التلخيص الحبير ط العلمية - كِتَابُ الْعَارِيَّةِ
مدخل
...
كتاب العارية3
حَدِيثُ "الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ" تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ لَكِنْ
__________
3 العارية لغة: مشددة الياء على المشهور، وحكى الخطابي وغيره تخفيفها، وجمعها: عواري، بالشديد والتخفيف.
قال ابن فارس: ويقال لها: العارة أيضا. قال الشاعر الطويل:
فأخلف وأتلف إنما المال عارة
وكله مع الدهر الذي هو آكله
قال الأزهري: هي مأخوذة من عار الشيء يعير: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيار، وهي منسوبة إلى العارة، بمعنى الإعارة، وقال الجوهري: هي منسوبة إلى العار، لأن طلبها عار وعيب.
وقيل: هي مشتقة من التعاور، من قولهم: اعتوروا الشيء، وتعاوروه: إذا تداولوه بينهم. وحاصل الأمر أن العارية: تدواول الشيء عاية: أعطاه إياه، فعل به مثل ما فعل صاحبه على أن يعيده.
انظر: الصحاح 2/761، لسان العرب 4/622.
اصطلاحا: عرفها الحنفية بأنها: تمليك المنافع بغير عوض، أو هي إباحة الانتفاع بملك الغير.
عرفها الشافعية بأنها: اسم لإباحة منفعة عين مع بقائها، بشروط مخصوصة.
عرفها المالكية بأنها: تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض.==

(3/126)


بِلَفْظِ الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَأَمَّا بِلَفْظِ مَضْمُونَةٌ فَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي.
1266 - حَدِيثٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ1 أَدْرُعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ "بَلْ عَارِيَّةً مَضْمُونَةً" أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ وَقَالَ "لَا بَلْ عَارِيَّةً مَضْمُونَةً" وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَوْرَدَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ بَلْ عَارِيَّةً مُؤَدَّاةً.
وَزَادَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فَضَاعَ بَعْضُهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْمَنَهَا لَهُ فَقَالَ أَنَا الْيَوْمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْإِسْلَامِ أَرْغَبُ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد أَنَّ الْأَدْرَاعَ كَانَتْ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ وَزَادَ فِيهِ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ2، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ مُرْسَلًا وَبَيَّنَ أَنَّ الْأَدْرَاعَ كَانَتْ ثَمَانِينَ3 وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَذَكَرَ أَنَّهَا مِائَةُ دِرْعٍ وَمَا يُصْلِحُهَا أَخْرَجَهُ فِي أَوَّلِ الْمَنَاقِبِ4 وَأَعَلَّ ابْنُ حَزْمٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ زَادَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ أَحْسَنَ مَا فِيهَا حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5.
__________
=عرفها الحنابلة بأنها: العين المعارة من مالكها، أو مالك منفعتها، أو مأذونها في الانتفاع بها مطلقا، أو زمنا معلوما بلا عوض.
انظر: تبيين الحقائق 5/83، المحلى على المنهاج 3/17، مواهب الجليل 5/268، كشاف القناع 4، 62، أسهل المدارك 3/29، مجمع الأنهر 2/345-346. 1 في الأصل: ابن أمية.
2 أما الحديث بلفظ: بل عارية مضمونة فأخرجه أحمد 3/401، وأبو داود 3/822، كتاب البيوع: باب تضمين العارية حديث 3562، والدار قطني 3/39، كتاب البيوع، حديث 161، والحاكم 2/47، والبيهقي 6/89، كتاب العارية: باب العارية مضمونة، كلهم من طريق شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار منه أدراعا يوم حنين فقال: أغصب يا محمد فقال: "لا بل عارية مضمونة" .
وأخرجه أبو داود 3/823، كتاب البيوع: باب تضمين العارية حديث 3563، والبيهقي 6/89، كتاب العارية: باب العارية مضمونة، من طريق جرير عن عبد العزيز عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا صفوان هل عندك من سلاح" قال: عارية أم غصبا قال: "لا بل عارية فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا..." .
وأخرجه البيهقي 6/89-90، كتاب العارية: باب العارية مضمونة، من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن صفوان بن أمية أعار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاحا هي ثمانون درعا، فقال له: أعاية مضمونة أم غصبا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بل عارية مضمونة" .
3 أخرجه البيهقي 6/89.
4 أخرجه الحاكم 3/48-49، والبيهقي في السنن الكبرى 6/89، كتاب العارية: باب العارية مضمونة.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
5 أما الحديث بلفظ: "بل عارية مؤداة" .==

(3/127)


وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَفِيهِ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ إنَّ بَعْضَ أَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ قَصْعَةً فَضَيَّعَهَا فَضَمِنَهَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّدَ بِهِ سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ ضَعِيفٌ1.
1267 - حَدِيثُ "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ" أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ حَتَّى تُؤَدَّى وَالْحَسَنُ مُخْتَلَفٌ فِي سَمَاعِهِ مِنْ سُمْرَةَ وَزَادَ فِيهِ أَكْثَرُهُمْ ثُمَّ نَسِيَ الْحَسَنُ فَقَالَ هُوَ أَمِينُك لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ2.
__________
=فأخرجه أبو داود 3/826، كتاب البيوع: باب تضمين العارية حديث 3566، وابن حبان 1173- موارد، وأحمد 4/222، والدار قطني 3/39، كتاب البيوع، حديث 159، من طريق حبان بن هلال ثنا همام بن يحيى ثنا قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا" فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية مؤداة قال: "بل عارية مؤداة" .
صححه ابن حبان، وقال ابن حزم في المحلى 9/173، حديث حسن: ليس في شيء مما يروى في العارية خير يصح غيره، وقال الحافظ في بلوغ المرام ص 183، رقم 913، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس:
أخرجه الدار قطني 3/38، كتاب البيوع، حديث 157، والحاكم 2/47، والبيهقي 6/88، من طريق عكطرمة عن ابن عباس به.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
1 أخرجه البزار 2/99 – كشف، رقم 1297، حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد ثنا عبد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به.
وقال البزار لا نعلمه عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/148، وقال: رواه البزار وفيه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف.
2 أخرجه أبو داود 3/296، كتاب البيوع: باب في تضمين العارية مؤداة حديث 1266، وابن ماجة 2/802، كتاب الصدقات: باب العارية حديث 2400، والدارمي 2/178، وأحمد 5/8، 12، 13، وابن أبي شيبة 6/146، والطبراني في الكبير 6862، والحاكم 2/47، والبيهقي 6/90، من طريق الحسن عن سمرة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري.

(3/128)