التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الشَّرِكَةِ
مدخل
...
كتاب الشركة1
1254 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا" أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالْجَهْلِ بِحَالِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ وَالِدِ أَبِي حَيَّانَ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ لَكِنْ أَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْإِرْسَالِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَلَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ أَبِي هَمَّامِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ2.
__________
1 الشركة في اللغة مصدر من الفعل الثلاثي: شَرِك، يشرَك شركا، أو اسم مصدر من الثلاثي المزيد: شارك يشارك مشاركة، أو من المضعف شرَّك تشريكا.
وفي لفظ الشركة لغات أشهرها ثلاثة هي: شِركة، بكسر فسكون وشَرِكة، بفتح فكسر، وشَرْكة بفتح فسكون.
قال ابن القطاع: يقال: شركتك في الأمر أشركك شركا وشركة، وحكى: بوزن نعمة وسرقة، وحكى مكي لغة ثالثة: شركة بوزن ثمرة، وحكى ابن سيده: شركته في الأمر وأشركته.
وقال الجوهري: وشركت فلانا: صرت شريكه، واشتركنا، وتشاركنا في كذا، أي: صرنا فيه شركاء، والشرك بوزن العلم: الإشراك، والنصيب.
والشركة واحدة: الشركات، وواحد الشركاء شريك، يجمع على شركاء وأشراك، ومعناها الاختلاط أو خلط الملكين، أو مخالطة الشريكين واشتراكهما في شيء واحد. وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا، عينا كان ذلك الشيء أو معنى.
وقيل: أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما. وحاصل ما قيل: أن معنى الشركة في اللغة الاختلاط والامتزاج.
وقد ورد في المعنى اللغوي قوله تعالى: {وأشركه في أمري} طه: 32، وقوله تعالى: {فيه شركاء متشاكسون} الزمر: 26، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ والنار" .
انظر: الصحاح 4/1593، ومعجم مقاييس اللغة 3/265، المصباح المنير، 1/474، والنهاية في غريب الحديث 2/466، لسان العرب ص 2248، 2250، ترتيب القاموس المحيط 2/704، مختار الصحاح ص 336.
اصطلاحا:
عرفها الحنفية بأنها: عبارة عن اختلاط النصيبين فصاعدا بحيث لا يعرف أحد النصيبين من الآخر.
عرفها الشافعية بأنها: هي ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر، على جهة الشيوع.
عرفها المالكية بأنها: إذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في التصرف في ماله أو ببدنه لها.
عرفها الحنابلة بأنها: نوعان: اجتماع في استحقاق، أو في تصرف والنوع الأول: شركة في المال، والنوع الثاني: شركة عقود.
انظر: تبيين الحقائق 3/313، شرح فتح القدير 6/152، حاشية ابن عابدين 3/332، والمبسوط 11/151، مغني المحتاج 2/211، مواهب الجليل 5/117، الكافي 2/780، كشاف القناع 3/496، المغني 5/1.
2 أخرجه أبو داود 2/276، كتاب البيوع: باب في الشركة حديث 3383، والدار قطني 3/35، كتاب البيوع، حديث 139، والحاكم 2/52، والبيهقي 6/78، كتاب الشركة: باب الأمانة في==

(3/120)


وَفِي الْبَابِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.
1255 - حَدِيثُ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَافْتَخَرَ بِشَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ ابْنُ يَزِيدَ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فِي التِّجَارَةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ "مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي" لَفْظُ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ كُنْت شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ1 وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ السَّائِبِ2 وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَعَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ بِالْقَوِيمِ3.
1256 - حَدِيثُ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ4 وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ5.
تَنْبِيهٌ فِي سِيَاقِهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْجِيحِ صِحَّةِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَكْت أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ6.
__________
= الشركة وترك الخيانة، كلهم من طريق محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
قال الزيلعي في نصب الراية 3/474-475: قال ابن القطان في كتابه وهو حديث إنما يرويه أبو حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة، وأبو حيان هو يحيى بن سعيد بن حيان أحد الثقات لكن أبوه لا يعرف له حال ولا يعرف من روى عنه غير ابنه ويرويه عن أبي حيان أبو همام محمد بن الزبرقان وحكى الدار قطني عن لوين أنه قال: لم يسنده غير أبي همام.
1 أخرجه أبو داود 4/260، كتاب الأدب: باب في كراهية المواء حديث 4836، والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الإشراف 3/256، وابن ماجة 2/768، كتاب التجارات: باب الشركة والمضاربة حديث 2287، والحاكم 2/61.
2 أخرجه الطبراني في الكبير 18/363، رقم 929.
3 ينظر علل الحديث 1/126-127.
4 أخرجه أحمد 4/371.
5 أخرجه البخاري 7/319، كتاب مناقب الأنصار: حديث 3939، 3940.
6 أخرجه أبو داود 3/257، كتاب البيوع: باب في الشركة على غير رأس المال حديث 3388، والنسائي 7/319، كتاب البيوع: باب الشركة بغير مال حديث 4697، وابن ماجة 2/768، كتاب التجارات: باب الشركة والمضاربة حديث 2288، من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه وإسناده منقطع.

(3/121)