. وانظر العين 4/74، وغريب الحديث 3/283، 284، 1/233، 234، وتهذيب اللغة 6/371-373، وشرح ألفاظ المختصر، وفعلت وأفعلت، للزجاج 45، والفائق 2/137، والنهاية 2/323، والصحاح والمصباح زها.
2 أخرجه البخاري 5/60-61، كتاب الشرب والمساقاة: باب حلب الإبل على الماء، حديث 2381، ومسلم 3/1174، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة حديث 82/1536، والشافعي 2/152، رقم 525، والنسائي 7/263، كتاب البيوع: باب بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وأحمد 3/360، من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وذكر الحديث.
وأخرجه أحمد 3/364، ومسلم 3/1175، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، الحديث 85/1536، وأبو داود 3/693-694، كتاب البيوع: باب المخابرة، الحديث 3404، والنسائي 7/296، كتاب البيوع: باب النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم، وابن ماجة 2/747، كتاب التجارات: باب بيع الثمار سنين والجائحة، الحديث 2218، والترمذي 3/605، كتاب البيوع: باب ما جاء في المخابرة والمعامة، حديث 1313، وابن الجارود ص 205، كتاب المبايعات: باب النهي عنها من الغرر وغيره، الحديث 598، والبيهقي 5/304، كتاب البيوع: باب من باع ثمر حائطه واستثنى منه مكيلة مسماة فلا يجوز، من حديث جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة، وعن الثنيا ورخص في العريا. لفظ مسلم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(3/76)


بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا1، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَتَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فِي الْأَحَادِيثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ انْتَهَى.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ2، وَابْنِ عُمَرَ3، وَابْنِ عَبَّاسٍ4، وَأَنَسٍ5، وَأَبِي هُرَيْرَةَ6، وَكُلُّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي النَّسَائِيّ7، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ8.
تَنْبِيهٌ الْمُحَاقَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ جَمْعِ حَقْلَةٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهِيَ السَّاحَاتُ جَمْعُ سَاحَةٍ9.
1214 - حَدِيثُ جَابِرٍ نَهَى عَنْ المزابنة وهي بيع الثمر بِالتَّمْرِ إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ10.
__________
1 أخرجه أحمد 2/5، والبخاري 4/384، كتاب البيوع: باب بيع المزابنة، الحديث 2185، ومسلم 3/1171، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العريا، الحديث 72/1542، وأبو داود 3/658، كتاب البيوع: باب في المزابنة، الحديث 3361، والنسائي 7/266، كتاب البيوع: باب بيع الكرم بالزبيب، وابن ماجه 2/761-762، كتاب التجارات: باب المزابنة والمحاقلة الحديث 2265، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/33، كتاب البيوع: باب العرايا، عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المزابنة والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا.
2 أخرجه أحمد 3/6، 8، 60، والدارمي 2/252، كتاب البيوع: باب في المحاقلة والمزابنة، والبخاري 4/384، كتاب البيوع: باب بيع المزابنة، الحديث 2186، ومسلم 3/1179، كتاب البيوع: باب كراء الأرض، الحديث 105/1546، والنسائي 7/39، كتاب المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض، وعنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المزابنة والمحاقلة، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر على رؤوس النخل، والمحاقلة كراء الأرض.
3 تقدم تخريجه.
4 أخرجه أحمد 1/224، والبخاري 4/384، كتاب البيوع: باب بيع المزابنة الحديث 2187، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/33، كتاب البيوع: باب العرايا، عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمزابنة.
5 أخرجه البخاري 4/404، كتاب البيوع: باب في بيع المخاصرة حديث 2207.
6 أخرجه البخاري 2/392، 419، 484، ومسلم 3/1179، كتاب البيوع: باب كراء الأرض، الحديث 104/1545، والترمذي 3/527، كتاب البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، الحديث 1224، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/33، كتاب البيوع: باب العرايا، عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة والمزابنة.
7 أخرجه النسائي 7/39، كتاب المزارعة: باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض.
8 أخرجه الطبراني في الكبير 6/102، رقم 5635.
9 ينظر: النهاية في غريب الحديث 1/419.
10 تقدم تخريجه من حديث جابر وغيره.

(3/77)


1215 - حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثمر بِالتَّمْرِ إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ1.
1216 - حَدِيثُ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُد وَهُوَ ابْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا2.
__________
1 أخرجه أحمد 4/140، والبخاري 5/50، كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ثمر أو شرب في حائط أو نخل، الحديث 2383، ومسلم 3/1170-1171، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، الحديث 70/1540، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/29-30، كتاب البيوع: باب العرايا من حديث بشر بن يسار أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن المزابنة، والمزابنة بيع الثمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم.
وأخرج البخاري 4/387، كتاب البيوع: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة، الحديث 2191، ومسلم 3/1170-1171، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا بالعرايا والرخصة في ذلك، الحديث 68/1540، وأبو داود 3/661، كتاب البيوع: باب في بيع العرايا، الحديث 3663، والترمذي 3/596، كتاب البيوع: باب ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك، الحديث 1303، والنسائي 7/268، كتاب البيوع: باب العرايا بالرطب، من جهة بشير فقال: سمعت سهل بن أبي حثمة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمر بالتمر ورخص بالعرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا.
2 العرايا لغة: واحدتها عرية، وهي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا، والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها، فقال بعض العرب، منا من يعرى، وهو أن يشتري الرجل النخل يستثني نخلة، أو نخلتين.
قال الأزهري: ويجوز أن تكون العرية مأخوذة من عرى يعرى كأنها عريت من جملة التحريم، وأعرى فلانا فلانا ثمرة نخلة إذا أعطاه إياها يأكلها رطبا، وليس في هذا بيع، إنما فضل ومعروف، وقيل: هي من عراه، يعروه إذا قصده، أو من عرى يعرى، وإذا خلع ثوبه وأعراه النخلة: وهبه.
انظر: الصحاح 6/2424، تاج العروس 10/240، لسان العرب 19/278.
واصطلاحا:
هي عند الأحناف: العرية عند الأحناف محمولة على الهبة والعطية، واسم البيع وقع عليها مجازا، عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، قال: معنى العرية أن يعرى الرجل الرجل ثمر نخلة، فلم يسلم ذلك إليه حتى يظهر له ألا يمكنه ذلك، فيعطيه مكانه خرصا ثمرا، فيخرج بذلك عن إخلاف الوعد.
وهي عند المالكية: في النخل وفي جميع الثمار كلها مما يبس، ويدخر، مثل العنب والتين والجوز واللوز، وما أشبهه.
وهي عند الشافعية: التي رخص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيعها أن قوما شكوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الرطب يحضر وليس عندهم ما يشترون به من ذهب ولا ورق، وعندهم ثمر من قوت سنتهم، فرخص لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يشتروا العرية، بخرصها ثمرا يأكلونها رطبا، لا يشتري من العرايا إلا أقل من خمسة أوسق.
وهي عند الحنابلة: أن يوهب للإنسان من النخل ما ليست فيه خمسة أوسق، فيبيعها بخرصها من التمر لمن يأكلها رطبا.==

(3/78)


بِخَرْصِهَا1 فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ شَكَّ دَاوُد هو فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ
__________
=ينظر: تبيين الحقائق 4/48، بدائع الصنائع 2/547، الحجة على أهل المدينة 2/547، البحر الرائق 6/82، المدونة 4/258، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/179، الأم 3/56، المهذب 1/281، مغني المحتاج 2/93، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 4/157، المغني 4/56، كشاف القناع 3/258.
1 الخرص لغة: الحزر والتخمين والقول بغير علم، منه قوله تعالى: {قتل الخراصون} .
واصطلاحا:
حزر ما يجيء على النخيل أو العنب تمرا أو زبيبا.
وهو سنة: في الرطب والعنب للذين تجب فيهما الزكاة بشرط بدو الصلاح، أما قبله فلا يجوز؛ إذ لا حق للمحققين، ولا ينضبط المقدار لكثرة العاهات قبل بدو الصلاح، ولو بدا صلاح نوع دون آخر، ففي جواز خرص الكل وجهان:
أرجحهما: الجواز، ويوجه بأن ما لم يبدو صلاحه تابع في البيع بما بدا صلاحه متى اتحد بستان وجنس وحمل، وعقد وإن اختلفت الأنواع، وخرج بالتمر والعنب إلى تعذر الحرز فيه لاستتار حبه؛ ولأنه لا يؤكل غالبا رطبا، بخلاف الثمرة، وفي الشبراملي: توقف ابن قاسم فيما لو بدا صلاح حبه من نوع هل يجوز خرصه، ويجري فيه الوجهان.
أقول: القياس جواز الخرص أخذا مما قالوه فيما لو بدا صلاح حبه في بستان، حيث يجوز بيع الكل بلا شرط قطع.
حكمة مشروعية الخرص.
حكمته : الرفق بالمالك والمستحقين، فإن رب المال يملك التصرف بالخرص، ويعرف الساعي حق المساكين، فيطالب به، والدليل على ندبه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرا.
رواه الترمذي، وابن حبان وغيرهما، وا روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرص حديقة امرأة بنفسه، وإنما جعل النخل أصلا في الحديث؛ لما روي أن خيبر فتحت أول سنة سبع من الهجرة، وبعث النبي إليهم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يخرص النخل، فكان خرصه معروفا عندهم، فلما فتح صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطائف وبها العنب الكثير، أمر بخرصه كخرص النخل المعروف عندهم، ولأن النخيل كانت عندهم أكثر وأشهر فصارت أصلا لغلبتها.
ولا فرق في الخرص بين الثمار البصرة وغيرها وا قاله الماوردي من أنه يحرم خرص ثمار البصرة لكثرتها، وكثرة المؤنة في خرصها فقد رده الأصحاب، وقالوا: إنها طريقة ضعيفة تفرد بها.
وصفته: أن يطوف بالنخلة، ويرى جميع عناقيدها، ويقول: خرصها كذا وكذا، ثم يفعل بالنخلة الأخرى كذلك، ثم باقي الحديقة، ولا يجوز الاقتصار على رؤية البعض، وقياس الباقي عليه لأنها تتفاوت، ويخرص كل نخلة رطبا، ثم تمرا، لأن الأرطاب تتفاوت، فإن اتحد النوع جاز أن يخرص الجميع رطبا، ثم تمرا.
وإنما لم يجز الاقتصار على رؤية البعض، لأنه اجتهاد، فوجب بذل المجهود فيه، وقيل: إن الطواف لكل نخلة ليس بواجب، بل مستحب، لأن فيه مشقة.
والأصح: أنه إن كانت الثمار على السعف ظاهرة فمستحب كتمر العراق، وإن استترت كتمر الحجاز فشرط.==

(3/79)


كَذَلِكَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيِّ سَمِعْت مَالِكًا وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَك دَاوُد عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ صَحِيحِهِ ذَلِكَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ1.
__________
=والمشهور: أنه يخرص جميع النخل والعنب، ولا يترك للمالك شيئا، وما صح من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع" حمله الشافعي رضي الله عنه على تركهم له ذلك من الزكاة، ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطعمهم في ذلك منه، لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعا بينه وبين الأدلة المطالبة لإخراج زكاة التمر، والزبيب وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فخذوا ودعوا" إشارة لذلك أي: إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص، واتركوا له شيئا مما خرص، فجعل الترك بعد الخرص المقتضي للإيجاب، فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو.
والثاني: أنه يترك للمالك، ثمر نخلة، أو نخلات يأكله أهله، تمسكا بظاهر الخبر المذكور، وهو صحيح لم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل، رواه أبو داود والترمذي والنسائي ثم إنه يكفي خارص واحد على المشهور؛ لأن الخرص نشأ عن اجتهاد فكان كالحاكم، وما روي من أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبعث مع ابن رواحة واحدا يجوز أن يكون معينا، أو كاتبا.
وقيل يشترط اثنان، كالتقويم والشهادة.
وقطع بعضهم بالأول.
ولا فرق في هذا بين ما إذا كان صبيا أو مجنونا أو غيرهما.
وقيل: إذا كان صبيا، أو مجنونا، أو سفيها، اشترط اثنان، وإلا كفى واحدا، ولا يجوز للحاكم بعث الخارص، إلا بعد ثبوت معرفته عنده، ولا يكفي مجرد قوله، فإن لم يبعث الحاكم خارصا، أو لم يكن حكم المالك عدلين عامين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة، ويتصرف في الثمرة، ولا يكفي واحد احتياطا للفقراء، ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك، ومحل جواز الخرص إذا كان المالك موسرا، فإن كان معسرا فلا لما فيه من ضرر المستحقين.
ولو اختلف الخارصان في المقدار، وقف الأمر إلى تبين المقدار منهما أو من غيرهما.
وقيل: يؤخذ بالأقل، لأنه اليقين، وقيل: يخرصه ثالث، ويؤخذ بقول من هو أقرب إلى خرصه، ولا يكفي خرصه هو، وإن احتاط للفقراء؛ لاتهامه، وإنما صدق في عدد الماشية؛ لأنه إذا ادعى دون ما ذكره الساعي فقد ادعى عدم الوجوب، وهو الأصل من أن الساعي ثم يمكنه من العدد، فإن رأى منه ريبة عد، وهنا تحققنا الوجوب، وهو متعلق بالعين، ويريد نقله من العين إلى الذمة والأصل عدم انقطاع التعلق بالعين، فعمل بالأصل فيهما.
1 أخرجه مالك 2/620، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع العرية، الحديث 14، والبخاري 4/387، كتاب البيوع: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة، الحديث 2190، وفي 5/50، كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل، الحديث 2362، ومسلم 3/1171، وأبو داود 3/662، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، الحديث 71/1541، وأبو داود 3/662، كتاب البيوع: باب في مقدار العرية، الحديث 3364، والترمذي 3/595، كتاب البيوع: باب ما جاء في العريا، الحديث 1301، والنسائي 7/268، كتاب البيوع: باب بيع العرايا بالرطب، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/30، كتاب البيوع: باب العرايا، كلهم من طيق مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة به.

(3/80)


1217 - حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فُضُولُ قُوتٍ من ثمر فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ1 هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ فَقَالَ قِيلَ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ أَوْ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيَدٍ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَإِمَّا غَيْرُهُ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ فَذَكَرَهُ2، وَذَكَرَهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فَقَالَ وَالْعَرَايَا الَّتِي أَرْخَصَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَهُ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيَدٍ قَالَ سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقُلْت مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مُعَلَّقًا أَيْضًا3 وَقَدْ أَنْكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد عَلَى الشَّافِعِيِّ وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ إنْكَارَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ إسْنَادًا وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ لَهُ إسْنَادًا فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يُسْنِدْهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ السِّيَرِ.
تَنْبِيهٌ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْكَافِي بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ [ 1218 ] حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ الْجَوَائِحَ4.
__________
1 أخرجه مالك 2/619-620، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع العرية، الحديث 14، وأحمد 5/181، 182، 186، 190، 192، والبخاري 4/383-384، باب بيع المزابنة، الحديث 2184، و2188، وفي 5/50، كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب من حائط أو في نخل، الحديث 2380، ومسلم 3/1169، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، الحديث 60/267، وأبو داود 3/595، كتاب البيوع: باب ما جاء في العرايا، الحديث 1302، والنسائي 7/267، كتاب البيوع: باب بيع الكرم بالزبيب، وباب بيع العرايا بخرصها تمرا، وباب بيع العرايا بالرطب، وابن ماجة 2/762، كتاب التجارات: باب بيع العرايا بخرصها تمرا، الحديث 2269، والدارمي 2/168، والحميدي 399، وابن الجارود 658، والطبراني في الصغير 1/22، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/29، والبيهقي 5/31، عن زيد بن ثابت.
2 ذكره الشافعي في الأم 3/54، معلقا دون إسناد.
وينظر: معرفة السنن والآثار 4/342-343، كتاب البيوع: باب بيع العرايا حديث 3446.
3 ينظر: معرفة السنن والآثار 4/343، كتاب البيوع: باب بيع العرايا حديث 3447.
4 أخرجه الشافعي 2/151، كتاب البيوع: باب فيما نهى عنه من البيوع، الحديث 522، وأحمد 3/309، ومسلم 3/1191، كتاب المساقاة: باب وضع الجوائح، الحديث 17/1554، والنسائي 7/265، كتاب البيوع: باب وضع الجوائح، وابن الجارود ص 205، باب المبايعات المنهي عنها، الحديث 597، وص 216، أبواب القضاء في البيوع، الحديث 640، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/34، كتاب البيوع: باب الرجل يشتري الثمرة فيقبضها فيصيبها جائحة، والبيهقي 5/306،==

(3/81)


1219 - حَدِيثُ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ تَمْرَةً فَأَذْهَبَتْهَا الْجَائِحَةُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فأبى أن لا يَفْعَلَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال "يتألى أن لا يَفْعَلَ خَيْرًا" فَأُخْبِرَ الْبَائِعُ بِمَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَحَ بِهِ لِلْمُبْتَاعِ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِهِ نَحْوُهُ مُرْسَلٌ1، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْصُولًا وَقَالَ حَارِثَةُ ضَعِيفٌ2 وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا3.
__________
= كتاب البيوع: باب ما جاء في وضع الجائحة، كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع السنين وأمر بوضع الجوائح. وقال بعضهم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع الحوائج.
1 أخرجه مالك 2/621، كتاب البيوع: باب الجائحة في بيع الثمار والزرع، حديث 15، وعنه الشافعي 2/149، كتاب البيوع: باب فيما نهى عنه من البيوع حديث 511.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/305.
3 أخرجه البخاري 5/648، كتاب الصلح: باب هل يشير الإمام بالصلح، حديث 2705، ومسلم 3/1191-1192، كتاب البيوع: باب استحباب الوضع من الدين حديث 19/1557.

(3/82)


8 _بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ
1220 - حَدِيثُ "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ" الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ4، وَلِأَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ5، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ نَحْوُهُ6.
__________
4 تقدم تخريجه.
5 أخرجه أبو داود 3/268، كتاب البيوع: باب في العبد وله مال حديث 3435، وابن حبان 4924.
6 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/326.

(3/82)


9_بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ
1221 - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ" الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ حَضَرْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر البائع أَنْ يُسْتَحْلَفَ ثُمَّ يُخَيَّرَ الْمُبْتَاعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَفِيهِ انْقِطَاعٌ7 عَلَى مَا
__________
7 أخرجه أحمد 1/466، والدار قطني 3/19، كتاب البيوع: حديث 62، والحاكم 2/48، والبيهقي في السنن الكبرى 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبد الملك بن عمير فقد حدثناه أبو بكر ثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكر الحديث وفي آخره: قال أحمد بن حنبل: أخبرت عن هشام بن يوسف عنابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد قال أحمد بن حنبل: =

(3/82)


عُرِفَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِحَّةِ سَمَاعِ أَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ أَبِيهِ1، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ ثُمَّ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ فِي تَسْمِيَةِ والد عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ2، وَوَقَعَ فِي النَّسَائِيّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُبَيْدٍ3، وَرَجَّحَ هَذَا أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ4، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ5، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ6.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ بِلَفْظِ الْبَابِ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ7.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ8.
__________
=وقال حجاج الأعور: عبد الملك بن عبيد.
1 تقدم الكلام على الانقطاع بين أبي عبيد بن عبد الله بن مسعود وأبيه في غير موضع.
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين.
3 أخرجه النسائي 7/303، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين في الثمن.
4 ينظر: السنن الكبرى للبيهقي 5/333.
5 ينظر التاريخ الكبير 5/424.
6 تقدم تخريجه.
7 أخرجه أحمد 1/466، والترمذي 3/570، كتاب البيوع: باب ما جاء إذا اختلف البيعان، الحديث 1270، والبيهقي 5/332، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، من طريق محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله به.
وأخرجه البيهقي 5/332، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، من طريق يعقوب بن عبد الرحمن بن عجلان، عن عون بن عبد الله بن عتبة، أن ابن مسعود، والأشعث بن قيس تبايعا بيع فاختلفا في الثمن، فقال ابن مسعود: اجعل بيني وبينك من أحببت. فقال له الأشعث: فإنك بيني وبين نفسك، فقال ابن مسعود: إذا أقضي بما سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمعته يقول وذكر مثله.
قال الترمذي: هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود، وهكذا قال البيهقي: وزاد: وقد رواه الشافعي عن ابن عيينة عن ابن عجلان في رواية الزعفراني والمزني عنه، ثم قال الزعفراني قال أبو عبد الله يعني الشافعي: هذا حديث منقطع لا أعلم أحدا يصله عن ابن مسعود وقد جاء من غير وجه.
قال العلائي في جامع التحصيل ص 249: عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عم أبيه عبد الله بن مسعود هو مرسل قاله الترمذي والدار قطني وذلك واضح.
8 أخرجه الدار قطني 3/21، كتاب البيوع الحديث 67، من طريق إسماعيل بن عياش، ثنا موسى بن عقبة عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عن جده مرفوعا: "إذا اختلف المتبايعان في البيع والسلعة كما هي لم تستهلك فالقول قول البائع، أو يترادان البيع" . ورواه الحسن بن عمارة عن القاسم عن أبيه أيضا، لكنه أتى فيه بسياق مخالف فقال: "إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع، فإذا استهلك فالقول قول المشتري" .==

(3/83)


1222 - قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا" وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى "تَحَالَفَا أَوْ تَرَادَّا" أَمَّا رِوَايَةُ التَّحَالُفِ فَاعْتَرَفَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَكَأَنَّهُ عَنَى الْغَزَالِيَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الْوَسِيطِ وَهُوَ تَبِعَ إمَامَهُ فِي الْأَسَالِيبِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ التَّرَادِّ فَرَوَاهَا مَالِكٌ بَلَاغًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ1.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُسْتَمْلِي نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ نَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ نَا مَنْصُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا الْبَيِّعَانِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبَيْعِ تَرَادَّا رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَا أَظُنُّهُ حَفِظَهُ فَقَدْ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَوْصُولٌ2، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ3، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْحَاكِمُ وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيّ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ مُنْقَطِعٌ إلَّا أَنَّهُ مَشْهُورُ الْأَصْلِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ الْعُلَمَاءِ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ فُرُوعِهِ وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالْجَهَالَةِ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ4.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْإِمَارَةِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا يَعْنِي مِنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ اُخْتُلِفَ
__________
==أخرجه الدار قطني 3/21، كتاب البيوع، الحديث 66، والحسن بن عمارة متروك ساقط، ورواه أحمد، عن ابن مهدي ثنا سفيان عن معن عن القاسم، عن عبد الله بدون ذكر عبد الرحمن بينهما.
1 تقدم تخريجه.
2 أي أن جميع الطرق ليس فيها شيء موصول يثبت وإلا قد ورد من طرق موصولة لكنها ضعيفة.
3 ينظر: العلل للدار قطني 5/203-205.
4 أخرجه أبو داود 3/780، كتاب البيوع والإجارات: باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم 74، الحديث 3511، والنسائي 7/302، 303، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين في الثمن، وابن الجارود في المنتقى ص 212، أبواب القضاء في البيوع، الحديث 625، والحاكم 2/45، كتاب البيوع: باب إذا اختلف البيعان، والدار قطني 3/20، كتاب البيوع، الحديث 63، والبيهقي 5/332، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي: هذا إسناد حسن موصول، وقال ابن حزم في عبد الرحمن 8/367، إنه مجهول ابن مجهول. قال: ومحمد بن الأشعث لم يسمع من ابن مسعود، وتبعه ابن القطان كما في نصب الراية 4/105-106، وزاد: وكذلك جده محمد==

(3/84)


فِي سَمَاعِهِ مِنْ أَبِيهِ1.
1223 - قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ "إذا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا رَوَاهَا" عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارِمِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَانْفَرَدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ سيء الْحِفْظِ وَأُمًّا قَوْلُهُ فِيهِ تَحَالَفَا فَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا عِنْدَهُمْ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يرادان الْبَيْعَ2.
__________
= إلا أنه أشهرهم، وهو أبو القاسم بن الأشعث، روى عنه مجاهد والشعبي والزهري وعمر بن قيس الماصر وسلمان بن يسار، وروى هو عن عائشة أما روايته عن ابن مسعود فمنقطعة اهـ.
1 أخرجه ابن الجارود ص 211-212: أبواب القضاء في البيوع، الحديث 624، والدار قطني 3/20، كتاب البيوع: الحديث 65، كلاهما من رواية عمر بن قيس الماصر، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، واختلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، وكان سفيان الثوري وشريك وشعبة يقولون: إنه سمع من أبيه، وكذا قال أبو حاتم، وابن معين.
وينظر: جامع التحصيل ص 223، أخرجه الطيالسي ص 53، الحديث 399، وأحمد 1/466، والبيهقي 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، من طريق المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: بايع عبد الله، فذكر الحديث ولم يذكر أباه عبد الرحمن، وكذلك رواه عبد الرزاق 8/271، الحديث 15185، عن سفيان الثوري، عن معين بن عبد الرحمن عن أخيه القاسم به، والدار قطني 3/20، كتاب البيوع، الحديث 64، من طريق أبي العميس عتبة بن عبد الله المسعودي قال: سمعت القاسم يذكر عن عبد الله.
2 أخرجه الدارمي 2/250، كتاب البيوع: باب إذا اختلف المتبايعان، وأبو داود 3/783، كتاب البيوع والتجارات: باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم، الحديث 3512، وابن ماجة 2/ 737، كتاب التجارات: باب البيعان يختلفان، الحديث 2186، والدار قطني 3/21، كتاب البيوع، الحديث 72، والبيهقي 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، كلهم من رواية هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به، إلا أن أبا داود لم يسق متنه بل أحاله على الذي قبله، وقال: فذكره بمعناه، والكلام يزيد وينقص.

(3/85)


بَابُ السَّلَمِ3
قَوْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمّىً } [البقرة:282]
__________
= إلا أنه أشهرهم، وهو أبو القاسم بن الأشعث، روى عنه مجاهد والشعبي والزهري وعمر بن قيس الماصر وسلمان بن يسار، وروى هو عن عائشة أما روايته عن ابن مسعود فمنقطعة اهـ.
1 أخرجه ابن الجارود ص 211-212: أبواب القضاء في البيوع، الحديث 624، والدار قطني 3/20، كتاب البيوع: الحديث 65، كلاهما من رواية عمر بن قيس الماصر، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، واختلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، وكان سفيان الثوري وشريك وشعبة يقولون: إنه سمع من أبيه، وكذا قال أبو حاتم، وابن معين.
وينظر: جامع التحصيل ص 223، أخرجه الطيالسي ص 53، الحديث 399، وأحمد 1/466، والبيهقي 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، من طريق المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: بايع عبد الله، فذكر الحديث ولم يذكر أباه عبد الرحمن، وكذلك رواه عبد الرزاق 8/271، الحديث 15185، عن سفيان الثوري، عن معين بن عبد الرحمن عن أخيه القاسم به، والدار قطني 3/20، كتاب البيوع، الحديث 64، من طريق أبي العميس عتبة بن عبد الله المسعودي قال: سمعت القاسم يذكر عن عبد الله.
2 أخرجه الدارمي 2/250، كتاب البيوع: باب إذا اختلف المتبايعان، وأبو داود 3/783، كتاب البيوع والتجارات: باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم، الحديث 3512، وابن ماجة 2/ 737، كتاب التجارات: باب البيعان يختلفان، الحديث 2186، والدار قطني 3/21، كتاب البيوع، الحديث 72، والبيهقي 5/333، كتاب البيوع: باب اختلاف المتبايعين، كلهم من رواية هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به، إلا أن أبا داود لم يسق متنه بل أحاله على الذي قبله، وقال: فذكره بمعناه، والكلام يزيد وينقص.
3 السلم لغة: السلف وزنا ومعنى، وذلك المعنى هو بيع الآجل بالعاجل، وإن لم يستكمل الشروط، فهما مترادفان، يشعر بهذا الترادف مجيئهما في الحديث على هذا المعنى، فقد روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبر عن السلم بالسلف فقال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" .
وروي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره" .
ويشعر بهذا الترادف أيضا قول الماوردي: السلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، أي أنهما لفظان يدلان على معنى واحد، وقد استعمل الحجازيون لفظا، والعراقيون لفظا، للدلالة على هذا المعنى، وهذا آية الترادف.==

(3/85)


السَّلَمُ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ وَأَذِنَ فِيهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ} الْآيَةَ1 وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ2، وَأَوْضَحْته فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ3.
1224 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَرُبَّمَا قَالَ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ "مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَرُبَّمَا قَالَ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ4.
__________
=وكما يطلق السلف على هذا المعنى: بيع الآجل بالعاجل، يطلق على القرض بدون منفعة فإذا أسلف شخص آخر عشرين جنيها مثلا إلى أجل، بدون أن يأخذ منه سلعة ينتفع بها، فإنه يقال لذلك: سلف، ولا يقال له: سلم، وعلى ذلك المعنى فهو مغاير للسلم، ومرادف له، بالنظر إلى المعنى الأول.
انظر: لسان العرب 3/2081، المصباح المنير 2/286، تحرير التنبيه 209.
واصطلاحا: عرفه الحنفيه بأنه: عبارة عن نوع بيع معجل فيه الثمن، هو أخذ عاجل بآجل.
عرفه الشافعية بأنه: بيع موصوف في الذمة.
وعرفه المالكية بأنه: بيع موصوف في الذمة بغير جنسه مؤجلا.
عرفه الحنابلة بأنه: عقد على موصوف بذمة مؤجل بثمن مقبوض، بمجلس عقد.
انظر: شرح فتح القدير 1/69، مغني المحتاج 2/102، مواهب الجليل 4/514، مطالب أولى النهى 3/207، حاشية ابن عابدين 4/203، أسهل المبارك 2/311، كشاف القناع 3/288.
1 أخرجه الشافعي في الأم 3/93-94، والطبراني في الكبير 12/205، رقم 12903، والحاكم 2/286، والبيهقي في السنن الكبرى 6/18-19، والطبري في تفسيره 6318، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/654، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 أخرجه البخاري 5/189، كتاب البيوع: باب السلم إلى أجل معلوم.
3 ينظر: تغليق التعليق 3/276.
4 أخرجه أحمد 1/282، والبخاري 4/429، كتاب السلم: باب في وزن معلوم، الحديث 2240، و2241، ومسلم 3/1226-1227، كتاب المساقاة: باب السلم، الحديث 127/1604، وأبو داود 3/741-742، كتاب البيوع والتجارات: باب في السلف، الحديث 3463، والترمذي 3/602-603، كتاب البيوع: باب ما جاء في السلف في الطعام والتمر، الحديث 1311، والنسائي 7/290، كتاب البيوع: باب السلف في الثمار، وابن ماجة 2/765، كتاب التجارات: باب السلف في كل معلوم، الحديث 2280، وابن الجارود ص 208-209، باب في السلم، الحديث 614، و615، والدارمي 2/260، كتاب البيوع: باب في السلف، والدار قطني 3/3، كتاب البيوع رقم 3، والحميدي 1/237، رقم 510، والطبراني في الصغير 1/212، والشافعي 2/161، رقم 557، والبيهقي 6/18، كتاب البيوع: باب جواز السلف المضمون بالصفة وفي 6/19، باب السلف في الشيء، والبغوي في شرح السنة 4/328-=

(3/86)


1225 - حَدِيثُ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى مَيْسَرَةٍ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ1، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ مُنْكَرٌ2، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَنَسٍ3.
تَنْبِيهٌ أَعَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِحَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ وَقَالَ إنَّهُ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إنَّهُ صَدُوقٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ غَفْلَةً قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهَذَا لَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَفَلَاتِهِ انْتَهَى.
وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ غَفَلَاتِ الْمُعَلِّلِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ حَرَمِيُّ بَلْ لَمْ نَرَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ إنَّمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ وَالِدِهِ عُمَارَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَكَانَ حَرَمِيُّ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ بَيَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ4.
حَدِيثُ عبد الله بن عمر أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا5.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ6.
__________
= بتحقيقنا.
1 أخرجه الترمذي 3/518، كتاب البيوع: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، حديث 1213، والنسائي 7/294، كتاب البيوع: باب البيع إلى أجل معلوم والحاكم 2/23-24.
وقال الترمذي: حسن غريب صحيح.
ووافق الذهبي الحاكم على تصحيحه.
2 أخرجه أحمد 3/243-244، وينظر: العلل لابن أبي حاتم 1/377-378، وقال الهيثمي في المجمع 4/127-128، فيه راو يقال له جابر بن يزيد وليس بالجعفي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات.
3 أخرجه البزار 2/103-كشف، رقم 1305، والطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين، 2066، من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم الأحول عن أنس وقال البزار: لا نعلم رواه عن عاصم عن أنس إلا أبو بكر.
وقال الطبراني: لم يروه عن عاصم إلا أبو بكر تفرد به أسيد.
4 ينظر: سنن الترمذي 3/518.
5 تقدم تخريجه.
6 علقه البخاري في صحيحه 5/170، كتاب البيوع: باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة.
وأخرجه مالك 2/652، كتاب البيوع: باب ما يجوز من بيع الحيوان، حديث 60، والشافعي في المسند 2/161، رقم 556.==

(3/87)


تَنْبِيهٌ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يُعَارِضُ هَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عن بن طاوس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ فَكَرِهَهُ1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ فَكَرِهَهُ2، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى فِيهِ الْجَوَازَ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا عَلَى التَّنْزِيهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ وَفِي إسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ إبراهيم بن جوثى وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ3.
حَدِيثُ عَلِيٍّ أَنَّهُ بَاعَ بَعِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَعَلِيٍّ4، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يُعَارِضُ هَذَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَرِهَ بَعِيرًا ببعيرين نسيئة5، ورى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ عَنْهُ6.
حَدِيثُ أَنَّ أَنَسًا كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى مَالٍ فَجَاءَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَنَسٌ فَأَتَى الْعَبْدُ عُمَرَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَذَا الْأَثَرُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِلَا إسْنَادٍ7، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَاتَبَنِي أَنَسٌ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكُنْت فِيمَنْ فَتَحَ تُسْتَرَ فَاشْتَرَيْت رِقَّةً فَرَبِحْتُ فِيهَا فَأَتَيْت أَنَسًا بِكِتَابَتِي فذكره8، وعلقه البخاري9 مختصرا10.
__________
=قال الحافظ في الفتح 5/171، ورواه ابن أبي شيبة من طريق أبي بشر عن نافع أن ابن عمر اشترى ناقة بأربعة أبعرة بالربذة فقال لصاحب الناقة، اذهب فانظر فإن رضيت فقد وجب البيع.
1 أخرجه عبد الرزاق 8/21، رقم 14140.
2 أخرجه ابن أبي شيبة 6/115، رقم 481.
3 أخرجه الحاكم 2/57، والدار قطني 3/71، من طريق يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 أخرجه مالك في الموطأ 2/652، كتاب البيوع: باب ما يجوز من بيع الحيوان.
5 أخرجه عبد الرزاق 8/22، رقم 14143.
6 أخرجه ابن أبي شيبة 6/113.
7 ينظر: الأم 8/62.
8 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/334.
9 أخرجه البخاري 5/494، كتاب المكاتب: باب المكاتب ونجومه في كل سنة نجم.
10 سقط في ط.

(3/88)


بَابُ الْقَرْضِ
1226 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ بَازِلًا هَذَا اللَّفْظُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ فِيبَابُ الْقَرْضِ
[ 1226 ] حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ بَازِلًا هَذَا اللَّفْظُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ فِي

(3/88)


الْوَسِيطِ وَهُوَ تَبَعُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ وَزَادَ أَنَّهُ صَحَّ وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ فَأَغْلَظَ لَهُ فهم به أصحاب فَقَالَ "دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا" فَقَالَ لَهُمْ "اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطَوْهُ إيَّاهُ فَقَالُوا إنَّا لَا نَجِدُ إلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ قَالَ "فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إيَّاهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَوْ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً" 1، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِيهَا إلَّا خِيَارًا رُبَاعِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْحَدِيثَ2، وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ.
تَنْبِيهٌ الْبَكْرُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِبِلِ وَالرُّبَاعِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا لَهُ سِتُّ سِنِينَ وَأَمَّا الْبَازِلُ فَهُوَ مَا لَهُ ثَمَانُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ فَتَبَيَّنَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُورِدُوا الْحَدِيثَ بِلَفْظِهِ وَلَا بِمَعْنَاهُ3، وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ بِعْت مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ فَقُلْت اقْضِنِي ثَمَنَ بَكْرِي قَالَ لَا أَقْضِيك إلَّا نَجِيبَةً فَدَعَانِي فَأَحْسَنَ قَضَائِي ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ اقْضِنِي بَكْرِي فَقَضَاهُ بَعِيرًا الْحَدِيثَ4.
1227 - حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَفِي رِوَايَةٍ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ
__________
1 أخرجه البخاري 5/251، كتاب البيوع: باب وكالة الغائب والشاهد جائزة، حديث 2305، وباب الوكالة في الديون حديث 2306، وفي 5/335، كتاب الاستقراض: باب استقراض الإبل حديث 2390، وباب هل يعطى أكبر من سنه حديث 2392، وباب لصاحب الحق مقال، حديث 2401، وفي 5/545، كتاب الهبة: باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة حديث 2606، وباب من أهدى له هدية وعنده جلساؤه حديث 2609، ومسلم 3/1225، كتاب المساقاةك باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه حديث 120، 121، 122/1601.
2 أخرجه مالك 2/680، كتاب البيوع: باب ما يجوز من السلف، الحديث 89، والطيالسي 130، الحديث 971، والدارمي 2/254، كتاب البيوع: باب في الرخصة في استقراض الحيوان، وأحمد 6/390، ومسلم 3/1224، كتاب المساقاة: باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه، الحديث 118/1600، وأبو داود 3/609، كتاب البيوع: باب في حسن القضاء، الحديث 3346، والترمذي 3/609، كتاب البيوع: باب ما جاء في استقراض البعير أو الشيء من الحيوان أو السن، الحديث 1318، والنسائي 7/291، كتاب البيوع: باب استسلاف الحيوان واستقراضه، وابن ماجة 2/767، كتاب التجارات: باب السلم في الحيوان، الحديث 2285، والبيهقي 6/21، كتاب البيوع: باب من أجاز السلم في الحيوان، عنه قال: استسلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكرا فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكرة، فقلت: إني لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا، فقال: أعطه إياه فإن من خير الناس أحسنهم قضاء.
3 ينظر: النهاية في غريب الحديث 1/125، 149.
4 أخرجه النسائي 7/291-292، كتاب الفرع والعتيرة: باب استسلاف الحيوان واستقراضه حديث 4619.

(3/89)


مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا1 قَالَ عُمَرُ بْنُ بَدْرٍ فِي الْمُغْنِي لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَأَمَّا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ إنَّهُ صَحَّ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَفِي إسْنَادِهِ سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ موقوفا بلفظ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا3، وَرَوَاهُ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وأبي كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ4.
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا
حَدِيثٌ خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَرِيبًا.
حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
__________
1 قال الفقهاء: كل قرض جر نفعا للمقرض فهو حرام، يكادون يجمعون على هذه القضية، فلا يجوز أن يشرط رد أفضل مما أقرض ولا أكثر منه، ولا نوعا غيره، ولا أن يقضي في مكان كذا وهو ربا مفسوخ بلا خلاف في ذلك، ومثل له الشيرازي: بأنه يقرضه ألفا على أن يبيعه داره، أو على أن يرد عليه أجود منها أو أكثر منها.
واستدلوا على ذلك بالمنقول والمعقول:
1- المنقول: ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن سلف وبيع، والسلف هو القرض في لغة أهل الحجاز. وروي عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: أنهم نهوا عن قرض جر نفعا. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله، فليس له وإن اشترط مائة شرط. كتاب الله أحق، وشرط الله أحق" . وهو في الصحيحين بألفاظ مختلفة، ولا خلاف في بطلان هذه الشروط التي ذكرناها في القرض.
وعن مالك عن ابن عمر أن رجلا قال لابن عمر: أسلفت رجلا سلفا واشترطت أفضل مما أسلفته فقال ابن عمر: ذلك الربا.
2- المعقول: أن القرض عقد إرفاق فاشتراط منفعة فيه للمقرض، أو أي شرط لا يقره الشرع إخراج له عن موضوعه، فعومل المخالف بنقيض قصده، فحرم عليه كل شيء واشتراطه لنفسه، واستحق الذم عاجلا، والعقاب آجلا، انتهضت الأدلة من سنة وإجماع، ومعقول على حرمة كل فائدة صغيرة أو كبيرة جرها القرض، إذ الشريعة الإسلامية وعدت على القرض الثواب الأخروي، فمن تعجل هذا الشيء بشيء في الدنيا، عوقب بحرمانه منه، وإحلال عقاب الله تعالى به بدل ثوابه، حيث سار على غير السنن الإلهية، وأصم أذنه، عن وعد الله تعالى للمتعاونين، وسار وراء شيطانه الذي يعده الفقر، ويغلغل الحرص في قلبه، وينسج على مبادئ يهودية تقرها الأديان حتى شريعة موسى وعيسى عليهما السلام.
ينظر: المحلى 8/77.
2 ذكره الحافظ في المطالب العالية 1/411، رقم 1373، وعزاه للحارث.
3 ينظر: معرفة السنن والآثار 4/391.
4 ينظر: السنن الكبرى 5/350.

(3/90)


عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ نَهَى السَّلَفُ عَنْ إقْرَاضِ الْوَلَائِدِ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ كَذَا قَالَ بَلْ زَادَ أَنَّهُ صَحَّ عَنْهُمْ وَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ فَعَزَاهُ إلَى الصَّحَابَةِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ مَا نَعْلَمُ فِي هَذَا أَصْلًا مِنْ كِتَابٍ وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ وَلَا مِنْ قِيَاسٍ.

(3/91)