التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الرهن
مدخل
...
كتاب الرَّهْنِ1
1228 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهَنَ دِرْعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ
__________
1 الرهن يطلق لغة على العين المرهونة.
قال ابن سيده: الرهن ما دفع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ منه، يقال: رهنت فلانا رهنا، وارتهنته إذا أخذه رهنا، والرهينة واحدة الرهائن. والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ثم استعملا في معنى المرهون، فقيل: هو رهن بكذا، أو رهينة بكذا.
وفي الحديث: "كل غلام رهينة بعقيقته" .
ومعناه: أن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبهه في لزومها، وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.
قال الخطايب: تكلم الناس في هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه محمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعق عنه، فمات طفلا لم يشفع في والديه، أي: أن كل غلام محبوس، ومرهون عن الشفاعة بسبب ترك العقيقة عنه.
وقيل معناه أنه مرهون بأذى شعره، واستدلوا بقوله: "فأميطوا عنه الأذى" وهو ما علق به من دم الرحم، ورهن الشيء يرهنه رهنا، ورهن عنده، كلاهما جعله عنده رهنا، ورهنه عنه جعله رهنا بدلا منه.
قال الشاعر الكامل:
أرهن بنيك عنهم وأرهن بني.
أي: أرهن أنا بني كما فعلت أنت.
ويطلق على الدوام والحبس.
قال ابن عرفة: الرهن في كلام العرب: هو الشيء الملزم، ويقال هذا رهن لك، أي دائم محبوس عليك، وقوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة} المدثر 38، {كل امرئ بما كسب رهين} الطور 21، أي: محتبس بعمله، ورهينة محبوسة بكسبها.
وحديث: "نفس المؤمن مرهونة بدينه حتى يقضى عنه" أي محبوسة عن مقامها الكريم.
قال الشاعر السبيط:
وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا.
شبه لزوم قلبه لها، واحتباسه عندها لشدة وجدها، بالرهن الذي يلزمه المرتن، فيبقيه عنده، ولا يفارقه، وكل شيء ثبت ودام فقد رهن، ورهن لك الشيء أقام ودام، وطعام راهن مقيم. وأنشد الأعشى يصف قوما يشربون خمرا لا تنقطع البسيط:
لا يستفيقون منها وهي راهنة ... إلا بهات وإن علوا وغن نهلوا.
ورهن الشيء رهنا دام وثبت، وراهنة في البيت ثابتة، ورهين والرهن اسمان.
قال أبو ذئيب المتقارب:==

(3/91)


عِنْدَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ1 وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لأهله2، وأحمد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ
__________
عرفت الديار لأم الر هيـ ... ـن بين الظباء فؤادي عشر
ويطلق على الكفالة: أنا لك رهن بالري وغيره أي كفيل قال الرجز:
إني ودلوي لها وصاحبي ... وحوتها الأفيح ذا النصائب
رهن لك بالري غير الكاذب.
وأنشد الأزهري:
أن كفى لك رهن بالرضا.
أي أنا كفيل لك، ويدي لك رهن، يريدون به الكفالة، وأنشد ابن الأعرابي الرجز:
والمرء مرهون فمن لا يخترم ... يعاجل الحتف يعاجل بالهرم
انظر: لسان العرب 3/1757-1758، المصباح المنير 1/330، الصحاح 5/2128، المغرب 1/356.
واصطلاحا: عرفه الحنفيه بأنه: جعل الشيء محبوسا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون.
وعرفه الشافعية بأنه: جعل عين مال متمولة وثيقة بدين ليستوفي منها عند تعذر وفائه.
وعرفه المالكية بأنه: مال قبضه توثقا به في دين.
وعرفه الحنابلة بأنه: المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه من ذمة الغريم.
انظر: تكملة فتح القدير 1/135، مجمع الأنهر 2/584، حاشية الشرقاوي على شرح التحرير 2/109، ومغني المحتاج 2/121، حاشية الدسوقي 3/121، أسهل المدارك 2/266، الإقناع في فقه الحنابلة 2/150، المغني لابن قدامة 4/361.
1 أخرجه البخاري 5/146، كتاب البيوع: باب شراء الطعام إلى أجل حديث 2200، وفي 5/188، كتاب السلم: باب الكفيل في السلم حديث 2251، وفي 5/444، كتاب الرهن: باب الرهن عند اليهود وغيرهم حديث 2513، ومسلم 3/1226، كتاب المساقاة: باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر حديث 124، 125، 126، 1603، والنسائي 7/288، كتاب البيوع: باب الرجل يشتري الطعام إلى أجل، وابن ماجة 2/815، كتاب الرهون، حديث 2436، وأحمد 6/42، 160، 230، 327، وابن أبي شيبة 6/16، وعبد الرزاق 14094، وابن الجارود في المنتقى 664، وابن حبان 936، 5938، والبيهقي في السنن الكبرى 6/36، كلهم من طريق الأسود بن يزيد عن عائشة.
2 أخرجه البخاري 4/302، كتاب البيوع: باب شراء النبي بالنسيئة حديث 2069، وأحمد 3/133، والنسائي 7/288، كتاب البيوع: باب الرهن في الحضر، وابن ماجة 2/815، كتاب الرهون: باب 1، حديث 2437.
والترمذي 3/519-520، كتاب البيوع: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل حديث 1215، وأبو يعلى 5/394، رقم 3061، وأبو الشيخ في أخلاق النبي ص 263، وابن حبان 5937.
والبيهقي 6/36، كتاب الرهن: باب جواز الرهن، كلهم من حديث قتادة عن أنس أنه مشى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد رهن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ درعا له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله ولقد سمعته يقول: "ما أمسى عند آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاع بر ولا صاع حب وإن عنده لتسع نسوة" .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

(3/92)


وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَقَالَ صَاحِبُ الِاقْتِرَاحِ هُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
تَنْبِيهٌ اسْمُ الْيَهُودِيِّ أَبُو الشَّحْمِ الظَّفَرِيُّ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا2، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ أَبُو شَحْمَةَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
1229 - حَدِيثُ أَنَسٍ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَّخِذُ الْخَمْرَ خَلًّا قَالَ "لَا" مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهِ3.
1230 - حَدِيثُ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدِي خُمُورٌ لِأَيْتَامٍ فَقَالَ أَرِقْهَا قَالَ أَلَا أُخَلِّلُهَا قَالَ "لَا" أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ4، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ5.
تَنْبِيهٌ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مَا أَقْفَرَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ أُدُمٍ فِيهِ خَلٌّ وَخَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ وَفِي سَنَدِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ وَهُوَ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ وَقَدْ وُثِّقَ وَالرَّاوِي عَنْهُ حَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ متروك6، وزعم الصغاني أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَتَعَقَّبْته عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لَا أَصْلَ لَهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ خَلَّ الْعِنَبِ خَلَّ الْخَمْرِ.
1231 - حَدِيثُ "الظَّهْرُ يُرْكَبُ إذَا كَانَ مَرْهُونًا وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُهُ نَفَقَتُهُ" الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشُّعَبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ وَلَفْظُهُ "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ يَحْلِبُ مَكَانَ يَشْرَبُ7.
__________
1 أخرجه أحمد 1/236, 300، 301، 361، والترمذي 3/519، كتاب البيوع: باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل حديث 1214، والنسائي 7/303، كتاب البيوع: باب مبايعة أهل الكتاب حديث 4651، وابن ماجة 2/815، كتاب الرهون: حديث 3439
2 أخرجه الشافعي في المسند 2/164، رقم 570، والبيهقي في السنن الكبرى 6/37.
3 أخرجه مسلم 3/1573، كتاب الأشربة: باب تحريم تخليل الخمر حديث 11/1983.
4 أخرجه أحمد 3/119، وأبو داود 3/326، كتاب الأشربة: باب ما جاء في الخمر تخلل حديث 3675، والترمذي 3/589، كتاب البيوع: باب النهي أن يتخذ الخمر خلا حديث 294.
5 تقدم تخريجه.
6 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/38، والحسن بن قتيبة قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وتعقبه الذهبي فقال: بل هو هالك.
وينظر: الميزان 1/518.
7 أخرجه البخاري 5/143، كتاب الرهن: باب الرهن مركوب ومحلوب، حديث 2512، وأبو داود 3/795، كتاب البيوع والإجارات: باب في الرهن حديث 3526، والترمذي 3/555، كتاب==

(3/93)


حَدِيثُ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُعِلَّ بِالْوَقْفِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ أَبِي رَفَعَهُ مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَ الرَّفْعَ بَعْدُ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيّ رِوَايَةَ مَنْ وَقَفَهُ عَلَى مَنْ رَفَعَهُ وَهِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1.
1232 - حَدِيثُ "لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ" ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولَةٍ أَيْضًا2، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَيُونُسُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ
__________
= البيوع: باب ما جاء في الانتفاع بالرهن، حديث 1254، وابن ماجة 2/816، كتاب الرهون: باب الرهن مركوب ومحلوب، حديث 2440، وأحمد 2/472، وابن الجارود رقم 665، وأبو يعلى 11/514-515، رقم 6639، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/98، 99، والدار قطني 3/34، كتاب البيوع، حديث 134، والبيهقي 6/38، كتاب الرهن: باب في زيادات الرهن، كلهم من طريق زكريا ابن أبي زائدة عن الشعبي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الظهر يركب بنفقته، إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب ويركب النفقة" .
1 أخرجه ابن عدي في الكامل 1/272، والدار قطني 3/34، كتاب البيوع، حديث 136، والبيهقي 6/38، كتاب الرهن: باب من طريق إبراهيم بن مجشر عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا.
قال ابن عدي: تفرد إبراهيم برفعه وله أحاديث منكرة من قبل الإسناد وقال الخطيب: تفرد برواية هذا الحديث عن أبي معاوية مرفوعا إبراهيم بن مجشر ورفعه أيضا أبو عوانة عن الأعمش ورواه غيره عن أبي معاوية موقوفا لم يذكر فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك رواه سفيان الثوري وهشيم ومحمد نب فضيل وجرير بن عبد الحميد عن الأعمش موقوفا وهو المحفوظ من حديثه.
أما طريق أبي عوانة عن الأعمش والذي ذكره الخطيب رحمه الله فقد أخرجه الدار قطني 3/34، كتاب البيوع: الحديث 136، والحاكم 2/58، كتاب الرهن: باب في زيادات الرهن، كلهم من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به.
وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإجماع الثوري وشعبة على توقيفه عن الأعمش وأنا على ما أصلته في قبول الزيادة من الثقة.
وقد رفع الحديث أيضا منصور بن المعتمر.
أخرجه أبو نعيم في الحلية 5/45، من طريق عامر بن مدرك ثنا خلاد الصفار عن منصور عن أبي صالح عن أبي هريرة به وقال أبو نعيم: غريب من حديث منصور وأبي صالح لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
2 ورد هذا الحديث موصولا ومرسلا.
أما الموصول: فهو من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا.
وقد رواه عن الزهري جماعة وهم زياد بن سعد وإسحاق بن راشد ومالك ويحيى بن أبي أنيسة وابن أبي ذئب وسليمان بن داود ومحمد بن الوليد ومعمر.
أما رواية زياد بن سعد:==

(3/94)


...................................................................................
__________
=فأخرجها ابن حبان 1123، موارد، والحاكم 2/51، والدار قطني 3/32، كتاب البيوع، حديث 126، والبيهقي 6/39، كتاب الرهون: باب الرهن غير مضمون وأبو نعيم في الحلية 7/315، كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه" قال الدار قطني: وهذا إسناد حسن متصل.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لخلاف فيه على أصحاب الزهري وقد تابعه –يعني زياد- مالك وابن أبي ذئب وسليمان بن أبي داود الحراني ومحمد بن الوليد الزبيدي ومعمر بن راشد على هذه الرواية ووافقه الذهبي وصحح هذا الطريق أيضا ابن حبان.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث ابن عيينة عن زياد عن الزهري تفرد به عبد الله العابدي عن أبيه.
قلت: وفي كلام أبي نعيم نظر من وجهين:
الأول: قوله عبد الله العابدي عن أبيه فالسند ليس فيه ذكر لوالد عبد الله وإنما هو عبد الله العابدي عن سفيان مباشرة.
الثاني: دعوى تفرد عبد الله العابدي به كيف وقد تابعه إسحاق بن الطباع عند ابن حبان في صحيحه.
رواية إسحاق بن راشد:
أخرجها ابن ماجة 2/816، كتاب الرهون: باب لا يغلق الرهن، حديث 2441، من طريق محمد بن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يغلق الرهن" .
قال الحافظ البوصيري في الزوائد 2/257، هذا إسناد ضعيف محمد بن حميد الرازي وإن وثقه ابن معين في رواية فقد ضعفه في أخرى وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبا وقال ابن وارة .... كذاب اهـ.
رواية مالك:
أخرجها ابن جميع في معجم شيوخه ص 210-211، رقم 168، من طريق محمد بن كثير والخطيب في تاريخ بغداد 3/303-304، 6/165، من طريق إبراهيم بن أبي سكينة، ومحمد بن كثير كلاهما عن مالك بن أبي أنس الزهري عن سعيد المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه" .
رواية ابن أبي ذئب:
أخرجها الدار قطني 3/33، كتاب البيوع، حديث 127، والحاكم 2/51، والبيهقي 6/39، كتاب الرهن: باب غير مضمون من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه" .
وأخرجه الدار قطني 3/33، كتاب البيوع، حديث 133، والحاكم 2/51، وابن حزم في المحلى 8/99، وابن عدي في الكامل 4/1546، كلهم من طريق عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي ثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به.
قال الزيلعي في نصب الراية 4/320: وصححه عبد الحق في أحكامه من هذا الطريق، قال ابن القطان، وأراه إنما تبع في ذلك أبا عمر بن عبد البر فإنه صححه وعبد الله بن نصر هذا لا أعرف حاله==

(3/95)


مُرْسَلًا1، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كَذَلِكَ وَلَفْظُهُ لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ غُنْمُهُ زِيَادَتُهُ وَغُرْمُهُ هَلَاكُهُ2، وَصَحَّحَ أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ الْقَطَّانِ إرْسَالَهُ3، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ4، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ
__________
= وقد روى عنه جماعة وذكره ابن عدي في كتابه ولم يبين من حاله شيئا إلا أنه ذكر له أحاديث منكرة منها هذا انتهى كلامه. وقال في التنقيح ابن عبد الهادي: عبد الله بن نصر البزار الأنطاكي ليس بذلك المعتمد وقد روي عن أبي بكر بن أبي عياش وابن علية ومعن بن عيسى وابن فضيل وروى عنه أبو حاتم الرازي اهـ.
وقد روي ابن أبي ذئب هذا الحديث مرسلا أيضا:
أخرجه الشافعي في المسند 2/163، كتاب الرهن: باب 567، وابن أبي شيبة 7/187، رقم 2841، وعبد الرزاق 8/237، رقم 15034، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/100، والبيهقي 6/39، كتاب الرهن: باب في زيادات الرهن، من طرق عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلا.
رواية سليمان بن داود:
أخرجه الدار قطني 3/33، كتاب البيوع، رقم 127، والحاكم 2/51، وابن عدي في الكامل 1/176، من طريق أبي ميسرة أحمد بن عبد الله ثنا سليمان بن داود الحراني عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يغلق الرهن حتى يكون لك غنمه وعليك غرمه" .
وأحمد بن عبد الله بن ميسرة ضعيف.
قال عدي: حدث عن الثقات بالمناكير، ويحدث عمن لا يعرف ويسرق حديث الناس.
وذكره الدار قطني في الضعفاء والمتروكين 51.
رواية محمد بن الوليد:
أخرجها الدار قطني 3/33، كتاب البيوع، حديث 131، والحاكم 2/52، من طريق معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغلق الرهن لك غنمه وعليك غرمه" .
قال الدار قطني: أرسله عبد الرزاق وغيره عن معمر.
1 ينظر السابق.
2 تقدم تخريج وراية ابن أبي ذئب المرسلة وينظر السابق.
3 ينظر: المراسيل لأبي داود ص 170-171، رقم 186، والعلل للدار قطني 9/164، 169.
تنبيه: ذكر المصنف هنا أن الدار قطني قد صححه موصولا أيضا فقال في سننه 3/32 عقب روايته موصولا: هذا إسناد حسن متصل.
وقد ذكر الزيلعي في نصب الراية 4/321، عن صاحب التنقيح أن الدار قطني صحح اتصال هذا الحديث.
4 تقدم تخريج هذه الطريق.

(3/96)


الْبَرِّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَصْلَهُ1.
وَقَوْلُهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ قِيلَ إنَّهَا مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَتَحَرَّرْ طُرُقَهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي رَفْعِهَا وَوَقْفِهَا فَرَفَعَهَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُهُمَا مَعَ كَوْنِهِمْ أَرْسَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَوَقَفَهَا غَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَجَوَّدَهُ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ قَوْلُهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ3.
وقال عبد الرزاق انا معمر عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ" قُلْت لِلزُّهْرِيِّ أَرَأَيْت قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ" أَهُوَ الرَّجُلُ يَقُولُ إنْ لَمْ آتِك بِمَالِك فَالرَّهْنُ لَك قَالَ نَعَمْ قَالَ مَعْمَرٌ ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إنْ هَلَكَ لَمْ يَذْهَبْ حَقُّ هَذَا إنَّمَا هَلَكَ مِنْ رَبِّ الرَّهْنِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ4، وَرَوَى ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصَبْغَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ نَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ نَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يغلق الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ" قَالَ ابْنُ حَزْمِ هَذَا سَنَدٌ حَسَنٌ قُلْت أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ الْأَصَمِّ الْأَنْطَاكِيِّ عَنْ شَبَابَةِ بِهِ5، وَصَحَّحَهَا عَبْدُ الْحَقِّ6، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ لَهُ أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ عَدِيٍّ7، وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَزْمٍ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ تَصْحِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَصَمُّ وَسَقَطَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَرَّفَ الْأَصَمَّ بِعَاصِمٍ8.
__________
1 ينظر: التمهيد 6/425-426، والاستذكار 22/94-95، والأحكام الوسطى 3/279، وقال عبد الحق: رفعه صحيح.
قلت: ومن صحح وصله أيضا الحاكم وابن حبان وابن حزم.
2 ينظر التمهيد 6/425، وما بعدها، والاستذكار 22/94-95.
3 ينظر: المراسيل ص 170-171 رقم 186.
4 أخرجه عبد الرزاق 8/237، رقم 15033.
5 تقدم تخريجه.
6 ينظر: الأحكام الوسطى 3/279.
7 ينظر: الكامل لابن عدي 4/1546.
8 أما الحديث المرسل:
فأخرجه مالك 2/728، كتاب الأقضية: باب ما لا يجوز من غلق الرهن، حديث 13، ومن طريقه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/100، والخطيب في تاريخ بغداد 2/242، عن الزهري عن=

(3/97)


قَوْلُهُ رُوِيَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ كَانَ يُجَوِّزُ وطأ الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ نَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ يُحِلُّ الرَّجُلُ وَلِيدَتَهُ لِغُلَامِهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ وَالْمَرْأَةُ لزوجها وأما أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَمَا بَلَغَنِي عَنْ ثَبْتٍ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ يُرْسِلُ وَلِيدَتَهُ إلَى ضَيْفِهِ1، ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ هُوَ أَحَلُّ مِنْ الطَّعَامِ فَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهَا لِلَّذِي أُحِلَّتْ لَهُ وَهِيَ لِسَيِّدِهَا الْأَوَّلِ2.
وانا ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ طاوسا يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا أَحَلَّتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ جَارِيَتَهَا فَلْيُصِبْهَا وَهِيَ لَهَا3.
وانا معمر قَالَ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا تُعَارُ الْفُرُوجُ4.
__________
= سعيد بن المسيب به مرسلا، وقد تابع مالك جماعة منهم.
يونس وشعيب أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/15033، والدار قطني 3/33، والبيهقي 6/40، كتاب الرهن: باب الرهن غير مضمون وتابعه أيضا ابن أبي ذئب وقد تقدم تخريج روايته الموصولة والمرسلة.
قال الزيلغي في نصب الراية 4/321: قال صاحب التنقيح: وقد صحح اتصال هذا الحديث الدار قطني وابن عبد البر وعبد الحق ... اهـ.
قلت: وقد صحح وصله أيضا الحاكم وابن حبان وابن حزم.
1 أخرجه عبد الرزاق 7/216، رقم 12850.
2 المصدر السابق 12851.
3 المصدر السابق 12852.
4 المصدر السابق 12853.

(3/98)